إسلام ويب

شرح كتاب التوحيد [10]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ليس التوحيد مقصوراً على نطق الشهادتين دون العلم بمعناها والعمل بمقتضاها، ففاعل هذا مثله مثل من يتكلم بلغة ويرددها ولا يعرف ما ترمي إليه، بل التوحيد يتضمن إفراد الله بالعبودية والطاعة والمحبة والإنابة والتوكل ... إلخ. والكفر بكل ما يعبد من دون الله، والبعد

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً ...)

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله: [وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل ) وشرح هذه الترجمة ما بعدها من أبواب.

    باب: من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38]].

    تقدم لنا بعض النصوص التي أوردها المؤلف من كتاب الله عز وجل في تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، ومن هذه النصوص قول الله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا [البقرة:165]. و(من) قلنا بأنها تبعيضية، يعني: بعض الناس.

    يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا [البقرة:165] من دون الله أي: سوى الله، والند: هو المثيل والنظير.

    يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ [البقرة:165] المحبة: هي ميل القلب إلى المحبوب لسبب من الأسباب.

    قوله: كَحُبِّ اللَّهِ [البقرة:165] أي:كما تقدم لنا في المحبة الشركية، وسيأتينا إن شاء الله في باب المحبة، وأن المحبة تنقسم إلى أقسام، منها ما هو شرك أكبر، ومنها ما هو شرك أصغر، ومنها المحبة الطبيعية، ومنها ما هو واجب... إلى آخره، هذا سيأتينا إن شاء الله ما يتعلق بأقسام المحبة.

    كَحُبِّ اللَّهِ [البقرة:165] يعني: أنهم يسوونه بالله في المحبة، وهذه الصورة من صور الشرك الأكبر أن تحب غير الله كحبك لله، وأيضاً من صور المحبة الشركية: أن تحب غير الله محبة تقتضي الذل والخضوع للمحبوب، هذه صورة من صور المحبة الشركية.

    قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165] يعني: الذين آمنوا أشد حباً لله من المشركين لآلهتهم.

    وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [البقرة:165] يعني: لو يعلم الذين ظلموا. إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ [البقرة:165] يعني: وقت معاينة العذاب. أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [البقرة:165].

    أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ [البقرة:165] يعني: أن القدرة والغلبة هذه كلها لله عز وجل وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [البقرة:165].

    وجه الشاهد من هذه الآية لما ترجم به المؤلف رحمه الله: أن المحبة نوع من أنواع العبادة، ويجب أن تصرف لله عز وجل، وعلى هذا يكون تفسير التوحيد: صرف جميع أنواع العبادة لله عز وجل؛ لأن المحبة نوع من أنواع العبادة، ويجب أن تصرف لله عز وجل، وأن صرفها لغير الله عز وجل شرك؛ لأنه صرف لنوع من أنواع العبادة لغير الله عز وجل.

    1.   

    شرح حديث: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله...)

    قال رحمه الله: (وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم). في الصحيح أي: في صحيح مسلم .

    [أنه قال: ( من قال لا إله إلا الله )] تقدم تفسير الشهادة.

    قال: ( وكفر بما يعبد من دون الله ). يعني: سوى الله.

    ( حرم ) يعني: امتنع.

    ( ماله ودمه ). امتنع أخذ ماله وامتنع سفك دمه بناءً على التوحيد؛ لأن التوحيد يعصم صاحبه.

    ( وحسابه على الله عز وجل ) أي: الله عز وجل هو الذي يتولى محاسبته، لنا الظاهر والله يتولى السرائر.

    أو يكون المعنى: نحن لنا الظاهر والله عز وجل يتولى السرائر؛ لأن أمر الدنيا على الظاهر، لكن أمر الآخرة على البواطن والسرائر، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [الطارق:9] هذا أمر الآخرة.

    أو يكون المعنى: ( وحسابه على الله ). يعني: من تلفظ بهذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد فإن الله سبحانه وتعالى يحاسبه على حسب نيته واعتقاده ويجازيه على ذلك.

    1.   

    معنى قوله: ترجمة، ووجه الشاهد من الحديث

    قال رحمه الله: [وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب].

    ترجمة الكتاب والباب: فاتحته، والمقصود بقوله بالترجمة تفسير التوحيد، فالمقصود: الترجمة: ما ترجم له المؤلف رحمه الله من هذا الباب: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.

    ووجه الشاهد يعني: ما بعدها من الأبواب: كل الأبواب هذه التي ستأتينا تفسر التوحيد، فإنه سيبين فيها المؤلف رحمه الله التوحيد وما يضاد التوحيد من الشرك.

    فوجه الشاهد أو وجه الاستشهاد لما ترجم به المؤلف: أن معنى لا إله إلا الله: هو الكفر بما يعبد من دون الله عز وجل؛ ولهذا قال: ( من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله ). فلا يكون محققاً لهذه الكلمة العظيمة إلا إذا كفر بما يعبد من دون الله.

    وسبق أن هذه الشهادة لها ركنان: الإثبات، والنفي، فلو أنه قال: أنا أثبت أن الله سبحانه وتعالى مألوه معبود لكن لا أنفي. هل يصلح هذا أو لا؟ لا يصلح، إذ لا بد أن يكفر بما يعبد من دون الله عز وجل.

    1.   

    معنى قوله: (باب من الشرك لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه)

    قال رحمه الله: [باب من الشرك].

    قوله: (من الشرك) (من) هذه تبعيضية، يعني: بعض الشرك.

    [لبس الحلقة والخيط] الحلقة: كل شيء مستدير، والخيط معروف.

    و[نحوهما] من الحجارة والودع والتمائم الشركية وغير ذلك مما يعلق، والخرز ونحو ذلك.

    [لرفع البلاء]، يعني: لرفعه بعد نزوله، والبلاء: المرض ونحوه من عين ونحو ذلك.

    [أو دفعه] يعني: منعه قبل نزوله. (لرفعه) يعني: بعد نزوله، (أو دفعه) أي: قبل نزوله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله...)

    قال رحمه الله: (وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38]).

    قوله: قُلْ [الزمر:38] الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

    وقوله: أَفَرَأَيْتُمْ [الزمر:38].

    مَا تَدْعُونَ [الزمر:38] يعني: ما تسألونه من جلب الخير أو دفع الضر، مِنْ دُونِ اللَّهِ [الزمر:38] يعني: سوى الله. يعني: هؤلاء الذين تسألونهم وتدعونهم من دون الله عز وجل وتسألونهم جلب الخير أو دفع الضر من دون الله من الآلهة والأنداد... إلى آخره.

    إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ [الزمر:38] الضر يشمل المرض والفقر والشدة والبلاء... إلى آخره.

    هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ [الزمر:38] يعني: هل هذه الآلهة التي تدعى من دون الله عز وجل ستكشف هذا الضر؟

    أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ [الزمر:38] من نعمة ورزق وعافية وصحة وخير ونحو ذلك.

    هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ [الزمر:38] يعني: هل هذه الآلهة التي تدعى من دون الله عز وجل تستطيع أن تمسك رحمة الله عز وجل أو تدفع البلاء -الضر؟ الجواب: إنها لا تستطيع، وهم يقرون بهذا.

    قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ [الزمر:38] يعني: الله سبحانه وتعالى كافيني.

    عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38] فالله سبحانه وتعالى كافي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك كافي من يتوكل عليه.

    في هذه الآية بين الله سبحانه وتعالى أن هذه الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل لا تقوى أو لا تستطيع على دفع الضر إن أراده الله عز وجل، أو على منع الرحمة إن أرادها الله عز وجل، فإذا كان كذلك بطلت عبادتها من دون الله عز وجل.

    هذا في نفس هذه الآلهة، فإذا كان ذلك في نفس هذه الآلهة فكذلك هذه الحلق والخيوط لا تستطيع أن تجلب النفع أو تدفع الضر، فإذا كانت لا تستطيع أن تجلب النفع أو تدفع الضر فإنها لا تعلق، كما أن هذه الأصنام لا تستطيع أن تجلب النفع أو تدفع الضر فلا تعبد، ويلحق بها ما يتعلق بلبس الخيط أو الحلقة ونحو ذلك، فهذه أيضاً لا تجلب النفع ولا تدفع الضر، فهذه أيضاً لا تعبد من دون الله عز وجل.

    والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755974657