إسلام ويب

نداءات الرحمن لأهل الإيمان 66للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأمر بدأ فيه بنفسه، ألا وهو الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فالصلاة على النبي شأنها عظيم، ولو لم يكن لها هذا الشأن لما بدأ الله فيه بنفسه، ثم ثنى بأمر ملائكته بذلك، ثم أمرنا أخيراً به، وهذا الأمر لا يقتصر على مرة أو مرتين، وإنما يستمر ما استمرت بالعبد الحياة، وما امتد به العمر.

    1.   

    ملخص لما جاء في النداء السابق

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا مازلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

    وأذكر السامعين والسامعات بمضمون النداء الذي قرأناه أمس، وعرفنا ما فيه، ومضمونه كما علمتم في وجوب الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حرمة أذيته صلى الله عليه وسلم بأي أذى، وحرمة نكاح أزواجه صلى الله عليه وسلم. وهذا النداء هو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا [الأحزاب:53]. فهو في وجوب الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يدخل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم بدون إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أساء الأدب، والذي يطعم ويجلس فهو يؤذي الرسول، وقد أساء الأدب.

    قال: [ هذا وإليك أيها القارئ في هداية هذا النداء! ما يكون عوناً لك على السير في منهج الحق، والسير في الصراط المستقيم إلى أن تفوز بالنجاة من النار، ودخول الجنة دار الأبرار ] وهذا كالخلاصة لما يدل عليه هذا النداء، وهو كالتالي:

    [ أولاً: بيان ما ينبغي أن يلتزمه المؤمن من الآداب في الاستئذان والدخول على البيوت ] مطلقاً. وقد علمنا أن هذا النداء هو الذي أوجب الحجاب، وبه شرع الحجاب، ولم يكن المؤمنون يتورعون أو يبتعدون عن رؤية المؤمنات، حتى نزلت هذه الآية في السنة السادسة، ففرض الله الحجاب. إذاً: فلنعلم يقيناً أنه لا ينبغي للمؤمن أن يدخل بيت النبي أو بيت أبي بكر أو بيت السامعين إلا بإذن، فإن دخل بدون إذن فقد آذاهم، ولا يحل أذية المؤمن.

    [ ثانياً: بيان كمال الرسول صلى الله عليه وسلم وآدابه العالية، وخلقه العظيم، حتى إنه ليستحيي أن يقول لضيفه: ] فلان! لقد طعمت فـ [ اخرج من البيت قد انتهى الطعام ] فقد كانوا يطعمون في بيته، ثم يستعذبون الحديث في بيت النبوة، والرسول بينهم وهو يتألم من جلوسهم بعد الأكل، ويستحي أن يقول: لقد طعمتم فانتشروا، حتى أنزل الله هذه الآية، وفيها: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53]. فإذا طعمتم فانتشروا إلى أعمالكم ودياركم، ولا مستأنسين لحديث في بيت الرسول.

    [ ثالثاً: تقرير صفات الله تعالى وإثباتها في القرآن والسنة؛ إذ وصف تعالى نفسه بأنه لا يستحيي من الحق، وعليه فلنصف الله تعالى بما وصف به نفسه ] في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم [ ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا غير ] فنقول: إن الله لا يستحيي من الحق، فافعلوا كذا وكذا، ولا حرج، ولا يستطيع مؤمن أن يقول: لا تصف الله بالحياء، والاستحياء. فهذا اللفظ فيه تقرير وجوب إثبات صفات الله عز وجل، والإيمان بها وإجلالها واحترامها.

    وصفات الله وأسماؤه مودعة في كتابه عز وجل [ فلا نصف الله تعالى بما لم يصف به هو نفسه، ولا بما لم يصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ننكر صفاته أو نؤولها هروباً من وصفه بها، كما هو شأن المعتزلة والأشاعرة في الغالب ] فقد أخبرنا الله عز وجل بقوله: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1]. فلا نقول: بقدرته الملك، وإنما بيده الملك، فلا يحل تأويلها بالقدرة، ولا يحل أبداً تأويلها بأي صفة أخرى. وقد أخبر تعالى عن نفسه أنه سيجيء إلى ساحة الفصل في القضاء، فقال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22]. فلا يحل لمؤمن أن يخالف، ويؤول المجيء بمجيء ملائكته؛ لأنه يخبر عن نفسه بقوله: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22]. إذاً: فما وصف الله تعالى به نفسه يجب أن نؤمن به، وأن نصفه به، وما لم يصف به نفسه لا يحل لذي دين أو عقل أن يصف الله به، ولا أن يصفه بصفة لم يصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وعلى سبيل المثال -وأستغفر الله-: لا يجوز أن نقول: الله الطويل، ولا ذو الباع الطويل، ولا يحل هذا الكلام، وإنما نصفه بما وصف به نفسه، مثل المجيء والأخذ والعطاء، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من تصدق صدقة كان إنما يضعها في كف الرحمن، فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو مهره ). فنؤمن بكف الرحمن بلا كيف، ولا مجال لكيف؛ إذ ذات الله عز وجل لا تدرك كنهها، بل نؤمن بذات الله بلا كيف، فهذا لا يحل أبداً، بل حتى التفكير في ذات الله حرام. فتفكروا في مخلوقاته، ولا تفكروا في ذاته؛ لأنكم عاجزون قاصرون عن إدراك ذات الله عز وجل. وأما الصفات التي وصف بها نفسه، فيجب أن نصفه بها، ويحرم تأويلها بصفات ومعانٍ أخرى.

    [ رابعاً: حرمة أذية الرسول صلى الله عليه وسلم في نفسه أو في آله، أو في أهل ملته من المؤمنين والمؤمنات ] فالذي يؤذي المؤمنين والمؤمنات قد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أمته وأتباعه، فإذا آذيتهم فقد آذيته.

    [ خامساً: بيان أن الإنسان لا يخلو من خواطر السوء إذا تكلم مع المرأة أو نظر إليها ] وقد شرحنا أمس هذه القضية. فلا يسلم المرء الآدمي إذا تكلم مع أجنبية ليست من محارمه من خواطر السوء، بل لا بد أن يخطر في قلبه باطل أو منكر أو سوء، فلهذا كي تسلم من خواطر السوء لا تتكلم مع الأجنبية، إلا لضرورة وفي حدود محدودة كما بينا بالأمس، بلا استطراد ولا تقديم ولا تأخير ولا غير ذلك، بل كلمة واحدة بقدر الحاجة، مثل: من؟ كيف؟ خذ، ذهب.

    وقلت: إن الذين ينكرون هذا هم جهلة لم يعرفوا، وأقول لهم: الطيار الذي يريد أن يرتفع إلى السماء يعد له أهله لباسه وطعامه وكل شيء حتى يصبح في القمر، ولا يمشي هكذا بلباسه وأكله، بل يعدونه إعداداً خاصاً. ونحن معدون لأن نطلع إلى السماء، ونخترق سبع سماوات، ولن نطلع كسائر الناس، فهذا مستحيل، بل لا بد إذن من تطهير هذه النفس البشرية. وقد غرز الله هذه الغرائز فينا، وهي أن الذكر والأنثى إذا تلاقيا يحدث بينهما خواطر سيئة تصيب النفس بالظلمة، أو تؤدي إلى الفاحشة والدمار؛ ولذلك حرم الله هذا، ولا نقبل أي رأي أو توجيه من هؤلاء البشر، والله يقول: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]. وهؤلاء هن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت تقول: ليس هناك شيء إذا تكلم معها، بل علماء يقولون هذا الكلام، فهم يقولون: ليس هناك شيء إذا تكلم معها، فهو لن يأكلها! ونقول: نعم، هو لن يأكلها، أو يمتص دمها، أو يصيبها بجنون، ولكنه تتأثر نفسه، وهي كذلك، والعبرة بالنفس لا بالبدن الساقط الهابط الذي يحترق. والعلة كما قلنا: أنهم ما عرفوا؛ ولذلك يتكلمون بالأهواء والظنون، أو يرددون كالببغاوات أقوال الكافرين والملاحدة. وقد قال الله في هذا النداء: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]. ومن رد على الله كفر.

    وكذلك الإنسان لا يخلو من خواطر السوء إذا نظر إلى المرأة، كالذي يجلس أمام التلفاز والفيديو يشاهد عاهرة تغني وترقص، ولا نقل: إن هؤلاء أولياء الله وأهله، وأهل السماء، وهم أطهار أصفياء، بل ينتقل ذلك المرض إلى نفوسهم فتخبث، ولولا عصمة الله لوقعوا في الفجور. ولا تقل: ليس في هذا شيء؛ لأن اليهود والنصارى والمشركون يغنون ويرقصون في بيوتهم، بل في المراقص والمقاصف؛ لأن هؤلاء كفار أهل النار، فقد غضب الله عليهم وأسخطهم. وأنت تدعي أنك تريد مواكبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وتقول إنك: مسلم، وأنك تعتز بإسلامك، ثم تقف مواقف يخجل منها الآدمي، وتتعلل بشتى العلل.

    وأنا أقول هذا الكلام لأن الدنيا خمت بالخبث؛ نتيجة هذه الأباطيل والترهات. وقد كان المؤمن يعيش أربعين سنة لا ينظر إلى امرأة أجنبية، ثم أصبح كل ليلة مع الأجنبيات والعواهر، ويسمع ويشاهد ألوان الباطل، ثم يقول: إنه مازال مؤمناً، ومازال مسلماً. فهو إن مات على حسن الخاتمة فقد نجا، وقد يموت على سوء الخاتمة.

    [ سادساً: مشروعية الحجاب وفرضيته، وهو أنه لا يحل لغير المحرم أن يخلو بامرأة من غير محارمه، أو يتكلم معها بدون حجاب، إلا أن تكون عجوزاً لا تحمل ولا تحيض لكبر سنها ] أو كان لضرورة علاج، أو إنقاذ من نار، أو غير ذلك، وأما أن يجلس مع الأجنبية وينظر إليها ويتحدث معها بدون ضرورة فهذا والله الذي لا إله إلا غيره قد فسق وخرج عن طاعة الله ورسوله. وهذا لا يحل أبداً، وإن لم يمسها ولم يفجر بها.

    قال: [ فاذكر هذا أيها المؤمن، ولا تنسه، واعمل به، وعلمه غيرك؛ فإنه علم واجب ونافع. والله المستعان، وعليه التكلان. وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ] هذا نداء أمس، وهو النداء الثالث والستون.

    هذه نداءات الله الرحمن خالقنا ورازقنا، ورافع السماء فوقنا، وباسط الأرض لنا، وهو الذي زين السماء بالكواكب، وأوجد الشمس والقمر، وأنطقنا - وإلا لما نطقنا- وأسمعنا - وإلا لما سمعنا- هذا هو الله جل جلاله، رب محمد، وهو ينادينا بالقرآن؛ ليشرفنا ويعلي من شأننا؛ لأننا أولياؤه المؤمنون المتقون، فلنفرح بنداءاته ولنسر بها، ولنجتمع عليها.

    ولما نسمع بالبلاء، وما يتم بيننا وفي العالم من شر وظلم وخبث وفساد لا مثيل له والله فلا تقل: اليهود والأمريكان سبب ذلك، ولا النصارى ولا غير ذلك، وإنما هو الجهل، وعدك معرفة المسلمين ربهم معرفة حقيقية. فهم يذكر لهم حبه وخوفه، وهم لم يخافوه ولا أحبوه، وهم لن يطيعونه إذا لم يخافوه ويحبوه، ولذلك انتشر أنواع الظلم والخبث والشر والفساد في العالم الإسلامي، وكذلك الفتن والبلايا، وسبب هذا الجهل. فهم يزعمون أنهم مواطنون، وأن هؤلاء أخوانهم، ثم يفجر بعضهم بنساء بعض، ويمزق بعضهم أعراض البعض، ويأكل بعضهم أموال بعض ودماءهم. وليس علة هذا أمريكا، ولا اليهود، ولا الماسونية، ومن قال هذا فكلامه هراء. وأنت لا عذر لك عند الله، إلا إذا أخذك اليهودي وغمسك وأنت كاره في الفجور، فهنا نعم تكون معذوراً، أو إذا أخذك النصراني بالحديد والنار وقال: اسجد لهذا الصنم، فهنا تعذر، وأما أن نكون نحن منغمسون في الباطل ثم نقول: الغرب والشرق فعيب هذا الكلام.

    فمثلاً: إذا سمعت أن الدش ينقل المنكرات والفواحش والأباطيل فإن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فوالله ما دخل بيتك، وإن كنت جاهلاً ثم سمعت هذا فمزقه وارمه في الشارع، لا أن تنصبه، ولو كتبنا كتاباً عنه وقرأه يهودي لبكى منه، وأنت أمام الرسول تتبجح به، وتلهو إلى الآن. وليس هذا هو الإسلام، ولا هذه صفات المسلمين، وسيأتي يوم يكشف الله فيه الغطاء، وتتجلى فيه حقائق الحياة.

    1.   

    وجوب الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

    هذا هو [ النداء الرابع والستون ] ومضمونه وفحواه والمطلوب منه [ وجوب الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ] فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة حتمية، ومن قال: لن أصلي عليه فقد كفر؛ لأنها فرضها الله وأوجبها.

    وهيا نتغنى دقائق بهذه الآية، وهي آية واحدة.

    قال: [ الآية (56) من سورة الأحزاب

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] ].

    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    [ الشرح ] لهذا النداء الكريم: [ اعلم أيها القارئ الكريم! أن هذا النداء الكريم له أهميته وشأنه العظيم، وحسبك ] ويكفيك [ أن ما أمر الله تعالى به عباده المؤمنين كان قد فعله ] هو [ سبحانه وتعالى قبل أن يأمر به عباده ] فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذات شأن عظيم، وحسبك أن الله صلى عليه بنفسه أولاً، ثم صلى عليه ملائكته، ثم أمرنا نحن، ولو لم يكن هذا الأمر عظيماً لكان بدأ بنا، ولكنه بدأ بنفسه أولاً، ثم ملائكته، ثم أمرنا نحن [ إذ قال تعالى قبل هذا النداء: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56] ] ثم نادانا فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. اللهم صل على محمد وسلم تسليماً [ فأخبر أنه هو تعالى وملائكته يصلون على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ] وهذا ليس مرة واحدة، بل صلوا عليه وسلموا تسليماً على مدى الحياة كلها، فلنكن كذلك، نصلي عليه ما بقيت لنا حياة. وفسرنا النبي أنه محمد؛ لأنه قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]. والأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفاً، وقد علمنا أنه محمد صلى الله عليه وسلم هو صلى الله عليه وسلم [ فأين نحن أيها المؤمنون! من عظمة الله تعالى، وكمال ملائكته وطهارتهم، وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم؟ إذاً: فأمره تعالى لنا بالصلاة على نبيه شرف عظيم لنا، وكرامة تفوق كل كرامة في هذه الحياة ] وأنت لو يأتيك مرسوم ملكي يقول لك: قد انتخبناك أمير مجلسنا لطرت بلا جناحين، وهذا الموقف مع إنسان فقط، فكيف مع الله عز وجل؟!

    قال: [ أما المصلى والمسلم عليه فلا نسأل عن كرامته وعلو درجته وسمو مقامه؛ فإنا لا ندرك ذلك، ولا نقوى على تصوره. فاللهم صل وسلم عليه ما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون ].

    معنى صلاة الله وصلاة الملائكة وصلاة المؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    قال: [ والسؤال الآن ] معاشر المستمعين والمستمعات! [ هو: ما معنى صلاة الله تعالى، وصلاة الملائكة، ثم صلاتنا نحن المؤمنين على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ] ويجب أن نعرف معناها؛ لأنا إذا لم نفهم معناها ورددناها فقط كالببغاوات فإن أجرها يكون قليلاً جداً، وقد ينعدم، فلا بد من العلم [ والجواب كالآتي ] واكتبوه في قلوبكم:

    [ أولاً: صلاة الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم معناها: ثناؤه تعالى ورضوانه عليه ] فإذا صلى الله على النبي صلى الله عليه وسلم في الملكوت الأعلى فقد أثنى عليه بالخير، ورضي عنه، ويضفي عليه رضوانه. فثناء الله عليه ورضوانه عليه هذا معنى صلاة الله على النبي. فلنحفظ هذا. ولذلك يقال: رضي الله عنهم، ورضوان الله عليهم.

    [ ثانياً: صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم دعاؤهم له واستغفارهم له ] وليس أنهم يركعون ويسجدون له، بل صلاة الملائكة على النبي صلى الله عليه وسلم هي أنهم يدعون الله تعالى له بم يحب أن يصل إليه من الخير والكمالات، ويستغفرون له.

    [ ثالثاً: صلاة المؤمنين ] ونحن منهم على نبينا [ معناها: التشريف والتعظيم له صلى الله عليه وسلم ] فإذا قلنا: صلى الله عليه وسلم فقد شرفناه وعظمناه، ومن لم يصل عليه فهو لم يشرفه ولم يعظمه، بل قد أهانه واحتقره، فهو كافر؛ لأننا أمرنا أن نصلي عليه.

    حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    قال: [ ما حكم صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ] أهي واجبة أو مستحبة؟ [ والجواب: أنه الوجوب الحتمي، من لم يصل عليه ولو مرة في عمره هلك، وخسر بمعصيته هذه التي لا يتصف بها ولا يأتيها إلا من فارق الإيمان قلبه ] ولا يوجد مؤمن لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذ وجد هذا فهو ليس مؤمناً، بل هو كاذب في قوله: إنه مؤمن [ و] قد [ أصبح في عداد من لا يؤمن بالله ورسوله وكتابه. والعياذ بالله تعالى من هذه الحال ].

    1.   

    المواضع التي تتأكد فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    قال: [ وسؤال آخر: متى تتأكد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ ] فقد علمنا أنها واجبة حتمية [ والجواب: تتأكد في موضعين ] واسمعهما:

    أولاً: في التشهد الأخير في الصلاة

    قال: [ أولاً: في الصلاة، أي: في التشهد ] الأخير [ من كل صلاة نافلة أو فريضة ] بعد أن نحيي ربنا، ونصلي على نبينا، ونسلم على نبينا وعلى عباد الله الصالحين، ونعلن بين يدي الله عن شهادتنا نصلي عليه صلى الله عليه وسلم. وهذه الصلاة واجبة متأكدة، أي: عندما نقرأ التحيات بعد أن نفرغ من الركوع والسجود ونجلس بين يدي الرب تبارك وتعالى، وفي الحديث: ( إن الله ينصب وجهه لعبده في الصلاة ). ولا تسأل عن الكيفية، فالعوالم كلها يضعها الله في كفه، وأين أنت من هذا؟ فكل واحد بين يدي الله. فلما نجلس ونقول: ( التحيات لله، والصلوات والطيبات) هذه تحية لله، ثم نقول: (السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته ). وقد علمتم أنها تصل على الفور، ولا تتأخر لحظة. والغافلون لا يستفيدون من هذا. فإذا رغبت في أن تسلم على الرسول فصل، ولو كنت لا تسلم عليه إلا إذا جلست بين يديه وأنت في الشرق أو الغرب فقد تظل عاماً كاملاً وأنت راكب على الدابة حتى تأتي إليه، وقد لا تصل، ولكنه أعطانا هذه الخاصية قبل أن تعرف الدنيا أمواج الأثير ولا تحملها، فإذا قلت: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته وأنت بين يدي الله فإنها على الفور تصله صلى الله عليه وسلم والله العظيم.

    ولهذا قلت لكم: إذا سلمنا ونحن غافلون فنعيدها؛ لأنها ليست طيبة، بل سلم بحضور قلب: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته.

    ثم نسلم على الصالحين في الأرض والسماء قائلين: ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ). فلا يبقى صالح في الأرض والسماء إلا ناله ذلك السلام. ولهذا فإن تارك الصلاة كافر؛ لأنه لا يحيي الله، ولا يسلم على رسوله، ولا يسلم على أوليائه وملائكته، ولا يشهد بين يدي الله: ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ). فهذا لا أقول فيه: مؤمن، بل هو كافر. ووجه كون تارك الصلاة كافراً: أنه لا يجلس بين يدي الله، فالله يطلبه أن يأتي ويجلس بين يديه وهو لا يجلس، ولا يحيي الله، ولا يسلم على رسوله، ولا على صالح عباده، ولا يشهد شهادة الحق بين يديه في كل يوم خمس مرات. فهذا لا نقول: إنه مؤمن.

    فأنت عندما تجلس وتقول: ( التحيات لله، والصلوات والطيبات ) فهذا لله. ثم تقول: ( السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ). وهذه الشهادة بين يدي الله تؤديها.

    فأنت تصلي على النبي الذي كان سبب هدايتك وولايتك [ وصيغتها هي ] أن تقول: [ ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ) ] وهذه الصلاة حكمها أنها واجبة متأكدة، حتى قال الشافعي : صلاته باطلة إذا لم يصلها؛ وذلك لتأكدها [ هذه صيغة ] وهي التي نصلي بها [ وهناك أخر، هذه أتمها ] فهذه أتم صيغة، ولكن نقص منها حرف، وهو: ( اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد ). فالأصوب: (اللهم بارك). وهذه صيغة من اثنين وثلاثين صيغة، وهي أفضلها وأكملها وأتمها، وهي: ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ). وهي واحدة من نيف وثلاثين صيغة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أكملها وأتمها [ فاذكر هذا ].

    ثانياً: عند ذكره صلى الله عليه وسلم

    قال: [ ثانياً: عند ذكره صلى الله عليه وسلم ] فإذا ذكر بين يدينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأكد أن نقول: صلى الله عليه وسلم، فإذا قالوا: رسول الله، أو نبي الله، أو محمد رسول الله فيتأكد أن تقول: صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لحديث: [ ( رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل عليك ). والقائل هذا جبريل عليه السلام في حديث صحيح ] فقد كان عليه الصلاة والسلام يخطب الناس على المنبر، وفجأة سمعوه يقول: آمين! آمين! آمين! وواصل خطبته، فلما فرغ سألوه: يا رسول الله! لقد قلت كذا وكذا، قال: ( نعم! أتاني جبريل فقال لي: رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل عليك، فقل: آمين! قلت: آمين! ). ومعنى رغم أنف امرئ: أي: أذله الله، ومرغ أنفه في التراب والذل. وهذا الذي تذكر عنده ولا يصلي عليك. ولا يوجد مؤمن يستطيع أن يسمع ذكر رسول الله ولا يقول: صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يرضى أن يصب عليه الذل والمهانة عليه من الله عز وجل.

    ثالثاً: في بداية الدعاء وآخره

    قال: [ ثالثاً: بدء الدعاء وختمه بالصلاة على نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ رجاء الإجابة ] فإذا قمت تدعو الله وتطلب منه شيئاً فلا تبدأ تقول من أول الكلام: أعطني، وإلا لكنت تأمره بهذا. والعوام إذا أرادوا أن يطلبوا من إنسان شيئاً لا يبدءون بقول: أعطنا، بل يبدءون: يا سيد! بلغنا أنك كذا وأنك كذا، ونحن نقدر ما عليك، وبعد ذلك يقولون: أعطنا. وأما الجهال فيقولون من أول الدعاء: أعطنا، وكأنهم يأمرونه، وهم لم يعلمهم أحد، وقد عاشوا في الجهل. فابدأ بالتملق والتزلف إليه، ثم اسأله. فتأدب مع الله.

    قال: [ إذ سمع صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو ] في حلقته في الروضة: [ يا رب! يا رب! ] أعطني كذا، فالتفت إلى أصحابه و[ قال: ( لقد عجل هذا ) ] فلم يجئ بالرافعة [ ( إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً فليحمد الله وليصل على نبيه ثم يسأل حاجته ) ] لا أن يقول من أول مرة: أعطنا؛ فهذا سوء أدب. فافهموا هذا.

    فإذا أردت أن تسأل الله شفاء مريضك أو قضاء حاجتك أو إعطاءك كذا أو أن ينجيك من كذا فابدأ أولاً بحمد الله وتمجيده والثناء عليه، ثم صل له على نبيه متملقاً، ثم اطلبه واسأله بعد ذلك، وقد علمنا الله ذلك، فقال: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4]. وهذا حمد لله وثناء وتمجيد، وأما التملق فهو في قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] لا غيرك. فلا نعبد إلا أنت، ولا نستعين إلا بك، وهذا تملق. وبعد ذلك جاء السؤال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6].

    ثم إذا فرغ من الدعاء يختمه بالختم الأخير، وهو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال العلماء: حاش لله أن يقبل الأولى والأخير، والأوسط يتجاهله. فإذا بدأت بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي ثم سألته، وأخيراً صليت على النبي صلى الله عليه وسلم فالله كريم، ونحن لم نعرف الكرم إلا منه، وهو لن يقبل الأول والأخير، ويتجاهل الوسط، وحاش لله!

    وإن قلت: يا شيخ! أنا دعوته ولم يعطني فأقول: هذا وسواس، فهو لم يعطك لأن الذي طلبته فيه مضرتك، وفيه خسرانك، وفيه شقائك، وهو وليك، ولا يرضى أن يشقيك أو يهلكك.

    وعلى سبيل المثال: لو أن أحداً الليلة عشق، فكان يدعو: يا رب! زوجني ليلى، ويتهجد بالليل، وطالت أيامه ولم يعطه الله هذا، فالسبب أنه لو تزوجها لديثته، أو لأدخلته النار، أو لأصابه البلاء، والله لا يرضى لوليه هذا، ولذلك يصرفه عنه. هذا مثال.

    ومثال أخر: شخص يطلب وظيفة، ويدعو: يا رب! اجعلني في الديوان، أو أعطني كذا، ولم يعطه، فلا يقول: دعوت ولم يعطني؛ لأنه لا يدري لو حصل على هذه الوظيفة ماذا يحدث، فيمكن أن يكفر، أو يتكبر، أو حتى يترك الصلاة ويؤذي المؤمنين.

    ولهذا عندنا يقين أن من أحسن الدعاء وسأل الله بآداب الدعاء أنه لا يحرم، فإما أن يعطيه حاجته إذا كان له فيها خير، وإما أن يصرف عنه أذى وبلاء بهذا الدعاء، ويدفعه عنه، أو يعلي درجته في السماء، وما كان ليصل إلى ذلك المكان إلا بهذه الدعوات. واقرءوا قول الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]. فافهموا هذا.

    إذاً: ابدأ دعاءك بحمد الله والصلاة على الرسول، اختمه بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وأبشر بأنك قبلت، وأن دعاءك مقبول، ولو تذكر استجابات الله لك في حياتك لبكيت بين يدي الله.

    وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لقد عجل هذا، إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً فليحمد الله وليصل على نبيه، ثم ليسأل حاجته ) [ فالدعاء إذا كان بين صلاتين على رسول الله صلى الله عليه وسلم يستجاب، والحمد لله ] وعلموا المسلمين هذا، والذين لم يسمعوا لن يتعلموا هذا، وهناك ملايين المسلمين لم يسمعوا هذا، ولذلك يدعون ولا يستجاب لهم.

    ومعنى هذا: أنه يجب على أهل القرية أن يجتمعوا في مسجدهم الجامع كل ليلة بنسائهم وأطفالهم العام كله والسنين كلها؛ لأنه لن يزول الجهل ولن ينتهي الظلم والشر، والخبث والفساد إلا بهذا المنهج الذي نهجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلنا عليه صلى الله عليه وسلم. فلا حيلة لنا إلا أن نعلم فقط بنسائنا ورجالنا وأطفالنا. ولا تقولوا: هذا وأوأو أو لهشيء كبير وأمر عظيم، فاليهود والنصارى قبل أذان المغرب في الساعة السادسة يذهبون إلى الباطل، ونحن لا نذهب إلى الحق، وهذا عجب. فالكفار الذين اقتدينا بهم في الساعة السادسة يوقفون دولاب العمل، ولا يعملون لا في دكان ولا مطعم ولا غير ذلك، بل يذهبون ليروحوا على أنفسهم في الملاعب والمقاهي، والمقاصف والمراقص والسينما، والمؤمنون الذين يطمعون في الملكوت الأعلى لا يستطيعون أن يجتمعوا بين يدي ربهم يبكون على الأقل! والبكاء يكفي؛ ليخرجوا من فتنة الجهل والضلال، بل أشركوا بالله، وخرجوا عن طاعته، وفسقوا عن أمره، وقتل بعضهم بعضاً، وفجر البعض بنساء بعض، وارتكبوا ذنوباً لا حد لها، ولا علة لها والله إلا الجهل، ولا تقل السبب: الحكام، وتبدأ تكذب عليهم، بل العلة الوحيدة هي الجهل، فهم لم يعرفوا، ولن يوحى إلى كل واحد وإلا لأصبحنا كلنا أنبياء، وهذا مستحيل، بل لا بد من التعلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما العلم بالتعلم ). ويقول: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ).

    رابعاً: في بداية الخطبة

    قال: [ رابعاً: بدء الخطبة في الجمعة أو غيرها بحمد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم ] كما تسمعون. فالخطاب الذي تريد الهداية به ابدأه بحمد الله والصلاة على رسوله، وإلا لم يباركه الله، ولم ينتفع به الناس. وهذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    خامساً: بعد الأذان

    قال: [ خامساً: عند الفراغ من الأذان؛ إذ رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ] وهذا الذي نفعله الآن بحمد الله، وإن كان البعض يشرد [ وهو أن يقول السامع مثلما يقول المؤذن، إلا عند: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا فرغ صلى على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية ] وهي منسوبة إلى إبراهيم لذكر إبراهيم فيها [ التي يصلى بها في التشهد الأخير في الصلاة، وقد تقدمت صيغتها، ثم يقول: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ) ] فإذا أذن المؤذن فنقول مثلما يقول، إلا عند الحيعلتين نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا فرغنا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية، ثم نسأل الله تعالى له الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه المقام المحمود الذي وعده [ من فعل هذا حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم ووجبت ] فالجائزة على ذلك: أن تحل لنا الشفاعة المحمدية، ونكون ممن يشفع فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والوسيلة: درجة رفيعة لا تنبغي إلا لواحد، قال: ( وأرجو أن أكون أنا هو ). وقد طلب من أصحابه أن يدعوا الله له بذلك.

    سادساً: يوم الجمعة وليلتها

    قال: [ سادساً: الإكثار منها، أي: من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلتها، لترغيبه صلى الله عليه وسلم في ذلك ] والحمد لله أني ما تركت يوم الجمعة وليلتها الصلاة على النبي، بل أترك القرآن وأترك أنواع التسبيح، وأشغلها بالصلاة عليه، ولا أترك التسبيح الواجب بعد الصلوات، بل الوقت الذي نقضيه في الفراغ أو نسبح الله فيه نصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها، وأما في اليوم والليلة فعندنا ورد بثلاثمائة، فاطلبوا هذا تحصلوا عليه.

    وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755974034