إسلام ويب

إليك أختي المسلمةللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • على المسلم أن يؤمن بكل ما أخبر به الله عز وجل في كتابه وما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته من الأمور الغيبية، كالإيمان بما بعد الموت أو في حال الموت من السكرات التي تحصل لكل من أشرف على الموت والتي لم ينج منها أحد حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلم أن يكثر من الأعمال الصالحة في الدنيا حتى يختم له بالخاتمة الحسنة، وحتى ينجو من أهوال يوم القيامة الذي تشيب لهوله الولدان، وتضع فيه كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى.

    1.   

    الحاجة إلى الموعظة

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [آل عمران:102-103].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:18-19].

    أما بعد:-

    فإن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

    أيها الإخوة في الله: أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم، أن يجعل هذه الندوة مباركة على من سعى فيها, وعلى من اجتمع فيها, وعلى من سعى إلى الوصول إليها, وأسأل الله رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن نسمع بمثلها في جميع بلادنا, وجميع بلاد المسلمين, وأسأل الله رب العرش العظيم أن ينفع بها وأن يوقظ بها القلوب النائمة, وأن يعزز بها الأقدام العاثرة, إنه على كل شيء قدير, وأن يجعلها زيادة في تثبيت المهتدين إنك على كل شيء قدير.

    أيها الإخوة في الله: يقول الصحابي الجليل رضي الله عنه: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب, وذرفت منها العيون, فقلنا: يا رسول الله! كأنها وصية مودع -أو كما قال رضي الله عنه- فأوصنا يا رسول الله! قال: عليكم بالسمع والطاعة ثم قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة).

    أيها الإخوة في الله: ما أحوجنا إلى أن نتعظ, وبأي شيء نجد المواعظ, مهما بحثنا، ومهما ذهبنا وجئنا، لن نجد ذلك إلا في القرآن العظيم، الذي هو كلام رب العالمين، الذي أنزله على رسوله الأمين ليبلغه، فصلوات الله وسلامه عليه, ما مات حتى بلغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, وتركها على البيضاء ليلها كنهارها, ثم أنزل الله -جل وعلا- عليه قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم في آخر لقاء لقي فيه المسلمين في حجة الوداع, أنزل الله عليه قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3].

    فيا ويل من ابتغى غير الإسلام ديناً, اسمع ماذا قال الله جلَّ وعلا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].

    1.   

    سكرات الموت وحسن الخاتمة

    أيها الإخوة في الله: أسأل الله عز وجل أن ينمي شجرة الإيمان في قلوبنا، حتى نتصف بهذه الصفات، التي ذكرها الله في كتابه, في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [الأنفال:2-3] ثم ختم الله لهم بهذا الختم فقال:أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً [الأنفال:3] نسألك اللهم من فضلك, اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين, نؤمن بالأمور الغيبية، التي ذكرت لنا ولم نرها حقيقة، ولكن نؤمن بها وأننا سوف نعاينها, ومن ذلك -أيها الإخوة في الله- هادم اللذات, كم ذكر لنا مما فيه من السكرات, ومن الغصص التي ذاقها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسوف نذوقها إذا انطرحنا على الفراش، وأصبحت الأيدي تقلبنا يميناً وشمالاً، ولا حول لنا ولا قوة, قد أغرورقت العينان بالدموع, ويبس اللسان, فلا تسأل عن أحوالنا في تلك الأحوال: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19].

    أعطونا الطبيب، أعطونا المداوي، أعطونا الراقي: كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة:26-30] فهنيئاً لمن كان آخر كلامه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27] إن المؤمن إذا قيل له: قل لا إله إلا الله, يبتسم وتظهر على وجهه البشرى، ويقول: لا إله إلا الله؛ لأنه أحب لقاء الله, فأحب الله لقاءه, قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30] ثم استقاموا على طاعة الله, ما جزاؤهم عند الوفاة، قال تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ [فصلت:30] يا لها من بشرى! وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصلت:30-31] ورب العزة أيضاً يقول في الحديث القدسي: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).

    فالبدار البدار -أيها الإخوة في الله- إلى هذه المنازل العالية, قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ [الغاشية:8-16] هذا الذي في الجنة -يا عبد الله- لا سخط ولا إزعاج, نسأل الله الكريم من فضله.

    أيها الإخوة في الله: المؤمن عند حالة الاحتضار له حالات طيبة، منهم من يقرأ كتاب الله, ومنهم من يكرر كلمة التوحيد: لا إله إلا الله, ومنهم من يؤذن: الله أكبر..، ولكن المصيبة الذي يختم له بسوءٍ والعياذ بالله, الذي يقول عند الموت: تانا لاتانا تانا..!! الذي عاش مع الأغاني, أو الذي يقول: تتنٌ حار.. تتنٌ حار.. الذي أتعب نفسه مع شرب الدخان, أو الذي يقول: ناولونا الكأس.. ناولونا الكأس.. أو الذي عاش مع المخدرات، أو الذي عاش يغازل النساء، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله: أن رجلاً خرجت روحه وهو يكرر بيتاً من الغزل والعياذ بالله, قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً [الغاشية:2-4] انظر الفرق -يا عبد الله- وفرق يا أخي بالجوهرة التي رزقك الله إياها بهذا العقل، بين أولئك وبين هؤلاء: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ [الغاشية:2-7] نسأل الله العفو والعافية, هذا والله الفرق أيها الإخوة في الله.

    1.   

    سبب خلق الله للعباد

    نحن الآن في زمن الإمكان، في دار المزرعة في هذه الدنيا, والله سبحانه وتعالى خلقنا لأمر عظيم، خلقنا لعبادته, قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58] خلقنا في هذه الدنيا لنعمل الصالحات، ثم وُكِل بنا ملائكةٌ كرام عن اليمين وعن الشمال قعيد قال تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17-18] هذا يكتب الحسنات وهذا يكتب السيئات, ثم إذا متنا وانتهينا من هذه الدنيا ووضعنا في القبور؛ ففريق في روضة من رياض الجنة, وفريق في حفرة من حفر النار, هؤلاء ينعمون في تلك الحفرة، وهؤلاء يعذبون.

    ثم إذا أراد الله لهذا العالَم انتهاءً كلياً أمر إسرافيل عليه السلام أن ينفخ نفخة الصعق؛ فيموت من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:27] ثم يموت ملك الموت الذي وُكِل بقبض الأرواح يموت ولم يبق إلا الله, ثم ينادي رب العزة والجلال: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ [غافر:16] ذهبت الملوك والوزراء والأمراء والرؤساء: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ [غافر:16] ثم يجيب نفسه بنفسه: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16] ثم يأمر إسرافيل عليه السلام فينفخ في الصور، فتخرج منه الأرواح تتوهج وتذهب إلى أهلها، ليبعث الله من في القبور قال تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [يس:51] ثم قمنا ننفض التراب عن رءوسنا, لا إله إلا الله: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [المؤمنون:112-113] أين آلاف السنين التي مضت عليكم؟ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ [المؤمنون:113] ثم يقول الله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ [المؤمنون:115-116] تعالى الله أن يخلق الخلق عبثاً.

    1.   

    أهوال يوم القيامة

    ثم يبعثهم ليوم القيامة وذلك اليوم العظيم فيه أمور عظيمة، وشدائد وأهوال: فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ مَا سَعَى [النازعات:34-35] يتذكر ما سعى في هذه الحياة الدنيا.

    الله أكبر -يا عباد الله- يا ويل من أضاع هذه الحياة الدنيا باللهو والغفلة والإعراض, وهنيئاً لمن اشتغل في طاعة الله وفي ذكر الله وخاف مقام رب العزة والجلال, هنيئاً لمن اتقى الله عز وجل.

    أيها الإخوة في الله: اسمعوا فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:34-39].

    الوقوف بين يدي الله

    اسمعي أيتها الأخت المسلمة! اسمعي يا أختي في الله! إن أمامكِ أمر عظيم، سوف تخرجين من القبر حافية، عارية، أنت والرجال جميعاً في موقف واحد, فاتقي الله وخافيه أيتها المرأة فإنك سوف تقفين في يوم عظيم، بين يدي رب العزة والجلال, كما وصف الله سبحانه وتعالى حيث قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1] متى..؟ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ [الحج:2] يا له من يوم عظيم, الله أكبر لو نتفكر في ذلك اليوم العظيم: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى [الحج:2] والله ما بهم سُكَار، والله ما فيهم من سكارى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].

    عباد الله: تذكروا ذلك الموقف العظيم, عندما تخرجون من القبور, حفاة عراة غرلاً, قالت عائشة رضي الله عنها: {يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: الأمر أشد من أن يهمهم ذلك} إي والله إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك, كيف ينظر بعضهم إلى بعض؟! وقد خشعت الأبصار للحي القيوم, كيف ينظر بعضهم إلى بعض والشمس قد نزلت عليهم كمقدار ميل؟ كيف ينظر بعضهم إلى بعض والعرق بلغ منهم مبلغه, والعرق ذهب في الأرض سبعين ذراعاً؟ كيف ينظر بعضهم إلى بعض وقد جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها؟ كيف ينظر بعضهم إلى بعض وقد أحاطت بهم الأملاك سبعة صفوف؟ ونزلت الملائكة ليحيطوا بأهل الموقف فأين المفر؟ أين المفر يا عبد الله وأنت على صعيد مستوٍ, ليس فيه جبال ولا وهاد, أين المفر يا عبد الله؟ لا إله إلا الله, اللهم ارحم ضعفنا, إذا وقفنا حفاة عراة وقد خشعت منا الأبصار في ذلك اليوم العظيم, اللهم ارحم ضعفنا يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفنا يا أرحم الراحمين.

    الشفيع يوم القيامة

    عباد الله: تذكروا إذا ماج الناس في ذلك اليوم العظيم, إذا اختلطت الأقدام, واشتد الزحام, وقالوا: {انظروا إلى من يشفع لنا عند ربنا, الله أكبر.. الله أكبر -يا عباد الله- تذكروا عندما يأتي الناس إلى آدم عليه السلام فيقولون: يا أبا البشر ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: لست لها.. لست لها.. اذهبوا إلى غيري فيعتذر آدم, ويعتذر نوح, ويعتذر إبراهيم, ويعتذر موسى, ويعتذر عيسى ويقول لهم عيسى: اذهبوا إلى محمد فإنه قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, فيأتون إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم لك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد, اللهم اجعلنا من أمة الإجابة, الذين أجابوا داعي الله, اللهم اجعلنا ممن يقتدي على أثره إلى أن يلقاه على الحوض يا رب العالمين، ثم يأتون إلى رسول الله فيقولون: يا محمد! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ اشفع لنا إلى ربك، اشفع لنا إلى ربك، فيقول: أنا لها، أنا لها، أنا لها صلى الله عليه وسلم, فيخر تحت العرش ساجداً ويقول الله له: ارفع رأسك يا محمد! -يا لها من فضيلة, يا لها من نعمة يا أمة الإسلام، اعرفوا قدر هذا الإسلام, اعرفوا قدر هذا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم- وقل يسمع, وسل تعط, واشفع تشفع, ماذا يقول صلى الله عليه وسلم؟ فيرفع رأسه فيقول: يا رب! أمتي أمتي -هنيئاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم, عندما يقول: يا رب! أمتي أمتي..- فيقول الله عز وجل: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من باب الجنة الأيمن} الله أكبر.. نسأل الله الكريم من فضله, أو كما ورد في الحديث الصحيح.

    ولكن المصيبة -يا عباد الله- والكسر الذي لا يجبر، الذي ابتعد عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم, الذي عصى ولم يطع ويمتثل أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم, ماذا يقال له إذا ورد الحوض؟ {يرد أناس من أمته الحوض، فتردهم الملائكة -تذودهم-, فيقول: يا رب! أمتي أمتي، فيقول: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك, إنا لله وإنا إليه راجعون, فيقول: سحقاً سحقاً} لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    المرور على الصراط

    عباد الله: تذكروا الصراط إذا نصب على متن جهنم, ثم تذكروا الأنبياء وهم على جنبتي الصراط, ودعاؤهم يومئذ: اللهم سلم سلم, ثم تذكر يا عبد الله ممن أنت؟ هل من الذين ينجون كالبرق الخاطف, أو كأشد الرجال عدواً, أو كأشد الرحال, أو ممن يزحف زحفاً, أو يهوي في نار جهنم وبئس المصير, هل تدري من ينجو يا عبد الله على ذلك الصراط؟ هم المتقون, قال الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً [مريم:71-72] اللهم اجعلنا من المتقين.

    1.   

    نصائح للنساء

    أيها الإخوة في الله: الله الله في طاعة الله, أيتها الأخت المسلمة، أحذركِ بحديث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أحذركِ مما ورد في هذه الأزمنة المتأخرة, من التشبه بالكافرات العاهرات، حديث وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ظهر لنا رأي العين في هذه الأزمنة المتأخرة، يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار... وذكر من هذا الصنف: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة, لا يدخلن الجنة, ولا يجدن ريحها, وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) كاسيات عاريات: يلبسن الثياب الضيقة التي تصف أحجام المرأة, أو يلبسن الثياب الشفافة التي تصف ما تحتها.

    أيتها المرأة: اتقِ الله عز وجل, وكوني داعية إلى الله, وأنا إن شاء الله واثق بالله عز وجل، ثم بك يا من جئتي إلى هذه الندوة المباركة أنك لست من الذين يلبسون هذه الثياب، ولكن أقول لك: قد سمعت هذا الحديث فبلغيه أولئك اللواتي هن في الليل والنهار في الأسواق متبرجات متعطرات فاتنات مفتونات, أخبريهن بهذا الحديث, أسأل الله ألا يحرمنا الجنة ولا والدينا, ولا والد والدينا.

    أيتها المرأة: أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط، لعنتها الملائكة حتى تصبح) فالله الله.. أطيعي زوجك, وأرضيه إلا إذا أمركِ بمعصية؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, واحذري من كثرة الخروج إلى الأسواق, ولا تغتري بتلك السائبات اللواتي لا يرتحن إلا في الخروج إلى الأسواق, فإنهن كما ورد (إذا خرجت المرأة متعطرة وشمها الرجال فإنها زانية) والعياذ بالله, فأحذركِ أيتها الأخت في الله من كثرة الخروج إلى الأسواق, ومن التبرج.

    اللهم وفقنا جميعاً لما تحبه وترضاه, وجنبنا ما تبغضه وتأباه.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755830256