التيمم مشروع بالكتاب والسنة لمن لم يجد الماء بعد طلبه أو كان يخشى باستعماله زيادة المرض، وفروض التيمم: النية، وأن يكون الصعيد الطيب طاهراً، وأن يمسح الوجه والكفين بضربة واحدة، ونواقضه هي نواقض الوضوء، كذلك المسح على الخفين مشروع بأحاديث كثيرة، وله شروط يجب مراعاتها، وسنن ينبغي المحافظة عليها.
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء، ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد انتهى بنا الدرس إلى الفصل الخامس من العبادات ألا وهو [ الفصل الخامس: في التيمم: وفيه ثلاث مواد: المادة الأولى: في مشروعيته ولمن يشرع له ] فالمادة الأولى بواسطتها نعرف أن التيمم شرعه الله عز وجل لمن كان أهلاً له كالمريض أو الجريح أو ما إلى ذلك.
مشروعية التيمم
ثانياً: لمن يشرع التيمم؟
[ ثانياً: لمن يشرع؟ ]
قال: [يشرع التيمم لمن لم يجد الماء بعد طلبه] أولاً يطلبه يمينا..ً شمالاً.. وراء.. أماماً، فإذا لم يجده وجب التيمم [ طلباً لا يشق على مثله] لأن الشاب يستطيع أن يمشي مسافة أربعة كيلو أو خمسة كيلو ليأتي بالماء، وأما الشيخ الكبير فلا يستطيع أن يمشي كيلو متر واحد، فهو بحسب قدرة من فقد الماء، إذ عليه أن يطلبه في حدود طاقته، فإذا كان يشق عليه وعجز تيمم وصلى.
أما إذا كان الماء غير موجود ولم تطلبه، ولم تسأل شخصاً أو جماعة عن وجوده عندهم، بل تسكت وتقول: ما وجدت الماء، وتيممت، فهذا لا يصح، إذ لا بد من الطلب في حدود طاقتك، كل يطلبه بحسب طاقته.
قال: [ أو وجده ] أي: وجد الماء [ولم يقدر على استعماله لمرض ] إما لجراحات في جسمه، وإما لعجز كامل، لا يستطيع أن يأخذ الماء ويغسل يديه ورجليه، فالماء موجود لكنه عجز عن استعماله [ أو كان يخشى باستعماله زيادة المرض ] يخشى إذا استعمله أن يزيد مرضه [ أو تأخير البرء ] أي: الشفاء، كما في الجراحات [ أو كان لا يقدر على الحركة، ولم يجد من يناوله إياه ] كحال العاجز المريض فإنه يتيمم.
[ وأما من وجد قليلاً من الماء لا يكفيه لطهره كله؛ فإنه يتوضأ به ] أي: بذلك القليل من الماء [ في بعض أعضائه، ثم يتيمم لما بقي ] وجد أقل من حفنة ماء، يغسل بها وجهه -مثلاً- ثم يتيمم للباقي، فإذا لم يكف الماء للوضوء يتيمم للباقي.
أو توضأ بالماء وبقيت رجلاه غير مغسولتين فإنه يتيمم لهما.
أو توضأ وغسل رجله اليمنى وانتهى الماء ولم يغسل رجله اليسرى تيمم لها؛ لأن الوضوء لابد وأن يشمل الأعضاء المذكورة كلها كما في الآية: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] [ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ] أي: أطيعوا الله في حدود طاقتكم.
[ المادة الثانية: في فروض التيمم وسننه ] التيمم كالصلاة والوضوء، له فروض وسنن، ولا بد من ذلك [ أولاً: فروضه: فروض التيمم هي:]
أولاً: النية
[ أولاً: النية؛ لخبر: (
إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) ] الغسل، التيمم، الوضوء، الصيام، الصلاة.. الأعمال كلها متوقفة على النية [ فينوي المتيمم استباحة الممنوع من صلاة ونحوها ] النية: القصد والعزم. ينوي جواز الممنوع الذي كان ممنوعاً عنه من صلاة ونحوها كمس المصحف أو الطواف [ بفعله التيمم ] ينوي بقلبه أنه لما يتيمم يباح له ما كان ممنوعاً عنه، كقراءة القرآن إذا كان جنباً، وكمس المصحف، والطواف.. وما إلى ذلك.
ثانياً: الصعيد الطاهر
[ ثانياً: ] الفرض الثاني [ الصعيد الطاهر ] وهو ما صعد على الأرض [ لقوله تعالى:
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] ] أي: اقصدوا صعيداً طيباً، لا بد وأن يكون الصعيد طاهراً، فلو كان التراب فيه نجاسة كبول أو دم أو خراء لا يصح التيمم به، كذلك الحجر إذا كان فيها وسخ لا يصح استعمالها؛ لقول الله تعالى:
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] والطيب هو الطاهر النقي.
ثالثاً: الضربة الأولى
[ ثالثاً: الضربة الأولى؛ وهي وضع اليدين على التراب ] الضربة الأولى على التراب أو الصعيد فرض.
رابعاً: مسح الوجه والكفين
[ ثانياً: سننه: سنن التيمم هي:]
ترك سنة من سنن التيمم نسياناً أو غفلة لا يضر، فالتيمم صحيح، بخلاف من ترك فرضاً من فروض التيمم.
أولاً: التسمية
[ أولاً: التسمية، هي قول بسم الله؛ إذ هي مشروعة في كل عمل ذي بال ] كلمة بسم الله مشروعة في الأكل فضلاً عن التيمم، مشروع لك في كل عمل أن تقول: بسم الله.
ثانياً: الضربة الثانية
[ ثانياً: الضربة الثانية؛ إذ الأولى فرض وتكفي فيه، والثانية سنة ] لحديث
ابن عمر رضي الله عنه السابق، فالضربة الثانية للذراعين مشروعة وسنة من سنن التيمم.
ثالثاً: مسح الذراعين مع الكفين
[ثالثاً] أي: ثالث السنن [ مسح الذراعين مع الكفين؛ إذ لو اقتصر على مسح الكفين لأجزأه] وكفاه [ وإنما يمسح الذراعين احتياطاً؛ وذلك للخلاف في معنى اليدين في الآية ]
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] هل المراد باليدين الذراعين كالوضوء أو الكفين فقط؟ الآية تحتمل هذا وذاك [ هل هما الكفان وحدهما، أو هما مع الذراعين إلى المرفقين؟ ] ولهذا فإن مذهب
مالك هو المسح على الذراعين، وهو مروي عن
ابن عمر ، ونحن كما تعرفون ما نريد أن نحمل الناس على مذهب معين، نريد أن نمشي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: سنن التيمم:
أولاً: التسمية، فمن لم يقل: بسم الله، لا يبطل؛ لأنها ليست فريضة.
ثانياً: الضربة الثانية، من لم يفعلها لا يبطل تيممه.
ثالثاً: مسح الذراعين، من لم يمسحهما لا يبطل التيمم.
ودليل المسح على الذراعين العموم في الآية: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ، ودليل المسح على الكفين فقط حديث عمار ، فمن اكتفى بالكفين وقال: بسم الله أجزأه، ويكون مطمئناً، لأنه أتى بالفريضة، ومن ضرب ضربة ثانية، ومسح كفيه وذراعيه أجزأه ذلك، وهي سنة؛ خروجاً من الخلاف.
[ المادة الثالثة: فيما ينقض التيمم، وما يباح به:
أولاً: ما ينقض التيمم: ينقض التيمم شيئان: ] ينقض التيمم ويبطله ويفسده على صاحبه أمران:
أولاً: كل ما ينقض الوضوء
[ أولاً: كل ما ينقض الوضوء؛ إذ هو بدل عنه ] كل ما ينقض الوضوء من فساء، من ضراط، من بول، من مس امرأة بشهوة.. كل ما يفسد الوضوء وينقضه يفسد التيمم، تيمم وفسا أو ضرط بطل تيممه، لأن التيمم بدل عن الوضوء ونيابة عنه.
ثانياً: وجود الماء لمن عدمه قبل أن يدخل في الصلاة أو أثناءها
[ ثانياً: وجود الماء لمن عدمه قبل أن يدخل في الصلاة أو أثناءها ] أما من وجد الماء بعد أن صلى لا يعيد صلاته، لكن إذا تيمم وأحد أتى بالماء، أو تيمم ودخل في الصلاة وقيل له: ها هو الماء، أو شاهد الرجل وهو يحمل الماء بطلت الصلاة، أما إذا فرغ من صلاته وجاء الماء فلا يضره وجوده، وإن أراد أن يعمل مستحباً فالاستحباب مشروع، فيعيد الصلاة؛ لأن وقتها ما خرج، لو خرج وقتها ما يعيد أبداً [ أما إذا فرغ من الصلاة فقد صحت صلاته، ولا إعادة عليه إن وجد الماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (
لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ) ] هذه قاعدة عامة، فيكره أن تصلي العصر مرتين، أو الظهر مرتين، أو المغرب مرتين، أو العشاء مرتين، أو الصبح مرتين؛ لهذا النص إلا إذا فاتتك الجماعة، فصليت منفرداً ووجدت جماعة تصلي يستحب أن تصلي معهم، فإعادتك الصلاة معهم أفضل لتحصل على فضل الجماعة، فهذا مستثنى من حديث: (
لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ).
أما إذا فسدت صلاتك الأولى فتصلي للمرة الثانية وحتى العاشرة، وهذا كلام مفروغ منه، صلى صلاة باطلة يجب أن يصلي ولو خمس صلوات حتى يصلي الصلاة الصحيحة، لكن إذا كانت الصلاة صحيحة لا يعيد الصلاة مرتين.
[ ثانياً: ما يباح بالتيمم ] أي شيء يباح بالتيمم؟
قال: [ يباح بالتيمم كل ما كان ممنوعاً قبله] أي: قبل التيمم [ من صلاة، أو طواف، أو مس مصحف، أو قراءة قرآن، أو مكث في مسجد ] الجنب لا يحل له أن يجلس في المسجد، لكن إذا ما استطاع أن يخرج من المسجد لمرض أو فيه جراحات يتيمم ويمكث في المسجد.
[ المادة الرابعة: في كيفية التيمم:
كيفية التيمم هي: أن تقول: بسم الله ] ليس معنى هذا أن تعلي صوتك بقولك: بسم الله [ ناوياً ] بقلبك [ استباحة ما يتيمم له بفعل التيمم، ثم يضرب بكفيه وجه الأرض من تراب، أو رمل، أو حجارة، أو سبخة ونحوها، ولا بأس أن ينفض الغبار من كفيه نفضاً خفيفاً ] يجوز هذا [ ثم يمسح وجهه مسحة واحدة، ثم يضرب إن شاء بكفيه الأرض، فيمسح كفيه مع ذراعيه إلى المرفقين إن شاء، وإن اقتصر على الكفين أجزأه ] لو كنا مالكية فقط لقلنا: ما يصح إلا أن تمسح ذراعيك، ولو كنا حنابلة فقط لقلنا ما يصح إلا أن تمسح الكفين فقط، والحمد لله بعث الله رسوله، وأنزل كتابه، وأوصانا بالاقتداء به واتباعه، وأئمتنا رضوان الله عليهم، ورحمة الله عليهم، ما ألزمونا باتباع مذهب معين أبداً، بل قالوا: لا تخرجوا عن الكتاب والسنة، أما المذاهب الخارجة عن الإسلام فلا وزن لها عند الله، ولا يلتفت إليها، لكن خلاف بين مالك والشافعي وأبي حنيفة لا يؤثر علينا، ولا يوجد الفرقة بيننا أبداً، ونحن إخوان؛ ولهذا نجمع أقوال الأئمة.
والحمد لله! قبل ستين أو سبعين سنة لو قدم منهاج المسلم للناس لا يقرءونه ليتعلم منه، بل للمطالعة فقط، الحنفي يقول: أنا حنفي، المالكي يقول: أنا مالكي، الشافعي يقول: أنا شافعي، الحنبلي يقول: أنا حنبلي.. ووضعوه على الطاولة، لكن لما فتح الله القلوب والعيون، وعرفت الأمة طريق النجاة وسبيل السعادة، وهو العمل بكتاب الله وسنة رسوله، والمشي وراء أئمة الإسلام الهداة الذين بينوا لنا أصبحت كلمتنا واحدة، ومذهبنا واحداً.
[ تنبيه] أخير [سؤال وجوابه: السؤال: هل يصلى بالتيمم الواحد عدة صلوات إذا لم ينتقض تيممه؟ ] تيممت فصليت الظهر، هل أصلي العصر بهذا التيمم أو المغرب أو العشاء؟ أما إذا انتقض ببول أو بفساء فحكمه كالوضوء، ليس فيه خلاف [ الجواب: في المسألة خلاف منشؤه اجتهاد أهل العلم؛ إذ لم يوجد نص صريح في المسألة يثبت أحد جانبيها ويبطل الثاني، والاحتياط يقضي بالتيمم لكل صلاة ] لأنك إذا تيممت للمغرب وبقيت على تيممك إلى العشاء، أو تيممت للظهر وبقيت على تيممك إلى العصر، فإن في هذا كلفة، في حين أن التيمم شرع في الوقت الذي ما وجدت الماء فيه، لو كنت في الصلاة وجاء أحد بالماء بطلت الصلاة، فكيف تتيمم من الظهر بفقدان الماء وتبقى على تيممك إلى العصر؟ فقد يأتي الماء في العصر.
والخلاصة: المسألة خلافية بسبب اجتهاد أهل العلم، والاحتياط أنك تتيمم لكل صلاة، إلا إذا كنت مسافراً وجمعت بين الظهر والعصر فتيممت للظهر فإنه يكفي لأن تصلي به العصر، لأنه لا يوجد وقت تجد فيه الماء، لأنك مسافر أو مريض، وكذا إذا تيممت للمغرب تصلي به العشاء، لأن وقت الصلاتين في حقهما وقت واحد، وكما يصح أن تتيمم للظهر وتصلي النافلة قبله وبعده، يصح أن تتيمم للمغرب وتصلي الست الركعات النافلة بعد المغرب، ولا حرج.
-
مشروعية المسح على الخفين والجبائر
[ الفصل السادس: في المسح على الخفين والجبائر ] والجبائر جمع جبيرة وهي التي تكون على الجرح [ وفيه ثلاث مواد: المادة الأولى: في مشروعية المسح على الخفين والجبائر: مشروعية المسح على الخفين وما في معناهما من الجوربين والموقين والتساخين ] وعند المغاربة التقاشير؛ لأن من لبسها يقشر من رجله، ولا عبرة بالأسماء، فكل من لف على رجليه موقاً.. جورباً.. تقشيراً له أن يمسح فوقه [ ثابتة بالكتاب والسنة ] أي: المسح على هذه الأشياء [ أما الكتاب فقد قرئ قوله تعالى: (وأرجلِكم) بالجر عطفاً على
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6] فدل هذا على جواز المسح ] وهنا مسألة علمية: إخواننا الروافض يأخذون بهذه القراءة، ويمسحون أرجلهم طوال العام، لا يغسلون أرجلهم أبداً، وأهل السنة والجماعة قالوا: إن الرسول الكريم المشرع قضى عشر سنوات في المدينة والله ما مسح على خفيه أبداً، بل يتوضأ فيغسل رجليه لكل صلاة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بالقرآن منا، وقد أخبرت رجلاً من الرافضة بذلك فاندهش. قلت له: عشر سنين والرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ ونساؤه والمؤمنون ويغسلون أرجلهم، كيف نقول: وأرجلِكم؟ هذه القراءة نزلت في الخفين، وهذا من تدبير الله عز وجل، ننتفع بهذه القراءة إذا كنا لابسين شيئاً مغطياً لأرجلنا نمسح فوقه [ وأما السنة فقد قال صلى الله عليه وسلم: (
إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما وليصل، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة ) ] وجاء مقيداً بثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم كما سيأتي [ وما فيه من إطلاق عدم التوقيت فإنه مقيد بحديث التوقيت الآتي].
قال: [ وأما مشروعية المسح على الجبائر ] جمع جبيرة، وهي ما يجبر بها الجرح أو الكسر في الرجل [ فإنها ثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم في الذي شج رأسه فغسل رأسه فمات، فقال: ( إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده ) ]
-
شروط المسح على الخفين وما في معناهما
[ المادة الثانية: في شروط المسح: يشترط في المسح على الخفين وما في معناهما ] كالجوربين [ ما يلي:]
أولاً: أن يلبسهما على طهارة
أولاً: أن يلبسهما على طهارة ] تلبس الشُرّاب على طهارة [ لقوله عليه الصلاة والسلام
للمغيرة بن شعبة لما أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل رجليه في وضوئه: (
دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) ] اتركهما فإني أدخلتهما طاهرتين، هذا شرط لا بد منه، فلا تمسح على الشرّاب إلا إذا لبستهما وأنت على وضوء، وإذا انتقض وضوءك بعد ذلك فامسح.
ثانياً: أن يكونا ساترين لمحل الفرض
[ ثانياً: أن يكونا ساترين لمحل الفرض ] لا بد أن يكون الشرّاب ساتراً لمحل الفرض، أما في نصف الرجل فقط أو ثلثها ما ينبغي، لا بد أن يكون ساتراً للرجل إلى الكعب، ومحل الفرض هو الرجل بكاملها من الكعبين إلى الأصابع.
ثالثاً: أن يكونا سميكين لا تبدو البشرة من تحتهما
[ ثالثاً: أن يكونا سميكين لا تبدو -لا تظهر- البشرة -الجلد- من تحتهما ] إذا كان خفيفاً بحيث تنظر البشرة تحته ما ينفع، لا بد أن يكون ساتراً مغطياً.
رابعاً: أن لا تزيد مدة المسح على يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر
خامساً: ألا ينزعهما بعد المسح
[ خامساً: أن لا ينزعهما بعد المسح، فلو نزعهما وجب عليه غسل رجليه وإلا بطل وضوءه ] توضأ ولبس الشرّاب وصلى الظهر ثم نزع الخفين ثم لبسهما، فإذا أراد أن يتوضأ مرة أخرى لا يمسح على الخفين، إلا إذا غسل الرجلين بعد نزع الخفين على الفور وإلا بطل الوضوء، فإما أن يغسل رجليه على الفور، أو يتوضأ من جديد.
سادساً: أن تكون الجبيرة غير زائدة على محل الجرح إلا بما لا بد منه للربط
[ سادساً: وأما المسح على الجبيرة ] التي تجبر العظم [ فلا يشترط له تقدم طهارة ] فهذا معفو عن تقدم الطهارة، ولو وضعت عليه وهو غير طاهر صح [ ولا التوقيت بيوم ولا أكثر، وإنما يشترط له أن تكون غير زائدة على محل الجرح ] ليست طويلة أو عريضة، على قدر الحاجة [ إلا بما لا بد منه للربط، وأن لا تنزع من مكانها، وأن لا يبرأ الجرح ] إذا برئ الجرح لا يبقى على رجله رباط أو جبر [ فإن سقطت ] أي: الجبيرة [ أو برئ الجرح ] ما بقي فيه ألم [بطل المسح، ووجب الغسل ] غسل العضو.
[ تنبيهان:]
التنبيه الأول: جواز المسح على العمامة لضرورة برد أو سفر
[الأول: يجوز المسح على العمامة لضرورة برد أو سفر؛ لرواية
مسلم : (
أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ في سفره، فمسح بناصيته وعلى العمامة ) ] الجبهة هي الأولى، ثم يمسح الباقي على العمامة، والعمامة هي: كل شيء ملفوف على الرأس مستور به [ لكن مع مسح العمامة ] لا بد من [ مسح بعض الناصية ] لا بد أن يزيل العمامة حتى يبدو من الناصية شيء يمسح فوقه ويكمل المسح على العمامة وهي مشدودة كما هي [ كما في الحديث ].
التنبيه الثاني: لا فرق بين الرجل والمرأة في المسح على الخفين والجبائر وغطاء الرأس
[ ثانياً: لا فرق بين الرجل والمرأة في مسح الخفين والجبائر وغطاء الرأس كالعمامة ونحوها، فما جاز للرجل جاز للمرأة على حد سواء ] ولا فرق.
[ المادة الثالثة: ] والأخيرة [ في كيفية المسح ] كيف نمسح؟
قال: [ كيفية المسح على الخفين هي: أن يبل يديه، ثم يضع باطن كفه اليسرى تحت عقب الخف ] يمر بكفه اليسرى إلى الأصابع، وباليمنى إلى الساق، هذه الصورة حسنة واردة في السنة [ وكف اليمنى على أطراف أصابعه، ثم يمرر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف أصابعه، ولو مسح أعلى الخف دون باطنه لأجزأه؛ لقول علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ] لو مسح أعلى الخف فقط أجزأه وكفاه، وإن أراد أن يمسح أعلى الخف وباطنه فإن ذلك سنة.
والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما نسمع.