إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (100)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • نوافل الصلاة لها فضل عظيم وأجر كبير بينته نصوص السنة، ومن أعظم فوائد النوافل أنها تجبر الفريضة إذا نقصت، ووقت النوافل هو الليل والنهار ما عدا خمسة أوقات، وأنواع التطوع كثيرة منها تحية المسجد، والضحى والتراويح، وركعتا التوبة، والاستخارة، والحاجة، والتسبيح، وسجدة الشكر وغيرها من التطوعات التي تقرب العبد إلى ربه.

    1.   

    التطوع أو النفل المطلق

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وأذكركم ونفسي بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، ويقول- وقوله صلى الله عليه وسلم حق دائماً وأبداً- ( إنما العلم بالتعلم ).

    فيا من يريد أن يكون عالماً فالطريق أن تتعلم، وتعلمك بأن تسأل أهل العلم!

    وقد انتهى بنا الدرس إلى [التطوع أو النفل المطلق] فبعد أن عرفنا سنة الوتر ورغيبة الفجر الآن مع النفل المطلق، والنفل ليس له ساعة معينة ولا وقت محدود، فهيا بنا نتأمل ونحفظ ونعمل أيضاً.

    أولاً: فضل التطوع

    [أولاً: فضله:] أي: فضيلته ومنزلته وأجره [ لنوافل الصلاة فضل عظيم] نوافل الصلاة فضلها أكثر من نوافل الحج والاعتمار [قال صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما)] أي: ما استمع منه محباً له أكثر ممن يصلي ركعتين [(وإن البر -أي: الخير- ليذر فوق رأس العبد ما دام في صلاته)] البر الذي هو الخير يذر فوق رأس العبد ما دام في الصلاة [وقال عليه الصلاة والسلام للذي سأله مرافقته في الجنة: (أعني على نفسك بكثرة السجود)] هذا صحابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال له: (أعني على نفسك بكثرة السجود) أي: بصلاة النوافل؛ ولهذا كانوا يصلون المائة ركعة والمائتين.

    وهذه الأحاديث الثلاثة دالة على فضل النوافل.

    ثانياً: الحكمة من التطوع

    [ثانياً: حكمته: ومن الحكمة في النفل: أنه يجبر الفريضة إن نقصت] فمن حكمة نوافل الصلاة: أنها تجبر الفريضة إذا نقصت [فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة )] أول ما نحاسب عليه الصلاة [( يقول ربنا تعالى للملائكة -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )] يعني: من نافلة [( فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك )].

    ثالثاً: وقت التطوع

    [ثالثاً: وقته] وقت النوافل غير الراتبة [الليل والنهار كلاهما ظرف للنفل المطلق ما عدا خمسة أوقات فلا نفل فيها وهي:] أي هذه الأوقات [أولاً: من بعد الفجر إلى طلوع الشمس] من بعد صلاة الصبح إلى طلوع الفجر لا نافلة [ ثانياً: من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح] الوقت الثاني: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قيد رمح، أي: قدر مترين مثلاً [ ثالثاً: عندما يقوم قائم الظهيرة إلى الزوال] تأخذ الشمس في الارتفاع حتى تصل وسط السماء ثم تقف، فإذا وقفت فلا نافلة حتى تميل إلى الغرب، وزوالها هو انحدارها أو ميلها إلى الغرب [رابعاً: من بعد زوال العصر إلى الاصفرار] فمن بعد صلاة العصر إلى الاصفرار، هذا وقت [ خامساً: ومن الاصفرار إلى غروب الشمس] هذا وقت ثانٍ، مثل وقت صلاة الصبح من وقت صلاة الصبح إلى طلوع الشمس ومن طلوعها إلى ارتفاعها قيد رمح، فالعصر كذلك، فالنافلة لا تصح من بعد العصر إلى الاصفرار، فإذا اصفرت الشمس فلا تصح الصلاة حتى تغرب، وقت آخر [وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن عبسة وقد سأله عن الصلاة: ( صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان )] ولهذا لا يحسن الصلاة في هذا الوقت [( وحينئذ يسجد لها الكفار )] يعبدونها، فلا نصلي نحن في هذا الوقت [( ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة )] أي: تشهدها الملائكة وتحضرها [( حتى يستقل الظل بالرمح )] أي: لما يقف الظل الذي كان يتصاعد لا تصلى النافلة حتى يميل [( ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم-أي: يوقد عليها- )] عند ارتفاع الشمس في كبد السماء توقد النار على جهنم [( فإذا أقبل الفيء -أي: الظل- فصل )].

    أقول: نحن نشاهد الشمس تطلع من المشرق وقد كانت في الأرض، فتأخذ في الارتفاع والارتفاع حتى الثانية عشرة فتقف، فلا يبقى ارتفاع، فإذا وقفت فمنهي عن الصلاة في هذا الوقت، والسبب هو أن جهنم تسجر في هذا الوقت، فإذا مالت إلى الغرب فصل حينئذٍ؛ لقوله: ( فإذا أقبل الفيء فصل ) فلو أنك جعلت عوداً لتشاهد الظل لرأيته ينتقص وينتقص ثم يقف، فلا يزيد ولا ينقص ما دامت الشمس في كبد السماء، فإذا أخذ في الزيادة وظهر دخل وقت الظهر حينئذٍ [( فإذا أقبل الفيء فصلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار )].

    إذاً: تكره النافلة في خمسة أوقات، ويبقى لدينا تحية المسجد ففيها خلاف بين أهل العلم، ونحن نقول: الوقت الذي تشتد فيه الكراهة لا صلاة فيه؛ للحديث الصحيح: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها في صلاتكم )، فقبل المغرب بربع أو ثلث ساعة لا تصلى النافلة.

    رابعاً: الجلوس في النفل أو التطوع

    [رابعاً: الجلوس في النفل] أي: تصليها جالساً [يجوز التنفل من قعود] يجوز للرجل والمرأة الصحيحان القويان القادران أن يصليا النافلة جالسين ولهما نصف الأجر فقط [غير أن للمتنفل القاعد نصف ما للمتنفل القائم من الأجر فقط. وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: ( صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة )] والرجل هنا اسم جنس يدخل فيه الرجل والمرأة: والمراد من الصلاة هنا: النافلة، أما الفريضة فلا تصح من قعود إلا لمريض، والنافلة تصح من جلوس سواء بالليل أو النهار، ولكن الأجر نصف الأجر.

    1.   

    أنواع التطوع

    [خامساً: بيان أنواع التطوع:]

    أولاً: تحية المسجد

    [الأول: تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين )]، واختلف أهل العلم والفقه في ذلك، فمن قائل: هذا عام ومخصص في أوقات النهي لا صلاة فيها.

    ومن قائل: تلك الصلوات في الأوقات عامة ولا مخصص.

    والذي أقوله -وأراه أنه الحق والخير-: أنه إذا دخلنا المسجد في أوقات الكراهة نصلي إلا إذا كان عند طلوع الشمس وعند غروبها فلا صلاة. ولا تبقى جالساً تنتظر، كالذين يقفون ينظرون الشمس متى تغرب، فلا يجوز هذا أبداً.

    فتحية المسجد هل هي مستثناة من النوافل تصلى في أي وقت؟ قال بهذا بعض أهل الفقه، وبعضهم قال: لا، تصلى كغيرها في أوقات النهي.

    والقول الذي أراه راجحاً -بإذن الله-: أنك إذا دخلت المسجد قبل طلوع الشمس أو بعد طلوعها ولم ترتفع الشمس فلا تصل تحية المسجد، بل اجلس.

    كذلك أيضاً إذا دخلت عند الغروب صلّ تحية المسجد، ولكن قبل الغروب بربع أو ثلث ساعة اجلس ولا تصلها.

    وقد قلت للأبناء: الذين كان يأتي أحدهم فيقف ربع ساعة أو عشر دقائق: هذا الوقوف لا ينبغي، فكأنك تقف للشمس. إذاً: اجلس ولا حرج، وإذا أذن المغرب فلتصلّ.

    ثانياً: صلاة الضحى

    [الثاني: صلاة الضحى: وهي أربع ركعات فأكثر إلى ثماني ركعات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى قال: ابن آدم! اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره )] هذه عطية إلهية: ( ابن آدم! اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره ) وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل مكة ثماني ركعات ضحى في بيت أم هانئ .

    ثالثاً: تراويح رمضان

    [الثالث: تراويح رمضان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه )] صلاة التراويح نافلة من النوافل المطلقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ).

    أي جائزة أعظم من هذه؟!

    رابعاً: صلاة ركعتين بعد الوضوء

    [الرابع: صلاة ركعتين بعد الوضوء] على شرط ألا تكون في وقت الكراهة أيضاً [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة؛ إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها )] يعني: إذا توضأ يصلي ركعتين.

    خامساً: صلاة ركعتين عند القدوم من السفر

    [الخامس: صلاة ركعتين عند القدوم من السفر في مسجد الحي] يسن للمسافر الذي رجع إلى بلده ويستحب أن يصلي ركعتين [لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، قال كعب بن مالك رضي الله عنه: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفره بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين )] ثم يدخل منزله، فمن استطاع أن يفعل هذا فليفعل، وليس شرطاً أن يكون ذلك في المسجد النبوي، وإنما في مسجد الحي إذا كان مفتوحاً في أوقاته.

    سادساً: ركعتا التوبة

    [السادس: ركعتا التوبة] إذا أذنب العبد ذنباً وجب أن يتوب منه، وهذه التوبة يبتدئها بصلاة ركعتين تسمى ركعتي التوبة [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له )] أي ذنب من الذنوب كان. فإن وقعت في ذنب فهذا هو الحل الوحيد، قم فتوضأ وصل ركعتين ثم استغفر الله يغفر الله لك.

    سابعاً: الركعتان قبل المغرب

    [السابع: الركعتان قبل المغرب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( صلوا قبل المغرب، ثم قال في الثالثة: لمن شاء )] فإذا أذن المغرب صل ركعتين خفيفتين، وبعض الناس يرون أن لا صلاة قبل المغرب وهذا خطأ، فقبل المغرب أي: قبل غروب الشمس لا صلاة، أما إذا أذن المؤذن وأعلن عن دخول المغرب فالسنة ركعتان خفيفتان، فقد قال صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: ( صلوا قبل المغرب، ثم قال: لمن شاء )، ولو أنه لم يقل: (لمن شاء) لوجبتا.

    ثامناً: ركعتا الاستخارة

    [الثامن: ركعتا الاستخارة] وهو طلب الخير والخيار [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب.

    اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر- الذي عزم عليه- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به )].

    هذا ليس في الواجبات أو في المحرمات، هذا في المباح: فإذا أردت أن تتزوج، أو تطلق، أو أن تبني، أو تسافر وما دريت الخير في ماذا؛ فمن تستخير غير الله؟! فلو سألت أناساً ما أجابوك؛ فعليك بصلاة ركعتين ثم سؤال الله عز وجل أن يختار لك.

    [ويسمي حاجته عند قول: أن هذا الأمر] يعني: سفره أو زواجه أو غيره، عندما يقول: (إن هذا الأمر) أي: سفري أو إقامتي أو غيرها.

    تاسعاً: صلاة الحاجة

    [التاسع: صلاة الحاجة: وهي أن يريد المسلم حاجته، فيتوضأ ويصلي ركعتين، ويسأل الله تعالى حاجته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأله معجلاً أو مؤخراً )] وهي ثابتة في السنة، وهذه كلها نوافل.

    عاشراً: صلاة التسبيح

    [العاشر: صلاة التسبيح، وهي أربع ركعات، يقول بعد القراءة في كل ركعة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، وفي الركوع عشر مرات، وفي الرفع منه عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وفي الرفع منه عشر مرات، وفي جلسة الاستراحة بين الركعتين عشر مرات، فيكون مجموع التسبيحات في كل ركعة خمساً وسبعين تسبيحة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه العباس : ( يا عباس ! يا عماه! ألا أعطيك ..) إلى آخر الحديث، فذكر له كيفية صلاة التسبيح، وقال: ( إن استطعت أن تصليها كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة )] والحديث رواه أبو داود وغيره وصححه بعضهم.

    ونقول: الأحاديث الضعيفة إذا كانت في فضائل الأعمال فلا ننهى المسلمين عنها، أما إذا كان الحديث الضعيف يفسد العقيدة أو يترتب عليه أخذ حقوق الناس فلا نأخذ به، لكن إذا كان الحديث فيه ترغيب للعبادة فكيف نقول للناس: هذا ضعيف ونتركه؟!

    فهذه الصلاة من أعظم الصلوات: (300) تسبيحة في أربع ركعات، والحديث رواه أبو داود والترمذي ، فهو مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان سنده ضعيفاً، لكن أليس فيه نافلة وعبادة وفضل؟!

    فالأحاديث الضعيفة التي تدخل في العقائد وتفسدها، أو في الأعمال وتبطلها، أو في الحقوق وتضيعها، ما نقبلها أبداً، لكن إذا كان الحديث الضعيف يقوي إيماني ويزيد في طاعتي ويحسن آدابي وأخلاقي فكيف لا أعمل به؟!!

    الحادي عشر: سجدة الشكر

    [الحادي عشر: سجدة الشكر: وهي أن تحدث للمسلم نعمة كأن يظفر بمرغوب، أو ينجو من مرهوب، فيخر ساجداً لله تعالى شكراً على نعمته؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمرٌ يسره، أو يبشر به خر ساجداً شكراً لله تعالى] على وضوء أو على عدم وضوء [ومن ذلك أنه لما أتاه جبريل عليه السلام فقال له: ( من صلى عليك صلاة صلى الله عليه عشراً؛ سجد شكراً لله تعالى )] جاءه جبريل وقال: يا رسول الله! من صلى عليك صلاة -يعني: واحدة- صلى الله عليه بها عشراً؛ ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وخر ساجداً شكراً لله.

    ونحن نُبشر أحياناً بالخير وما نسجد لجهلنا، أيما بشرى تأتيك خر ساجداً، ولا تحتاج إلى وضوء.

    الثاني عشر: سجود التلاوة

    [الثاني عشر: سجود التلاوة: يسن سجود التلاوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله! أمر بالسجود فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت، فلي النار )] هذا قول عدوكم، فهو ذا مُنع من الجنة بعدم سجوده لآدم.

    [فإذا قرأ المسلم آية السجدة، أو استمع إليها من قارئ سن له أن يسجد سجدة، يكبر فيها عند الخفض وعند الرفع، ويقول في سجوده: "سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين" والأكمل للأجر أن يكون الساجد متطهراً مستقبل القبلة] فلو سجد غير متطهر فلا بأس، ولو سجد لغير القبلة فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون متوضئاً مستقبل القبلة في السجود.

    [ومواضع السجود في القرآن معلومة في المصاحف، وهي خمس عشرة سجدة؛ لقول عبد الله بن عمرو بن العاص : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان )].

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم تكرار صلاة ركعتي التوبة من الذنب بتكرار الذنب

    السؤال: سائل يقول: هل يصح للرجل إذا أذنب ذنباً ثم تاب فقام فصلى، ثم أذنب ذنباً في يوم آخر فتاب ثم صلى واستغفر وهكذا، هل يغفر له، أم يكون من علامات النفاق؟

    الجواب: يقول السائل الكريم: إذا أذنبت ذنباً فصليت واستغفرت، ثم بعد ذلك أذنبت فقمت وصليت واستغفرت، ثم بعد ذلك أذنبت فقمت واستغفرت، هل يغفر لي؟

    إذا ختم الله لك بالتوبة والاستغفار ومت -فوالله- نجوت، وإذا مت في الأخيرة قبل الاستغفار والتوبة هلكت والعياذ بالله.

    فالإنسان مطالب بالتوبة ولو سبعين مرة، كلما أذنب يجب أن يتوب ولو سبعين مرة، فإذا ختم الله له بالتوبة ومات عليها نجح، وإن كانت الأخرى فأمره إلى الله.

    وقت صلاة الضحى وحكم عدم المداومة عليها

    السؤال: هل صلاة الضحى تتطلب المداومة كما في صلاة الوتر، ومتى تكون بدايتها: هل من أول النهار، وكم أكثرها؟

    الجواب: صلاة الضحى نافلة، لا تسمى راتبة ولا واجبة، فإذا صليتها أُثبت عليها وأعطيت أجراً، وإذا لم تصلها حرمت هذا الأجر.

    أما وقتها فبعدما ترتفع الشمس قيد رمح من الأرض إلى قبل أن تقف الشمس في كبد السماء. كل ذلك وقت صلاة الضحى، وكان الأصحاب يؤخرونها حتى تشتد الحرارة، ولا يستطيع الفصيل من الإبل أن يضع رجله على الأرض.

    حكم من نام عن أداء سنة من السنن الرواتب

    السؤال: يقول السائل: ما الحكم إذا نام الإنسان عن أداء سنة من السنن الرواتب؟

    الجواب: ما الحكم من نام عن سنة من السنن الرواتب فما صلاها؟

    حكمه: أنه فاته الأجر ولا شيء عليه، الإثم لا إثم عليه، يعوضه الله خيراً منها.

    حكم أداء راتبة الفجر بعد أداء الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يؤدي الإنسان راتبة الفجر بعد أداء الصلاة؟

    الجواب: معشر المسلمين! رغيبة الفجر إذا دخل الإنسان المسجد والصلاة قائمة، أو إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة يتركها، وهو مخير بين أن يصليها بعد السلام من الفريضة، أو أن يؤخرها إلى الضحى، وهو أفضل.

    والضحى معناه: بعدما تطلع الشمس وترتفع إلى قبل الظهر بنصف ساعة.

    حكم قصر الصلاة لمن دخل بلده من سفر

    السؤال: يقول السائل: إذا كنت مسافراً وحان موعد صلاة الظهر، ولكنني ذهبت ووصلت إلى البيت بين الظهر والعصر، فهل أصليهما قصراً أم أتمهما؟

    الجواب: يجب أن تصلي الصلاتين أربع ركعات؛ لأن وقتها ما خرج.

    أما لو صليتهما قبل دخول المدينة فإنك تصليهما ركعتين ركعتين؛ لأنها قصر واجب، فإذا لم تصل وأنت ما زلت خارج المدينة وجب عليك أن تتم صلاتك، فتصلي الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات.

    مداخلة: في وقت العصر يعني؟

    الشيخ: لأن الظهر والعصر وقتهما مشترك. هو دخل الظهر وهو مسافر.

    فإذا دخل المدينة مع العصر أو بعده، فالظهر وقتها مع العصر، يصليها أربعاً.

    مداخلة: يعني: حتى إن دخل قبل العصر، يصليها ظهراً أم عصراً؟ أقول يا شيخ! يصلي الظهر والعصر قبل أذان العصر، أم ينتظر حتى يؤذن العصر؟

    الشيخ: يسأل يقول: هل يصليهما قبل الأذان أو حتى يؤذن؟

    إذا دخل يصلي الظهر قبل العصر. فإذا دخل وقت الظهر يصلي الظهر أربع ركعات، وينتظر العصر حتى يصليها أربع ركعات، ليس فيها إشكال أبداً.

    حكم قصر الصلاة وترك النوافل لمن أتى لزيارة المدينة النبوية

    السؤال: سائل يقول: نحن شباب جئنا لزيارة المدينة النبوية من جدة، ونقيم ثلاثة أيام؛ فهل نصلي السنن الرواتب؟

    الجواب: لو صليتم منفردين في غير الجماعة في المسجد صلوا ركعتين ركعتين، فإن صليتم في المسجد مع المسلمين فلا بد من إتمام الصلاة أربع ركعات، أما الرواتب إن صليتموها فلكم أجرها، وإن لم تصلوها فليس لكم أجر ولا عليكم إثم؛ لأن الذي ينزل في المدينة نزل للعبادة، أليس كذلك؟!

    فإذا بقى طول النهار جالساً؛ فلماذا لا يصلي النافلة؟ يصليها أفضل؛ لأن النافلة تسقط في السفر من المشقة والعمل والحاجات والارتباكات، أما ما دام نزل في البلد وجلس فله أن يصلي النافلة ويثاب عليها.

    حكم تحية المسجد على من دخل قبل طلوع الشمس بدقائق أو قبل غروبها

    السؤال: يقول: إذا دخلت المسجد قبل الأذان ببضع دقائق -أقل من خمس دقائق- فهل أجلس أم أنتظر، وإذا جلست فماذا عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( فلا تجلس حتى تصلي ركعتين

    الجواب: إذا كان عند الطلوع والغروب اجلس لا تبقى واقفاً، فإذا غربت الشمس وأذن المغرب قم فصلّ، كذلك عند الطلوع إذا طلعت الشمس وارتفعت صلّ.

    حكم الجمع في النية بين طلب العلم والحصول على الشهادة

    السؤال: أنا طالب علم، فهل أطلب العلم للحصول على دكتوراه حتى أوظف وأعمل، أو أطلب العلم للعلم فقط. ماذا أصنع؟

    الجواب: اطلب العلم؛ لأنها فريضة الله عليك، اطلب العلم لتعلم فتعبد الله عز وجل، وإن ظفرت بشهادة وحصلت على دكتوراه -مثلاً- ليست مقصودة بالذات، ولكن أعطاك الله ما أعطاك، تفضل أما مبدئياً فلا تقل: أنا أطلب العلم للوظيفة، فلا يجوز هذا عندنا أبداً، إلا إذا كان صناعة، إذا كنت تتعلم صنعة من الصناعات فلا بأس.

    أما أن تطلب العلم الشرعي الواجب على كل مؤمن ومؤمنة لغير الله فهذا حرام شرك ولا يصلح أبداً. هذا من الشرك في العبادة.

    فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، فتطلب العلم لتعرف الله وتعرف ما يحب وما يكره، وكيف تعبده .. حتى تكون مسلماً، فالمؤمن ولي الله، هذه هي النية، فإذا حصل شيء مضاف إلى هذا كشهادة أو غيرها فلا بأس، لكن لا تقصد هذا من أول مرة، أي: لا تطلب العلم لكي تحصل على وظيفة فقط، هذا لا يفعله مؤمن أبداً، وليس من الإيمان في شيء.

    حكم استعمال السبحة

    السؤال: يقول: ما حكم استعمال المسبحة في التسبيح والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: قد بينا من أكثر من خمسة وأربعين سنة أن المسبحة فيها عيوب أربعة، إن سلمت منها يجوز استعمالها كآلة من الآلات، كالملعقة للأكل والإبرة للخياطة، والقلم للحساب، وإن بقي فيها عيب فلا يصح أبداً أن يحملها مؤمن.

    من عيوبها: أن فيها شكل صليب، فيها حبتان متقابلتان يمثلان الصليب، وهذا في جميع المسابح إلا إذا قطعتها أنت ومزقتها، والدليل: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى صليباً في ثوب نقضه بأسنانه )، كان لا يرضى به ولا يقبله، فكيف تحمله أنت في يدك وتسبح؟

    العيب الثاني -وهو أكبر من الأول-: الحلف بها. يقول: وحق هذه، والحلف بغير الله شرك وكفر.

    العيب الثالث: يتحدث مع الناس وهو يصرف حباتها عبثاً، وما هكذا العبادة.

    العيب الرابع: يعلقها في عنقه أو يدليها في يده ليري الناس أنه من الذاكرين، وهذا رياء، والرياء من الشرك الأصغر.

    فإن سلمت من هذه العيوب فهي آلة من الآلات يستعملها صاحبها للحاجة إليها.

    نصيحة لبعض زوار المدينة النبوية

    السؤال: شباب ملتزمون يزورون المدينة النبوية، ويرغبون في نصيحة وكلمة توجيهية منكم؟

    الجواب: شباب زاروا المدينة يرغبون في كلمة توجيهية.

    يا أبنائي! أنتم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إياكم ومقارفة ذنب ولو بنظرة محرمة، ولو بكلمة باطلة، لا تعصوا الله في هذه المدينة.

    ثانياً: أكثروا من العبادات والطاعات، فإنكم جئتم من أجلها وللظفر بها.

    والله تعالى أسأل أن يحفظكم.

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755967643