وأزف إليكم البشرى التي نشرتها الصحف في هذا اليوم:
ذكرت وكالة رويتر: بينما عدو الله رابين يتجول ليدخل في إحدى المتاجر إذ قام المجاهدون الفلسطينيون برمي حجر من الأسمنت من فوق مبنىً قريب، فارتطم بشرفة على بُعد نحو (5) أمتار أدى إلى تساقط حجارة في الشارع، وتناثرت فوق رأسه ومَن معه، واصطحب الحراسُ رابين على وجه السرعة بسيارة مضادة للرصاص، في الوقت الذي تطاير فيه المزيد من الحجارة، وفور سقوط الكتلة الخرسانية انطلق جنود اليهود في الشوارع يبحثون عن المهاجمين، وأسرع خلفهم الميجر جنرال إسحاق موردخاي ، قائد القطاع الجنوبي صائحاً: لا تفقدوا السيطرة، وفي حال الفوضى أثناء مغادرة موكب رابين للمكان لم يتضح ما إذا كان قد تم اعتقال أحد، وولى رابين الأدبار، وجاءت الصحف تحقق معه في الحادث، فقال: لم أر شيئاً، أصيب بعمى البصر، كما أصيب بعمى البصيرة، الرعب أعماه، أصبح لا يرى إلا الفرار من حجارة متناثرة سقطت عليه من فوق.
إنها عبرة وآية وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، حجارة تجعل قائدهم يفر، أين الصواريخ؟ أين المدافع؟ أين الحروب التي تدوم بين العرب وبين المسلمين عشر سنوات أو تزيد؟ أين الراجمات؟ يفر من الحجارة؟! وقائده ينادي الجنود المضطربين: لا تفقدوا السيطرة.
ثم أيها الأحباب الكرام: انفجرت أمس اشتباكات عنيفة بين المواطنين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وذكرت برقيات الأنباء أن حوالي خمسين فلسطينياً أصيبوا بجروح مختلفة -اختناقات وتسمم- ثم ماذا حدث لليهود؟ رُجِمُوا بالزجاجات الحارقة، وقنابل الْمَلَتُوف، وقذائف الأطفال من الحجارة، والمسامير، والبطاطا، وماذا حدث للدوريات هناك في الخليل ، ورام الله ، ونابلس ، وبيت لحم ؟ أسفر عن تدمير خمس سيارات جيب، وحافلة، وإصابة سبعة جنود صهاينة، بينهم ضابط بجروح مختلفة وحروق.
وذكرت هذه الأنباء أن إحدى المجموعات الضاربة من الشباب الفلسطيني هاجمت بالقنابل الحارقة منـزل وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي الإرهابي آرييل شارون في القدس المحتلة، وأشعلت النار في بعض أجزاء المنـزل، فيما هاجمت مجموعة أخرى بالحجارة سيارة الحاكم العسكري الصهيوني لمدينة رام الله ، فأصابته بجروح في الوجه والرأس.
وفجرت مجموعة ثالثة من الشبان الفلسطينيين عبوة ناسفة في إحدى أندية الجنود الصهاينة، في مدينة نهاريا على ساحل فلسطين المحتلة عام (1948م) مما أدى إلى احتراق النادي، ووقوع إصابات في صفوف رواده.
في حين قامت مجموعة رابعة بإشعال النيران في مائة دونم من المزارع والغابات التابعة لعدد من المستوطنات الصهيونية.
هل استطاع جيش عربي واحد أن يفعل ذرة من هذا؟ لا. حاشا لله أن يفعلوا!!
وإني أنصح قوات الدول العربية والإسلامية المسلحة، أن يضعوا قطعاً من الحجارة الصغيرة فوق أكتاف الجنود والضباط والقيادات بدلاً عن نجوم الذهب والفضة، لعلَّ الحجارة الصغيرة المستوردة من أرض فلسطين التي مستها يد المجاهدين، لعلها تحرك عند ضباطنا ساكناً، وتذكرهم أن القدس والأقصى لا تفتح بنجوم من ذهب، وإنما تفتح بقلوب خاشعة، وأجساد راكعة، وعيون دامعة، وأيدٍ متوضئة.
أحبابنا في الله! وهذه قصة دفن شهيد، صاغها الشاعر صيام ، بقصيدة يقول:
***
***
***
***
وبعد هذا العهد دفنوا الشهيد، وتفوح روائح المسك من قبره، آية من الله، من مات في سبيل الله لإعلاء كلمة الله مجاهداً أعداء الله فليبشر بحياة خالدة، روحه في حواصل طير خضر، ترتع في أنهار الجنة، تأوي إلى قناديل الذهب المعلقة في عرش الرحمن.
أحبابنا الكرام: وتتطهر سواحل غزة -هكذا نشرت الصحف عندنا- تسير في سواحل غزة ، وأمواج البحار الطاهرة (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) يغسل ضفاف غزة ، فلا تجد امرأة عارية تسبح على الساحل، بل لا تكاد تجد امرأة تكشف شعرها حيث إن شباب الانتفاضة وبالأخص من حماس شكلوا فرقاً تسير على الساحل، ينادون: يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ [النمل:18] أيها الكاسيات العاريات، إنما الهزائم تأتينا من المعاصي والسيئات، تسترن أو ارحلن عن فلسطين ، فإن فلسطين أصبحت الآن مسلمة.
والأطفال الصغار يحملون بأيديهم الطماطم والحجارة، وأي امرأة تعاند فتكشف جسدها الذي حرمه الله يأتيها الرجم من كل جانب. هذه هي الأمة التي تنتصر.
عزاؤنا في سواحلِنا، وما أدراك ما سواحلُنا! اذهبوا وانظروا، الشباب المتسكع، الكاسيات العاريات، الكافرات من الأجانب لا يجدن السياحة إلا على سواحل الدول العربية والإسلامية، لا تنتصر الأمم إلا بطاعة الله ورضوانه.
أيها الأحباب الكرام: وبين الحين والحين يقوم تلاميذ مدرسة ابتدائية أو متوسطة أو ثانوية فجأة برفع العلم الفلسطيني، ثم استخدام مكبر الصوت لإذاعة المدرسة فيقولون: نعلن نحن شباب الانتفاضة في القرية -أو المدينة أو الحارة أو المخيم أو أي مكان هم فيه- أن مدرستنا الآن استقلت عن اليهود، وما إن يسمع اليهود بهذا إلا ويأتون بمدرعاتهم ومجنـزراتهم وطائرة الهيلوكبتر ترفرف فوق المدرسة، وهجوم كاسح على مدرسة ابتدائية أو متوسطة.
روح الجهاد تسري في الأطفال فيتحولون إلى أبطال.
اللهم علمنا كما علمتهم.
اللهم نسألك لأمتنا قائداً ربانياً له قلب طفل من أطفال الحجارة.
اللهم إنا نسألك لأمتنا قائداً ربانياً عسكرياً مجاهداً يعرف كيف يستخدم كمائن الحفر، والبطاطا المُمَسْمَرَة، وكيف يضرب بالمقلاع ليقلع اليهود عن الأقصى وفلسطين .
أيها الأحباب: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
أيها الأحباب الكرام لا أكتمكم خبراً: إنني منذ ثلاثة أسابيع وأنا مريض في صدري، لا أستطيع أن أتكلم أو أتنفس -قسماً بالله- ما إن أرتقي على هذا المنبر، أو أتكلم عن فلسطين إلا ويذهب الربو الذي في صدري، وينطلق نفسي ولساني -بإذن الله رب العالمين-.
آية لمستها من بركة الأقصى، والدفاع عن الأقصى، وأتمنى أن تكون سائر ساعات يومي هنا على هذا المنبر لأتنفس كما يتنفس الناس.
تمر دورية من اليهود، فيقوم طفل في سن العاشرة، ومن فوق سطح داره وحوله الأطفال، والأطفال تحت الجدار، فماذا يفعل هذا الطفل في العاشرة؟ واليهود يمرون بالجيب المكشوف؟ فيأخذ باذنجانة بحجم القنبلة، ثم يقطع عنقها الأخضر -بفهم هكذا- ويصيح خذوا أيها اليهود، وما إن تنـزل حبة الباذنجان عليهم إلا ويتقافزون من السيارة وينبطحون على وجوههم وينتظرون الانفجار، ثم إذا بهم يسمعون انفجار قهقهة الأطفال عند الجدار الذين ينـزلون عليهم وابل الحجارة، ثم ينطلقون مع الرياح، فيقوم اليهود، ينفضون الغبار عن بدلاتهم العسكرية، وبنادقهم الأوتوماتيكية، ويصعدون مرة ثانية إلى سيارتهم، ومعهم الذل والعار من حبة باذنجان بيد طفل في العاشرة.
ويخترع اليهود مدفعية جديدة تلتهم الحجارة الكبيرة وتكسرها ثم تضربها مرة واحدة على الأطفال، فجاء طفل وقال: السلاح المضاد عندي، صنعته البارحة في المطبخ، وإذا بكيس من البطاطا قد غرز به مسامير طويلة، وما إن جاءت هذه السيارة بعجلاتها تلتهم الحجارة من على الموانع، حتى ألقوا البطاطا تحتها فداستها، فنـزل الهواء من العجلات، وبركت على الأرض، لا تستطيع الحراك، فذهب اليهود وأحضروا رافعة، يجرون قاذفة الحجارة، بسلاح من البطاطا المُمَسْمَرَة بأيدي أطفال.
والعجب كل العجب عندما يضرب اليهود الحصار، ومنع التجول وحضره في الليل، فيقوم الأطفال بصيد القطط، وتخبئتها في النهار، فإذا جاء الليل أحضروا العلب والصفائح وربطوها بأذيال القطط، وعندما تمر الدوريات تتجول يطلقون القطط في الظلام، فيسمع اليهود أصوات العلب والصفائح تقرقع من بعيد قادمة إليهم، فيأخذون أهبة الاستعداد، وما إن تقترب في الظلام حتى يطلقون النار في كل اتجاه، وإذا هي قطط تتسلق الجدران وتخفي في الدور: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ [المنافقون:4] هكذا أذلهم الله بأذيال قطط، وعلب من الصفيح، وحجارة، وبطاطا.
وترى جندياً من اليهود بعد أن بكى وأرهقه التعب، واستند على جدار وعود اللاسلكي ظهر من خلف الجدار، فيأتي طفل صغير بهدوء، ويربط عليه علماً لـفلسطين بهدوء، ثم يأتي أطفال من الجانب الآخر إلى الجندي، فيرجمونه بالحجارة فيجري خلفهم، والعلم يرفرف على جهاز الاتصال وهو لا يدري، والجنود يجرون خلفه، يظنون أنه فلسطيني قد تنكر، وما إن يهموا عليه بالضرب وإذا وجهه وجه قرد أو خنـزير.
إن فلسطين آية وعبرة.
أحبابنا في الله: التاريخ الآن يقف مدهوشاً متعجباً لما يحدث هناك على فلسطين .
أحبابنا في الله: لا نملك لهم إلا الدعاء.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحررنا في أوطاننا من عقدة الخوف، ويجعل شتات أمتنا دولة، وخوفها أمناً، ويأسها رحمة، وقنوطها رجاء، وأن يجعل ضعفها قوة، وأن يحول قعودها جهاداً إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، يا من لا يُرد أمرُك، ولا يُهزم جندُك نسألك أن تنصر المجاهدين في فلسطين، اللهم أحص اليهود عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم أفشل خططهم، وجمد الدماء في عروقهم.
اللهم أصبهم بأمراض الإيدز، وسلط عليهم جنداً من جندك، فإنه لا يعلم جنودك إلا أنت يا رب العالمين.
اللهم ائت اليهود من فوقهم ومن بين أيديهم ومن خلفهم، اللهم ائت اليهود من تحت أرجلهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين، وفرج عن إخواننا في سجون أنصار، اللهم فرج عن إخواننا في سجون أنصار، اللهم كفكف دموع اليتامى والإماء والأرامل، يا رب العالمين.
اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وعراة فاكسهم وجياع فأطعمهم، وعالة فأغنهم إنك على ذلك قدير.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.