إسلام ويب

دليل الطالب كتاب الصيد والذبائحللشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من طرق اكتساب الطعام الاصطياد، وقد بين الله ما يحل من الصيد وما يحرم، والاصطياد يكون بالسلاح المحدد وبالحيوان المعلم، وله شروط لابد من مراعاتها وإلا حرم الصيد، وإذاً فيجب على من أراد الصيد أن يتفقه فيها

    1.   

    أحكام الصيد

    إباحة الصيد

    قال: [ كتاب الصيد ]:

    الأصل في إباحته الكتاب والسنة والإجماع.

    قال الله جل وعلا: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2].

    ولحديث عدي في الصحيحين في الصيد، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل).

    وأجمع أهل العلم على إباحة الصيد.

    قال: [ يُباح لقاصده ] لما تقدم في الكتاب والسنة والإجماع، [ ويُكره لهواً ]، أي: إذا كان لمجرد اللهو فيُكره، وإذا كان يصيده لهواً ويرميه ولا يأكله، أو يؤذي الناس في زروعهم وفي مواشيهم فإن ذلك يحرم؛ لأنه إذا كان يرميه عبثاً ولا يأكله فهذا من إضاعة المال فلا يجوز.

    وأما إذا كان يصيده لهواً ويأكله أو يهديه؛ فإن ذلك يجوز.

    قال: [ وهو أفضل مأكول ] أي: لأنه من الحلال الذي لا شبهة فيه.

    تذكية الصيد

    قال: [ فمن أدرك صيداً مجروحاً متحركاً فوق حركة مذبوح واتسع الوقت لتذكيته لم يُبح إلا بها ].

    وهذه من المسائل التي يجهلها كثير ممن يشتغل بالصيد، يعني أن الصيد إذا أمسكته وهو يتحرك حركة المذبوح فلا يحتاج إلى ذبح، لكن إذا أدركته وفيه حياة فلا بد أن تذبحه لأنه أصبح مقدوراً عليه، بعض الناس يدركه وفيه حياة مستقرة فيتركه حتى يموت! هذا لا يحل، ولذا قال: (فمن أدرك صيداً مجروحاً متحركاً فوق حركة مذبوح واتسع الوقت لتذكيته لم يُبح إلا بها؛ لأنه مقدور على ذبحه).

    قال: [ وإن لم يتسع بل مات في الحال حل ] أي: لما أمسكه مات فلم يتسع الوقت لذبحه فإنه يحل.

    1.   

    شروط الصيد

    الشرط الأول أهلية الصائد للذكاة

    قال: [ بأربعة شروط ] هذه شروط الصيد [ أحدها: كون الصائد أهلاً للذكاة حال إرسال الآلة ] أي: كالذكاة.

    وعلى ذلك يحل صيد الكتابي، أما صيد الوثني فلا يحل، وصيد الطفل غير المميِّز لا يحل، لأن بعض الأطفال يصيدون العصافير وهم غير مميزين كابن أربع أو ابن ثلاث سنين، فلا يحل؛ لأنه لابد أن يكون له قصد.

    فلا بد أن يكون الذي أرسل الآلة ممن تحل تذكيته.

    قال: [ ومن رمى صيداً فأثبته ثم رماه ثانياً فقتله لم يحل ] وذلك لأنه صار مقدوراً عليه بعد الرمية الأولى، رماه مثلاً بقدمه فوقع وأصبح مقدوراً عليه، ثم رماه ثانياً فقتله، لم يحل.

    الشرط الثاني الآلة

    قال: [ الثاني: الآلة وهي نوعان ] أي أن الشرط الثاني: الآلة، [ وهي نوعان: الأول: ما له حد يجرح به كسيف وسكين وسهم ].

    أما الحجر لو رمى بها فقتلت بثقلها فلا يحل الصيد، ولا بد أن تكون الآلة تجرح، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عدي لما سأله عن صيد المعراض؟ قال: (إن رميت بحده فكل، وإن رميت بعرضه فلا تأكل)؛ لأنه إذا رماه بعرضه فقد قتل بثقله، مثل الرمح ترسله، فإن أصاب بحده حل الصيد، وإن أصاب بعرضه فإنه لا يحل، والحديث رواه البخاري .

    قال: [ الثاني: جارحة معلمة ككلب غير أسود ]، أما الكلب الأسود فشيطان كما في صحيح مسلم ، فلا يحل أن يُتخذ للصيد؛ ولأنه لا يجوز اقتناؤه كذلك، فهو شيطان فلا يحل الصيد به.

    قال الله جل وعلا: مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4] مكلبين: يعني مؤدبين، فأنتم تؤدبون هذه الكلاب وتعلمونها حتى تصيد، لكن يستثنى من ذلك الكلب الأسود.

    قال: [ وفهد، وباز، صقر، وعقاب، وشاهين ].

    يعني: سواء كان من الطيور أم من السباع التي تُعلم الصيد.

    قال: [ فتعليم الكلب والفهد بثلاثة أمور: بأن يسترسل إذا أُرسل ].

    يعني: إذا أُرسل فإنه ينطلق هذا تعليمه.

    قال: [ وينزجر إذا زُجر ].

    أي: إذا زجروه فمنعوه فإنه ينزجر ويمتنع.

    وكذلك فإن المُعلَّم إذا صوِّت له للزيادة زاد.

    قال: [ وإذا أمسك لم يأكل ]:

    ولذا جاء في حديث عدي (فإن أكل فلا تأكل) يعني إن أكل الكلب فلا تأكل (فإني أخاف أن يكون إنما أمسك لنفسه)، والله جل وعلا يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4].

    قال: [ وتعليم الطير بأمرين ] إذاً الكلب يتعلم بثلاثة أمور، وأما الطير فبأمرين: [ بأن يسترسل إذا أُرسل ويرجع إذا دُعي ]، أي: أما إذا أكل فلا يضر؛ لأنه لا يمكن ضرب الطير كما يمكن ضرب السبع.

    إذاً الكلب يكون تعليمه بثلاث: يسترسل إذا أُرسل، وينزجر إذا زُجر، ولا يأكل لنفسه، ويُرجع في مثل هذا إلى أهل الخبرة، فأهل الخبرة في باب التعليم يُرجع إليهم في هذا.

    والطير بأمرين: يسترسل إذا أُرسل، وينزجر إذا زُجر، ولا يُشترط أن لا يأكل لنفسه؛ لأن الطير لا يمكن أن يُضرب كما يُضرب الكلب.

    قال: [ ويشترط أن يجرح الصيد، فلو قتله بصدم أو خنق لم يُبح ].

    للحديث المتقدم في حديث عدي رضي الله عنه، فالكلب لو أنه لم يجرحه لكنه أخذ يطارحه حتى مات بخنق أو ثقل أو نحوه فإنه لا يحل.

    الشرط الثالث قصد الفعل

    قال: [ الثالث: قصد الفعل: وهو أن يُرسل الآلة لقصد الصيد ] كما تقدم في الذكاة، فلا بد من القصد، فلو أنه أرسل كلبه لا لصيد وإنما لتعليم فصاد له فإنه لا يحل؛ لأنه لم يقصد الصيد.

    قال: [ فلو سمى وأرسلها لا لقصد الصيد، أو لقصده ولم يره ] يعني: يريد الصيد ولكنه لا يرى صيداً، [ أو استرسل الجارح بنفسه فقتل صيداً لم يحل ]؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أرسلت كلبك المعلَّم وذكرت اسم الله عليه فكل) فلا بد إذاً من القصد ليذكر اسم الله.

    الشرط الرابع البسملة

    قال: [ الرابع: قول: باسم الله عند إرسال جارحة أو رمي سلاحه ]؛ للحديث المتقدم: (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله) فلا بد إذاً أن يقول: باسم الله.

    قال: [ ولا تسقط هنا سهواً ].

    هذا هو المذهب، قال الحنابلة: إن التسمية لا تسقط هنا سهواً، أما في الذبيحة فتسقط سهواً، قالوا: لأن الصيد على خلاف الأصل، فالصيد يكون بجرحه في أي موضع كان، وأما الذبح فإنه يكون من الحلقوم والمريء، فلما كان الصيد بخلاف الأصل لم يُعف فيه عن النسيان.

    والقول الثاني في المسألة وهو رواية عن أحمد ، وهو مذهب المالكية والأحناف، وهو الصواب: أن الصيد كالذكاة يُعفى فيه عن النسيان؛ لعموم الحديث: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه).

    ولأن التسامح في الصيد أكثر من الذبيحة، ولذا فإنه يجوز أن يكون الجرح في أي موضع كان، فالتسامح فيه أكثر، ولذا فإن الراجح وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أيضاً: أن التسمية تسقط بالنسيان.

    1.   

    حكم ما صيد فوقع في ماء ونحوه

    قال: [ وما رُمي من صيد فوقع في ماء أو تردى من علو أو وطئ عليه شيء وكل من ذلك يقتل مثله لم يحل ] لما تقدم في حديث عدي رضي الله عنه.

    قال: [ ومثله لو رماه بمحدد فيه سم ] أي: لأنه لا يدري هل الذي قتله السهم أم السم، ولذا فإنه لا يحل إذا وضع سماً في السهم فلا يُدرى لعل السم هو الذي قتله.

    قال: [ وإن رماه بالهواء أو على شجرة أو حائط فسقط ميتاً حل ].

    أي: لأنه لا يمكن إلا هذا، إذا كان في الهواء فرماه بسهم فوقع فلا نقول: قد يكون التردي من السماء هو الذي قتله؛ لأنه لا يُمكن إلا هذا، إذ لو كان ذلك لا يحل لأدى إلى ألا يحل طير أبداً.

    ونقف عند هذا القدر والله أعلم.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755978732