إسلام ويب

تفسير سورة سبأ [7-9]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الاستهزاء بالرسالة والرسل هو منهج الكافرين والمشركين الماضين وكذلك المعاصرون؛ وذلك إنما هو لعجزهم عن مقارعة الحجة بالحجة، فيلجئون إلى السخرية والتهكم، حتى يلبسوا على الجهلة وضعاف العقول، والله من ورائهم محيط.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق ...)

    قال الله جلت قدرته: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [سبأ:7]، هؤلاء الكفرة المشركون، الجاحدون ليوم القيامة ويوم البعث، وهؤلاء الذين لا يزالون يصرون على تكذيب الأنبياء والكفر بالله وما جاء عن الله.

    يقول الله عنهم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ أي: قال الذين كفروا لغيرهم من الناس وأمثالهم -وقد يطمعون أن يقولوا ذلك للمسلمين-: هَلْ نَدُلُّكُمْ أي: هل نوصلكم ونوجهكم لتتعرفوا على رجل يخبركم وينبئكم ويبلغكم بأنكم إذا مزقتم كل ممزق، وتفرقت أجسادكم وأخرجتم من هذه الدنيا بالموت والفناء، أنكم لفي خلق جديد، وتعودون مرة ثانية في جسد جديد، وفي حياة جديدة، وفي دار جديدة، يقولون هذا مستنكرين متعجبين، منفرين الناس عن الإيمان بالله، وأن هناك بعثة يوم القيامة، ليحاسب المسيء على إساءته، وليجزى المحسن على إحسانه.

    هؤلاء الكفرة عندما يقولون ذلك لا يقتصرون على أنهم كفرة جاحدون منكرون للبعث، ولكنهم يأبون إلا أن يذيعوا الكفر، ويكونوا دعاة للكفر.

    ثم هم عندما يتكلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: رجل وهي كلمة نكرة، أي: رجل مجهول، ويقصدون بذلك شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بعد الكفر ذنب، فعندما يكذبون ربهم وأنبياءهم مهما قالوا بعد ذلك فليس غريباً عنهم، على أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن مجهولاً في حياته، بل كان يعرفه البر والفاجر، وكان يعرفه المؤمن والكافر، فقد كان سبط وحفيد سيد العرب عبد المطلب ، وكان عبد المطلب معروفاً في جميع جزيرة العرب، وكان مقدراً ومعظماً ومحترماً، فهم عندما يقولون: محمد بن عبد المطلب، ويقولون: محمد بن عبد الله، كان جده أشهر من أبيه، فأبوه مات شاباً صغيراً، ولذلك فالنبي في غزوة حنين عندما شاع أنه قتل في المعركة قام على دابته وهو يقول:

    أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

    ولكن هؤلاء الكفرة الذين يقص الله عنهم، يريدون أن ينقصوا من مقام النبي عليه الصلاة والسلام في كلمة رجل، وهم متعجبون، ويقولون لغيرهم: يا هؤلاء الناس هل نعرفكم ونوصلكم إلى رجل يقول الغرائب؟! وهذه الغريبة والعجيبة أنه يقول عن الناس: إذا هم مزقوا وصاروا قطعاً في التراب أنهم سيعودون مرة أخرى.

    فقوله: مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أي: ضعتم وأصبحتم ذراً مع الذر، وتراباً مع التراب، أنكم تعودون مرة ثانية في خلق جديد، وحياة جديدة وجسم جديد.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أفترى على الله كذباً أم به جنة ...)

    قال تعالى: أَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ [سبأ:8].

    ثم عاد هؤلاء الكفرة فقالوا عن نبي الله: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [سبأ:8]، قال الله يجيبهم: بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ [سبأ:8].

    قالوا ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أعلن وبلغ عن الله، والحقيقة أن الله هو الذي قال ذلك، وهو الذي أمر نبيه أن يقسم بربه أننا سنبعث، وبأن الساعة آتية، وأن الحياة الثانية قائمة، فهم عندما يكذبون نبيهم يكونون قد جحدوا ربهم، وجحدوا رسالته ونبأه وكتابه.

    أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ أي: أأفترى، فهما همزتان همزة استفهام وهمزة وصل، ولكن حذفت الثانية فبقيت الأولى، ودل على المحذوفة بقاء الأولى، وهو استفهام إنكاري تعجبي، يقولون: هل افترى الكذب، وزعم أنه رسول، وأن ما يقوله هو كلام الله، وأنه نقل عن الله أننا بعد الموت سنعيش حياة جديدة بجسد جديد وجسم جديد؟ فهو لا يخلو إما أن يكون قد اخترع الكذب -وحاشاه من ذلك- أو به جنة: أي: أصابه الجنون، وفقد عقله، فأصبح يقول ما لا يعقل، ويتكلم بما لا يعلم، ذاك قولهم مع أنهم هم الكذبة الفجرة، والمكذب للصادق وهو الكاذب، قالوا ذلك لصغار عقولهم، فعقولهم لم تتسع لدين الله، ولا لأنبياء الله، ولا لرسالات الله، فالذي يكذب نبياً فإنه مكذب لجميع الأنبياء؛ لأن الأنبياء جميعاً ظهروا للناس وقالوا: إننا رسل ربنا إلى الناس جميعاً، وقالوا عن ربهم: إن حياة جديدة ستكون بعد الموت وأننا سنحيا بعد الموت والفناء للحساب والمجازاة، إما إلى جنة وإما إلى نار، فلم يكن هذا خبراً عن رسول الله فقط، ولكنه خبر الله الذي نطق به كتابه، والذي يعتبر أصلاً في جميع الشرائع، فهم لم يتصوروا إلا حالتين، فلم يقولوا الاحتمال الثالث وهو: أن يكون صادقاً، فكفرهم وحقدهم على الرسالات، وبغضهم لسيد البشر صلى الله عليه وسلم، تركهم لا يتصورون إلا صورتين: الكذب، والجنون، فهو إما نطق عن جنة، وإما نطق كاذباً، فكذبهم الله وأخزاهم، ولعنهم وقال: بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ .

    (بل) كلمة إضراب عن كلام سابق، أي: اسكتوا عما مضى، وعما هذى به هؤلاء الذين هرفوا بما لم يعرفوا، بل الحقيقة في ذلك ليس هناك كذب، والنبي لا يكذب، وليس هناك جنون، فالنبي من العقلاء، ولكن الواقع هو أن الذين كفروا لا يؤمنون بالآخرة، بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ هؤلاء حملهم على ذلك عدم إيمانهم باليوم الآخرة.

    بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ هم في العذاب لكفرهم، ولقلة أدبهم مع نبي الله عليه الصلاة والسلام ولتكذيبه، هم في العذاب المهين، في جهنم وبئس المصير، خالدين أبداً سرمداً، فهم علاوة على كونهم كذبة فجرة، جزاؤهم العذاب وسيلقونه، وهم في ضلال لقولهم هذا، ضلوا الطريق السوي، وضلوا الحق القائم والواقع، والذي جاءت به جميع الأنبياء منذ آدم أبي البشر، إلى نوح وإبراهيم، وجميع أنبياء بني إسرائيل، إلى خاتم الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وعليهم جميعاً، وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ أي: الضلال العميق الذي ليس له أي شبهة، لا من فكر ولا من عقل، فبذلك أصبحوا من أئمة الكفر؛ لإعلامهم ذلك وقولهم للناس هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهم من أجل ذلك في العذاب، وفي ضلال بعيد وسحيق وعميق، لا يكاد يدل عليه، لا منطق ولا أية شبهة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ...)

    قال تعالى: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [سبأ:9]، هؤلاء الجاحدون ليوم القيامة، المنكرون لها ولوقوعها، أفلم يروا: استفهام تقريعي توبيخي من الله لهم ولأمثالهم، فإنكار القيامة هو كفر الأولين وكفر الآخرين والمعاصرين، وهم يقولون هذا عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ويتهمونه بالكذب، فإذا قرءوا سيرته العطرة قالوا: به مس، أو به جنون، أو به طموح، فأملى عليه طموحه والجنون القائم فيه ما ليس بواقع، صلى الله عليه وحاشاه من كل ذلك.

    وها نحن نرى أن هؤلاء الكفرة المعاصرين سواء منهم اليهود والنصارى والوثنيون أو المنافقون المرتدون عن الإسلام، الذين يصفون أنفسهم بالتقدمية والإدراك، لكنهم هم الرجعيون المتأخرون الذي رجعوا لكفر أسلافهم.

    ومن كان بيته من زجاج لا يضرب بيوت الناس، ومن كان بيته من فولاذ ومن صخر أصم لا يهمه هراء الكذبة وفجور من لا يعقل ولا يدرك، فجميع أنواع الكفر المعاصرة والتي سبقت لم تزد في كفرها على ما قاله الأولون، فهم رجعوا إليهم فكانوا رجعيين متأخرين، وكانوا مع ذلك في الضلال البعيد، وفي العذاب المهين.

    ( أفلم يروا ) هؤلاء أين عقولهم؟ بل أين أبصارهم، ولكن كما قال ربنا: وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198]، فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].

    أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، أفلا يرون فيما يعيشون؟ أمامهم الأرض والسماء، وخلفهم أرض وسماء، وبين أيديهم ومن كل جهاتهم هذه السماء العالية، بما فيها من ثوابت وكواكب مما لا يحصيه إلا الله، وهذه الأرض الثابتة بما فيها من جبال وغابات وصحار وبحار، كل هذا هم يرونه ويقيمون عليه، وينامون فيه، ويصحون عليه، ويتنقلون في شماله وجنوبه وشرقه وغربه، هل يفكر هؤلاء المنكرون للخلق، من خلق هذا؟ من أقام السموات بهذا النظام الثابت؟ من الذي أرسى هذه الأراضي وثبتها بالجبال الرواسي؟ بل أنت نفسك، وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21]، من الذي خلقك؟ من الذي أعطاك عينين للبصر؟ من الذي أعطاك أذنين للسمع؟ وإذا ثبت هذا، وهو ثابت برؤيا العين وبالحس وبالواقع، فالخلق لا يمكن أن يكون بلا خالق، ومن قدر على كل هذا، فأوجدنا من العدم، وأوجد السموات والأرض والكون من العدم، وبلا مثال سابق، فعندما يفنيه ويقضي عليه، أيعجز أن يعيد ما كان صنعه؟ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ [يس:78-79].

    ولكن العقول ضائعة، والجنون هو القاعدة القائمة، ومن أضله الله لا يهديه أحد، لا مرب ولا داع ولا عارف ولا عالم. هؤلاء الذين يرون السماء والأرض بين الأيدي وعن اليمين والشمال، ومن الأمام ومن الخلف، هؤلاء الذين يعيشون بين السماء والأرض، ألم يخافوا أن يخسف بهم الأرض؟ هذه الأرض التي ينكرون خالقها. وقد خسفت بالكثيرين قبل وبعد وفي عصرنا، ومنذ سنوات خسف بإقليم من أقاليم أمريكا الجنوبية، وغيرت خريطته، وذهبت مدن وكأنها لم تكن، وغرقت في البحار، وصعدت جبال لم تكن.

    قارون وقصته من الذي صنعها؟ قوم لوط في أرض فلسطين من الذي خسف بهم الأرض ودهدهها عليهم من السماء والأرض؟ فمن يقول مثل كفرهم ومثل شركهم، لا يخاف أن هذه الأرض تلفظه وترفض أن يقوم عليها وهي المسبحة الموحدة لله؟ أفلا يخاف أن يصبح في الأرض السابعة؟ وإذا لم يخف من الأرض ألم يخف من السماء ونحن نرى يومياً ما يقع منها من نيازك، وما يقع منها من صواعق، أن تقع عليه يوماً صاعقة؟ ألم يخف أن تقع عليه قطع من السماء فيصبح وكأنه لم يكن؟

    ولكن الله عندما يقول هذا ويهدد ويوعد إنما رحمة منه بالعباد؛ لأنه أرسل عبده ونبيه، وخاتم أنبيائه رحمة لكل الناس، مسلمين ويهوداً ونصارى ووثنيين، فذلك الإمهال وذلك التأجيل هو رحمة من الله، كما أرسل النبي الكريم رحمة للعالمين، (إنما أنا رحمة مهداة) كما قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه.

    ومع ذلك فالله جل جلاله أجل العبد بعد أن رزقه عقلاً وبصراً وسمعاً وحساً، وأخذ يستدل عليه بالأدلة القاطعة، على الخلق والإيجاد، وعلى الدنيا والساعة الآتية، وأن هناك آخرة فيها الحساب، فيها العقاب وفيها الجنة والنار، أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ [سبأ:9]، فالله يفعل ما يشاء، وهو القادر على ما يشاء، وإذا شاء جل جلاله أن يخسف الأرض بهؤلاء وكأنهم ما كانوا، أو يسقط عليهم قطعاً من السماء فيسحقهم سحقاً.

    من الذي يعجزه؟ ومن الذي يمنعه؟ هو الذي لا يغالب، هو العزيز القهار الجبار، هو القاهر فوق عباده، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [سبأ:9] أي: إن في السماء والأرض، وفي الكون وما فيه من نظام ثابت، ومن حياة لا يعلمها أحد، ولا يصل إلى حقيقتها أحد لآية.

    من خلقنا؟ من رزقنا؟ من الذي رزقنا هذا المنطق واللسان؟ من الذي رزقنا جميع حواسنا؟ من الذي سخر لنا السموات والأرض وما فيهما من أرزاق وخيرات ورحمات؟ هل أحد إلا الله؟ فعل ذلك بالمؤمن، وفعله بالكافر، فالمؤمن يحمد الله ويشكره في الدنيا والآخرة، والكافر يزداد بكل نعمة كفراً على كفر، ثم عندما يأخذه يأخذه ولا يفلته، لأن الله لا يهمل ولكنه يمهل، وإذا أخذ العبد أخذه أخذ عزيز مقتدر، ولله الحجة البالغة.

    إن في هذه الآية لعلامة ودليلاً ظاهراً لكل عبد منيب، تائب رجاع إلى الله، مسلم مؤمن، إذا كان هؤلاء الكفار لم يروا ولم يتعظوا به، ولم يؤمنوا به، ولم يدركوا هذه الحقائق، إذا كانوا هم كذلك فليس المؤمنون كذلك، فكل تائب، وكل مؤمن، وكل منيب راجع لله في عبادته وفي عقيدته وفي نفسه يعلم هذه الآية، ويعلم أن هذا الخلق آية وعلامة على قدرة الله وعظمة الله ووحدانية الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756236338