إسلام ويب

تفسير سورة الحجرات [7-10]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من آداب المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطيعوه ويلتزموا ما اختاره، ويذكروا نعم الله الذي حبب إليهم الإيمان وكره إليهم الكفر. ومن آداب المسلمين فيما بينهم أن يسعوا إلى الإصلاح بين المتنازعين والمتقاتلين، وأن يقفوا في وجوه البغاة حتى يعودوا إلى الحق وإلى أمر الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم ...)

    قال الله ربنا جل جلاله: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:7-8].

    في هذه السورة الكريمة يعلم الله جل جلاله عباده المؤمنين الأدب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيعلمهم كيف يجالسونه، وكيف يحدثونه، وكيف ينصتون إليه، وكيف يكون بعضهم مع بعض في الأخلاق.

    يقول تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ)، وهم يعلمون ذلك، ولكن الله تعالى يذكرهم بهذا ليبني عليه آداباً وليبني عليه أخلاقاً ليتلزموها ويعملوا بها، فقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ)، أي وقروه، وعزروه، وعظموه، وأنصتوا إليه، وأطيعوا قوله، واقتدوا بفعله، والتزموا طاعته، ولا تقدموا عليه، ولا تكثروا عليه الإشارة والقول.

    قال تعالى: لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ [الحجرات:7]، أي: لو يطيعكم في كثير مما اقترحتم عليه؛ لكان في ذلك عنتكم ومشقتكم وإثمكم وعذابكم، فالله جل جلاله جعل النبي عليه الصلاة والسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم فهو يختار لهم الأكرم والأصلح، واستشارته لهم إنما هي تطييب لنفوسهم وامتثال لأمر الله له: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159] .

    فقوله: (لَعَنِتُّمْ) مأخوذ من العنت، وهو المشقة والإثم والعذاب، فإذا استشاركم فأشيروا، فإن قبل فذاك، وإلا فما عليكم إلا السمع والطاعة.

    يقول تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:7].

    أي: يا أيها الذين آمنوا! إن الله هو الذي حبب إليكم الإيمان، فحملكم على حبه والتزامه، والعمل به، وكونكم مؤمنين ومسلمين هو من تحبيب الله ذلك لكم.

    وقوله تعالى: (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) جعله زيناً مقبولاً، فالواحد منا عندما يقول: (لا إله إلا الله) فيلتزم بها قولاً وعملاً يشعر بأن الله جل جلاله أكرمه بهذا الإيمان، فحببه إليه، وزينه في قلبه، وجعله يعتقد أن كل ما على وجه الأرض من أديان وملل سماوية نسخت، أو أرضية اخترعت وكانت من الشيطان، أشرف منها الإيمان بالله، والإيمان بمحمد رسول الله، فهو أشرف ما يعيش به، والذي أكرمه بذلك وحببه إليه وزينه في قلبه هو الله جل جلاله.

    قوله تعالى: وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ [الحجرات:7]، أي: كره إليكم الكبائر، وكره إليكم العظائم، وجميع أنواع المعاصي.

    فالذين أكرمهم الله فحبب إليهم الإيمان، وزينه في قلوبهم، هم الذين كره الله إليهم الكفر فاجتنبوه وتركوه، وكره إليهم الفسوق، وهو الخروج عن أمر الله، وعن طاعة الله بأنواع الكبائر والعظائم.

    قال تعالى: أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [الحجرات:7] أي: الذين أرشدهم الله وأصلحهم فأصبحوا ذوي رشاد، وذوي صلاح، وذوي هداية.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فضلاً من الله ونعمة ...)

    قال تعالى: فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:8].

    فليس ذلك من قبل أنفسهم، ولكن ذلك فضل من الله ونعمة، فتحبيب الإيمان وتكريه الكفر والعصيان فضل من الله، ونعمة منه تفضل بها على المؤمنين وأنعم بها على المؤمنين.

    قال تعالى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:8]، عليم بمن يصلحه ذلك، حكيم في أقواله، حكيم في أفعاله، حكيم في قدره.

    والحكيم: الذي يضع الأمور في مواضعها، فالله جل جلاله هو المتفضل على المؤمن حيث حبب إليه الإيمان وجعله مؤمناً، وأبعده عن الكفر وجعله عدواً للكفر والمعاصي، فذلك من فضل الله، وذلك من نعمة الله، والله هو العليم بعباده وما يصلحهم، والحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ...)

    يقول تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9].

    إن المؤمنين إخوة، فكل من قال: (لا إله إلا الله) هو أقرب إليك من أخيك لأبيك وأمك إن لم يكن مؤمناً، فالله ربط بين قلوب المؤمنين فجعلهم إخوة، وأعطاهم من الحقوق ما للإخوة من مواساة وإكرام وإعانة، ومن أجل ذلك قال: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9].

    أي: إن فئتان وجماعتان من المؤمنين اقتتلوا فقاتلت إحداهما الأخرى وطغت عليها فأصلحوا بينهما، ولا تكونوا مع إحداهما على الأخرى، ولا تتحزبوا بباطل، ولا تناصروا على الفساد وقتل المؤمنين، بل كل واحد فيهما أخ لكم وقريب لكم، فأصلحوا بين الفئتين والطائفتين اللتين اقتتلا.

    معنى قوله تعالى: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي ...)

    قال تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9].

    فإن أبت إحدى الفئتين وإحدى الطائفتين الصلح والخضوع للحق، فقاتلوها، حتى تجبروها على الاستسلام وعلى الخضوع للحق.

    فقوله تعالى: (فَإِنْ بَغَتْ) أي: ظلمت وانتقلت من الصلح إلى البغي والفساد وظلم المسلمين.

    وقوله تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى [الحجرات:9]، أي: بغت طائفة على طائفة فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9]، أي: قاتلوا الفئة الباغية الظالمة المعتدية، ولا ينتهي قتالكم لها وحربكم عليها حتى تخضع لأمر الله.

    فقوله تعالى: حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9] أي: حتى تعود إلى الحق وتحقيق الأخوة، فالأخ لا يظلم أخاه ولا يقاتله.

    وفي الحديث: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه).

    وفي الحديث: (المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله، التقوى هاهنا) ، أي: الإسلام علانية، والإيمان في القلب، كما قال عليه الصلاة والسلام.

    معنى قوله تعالى: (فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ....)

    قال تعالى: فَإِنْ فَاءَتْ [الحجرات:9]، فإن عادت للحق، ورمت السلاح فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا [الحجرات:9]، أصلحوا بين هاتين الفئتين والطائفتين بالعدل، ولا تنحازوا لجانب على آخر، فأصحاب الطائفتين إخوة لكم برابطة الدين ورابطة الإسلام، فإن فاءت هذه الباغية فاعدلوا بينهما (وَأَقْسِطُوا).

    يقال: القسط والإقساط، والإقساط: العدل، والقسط: الظلم، فقوله تعالى: (وَأَقْسِطُوا) أي: اعدلوا عندما تحكمون بين الفئتين بعد رمي السلاح وإلقائه، فانظروا لمعرفة القاتل من المقتول، والضائع ماله، والمنتهكة حرمته، فخذوا له حقه ممن ظلمه.

    أي: فليكن إصلاحكم وحكمكم بالعدل الذي لا ظلم فيه، وبالقسط الذي لا حيف فيه.

    قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9]، أي: يحب العادلين، وفي الحديث النبوي أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المقسطون على منابر من نور يوم القيامة على يمين عرش الله).

    وبالعدل قامت السموات والأرض، وقد قال ربنا جل جلاله في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).

    فالله جل جلاله لا يسئل عما يفعل، وقد حرم الظلم على نفسه وأمر بالعدل، وهو أحكم الحاكمين جل جلاله، فهو يأمر الناس بالعدل وبالقسط وبعدم الظلم.

    وبغي الباغي لا يخرجه عن الإيمان، والآية صريحة في ذلك.

    ذكر من يوصف بالبغي

    ولا يوصف بالبغي الكافر، وكثيراً ما يقال: إسرائيل باغية، والحق أنها مرتكبة أعظم من البغي، فإسرائيل كافرة لعينة أخت القردة والخنازير وعبد الطاغوت.

    فالبغي إنما يوصف به المسلم، فالمسلم عندما يظلم أخاه ويقاتل أخاه يقال له: باغ، أما الكافر فيقال عنه: كافر أعلن الحرب على الله، وأعلنها على رسول الله، فيقاتل لكفره، ويقاتل لظلمه.

    وأحكام البغاة أخذت من حروب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما بغى عليه أهل الشام، وقاموا في وجهه وأنكروا خلافته، فكانوا بغاة، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من عشرة من الأصحاب: (ويح عمار ! تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار).

    فالنبي يصف من قتل عماراً بالبغي، وقد قتله أهل الشام المتمردون على علي وخلافة علي، فكانوا البغاة، وكان جيش علي هو الداعي إلى الجنة وأولئك الدعاة إلى النار، وهم البغاة.

    وحكم الله في الباغي عندما ينتصر عليه أن لا تؤخذ أمواله غنائم، ولا أولاده إماءً وعبيداً، ولا يجهز على جريح، ولا يلاحق مدبر، وإنما ذاك مع الكفار، فهم الذين تؤخذ أموالهم غنائم وأولادهم أرقاء وعبيداً إن شاء الحاكم والإمام ذلك، ورآه من مصلحة المسلمين، وأما البغاة فإنما يقاتلون ليخضعوا للحق وليخضعوا للعدل، فإن خضعوا واستسلموا رفع السيف عنهم، ثم يطالبون بعد ذلك بما أزهقوا من أرواح واستلبوا من أموال وهتكوا من حرمات، وهنا يقول الله جل جلاله: فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا [الحجرات:9]، أي: أصلحوا بين الفئتين المتقاتلتين العائدتين إلى الحق، واحكموا بينهما بالعدل بلا ظلم ولا حيف ولا انحياز لواحدة دون الأخرى.

    قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9]، وإذا أحب الله شيئاً أحب فاعله، وإذا كره الله شيئاً كان مرتكبه آثماً، وكان مرتكبه ظالماً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ...)

    قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10].

    يقول تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، فهم وحدهم الإخوة، وليس الكافر لنا بأخ، كما قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51].

    فمن تولى اليهود فهو منهم، ومن تولى النصارى فهو منهم، ومن تولى المنافقين فهو منهم، ومن تنكر للمسلمين فأصبح عدواً لهم فذلك قد يخرجه عن جماعة المسلمين، وقد قال الله لهؤلاء: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) يعامل معاملتهم ويقاتل قتالهم، وبنفس ما نعامل به اليهودي والنصراني نعامل المنافق.

    يقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، وهذا عام، فأصلحوا بينهما إذا ظلم أحدهما الآخر، وإذا طغى أحدهما على أخيه، وإذا حاول أن يغصبه حقه، وإذا حاول أن ينتقص من مقامه، فأصلحوا بينهما، فهما أخوان لكم، فاتقوا الله في هذا، وأصلحوا بين الفئتين المتقاتلتين من المسلمين.

    وهذا الأمر من الواجبات التي تركها المسلمون منذ قرون، فقد قوتل مسلمو اليمن ما يزيد على أربع سنوات، والناس يرونهم وكأنهم ليسوا بمسلمين، وقد علموا من الباغي، فلم يصلحوا بين الفئتين، ولم يردعوا الفئة الباغية، وحدث هذا في جميع ديار وأقطار المسلمين، حيث ظلم المسلمون من مسلمين، وانتهكت حرماتهم وقتلوا ظلماً وعدواناً، وأصيبت أموالهم، ولا يزال هذا قائماً في أكثر البلاد التي تنتسب للإسلام، وبقية المسلمين يرون هذا وهم ساكتون عنه، ولا ينصاعون لمثل هذه الآيات الكريمة: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9]، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحجرات:10] أي: فاتقوا الله في الإصلاح بين الإخوة، والتزام أخوة المسلمين، والسعي في صالحهم، والبعد عن أذاهم وضررهم.

    قال تعالى: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]، أي: لعل الله أن يرحمكم إن أنتم عدلتم بين إخوتكم وأصلحتم بين إخوتكم وانتصرتم للحق على الباطل.

    و(لعل) في كتاب الله إن جاءت كانت للتحقيق لا للترجي فقط، أي: إن الله يرحمكم إن رحمتم إخوانكم وأخذتم على يدي الباغي وألزمتموه بالعدل والقسطاس، فإن لم تفعلوا فيوشك أن يعمكم الله بعقاب من السماء والأرض، وقد قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: (إذا هابت أمتي أن تقول للظالم: يا ظالم؛ فقد تودع منها) ، فإذا لم يقل المسلم للظالم: (يا ظالم) وعامله بمقتضى ظلمه وردعه عن الظلم، فإن الله يدع الكل ويتخلى عن الكل ويعاقب الكل.

    وكما هو حادث في عصرنا، فالمسلمون يعذبون في جميع بقاع الأرض، في ديار المسلمين، وفي ديار الكافرين، وسائر المسلمين على قوتهم وعلى غناهم وعلى اقتدارهم لا يحركون ساكناً أمامهم وكأنهم ليسوا لهم بإخوة، حتى إذا ابتلي أولئك الذين خذلوا إخوانهم وسلط عليهم أعظم من ذلك فإنهم ينادون: يا ويلتاه! لم ننصر إخواننا فخذلونا عندما احتجنا إلى نصرتهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم، لا يخذله ولا يسلمه ولا يظلمه) ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقيل: يا رسول الله! هذا المظلوم، فكيف ننصر الظالم؟! فقال: أن تحجزه عن ظلمه، فذلك نصر له).

    فردع الظالم عن ظلمه هو نصرته؛ لأنك أبعدته عن الباطل وقربته للحق، فعسى أن يئوب إليه وأن يفيء إلى الحق ويقول: رب اغفر لي إساءتي يوم الدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756355536