إسلام ويب

لا لمؤتمر السكان والتنميةللشيخ : عبد الرحمن السديس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن عصرنا هذا تموج فيه الفتن موج البحر الخضم، فتن عظيمة فعلينا الحذر منها.

    فتن تدعو إليها الصهيونية والصليبية؛ لتمسخ الأمة وشبابها.

    من هذه الفتن: الدعوة إلى تحديد النسل، وتقليل الأولاد في الأسر، والغرض من ذلك: تقليل عدد المسلمين، وكذلك النخر في عقيدة المسلم حتى يضعف توكله واعتماده على الله في الرزق والله المستعان.

    1.   

    تحذير من الدعوات الزائفة المزركشة

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه.

    أما بعد:-

    فاتقوا الله عباد الله، فالله عز وجل قد أمركم بتقواه، واعملوا على سلوك طريق هداه.

    أيها الإخوة في الله: لقد أنعم الله على الإنسان حيث خلقه في أحسن تقويم، وكرَّمه أعظم تكريم، بدأ خلقه من طين ونفخ فيه من روحه، وفضله على سائر المخلوقات، وميَّزه على سائر الكائنات، حباه العقل والإدارك، وميزه بالسمع والبصر والفؤاد، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض جمعياً منه، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، خلقه واصطفاه، وفضله واجتباه، وأعده أكمل إعداد وأوفاه، أكرمه بالفطرة السوية والعقيدة النقية، وحملَّه الأمانة الغالية، وكلَّفه الرسالة السامية، أنشأه من الأرض ليعمرها، واستخلفه فيها ليصلحها، ينفذ أحكامه، ويطبق شريعته، وهيأ له فيها كل ما يحتاجه مما تقوم به حياته، ويصلح له أمر دينه ودنياه: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70].

    أيها الإخوة المسلمون: لقد حظي الإنسان في ظل الإسلام بتكريم لا مثيل له، وتشريف لا نظير له، ينال ذلك منذ تكوينه جنيناً في بطن أمه، ويمتد هذا التكريم في المنهج الإسلامي ليشمل كل فرد في المجتمع الإنساني ذكراً كان أو أنثى، ضعيفاً أو قوياً فقيراً أو غنياً، في بعد عن النزعات الإقليمية والعصبيات الجاهلية، وفي منأى عن المبادئ الفكرية والقوانين الوضعية، التي سامت الإنسان سوء العذاب، لقد رسمت له هدفه، استغراقاً في الإباحية والشهوات، وانغماساً في الماديات والملذات، جعلت منه آلة متحركة يتحول بعدها إلى معدة جائعة، بلا روح ولا ضمير، وبلا شعور ولا وازع، فدمرت الإنسان حيث تريد بناءه، وذلك لأن الإنسان مخلوق تجتمع فيه قوى الروح والجسد، ولكل منهما طاقات ومتطلبات تؤخذ مجتمعة متوازنة، ولم ولن ولا يتم ذلك إلا في ظل الإسلام الحق، وقد أخفقت كل المحاولات البشرية والنظم الأرضية في إسعاد الإنسان؛ لما أقصت عن حياته مطالب الروح وغذاء الإيمان، وحجبت أشعة نور العقيدة أن تغمر الفرد ببهائه، والمجتمع بضيائه، وذلك -لعمر الحق- عدوان صارخ على الإنسان، وتجاهل لحقيقته، وإهدار لإنسانيته، وزراية خطيرة بكرامته، ووأد لمعاني الخير والفضيلة والقيم في نفسه.

    وإن أي دعوة للإنسان بتخطي حدود الله، وتجاوز شريعته، إنما تسف بالإنسان وتهبط به من آفاق العزة والكرامة إلى حضيض الضعف والمهانة، وتجعله سادراً في الظلام، غارقاً في التيه والضلال، تعصف به تيارات الضياع، وتوقعه في عالم القلق والحيرة والاضطراب والتوتر والجريمة من حيث تزعم أنها تسعده، وتدعي أنها تحرره وتفتح مداركه، وتجعله يواكب الركب في التطور والمدنية كما زعموا.

    أبعد هذا ينخدع إنسان بالدعاوى المزركشة، والوعود الكاذبة، والمؤتمرات المشبوهة التي يريد أصحابها تشكيك أهل الإسلام بصلاحيته وبقيمه وأخلاقه ومثله؟! والسؤال الذي يفرض نفسه: ماذا يريد هؤلاء؟!

    أيريدونها علمانية تقصي الدين عن واقع الحياة، وعن تنظيم شئون الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها، وتجعل من الدين طقوساً لا أثر لها في دنيا الواقع؟!

    أيريدونها إباحية تداس فيها القيم وتهدر الأخلاق وتشاع الأمراض والجرائم؟!

    أيريدونها فوضوية يتسلط فيها القوي على الضعيف، ويصبح الناس فيها أشبه بوحوش كاسرة، وسباع ضارية، لا مكان فيها إلا للأقوى؟!

    لقد أفلست كل هذه النظريات، ولم تعد صالحة لإسعاد البشرية، والواقع من أكبر الشواهد على ذلك، فالعجب من الأصوات الناعقة، والأقلام الحاقدة، والمؤتمرات المشبوهة، كيف تجرءوا على محادة الله ورسوله، ومصادمة شرعه ودينه؟!

    والعجب العجاب من ذلك الإنسان الضعيف كيف يعدو قدره ويتجاوز حده، ويشمخ بأنفه ويعتد بقوته ويتباهى بسطوته ويمتلئ غروراً وكبرياءً وغطرسة؟!

    لكنه الإنسان في غَلْوَائه     ضلت بصيرته فَجُنَ جنوناً

    ما أضيع الإنسان مهما غدا     في سبل العلوم إذا أضاع عريناً

    إنه لخليق بالإنسان أن يعرف ربه، ويؤدي دوره، ويدرك مسئوليته ويقوم بواجبه في عبادة ربه سبحانه، وينقاد لأوامره، ويذعن لحكمه ويتجه بصدق وإخلاص، وبكل شعور وإحساس، نحو هذه الغاية المشرفة، صلاحاً وإصلاحاً؛ وبذلك يكون مؤمناً حقاً ومسلماً صدقاً، ولن يقوم أحد بذلك إلا إنسان العقيدة والقيم والأخلاق، فمتى سعد الإنسان إلا في ظل العقيدة الصحيحة.

    من الذي صان دم الإنسان أن يسفك، وعرضه أن ينتهك إلا الإسلام، ومن الذي أحرز ماله أن يغتصب وحماه أن يقتحم وعقله أن يعطل إلا الإسلام، يوم أن فشلت الشعارات، ولكن يأبى بعض الناس إلا تجاوز حدود الله ومخالفة شرع الله: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33].. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].. يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32].

    1.   

    الإسلام يحث على التناسل والتكاثر

    أمة الإسلام: وكما رعى الإسلام حق الأفراد رعى حق الأسرة والمجتمع، وسعى لإشاعة الفضيلة ومحاربة الرذيلة، أقام صروح الأسر والمجتمعات على أساس من الدين والقيم والمثل والأخلاق، واعتبر القوى البشرية من أهم عوامل التقدم والازدهار والحضارة.

    ولذلك كان من مقاصده وأهدافه في بناء حضارة إسلامية عالمية، أن قصد إلى كثرة النسل وتنميته، واعتباره إحدى الضرورات المقررة في الشريعة الغراء، كما حث رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أمته على كثرة النسل.

    أخرج الحاكم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: (تناكحوا، تناسلوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) وعند أحمد من رواية أنس رضي الله عنه (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) وفرض الإسلام حق المحافظة على النفس البشرية، وحرم الاعتداء عليها وإن كانت حملاً في بطن، وهو ما يسمى بالإجهاض قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31].

    وذلك لما في هذه الجريمة الشنعاء من سوء ظن بالله عز وجل، وإنكارٍ لقدرته وإظهاره سبحانه بمظهر العاجز عن كفاية خلقه ورزقهم، تعالى الله سبحانه عما يقول الظالمون علواً كبيراً وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6] وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [العنكبوت:60].

    1.   

    الدعوة إلى تحديد النسل مؤامرة ودسيسة

    وبذلك يعلم كل ذي بصيرة أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للنصوص الشرعية والفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، والقائلون بذلك هم فئات حاقدة على الإسلام والمسلمين، وإن كانوا من بني جلدتنا ويتكلمون بلغتنا، فالأمر لا يعدو كونه دسيسة كفرية ومؤامرة عدوانية تستهدف تقليل نسل الأمة الإسلامية، والزج بها في أعمال الجاهلية والأخلاق البهيمية الشهوانية، ليتحقق للقوى الاستعمارية ما تصبو إليه من إضعاف الكيان الإسلامي، وتلك سلسلة من مؤامرات في ثوب مؤتمرات، تهدف إلى تشكيك المسلمين بدينهم وقيمهم، ونشر الإباحية والعلاقات الجنسية المحرمة بينهم، بدعوى الحرية الشخصية تارة، وبدعوى المساواة والتقدمية والمدنية تارة، وبدعوى الحد من الانفجار السكاني تارة ثالثة، وتلك وغيرها من الدعاوى المزركشة، شنشنة معروفة من أخزم يغلف بها أصحابها مؤامراتهم العدائية ضد أبناء الأمة الإسلامية.

    لكن يا ليت قومنا يعلمون ويدركون أبعاد المؤامرة الشرسة ضد دينهم وقيمهم وأخلاقهم، حتى لا ينخدع أبناء المسلمين بركب الباطل مهما طقطقت براذينه، نقول ذلك وقد تابعت الأمة الإسلامية عبر أسبوعين مضيا على وجل وحذر شديدين أعمال ومداولات ونتائج وتوصيات وقرارات ما سمي ظاهراً بـ (المؤتمر الدولي للسكان والتنمية) الذي طالعنا بأفكار غريبة تتناقض مع ما جاءت به الشرائع السماوية، وما تعارف عليه الناس من القيم الأخلاقية، مما يؤكد أنه مخطط إجرامي من الدول الصليبية والصهيونية العالمية؛ للإطاحة بالعفة والطهارة والأخلاق والقيم في بلاد المسلمين.

    إن المتابع لمثل هذه الأعمال العدائية والمؤتمرات الاستفزازية يعجب وهو يرى كيف يجرؤ أولئك القوم على استفزاز مشاعر الأمة الإسلامية، على سمع العالم وبصره!

    وإننا لنتساءل ماذا يريد هؤلاء؟!

    ومن المستفيد من عقد مثل هذا المؤتمر المشبوه؟!

    ومن يقف وراءه؟!

    وهل وعت أجيالنا التي لا زال كثير منها سادراً في التيه والانحراف عظم المؤامرة؟!

    وبأي حق يفرض على الشعوب الإسلامية ما يخالف شرع الله؟! فالأمر أمره والشرع شرعه ولا يحق لأحد كائن من كان فرداً أو هيئة أو منظمة أو دولة أن يتطاول على شرع الله ويلزم الناس بغيره، والذي يقال بصراحة: لا وألف لا لكل ما يعارض شرع الله، ويجر البلاد والعباد إلى فتن لا يعلم عواقبها إلا الله.

    لقد أساء أولئك القوم التدبير وأخطئوا التقدير وقالوا بالباطل والتزوير، وجانبوا الحق والتنوير، أما يكفي زاجراً ويشفي واعظاً ما تعيشه المجتمعات المخالفة لشرع الله من انتشار الفواحش والأمراض المستعصية؟! فكيف بالدعوة إليها والسعي إلى نشرها بين المسلمين؟! إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].

    إن المعاناة الاقتصادية والأخلاقية، التي يعيشها كثير من المسلمين اليوم، لا مخلص منها إلا بالإيمان بالله، والتوكل عليه سبحانه، ثم تنمية الموارد وترشيد الإنفاق، وعدالة توزيع الثروات وعدم تبديد الطاقات فيما لا ينفع الأمة، والعيب عيب الأنظمة الجائرة، وإلا فأرض الله واسعة وخزائنه ملأى، ولا تزال الخيرات في باطن الأرض وظاهرها مكنونة، فأين المستثمرون؟ ولو أن المليارات التي تنفق في سباق التسلح وشن الحروب على المستضعفين، حولت إلى مشاريع إغاثية واستثمرت لصالح البشرية لما حصل ما شنشنوا حوله، والذي يؤكد في هذا المقام ضرورة أخذ الحذر من مخططات ومؤامرات أعداء الإسلام ضد دين الأمة وقيمها وأخلاقها، والعناية بالأسرة، وتربية النشء على العفة والفضيلة، والحرص على كثرة نسل الأمة الإسلامية.

    وإنه في الوقت الذي نستنكر ذلك ندعو قادة المسلمين وعلماءهم وشعوبهم وكافة المنظمات والهيئات الإسلامية، أن تتقي الله في مسئولياتها، وتتعاون فيما بينها لوضع مشروعات بديلة لمعالجة قضايا التنمية على ضوء شريعتنا الإسلامية وأخلاقنا الفاضلة، والله المسئول أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يكفينا شر أعدائنا، ويفشل مؤامراتهم ومؤتمراتهم بمنه وكرمه، إنه جواد كريم.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة:208].

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    الرجوع إلى الله هو المخلص من الفتن

    الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى هداه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، واشكروه جل وعلا على ما هداكم للإسلام، واعلموا رحمكم الله أن الإسلام أوجب على أتباعه التواصي بالحق والدعوة إليه والتعاون عليه، وتشجيع مجالات الخير في المجتمع، وإغلاق منافذ الشر فيه.

    وإننا لنحمد الله ونشكره على ما هدانا للإيمان، وأبان لنا الحلال والحرام، ورزقنا التمسك بشريعة الإسلام في وقت ضل فيه كثير من الناس، نسأل الله أن يثبتنا على الإسلام.

    وإن من التحدث بنعم الله ما وفق الله إليه قيادة بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- وعلماءها -وفقهم الله- من اتخاذ المواقف الصامدة من هذا المؤتمر المشبوه وما على شاكلته، وهو موقف ينبغي أن يذكر فيشكر، وإلى مزيد من المواقف الصامدة في نصرة الحق وأهله، ودرء الباطل وأهله، والشكر موصول لمسديه سبحانه، أن أفشل خطط ونتائج ومؤامرات الأعداء، وجعل كيدهم بينهم فيما سعوا إليه، من إباحة الإجهاض والشذوذ عياذاً بالله، لكنهم سيسعون جاهدين إلى الدعوة إلى الباطل، ولن يكون هذا المؤتمر آخر سهامهم، فلنكن على حذر وفطنة يا عباد الله، ولقد أثبت هذا المؤتمر أن في الأمة يقظة وصحوة بحمد الله، فهي لن تقبل شيئاً يخالف دينها وقيمها وأخلاقها.

    أيها المسلمون: وإذا كانت الأمة تعيش عصر الفتن التي أقبلت كبحر خضم قد تلاطمت أمواجه، وليل داج قد ادلهم ظلامه، وسيل جارف قد انعقد غمامه، فلا مخلص من الفتن إلا بالاعتصام بالله، والالتجاء إليه سبحانه، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والرجوع إلى علماء الشريعة، والتلاحم معهم، والتحلي بالصبر والرفق والتثبت والتعقل والحكمة، والبعد عن مسالك العنف والمواجهة، وكف اللسان عن الخوض فيما لا يعني، وعدم الانخداع بالأبواق الناعقة التي يريد أصحابها الاصطياد في الماء العكر، وجر البلاد والعباد إلى فتن لا يعلم عواقبها إلا الله، ثم الدعاء الدعاء والاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن هذه البلاد المباركة خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة بمنِّ الله وكرمه.

    هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى، كما أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا، فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755791634