إسلام ويب

برنامج يستفتونك - الزكاة [3]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يقسم الفقهاء المال في الزكاة إلى قسمين: الأول: المال النامي بالخلقة كالذهب والفضة ونحوهما، فيجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول. ونصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً على الأحوط، ونصاب الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً، ونصاب العملات الورقية هو نصاب الفضة؛ لأنه الأحظ للفقير. الثاني: المال النامي بالفعل مثل عروض التجارة، فيجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول، وقصد به التجارة.

    1.   

    زكاة الذهب والفضة

    المقدم: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

    الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء متجدد من برنامجكم الفقهي الإفتائي المباشر يستفتونك.

    ضيفنا في هذا المساء صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء، والداعية الإسلامي المعروف، فباسمكم واسم الزملاء أرحب بفضيلته، أهلاً وسهلاً دكتور!

    الشيخ: حياك الله يا أخ عبد العزيز ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.

    المقدم: الله يحييك، ونسعد بتواصلكم على الأرقام التي تظهر على الشاشة بين الحين والآخر، أو عبر حساب البرنامج على تويتر، فأهلاً وسهلاً بكم.

    صاحب الفضيلة! حديثنا في مستهل هذه الحلقة عن ركن من أركان الإسلام، وهو الزكاة، وسوف نتحدث عن زكاة المال، وشروط زكاة المال، وما المال الذي تجب فيه الزكاة؛ لا سيما أن هناك فهماً خاطئاً لدى كثير من الناس.

    وهناك بعض يظن أنه طالما أن الزكاة واجبة، وهي ركن من أركان الإسلام، فلا بد أن يدخر شيئاً من ماله مع حاجته إليه حتى يزكي. لعلنا نقف أولاً مع شروط زكاة المال، ثم نذكر بعض الأحكام حول ذلك.

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    إن الله سبحانه وتعالى شرع الزكاة في المال، والمال عند الفقهاء رحمهم الله ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: المال النامي بالخلقة، وهذا المال إنما وضع أساساً لأجل أنه ينمى وهو مال نام بذاته، ويذكر الفقهاء في تعريف هذا القسم أنه: المال النقد من ذهب أو فضة -يعني: من دنانير أو دراهم- أو ما يئول إليها من العملات الورقية مثل الدولار والجنيه والريال والدرهم والدينار وغير ذلك من العملات الموجودة في بلاد المسلمين وغير المسلمين، فهذا المال يسمى مال نام بالخلقة.

    فعلى هذا إذا ادخر الإنسان مالاً من هذه النقود بقصد الزواج، أو بقصد شراء منزل، أو بقصد شراء بيت، أو بقصد العلاج، أو بأي قصد آخر، فهذا المال إذا حال عليه الحول وبلغ نصاباً فإنه يجب على المسلم أن يزكيه، ولو أدى ذلك إلى نقص شيء من المال، ولو كان يريد أن يفعل به ما يحتاجه من ضروريات الحياة.

    وعلى هذا فإن الإنسان إذا كان يملك مثلاً مائة ألف ريال، وقد ادخر هذا المبلغ للزواج، أو ادخره لشراء منزل، فإذا حال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يزكي هذا المال؛ لأنه قد بلغ النصاب.

    مقدار نصاب الذهب والفضة

    من المعلوم أن نصاب الذهب والفضة يختلفان، فنصاب الذهب هو ما بلغ خمسة وثمانين جراماً على الأحوط والأرجح، فإن بعض الفقهاء يقول: ما بلغ سبعين جراماً، وبعض الفقهاء يقول: ما بلغ ثلاثة وتسعين جراماً، والأحوط ما بلغ خمسة وثمانين جراماً، وهذا رأي شيخنا محمد بن عثيمين فقد قاس ذلك بناءً على حبيبات الشعير، فإن حبة الشعير هي بمقدار الدرهم، فمقدار الدينار واحد وخمسون حبة شعير وربع، أو خمسون حبة شعير وربع على خلاف عندهم، وهذا يدل على أن نصاب الذهب ما بلغ خمسة وثمانين جراماً، ومن الدنانير ما بلغت عشرين ديناراً أو عشرين مثقالاً، ومقدارها بالقيمة الورقية عندنا في السعودية أو في بلاد المغرب أو بلاد الشام أو غيرها؛ ينظرون مقدار خمسة وثمانين جراماً خاماً من الذهب كم قيمته من الريالات أو من الدولارات، فإذا بلغ مثلاً مبلغاً معيناً، قالوا: فيه الزكاة، أو ينظرونه إلى الفضة، والفضة ما بلغت مائتي درهم، أو ما بلغت خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، تقدر اليوم تقريباً بألف وتسعمائة ريال تقريباً، وعلى هذا فإذا كان على الإنسان ألف وتسعمائة ريال فإنه قد ملك نصاباً.

    مقار نصاب العملات الورقية

    من المعلوم أن نصاب الذهب مختلف تماماً عن نصاب الفضة، فاليوم يقدر الجرام من الذهب بمائتي ريال، أو مائة وتسعين ريالاً تقريباً، فإذا ضربنا مائتي جرام في خمسة وثمانين جراماً -وجعلنا نصاب الذهب خمسة وثمانين- فإن النصاب يكون سبعة عشر ألف ريال، وأما نصاب الفضة فيبلغ ألفاً وتسعمائة ريال، وبين نصاب الفضة ونصاب الذهب مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل، ولأجل هذا اختلف العلماء: كم مقدار النصاب بالورقيات؟ فالذي يظهر لي والله أعلم أن نصاب الذهب أو نصاب الفضة إنما ينظر فيه إلى الأحظ للفقير، والأحظ للفقير في هذا الزمان هو نصاب الفضة؛ وذلك لأمور:

    أولاً: لأن نصاب الفضة هو الذي أجمع العلماء عليه، وقد جاء فيه النص الشرعي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما نصاب الذهب فمختلف فيه، وقد جاء عن ابن عمر و عائشة و علي ، ولا يصح مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.

    ثانياً وهو أقوى: أن نصاب الذهب والفضة إنما جيء به لأنه مطلق الثمنية، وكل ما كان من النقود يمكن أن يكون ثمناً فأقل ما يطلق عليه الثمن فيأخذ حكمه، ومن المعلوم أن أقل ما يطلق عليه الثمن هو نصاب الفضة.

    نقصان المال عن النصاب قبل تمام الحول

    وعلى هذا فإذا كان الإنسان يملك ألفاً وثمانمائة ريال أو ألفاً وتسعمائة ريال؛ فإنه حينئذٍ يجب عليه أن يزكي إذا حال عليه الحول، فإذا انقطع هذا المبلغ أي صار أقل منه أثناء الحول فإن الراجح هو مذهب الحنابلة أن الحول ينقطع حينئذٍ، فإن استكمل نصاباً فإنه ينشئ له حولاً جديداً من حين أن يكمله، فلو أن عندي ألفاً وتسعمائة ريال في (1/1/1433) ثم لما كان (1/11/1433) اشتريت بخمسمائة ريال جوالاً أو غيره، كم صار المبلغ الآن؟ يصير ألفاً وأربعمائة، إذاً: هو أقل من النصاب، فحينئذٍ ينقطع الحول، فلو اكتمل الحول فجاءني مال آخر قبل نهاية شهر اثني عشر فإنني لا أقول: يزكي كما هو مذهب المالكية والشافعية، بل أقول: إنه ينشئ له حولاً جديداً من حين أن يكمله نصاباً.

    وعلى هذا فالذين يملكون بعض المال لأجل أن يبنوا به منزلاً، أو أن يشتروا به منزلاً فلا يسوغ لهم أن يؤخروا الزكاة بحجة أنهم محتاجون لذلك، وهذا خطأ ظاهر؛ لأن المال مال نام بخلقته كالنقود وغيرها.

    1.   

    زكاة عروض التجارة

    القسم الثاني: المال النامي بفعله، وهذا مثل عروض التجارة.

    فقد ذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو قول عمر و ابن عباس و ابن عمر ، فقد صح ذلك عنهم كما جاء عن عمر عند ابن أبي شيبة من طريق حماس عن عمر ، وكذلك جاء عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة ، وعن ابن عمر عند ابن أبي شيبة أيضاً أنهم يرون الزكاة في عروض التجارة، وقد جاء في ذلك حديث عن سمرة بن جندب أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع )، وهذا الحديث تكلم فيه الحفاظ، وفي سنده بعض المجاهيل، لكنه من المعلوم أن جهالة ما يروي أحدهم عن الصحابة مغتفرة، ثم إن هذا الحديث وإن كان في سنده ضعف، فقد عمل به خليفة من خلفاء المسلمين وهو عمر ، ولم ينقل عن غيرهم خلاف.

    ومن المعلوم أنه من حيث الحكمة أنه يبعد كل البعد أن يملك الإنسان نقوداً بمقدار ألفي ريال، ويقال له: أنت يجب عليك أن تزكي، وشخص آخر يملك عقارات يريد بها النماء، ويملك مليارات الأموال من العقارات ويقال له: لا تزك، وهذا من البعد بمكان، والشريعة لا تفرق بين متماثلين كما قال عمر رضي الله عنه.

    وعلى هذا فإن الإنسان إذا كان عنده مال يقصد به نماءه وتقليبه بالفعل، فإنه حينئذٍ يجب عليه أن يزكي، كمن يملك عقارات، أو يملك أقمشة للبيع، فإنها حينئذٍ كانت أصلها للقنية، فلما عرضها لتقليب المال صارت عروض تجارة.

    المقصود بعروض التجارة

    عروض التجارة هي كل مال غير نامٍ بخلقته يعرضه للبيع بالتقليب، ومعنى التقليب لو كان عندي منزل وقيل لي: إن هذا المنزل في هذا الحي لا يناسبك، فقلت: ماذا أصنع؟ قال: اشتر في شمال الرياض مثلاً، فعرضته للبيع، فبعض الفضلاء يظنون أن مجرد عرضه للبيع فيه زكاة، هذا خطأ، هذا ليس فيه زكاة؛ لأنني حينما عرضته للبيع لم أقصد بأن يكون رأس مالٍ أنميه وأقلب ثمنه، إنما عرضته للبيع رغبة عنه لأشتري به عقاراً آخر، فهذا لا بأس به، وليس فيه زكاة، ولو جلس في المكاتب العقارية أكثر من سنة، فليس فيه زكاة؛ لأني لم أقصد به النماء، ولم أقصد به تقليب المال، فالقصد أنه ليس مجرد عرض الشيء للبيع فيه زكاة، ولكن عرضه ثم الشراء بثمنه عرضاً آخر فهذا الذي فيه الزكاة، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    شروط زكاة عروض التجارة

    لزكاة عروض التجارة شروطاً:

    الشرط الأول: أن يملك نصاباً، وقد قلنا: بأن النصاب أقل ما يقال فيه: مطلق الثمنية وهو نصاب الفضة على الراجح؛ لأن ذلك هو الأحظ للفقراء، وسبق أن نصاب الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً، فكل سنة تذهب إلى الصاغة وتقول: كم قيمة خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة بالريالات، أو بالدراهم، أو بالدنانير، أو بالليرة، أو بغير ذلك من العملات؟ فإذا أخبروك، فهذا يدل على أن هذا هو نصاب النقود الورقية.

    الشرط الثاني: أن يحول الحول عليها، وقد ثبت بالإجماع اشتراط الحول، وإن كان في ذلك أحاديث، لكنها ضعيفة، وأصح ما جاء في الباب هو موقوف عن علي رضي الله عنه، كما رواه عاصم بن ضمرة عن علي ، والكلام في عاصم معروف، ولكن الذي يظهر والله أعلم أن الحديث لا بأس به موقوف، وكذلك روي عن عائشة من قولها، وكذلك عن ابن عمر رضي الله تعالى عن الجميع.

    الشرط الثالث: أن يقصد به عرض التجارة، يعني: أن يكون ملك نصاباً، وأن يكون حال عليه الحول، وأن يكون قد عرضه للقنية، أي: للبيع، وقد اختلف العلماء فيما لو ملك مالاً بالهبة، لو نواه للتجارة هل يكون للتجارة أم لا؟ فمثلاً لو أنك أهديت لي أرضاً عقاراً، قلت: هذه هدية، أو جاءني مال من باب الوراثة، هل يجب فيه الزكاة؟ فجمهور الأئمة الأربعة يقولون: لا يجب فيه الزكاة حتى يبيعه، ثم يحصل على ثمنه، ويبدأ به حولاً آخر.

    والقول الآخر في المسألة: أنه بمجرد نية أن يكون رأس مال فإن ذلك كافٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات )، وهذه رواية عند الإمام أحمد اختارها بعض المحققين كـابن عقيل وشيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد بن عثيمين ، ولعل هذا القول أظهر، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    1.   

    تقديم الزكاة أو تأخيرها

    أما تقديم الزكاة فقد ذهب جمهور الفقهاء خلافاً لبعض الأحناف إلى أنه يجوز؛ وذلك لأنه متى ما وجد السبب الوجوبي فإنه يجوز تقديمها، وسبب الوجوب هو اكتمال النصاب، وأما لزومه فهو عند تمام الحول، فإذا اكتمل النصاب جاز أن يسارع في أداء الزكاة، ولو كان ذلك في غير وقته، وقد جاء في ذلك حديث كما في قصة العباس بن عبد المطلب ، وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج زكاة سنتين، فهذا فيه ضعف، ولكن الأقرب هو ما قاله صلى الله عليه وسلم: ( وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها )، فقد استدل به بعض أهل العلم على أن النبي صلى الله عليه وسلم أدى زكاة سنتين عن العباس بن عبد المطلب ، وهذا أصح ما جاء في هذا الباب من حيث التقديم.

    وأما من حيث التأخير فإن الأئمة رحمهم الله قالوا: لا يجوز للإنسان أن يؤخر زكاته إلا بشروط:

    الشرط الأول: أن يكون ذلك لمصلحة الفقير، مثل أن يكون قد ادخر مالاً يريد أن يعطيه قريبه الفقير، فلا حرج أن يؤخر زكاته لأجل أن يعطيها الفقير المعين، ولكن العلماء قالوا: إذا كان الفقير المعين سوف يتأخر إلى شهرين تقريباً، وأما أن يؤخرها أكثر من ذلك، فإنه لا يسوغ، ولكن الذي يظهر أنه إذا أخرجها من ماله، وقد أخبر الفقير المعين بأن هذه الزكاة موجودة عنده، فإنها حينئذٍ تكون للفقير، وقد ملكها الفقير؛ لأنها خرجت من ملك صاحب المال. هذا الشرط الأول للتأخير.

    الشرط الثاني من شروط الجواز: هو أنه حينما نقول: أن الإنسان إذا كان يملك عقاراً، ولم ينوه للبيع وإنما نواه بعد ثلاث سنوات، فحينئذٍ يجب عليه أن يزكي، كما هو مذهب الجمهور خلافاً لذلك، وهو ما يسمى بالمال المتربص، أنا عندي عقار اشتريته بنية النماء، لكن لا أريد عرضه للبيع لا سنة ولا سنتين، ولا ثلاث ولا أربع، فحينئذٍ يقول العلماء: يجب عليك أن تزكيه لكل سنة، لكنك بالخيار، إذا بعته بعد أربع سنوات تزكي لما مضى من السنين؛ وذلك لأن الزكاة تجب في عين المال، ولما كان عين المال يصعب على الإنسان أن يؤديه في ذلك لأنه يريد أن يدخره، قيل: لا بأس بذلك أن يتأخر؛ لأن الراجح والله أعلم أن الزكاة مبناها على المواساة، فهي حق للفقير، ولا يتضرر فيها الغني، كما أشار إلى ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فمن كان عنده مال يريد أن يتربص به أربعاً أو خمساً أو عشر سنوات، نقول: لا حرج في ذلك، لكن إذا بعت فإنك تزكي لما مضى من السنين.

    وقد روى القاسم بن سلام في كتاب الأموال -وهو أبو عبيد المعروف- عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن مثل ذلك فقال: يؤديه لما مضى من السنين إن كان صادقاً، وهذا يدل على أن المسلم يجب عليه أن يزكي هذا المال إذا حال عليه الحول، ولكن يجوز له أن يؤخره إذا كان ذلك لمصلحة المال نفسه، فإن مصلحة المال أن يؤخره، وفي ذلك نفع للمالك، ونفع للفقير، بسبب الزيادة في مال الزكاة، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    1.   

    الأسئلة

    تطرق خطيب الجمعة للأحداث السياسية

    السؤال: يقول: هل يسوغ للخطيب أن يتطرق للأحداث السياسية؟

    الجواب: هذه المسألة ينبغي أن تكون بضوابط، العلماء رحمهم الله أشاروا إلى أنه ينبغي للخطبة أن تشتمل على آية، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحمد الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، وأن تشتمل على الموعظة، وهذه شروط الأئمة، كما هو في المشهور عن مالك و الشافعي و أحمد ، مع خلاف لـأبي حنيفة في ذلك.

    وذهب أبو العباس بن تيمية رحمه الله، وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وغيره: أنه إذا اشتملت الخطبة على الموعظة العامة فإن ذلك قد يكون كافياً، وأنا أقول: ومع أن هذا القول قوي، لكن لا ينبغي للإنسان أن يجعل خطبة الجمعة كأنها نشرة أخبار؛ لأن المقصود من الخطبة هو وعظ الناس وتذكيرهم، وبيان الحلال من الحرام، وأما أن تكون خطبة الإنسان دائماً في شئون السياسة فإن ذلك يخرجها في الغالب عن مقصودها الأعظم، وهو تذكير الناس؛ ولأجل هذا شرع للإنسان أن يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقون أو سورة سبح اسم ربك الأعلى وسورة هل أتاك حديث الغاشية، وذلك لأجل أن الإنسان يتذكر مبدأ خلقه، ويتذكر مآله وحتف أنفه، فإذا كان كذلك فلا ينبغي للإنسان أن تكون كل خطبه في هذا الأمر.

    وأما إذا كان ذلك إشارات لبيان حقيقة الأمر، بحيث لا يطيل الإنسان ولا يستطيل ويؤدي أركان الخطبة فإن ذلك لا بأس، لكن ينبغي للإنسان والخطيب ألا يكون حديثه دائماً على هذه الأمور، فإن الناس يحتاجونه في قضايا كثيرة، يحتاجون إلى بيان أحكام الزكاة، يحتاجون لبيان أحكام الصيام، يحتاجون لبيان أحكام العقيدة، يحتاجون لبيان بعض القضايا التي تتعلق بالأخلاق وبالسلوك، وقضايا الإيمان، فإن الإيمان قول وعمل، ومن أعماله الإنابة والخشوع والخوف والرجاء، فهذه الأشياء بحاجة إلى بيانها، فكثير من الناس ربما يقع في أخطاء في العقيدة بسبب أنه يجهل في ذلك، فربما علق آماله، وعلق أحلامه على مخلوق، فالمخلوق ضعيف، فإنه ربما يعجز، بل هو عاجز؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك ).

    وعلى هذا فإذا كان ذلك بحدود، أو لبيان أن هذا جزء من شئون الناس، واضطرب الناس وحصلت الفتن، فلا حرج للخطيب أن يبين للناس في مثل هذه القضايا؛ لأجل أن يكونوا على أمر بيّن، لكن الذي لا ينبغي أن تكون الخطبة كأنها كما يسمونها منابر للترشيحات، فهذا يؤيد فلاناً، وهذا يؤيد فلاناً، فينبغي للخطيب أن يكون عنده نوع من التوازن، وألا يكون هذا المنبر الشريف مدعاة إلى أن يكون لأجل تقديم فلان على فلان، بل يعظم الشرع، ويعظم الكتاب والسنة، وكل من عظم الكتاب والسنة فقد عظم الشرع، فحينئذٍ لا بأس أن يذكر بذلك، لكنه لا ينبغي أن يكون ذلك على سبيل النشرة الإخبارية وغير ذلك.

    وفي مثل هذا الأمر يؤسفني حينما أسمع بعض الناس يتحدث عن بعض القضايا السياسية، وكأنك تسمع نشرة أخبار، ويريد أن يحلل، وقال فلان في جريدة كذا، وقال فلان في جريدة كذا، فهذا لا يسوغ، نعم لا بأس أن يبين الإنسان بعض قضايا الذين يتطرفون، فإن التطرف نوعان: فهناك تطرف في المغالاة في الدين، وهناك تطرف آخر: وهم الذين يريدون أن يبعدوا الدين عن شئون الحياة كلها، فهؤلاء وهؤلاء يجب للخطيب أن يكون له نصيب في بيان خطورة هؤلاء، كذلك في بيان خطورة هؤلاء.

    وإنني أقول: إنه يوجد في كثير من واقع المسلمين اليوم من يتحدث عن التطرف، فالتطرف: هو الغلو في الدين، وهذا بلا شك من أخطر الأشياء، وقد جاءت في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد وغيره، ولكن أيضاً هناك تطرف آخر أشار إليه الشارع، وهو التطرف المضاد، وهو الذي يسمى عندنا بالذين لا يريدون الدين، ولا يريدون المشروع الإسلامي، ولا يريدون تطبيق الدين، وإذا تكلم العالم في مثل هذه القضايا قالوا: لا ينبغي للعالم أن يتكلم في شئون السياسة، وهذا خطأ، فالسياسة هو أن يتحدث عن القضايا السياسية في بعض البرلمانات وغيرها، لكن حينما يأمر بأن تكون الشريعة حاكمة على الناس جميعاً، حينما يطالب بأن تكون الشريعة هي دستور هذه الأمة، فهذا هو الذي يجب على العلماء أن يتحدثوا عنه، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    الحج عن الوالد والوالدة ووصول الأجر لمن حج عنهما

    السؤال: شيخ! الأخ عبد الكريم من العراق والداه حجا حجة الإسلام، وهما الآن يريدان أن يحجا عن جده وجدته، والنقود من عندهم، فهل هم شركاء في الأجر، وهل تعتبر نافلة لهما؟

    الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أنه يستحب للإنسان إذا كان قد حج حجة الإسلام أن يحج عن والده ووالدته، أو عن أبيه وأمه، وهذا من البر، كما جاء في ذلك حديث رواه الإمام أحمد من حديث النعمان بن أوس عن أبي رزين العقيلي أنه قال: (يا رسول الله! إن أبي شيخ لا يستطيع أن يحج أفأحج عنه؟ قال: حج عن أبيك واعتمر)، وهذا الحديث قواه الإمام أحمد، وقال: كان شعبة يثبته.

    وهذا يدل على أنه يشرع للإنسان أن يحج عن والده ووالدته، وهذا نوع من البر، وعلى هذا فإذا حج حجة الإسلام، فإنه يستحب له أن يحج عن والده ووالدته، فما فعله والدك ووالدتك في هذا نوع من البر جزاهم الله خيراً، وأما قوله: هل تكون الحجة لهما؟ فالأقرب والله تبارك وتعالى أعلم أن تكون الحجة لهما جميعاً، والأجر لهما جميعاً، وهذا كما قال سعيد بن المسيب، كما رواه ابن أبي شيبة بسند جيد، قال: (الأجر لهما)، ولكنه ينبغي للإنسان إذا لبى عن والده، أو عمن يريد أن يحج عنه أن يعلم أنه لا يلزم في كل فعل أن يقول: لبيك عن فلان، وإن قال فلا حرج، ولكن الأفضل أن يدعو، فدعاؤه له والمناسك لهما جميعاً، فإذا دعا لهما فإنه يستحب له، فينبغي للإنسان إذا حج عن الغير أن يكثر من الدعاء له عل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك سبباً في رفعة درجاته، أو في حط سيئاته وتخفيف عذابه، والله أعلم.

    عدد تشهدات من أدرك الإمام في الركعة الثانية من صلاة المغرب

    السؤال: أحسن الله إليك يا شيخ! وجزاكم خيراً، الأخ طلال من السعودية يقول: إذا أدرك رجل الإمام في الركعة الثانية من صلاة المغرب فكم عدد التشهدات الباقية عليه؟

    الجواب: من المعلوم أن المأموم تبع لإمامه، ولا يجوز له أن يخالفه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث أبي موسى وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا ... ) الحديث.

    وهذا يدل على أن المأموم إذا صلى مع الإمام بعد الركعة الأولى، وفي أثناء الركعة الثانية، فإنه إذا جلس الإمام للتشهد الأول الذي يكون بعد الركعة الثانية في حق الإمام، والركعة الأولى في حق المأموم، فإن المأموم يتابعه إذاً، وحينئذٍ إذا تابعه فإنه يشرع له أن يقول مثلما يقول الإمام؛ لأن هذا موطن تشهد، يقول: ( التحيات لله والصلوات والطيبات ... ) الحديث.

    فإذا أنهى التحيات، والإمام ما زال جالساً، فإنه يشرع له أن يشرع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدعو، بل إن الشافعي رحمه الله ذهب إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة حتى في التشهد الأول، والذي يظهر والله أعلم أن التشهد الأول المشروع فيه التحيات فقط؛ وذلك لما روى البيهقي بسند جيد عن أبي بكر رضي الله عنه، ورواه النسائي بسند جيد أيضاً من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس للتشهد الأول كأنما هو على الرضف ).

    ومعنى الرضف: الحجارة المحماة، فهو سريعاً ما يرتفع صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث إسناده جيد، فإن رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، وإن كان أبو عبيدة لم يسمع من عبد الله بن مسعود لكنه لا يروي عن أبيه إلا ما سمعه من كبار أصحابه، كما ذكر ذلك يعقوب الفسوي و علي بن المديني و ابن رجب و أبو العباس بن تيمية رحمه الله.

    وعلى هذا فإنه يشرع للإنسان إذا جلس مع الإمام أن يقول التحيات مثل الإمام، فإذا قام الإمام ولم يكملها فإنه يقوم؛ لأنها سنة في حقه، وعلى هذا فالمأموم في صلاة المغرب إذا فاتته ركعة يكون في كل ركعة تشهد، التشهد الأول في حق الإمام يكون سنة في حق المأموم، لكنه واجب أن يتابع الإمام، فوجوبها من حيث المتابعة لا من حيث الصلاة نفسها، والركعة الثالثة في حق الإمام هي التشهد الأول في حق المأموم، فإذا أنهى المأموم التحيات، فإنه يشرع له أن يقول: اللهم صل على محمد، ويدعو، وإن دعا بعد التحيات ولم يصل على النبي فهذا جائز؛ كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قعد أحدكم للتشهد فليقل: التحيات لله -الحديث وفيه-: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )، ثم قال: ( ثم ليدعو بما شاء )، وهذا الحديث يدل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير سنة وليست بواجبة، وهذا هو مذهب جمهور أهل العلم خلافاً للحنابلة.

    دعاء التشهد لمن أدرك الإمام في الركعة الثانية من صلاة الفجر

    السؤال: إذا أدركت مع الإمام الركعة الثانية من صلاة الفجر، فماذا أقول إذا جلس الإمام للتشهد؟

    الجواب: إذا أدرك الثانية فإنه يتابع الإمام، ومعنى يتابع الإمام يقول الصلاة على النبي، ويدعو بما شاء، والله أعلم.

    المقصود بالغواية في قوله تعالى: (قال رب بما أغويتني)

    السؤال: ما المقصود بالغواية في قوله تعالى: قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ [الحجر:39]؟

    الجواب: الغواية: هي ترك الدين، وهذا أعظم الغواية، فإن من الغواية ما يكون فيه نوع من الفسق، وإن من الغواية وهذا أعظمها ترك الدين بالكلية، فإبليس اللعين يريد أن يغوي عباد الله؛ لأنه قد أغوي؛ ولهذا قال: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16]، فهذا هو معنى الغواية، فإبليس لا يترك ابن آدم حتى يدخله الكفر والعياذ بالله، فإذا عجز عن دخوله الكفر أدخله في الشبهات، فإذا عجز عن دخوله الشبهات أدخله في الشهوات، فإذا عجز عن دخوله الشهوات أدخله في المفضول ويترك الفاضل، فإذا عجز عن ذلك زين له بعض الأمور البدعية لأجل أن يفعلها، وقد قال ابن مسعود : ما فعل قوم بدعة إلا تركوا من جرائها سنة، والله أعلم.

    قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! الأخ عمر من الجزائر يسأل عن حكم قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية؟

    الجواب: هذه المسألة مسألة قراءة المأموم في الصلاة الجهرية هل هي واجبة أم لا؟ ذهب جمهور العلماء إلى أنها ليست بواجبة في الجهرية، وهو مذهب مالك ، و أحمد ، و أبي حنيفة .

    وذهب الشافعي رحمه الله، وهو رواية عند الإمام أحمد اختارها الإمام البخاري و الخطابي و البيهقي وغيرهم: إلى أنها واجبة وليست بركن، ومعنى واجبة أنها تسقط مع العجز وعدم الإمكان، ولعل هذا القول أظهر؛ وذلك لما رواه الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق و زيد بن واقد عن مكحول عن محمود بن لبيد عن عبادة بن الصامت أنه قال صلى الله عليه وسلم: ( لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم. قال: لا، إلا بأم الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب )، وهذا يدل على أن قراءة المأموم للفاتحة واجبة وليست بركن كما هي في حق الإمام والمنفرد، ومعنى واجبة أنها تسقط مع العجز، ومعنى العجز أنه لا يستطيع أن يقرأ إلا برفع صوت فيؤذي من بجانبه، فنحن نقول له: لا تقرأ الفاتحة إذا كنت تؤذي من بحانبك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد عند ابن ماجه و أحمد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد خرج على أصحابه: ( يا أيها الناس! كلكم يناجي ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة )، فإذا كان المأموم يرفع صوته فيؤذي المأمومين نقول له: لا تقرأ الفاتحة.

    وهناك مسألة وهي عدم الإدراك، مثل أن يأتي المأموم والإمام راكع فهذا تسقط في حقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي بكرة : ( زادك الله حرصاً ولا تعد )، وقد ذكر بعض العلماء إجماع أهل العلم على أن من أدرك الإمام وهو راكع أنه يكون قد أدرك الركعة، قد نقل الإجماع أحمد وكذلك أبو عمر بن عبد البر وكذلك ابن رجب ، وخلاف الإمام ابن خزيمة و البخاري لا يعول عليه، كما ذكر ذلك الإمامان العظيمان أبو عمر بن عبد البر و ابن رجب .

    قراءة المأموم للفاتحة قبل الإمام

    السؤال: أحسن الله إليك، ما حكم قراءة المأموم للفاتحة قبل الإمام؟

    الجواب: المأموم يجوز له أن يشرع في الفاتحة قبل الإمام، وقد ذكر بعضهم الإجماع على جواز ذلك، وليس في المسألة إجماع، لكنه قول عامة أهل العلم، وعلى هذا فيقول: آمين، ولو لم يقل الإمام: آمين، والله أعلم.

    اللحوم المجمدة المشكوك في تذكيتها

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! وجزاكم خيراً، ما حكم اللحوم المجمدة إذا شك الإنسان هل ذكر عليها اسم الله أم لا؟

    الجواب: يجب أن نعلم أن ما يذكره بعض الفضلاء أنه لا يوجد نصارى ولا يهود؛ لأنهم ليسوا على دين، فنقول: هذا ليس بصحيح؛ لأن دين اليهودية والنصرانية شعارات، وهم حينما يضعون الصليب هذا نوع من شعار دينهم، وحينما يتزوجون يذهبون إلى الكنيسة فهذا من دينهم، وحينما يذهبون إلى رهبانيهم، وإلى البيع التي لهم هذا نوع من عقيدتهم واهتماماتهم، وهذا هو دينهم، أما نحن فإن ديننا قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.

    فبمجرد أن ينتسبوا إلى النصرانية فهو نوع من النصرانية، أو ينتسبوا إلى اليهودية فهو نوع من اليهودية، وعلى هذا فلا بأس بجواز أكل ذبيحتهم، فإذا ادعى النصرانية ولو لم يذهب إلى الكنيسة إلا مرة في عامه أو مرة في عمره فإنه يعد نصرانياً؛ ولهذا أي شيء أعظم من أن يقول النصراني: إن الله ثالث ثلاثة، فهذا وثني، لكن الله سبحانه وتعالى قد بين أن النصارى قالوا هذا، واليهود قالوا: عزير ابن الله، ومن المعلوم أن هذه ليست هي عقيدة اليهود، وليست هي عقيدة النصارى التي كانت في السابق، ولكنها حرفت فبدءوا يعظمون رهبانهم، ويعظمون خاماتهم وغيرهم، فوقعوا في الشرك مع ما وقعوا فيه من الشرك، فجمعوا بين ضلالات، والله المستعان.

    وعلى هذا فالذي يظهر لي والله أعلم أن ذبيحة أهل الكتاب الأصل أنها جائزة، ما لم يعلم أنهم لم يذكوها، فإذا شككنا هل ذكوها أم لا؟ فالأصل أن ذبيحة أهل الكتاب جائزة، فكل كتابي يأكل مما يأكلون، وكل يهودي يأكل مما يأكل اليهود، فإنه يجوز؛ لقول الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5]، فإذا كان اليهودي يأكل من ذبيحة قومه بأي صيغة فعل فإنه يجوز، وإذا كان النصراني يأكل من ذبيحة قومه فإنه يجوز، وبعض الفقهاء ذكروا أنه لا بد لليهودي والنصراني أن يذكر اسم الله على الذبيحة، وهذا الشرط يحتاج إلى دليل؛ وذلك لأننا لو قلنا بشرطية ذلك لأدى ذلك إلى أن النصراني حينما يقول: الله، لا يعرف من الله إلا ثالث ثلاثة، فهو لا يعرف الله الواحد الأحد الفرد الصمد، فإذا قلنا له: يشترط أن يذكي باسم الله، فإنه لا يذكي إلا بثالث ثلاثة، فكان ذلك فيه نوع من الشرك.

    فالذي يظهر والله أعلم هو قول عطاء أنه تؤكل ذبيحة الكتابي على ما يراه الكتابي من الذبيحة شريطة أن ينحرها بالرقبة، فأما إذا ضربها بالبندقية وماتت على إثرها قبل أن ينحرها فهذه من الوقيذة التي لا يجوز أن تؤكل، ولكن العلماء قالوا: إذا لم يعلم هل ذبحت على هذه الطريقة، فالأصل كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة في قصة القوم الذين هم حدثاء عهد بإسلام، ولا يعلم هل ذبحوها، فقال صلى الله عليه وسلم: ( سموا الله أنتم وكلوا )، والله أعلم.

    حكم إبدال الدال طاء في قول: عبد الله

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! وجزاكم خيراً، هنا سؤال عن نطق اسم عبد الله يقول: بعض الناس يقولون عبط الله، ولا يقولون: هذا عبد الله، فهل في هذا انتقاص لاسم الله؟

    الجواب: يعني: هم يميلون إلى الطاء، يقولون عبط الله هذا ينبغي للإنسان أن يصحح لهجته ولغته، حتى لا يقع في المحظور، وفي بعض اللغات ربما يضخمون بعض الألفاظ على بعض مثل حرف الضاد الذي في قوله: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فإن الفقهاء كما هو قول ابن قدامة وغيرهم، وهو المذهب أنه لا بأس أن ينطق الظاء بالعصا في منطق الضاد التي بلا عصا؛ لأن هذا مما يشق مخرجه، فهذا فيه تخفيف، مع العلم أن الضالين غير الظالين، فالضال هو المائل عن الحق، والظال الذي ظل عن الطريق، وهذا يختلف في المعنى، ولكن أقول: ينبغي للإنسان أن يصحح، فنقول: وظيفتك أخي أن تصحح للناس بالحكمة، علهم أن يبين لهم ذلك، والله أعلم.

    التكسب بسيارة مشتراة من بنك ربوي

    السؤال: جزيتم خيراً، يا شيخ هناك شخص اشترى سيارة من بنك ربوي، وهو يتكسب بها، وصرف على بيته واشترى ملابس وأكل إلى آخره، فما هو الحكم؟

    الجواب: إذا كان من بنك ربوي، فلا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون الشراء تم عن طريق معاملة شرعية بمال ربوي فالأصل فيه الجواز، فما زال محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتاجرون ويتبايعون مع اليهود والنصارى، وقد قال الله تعالى في اليهود: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء:161]، فيسمى المال محرماً لكسبه على صاحبه، وأما إذا تعامل اليهودي معنا فإننا نعامله على الجواز.

    الأمر الثاني: أن يعطي البنك الربوي مالاً ربوياً، مثل مائة ألف، ثم يطالبه بأكثر من ذلك، فنقول: العقد محرم، لكن المال الذي أخذته بذلك محرم لكسبه وليس لذاته؛ لأن المطلوب منك أن تعيد هذا المال وزيادة، فالزيادة هي المحرمة، وعلى هذا فيجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وأما ما تتحصل عليه من المال من جراء عملك وكرائك وكسبك، فالذي يظهر والله أعلم أن ذلك جائز، ولكني أقول لك: إنه ينبغي لك أن تتصدق بمقدار المال الذي بذلته، وهو الزيادة الربوية التي أعطيتها للبنك ينبغي أن تخرجها لله تعالى توبة لله، لما جاء في حديث قيس بن أبي غرزة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر التجار! إن التجارة يشوبها الحلف واللغو، فشوبوه بالصدقة )، فإذا كان لمعاملة فيها شائبة ربوية أو غيرها ولا يستطيع أن يتخلص منها إلا بالتوبة، فمن التوبة أن يتصدق عل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليه، وما اشترى من الثياب، فهذا لا بأس؛ لأنه ليس محرماً لذاته، ولكنه محرم لكسبه، والله أعلم.

    إتمام الصلاة لمن له بيتان في منطقتين

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! الأخ أبو عزام يقول: بالنسبة للمسافر الذي له بيتان في منطقتين هل يعتبر في حكم المسافر؟

    الجواب: إذا كان قد جعل حياته نصف السنة في بيت ونصف السنة في بيت، يعني: متأهل هنا ومتأهل هنا، فإنه يتم هنا ويتم هناك؛ لأنه متأهل فيهما، وأما إذا كان عنده منزل مثل الذين في الرياض عندهم منزل في مكة متى ما احتاجوا الذهاب إلى مكة بقوا فيه، فهؤلاء لا يلزمهم أن يتموا، فلهم أن يقصروا شريطة أن يصلوا مع الإمام الراتب، فإنهم حينئذٍ يتمون لأجل متابعة الإمام، ولا يلزم أن يكون الإنسان عنده منزل أو غير ذلك، فإنه لو ألزم بذلك لأدى إلى أن الغني التاجر الذي يملك عقارات في كل بلدة ألا يقصر، وهذا بعيد؛ ولهذا حينما قال أسامة بن زيد : ( يا رسول الله! هل أنت نازل بدارك بمكة؟ قال: وهل ترك عقيل من رباع أو دور )، وهذا يدل على أنه لو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم دار لما جاز له أن يقصر؛ لأنه قد ترك مكة ولو كان يملك داراً، وهذا يدل على أن ملكية الدار لا يلزم منها الإتمام، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    والقصد من هذا: أن الإنسان إذا ذهب إلى بلد فإن كان قد أجمع إقامة، فإنه حينئذٍ يجب عليه أن يتم، وأما إذا كان قد بقي في هذا البلد يريد أن ينجز عملاً، أو يقضي وطراً من أعماله، فإنه حينئذٍ لا حرج عليه أن يقصر. وبالمناسبة بعض الناس يقول: هل يجوز لي أن أجمع أم لا؟ نقول لهم قاعدة طيبة في هذا: كل من جاز له أن يقصر جاز له أن يجمع والعكس، فإن الإنسان قد يجوز له أن يجمع وهو مقيم ولكن لا يجوز له أن يقصر، لكن من جاز له أن يقصر جاز له أن يجمع، وحينما نقول: يجوز، لا يعني بذلك أنه يستحب، فإن الأفضل أن يصلي الإنسان الصلاة في كل وقت بوقتها جماعة قصراً وهو في حق المسافر، والله أعلم.

    العمل في البنوك

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! هنا سؤال يا شيخ من أحد الإخوة عن حكم العمل في البنك؟ ضابط العمل في البنوك؟

    الجواب: إذا كان الإنسان يعمل في بنك أساس عمله على الربا، فيتعامل بالربا في أموال الخزينة، أو يتعامل بالربا عن طريق الخدمات الاستثمارية مع العملاء بالتمويل بالربا والقرض، فإني أرى أنه لا يجوز العمل فيه، وقد صدر في هذا قرار من اللجنة الدائمة برئاسة شيخنا عبد العزيز بن باز وعضوية الشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله بن غديان ، وكذلك هو رأي شيخنا محمد بن عثيمين أنه لا يجوز للإنسان أن يتعامل أو يعمل مع هذا البنك حتى ولو كان من باب الحراسة؛ لأنه من باب الإعانة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء )، فالكاتب ليس آكلاً للربا ولا موكلاً، ولكنه أثبت هذا الربا، فلعنه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أعان على هذا، فالذي يحرس البنك الربوي هو داخل في هذا الأمر.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يطهر بلاد المسلمين من الربا، فإن الربا من أعظم ما يشين بلاد الإسلام، وقد علم كم فيه من المخاطر وكم فيه من الضلالات، وكم فيه من حرمان البركة؟ فإن الإنسان ربما يحصل على أموال كثيرة من الربا، وما أن يأتي نهاية الشهر إلا وهو يستسلف؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276]، فمال قليل تعظمه البركة وطيب الحلال خير من مال كثير تحقره وتفسده المعاملات المحرمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المرسلين بما أمر به المؤمنين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51] ).

    ما فضل عن نقود الأكل والشرب المخصص للموظف

    السؤال: جزيتم خيراً يا شيخ! الأخ يوسف الهاشمي يقول: رجل هو يعمل تقنياً بإحدى الشركات، وهذه الشركة تعطيه مصاريف الأكل، ويوفر نقوداً من هذه المصاريف، فهل عليه حرج يا شيخ؟

    الجواب: هذا المال الذي أعطي من هذه الشركة لأجل أن يأكل أو يشرب، فإنما أعطته بمقدار قدره، لا بمقدار حاجته، فإذا فضل له شيء، فإنه يجوز له أن يأخذه؛ لأن هذا نوع من النفقة والأجرة، فإذا خفف في ذلك فلا حرج عليه، فهو ماله يستحقه، وله أن يتصرف فيه كما شاء، فلو كان صائماً في هذا اليوم، هل له أن يرده؟ فالجواب: لا.

    حكم راتب الموظف في شركة تم قبوله فيها بدبلوم قد غش فيه

    السؤال: رجل يقول: حصلت على دبلوم بالغش، وعلى إثر هذا الدبلوم توظفت في شركة، وجمعت مبلغاً مالياً، لكن الآن تبت إلى الله، وأحاول الاستقامة، فما حكم هذا المبلغ؟

    الجواب: أولاً يجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ومن التوبة التصدق بجزء من مالك؛ عل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك، ( فإن الصدقة تذهب غضب الرب ) كما جاء ذلك في الحديث.

    ثانياً: الواجب عليك أن تشترك في دبلوم مثل الشهادة التي تقدمت بها من مالك أنت، فتشترك بدبلوم، وتأخذه في وقت الليل أو في وقت النهار، فإذا كان عملك بالنهار تأخذ دبلوماً بالليل متى ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؛ عل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك؛ لأن الإنسان إذا أخذ الشهادة، فإنما وظفوه لأجل قدرته على العمل، فإذا كان قادراً على العمل فنقول له: صحح هذه الشهادة، وما أخذه من هذا المال فإنما هو لعمله، ولكن فيه نوع من الغش فيتصدق بجزء من المال، وما أخذه من هذا المال ينبغي له مع التوبة وتصحيح ما صنع، لعل الله سبحانه وتعالى يكفر عنه سيئاته، والله أعلم.

    الذكر الذي يقال بين خطبتي الجمعة

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! الأخ محمد يقول: هل من ذكر يقال بين خطبتي الجمعة؟

    الجواب: هذا الوقت من مواطن استجابة الدعاء، فينبغي للناس ألا يفرطوا في هذا الموطن، فإذا جلس الإمام بين الخطبتين، فينبغي أن يستغل الناس الدعاء، فيرفعوا أيديهم، فإن رفع اليدين في الدعاء من المتواتر المعنوي، كما أشار إلى ذلك السيوطي في تدريب الراوي، وعلى هذا فإذا جلس الإمام بعد الخطبة الأولى، فإن المأموم يرفع يديه يدعو بخير ما أحب، ومن خير ما أحب أن يكثر من قول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، وأن يكثر من قول: ( اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم )، وأن يقول كما قال عمر رضي الله عنه: اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لك خالصاً، فهذا تصحيح للنية، وهذا تحسين للعمل، والله أعلم.

    رجوع الأم فيما أعطته لابنتها من الذهب

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! هنا الأخت أنوار تقول: أعطتها أمها ذهباً هدية عندما كانت في أول زواجها، والآن كبرت أمها في السن، وطلبت منها ترجعه لها مع أنها ميسورة، هل هي آثمة إذا رفضت؟

    الجواب: أولاً: قال صلى الله عليه وسلم، كما عند الإمام أحمد وغيره: ( أنت ومالك لأبيك )، والعلماء رحمهم الله ذكروا أنه لا يجوز لمن أعطى العطية أن يعود في هبته، إلا الوالد فيما أعطاه ولده، وهل تدخل الأم في ذلك: قولان عند أهل العلم، والذي يظهر والله أعلم أن الأم والوالد سواء، بل إن الأم أولى من الوالد، فإذا جاز للوالد فالأم من باب أولى، فهذه يسميها العلماء من باب قياس الأولى، فيجوز للأم أن تعود في هديتها لولدها بشروط:

    الشرط الأول: ألا يكون مال الولد مستحقاً، مثل أن يكون مرهوناً، أو أن يكون قد باعه لغيره، وهو ما زال في زمن الخيار، فلا يجوز للوالد أن يضر ابنه في ذلك.

    الشرط الثاني: ألا يأخذ الوالد من الولد ليعطيه ولداً آخر، فإن في ذلك حزازة وهذا نوع من الظلم.

    الشرط الثالث: ألا يتضرر الولد من أخذ والده منه، فإذا كان الولد يتضرر فإن والده يكون آثماً، وأما إذا كان لا يحصل به ضرر فإنه لا يأثم، فينبغي للبنت أن تطيع والدتها، ولو أن تعطيها شيئاً من المال، ولا أن تكون هذه الدنيا وحطامها نوعاً من المفاصلة والمباغضة بين الأم وابنتها، وأنا أقول لك: هنيئاً لك أن تجد أمك منك شيئاً تريدين أن تعينيها فيه، فهذا نوع من الباب الذي أعطاك الله إياه، فإياك إياك أن تغلقيه، ( فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه )، كما جاء ذلك عند الإمام أحمد من حديث أبي الدرداء .

    المفاضلة في القرآن بين الحفظ والمراجعة

    السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ! هنا سؤال أم سلمى تقول: هل الأفضل أن أحفظ سوراً جديدة من القرآن أم أن أراجع وأثبت ما قد حفظته؟

    الجواب: كلاهما، هل الإنسان مسير أم مخير؟ أو هل الإنسان يطير؟ هذه الأسئلة لا ينبغي أن تكون، ينبغي أن أقول لك: راجعي محفوظك وأكثري من قراءة القرآن؛ علك أن تحفظي في ذلك، فإذا ضبطت القرآن فأكملي في هذا الأمر، فليس ثمة تعارض، والله أعلم.

    حكم التكبيرات الانتقالية في الصلاة

    السؤال: أحسن الله إليكم، هل التكبيرات الانتقالية في الصلاة سنة؟

    الجواب: الراجح والله أعلم أن التكبيرات الانتقالية واجبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى : ( فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر )، وهذا يدل على أن التكبير واجب، والله أعلم.

    الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دائماً بعد الصلوات المفروضة

    السؤال: أحسن الله إليك، والأخت أمل تقول: كلما فرغت من الصلاة أصلي على النبي عليه الصلاة والسلام، فهل فعلي بدعة؟

    الجواب: لا حرج في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا ينبغي لها أن تقيدها بعد السلام، فإن خير الدعاء هو الدعاء لمحمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك عند أبي داود وغيره، أن أبي بن كعب قال: ( يا رسول الله! كم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو أفضل، قال: أجعل لك ثلثها؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو أفضل، قال: نصفها، ثم قال: أجعل لك صلاتي كلها -يعني: لا أدعو لنفسي، بل أدعو لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذاً يكفى همك، ويغفر ذنبك )، ولا تقيديه بعد السلام؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عليه تكون بعد الفريضة، والله أعلم.

    حكم قول: في ذمتك

    السؤال: أحسن الله إليكم، لدي أخ كلما تحدثنا معه، أو مازحناه يقول: إن الكلام الذي قلتموه في ذمتكم إلى يوم القيامة، ونحن نخشى منه حتى لو كان الكلام صحيحاً فما هو الحكم؟

    الجواب: كلمة بذمتك، بعض العلماء يقول: إن هذا قسم، والذي يظهر والله أعلم أن هذا مشعر بالقسم، وليس بقسم؛ لأن الباء ليست من أدوات القسم، وأدوات القسم هي الواو والله، والتاء تالله، والباء بالله، وهذه بذمتك، فالباء مشعرة بالقسم، لكن الذي يظهر والله أعلم أن الإنسان إذا قال: بذمتك يا فلان! يقصد بذلك: أنت تتحمله، ولكن إذا قصد اليمين، فإن هذا لا ينبغي؛ لأن هذا نوع من الحلف بغير الله، وبعض العلماء يقول: إن هذا ليس من الحلف بغير الله، ولكنه نوع مشعر بالقسم، مثل أن يقول: لعمرك! وغير ذلك، والذي يظهر لي والله أعلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يحمل الناس ما لا يحتملون، وأن يقول لهم: في ذمتك، في ذمتك يعني: أنت تتحمله، أو أنت آثم في هذا الأمر، فهذا إثمه هو الذي حدده، فالذي يظهر لي والله أعلم، أنكم لو خالفتوه في ذلك لحرج شريطة ألا تكذبوا، والله أعلم.

    المقدم: أحسن الله إليكم! وجزاكم الله خيراً. إذاً مشاهدينا الكرام بنهاية هذه الإجابة تنتهي هذه الحلقة، شكر الله لصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء، شكر الله لكم يا شيخ!

    الشيخ: حياكم الله يا شيخ عبد العزيز !

    المقدم: وشكراً لكم أنتم مشاهدي الكرام، يتجدد اللقاء غداً بإذن الله، حتى ذلكم الموعد نستودعكم الله.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755802217