الصيام لغة: الإمساك.
وشرعاً: الإمساك عن المفطرات من الفجر إلى مغرب الشمس بالنية.
فائدة في حكم الصيام، أجمعت الأمة على أن صوم شهر رمضان فرض والدليل على فرضيته من الكتاب قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] ومن السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان) رواه البخاري .
فائدة في حكم جاحد الصيام: لا يجحد الصيام إلا كافر، ومن أصر على الإفطار في نهار رمضان يدعي إلى الصيام، فإن أصر على ذلك جاحداً لوجوبه فإنه كافر بالله العظيم.
فائدة في الحكمة من الصوم: في الصوم حكم كثيرة يعلمها الله سبحانه وتعالى ومنها:
أنه وسيلة إلى التقوى؛ فإن النفس إذا امتنعت عن الحلال طمعاً في مرضاة الله تعالى وخوفاً من عقابه فأولى أن تنقاد إلى الامتناع عن الحرام.
ومنها: أن الصوم موجب للرحمة والعطف على الفقراء والمساكين، فإن الإنسان إذا جاع بطنه علم حال الفقراء في جوعهم فيرحمهم ويعطيهم ما يسد به جوعهم، إذ ليس الخبر كالمعاينة ولا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجل.
وأن الصوم فيه قهر الطبع وكسر الشهوة، فهو يربي الإرادة عن اجتناب الهوى وترك المعاصي، وكذلك فإن النفس تتهيأ للعبادة إذا صار القلب فارغاً من الطعام الذي يجلب الخمول والنوم.
وفيه فوائد اجتماعية عديدة.
ومن الفوائد الدينية: أن الناس يشعرون بأنهم أمة واحدة يأكلون في وقت واحد ويصومون في وقت واحد ويشعر الغني بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه.
كما أن له مستحبات مثل: الإكثار من قراءة القرآن وذكر الله، والدعاء والصلاة والصدقة، والجود بالمال، والجود بالعلم والجود بالنفس أعلى الجود، ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم.. إني صائم، تذكر به نفسك وتذكر به الآخرين.
الجواب: منه ما يجب التتابع فيه كصوم رمضان لقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] والشهر متتابع لتتابع أيامه، فلما قال: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ [البقرة:185] أي: المعين والشهر أيام متتابعة فيلزمنا التتابع وكذلك صوم كفارة القتل الخطأ وصوم كفارة الظهار، وصوم كفارة الجماع في نهار رمضان فهذه صيام شهرين متتابعين في كلٍ منها وكذلك إذا نذر صوماً متتابعاً لزمه.
فائدة فيما لا يلزم فيه التتابع كقضاء رمضان على الراجح وهو قول جمهور العلماء لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] ولم يشترط الله عز وجل التتابع، وكذلك الصوم في كفارة اليمين على الراجح إذا لم يجد عتق رقبه ولا إطعام عشرة مساكين ولا كسوتهم فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام فهي لا يشترط فيها التتابع، وكذلك كفارة الحلق لو حلق رأسه محتاجاً ففدية من صيام أو صدقة أو نسك إما أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام لا يشترط فيها التتابع، وكذلك صوم النذر المطلق إذا لم يشترط التتابع كمن نذر أن يصوم ثلاثة أيام وليس في نيته أنها متتابعة فيجوز أن يصومها غير متتابعة.
الراجح عدم وجوب إتمام نافلة الصوم، وعدم وجوب قضائها وهذا هو قول كثير من أهل العلم ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) لكن كره العلماء قطع صيام النافلة لغير عذر، ومن العذر أن يعز على ضيفه امتناعه عن الأكل وإن أفطر بدون عذر فلا يثاب على ما مضى من صيامه وإن أفطر لعذر في صيام النافلة أثيب على ما مضى من صيامه.
فائدة في أمثلة صيام التطوع: هي كثيرة قد ندب إليها الشرع كعاشوراء، وعرفة، والإثنين والخميس، وأيام البيض، وست من شوال، والإكثار من صيام شعبان، والمحرم، وغير ذلك.
صوم السبت وحده لحديث: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) الترمذي وحسنه وغيره.
صيام يوم الأحد: وهو عيد النصارى.
الوصال في الصوم وهو ألا يفطر بعد الغروب حتى يتصل صوم الغد بصوم الأمس.
وكذلك صيام الدهر وغيرها.
أولاً: إكمال شعبان ثلاثين يوما.
ثانياً: رؤية هلال رمضان.
الإسلام والعقل؛ فلا يجب الصوم على مجنون، والبلوغ، فلا يجب على الصغير، والعلم بالوجوب، فإن الجاهل لا يجب عليه ما جهل.
فائدة: متى يؤمر الصبي بالصيام: يؤمر الصبي بالصيام لسبع كالصلاة إذا أطاق الصيام، ويضرب على تركه لعشر كالصلاة ولأن الصوم أشق اعتبرت فيه الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة ولا يطيق الصوم.
وثانياً: الإقامة وعدم السفر للآية السابقة فيسقط وجوب أداء الصيام عن المريض والمسافر يسقط عنهما وجوب الصوم وعليهما القضاء.
ثالثاً: خلو المرأة من الحيض والنفاس لحديث عائشة لما سألتها المرأة، قالت: [كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة].
فائدة في النية للصيام الواجب غير رمضان: تشترط النية في كل صيام الواجب كالقضاء والكفارة.
فائدة في نية صيام النفل: يجوز صوم النفل عند جمهور العلماء بنية قبل الزوال لحديث عائشة رضي الله عنها: (دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء، فقلنا: لا، قال: فإني إذاً صائم) رواه مسلم .
أما النفل المعين كعاشوراء وعرفة فاشترط بعض أهل العلم النية من الليل.
فائدة في كيفية النية: النية: عزم القلب على فعل الشيء وهي مرتبطة بالعلم، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن كل من علم أن غداً رمضان وأراد صيامه فهذه نية وهذا فعل عامة المسلمين؛ كل من علم أن غداً رمضان وأراد صومه فهذه نية.
فائدة في حكم التلفظ في النية: النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة؛ فلا يجوز لإنسان أن يتلفظ بنية الصيام وإنما يعزم في قلبه على الصيام غداً إذا علمه من رمضان، والنية تتبع العلم فمتى علم وأراد الصيام فإنها نية صحيحة.
فائدة فيمن نوى الإفطار في أثناء النهار لكنه لم يفطر: اختلف أهل العلم في ذلك والراجح أنه لا يفطر وإن قضى فهو أحوط، قال الحنفية والشافعية: إنه لا يفطر كمن نوى التكلم في صلاته ولم يتكلم، وقال المالكية والحنابلة: يفطر لأنه قطع نية الصوم بنية الإفطار، فلو أنه نوى الإفطار في النهار ولكنه لم يفطر فالراجح والله أعلم عدم وجوب القضاء وإنه قضاه فهو أحوط.
فائدة في صوم المغمى عليه: المغمى عليه إذا طرأ عليه الإغماء من قبل الفجر إلى المغرب فالجمهور على عدم صحة صومه من قبل الفجر إلى المغرب وإذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه سواء كان في أوله أو في آخره، إذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه سواءً كان في أول النهار أفاق أم في آخره.
الفائدة الخامسة والعشرين: لو ارتد بعد نية الصوم فإنه تبطل نيته بلا خلاف، وكثير من الناس مع الأسف أيها الإخوة يسبون الله سبحانه وتعالى أو دينه أو كتابه إذا انفعلوا وحصل بينهم خصومة أو مشاجرة ونحو ذلك، وبعضهم يفعل ذلك إثباتاً لرجولته، ولا شك أن سب الله أو رسوله أو دينه كفر، وأن من فعله فهو مرتد خارج عن ملة الإسلام، ومن فعل ذلك في أثناء النهار وجب عليه التوبة والإمساك بقية اليوم والقضاء والرجوع إلى الإسلام مرة أخرى بالدخول فيه وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وكذلك تأخيره وتعجيل الفطر لحديث: (لا يزال الناس في خير ما عجلوا الفطر).
وكذلك الاستحباب أن يكون الإفطار على رطبات، ما لم تكن فعلى تمرات كما جاء في حديث أنس : (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من الماء) رواه الترمذي وقال حديث حسن.
فائدة في الدعاء عند الإفطار:
لم يثبت الحديث الذي ورد عند الإفطار وإنما ثبت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن عمر أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر، قال: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إنشاء الله تعالى) رواه أبو داود وحسنه الدارقطني رحمهما الله تعالى.
فائدة في مسألة المغذي وغير المغذي: لا يشترط جمهور أهل العلم أن يكون الداخل إلى الجوف مغذياً فيفسد الصوم بالدخول إلى الجوف مما يغذي أولا يغذي كما لو ابتلع حصاة أو أكل تراباً ونحوه، فإنه إذا فعل ذلك متعمداً فإنه يفطر ولو كان غير مغذٍ.
فائدة: في كون الصائم قاصداً ذاكراً لصومه عندما يتعاطى شيئاً من المفطرات، أما لو كان ناسياً أنه صائم فلا يفسد صومه عند جمهور أهل العلم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) رواه البخاري.
فائدة: أن الصائم المختار هو الذي يفطر عند تناوله شيء من المفطرات، فأما المكره فإنه لا يفطر فمن أُوجِر الماء يعني: صُبَّ في حلقه رغماً عنه أو صَبَّ الدواء في حلقه مكرهاً لم يفطر عند جمهور أهل العلم من الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية؛ لأنه لم يفعل ولم يقصد ولو أكره على الإفطار فأكل أو شرب استدل أهل العلم على عدم إفطاره بأن الله وضع عن الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، فإذا أكره على الإفطار فإن صومه صحيح كمن أفطر ناسياً أو أكل ناسياً ونحو ذلك.
إذا تعمد الإنزال بلا جماع كالاستمناء بالكف أو باللمس والتقبيل ونحوها، فإنه يوجب القضاء عليه دون الكفارة عند جمهور الفقهاء مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويمسك بقية اليوم مع التوبة ويقضي بدلاً منه.
فائدة في الإنزال بالتفكير:
عند بعض أهل العلم إذا أمنى بالنظر فإنه يفسد الصوم لأنه أنزل بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه فهو كالإنزال باللمس، هذا بالنظر وأما الفائدة المتعلقة بالإنزال بالفكر فإن الإنزال به لا يفسد الصوم عند بعض أهل العلم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وقالوا النظر واللمس وغيرها يمكن دفعه ويمكن اجتنابه أما الفكر فإنه قد لا يستطيع؛ لكن عليه أن يجاهد نفسه وأن يطرد الأفكار الرديئة من ذهنه وأن يراعي حق الصيام.
قال بعض العلماء وصول الدخان إلى الحلق يفطر كمن استنشق بخوراً مقرباً إلى فيه، أما لو شم رائحته بلا وصول دخان فإنه لا يفطر لأن الرائحة لا جسم لها، والذين يعملون في المصانع أو غيرها عليهم اجتناب شم الدخان فأما إذا وصل إلى الحلوق بدون تعمد فإن صيامهم صحيح كمن وصل الغبار إلى حلقه دون تعمد.
فائدة في المرأة التي تطبخ ودخان القدر ينبعث: إذا تعمدت استنشاقه أوجب القضاء لأنه يتقوى به أي: ببخار الطعام، أما إذا وصل بغير اختيارها فلا قضاء عليها، والعادة أن كثيراً من النساء لا يتعمدن تقريبه واستنشاقه والمداومة على ذلك فذلك صيامهن صحيح والحمد لله.
فائدة في الحقنة الشرجية: الاحتقان بالماء في الشرج يفسد الصوم ويوجب القضاء عند جمهور العلماء؛ قال الشافعية والحنابلة ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة يفطر لأنه وصل إلى جوفه باختياره، وعندهم الجوف شيء أوسع من المعدة ليس الجوف هو المعدة إنما هو شيء أوسع من ذلك، وعند شيخ الإسلام رحمه الله أن الحقن الشرجية لا تفطر، ونحن نقول أن الإنسان بالأحرى ألا يستعملها، وعند الحاجة إذا استعملها لا بأس لأن هذا دواء يحتاج إليه والأحوط أن يقضي.
فمذهب جمهور أهل العلم أن عليه القضاء، واختار تقي الدين ابن تيمية أنه لا قضاء عليه، وقال: ما دام لم يعلم أن الفجر قد طلع فله أن يأكل ويشرب، وأما الجمهور فإنهم ذهبوا أنه لو أكل وشرب ثم تبين له أن الفجر قد طلع فإن عليه القضاء، فالأحوط إذاً أن يقضي، وطالب العلم إذا اقتنع بقول بدليله بفهم من عالم معتبر فإن له أن يأخذ به ولا يلزم بشيء آخر.
فائدة فيمن أفطر يظن الغروب ولكن الحال أن الشمس لم تغرب: فهذا عليه القضاء ولا كفارة لأن الأصل بقاء النهار، وينبغي ألا يخرج منه إلا بيقين والقاعدة تقول: اليقين لا يزول بالشك، فإذاً من أكل أو شرب ظاناً أن الشمس قد غربت ثم اتضح أنها لم تغرب فإنه يقضي.
فائدة في الصحيح الذي يخاف الشدة أو التعب: هذا لا يجوز له الفطر إذا حصل له في الصوم مشقة أو تعب، أما إذا خاف الصحيح المرض بغلبة الظن أو للتجربة، هو صحيح بدون صيام إذا صام مرض، هو صحيح بدون صيام إذا صام أغمي عليه، أو قال له الأطباء الثقات: إنك لا تتحمل الصوم، فهذا وهو صحيح إذا علم أنه لو صام مرض فإنه لا يجب عليه شيء ويجوز له أن يفطر أما إن خاف بمجرد الوهم فليس له أن يفطر.
فائدة في حالات المريض: المريض له حالات فمنها:
ألا يقدر على الصوم أو يخالف الهلاك من المرض إن صام فهذا الفطر عليه واجب.
ثانياً: أن يقدر على الصوم بمشقة فهذا الفطر له مستحب ويكره له الصيام لأنه ترك تخفيفاً من الله.
ثالثاً: ألا يشق عليه ولا يخاف زيادة المرض هو مريض فيجوز له الصوم والفطر وله تفصيلات أخرى.
فائدة: هل يجب على المريض أن ينوي الصيام بالليل لاحتمال أن يصبح صحيحا؟
الجواب: إذا كان المرض مطبقاً فإنه لا يجب عليه أن ينوي من الليل لأجل احتمال أنه ثاني يوم الصباح يصبح صحيحاً لا يجب عليه.
فائدة في أصحاب المهن الشاقة، كالخبازين ونحوهم من الذين يتعرضون للحرارة حرارة الأفران وعمال البناء ونحوهم:
لا يجوز لأصحاب المهن الشاقة الإفطار بل يجب عليهم نية الصيام والصيام فإذا وصل أحدهم إلى حال خشي على نفسه جاز له الإفطار.
فائدة في مريض الكلى الذي يتطلب غسيل كليته لخروج الدم لغسلها ثم رجوعه مرة أخرى:
فأفتى بعض أهل العلم من المعاصرين بأن الدم إذا كان يخرج ويدخل هو دمه لا يضاف إليه شيء فإنه لا يفطر
وكذلك من شروط الإفطار للمسافر أن يجاوز البلد وما اتصل بها من بناء، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما صار في عسفان خارج المدينة شرب.
فإذاً قد خرج من البنيان هذا هو القول الراجح والأحوط عند جمهور العلماء أنه لا يفطر إلا إذا خرج من البنيان، وذهب بعض أهل الظاهر إلى الإفطار في البلد واحتجوا بأحاديث مثل حديث أنس، ولكن حديث الصحيحين أقوى منه وهو القول الأحوط والأرجح إن شاء الله تعالى أنه لا يفطر إلا إذا خرج عن البلد وغادر بنيان البلد وانتقل عن البلد وغادر بنيان البلد.
ذهب عامة الصحابة إلى أن من أدرك هلال رمضان وهو مقيم ثم سافر جاز له الفطر لأن الله تعالى جعل مطلق السفر سبباً للرخصة فما دام أنه سافر سواءً كان حاضراً من أول النهار في البلد أو سافر من الليل فإنه يجوز له الإفطار لأن بعضهم يرى أنه إذا طلع عليه النهار وهو في البلد ثم سافر لا يفطر تغليباً لحال الحضر لكن ليس هذا الراجح بل الراجح أنه يجوز له الفطر.
ثانياً: أن يبدأ السفر بعد الفجر ويطلع الفجر وهو مقيم في بلده ثم يسافر خلال النهار فهذا الذي ذكرنا قبل قليل أن الراجح جواز الإفطار بالنسبة له، وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يجب عليه إتمام ذلك اليوم وأصح الروايتين عن أحمد وبعض الشافعية: أن من نوى الصوم في الحضر ثم سافر في أثناء اليوم طوعاً أو كرهاً فله الفطر بعد خروجه ومفارقة بيوت قريته العامرة، أي: المأهولة بالسكان، واستدلوا بظاهر الآية وبحديث جابر رضي الله عنه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن الناس صاموا، فقال: أولئك العصاة) رواه مسلم والترمذي واللفظ له.
والحالة الثالثة: أن يفطر قبل مغادرة البلد وقد منع من ذلك جمهور العلماء وقالوا: إن السفر لم يتحقق بعد بل هو مقيم وشاهد وقد قال تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد، ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين ولذلك لا يقصر الصلاة.
فائدة للذين يسافرون من المطارات: إن كان المطار بينه وبين البلد فضاء منفصل عن بنيان البلد فإنه يجوز له أن يفطر في المطار ففي مثل ذلك الحال مثلاً مطار الرياض يعتبر خارج البلد فإنه لو أراد أن يسافر من الرياض فركب سيارة إلى المطار فإنه يفطر في المطار؛ لكن لو كان المطار داخل البلد وعند حدود البلد ملتصقاً به؛ فإنه لا يفطر في المطار وإنما يؤخر الفطر حتى تقلع به الطائرة وتبتعد به عن البنيان.
إذا عاد المسافر إلى بلده وهو محل إقامته.
إذا نوى الإقامة في المكان الذي وصل إليه وكان صالحاً للإقامة ليس كالمفازة أو دار الحرب ولا كالسفينة، فإنه إذا وصل إلى مكان صالح للإقامة فنوى الإقامة فيه فإنه تنقطع الرخصة ويصير مقيماً بذلك، فيتم الصلاة ولا يفطر في رمضان، فإن ذهب إلى بلد وهو لا يدري كم يجلس بها يقول: أجلس حتى تنقضي حاجتي، وربما تنقضي في يوم وربما في يومين وربما في أسبوع ربما في شهر فهذا له أن يفطر إلى ما شاء الله لأنه لم ينو الإقامة ولم يعلم أنه يجلس في البلد أكثر من أربعة أيام كمن ذهب في متابعة معاملة أو نحوها وربما قالوا له: ارجع غداً أو ارجع بعد غد فهذا له أن يفطر ولو بقي مدة طويلة.
فائدة فيما يجب عليها وعلى المرضع: اختلف أهل العلم في ذلك فمنهم من فرق بينما إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وقال بعضهم: ولدها كجزء من أجزائها وعضو من أعضائها فإذا خافت عليه فإنها تكون كمن خافت على عضو من أعضائها، ولذلك فالراجح والله أعلم أن الحامل والمرضع ليس عليهما إلا القضاء ولا كفارة عليهما.
فائدة في حكم الصيام للهرم ومن أصابته الشيخوخة.
الشيخ الفاني الذي فنيت قوته وأصبح كل يوم في نقص إلى أن يموت، وكذلك المرأة العجوز لا يلزمهما الصيام ولهما أن يفطرا ما دام الصوم يجهدهما ويشق عليهما، فهما يدخلان في قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] وقال ابن عباس في هذه الآية: ليست منسوخة؛ هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً كبير السن الذي لا يستطيع الصيام يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
فائدة: يجوز له أن يطعم قبل بداية الشهر أو بعد نهايته أو خلال الشهر دفعة واحدة أو على دفعات.
فائدة فيما يطعم: نصف صاع من قوت البلد وهو مقدر بكيلو ونصف من الأرز أو كيلو غرام ومعه شيء من الإدام، وهي طعام وليس مالاً فإنه لا يجزئ إخراج المال على الصحيح لأن الله قال: فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] فلما نص الله على الطعام وجب إخراج الطعام.
فائدة: بأنه إذا كان غير مطبوخ فهو نصف صاع وإذا كان مطبوخاً فهو وجبة مشبعة، وجبة غداء لو اشتراها من المطعم أرز ولحم أو أرز ودجاج يعطي هذه الوجبات بعدد الأيام التي يفطرها لعذره، هذا عذره مستمر فعليه الفدية وهو أن يطعم من الحبوب إذا استطاع والمطبوخ وجبة مشبعة.
فائدة في حكم صيام المقاتل: من قاتل عدواً أو أحاط العدو ببلده والصوم يضعفه عن القتال ساغ له الفطر بدون سفر، وكذلك لو احتاج للفطر قبل القتال أفطر، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالفطر قبل القتال لأن الفطر أقوى لهم، فإذاً مثل بعض ساحات الجهاد وبعض المدن المحاصرة فك الله أسرها، أو هؤلاء المقاتلون الذين يقاتلون اليوم في ربوع بلاد البوسنة وغيرها إذا احتاجوا إلى الفطر فإنهم يفطرون والقتال قد يطول، فإذا احتاجوا للفطر فإنهم يفطرون ثم يقضون بعد ذلك.
فائدة فيمن اضطر لإنقاذ معصوم واحتاج للفطر: كرجال المطافئ أو الذي يريد أن ينتشل غريقاً، فهذا يفطر إن احتاج إلى الإفطار بل قد يجب عليه أن يفطر لأجل إنقاذ المعصومين، فإن رجال الإطفاء أو رجال الإنقاذ إذا احتاجوا للفطر أفطروا ثم قضوا.
فائدة: أن الحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة:
فكل من وطأ في فرج قبل أو دبر من إنسان أو بهيمة فإن عليه الكفارة المغلظة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، ولا يجوز التلاعب بأن يقول: شهرين طويلة وما أستطيع وعندي عمل، بل يجب عليه أن يقوم بالكفارة مع التوبة إلى الله وقضاء اليوم الذي أفسده مع الكفارة.
إن كانت موافقة مواتية فإن عليها الكفارة مثلما هي عليه، وإن كانت مكرهة غير راضية فليس عليها الكفارة ولكن الأحوط أن تقضي ذلك اليوم وقال ابن عقيل رحمه الله عن جماع المرأة في نهار رمضان إن غصبت أو أتيت نائمة فلا كفارة عليها، وهل يفسد صومها، الفقهاء على فساد صومها وشيخ الإسلام على عدم فساده لأنها مكرهة والمكره غير مؤاخذ والأحوط أن تصوم ذلك اليوم.
لا خلاف في وجوب التوبة والقضاء عليه، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن عليه الكفارة بالإضافة إلى القضاء، وذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة، قالوا: دليلهم أن النص، ورد في الجماع وما عداه فليس في معناه يعني: الطعام والشراب لا يقاس على الجماع، ولذلك من أكل أو شرب عامداً في نهار رمضان عليه التوبة والإمساك بقية اليوم وقضاء ذلك اليوم فقط.
لا يفسد صومه إجماعاً بل يتم الصيام، وكذلك من أجنب ليلاً فأصبح صائماً فصومه صحيح، أما حديث: (من أصبح جنباً فلا صوم له) وهو في البخاري ومسلم فإنه محمول إما على النسخ أو على الإرشاد إلى الاغتسال قبل الفجر فلوا احتلم وأصبح في الصباح طلع الفجر وهو على نيته السابقة في الصوم فهذا صيامه صحيح.
جامع في الليل وقبل الفجر نزع فطلع عليه الفجر وهو جنب وصار اغتساله بعد طلوع الفجر فصيامه صحيح لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: (نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنباً من غير احتلام ثم يغتسل ثم يخرج) يعني: من الجماع، وأخبرت عائشة رضي الله عنها فيما معناه أنه كان يغتسل من الجنابة بعد الفجر، فإذاً الجنابة لا تؤثر في الصيام ما دام أنه قد نزع قبل الفجر أو احتلم وهو نائم هذه لا تؤثر في الصيام.
إذا كان قليلاً لا يمكن التحرز منه فهو تبع لريقه فلا يفسد به الصوم ولا يفطر، وشرط بعض أهل العلم ألا يقصد ابتلاعه وأن يعجز عن تمييزه ومجه فإذا استطاع أن يميزه ويمجه فإنه يجب عليه ذلك ولا يبتلعه أما إن ابتلعه رغماً عنه وكان شيئاً قليلاً لا يمكن تمييزه بل هو مختلط في اللعاب فابتلعه بدون قصد فصيامه صحيح.
فائدة في البلل الذي يبقى في الفم بعد المضمضة:
إذا ابتلعه الصائم مع الريق لا يفسد صومه بشرط إخراج الماء بعد المضمضة، والبلل والرطوبة الباقية لا يمكن التحرز منها لكن في الصيام لا يبالغ في المضمضة والاستنشاق كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فائدة في النخامة والنخاعة:
أما النخامة: فهي المخاط النازل من الرأس، والنخاعة: البلغم الصاعد من الباطن بالسعال والتنحنح وكلاهما يصل إلى الحلق فإذا وصلت إلى الفم أخرجها، فإذا وصلت إلى الفم ثم أعاد ابتلاعها عمداً أفطر، لكن إذا لم يمكنه التحرز فكثير من الناس الذين يبتلون بالتهاب في الجيوب وغيره أو بعض العلل التي توجب تجمع البلغم وتجمع النخامة والنخاعة فهذا ما يدخل في جوفه بغير قصد فإنه لا شيء عليه وصيامه صحيح؛ خصوصاً أنه يشق التحرج منه في بعض الحالات.
فائدة: في رجل حشا أسنانه بحشوة طبية ودخل نهار رمضان فأحس بطعم المر: أجاب الشيخ/ عبد العزيز بن باز عن هذا السؤال أنه لا يضر مثل طعم الماء.
الحديث يفصل هذا وهو قوله صلى الله عليه وسلم (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقضِ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح، والتقيؤ عمداً بوضع إصبعه أو عصر بطنه، أو تعمد شم رائحة كريهة أو مداومة النظر إلى منظر فظيع وهو يعلم أنه يوجب له القيء يفطر، لكن لو أنه قاء بغير تعمد فإنه لا يفطر وليس عليه شيء ولا يجب عليه إمساك الباقي في معدته، واحد ذرعه القيء بدون فعل منه هل نقول: أمسك الباقي مع أن إمساكه يضر به؟ الجواب: لا، بل إنه يرتاح والذي يخرج بشكل طبيعي منه أثناء التقيؤ لا يمسكه ويخرجه ما دام ليس متسبباً فيه، وإذا خرج إلى حلقه شيء فإنه يخرجه ولا يعاود ابتلاعه.
اتفق أكثر العلماء على أنه يلفظه ويصح صومه، وكذلك الحكم فيمن أكل أو شرب ناسياً ثم تذكر الصوم فهذا يبادر إلى لفظه، لو أنه أكل وشرب ناسياً ثم تذكر فجأة هل يكمل ما بقي في يده أو يبلع ما في فمه؟
لابد أن يخرجه؛ لكن إذا كان يتسحر وأذن الفجر وهي الفائدة السادسة والسبعون، وهو يتسحر فإنه ينبغي عليه أن يمسك وقد ورد حديث في أنه لو كان بيده كأس ماء فإنه لا يضعه بل يشربه، ولكن العلماء اختلفوا في صحة هذا الحديث فقال بعضهم: إنه حديث شاذ لا يصح الأخذ به، وأنه ما دام قد طلع الفجر فلا طعام ولا شراب وأن هذا الحديث يخالف نص الآية والآية فاصلة، فلذلك لا يأكل ولا يشرب شيئاً، لكن الاعتماد على التقويمات وليس على الرؤية العينية والتقويمات الحسابية شيء ظني ولذلك نقول: الأحوط أن يكف عن الطعام والشراب إذا أذن المؤذن، لماذا قلنا الأحوط؟
لأن العمل بالأذان على التقويمات، ولو أن إنساناً كان في البر وهو ينظر إلى جهة المشرق ولا زال الظلام دامساً والفجر لم يطلع فإنه يأكل ويشرب ولو أذن عشرات المؤذنين؛ لأن العبرة بطلوع الفجر وليس بالتقويم، هذه الخانة التي يضعونها في بعض التقويمات قبل الفجر بعشر دقائق يكتب الإمساك بدعة من البدع لا أصل لها، وهي مخالفة للكتاب والسنة ولإجماع علماء المسلمين في أن للمسلم أن يأكل وأن يشرب حتى يطلع الفجر، فمن زعم أنه يمسك قبل عشر دقائق ويزعمون أن هذا وقت الإمساك فهو بدعة، ولذلك ينبغي على أصحاب المحلات التجارية الذين يطبعون الدعايات وعلى أصحاب المطابع الذين يطبعون لهم الدعايات الانتباه إلى حذف هذه الخانة بالكلية لأنها بدعة من البدع ما أنزل الله بها من سلطان.
يكره بلا عذر لما فيه تعريض الصوم للفساد أما إن كان بعذر إذا احتاجت المرأة وهي تطبخ مثلاً أو الرجل إلى ذوق الطعام لينظر اعتداله فإنه لا بأس به، قال الإمام أحمد : أحب إلي أن يجتنب ذوق الطعام فإن فعل فلا بأس به، هذا الذوق باللسان أما إذا وصل إلى الحلق أفطر.
وذكروا من الأعذار أن تمضغ المرأة الطعام للولد الصغير إذا لم تجد الأم منه بداً، فإذاً يجوز ذوق الطعام فقد ورد عن بعض الصحابة أو عن ابن عباس أنه كان إذا أراد أن يشتري شيئاً احتاج إلى تذوقه ذاقه بطرف لسانه ثم يلفظه بطبيعة الحال، فعلى الإنسان أن يحتاط ولا يتساهل في الذوق أو التذوق حتى لا يفسد صومه.
العلك إذا كان يتحلل منه أجزاء فيحرم مضغه وإن تفتت فوصل منه شيء إلى الحلق والجوف أفطر، وإذا كان له طعم مضاف مثل السكر فوجده في حلقه أفطر، وإن لم يكن له طعم ولا يتحلل منه شيء ولا يدخل شيء البتة فيكره ذلك؛ لأن صاحبه يتهم بالإفطار كما قال بعض السلف: إياك وما يسبق إلى العقول إنكاره وإن كان عندك اعتذاره، وأكثر العلك الموجود إما أن يتفتت من أجزاء أو فيه طعم سكر أو ما شابه ذلك فهذا لا يجوز بطبيعة الحال.
فائدة في هذه الأسوكة الجديدة التي طلعت في هذه السنة: وهي أن بعضها بنكهة الليمون وبعضها بنكهة النعناع فاستفتيت بعض أهل العلم في هذا فقال: إنها تفطر إذا وصل طعمها إلى الحلق، ولذلك لا تستخدم هذه الأسوكة التي فيها طعم الليمون أو النعناع أو ما شابه ذلك، وعليكم بالسواك الطبيعي.
وفائدة: أن السواك لا يشترط أن يكون جافاً عند استعماله للصائم بل يجوز استعمال السواك ولو كان رطباً.
أما الذي لا يملك نفسه فإنه لا يجوز له أن يفعل ذلك لأنها ذريعة إلى إفساد صومه، فإن كان يملك نفسه فقبل ولم يخرج منه شيء فصيامه صحيح، فعلى الصائم أن يجتنب التقبيل وغير ذلك من مقدمات الجماع إذا لم يأمن على نفسه وقوع ما يفسد صيامه مثل الإنزال والجماع فيبتعد، وقال بعض أهل العلم بالتفريق بين الشيخ والشاب ولكن هذا التفريق ليس بمطرد؛ فقد يوجد شاب يملك نفسه وكبير لا يملك نفسه وإن كان الغالب العكس ولكن التحرز مهم.
اختلفوا فيها اختلافاً كثيراً ومذهب جمهور العلماء أنها لا تفطر لكنهم كرهوها، وقال الشافعي رحمه الله: لو ترك رجل الحجامة صائماً للتوقي كان أحب إليه ولو احتجم لم أره يفطره، وذكر الخطابي رحمه الله بأن المحجوم قد يضعف فتلحقه مشقة فيعجز عن الصوم فيفطر بسببها، والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء من الدم لأنه يمص، وذهب الحنابلة إلى أن الحجامة تفطر واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إفطار المفصود دون الفاصد إلا إذا وصل إلى حلقه وقد وردت في المسألة أحاديث كثيرة وبحث المسألة ابن القيم بحثاً لا مثيل له في شرحه على مختصر سنن أبي داود ، فإن شئت فراجع هذا البحث لتتعلم كيف يوفق العلماء بين الأحاديث المتعارضة، وفي هذا البحث يتجلى فقه الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فالأحوط الابتعاد عن الحجامة، وإن احتاج إليها فعلها والأحوط أن يقضي.
فائدة في حكم الاكتحال للصائم:
جائز بلا كراهة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يفطر.
فائدة في قطرة العين ودهن الجفن:
لا يفسد الصيام، وذهب إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأن العين ليست منفذ اعتيادياً، وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يفسد الصوم إذا وصل إلى الحلق فعندهم العبرة بالوصول إلى الحلق عن أي طريق كان الدخول.
فائدة: في حكم الاغتسال والانغماس في الماء للتبرد، أو التلفف في ثوب مبتل للتبرد فكل ذلك جائز ولا حرج فيه.
فائدة في حكم الغوص: وبعض الناس يعملون في الغوص كالذين يعملون في شركات استخراج النفط، أو يبحثون عن اللؤلؤ ونحوه إذا لم يخف دخول الماء في مسامعه فلا بأس به، وكرهه بعض الفقهاء في حال الإسراف والتجاوز والعبث، كأن يقول: أنا أريد أن أمارس رياضة الغوص في رمضان، نقول: ما وجدت إلا رمضان في النهار تمارس رياضة الغوص، مارسها في الليل مارسها في غيره.
ذهب جمهور العلماء إلى أن من اشتبهت عليه الشهور وهو في السجن لا يسقط عنه صوم رمضان بل يجب بقاء التكليف عليه، فماذا يفعل؟ إذا أخبره الثقات في دخول الشهر عن مشاهدة أو علم وجب عليه العمل بخبرهم ولو كان واحداً ثقة، وإذا لم يخبره ثقة بعلم أو مشاهدة وإنما المسألة اجتهادات فإنه يجتهد لنفسه في معرفة الشهر ويصوم بما يغلب على ظنه مع النية، فإذا استمر الإشكال ولم ينكشف له فهذا يجزئه صومه لأنه بذل وسعه ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأما إن علم بعد ذلك ماذا كان فله حالات:
أولاً: أن يوافق صوم المحبوس رمضان، فيعلم أن صيامه كان صحيحاً وأنه وافق رمضان فهذا مجزئ عند جمهور العلماء.
ثانياً: أن يوافق صوم المحبوس ما بعد رمضان، يعني: أنه اتضح أنه صام بعد رمضان فهذا يجزيه عند جمهور العلماء، لأن صومه يعتبر قضاءً، وقال بعض أهل العلم: إن وافق صومه أياماً يحرم صومها كالعيدين والتشريق قضى، أما إذا اتضح أنه صام قبل رمضان فلا يجزيه عن رمضان هذه الأيام التي صامها، ويجب عليه قضاؤها، ولو وافق صوم المحبوس بعد رمضان دون بعض أجزائه ولم يجزئه ما لم يوافقه.
وإذا اشتبه عليه الليل والنهار لأنه في زنزانة مظلمة فذهب النووي رحمه الله، وهذه مسألة مهمة قل من تكلم فيها إلا أنه إذا اجتهد فصيامه مجزئ.
فائدة في المرأة التي تأخذ الدواء لأن عادتها مضطربة ولا تحمل، أخبرها الأطباء أنه لا يمكنها أن تحمل حتى تنتظم العادة، ولا تنتظم العادة حتى تستعمل دواءً ينزل العادة، فهل يجوز أن تأخذ هذا الدواء في رمضان وهي تعلم أنها تنـزل العادة؟ أجاب أهل العلم من المعاصرين: لا حرج في ذلك إذا احتاجت للتداوي لأجل الحمل.
الجواب: هذا لا يجوز وفيه تحايل لكن إن نزل لمصلحة الطيران وغابت الشمس فلا بأس وإلا فلا.
الجواب: لا يمسك ما دام قد أتم نهاره بشكل صحيح.
الجواب: لا، إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم ولا عبرة بالحمرة الشديدة في الأفق ولا ينتظر أذاناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم).
فائدة في دواء الغرغرة: لا يفطر الصوم إذا لم يبتلعه لكن لا يفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه.
الجواب: أجاب الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم لأنه يعفى عنه؛ لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومات من الشرع.
الجواب: لا يجوز له ذلك، وهذا تحيل على الشريعة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: يتعين عليه الكفارة في هذا الموضع أشد؛ لأنه عاص، ولا يمكن أن تقول الشريعة لرجل إذا أردت أن تتجنب كفارة الجماع كل واشرب ثم جامع، بل هذا عليه الكفارة وهو أشد ممن لم يتحايل في الإثم.
الجواب: إذا أكرهت بالقوة أو الضرب كما إذا أمسكها أو ضربها أو هددها بوعيد تظن أنه يوقعه بها كالطلاق، فإنها تكون مكرهة لا كفارة عليها، ويجب عليها أن تدفعه بالقوة وإلا فهي مثله.
الجواب: إذا أصاب الإنسان ما دام بغير اختياره فإنه لا يضر بصومه.
الجواب: ذهب بعض أهل العلم إلى أن الإبر المغذية تفطر والإبر غير المغذية لا تفطر، وقال بعضهم: الإبر التي في الوريد تفطر والتي في العضلات لا تفطر، ولعل الأقوى والله أعلم أن الإبر إذا كانت مغذية فإنها تفطر لأنها بمعنى الطعام والشراب فهي تقوي كما لو أكل وشرب، ويلحق بها حقن الدم فإذا نقل إليه دم فهو من قبيل التغذية فإنه يفطر.
الجواب: إما بنـزول الطهر وهو القصة البيضاء، أو أن تحتشي بقطن ونحوه فإذا رأته نظيفاً عرفت أنها قد طهرت كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها فتصوم.
الجواب: نعم، يجب عليها أن تنوي الصيام ولا تفطر إلا إذا رأت الدم.
الجواب: إذا أسقطت شيئاً فيه تخليق لأحد أعضاء الجسم أو للجسم كيد أو رجل أو رأس وظهر تخطيطه في هذا الذي نزل منها وسقط فإنها نفساء؛ لأن التخطيط بعد الثمانين؛ أربعون يوماً نطفة وأربعون يوماً علقة، ثم بعد ذلك يبدأ التخليق، فبعد الثمانين يوماً إذا أسقطت فهي نفساء، وإذا ظهر التخطيط أو التخليق في الجنين النازل فهي نفساء ويكون الدم نفاساً، وأما إذا كان قبل ذلك فإنها استحاضة وتصوم، وبذلك تكتمل الفائدة مائة وما بقي نعرضه بسرعة.
الجواب: يجب عليها التوبة وقضاء ما تركته من الصيام في وقت تكليفها، وكذلك لا حياء في هذه المسائل وهي إذا بلغت فإنها لا يجوز لها أن تصوم في أيام الحيض، يحرم على الحائض الصيام ويجب عليها القضاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء؛ لكن عليه القضاء أمسك أو لم يمسك، ولكن الأحوط له أن يمسك.
وفائدة: فالمسافر إذا مر ببلد فليس عليه أن يمسك إلا إذا كانت إقامته فيه أربعة أيام فأكثر، مثلما سبق البيان، لكن لو كانت البلد بلده فإن كان ينوي الإقامة والمكث فيها لا يجوز له أن يفطر، وإن كان مر بها مروراً لا ينوي الإقامة بها ولا الجلوس كرجل يسكن في الرياض وهو الآن في المنطقة الشرقية يريد الذهاب إلى مكة فذهب إلى المنطقة الشرقية ودخل الرياض وخرج منها قاصداً مكة وهو من سكان الرياض فهذا لا يعتبر مقيماً لما دخل الرياض ولذلك يستمر في الرخصة.
فائدة المسافر للخارج الذي سيقيم سنوات الدراسة وغيرها:
اختلف أهل العلم في حاله، فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة على أنه في حكم المقيم يلزمه الصيام، وذهب آخرون إلى أنه ليس بمقيم لكن الأحوط له أن يصوم ثم إننا إذا قلنا له يجوز لك أن تفطر وهو سيمكث سنوات طويلة في الخارج فمتى يقضي وقد توالت عليه رمضانات؟
الجواب: يحصل البلوغ في واحد من أمور ثلاثة عند الذكر وهي:
إنزال المني باحتلام أو غيره.
نبات شعر العانة الخشن حول القبل.
بلوغ تمام خمسة عشر عاماً، وتزيد الأنثى أمراً رابعاً وهو: الحيض، فتكلف إذا نزل منها دم الحيض.
الجواب: أن المجنون إذا أفاق والكبير في السن إذا عاد إليه عقله يلزمهم الصيام، فإذا ذهب عقله فإنه لا صيام عليه.
السؤال: المجنون في حالة جنونه هل عليه فدية؟، والذي ذهب عقله في أثناء ذهاب عقله هل عليه فدية؟
لا، لأنه ليس من أهل التكليف لا صيام ولا فدية، فلو قال: عندنا في البيت هرم ذهب عقله لا يميز شيئاً ولا عنده إدراك ولا يدري من هو ولا يدري من أهله ولا من حوله، فنقول: لا يجب عليه الصيام ولا الفدية ولا يجب عليكم القضاء عنه لأنه ليس من أهل التكليف.
فائدة في المغمى عليه:
المغمى عليه إذا أغمى عليه من يوم إلى ثلاثة أيام قضى على قول بعض أهل العلم قياساً على النوم، وإذا أغمي عليه فوق أكثر من ثلاثة أيام لا يلزمه القضاء ولا الفدية قياساً على المجنون.
الجواب: يخرج الفدية نصف صاع من قوت البلد، فإن كان يرجى برؤه لا يخرج شيئاً بل ينتظر حتى يبرأ ويلزمه القضاء.
فائدة فيما لو مات وهو ينتظر البرء:
مريض قالوا له: يرجى برؤك فمات وهو ينتظر البرء؟ ليس عليه ولا على أوليائه لا كفارة ولا قضاء، ولا يخرج من تركته شيء.
قال الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز : إذا صمتم في هذه البلد ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تفطرون) لكن لو حصل العكس مثلاً صام في الباكستان الذين صاموا بعدنا ثم جاء إلى هذه البلد فصار العيد بعد سبعة وعشرين من صيامه، فماذا يجب عليه؟ إكمال يومين لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرون، هذا طبعاً سيصلي العيد مع المسلمين لكن عليه أن أن يصوم يومين تكملة لعدة الشهر لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين، لكن لو حدث العكس بأن صمنا قبلهم فصام هنا ثم ذهب إلى تلك البلد فحكمه حكم من ذهب إليهم لا يفطر إلا إذا أفطروا ولو زاد عن ثلاثين يوماً.
الجواب: مادام عندهم ليل ونهار يتميز ليلهم من نهارهم فإنه يجب الصيام، لو قال: نهارنا عشرون ساعة، نقول: لابد من الصيام لابد أن تنوي الصيام وتقوم لكن لو خشي على نفسه؛ أفطر اضطراراً وإلا يصوم لابد من الصوم.
الجواب: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويفطر من عادته السفر إذا كان له بلد يأوي إليه كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام وغيره من السلع والمكاري الذي يكري دوابه، وصاحب سيارة الأجرة مثلاً، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين ونحوهم، وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه مثل الطيارين مثلاً هؤلاء يفطرون ولو كانوا يسافرون أياماً كثيرة جداً، ولو كان عادتهم السفر يجوز لهم الإفطار، قال رحمه الله: فأما من كان معه في السفينة امرأته وجميع مصالحه ولا يزال مسافراً فهذا لا يقصر ولا يفطر لأن السفينة صارت بمثابة البيت بالنسبة له، قال: وأهل البادية كأعراب العرب والأكراد والترك وغيرهم الذين يشتون في مكان ويصيفون في مكان إذا كانوا في حال ضعنهم من المشتى إلى المصيف ومن المصيف إلى المشتى فإنهم يقصرون ويفطرون، وإما إذا نزلوا بمشتاهم ومصيفهم لم يفطروا ولم يقصروا وإن كانوا يتتبعون المراعي، والله أعلم.
الجواب: أفتى الشيخ/ محمد إبراهيم لما سئل عن التطعيم ضد الجدري أنه لا يفطر.
الجواب: فتوى الشيخ/ عبد العزيز : عليه الكفارة المغلظة مع القضاء.
الجواب: أجاب الشيخ حفظه الله: الظاهر أنه لا يفطر، لكن هذا ينتهك حرمة الشهر فعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، شرع في مفطر من المفطرات ولو كان ما وصل إلى الدرجة التي تفطر لكنه يجب عليه أن يحفظ نفسه.
فرق بعض أهل العلم بين الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ والحائض والنفساء إذا طهرت، وبين المريض إذا شفي والمسافر إذا قدم والمجنون إذا أفاق عند بعضهم أنهم كلهم عليهم القضاء وإمساك اليوم، وقال بعضهم بالتفريق: المجنون إذا أفاق والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم يمسكون بقية اليوم لأنهم صاروا من أهل الوجوب ولا قضاء عليهم، بخلاف الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام فهؤلاء يلزمهم القضاء ومنهم من رأى الإمساك والقضاء على الجميع.
الجواب: قال الشيخ/ عبد العزيز : لا تصوم بغير إذنه إلا رمضان إلا إذا سافر.
الجواب: هذه بدعة ولا يجوز العمل بالحسابات، والحديث نص في الموضوع: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
الجواب: أن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً موثوقاً بخبره لأمانته وبصره.
الجواب: قال الشيخ/ عبد العزيز : الأمر واسع إن شاء الله، الجمع يفوت به مصالح كثيرة للناس، يعني: لو قلت: تعالوا نجمع العشاء ونصلي بعده التراويح وهم الآن قد أفطروا على تمرات وأشياء أخرى، لكن لو فعلنا ذلك لشق علينا، فلو تركنا الجمع وقلنا: مصلحتكم أننا لا نجمع فنصلي المغرب الآن ثم نصلي العشاء والتراويح في وقت العشاء فلا حرج في ذلك ما دامت هذه مصلحة الناس.
الجواب: هو باختياره ليس طارئا، الإغماء تقدم حكمه، لكن هذا منوم باختياره، قال: نعم ما دمت أحتاج العملية نوموني بمخدر، فأفتى الشيخ إذا كان ثلاثة أيام فأقل فيقضي قياساً على النائم، وأكثر لا يقضي قياساً على المجنون.
الجواب: لا يصح لأنها لم تنو، فلو قالت: أنا سأنويه نفلاً ما دام أنه لا فائدة من الفرض وأصوم نفلاً في نهار رمضان.
فالجواب: قال العلماء: لا يقع صوم نفل في رمضان البتة.
ومما يتعلق بصلاة التراويح عند الثناء على الله في مطلع الدعاء هل يرفع الإمام والمأمومين أيديهم؟
الجواب نعم يرفعون أيديهم ولو كانت مقدمة لأن الثناء على الله جزء من الدعاء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر