إسلام ويب

تأصيل علم العقيدة [2]للشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجب على المسلم تعلم العلم الذي به يعرف ربه ودينه ونبيه، فإذا علم ذلك ينبغي عليه أن يعمل بما علم كما أمره الله عز وجل، ثم بعد ذلك يدعو إلى ما تعلم من أصول الدين وفروعه، والدعوة هي مهمة الأنبياء، ولابد من حصول الأذى من المدعوين، فينبغي أن يصبر، فقد أوذي الأنبياء فصبروا، فهم خير قدوة.

    1.   

    نبذة مختصرة عن كتاب الأصول الثلاثة ومؤلفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.

    اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.

    أيها الإخوة الكرام! إن طلب العلم من الأمور المهمة للمسلم عموماً وللداعية إلى الله سبحانه وتعالى خصوصاً؛ فإن البصيرة هي النتيجة المترتبة على طلب العلم، وهي طريقة الأنبياء والمرسلين، كما قال الله عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108].

    فطلب العلم أمر مهم وأساسي في صحة عمل الإنسان، وفي صحة دعوته، وفي صحة فهمه للقرآن وللسنة.

    وهذه الأمور ينبغي أن تكون محط اهتمام لكل شاب ولكل مسلم، فالعلم وطلب العلم من الأمور الضرورية والأساسية.

    في هذا اللقاء بإذن الله سنبتدئ هذه الدروس بكتاب (الأصول الثلاثة) للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.

    وهذا الكتاب هو متن صغير أساسي يبين فيه التوحيد والدين والنبوة، يبين هذه المعاني الثلاثة الأساسية المهمة في فهم العقيدة، وفي دراستها دراسة سليمة وصحيحة.

    وهو كتاب مختصر، لكنه كتاب مبارك؛ لأنه سهل العبارة ومركز وموجه، وليس فيه أي تعقيد أو إشكالات.

    فالإنسان بمجرد أن يقرأ الكتاب يستطيع أن يفهمه، ويستطيع أن يعرف المعاني المتضمنة فيه.

    هذا الكتاب قبل أن يبدأ الشيخ في الأصول الثلاثة قدم لذلك بأربعة مسائل، ثم بعد ذلك بثلاثة مسائل أخرى، ثم شرع في الأصول الثلاثة.

    والأصول الثلاثة إذا سألنا أنفسنا: لماذا حدد الشيخ هذه الأصول الثلاثة؟ لماذا لا تكون خمسة؟ لماذا لا تكون سبعة؟ لماذا لم تكن عشرة؟

    لقد بناها الشيخ رحمه الله تعالى على أساس أنها المسائل والأصول التي يسأل عنها الإنسان في قبره.

    فالإنسان إذا دفن في قبره يسأل عن ربه، ويسأل عن دينه، ويسأل عن نبيه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث البراء بن عازب ، وأيضاً في غيره من الأحاديث: (أن الإنسان إذا دفن في قبره جاءه ملكان، أحدهما منكر والآخر نكير، ثم يسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟).

    فهذه الأسئلة الثلاثة تحتاج إلى إجابة، وإجابتها هي التي ذكرها الشيخ رحمه الله في هذه الرسالة المختصرة.

    والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هو عالم جليل، ولد في نجد في العيينة في عام ألف ومائة وخمسة عشر، ونشأ نشأة علمية منذ أن كان صغيراً، وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، ثم بعد ذلك درس على والده شيئاً من العلم، ثم انتقل إلى مكة ودرس على علمائها، ثم انتقل إلى بلاد الشام وإلى المدينة، ودرس في المدينة على الشيخ محمد حياة السندي صاحب الحواشي على كتب السنة، وهو عالم معروف في علم الحديث.

    وأيضاً درس علم الفرائض على إبراهيم الشمري شارح الألفية، له كتاب اسمه (العذب الفائض في شرح ألفية الفرائض).

    والتقى بعدد من أهل العلم ودرس عليهم وتفقه رحمه الله، ثم جاء إلى نجد وبدأ عملاً دعوياً تجديدياً نافعاً صالحاً؛ لأن الناس في تلك الفترة كانوا في فترة وانقطاع من العلم الشرعي، وكانوا في فترة انتشار للشركيات بأسباب كثيرة منها: الجهل، ومنها: البدع التي كانت منتشرة، ومن آثارها الشركيات، وسيأتي معنا تفصيل هذه القضايا في كشف الشبهات، وفي كتاب التوحيد بإذن الله تعالى.

    فلما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى بيئة مليئة بالشرك، يعبدون غير الله عز وجل، وهم في نفس الوقت ينتسبون إلى الإسلام، بل إن العلماء في زمانهم كانوا يؤكدون أنه لا مانع من مثل هذه الشركيات، بحجة محبة الأولياء والصالحين والأنبياء وغير ذلك، فقام ببيان التوحيد، وركز على موضوع توحيد الألوهية؛ لأنه هو التوحيد الذي جاءت به الرسل كما سيأتي معنا.

    وأوذي رحمه الله وصبر على هذا الإيذاء، وكاد يقتل رحمه الله، ثم بعد ذلك اجتهد واستطاع أن يؤثر تأثيراً كبيراً، واجتمع هو ومحمد بن سعود واستطاعا أن يؤسسا دولة على التوحيد، وينشرا العقيدة الصحيحة.

    وقد توفي رحمه الله في سنة ألف ومائتين وستة، يعني: في بداية القرن الثالث عشر.

    وله عدد من الكتب منها: هذا الكتاب (الأصول الثلاثة)، ومنها: (كتاب التوحيد)، ومنها: (كشف الشبهات) ومنها: (نواقض الإسلام) وله اختصار لزاد المعاد، وله اختصار أيضاً لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقد جمعت مؤلفاته جميعاً وطبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهناك رسائل كتبها إلى عدد من الأمراء، وإلى عدد من زعماء القبائل في تلك الفترة.

    وكان له دعوة وجهاد وبذل عظيم في نشر التوحيد، وتأثر به عدد كبير في العالم الإسلامي، وقام من أصداء دعوته حركات ودعوات، منها: دعوة الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله في أفريقيا، وقد تأسست على دعوة الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله دولة في وسط أفريقيا في الهاوسا، كانت هذه الدولة تدعو إلى التوحيد، وله كتاب شهير بعنوان: (إحياء السنة وإماتة البدعة).

    1.   

    المسائل الأربع الواجب تعلمها

    المسألة الأولى: العلم

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اعلم رحمك الله أن يجب علينا تعلم أربع مسائل:

    الأولى: العلم.

    الثانية: العمل به.

    الثالثة: الدعوة إليه.

    الرابعة: الصبر على الأذى فيه].

    وقد أخذ هذه المسائل من سورة العصر.

    أولاً: العلم. قال: [ وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ].

    فالعلم أمر ضروري في معرفة الدين، والعلم الواجب هو العلم بأركان الإيمان، والعلم بأصول العقيدة، والعلم بأركان الإسلام، وبالأمور الواجبة على العبد، ثم ما عدا ذلك يعتبر من الأمور المستحبة، وهو في الجملة من فروض الكفايات التي يجب أن يكون في الأمة.

    وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم واجب على كل مسلم ومسلمة).

    والعلم لا شك في أهميته، وقد ذكر الشيخ أن المقصود بالعلم الواجب هو معرفة العبد لله عز وجل، وهذا سيأتي معنا في الأصل الأول من الأصول الثلاثة: وهو التوحيد.

    ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، وهذا سيأتي معنا بإذن الله تعالى في الأصل الثاني من الأصول الثلاثة.

    ومعرفة نبيه، وهذا سيأتي معنا في الأصل الثالث من الأصول الثلاثة: وهو النبوة.

    المسألة الثانية: العمل به

    قال: والعمل به، يعني: العمل بالإسلام؛ فإن الله عز وجل قد أمر بالأوامر الشرعية، وجاء بهذا الدين عقيدة وعملاً من أجل أن يعمل به، ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العلم يهتف بالعمل، فإن أجاب وإلا ارتحل.

    والعمل من أصول الإيمان؛ فإنه لا يتم إيمان العبد إلا بالعمل، ولا يصح إيمان الإنسان إلا بالعمل، فالعمل بأصول الإسلام من الواجبات.

    المسألة الثالثة: الدعوة إليه

    الثالثة: الدعوة إليه، يعني: بعد أن يعلم العقيدة الصحيحة ويعمل بمقتضاها؛ فإنه ينبغي عليه أن يدعو إليها، وهذه هي طريقة الأنبياء، فإن الأنبياء بعد أن علموا وعملوا دعوا إلى الله عز وجل على علم وبصيرة، كما قال الله عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108].

    والدعوة إلى الله عز وجل من الأمور المهمة في نشر العقيدة الصحيحة، والأنبياء كلهم من الدعاة، وهم يدعون إلى التوحيد، ويدعون إلى العقيدة الصحيحة.

    والدعوة أول ما يجب أن تكون هي الدعوة إلى التوحيد، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن أرسله داعية إلى الله عز وجل، قال: (فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة) إلى آخر الحديث.

    وفي هذا الحديث بيان أن أول ما يجب أن يدعى إليه هو توحيد الله عز وجل، وهي العقيدة الصحيحة.

    فهذا هو أول ما يجب أن يدعو الإنسان إليه.

    المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه

    المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه، يعني: الصبر على الأذى في التزام الإنسان بالإسلام، فإن الإنسان إذا التزم بالإسلام لا بد أن يحصل له الأذى من أعداء الإسلام من الكفار ومن المنافقين، ولهذا بين الله سبحانه وتعالى أن الإنسان لم يخلق في هذه الدنيا إلا للفتنة والابتلاء، فقال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2].

    فمن معاني الابتلاء أنه يبتليه بالأعداء المعاندين والرافضين لهذا الدين، وهذا يقتضي في المقابل الصبر، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما بدأ دعوته أوذي فصبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (إنه كان يؤتى بالرجل ممن كان قبلكم فيمشط بأمشاط الحديد ما بين عظمه ولحمه، لا يرده ذلك عن دينه شيئاً، وكان يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على مفرق رأسه حتى يفصل قسمين، لا يرده ذلك عن دينه شيئاً).

    وعندما نقرأ أخبار الأنبياء في القرآن نجد أنهم أوذوا من أتباعهم، فهذا إبراهيم عليه السلام ألقي في النار، وكلهم عندما جاءوا إلى قومهم كذبوا وأوذوا واتهموا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أشراف الناس يضع عليه بعض السفهاء سلى الجزور على رأسه.

    فالإنسان عندما يلتزم التزاماً حقيقياً بالدين فمن الطبيعي أن يكون له معاند، وأن يكون له عدو، ولهذا يقول الله عز وجل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا [الفرقان:31].

    فكل نبي يأتي بدعوة يكون له أعداء ويكون له خصوم، لأن هذا الدين عندما يأتي يأمر الناس بترك شهواتهم وترك ملذاتهم وترك رغباتهم وترك رئاساتهم، وأن يكونوا خاضعين لأمر الله سبحانه وتعالى، وهذا ما لا يريده أصحاب الرئاسات والملأ كما سماهم الله عز وجل في القرآن، وما لا يريده أصحاب الشهوات وأصحاب الأموال، هؤلاء لا يريدون ذلك، ولهذا يرفضون الالتزام بالدين.

    وهذا موسى عليه السلام قاوم فرعون، وكان فرعون من الرافضين لرسالة موسى مع أنه يعلم أن ما جاء به موسى عليه السلام حق لا ريب فيه، لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الإسراء:102].

    وقال أيضاً عنهم: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14] يعني: كانوا يعرفون أنه على الحق، ولهذا قال في آخر أمره: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ [يونس:90] لكن هذا لم يكن كافياً ولم يكن نافعاً.

    جاء في سنن أبي داود في حديث العقبة: (بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم العقبة وقال: أبايعكم على أن تعضكم السيوف)، وقد فهم سعد بن عبادة وغيره من الصحابة أن مبايعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم تقتضي مخالفة الأمم، وتقتضي الجهاد، وتقتضي المواجهة للعدو، وتقتضي الموت، وتقتضي أموراً كثيرة جداً، ولهذا من الطبيعي أن الإنسان عندما يسلم أن يكون له أعداء وخصوم من الكفار والمنافقين، كما سيأتي بيان شيء من ذلك.

    استنباط الشيخ محمد بن عبد الوهاب للمسائل الأربع من سورة العصر

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والدليل قوله تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]].

    هذه السورة شاملة للمسائل الأربع.

    قال تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2] فبين تعالى أن جنس الإنسان في خسارة، ثم استثنى منه أوصافاً، فمن كانت فيه هذه الأوصاف فهو ناج من الخسارة، ومن لم تكن فيه فهو في خسارة.

    قال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [العصر:3] يعني: أن الإيمان لا يكون إلا بالعلم؛ لأن الإيمان هو اليقين، ولا يكون اليقين إلا بالعلم، فالعلم هو الذي يوصل إلى اليقين، لأن الجهل يوصل إلى الشك والريب ولا يوصل إلى اليقين.

    فقوله: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [العصر:3] الإيمان يؤخذ منه المسألة الأولى: وهي مسألة العلم.

    فالإيمان يكون بالتوحيد يعني: معرفة العبد لربه، ويكون بالنبوة، يعني: معرفة العبد لنبيه صلى الله عليه وسلم، ويكون الإيمان بالدين، يعني: معرفة العبد للإسلام بالأدلة.

    وهذه المعرفة يجب أن تكون معرفة يقينية لا ريب فيها ولا شك، والمعرفة اليقينية بالتوحيد وبالعقيدة الصحيحة لا تكون إلا إذا اتبع الإنسان المنهج الصحيح في المعرفة، ويكون ذلك بالتدبر في آيات الله عز وجل الشرعية والعقلية أيضاً، كما سيأتي معنا.

    فكثير من الناس تكون معرفتهم بالله أو توحيدهم أخذوه عن طريق التقليد، بمعنى أنه نشأ في بيئة مسلمة وأبواه مسلمان فأخذ الإسلام عنهما بشكل وراثي، ولهذا بمجرد أن تزعزع عقيدته يشك ويحصل عنده الريب.

    وحياتنا الآن شاهد على ذلك، فكثير من الشباب عندما يشكك وعندما توضع له مجموعة من الأسئلة التي هي تشكيك له لا يجد لديه قوة على مواجهتها وعلى الرد عليها؛ لأن العقيدة التي في نفسه إنما جاءت عن طريق التقليد كما سبق أن أشرنا.

    قوله: وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر:3] وهذا دليل على العمل بالعلم.

    قوله: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ [العصر:3] وهذا دليل على الدعوة إليه. فالتواصي تفاعل بين داعية ومدعو.

    قوله: وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3] وهذا هو الصبر على الأذى فيه، ويدخل في هذا الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور الأساسية في قيام الدين.

    ثم قال: [قال الشافعي رحمه الله: لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم].

    ومقصود الشافعي رحمه الله: أن هذه السورة فيها بيان لأهم الأمور التي توصل الإنسان إلى النجاة والفلاح، وهي: العلم، والعمل، والدعوة، والصبر.

    فهذه الأمور هي الموصلة إلى النجاة، وهي الموصلة إلى النجاة عند الله عز وجل وفي الدنيا.

    والتواصي بالصبر يدل على أهمية الصبر.

    والصبر ثلاثة أنواع:

    صبر على الطاعة.

    وصبر عن المعصية.

    وصبر على أقدار الله المؤلمة.

    ولهذا جاء الأمر بالصبر في أكثر من تسعين آية في كتاب الله.

    قال: [قال البخاري رحمه الله: باب العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19] فبدأ بالعلم قبل القول والعمل].

    هذا الكلام للبخاري رحمه الله موجود في الصحيح في كتاب العلم، فالقول لا يكون صحيحاً إلا بالعلم، والعمل لا يكون صحيحاً إلا بالعلم، ولهذا قدم العلم عليهما، فقال الله عز وجل: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] فبدأ بالعلم، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19] يعني: جعل الاستغفار بعد العلم، وهذا يدل على أهمية العلم وأنه المعيار الذي يدل الإنسان على الحق ويوصله إليه بإذن الله تعالى.

    هذه أربعة مسائل مهمة في حياة الإنسان، ينبغي عليه أن يجتهد في تطبيقها في نفسه.

    1.   

    المسائل الثلاث الواجب تعلمها والعمل بها

    المسألة الأولى: الإيمان بالرسول وطاعته

    ثم ذكر ثلاث مسائل أخرى، قال: [ اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل والعمل بهن:

    الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، والدليل قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا [المزمل:15-16]].

    يعني: المسألة الأولى: معرفة أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الطريق الموصل إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بطاعته، فالإنسان إذا حجب عن نفسه الإيمان بالرسول، أو حجب عن نفسه التلقي من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لن يصل إلى الله سبحانه وتعالى.

    هذه مقدمة بسيطة ومختصرة: أن الله خلقنا. هذه ليس فيها إشكال، بل هي أمر فطري.

    ورزقنا، وهذه لا شك فيها أيضاً، فإن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى.

    ولم يتركنا هملاً؛ لأن الله عز وجل الحكيم سبحانه وتعالى يتعالى أن يترك الناس هملاً دون أن يرسل إليهم رسولاً أو أن يطلب منهم عملاً؛ لأنه سبحانه لم يخلقنا في هذه الدنيا لنتمتع بالشهوات الموجودة دون أي رسالة، فهذا أمر في غاية الاستحالة، لا بد أن يكون لهذا المخلوق الإنساني هدف وغاية من وجوده.

    هذا الإنسان الذي لديه عقل يفكر، ولديه قلب ولديه قدرة ولديه معرفة ولديه إمكانات هائلة، لا يمكن أن يتركه الله عز وجل كالبهائم ليس لها رسالة وليس لها هدف، وإنما هي تأكل وتشرب وتنكح دون هدف ومعنى، فهذا النوع الإنساني اختصه الله سبحانه وتعالى بأن جعله محلاً للعبادة، بأن جعله خليفة له في الأرض، بأن جعله مكاناً للأمر والنهي والتكليف.

    ثم ترتب بعد ذلك عليه الجزاء يوم القيامة قال: (لم يخلقنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً).

    هذا الرسول هو الذي أرسله إلينا، والرسل الكرام يتلقون عن الله عز وجل، إذا قلنا: كيف نعرف أن هذا الرسول الذي هو منا فعلاً يتلقى عن الله الذي خلق السماوات والأرض؟

    نقول: هناك علامات تدل على ذلك، وهي: دلائل النبوة، فعندما يأتي بالمعجزة وعندما يكون صادقاً في حياته كلها، وعندما يأتي بالأمور التي تدل على صدقه، فلماذا يكذب؟

    ودلائل النبوة واسعة جداً، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله عز وجل إذا أرسل رسولاً، فإنه يعطيه من الآيات والبينات على ما يؤمن به الناس).

    يعني: يعطيه من الآيات والبراهين والدلائل ما يكون كافياً للناس في تصديقه، إذا كانوا أهل حق وطلب للحق، لكن المجادل والمعاند فهذا ليس فيه حيلة. إذاً: إذا كان الإنسان يريد الحق ويريد الوصول إليه، فإنه من خلال جمع دلائل النبوة حول النبي يكتشف أن هذا النبي فعلاً كلمه الله عز وجل وأرسله، وأن هذا الكتاب الذي جاء به هو من عند الله سبحانه وتعالى.

    وهذه هي البوابة الأساسية في العقيدة، أن نعلم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وصدقه لا شك فيه ولا ريب.

    قد يقول قائل: ما هو الفرق بين معجزة النبي الصادق، وسحر الساحر الكاذب؟

    نقول: هناك فرق جوهري بينهما، وقد سبق في اللقاء الماضي بيان هذه القضية.

    فالنبي منذ أن نشأ وله صفة خاصة من الصدق والعفاف والطهر، ولم يأت بدعوة سابقة، وليس له إرث سابق من الملك يريد أن يصل إليه، وما يأمر به حق، فهو يأمر ببر الوالدين، ويأمر بصلة الأرحام وهناك كثير من الدلائل تدل على صدقه.

    ثم المعجزة التي يأتي بها هي تغيير في حقائق الأشياء، مما يدل على أن الله عز وجل يغير حقائق الأشياء له تصديقاً له، فعندما جاء موسى عليه السلام وألقى العصا تحولت من عصا حقيقية إلى حية حقيقية مائة بالمائة، بينما عصي السحرة ما زالت عصياً، لكن سحروا أعين الناس واسترهبوهم، وجاءوا بسحر عظيم، ولهذا السحرة لا ينظرون إلى العصي على أنها حيات، وإنما ينظرون إليها على أنها عصي، لكن الناس يظنون أنها حيات.

    ولهذا لما رأوا أن حية موسى انقلبت من عصا حقيقية إلى حية حقيقية، والتهمت عصيهم آمنوا مباشرة وهم أهل الصنعة وأهل المعرفة.

    ثم إنهم لما آمنوا كان إيمانهم قوياً إلى درجة أنهم تحدوا فرعون، وهددهم فرعون بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف فصبروا، هذا مما يدل على أنهم اقتنعوا قناعة كاملة أن هذا الرجل لا يتكلم من عنده، وإنما هو مرسل من الله سبحانه وتعالى الذي خلق السماوات والأرض.

    إذاً: هذه المقدمة الأولى: وهي الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم.

    المسألة الثانية: ألا يشرك مع الله في عبادته أحد

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الثانية: أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]].

    يعني: أن الله عز وجل عندما خلق الخلق أمرهم بالتوجه إليه، بأن يكونوا عبيداً له وحده، ولا يكونوا عبيداً لأحد من خلقه، إنما يكونون عبيداً له وحده، يصرفون له العبادة، ويتعبدون له، ويذلون له، ويخضعون له، ويتحررون من عبادة المخلوقين، ويكون التعبد والذل وأنواع العبادات والقربات التي يتقرب بها الإنسان يجعلها لله عز وجل، لا يجعلها لملك حتى لو كان له مكانة ولا لنبي، ولهذا كان النبي يدعو إلى عبادة الله، ولم يكن يدعو إلى عبادة نفسه، وجميع الأنبياء كانوا كذلك.

    المسألة الثالثة: موالاة الله ورسوله والمؤمنين والبراءة ممن حاد الله ورسوله

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب].

    وهذه من أعظم الأمور المهمة يا إخواني، يعني: ليس المطلوب من الإنسان أنه يقوم بالعبادة لله فقط، وإنما لا بد من القيام بالعبادة لله عز وجل والبراءة من المخالف، البراءة من الكافر، وهذه قضية مهمة جداً لا يستقيم إيمان الإنسان إلا بها، ولهذا سيأتي معنا في التوحيد، أن التوحيد له جانبان أساسيان يكمل بعضهما الآخر.

    الأول: عبادة الله عز وجل.

    الثاني: البراءة من الطواغيت والأنداد والشركاء.

    ولهذا اليوم توجد دعوة منحرفة تطالب من الناس أن يصلوا لله ويصوموا لله ويتعبدوا لله، لكن ترفض البراءة من الكفار، وترفض معاداة الكفار، وتسمي هذا بغضاً وكراهة، وكون المسلم يبغض الكافر قد تسميه إرهاباً، والحقيقة أن هذا جزء أساسي من التوحيد، كما قال الله عز وجل: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ [المجادلة:22] الموادة تشتمل على المحبة والنصرة، فالمسلم لا ينصر الكافر، ولا يحب الكافر.

    يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ [المجادلة:22] يعني: ولو كان الكافر قريباً لك، فالبعيد من باب أولى.

    أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22].

    فهذه الأمور الثلاثة من الأمور الضرورية في عقيدة الإنسان: الإيمان بصدق الرسول، والإيمان بخطورة الشرك، وضرورة الابتعاد عنه والخوف منه، والولاء والبراء. وهذه المسائل الثلاث هي:

    أولاً: الإيمان بالرسول أو النبوة.

    ثانياً: خطورة الشرك، والبراءة من الشرك.

    ثالثاً: الولاء لله عز وجل وللمؤمنين، والبراءة من الشرك والمشركين.

    1.   

    حقيقة التوحيد وأقسامه وما يضاده

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] ومعنى (يعبدون) يوحدون، وأعظم ما أمر الله به: التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة].

    لا شك أن التوحيد هو ملة إبراهيم، وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [البقرة:130-131].

    فملة إبراهيم هي التوحيد، وهي دين الإسلام، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

    ثم استدل على ذلك بقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] ومعنى (يعبدون): يوحدون، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن جرير الطبري وغيره عنه.

    ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:

    الأول: توحيد الربوبية.

    الثاني: توحيد الألوهية.

    الثالث: توحيد الأسماء والصفات.

    النوع الأول: توحيد الربوبية: هو إفراد الله عز وجل بالخلق والرزق والتدبير، وهو إفراد الله عز وجل بأفعاله سبحانه وتعالى، فالخالق هو الله وحده، والرازق هو الله وحده، والمحيي والمميت هو الله سبحانه وتعالى وحده، هذه هو توحيد الربوبية.

    وهذا التوحيد يعترف به المشركون في الأعم الأغلب، كما أخبر الله عز وجل عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] فهم يعترفون به، وإنما وقع الشرك عندهم في توحيد الألوهية.

    النوع الثاني من التوحيد: هو توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بالعبادة، يعني: أن يكون الله عز وجل هو معبود الإنسان وحده، بحيث لا يخضع إلا لله، ولا يخاف إلا من الله، ولا يرغب إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله سبحانه وتعالى، فيفرده وحده سبحانه وتعالى بالعبادة.

    النوع الثالث من أنواع التوحيد: هو توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا، ونفي ما نفاه الله عنه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم. وسيأتي معنا حديث مفصل في هذه الأنواع جميعاً.

    هذا توحيد الألوهية.

    الشرك أعظم ما نهى الله عنه

    قال: [وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه].

    هنا فائدة مهمة جداً وهي أن الشيخ بين أعظم الأوامر الشرعية وبين أعظم المناهي الشرعية، فأنت إذا سئلت: ما هي أعظم الأوامر الشرعية؟ أو ما هو أعظم ما أمر الله به؟

    فكثير من الناس يغفل عن هذه الحقيقة وهو أنه التوحيد، قد يقول: الصلاة، قد يقول: صيام رمضان أو الحج أو غيره من الأعمال، وهذه إجابة غير صحيحة، والإجابة الصحيحة أن أعظم الأوامر الشرعية وأعلاها هو توحيد الله سبحانه وتعالى.

    وأعظم المناهي التي نهى الله عز وجل عنها الشرك، فالشرك أعظم من الزنا، وأعظم من أكل الربا، وأعظم من سائر الفواحش، وأعظم من كل المحرمات.

    وهذه قضية أساسية مهمة في معرفة ما أمر الله به وما نهى عنه سبحانه وتعالى.

    إذاً: فأعظم ما أمر الله عز وجل به التوحيد، وأعظم ما نهى الله عز وجل عنه الشرك، وهذه قضية مهمة ينبغي أن نلاحظها.

    قال: [والدليل قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36]].

    أقول: لماذا أعظم ما أمر الله عز وجل به التوحيد؟ لأن تركه يترتب عليه الخروج من الإسلام.

    ولماذا أعظم ما نهى الله عز وجل عنه الشرك؟ لأن الشرك والكفر بوابة الخروج من الإسلام، فأساس الإسلام وأصله التوحيد، وأعظم ما يخرج الإنسان منه الشرك.

    1.   

    الأصل الأول من الأصول الثلاثة: معرفة العبد ربه

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ فقل: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم].

    لقد بينا أن مأخذ ذلك هو ما يسأل عنه الإنسان في قبره إذا مات.

    قال: [فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي ليس لي معبود سواه.

    والدليل قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].

    وكل ما سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم].

    يعني: معرفة العبد لربه هو الأساس في التوحيد، فالإنسان لا يمكن أن يكون موحداً إلا إذا عرف ربه.

    ومعرفة العبد لربه كما سبق أن أشرنا هي أمر فطري خلقه الله عز وجل في نفس الإنسان، كما أخبر الله عز وجل بذلك: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.. [الروم:30] إلى آخر الآية.

    وأيضاً حديث الفطرة المشهور حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (كل مولود يولد على الفطرة).

    وجاء في بعض الألفاظ: (ما من مولود إلا ويولد على هذه الملة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه..) إلى آخر الحديث.

    فإذاً: معرفة الله أمر فطري، لكن مما يغذي الفطرة وينميها التأمل في آيات الله عز وجل الشرعية والكونية؛ ولهذا قال: [فإذا قيل: بم عرفت ربك؟ فقل: بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضين السبع ومن فيهن وما بينهما، والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]].

    يعني: التفكر في مخلوقات الله عز وجل يورث اليقين في النفس، ويزيد المعرفة بالله سبحانه وتعالى، والتدبر في مخلوقاته المتنوعة وفي آياته الشرعية كلها تنمي الإيمان في القلب، وتزيد هذه الفطرة نماءً وصحة.

    قال: [وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]].

    القرآن مليء بالأمر بالتفكر في ملكوت السماوات والأرض، وفي مخلوقات الله المتنوعة، والأمر أيضاً في تأمل آياته الشرعية، وأيضاً التأمل فيما أمر الله عز وجل به من الأحكام والواجبات الشرعية؛ فإن فيها ما يدل الإنسان على معرفة الله سبحانه وتعالى، ويزيد من إيمان العبد.

    استحقاق الرب سبحانه للعبادة وحده لا شريك له

    قال: [والرب هو المعبود].

    يعني: هذا أحد استعمالات الرب، فإن الرب يأتي بمعنى المربي ويأتي بمعنى الخالق أيضاً، ويأتي بمعنى المدبر لأحوال الإنسان، ومن استعمالاته المعبود أيضاً، وإن كان الأقرب للفظة المعبود هو الإله، ولهذا سيأتي معنا أن الإله معناه المعبود، لكن أحياناً قد ترد بعض النصوص الشرعية يستخدم فيها لفظ الرب ويراد به المعبود سبحانه وتعالى.

    فهذه الآيات توصل إلى إفراد الله عز وجل بالعبادة، ولهذا فإن التقسيم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات هو تقسيم فني، ذكره العلماء لتقريب العلم، وإلا فإن هذه الأنواع متداخلة، ولا يتصور مثلاً أن إنساناً يؤمن بالربوبية كاملة ولا يؤمن بالألوهية، فكل من أشرك في الألوهية فلا بد أن يكون لديه قدح في الربوبية، أو في الأسماء والصفات.

    ولا يتصور أن إنساناً لا يؤمن بالربوبية ويكون مؤمناً بالألوهية، ولهذا بينهما تداخل قوي، والمشركون الذين يقرون بالربوبية هم يقرون بالربوبية في الجملة، أما عند التفصيل فنجد أنهم يصفون الملائكة بأنهم بنات الله، ونجد مثلاً: أنهم ينسبون إنزال المطر إلى (الأنواء) النجوم، ونحو ذلك من الشرك في الربوبية.

    إذاً: ينبغي أن نلاحظ أن هذا التقسيم الذي يذكره أهل العلم لأنواع التوحيد لا يعني أن كل قسم منفصل عن القسم الثاني بشكل كامل؛ لأنه علم واحد وعقيدة واحدة، وأراد العلماء بهذا التقسيم أن يبينوا المعاني حتى يتعلم الإنسان العقيدة، وإلا فإنها نوع واحد وهي: متداخلة، ولهذا الرب يأتي بمعنى المعبود، والإله يأتي بمعنى المعبود، ويأتي الرب بمعنى الخالق والمدبر، فينبغي ملاحظة ذلك.

    قال: [والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]].

    قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ فربكم هنا جاءت بمعنى المعبود، ثم قال: الَّذِي خَلَقَكُمْ هذا وصف لله سبحانه، إلى آخر الآيات التي تبين أن الله عز وجل هو مدبر هذا الكون وخالقه.

    1.   

    بعض أنواع العبادة التي يجب أن تصرف لله تعالى وحده

    قال: [قال ابن كثير رحمه الله: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.

    وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل: الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها؛ كلها لله تعالى].

    يعني: هذه الأنواع من العبادات يجب أن تصرف لله عز وجل، وهذه العبادات هي أعمال قلبية وأعمال متعلقة بالجوارح يجب أن تكون خالصة لله عز وجل.

    قال: [والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر].

    يعني: حقيقة التوحيد: هو إفراد الله عز وجل بالخلق والرزق والتدبير، وإفراده بالعبادة، وإفراده بالأسماء الحسنى والصفات العليا.

    والشرك: هو مناقضة ذلك، فمن نسب إلى مخلوق الخلق وأنه قادر على الخلق والتدبير فهذا مشرك في الربوبية، ومن صرف لمخلوق نوعاً من أنواع العبادة فهذا مشرك في الألوهية، ومن وصف مخلوقاً بما وصف الله عز وجل به نفسه، أو سماه بما سمى الله عز وجل به نفسه من أسمائه الحسنى فهذا مشرك في الأسماء والصفات.

    ثم بعد ذلك ساق الأدلة على أنواع العبادات.

    قال: [والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]].

    الدعاء ودليله

    قال: [فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]].

    قوله: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ الإله بمعنى المعبود.

    وقوله: لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ وهذا هو حال كل من دعا غير الله عز وجل.

    والدعاء هنا المقصود به دعاء العبادة، فإن الدعاء نوعان: دعاء المسألة، وهو ما يسأله الإنسان ويطلبه، مثل أن يقول: اللهم اغفر لي، اللهم أدخلني الجنة، فهذا دعاء المسألة.

    النوع الثاني من الدعاء: هو دعاء العبادة.

    والمقصود به أن يقوم الإنسان بالعبادة، فإذا قام بنوع من أنواع العبادة فحاله أنه في حال الدعاء، لأنه عندما يذبح مثلاً لله عز وجل فإنه في هذه الحالة يدعو ويطلب من الله عز وجل أن يتقبل منه، وأن يدخله الجنة، فهذه حالة دعاء.

    وكلمة دعاء في الغالب عندما تطلق فالذي يتبادر إلى ذهن الإنسان دعاء المسألة، مع أن دعاء العبادة هو مقصود في كثير من الأدلة التي جاءت في إفراد الله عز وجل بالدعاء، قال تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [المؤمنون:117] يعني: دعاء عبادة، كأن يصلي لغير الله عز وجل، ويصوم لغير الله، وينسك لغير الله، ويحج لغير الله، ويستغيث بغير الله، وإن كانت الاستغاثة من دعاء المسألة، ويذبح لغير الله، فهذه كلها من الدعاء، حتى لو كانت في ظاهرها لا تتضمن لفظة الدعاء، وإنما هي من أفعال الجوارح أو من أفعال القلوب.

    قال: (الدعاء مخ العبادة)].

    هذا الحديث رواه الترمذي وفي إسناده ضعف، والصحيح حديث آخر وهو: (الدعاء هو العبادة).

    قال: [والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]] فسمى الدعاء عبادة، قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.

    والمقصود بالدعاء في هذه الآية دعاء المسألة، والدعاء في الآية التي قبلها: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [المؤمنون:117] هذا دعاء العبادة.

    فقوله: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ هذه في دعاء المسألة. وعرفنا أن هذا دعاء المسألة؛ لأنه قال: أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي.

    الخوف ودليله

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودليل الخوف قوله تعالى: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]].

    والخوف ينقسم إلى قسمين:

    الأول: خوف طبيعي ليس فيه شيء من الشرك، كالذي يخاف من الأسد مثلاً، أو يخاف من أمر طبيعي مما يخاف منه الناس في العادة، فهذا لا شيء على الإنسان فيه، لا يقال لإنسان خاف من أسد: إن هذا مشرك؛ لأن هذا خوف طبيعي، يعني: خلقه الله عز وجل في نفس الإنسان.

    الثاني من الخوف: هو خوف التأله، وهو الخوف الذي يترتب عليه ذل وخضوع، ويقصد به إما الله عز وجل فيكون توحيداً، وإما غير الله عز وجل فيكون شركاً.

    فخوف التأله مثل: الخوف من الجن أو الشياطين، أو خوف السر كما يسميه العلماء، وهو الخوف من تأثير قوة غيبية عليه ونحو ذلك، فهذه كلها تعتبر من الشرك الأكبر والعياذ بالله.

    وهناك خوف لا يصل إلى الشرك الأكبر، لكنه يقدح في التوحيد وهو الخوف من العدو مثلاً، خوفاً يجعله يترك الواجب أو يفعل المحرم، مثل: من يخاف من الأعداء أو المنافقين أو نحو ذلك فيترك الواجبات الشرعية، كأن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يترك الدعوة إلى الله، أو يترك الإصلاح، أو يترك أي عمل من الأعمال الفاضلة والصالحة.

    أو يفعل محرماً، بأن يدفعه هذا الخوف من المنافقين ويجعله يرتكب محرماً، مثل: أن يحلق لحيته، أو أن يسبل ثوبه، أو نحو ذلك من الأفعال المحرمة أياً كانت، فهذا الخوف والعياذ بالله يعتبر من الشرك الأصغر، صحيح أنه لم يصرف عبادة لغير الله، لكن إذا أردت أن تعرف الشرك الأكبر فانظر إلى العمل، إذا صرفه المرء إلى غير الله فهذا شرك أكبر، وإذا لم يكن كذلك كان دون ذلك، يعني: يصرف عبادة لغير الله لكنه وقع في خلل، هذا الإنسان الذي يخاف من المنافقين أن يحصل له منهم أذى فيحلق لحيته، أو يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أنها من الواجبات، فهذا يعتبر من الخوف المحرم الذي يكون من الشرك الأصغر وليس من الأكبر، لكن لو خاف من غير الله عز وجل في أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا لا شك أنه من الشرك الأكبر والعياذ بالله.

    يقول الله عز وجل: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175] يعني: يخوفكم من أوليائه، فيترتب على هذا الخوف ترك شيء من الواجبات، أو فعل شيء من المحرمات.

    الرجاء والتوكل وأدلتها

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110]].

    الرجاء: هو ما يرجوه الإنسان ويرغبه ويطلبه ويتمناه.

    وقوله: وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا يدل على أن الشرك يدخل في الرجاء.

    قال: [ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23] وقوله: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] ].

    التوكل هو الاعتماد القلبي، والاعتماد القلبي نوعان:

    الأول: الاعتماد على الله عز وجل، وهذا من العبادة.

    الثاني: الاعتماد على غير الله عز وجل، وهذا ينقسم إلى قسمين:

    الأول: أن يكون اعتماداً كلياً على غير الله عز وجل، وهذا يعتبر من الشرك الأكبر.

    الثاني: أن يكون اعتماداً على غير الله عز وجل في أمر مما يقدر عليه الإنسان، كأن يعتمد على الطبيب ويتعلق قلبه بالطبيب تعلقاً كاملاً، ويعتمد عليه اعتماداً كبيراً فهذا يعتبر من الشرك، وإن كان هو سبباً؛ لأن الاعتماد إذا زاد، فإنه يكون من الشرك الأصغر لا الأكبر، وإنما يكون من الأكبر إذا كان في أمر لا يقدر عليه إلا الله، كأن يعتمد على إنسان في أن يشفيه، أو يعتمد عليه أن يرزقه، أو أن يأتيه بالولد، أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل.

    الرغبة والرهبة والخشوع والخشية وأدلتها

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] ].

    الرغبة تكون بمعنى الرجاء، والرهبة تكون بمعنى الخوف والخشية، وإن كان هناك فروق دقيقة بينهما، وهي من أعمال القلب.

    والخشية تكون عن علم، والرهبة هي بمعنى الخوف ومقاربة له، والخشوع هو خضوع القلب وذلته لمن يخشع له، يقول الله عز وجل: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].

    وهنا أحب أن أنبه إلى قاعدة وهي: كيف تعرف أن هذا الأمر من الأمور عبادة؟

    هناك طريقتان لمعرفة أن هذا الأمر عبادة من العبادات:

    الطريقة الأولى: أن يكون الله عز وجل أمر به سواء أمر إيجاب أو استحباب، فكل ما أمر الله عز وجل به فهو من العبادة قطعاً.

    الطريقة الثانية: اشتمال هذا العمل على المحبة والذل والخضوع، فإذا اشتمل على محبة وذل وخضوع تام مع محبة تامة، فإنه يكون عبادة، فأركان العبادة: المحبة، والذل، والخضوع التام؛ لأنه قد يخضع الإنسان ويذل لمن يبغضه، أو قد يحب ويتعلق لكن بدون ذل وخضوع، فإذا اشتمل الفعل على محبة تامة وذل وخضوع فهو حقيقة العبادة.

    قال: [ودليل الخشية قوله تعالى: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [البقرة:150]].

    الإنابة والاستقامة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وأدلتها

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودليل الإنابة قوله تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [الزمر:54]].

    والإنابة بمعنى التوبة.

    قال: [ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].

    وفي الحديث: (إذا استعنت فاستعن بالله)].

    الاستعانة نوع من أنواع التوكل والاعتماد أو طلب العون. والمقصود هنا الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، وتكون شركاً إذا استعان بغير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه إلا الله.

    القاعدة في العبادات التي يمكن أن تنقسم إلى قسمين: قسم يقدر عليه المخلوق، وقسم لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، ويكون الشرك فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، ويكون التوحيد بأن تجعل لله سبحانه وتعالى.

    أما إذا كان الإنسان يقدر على شيء منها مثل: إعانة أحد أو إغاثته ومساعدته؛ فهذا لا شيء فيه إذا كان على أنه سبب.

    قال: [ودليل الاستعاذة قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وقوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]].

    الاستعاذة: هي الالتجاء والاعتصام بالله سبحانه وتعالى أو بغيره، إذا كانت بالله تكون توحيداً، وإذا كانت بغيره في أمر من الأمور الذي يخشاه الإنسان ويخاف منه تكون شركاً.

    قال: [ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9] الاستغاثة معناها: طلب الغوث والنجدة، فإذا كانت بالله عز وجل فهي تمام التوحيد، وإذا كانت بغيره فإن كان مما لا يقدر عليه إلا الله فهو الشرك، وإن كان مما يقدر عليه العبد فلا شيء في ذلك.

    قال: [ودليل الذبح قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].

    ومن السنة: (لعن الله من ذبح لغير الله)].

    قوله: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي النسك هو الذبح.

    وقوله: لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يعني: التوحيد أن تكون الصلاة والنسك لله رب العالمين.

    قوله: لا شَرِيكَ لَهُ هذا يدل على أنه يمكن دخول الشرك فيها.

    والذبح منه ذبح عادي وطبيعي وهو الذبح الذي يكون لطلب أكل اللحم، وهناك ذبح للتقرب، فالذبح للتقرب هو الذي يكون إما عبادة إذا صرفت لله عز وجل، وإما شرك إذا صرفت لغير الله عز وجل.

    قال: [ودليل النذر قوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7]].

    هذا الأصل الأول وهو معرفة العبد ربه، وهو توحيد الله سبحانه وتعالى.

    وهذا التوحيد سيأتي معنا الحديث عنه بإذن الله مفصلاً في (كتاب التوحيد)، وسنأخذ هذه الأنواع جميعاً بالتفصيل، وسنتحدث عنها بإذن الله تعالى.

    في اللقاء القادم سنتحدث عن الأصل الثاني والأصل الثالث، وبه نختم هذا الكتاب لنبدأ في كتاب (كشف الشبهات) وكثير من المعلومات ستتكرر معنا، لكن المهم أن يفهم الإنسان الحقائق الشرعية فيها.

    1.   

    الأسئلة

    حكم فعل المحرمات وترك الواجبات بحجة الخوف من الفتنة

    السؤال: هل عندما يقوم الإنسان بحلق لحيته، أو ترك واجب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومخالفة الصالحين في زيهم كل ذلك خوفاً أن يفتن في دينه، ومثل ذلك أن يكون في غير بلاد المسلمين أو بلد مسلم لا يحميه؛ هل هذا من الخوف الحرام؟

    الجواب: لا شك أن هذا من الخوف الحرام؛ لأن الخوف الذي يوصل الإنسان إلى ترك واجب من الواجبات هذا من الوهم، فالواجب أن يعتز الإنسان بدينه، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن يجتهد في إصلاح الناس.

    وأما إذا خاف الإنسان وتردد وضعف؛ فإن الدعوة ستضعف؛ لأن الخوف الذي سيحصل لك سيحصل للثاني والثالث والعاشر، وحينئذ سينتشر المنكر وينتشر الفساد في الأرض والعياذ بالله وهذا من الأمور التي لا يجوز للإنسان أن يسكت عليها.

    ومع الأسف فإن كثيراً من الناس يخاف من الوهم، ويظن أن العالم كلهم ينظرون إليه، وكأنه تحت كشافات والعالم كله تنظر إليه، فلا يتصرف تصرفاً إلا وهو خائف، هذا خوف مرضي لا ينبغي أن يكون في المسلم؛ لأن صاحب العقيدة الصحيحة لا يخاف إلا من الله سبحانه وتعالى، فيجتهد في العمل ويجتهد في الدعوة، ويجتهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالذات هو صمام الأمان للمجتمع، وإذا سكتنا عن المنكرات زادت وكثرت وانتشرت وأصبحت هي الأصل، وأصبح المسلم غريباً، وأصبحت أسرنا أبناؤنا وبناتنا عرضة للانحراف؛ بسبب انتشار المنكر، لكن إذا ضايقنا أصحاب المنكرات وبينا رفضنا لهذا، واشتكيناهم للمسئولين، وقمنا بدور إصلاحي في المجتمع؛ فإنه بإذن الله تعالى سيضعف المنكر ويذبل.

    المهم أن يمارس الإنسان إنكار المنكر بطريقة مناسبة، ولا يعني إنكار المنكر أن يقوم الإنسان بالمشاجرة مع الناس والدخول معهم في معارك، والدخول معهم في مشاكل، لا وإنما يعني إنكار المنكر أن تبين لصاحب المنكر أياً كان أن هذا العمل الذي قام به عمل محرم لا يجوز، وأنك ترفضه وتنهى عنه.

    وإذا كان هذا الشخص مثلاً صاحب تجارة أو صاحب عمل فتقوم بالاحتساب عليه وتشتكيه للمسئولين، وإذا كان صاحب المنكر مثلاً مسئولاً فتشتكيه لمن هو أعلى منه، وتبين أن هذا العمل الذي عنده عمل محرم لا يجوز، ولا يجوز السكوت عليه، فهذا أمر إيجابي، وهذا في مصلحة المجتمع، وهذا أمر فيه خير للناس فضلاً عن كونه عبادة يحصل لك بها الأجر عند الله عز وجل، وهي من أعظم الأمور التي تجعل المجتمع يستقيم على أمر الله سبحانه وتعالى، لكن عندما نسكت عن المنكر ينتشر المنكر في الأرض والعياذ بالله، ونصبح أمة ملعونة، قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة:78-79].

    إذاً: ترك التناهي هو سبب اللعنة، ولهذا يجب أن ننهى عن المنكر، ويجب أن نحتسب على أصحاب المنكرات، لكن بطريقتها المشروعة وبأسلوبها الصحيح، لا يفهم أحد كلامي هذا أنه إذا رأى صاحب منكر أن يدخل معه في مشكلة وفي مشاجرة وفي مضاربة، لا، إنما ينصحه، وإذا آذاك فاصبر، فنحن لنا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة وخير مثال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوذي فصبر، ولهذا من خلال التجربة وجدنا الكثير ممن ننصحه ونذكره بالله عز وجل ونبين له أن هذا العمل الذي يعمله منكر من المنكرات وأنه لا يجوز تجد ولله الحمد استجابة وشكراً، بل واعتذاراً، وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى، وبالذات في هذه البلاد ولله الحمد نجد كل من حولنا يساعدنا، فأهل العلم يساعدوننا على هذا، والأنظمة الرسمية تساعد على هذا ولله الحمد، وولاة الأمر يتحدثون بشكل مستمر ودائم على أن منطلق هذه البلاد ولله الحمد هو الإسلام وأحكام الإسلام.

    فكل تجاوز يجب أن يكون هناك من أهل الدعوة وأهل الإصلاح موقف صحيح في الاحتساب عليه والإنكار عليه.

    لو أننا أدينا الواجب علينا نحو الصحافة التي تكتب في كثير من المنكرات، وتتهجم على الجمعيات الخيرية، وتتهجم على دور التحفيظ، وتتهجم على العلماء، ويقوم بعض الكتاب السفهاء بالكلام في خيرة الناس وهم أهل العلم والفضل، لو قمنا بالاحتساب وشكوى مثل هؤلاء لكبار المسئولين في البلد، لكان في ذلك إيقاف لهؤلاء عند حدهم، وإيقاف لتجاوزات هؤلاء وإنكار لما هم عليه.

    دخول الولاء والبراء في أصل التوحيد وأساس العقيدة

    السؤال: هل يمكن أن نقول: إن الولاء والبراء يكون شطر عقيدة التوحيد؟

    الجواب: نعم، التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله تقتضي نفي وإثبات، فالنفي هو البراءة من الشرك ومن الأعمال الشركية ومن الأقوال الشركية، والبراءة من أهل الشرك أيضاً، فلا شك أن الولاء والبراء يدخل في أصل التوحيد وفي أساس العقيدة.

    الفرق بين الشرك والكفر

    السؤال: ما هو أعظم الشرك أم الكفر؟

    الجواب: الشرك والكفر كلاهما عملان يخرجان الإنسان من الإسلام، ولهذا هما بمنزلة واحدة في الأحكام سواء في الدنيا أو في الآخرة، لكن الشرك: هو عبادة غير الله عز وجل، والكفر: هو جحد ما أمر الله عز وجل به، فهما طريقان مختلفان في العمل، لكن متفقان في النتيجة.

    وأحياناً إذا أطلق الشرك يدخل فيه الكفر، باعتبار أن المشرك جاحد لما أمر الله عز وجل به، وإذا أطلق الكفر يدخل فيه الشرك، باعتبار أن الكافر اتخذ إلهه هواه كما أخبر الله عز وجل.

    حكم طلب الدعاء من صاحب القبر

    السؤال: إذا ذهب رجل إلى قبر وقال لصاحبه: ادع الله لي، دون أن ينزل بصاحب القبر حاجته؛ فما حكم هذا الفعل؟

    الجواب: إذا جاء إلى صاحب قبر وقال: ادع الله لي ولم يدع صاحب القبر فهذا يعتبر من البدع وليس من الشرك؛ لأن الشرك لا يكون إلا إذا دعاه مباشرة، فهناك فرق بين دعاء غير الله عز وجل كأن يأتي إلى صاحب قبر ويقول: يا فلان اغفر لي، أو أدخلني الجنة، أو أعطني الولد، فهذا يدعو غير الله عز وجل، أو يا محمد أدخلني الجنة مثلاً، أو يقول: يا سيدي فلان أنقذني من المرض الذي عندي، هذا شرك أكبر؛ لأنه دعا غير الله عز وجل، لكن إذا جاء عند صاحب القبر وقال: ادع الله لي، الآن هو ما دعاه، وإنما طلب منه أن يدعو الله له، فالصحيح أن هذا يعتبر من البدع.

    والحقيقة أن هذه المسألة فيها خلاف، فبعض أهل العلم المحققين يعتبر أن هذا من الشرك أيضاً، على اعتبار أن هذا الطلب من ميت، والميت لا يقدر عليه فيكون شركاً أكبر.

    التحذير من الوقوع في الشرك

    السؤال: هناك أناس كثيرون واقعون في الشرك في الدول الإسلامية وغيرها؛ فما واجبنا نحوهم؟ وما هي نصيحتك لطلاب العلم لنشر التوحيد؟

    الجواب: لا شك أن الشرك يقع من كثير من الناس، والحقيقة يا إخواني أننا حين ننسب الشرك إلى البلاد الإسلامية الأخرى وكأننا نزكي أنفسنا، فهذه الطريقة يجب أن نكف عنها؛ لأن لدينا كثيراً من الخلل، ويوجد عدد كبير من شبابنا بالذات الأجيال الجديدة التي تعاملت مع (الإنترنت)، وتعاملت مع الفضائيات يقعون في أنواع كثيرة الشرك، ويذهبون إلى السحرة والكهنة والعياذ بالله.

    أحياناً يكون هذا الشرك بالتحاكم إلى غير شريعة الله عز وجل، وأحياناً يكون هذا الشرك بعبادة غير الله عز وجل، بل وصل في حالات كثيرة أن كثيراً منهم يعرض عن الدين بالجملة لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي، فلا ننسب الشرك إلى بقعة من البقاع، فمن أكبر الأخطاء أن ننسب ونقول: والله البلاد الإسلامية فيها شرك ونحن ولله الحمد على التوحيد، لا، لا نزكي أنفسنا، وإنما ينبغي علينا أن نخاف جميعاً من الشرك.

    إذا كان إبراهيم عليه السلام يقول: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم:35] وهو الذي كسر الأصنام بيده، فلا نزكي أنفسنا ولا نمدح أنفسنا، نحن كغيرنا من الناس الذين نتأثر، والذين فتحت علينا بوابات الشر من كل مكان، الفضائيات اليوم تفسد الشباب والفتيات، و(الإنترنت) أصبح كثير من المسلمين يكون صداقات وعلاقات مع عدد من الكفار في البلاد الغربية وغير الغربية.

    والانفتاح الهائل الكبير جعل من كثير من المسلمين اليوم يدعون باسم الحرية إلى الانفلات من الدين كله، ويعتقد كثير من المسلمين أن الدين شيء شخصي وأمر شخصي، ولا علاقة للآخرين به، وأنه في المسجد!

    هل تظنون يا إخواني أن كثرة النظر إلى الأفلام والمسلسلات التي تصور أن المسجد مثل الكنسية، تؤدى فيه العبادة، وإذا خرج الإنسان فله أن يتحاكم إلى غير شريعة الله في كل شيء، في الأموال وفي الدماء وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي التربية وفي كل أمر من الأمور، ولهذا الشرك أصبح في كثير من بلاد المسلمين، فلغة أن الشرك منتشر في البلاد الإسلامية وغير ذلك هذا فيه تزكية النفس، وأنا أرى أن هذه لغة غير صحيحة.

    حكم قول: ورب القرآن

    السؤال: ما حكم قول: ورب القرآن؟

    الجواب: لا يجوز؛ لأن الرب معناه الخالق، والقرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى، وهو صفة من صفاته، فلا يجوز قول: ورب القرآن.

    حكم أهل وحدة الوجود

    السؤال: هل فرقة الوجودية الذين يدعون أن الله في كل مكان يكفرون بكلامهم؟ وكيفية الرد عليهم؟

    الجواب: هؤلاء لا يسمون الوجودية، الوجودية مذهب فكري غربي، لكن هؤلاء أصحاب مذهب وحدة الوجود الذين يعتقدون أن هذا الوجود وحدة واحدة، فهؤلاء لا شك أنهم كفار؛ لأنهم يعتقدون أنك أنت الله، وأنك أنت جزء من الله، وأن الله عز وجل في كل مكان، حتى في أماكن الخلاء وأماكن القذارة! ولا شك في كفر هؤلاء.

    حكم من أدرك صلاة الجمعة ولم يدرك الخطبة

    السؤال: أتى رجل إلى صلاة الجمعة ولم يحضر الخطبة؛ فهل يصلي الظهر؟

    الجواب: إذا أدرك ركعة من صلاة الجمعة فقد أدرك الجمعة، لكن إذا فات عليه الركوع في الركعة الثانية فإنه يصلي ظهراً أربع ركعات.

    حكم الخوف عند سماع أصوات في الليل

    السؤال: يقول شخص: أنا أدخل في المسجد في آخر الليل وأحفظ وأصلي وأسمع بعض الحركات في المسجد، والمسجد ليس فيه أحد فينتابني خوف وهلع؛ فهل هذا الخوف والهلع شرك بالله؟

    الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يخاف حين يسمع أصواتاً أو يسمع شيئاً، وهذا الخوف مذموم؛ لكونه جبناً، لماذا الإنسان يخاف من شيء لا حقيقة له؟ ينبغي ألا يكون الإنسان صاحب قلب ضعيف.

    هذه المسألة ليس فيها شرك ولا توحيد، لكن ينبغي أن يكون صاحب قلب قوي، ولا يكون صاحب قلب ضعيف يخاف من الأشياء، أو يخاف من أحد أو نحو ذلك.

    حكم الجوال المشتمل على كاميرا

    السؤال: ما حكم الجوال الذي يحمل (الكاميرا)؟ وهل ينكر على صاحبه؟

    الجواب: لا؛ لأن (الكاميرا) وسيلة، قد يصور بها شيئاً طبيعياً لا إثم فيه، وقد يصور شيئاً فيه إثم.

    حكم عمل المعصية خوفاً من المخلوق

    السؤال: مثلت في قضية الشرك الأكبر بحلق اللحية خوفاً من البشر؟

    الجواب: أنا لم أمثل بأن من حلق لحيته خوفاً من البشر يكون صاحب شرك أكبر، أنا ضبطت الشرك الأكبر بأنه صرف العبادة لغير الله، وهذه ليس فيها صرف العبادة لغير الله، لكن هذا محرم، يعني: أن يعمل الإنسان المعصية خوفاً من مخلوق، هذه من الأمور المحرمة، وهي تدخل في الشرك الأصغر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756034479