إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (94)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قصر المسافر الصلاة مشروع في الرباعية، ويبتدئ من مغادرته بلده، وله أن يترك النوافل عدا الوتر وراتبة الفجر، كما أن الجمع للمسافر رخصة إلا الجمع في عرفة والمزدلفة فإنه واجب، وصفة الجمع أن يجمع في أول وقت الصلاة، ولا يفصل بينهما، والمريض يصلي على حسب قدرته واستطاعته.

    1.   

    قصر الصلاة

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، الحاوي للعقيدة الإسلامية والآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات الشرعية، وها نحن مع العبادات.

    ومع المادة التاسعة، وهي في قصر الصلاة وجمعها، وصلاة المريض والخوف، هذه التي نتدارسها الليلة إن شاء الله.

    معنى القصر

    قال: [ أولاً: القصر ].

    [ أولاً: معناه: القصر: هو صلاة الرباعية ركعتين بالفاتحة والسورة ] فالقصر في الصلاة هو صلاة الرباعية كالظهر والعصر والعشاء ركعتين يقرأ في الأولى بالفاتحة والسورة، والثانية كذلك [ أما المغرب والصبح فلا تقصران؛ لكون المغرب ثلاثية ] فلا تقصر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قصرها [ والصبح ثنائية ] فلا تقصر كذلك، والطويل هو الذي يقصر، وهو الظهر والعصر والعشاء.

    حكم القصر

    [ ثانياً: حكمه: القصر مشروع بقول الله تعالى ] في كتابه العزيز [ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101] ] وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ مسافرين لتجارة أو قتال أو جهاد، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ، أي: إثم ولا حرج، أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ، أي: الرباعية، فتصلوها ركعتين ركعتين [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عنه ] أي: عن القصر [ ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) ] فلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن القصر أجابهم: بأن هذه ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ). وأنت تقبل صدقة الإنسان يتصدق بها عليك، والله يتصدق عليك وأنت تلوي رأسك، فاقبل صدقة الله عز وجل؛ فلهذا لا ينبغي للمسافر أن لا يقصر الرباعية، بل عليه أن يقصرها فيصليها ركعتين.

    ومن الأدلة أيضاً بعد الكتاب والسنة: [ مواظبة الرسول ] صلى الله عليه وسلم [ عليه ] على القصر [ تجعله سنة متأكدة ] فما سافر الرسول صلى الله عليه وسلم إلا قصر، فهذه الحال تستدعي أن تكون سنة مؤكدة، وهناك من شذ وقال: قصر الصلاة فريضة، فلو صلى الرباعية أربعاً بطلت صلاته، وهذا القول منبوذ مرفوض، وحسبنا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) [ إذ ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفراً إلا قصر فيه، وقصر معه أصحابه رضي الله عنهم أجمعين ] وأي دليل أكبر من هذا؟

    إذاً: القصر مشروع ومسنون، وهو سنة مؤكدة لا ينبغي أن نتركه إذا سافرنا لحج أو عمرة أو جهاد أو تجارة، إلا سفر الفسق والفجور فلا يحل لصاحبه أن يقصر ولا أن يفطر؛ إذ يجب عليه أن يعود إلى بلده.

    المسافة التي يسن فيها القصر

    [ ثالثاً: المسافة التي يسن القصر فيها ] وهذه لا بد من معرفة طولها [ لم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم للقصر مسافة ] ينتهى إليها في القصر لحكم [ وإنما جمهور الصحابة والتابعين والأئمة نظروا إلى المسافات التي قصر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوها تقارب أربعة برد ] نظروا إلى المسافات التي قصر فيها الرسول شمالاً أو جنوباً أو غرباً من المدينة إلى خارجها، فقالوا: لا تنقص عن أربعة برد، والبرد جمع بريد [ فجعلوا الأربعة برد - وهي ثمانية وأربعون ميلاً- ] والميل ألفا ذراع. أي: ألفا متر، والآن العمل الجاري به ألفا متر، والميل ألفا ذراع، والفرسخ ثلاثة أميال، فتصبح اثنا عشر ميلاً، والأربعة فراسخ بريد، والأربعة البرد ثمانية وأربعون ميلاً، والميل على الصحيح ألفا ذراع، وهذا أخذته فرنسا عن الإسلام أيام كان الأندلس يسود ويحكم، وهو هذا الذي يستعمل الآن بالكيلو متر، فهو والله مأخوذ من هذا الذي كان عليه المسلمون أيام سيادتهم وقيادتهم، فالكيلو متر ألفا ذراع، أي: ألف متر، والميل كيلو، والثلاثة أميال فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والثلاثة أميال في أربعة باثني عشر، والبريد أربعة فراسخ، فالأربعة برد ثمانية وأربعون ميلاً، أي: كيلو.

    ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم للقصر مسافة ينتهى إليها، ولهذا بعض الشاذين إذا خرج من مدينته قصر، والأقوال التي ما أجمع عليها أئمة الإسلام لا نقول بها ولا نأخذ بها، ولا نفرق كلمة المسلمين.

    ومادام الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة القصر فالجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة - أي: أكثرهم- نظروا إلى المسافات التي قصر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلاً من المدينة إلى تبوك، ومن المدينة إلى بدر، ومن المدينة إلى مكة، فنظروا إلى المسافات التي قصر فيها، فوجدوها تقارب أربعة برد، فجعلوا الأربعة برد هي ثمانية وأربعون ميلاً [ حداً أدنى لمسافة القصر ] هذا الحد الأدنى، أما الأكثر فآلاف الأميال، فإذا كانت المسافة من مدينتك إلى المدينة الأخرى ثمانية وأربعين ميلاً فأكثر فاقصر الصلاة، هذا الحد الأدنى، وإذا كانت أقل من ثمانية وأربعين لا تقصر [ فمن سافرها في غير معصية الله ] وأما الذين يسافرون للمعصية فلا يحل لهم القصر، ولا أن يفطروا في رمضان [ سن له القصر ] وأصبح سنة، ومن حقه أن يفعله [ فيصلي الرباعية - الظهر والعصر والعشاء- اثنتين ].

    وقد أجمع أئمة الإسلام على أن الرسول ما حدد مسافة القصر، وقد عرف الصحابة والتابعون وأولادهم وأئمة الإسلام المسافات التي قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فنظروا إليها فوجدوها في نحو الثمانية وأربعين ميلاً، فمن سافر منا مسافة ثمانية وأربعين كيلو متر قصر الصلاة، وإذا كانت أكثر فمن باب أولى، ولكن لا يقصر في أقل من ثمانية وأربعين كيلو، ولا يلتفت إلى من قال: يقصر حتى ولو كانت المسافة كيلو متر، فهذا الشذوذ لا نقوله.

    والمسافر ليشرب الخمر أو ليأتي بالمنكر أو ليفعل كذا أو ليتلصص لا يحل له أن يقصر الصلاة ولا الصيام؛ إذ سفره حرام لا يحل له.

    بداية القصر ونهايته

    [ رابعاً: ابتداء القصر وانتهاؤه: يبتدئ المسافر قصر صلاته من مغادرته مساكن بلده ] فإذا خرج من البلد وترك المساكن وراءه ودخل وقت الصلاة يقصر [ ويستمر يقصر مهما طالت مدة سفره إلى أن يعود إلى بلده، إلا أن ينوي إقامة أربعة أيام فأكثر في بلد ما ينزل به، فإنه يتم ولا يقصر ] فلو سافر من المدينة إلى اليمن أو إلى جدة فمن حيث يترك المدينة يقصر، إلى أن يصل إلى البلد الذي هو أراده، ثم ينظر كم سيبقى فيه، فإن كان يومين أو ثلاثة فيقصر، وإذا كان أربعة أيام فأكثر فيتم صلاته، فمن وقت أن يترك البلد وراءه يقصر حتى يصل إلى البلد الذي أراده بعيداً أو قريباً، ثم إن نوى الإقامة وعرف أنه سيقيم هنا أسبوعاً أو شهراً فقد انتهى القصر، ووجب عليه أن يتم صلاته، وإن كان لا يدري هل سيبقى يومين أو ثلاثة أو أربعة فيقصر حتى يطمئن إلى متى سيبقى، ثم إذا أخذ راجعاً يأخذ في القصر حتى يعود إلى بلده، ولا التفات إلى من يذهب إلى لندن أو باريس يدرس ويقصر أربع سنوات، فلا قيمة لهذا القول؛ [ إذ بنية الإقامة يستريح خاطره، ويهدأ باله، ولم تبق العلة التي شرع من أجلها القصر، وهي قلق المسافر وانشغال باله بمهام سفره ] وهذه هي علل القصر، فلا ينزل في بلد يتاجر عاماً وهو يقصر كالإباضية، فإن نوى الإقامة استراح وانتهى، فلا يقصر [ وقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة ]؛ لأنه ما يسافر إلا بإذن، ولا يدري متى يؤذن له، فلو جاء جبريل وقال: الآن تمشي، مشى، وأنت لو دخلت مثلاً بلداً ولا تدري متى يأتي أمر الخروج فتقصر ولو سنة حتى يتعين زمان خروجك أو إقامتك، فلو سافرت إلى بلد ولا تدري متى تؤمر بالخروج فتقصر ولو عاماً، فالرسول لما نزل بتبوك كان ما يدري متى يقال له: ارحل، وعد إلى المدينة أو تقدم، بل كان ينتظر الأمر من الله، فقصر عشرين يوماً مع رجاله وأصحابه؛ لأنه ما تبين له متى يسافر [ وقيل: لأنه لم ينو الإقامة بها ] فهو ما نوى الإقامة بها؛ إذ لماذا يقيم بتبوك؟

    النافلة في السفر

    [ خامساً: النافلة في السفر ] وبعض الإخوان يعيبون على المسافر إذا صلى، ويعيرونه ولا داعي لهذا. [ إذا سافر المسلم له ] ومن حقه [ أن يترك سائر النوافل من راتبة وغيرها، ما عدا رغيبة الفجر والوتر، فإنه لا يحسن تركهما، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: لو كنت مسبحاً - متنفلاً- لأتممت صلاتي ] ومعنى هذا: لا تلموني لأني ما أصلي النافلة، فلو كنت متنفلاً لأتمت صلاتي إذاً، لما قالوا له: لم لا تصلي وتتنفل يا عبد الله! وفلان وفلان يتنفلون؟ [ كما أن للمسافر أن يتنفل بلا كراهة ما شاء من النوافل ] راتبة أو غير راتبة [ فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى ثمان ركعات وهو مسافر ] والله العظيم قد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى ثمان ركعات وهو مسافر [ وكان يتنفل على ظهر دابته وهو في طريقه من سفره ] فإذا تنفل المسافر، ولم يكن عنده انشغال بال ولا شيء فهنيئاً له، فإذا كان مضطراً ومشغولاً فلا يتنفل، اللهم إلا ركعتي الفجر وإلا الوتر فقط.

    فإذا رأيت من يتنفل فلا تقل له: حرام عليك، فهذا جائز، إذا لم يكن عنده شغل ولا سفر، فليتنفل فالنافلة محمودة، وإذا كنت مشغولاً ولم تتنفل فلا شيء عليك، وكل ما كنت تفعله في الحضر فيكتب لك أجره ولا ينقص.

    عموم القصر لكل مسافر

    [ سادساً: عموم سنة القصر لكل مسافر، لا فرق في سنة القصر بين مسافر راكب ومسافر ماشٍ، ولا بين راكب جمال أو سيارة أو طائرة إلا الملاح في البحر، إذا كان لا ينزل من سفينته طول الدهر، وكان له بسفيته أهل ] زوجة [ فإنه لا يسن له القصر، بل عليه أن يتم صلاته؛ لأنه كمستوطن للسفينة ] ومقيم في بلد، فهذه السفينة دائماً هو عليها، وطعامه وشرابه ونومه حتى زوجته معه، فلا يقصر أبداً، لكن المسافر على طائرة أو على سيارة أو على جمل أو على غيره هو الذي يسن له أن يقصر.

    وفي مسألة الطائرة أفيدكم علماً إن شاء الله: لا تصلي الفريضة على الطائرة، لا الصبح ولا الظهر ولا العصر ولا العشاء ولا المغرب، إلا إذا تيقنت أنك إذا لم تصل هذه الفريضة يخرج وقتها، مثل ما لو كنت في الطائرة وسألت الملاح: متى نصل إلى جدة؟ فقال: نصل بعد المغرب بساعة أو ساعتين ففي هذه الحال يجب أن تصلي الظهر والعصر على الطائرة جالساً أو قائماً أو قاعداً كما استطعت، ركعتين ركعتين، ولو كنت مسافراً في أثناء الليل وسألته: متى نصل إلى الرحلة؟ فقال: تصل بعد الفجر فيجب أن تصلي المغرب والعشاء على الطائرة، حتى لا يخرج وقتهما، وكذلك لو قال: نصل بعد طلوع الشمس بساعة فيجب أن تصلي الصبح في الطائرة. وأما النافلة فصلها على الطائرة كما شئت ليلاً ونهاراً، فالرسول صلى على الدابة، وليس على الطائرة، والفريضة إذا كنت تعرف أن وقتها يخرج قبل أن تصل فيجب أن تصليها كيفما كانت الحالة، وإذا أيقنت أنك تصل إلى البلد الذي تنزل فيه الطائرة قبل خروج الوقت ففي هذه الحال لا يجوز أن تصلي الفريضة وأنت جالس أو في الطائرة.

    1.   

    جمع الصلاة

    [ ثانياً: الجمع ].

    حكم الجمع

    [ أولاً: حكمه: الجمع رخصة جائزة ] ومشروع [ إلا الجمع بين الظهرين يوم عرفة بعرفة، والعشائين ليلة المزدلفة بمزدلفة ] فالجمع بينهما واجب. فالجمع بين الصلاتين رخصة، فمتى احتجت إليه فاجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، اللهم إلا جمعين جمع يوم عرفة بين الظهر والعصر فيجب في مسجد نمرة، وفي مزدلفة نجمع بين المغرب والعشاء، فالجمع ليس واجباً، وإنما رخصة، وليس حتى سنة تؤجر عليها، بل رخصة، فقد خفف الله عنك فاحمد الله وترخص [ فإنه سنة لا تخيير في فعلها؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه صلى الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين، ولما أتى المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين)] فالمسافر لما يصلي يؤذن ويقيم، والإقامة ضرورية.

    صفة الجمع

    [ ثانياً: صفته: الجمع هو أن يصلي المسافر الظهر والعصر جمع تقديم، فيصليهما في أول وقت الظهر، أو جمع تأخير، فيصليهما في أول وقت العصر ] فهو مخير بين جمع التقديم أو جمع التأخير، وجمع التقديم هو أن يصلي الظهر والعصر في أول وقت الظهر، وجمع التأخير هو أن يصلي الظهر والعصر في أول وقت العصر [ أو يجمع المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير، فيصليهما في وقت إحداهما ] المغرب أو العشاء [ وذلك لما ورد: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة بتبوك يوماً، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جمعاً، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جمعاً، وهو نازل بتبوك غازياً ) ] فجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء [ كما أن لأهل البلد - أي بلد- أن يجمعوا بين المغرب والعشاء في المسجد ليلة المطر ] وهذه رخصة أيضاً، فعندما لم يكن هناك كهرباء ولا طرق معبدة كان إذا نزلت الأمطار والظلام تصيبهم مشقة، فكان يصلي بهم الإمام المغرب والعشاء وينصرفون مادام الضوء موجوداً، وأما الآن فلا تراب ولا غبار ولا ظلام ولا شيء، فليس هناك حاجة إلى الجمع [ والبرد الشديد أو الريح ] فليلة المطر مع البرد الشديد أو مع الريح العاصفة [ إذا كان يشق عليهم ] ويتعبهم [ الرجوع إلى صلاة العشاء بالمسجد ] أما إذا لم يكن هناك مشقة كما هي الآن فليس هناك حاجة إلى الجمع [ إذ قد ( جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة ) ] كما قال مالك ، ولا بد من الرخصة هذه، فإذا كان هناك أمطار ورياح وبرد يجمع بهم الإمام بين المغرب والعشاء، ثم يذهبون إلى بيوتهم ولا حرج [ كما أن للمريض أن يجمع بين الظهرين والعشائين ] فالمريض في المستشفى أو في بيته له أن يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا كان يشق عليه أداء كل صلاة في وقتها ] ويتعبه ذلك ولا يستطيعه؛ إذ علة الجمع هي المشقة، فمتى حصلت المشقة جاز الجمع [ وقد تعرض الحاجة الشديدة للمسلم في الحضر، كالخوف على نفس أو عرض أو مال فيباح له الجمع ] وهو في بلده [ فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في الحضر مرة لغير مطر، قال ابن عباس رضي الله عنه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر، والمغرب والعشاء ) ] أي: ثمان الظهر والعصر، والسبع المغرب والعشاء [ وصورته أن يؤخر الظهر ويقدم العصر لأول وقتها، ويؤخر المغرب ويقدم العشاء لأول وقتها؛ وذلك لاشتراك الصلاتين في وقت واحد ] فالظهر والعصر مشتركان في الوقت، والمغرب والعشاء كذلك.

    1.   

    صلاة المريض

    [ ثالثاً: صلاة المريض: إذا كان المريض لا يقدر على القيام مستنداً إلى شيء صلى قاعداً، وإذا عجز عن القعود صلى على جنبه، وإن عجز صلى مستلقياً على قفاه، ماداً رجليه إلى القبلة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ] إذا ركع أو سجد [ وإن عجز عن الركوع والسجود أومأ إيماء ] فقط برأسه أو بعينيه [ ولا يترك الصلاة بحال؛ لقول عمران بن حصين رضي الله عنه: ( كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: صل قائماً، فإن لم تستطيع فقاعداً، فإن لم تستطع فصل على جنبك، فإن لم تستطع فمستلقياً ) ] ويجعل رجليه إلى القبلة [ ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ].

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم صلاة المريض العاجز عن الحركة

    السؤال: إذا كان المريض لا يتحرك فهل له أن يصلي بعينيه. أي: يغمضها ويفتحها؟

    الجواب: قد أجبنا عن السؤال، إذا كان لا يستطيع قائماً ولا قاعداً ولا على جنب ولا مستلقياً فيصلي بالإيماء بعينيه. نعم.

    حكم السبحة

    السؤال: لقد سمعت أنكم عثرتم على كتاب يتكلم عن السبحة، وقلتم: الأفضل أن يتجنبها، فما رأيكم في هذا؟

    الجواب: هذا يعقب علي، حسبنا الله ونعم الوكيل، أنا والحمد لله -حتى يتوفاني الله- كلما أجد علماً آخذ به وأعمل به، ولا أقول: أنا عالم ولا أقبل، أو مضت القرون وأنا كذا وكذا، والله ما نجد علماً صحيحاً إلا ونعمل به، ولو غداً إن شاء الله، ومن هنا أنكرت على أصحاب المسابح منذ أكثر من خمسين .. من أربعين سنة، وقلنا: هذه المسابح بدعة، ولكن مع هذا إذا خلت مسبحتك من أربعة عيوب فلا بأس، ليس فيها أجر ولا إثم، وهذه العيوب هي:

    أولاً: أن يكون في السبحة صليب كصليب النصارى، فهذه لا يحل حملها، ولا أن تأخذها بيدك، ولا تجعلها في جيبك، فهم يعملون فيها حبتين متقابلتين هكذا وهكذا، وهذا شكل الصليب، وهذا عيب من أكبر العيوب؛ إذ أنك تحمل صليباً في يدك وتسبح به! والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا وجد صليباً في ثوب نقضه بأسنانه، أقسم بالله أنه ينقضه بأسنانه، فلا بد من كسر حبة من الحبتين.

    ثانياً: أنهم يحلفون بها ويقولون: بحق هذه، وهذا شرك، فلا حلف إلا بالله، فمن أراد أن يحلف فليحلف بالله أو ليسكت، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يحلف بغير الله أبداً، وهم يحلفون بالطعام واليوم والليلة وحتى المسبحة. وهذا شرك والعياذ بالله. ومن كان جاهلاً فيجب أن يتعلم.

    ثالثاً: أن يعلقها في عنقه، ويتظاهر بأنه من الذاكرين. وهذا الرياء ممقوت ومبغوض لله، فلا تراء بعملك، فهذا عمل خير ويجب أن يكون سراً.

    وبعضهم يحرك حبات السبحة في يده ويتحدث ويظن أنه يذكر، ويتحدث ويذكر، والعياذ بالله.

    فإن سلمت المسبحة من هذه العيوب الأربعة واتخذت آلة للعد وكان لك ورد وما استطعت أن تأتي به إلا بهذه فإن شاء الله لا بأس، وبقينا على هذه الحال عشرات السنين.

    وقبل أسبوع صدر كتاب: الدعاء المستجاب، أو صحيح الدعاء، فوجدت المؤلف ذكر عيوب السبحة، وأنها من عمل اليهود والنصارى والمجوس، والإسلام ما كان له مسبحة أبداً، والرسول وجد امرأة تسبح بحصى فقال: أصابعك أولى، فترجح أننا نسبح بأصابعنا أولى، فرمينا المسبحة وأصبحنا نأتي بالورد بالأصابع، فأستغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنات مائة مرة كل ليلة، ونستغفر لكم وأنتم أموات وأحياء، وأستغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات مائة مرة، وأصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة، هذا الورد اليومي، فنستعمل أصابعنا بدون حرج ولا كلفة، فرمينا المسبحة وسبحنا بأصابعنا. فمن خلصت سبحته من العيوب فيجوز أن يستعملها، وتركها أولى، وأصابعك أولى من حبات سبحتك.

    حكم من ترك طواف الوداع

    السؤال: وهذا آخر سؤال، يقول: نحن مجموعة ذهبنا من منى إلى مكة لأداء طواف الوداع، فلما وصلنا وجدنا زحاماً شديداً، فسافرنا ولم نطف، فهل علينا شيء؟

    الجواب: هذه القضية ذكرناها غير ما مرة وقلنا: طواف الوداع ليس بفرض، فمن تركه لعذر من الأعذار كالحيض أو المرض أو الضيق أو كذا لا حرج، وأما من يتركه متعمداً وهو قادر عليه فينبغي أن يذبح شاة في مكة؛ لأنه ترك هذا الواجب، هذا قد بيناه غير ما مرة، والرسول لما حاضت عائشة قال لأخيها: ( اخرج بها واعتمر من التنعيم )، لما سألته فقال: كذا، قالت: لا، أنا طفت الإفاضة، قال: ( ما دمت أفضت فلا حرج ).

    وأخيراً أسأل الله تعالى أن يفتح علينا وعليكم، وأن يغفر لنا ولكم، ويرحمنا وإياكم، وأن يتوفنا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718711

    عدد مرات الحفظ

    765166947