أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه عن عداوة اليهود والنصارى, وأنهم أعدى الأعداء, وأخبرنا عز وجل عن كثير من مؤامراتهم التي يحيكونها على المسلمين, وأنهم لا يزالون يمكرون مكر الليل والنهار حتى يردونا عن ديننا لو استطاعوا, وأنهم لا يرضون عنا حتى نتبع ملتهم, وأنهم قد حسدونا على ما عندنا, وأنهم يريدون أن نتبع ملتهم, والله عز وجل قد حذرنا من شرهم ومكرهم, وإذا تأملنا أطول سورتين في القرآن: (البقرة وآل عمران) لوجدنا أنهما تضمنتا كثيراً مما يتعلق باليهود والنصارى.
ومع اقتراب العام (2000) للميلاد يتسارع النبض، ووتلاحق الأنفاس، ويكثر الكلام عن أحداث عظام ستحدث بزعمهم في هذا التاريخ, وإن من المؤسف حقاً -أيها المسلمون- أن يكون أهل الضلال والكفر والانحلال يعملون في الليل والنهار؛ لتحقيق نبوءاتهم المزعومة, والمسطرة في التوراة والإنجيل, بينما يغرق المسلمون في بحار الغفلة لا يعملون بالحق الذي أنزله الله في القرآن، إلا من رحم الله.
ومع اقتراب هذه المناسبة الألفية، لا بد للمسلم أن يعرف شيئاً مما يدور حول اعتقادات اليهود والنصارى في العام ( 2000) وماذا يريدون..؟
وماذا يتوقعون..؟
وماذا يعملون لأجل هذه المناسبة؟
لأن المطلوب منا -نحن المسلمين- أن نعرف ماذا يدبر أعداؤنا, لا أن نعيش في غفلة عما يقومون به, خصوصاً وأن كثيراً من هذه التدابير تحدث في بلاد فلسطين المسلمة, وليست في أقصى الأرض بعيداً عن بلاد المسلمين، وإنما القضية في قلب بلاد المسلمين.
فأما بالنسبة لليهود والمسجد الأقصى: فقد تضاعفت أعداد جماعاتهم المتعاونة لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى, فهناك أكثر من خمس وعشرين جماعة متخصصة في هذا الأمر.
والذين فتحوا النفق المشهور عام 1996م تحت المسجد الأقصى, بالإضافة إلى الأنفاق الكثيرة التي حفروها تحته, والسُعار اليهودي المتلهف نحو هدم المسجد الأقصى والكيد للمسلمين تمثل في أمور كثيرة: منها عمليات إحراق وتفجير وتدنيس وتلطيخ بالقاذورات, وفتح للنار على المصلين, وعندما يحين الموعد الذي ينتظرونه يمكن أن يقوم مئات الآلاف منهم بعمل ضخم وكبير، لهدم المسجد الأقصى وإزالته إذا لم يهبط المسجد من جراء الأنفاق الكثيرة التي يعملونها، أو يأملون أن تقع هزة أرضية في تلك المنطقة ولو بسيطة لينهار المسجد بعد أن حفروا تحته أنفاقاً كثيرة، فبقي على أساس هش.
وأما بالنسبة لنا: فإن هذا الجدار الذي يبنونه الآن، وهذا السور المرتفع والطويل يمثل عندنا تطبيقاً - نحن المسلمين- عملياً لقوله تعالى: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ [الحشر:14] فهذا الجدار الذي يبنونه هو أحد الجدر التي ربما سنقاتلهم من ورائها.
وأن المذبح لا بد أن يكون هناك, وقد شرعوا في بناء المذبح في منطقة قريبة من البحر الميت وصمم بحيث يسهل نقله إلى الهيكل, الذي سيقام على أنقاض المسجد الأقصى.
ولكنهم مجمعون على العمل، ونحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر لنا ما يتعلق ببني إسرائيل والبقر في كتابه في موضعين, الموضع الأول: في البقرة التي ذبحت وكانت معجزة لموسى عليه السلام ليضرب ببعضها القتيل الذي لم يعرف قاتله, فيحيا بإذن الله فيخبر بقاتله.
والموضع الثاني: العجل الذي عبده قوم موسى من بعده بما أضلهم السامري , ويوجد إلى الآن طائفة من اليهود من عباد العجل يعلقون العجل قلادة في رقابهم, وهي طائفة من طوائفهم، ومدرسة من مدارسهم موجودة إلى الآن.
فليس الاحتفال عندهم في تلك المنطقة، وهي بلد إسلامي، فتحه المسلمون, وأزالوا أوضار الشرك منه, إنهم لن يحتفلوا في ذلك المكان الذي تبنى فيه الفنادق بكثافة، وتنظم الأسفار السياحية إليه بكثافة؛ ليجتمع فيه أكثر من ثلاثة ملايين نصراني, تخيل يا عبد الله! ثلاثة ملايين نصراني يجتمعون في ذلك المكان، في هذه الألفية التي يتحدثون عنها - ليس احتفالاً بميلاد المسيح فقط وإنما ترقباً لقدومه وعودته، ونزوله في ذلك المكان وظهوره مرة أخرى, نحن المسلمين نعتقد بأن المسيح عليه السلام لم يمت وأن الله رفعه إليه، بخلاف النصارى الذين يعتقدون موته.
ويحهم يزعمون أنه ابن الله، وأنه قتل وصلب, وأنه سيعود إلى هذا المكان لقيادتهم مرة أخرى.
ونحن نعتقد بأن المسيح عليه السلام رفعه الله إليه: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157] وأنه سينزل في آخر الزمان عند المنارة البيضاء شرقي دمشق وليس في بيت لحم ولا الناصرة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، وسيحكم الأرض بشريعة الإسلام, ويقاتل اليهود والنصارى, وهذه المنارة البيضاء موجودة الآن وهي إحدى منارات المسجد الأموي بـدمشق, وسينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام في ذلك المكان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم, والله أعلم بوقت نزوله, ولكن نحن في آخر الزمان والأمر قد اقترب.
فاليهود والنصارى يتواطئون اليوم على الاحتفال بهذه المناسبة والاستعداد لها استعدادات عظيمة, فيحج منهم ثلاثة ملايين وعلى رأسهم كبيرهم الذي يرشدهم إلى أعمال الشرك والكفر يوحنا بولس الذي هو شيخ كفرهم في هذا الزمان, وأنهم سيجتمعون في ذلك المكان, بالإضافة إلى احتفالاتهم في أنحاء العالم الأخرى, والقضية قريبة، والخطر داهم، ولكن كثيراً من المسلمين عن هذا غافلون.
ويزداد الهوس، ويضع النصارى كاميرة مراقبة على البوابة في الأقصى, ويخصصون موقعاً في شبكة نسيج العنكبوت على الإنترنت لينقل لحظة بلحظة هذه البوابة, لأنهم يعتقدون بأن المسيح سيخرج منها, إن أولئك القوم الذين قاموا بهذه الصناعات، ووصلوا إلى الفضاء ليسوا أمة علمانية بحتة كما يتصور البعض، وإنما هم أمة لهم اعتقادات, وكما أن في المسلمين صحوة فكذلك عند النصارى صحوة في باطلهم, وكما أنه حصل عند المسلمين رجوع من كثير من أبنائهم إلى الدين، فإن النصارى يعيشون -على أعتاب الألفية القادمة- صحوة دينية ولكنها شركية كفرية.
ولذلك فإن الإقبال على الدين عندهم يزداد, وجمعياتهم الدينية وجماعاتهم تزداد, والقيام بالعمل على تحقيق نبوءاتهم يستشري, وعدد الذين سيحجون بزعمهم إلى بيت المقدس، وبيت لحم والناصرة سيزداد, كل ذلك رجوع منهم إلى الديانة التي يعتقدون بها، وكبارهم يقدرون ذلك, ويقدرون الكنيسة ويقدرون تلك المناسبة.
إن هذا الأمر استغله بعض المتدينين لديهم ليقولوا: بأن الانهيارات والأحداث المتسارعة في العالم في الألفية من أسبابها: مشكلة الصفر في عالم الحاسب الآلي, وأنهم إذا أقدموا على سحب الأرصدة ستنهار اقتصاديات، وستقع حروب نتيجة لذلك, فيربطون ما سيحدث في عالم الكمبيوتر بمعتقداتهم في هذه الألفية القادمة.
وهم يعتقدون -أي: النصارى- بأن مسيحهم المنتظر لن يأتي إلا بعد فترة متواصلة من الأزمات والكوارث المتتابعة من الحروب التقليدية والنووية وغيرها من الانهيارات الاقتصادية, فالمتدينون منهم يتوقعونها ويربطون بين هذه المشكلة وبين اعتقاداتهم.
أيها المسلمون: لماذا نكون من الغافلين؟ ونُعمي أبصارنا، ونُصم آذاننا عن تتبع ما يجري ما دامت القضية تمثل لديهم أمراً كبيراً, نحن نعلم بأن الغيب لا يعلمه إلا الله, ولا ندري هل ستمر الألفية مناسبة عادية، فيها زيادة احتفالات وفحش وغناء، وخمر، وسُكر، وعربدة، وفجور، ومجون، وزيادة في الأنوار. أم أنه سيرافقها أحداث عظام من كوارث وحروب في العالم؟
هل ستكون المناسبة مجرد أعياد تعم العالم يدخل فيها المسلمون وغيرهم، أم أنها ستكون معها كوارث وحروب؟
هذا أمر لا يعلمه إلا الله, ولكن المطلوب منا ولا شك، أن نكون يقظين ولا نكون غافلين, وأن نعلم ماذا يصنع القوم..؟ وماذا يريدون..؟!
إننا لسنا أمة مهمشة في التاريخ، بل نحن الذين قدنا العالم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرغمنا أنوف اليهود والنصارى، ولم نكن في مؤخرة الأمم إلا في هذه السنوات المتأخرة من عمر الزمن الذي كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم, ونسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه, وأن يجعلنا من المستبصرين بسبل المجرمين, ونسأل الله عز وجل أن يوقظ المسلمين من غفلتهم، وأن يردهم إلى دينهم، وأن يقيهم مكر أعدائهم، إنه سميع مجيب قريب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
عباد الله! قال تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً [الحج:34] وقال سبحانه: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا [البقرة:148] وقال: وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48] وقال سبحانه: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] وقال سبحانه: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7].
اليهود مغضوب عليهم, والنصارى ضلاّل, فالمغضوب عليهم والضالون يجتمعون اليوم, لكي يحققوا النبوءات المزعومة، ويعملون ليلاً ونهاراً بجد ونشاط, بجهود متكاتفة، وتبرعات طويلة, وأموال هائلة تجمع من أجل الوصول إلى ما يظنون أن سيحدث في هذه الألفية, فماذا أعدّ المسلمون؟!
بأي شيء قمنا نحن لمواجهة هذا الخطر الداهم وهذه الجهود الجبارة والحثيثة التي يقومون بها؟!
الاستعداد العقدي الإيمان بالله عز وجل, والتوكل عليه؛ الإيمان بالله عز وجل الذي يؤدي إلى أن يتصل المسلم بربه اتصالاً وثيقاً, ويتوكل عليه وينيب إليه, ويثق بنصره سبحانه وتعالى، وأن الله لن يتخلى عن دينه, وأنه سينصر الإسلام، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن عدد من البشائر التي تدل على عودة الإسلام قوياً في آخر الزمان، ونحن في آخر الزمان ولا شك، ولقد أخبرنا عن فتح القسطنطينية ورومية والتي فيها الفاتيكان عاصمة النصارى في العالم, وأخبرنا كذلك أن الإسلام لا يترك بيت مدر ولا وبر في الحاضرة والبادية إلا ويدخله, بعز عزيز أو بذل ذليل.
وأخبرنا بأن المسلمين سينتصرون على اليهود في معركة باب لد التي سيقودها المسيح ابن مريم، حتى إن الشجر سينطق بما وراءه من اليهود المختبئين إلا شجر اليهود الذي يكثرون من زراعته, وأن المسلمين سينتصرون على النصارى في معركة مرج دابق ، وهي قرية بقرب حلب في بلاد الشام معروفة قريبة من الحدود التركية, ستكون معركة جاء تفصيلها في صحيح مسلم في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وأنهم سيحشدون لنا تسعمائة وستين ألفاً من جنودهم, ولكن أهل الإسلام سينتصرون عليهم).
وأخبرنا عليه الصلاة والسلام بمعارك فاصلة بيننا وبين اليهود والنصارى تكون في آخر الزمان, وأخبرنا عن أحداث متلاحقة، وأحداث عظام ستكون في آخر الزمان, ونحن لا ندري هل هذه قريبة .. وهل سندركها في حياتنا أم لا؟ ولكنها في الجملة قريبة, فإننا في آخر الزمان ولا شك, وإذا كانت بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي أول أشراط الساعة الصغرى وقد مضى عليها أكثر من (1400) سنة فما بالك إذاً بما بقي؟! لا شك أنه يسير جداً.
أيها الإخوة: ما فائدة الحياة إذا كان يعيشها الإنسان للذات بهيمية, من طعام وشراب، ولباس واستمتاع بهذا الزائل الفاني، فما عند الله خير وأبقى.
فالمسلمون في قمة العبادة في العشر الأواخر من رمضان, واليهود والنصارى في قمة احتفالات الفحش في هذه الألفية التي يتحدثون عنها, وقد ذهب عدد من النصارى بعد أن باعوا ممتلكاتهم في أمريكا وغيرها إلى أرض فلسطين , وهم يتوافدون ليقوموا بحركة ما.. قِتال أو انتحار جماعي أو غيره, ويقولون: إن زعيم طائفتهم سيموت هناك.
نسأل الله عز وجل أن يجعل بلاد المسلمين آمنة مطمئنة, اللهم اجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين, وقنا كيد الحاقدين والحاسدين, اللهم إنا نستجير بك من كيد اليهود والنصارى يا رب العالمين, اللهم آمنا من شرورهم ورد كيدهم في نحورهم, واجعل الغلبة لنا عليهم، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أقم علم الجهاد, واقمع أهل الزيغ والفساد والعناد، وانشر رحمتك على العباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد, اللهم انصر إخواننا في بلاد الشيشان وفي غيرها من الأرض على الظلمة الكافرين يا رب العالمين, اللهم سدد رميتهم، اللهم صحح منهجهم, اللهم واجمع كلمتهم على التوحيد إنك بالإجابة جدير, وعلى كل شيء قدير، والحمد لله أولاً وآخراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر