إسلام ويب

رسالة إلى كل امرأة تيسير أحكام الحيض - تعريف الحيض وحكم دم الحيضللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • النساء شقائق الرجال، وقد خصهن الشرع بأحكام مستقلة عن الرجال، ومن هذه الأحكام: أحكام الحيض وما يتعلق به، لذا يلزم المرأة المسلمة أن تتفقه في دينها، وتعرف الأحكام المتعلقة بالحيض، والتي منها: أنواع الدماء الخارجة منها، وعلامات الحيض، وأصناف وأحوال النساء فيه، لأن ذلك يتعلق بقبول عملها عند الله عز وجل.

    1.   

    أحكام الحيض

    أهمية تعلم أحكام الحيض

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    لما كانت الطهارة أساساً في حياة المسلم وشرطاً لقبول عمله، كان حرياً بكل مسلم ومسلمة أن يتفقه في أحكامها، لا سيما وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) ، وتدخل المسلمة تحت حكم المسلم؛ لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (النساء شقائق الرجال) أي: في الأحكام.

    وقد اختص الله تعالى النساء بأحكام مستقلة في باب الطهارة تتعلق بالحيض والنفاس، وما تفرع على ذلك من مسائل.

    وقد حرصت النساء منذ العهد الأول على التفقه في أمر الدين وما يتعلق بهن من أحكام، ولذلك كانت تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها مادحةً نساء الأنصار: ( نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ). وأشهر قصة تدل على ذلك هي: أن أم سليم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، ماذا على المرأة إن هي احتلمت؟) هذه الكلمة كانت فجيعة بالنسبة لـأم سلمة وعائشة، فلم يكن يعرفن ذلك، لكن انظروا إلى أم سليم فقد علمت أنه لا حرج في الدين، والدين كله حياء، ومن قال: لا حياء في الدين فقد أخطأ، والصواب أن يقول: لا حرج في الدين.

    فـأم سليم قالت: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، ماذا على المرأة إن هي احتلمت؟ فضربت أم سلمة على فمها وقالت: أو تحتلم النساء؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: رحمك الله! فمن أين يأتي الشبه -أي: شبه الولد بأمه- فقالت عائشة : تربت يداك! فضحتِ النساء، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بل تربت أنت يداك! نعم عليها الغسل إذا رأت الماء)، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليها السؤال، ولكل امرأة أن تفعل ذلك، وهذه ممدحة في حقها وليست مذمةً، فكن يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء يخصهن، حتى تأتي المرأة بالثوب وتقول: إن إحدانا يصيب ثوبها الحيض، أتصلي به المرأة أم لا؟ فيشرح لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر.

    وسنتكلم عن باب أفرد له الإمام النووي قرابة ثلاثمائة صفحة في المجموع يتكلم فيه، وعن مشكلاته ومعضلاته.

    ومن العجب العجاب أن أكثر النساء لا يفقهن شيئاً عن حالهن، ولا يعرفن شيئاً عن الأمر الذي يخصهن كالحيض وغيره، لذا يجب وجوباً عينياً على كل امرأة أن تتفقه في مسائل الحيض والنفاس، بل ويجب على كل زوج أن يتعلم هذا الفقه لكي يُعلِّم امرأته، حتى لا يأتي الدم وهي لا تعلم أهذا دم حيض أم دم استحاضة أم دم نفاس؟! وحتى لا تأتي لتسأل زوجها فيقول: أنا لا أحيض، فلا أعرف هذه الأحكام؛ لأنها لا تخصني. لذا فلا بد للمرأة أن تتعلم العلم الذي يترتب عليه صحة العبادة وبطلانها.

    تعريف الحيض

    الحيض لغةً: مصدر حاض، يقال: حاض الشيء إذا فاض، وحاضت المرأة يعني: سال دمها.

    فالله جل وعلا يجعل أعلى الرحم يدفع الدم جبلة؛ وهذا الدم ليس بدم فساد ولا مرض، بل يخرج على سبيل الصحة، والله جل وعلا قد ابتلى به المرأة لحكمة يعلمها جل في علاه، فهو يناسب أنوثتها وجسدها وكينونتها.

    والمرَّةُ يطلق عليها حيضة، والجمع: حِيَض، والمحايض هي: الخرق التي تستثفر بها المرأة فتمص دم الحيض، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قالوا: يا رسول الله! بئر بضاعة يلقى فيه الكلاب والنتن ويلقى فيه المحايض -يعني الخرق التي تمص الحيض- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء)، ويقال للمرأة: حائض، مع أن كلمة: (حائض) مذكر، لكن ينسب للمرأة؛ لأنه خاص بها، ولا يمكن الاشتباه فيه مع الرجل.

    وفي الاصطلاح: هو دم جبلة يخرج من أقصى الرحم للمرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، في أوقات معلومة بحسب أصناف النساء واختلاف أحوالهن.

    أسماء الحيض

    للحيض أسماء كثيرة منها: الطمث، والعراك، والنفاس، والضحك وغيرها، وهذه الأسماء مستنبطة من الأدلة، كما في الصحيحين: (أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها كانت قد أهلت بالحج مع رسول الله، فدخل عليها وهي تبكي، فقال: ما يبكيك! أنفست؟) أي: أحضت؟

    حكم دم الحيض

    دم الحيض أذى، وهو نجس بالإجماع، قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، وفي الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها وأرضاها قالت: (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ فقال: تحكه ثم تقرصه ثم تنضحه بالماء وتصلي فيه)، أي: تحكه بحجر أو بعود فتدلك به جرم الدم حتى يضيع الجرم، ثم تصب عليه الماء فتدلكه به أو تقرصه فيضيع الأثر.

    قوله: (ثم تصلي فيه) هذا فيه دلالة على أن دم الحيض نجس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الصلاة في الثوب الذي أصابه دم الحيض، واستدل الفقهاء بهذا على وجوب طهارة الثوب للصلاة، وأن ذلك شرط من شروط الصلاة، ووجه الدلالة هو مفهوم المخالفة: أي أنها إن لم تقرصه حتى يضيع الأثر والجرم فلا تصلي فيه؛ لأنه نجس.

    وقد نقل النووي رحمه الله الإجماع على نجاسة دم الحيض، استناداً إلى حديث أسماء رضي الله عنها وأرضاها.

    وأيضاً في البخاري عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (كانت إحدانا تحيض ثم تقرص الدم -أي تدلكه- من ثوبها، فتغسله وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه).

    أقسام الدماء الخارجة من فرج المرأة

    تنقسم الدماء الخارجة من فرج المرأة إلى ثلاثة أقسام، وهي:

    القسم الأول: دم الحيض. ويخرج من أعلى الرحم.

    القسم الثاني: دم النفاس. وهو متعلق بالولادة.

    وأما الدماء التي تنزل من الحامل قبل أن تلد بيومين تستقبل به الولادة، ففيه خلاف بين الفقها، فلو قلنا: إن الدم الذي ينزل من الحامل قبل أن تلد بيومين هو دم نفاس فالحكم أنها لا تصلي ولا تصوم، ولو قلنا: إنه دم فساد وعلة فالحكم أنها تصلي وتصوم حتى تلد، والراجح من أقوال أهل العلم أنه ليس بدم نفاس.

    القسم الثالث: دم الاستحاضة. وهو دم مرض وعلة، فقد تأتي طبيبة مختصة فتقول: إن هناك عرقاً هو الذي يسيل منه هذا الدم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما هو عرق)، وقال: (هو ركضة من الشيطان) .

    علامات دم الحيض

    هناك علامات لدم الحيض التي بواسطتها تعرف المرأة أن هذا الدم هو دم الحيض، وهي أربع علامات:

    الأولى: اللون.

    الثانية: الوصف.

    الثالثة: الرائحة.

    ومعرفة هذه الأمور من العلم والدين.

    العلامة الأولى: اللون، فالدم الأحمر ليس بحيض، إلا أن تظهر قرائن تثبت أنه دم حيض، وإنما دم الحيض أسود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دم الحيض أسود يعرف)، أي: تعرفه المرأة، ولكن البنت التي ابتدأها الحيض لا تعرف، فعليها أن تذهب إلى أمها لترى الدم، أهو دم حيض أم ليس بدم حيض؟

    العلامة الثانية: الوصف، فدم الحيض غليظ، وأما دم الاستحاضة فهو خفيف رقراق، وهذا هو الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة.

    العلامة الثالثة: دم الحيض له رائحة كريهة منتنة، ودم الاستحاضة ليس كذلك؛ لأن دم الاستحاضة منبثق عن عرق، أما دم الحيض فهو منبثق من أعلى الرحم، فكان أوفق له أن يكون له رائحة منتنة.

    العلامة الرابعة: أن دم الحيض بعد الدفع من الرحم لا يتجمد، وغيره يتجمد.

    سن الحيض

    اختلف العلماء في سن ابتداء الحيض وانتهائه، وهل هناك حد لأقل الحيض أو أكثره أو لا؟ فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يمكن الحيض إلا بعد تسع سنين، وهذا كلام الجمهور، والدم الذي يدفعه الرحم بعد تمام خمس سنين أو سبع أو ثمان سنين لا يعتبر حيضاً عندهم.

    أما الانتهاء عند الجمهور: فببلوغ المرأة خمسين سنة، وعند ذلك تصبح يائسة؛ لقول الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ [الطلاق:4]، فإذا بلغت المرأة الخمسين ونزل منها الدم فلا يعتبر دم حيض، وأدلتهم في ذلك العادة الغالبة؛ لأن العادة أن البنت لا تحيض إلا عند سن التسع، وأن المرأة ينقطع حيضها عند سن الخمسين، والقاعدة عند الفقهاء: أن العادة محكمة.

    ولهم أدلة من السنة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة)، فهذا دليل على أنها قبل التسع السنين لا تكون امرأة، أي: لا تكون حائضاً.

    وذهب ابن حزم ، ورجحه ابن المنذر وشيخ الإسلام ابن تيمية وهو الراجح الصحيح: أنه لا يصح تحديد سن للجارية، ولا يصح تحديد سن للمرأة الكبيرة، فلو رأت البنت الجارية عند خمس سنين الدم فهو حيض، ولو رأت عند سبع سنين فهو حيض، والمرأة بعد الخمسين إذا رأت الدم فهو حيض؛ لعموم قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، فالدم الذي نزل وهو أسود، وله رائحة وهو ثخين، فهو دم حيض، سواء في خمس سنوات أو سبع سنوات، أو نزل من المرأة بعد سن الخمسين.

    وأيضاً: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن دم الحيض قال: (دم الحيض أسود يعرف)، ولم يقل: عندما تصل المرأة سن تسع سنين.

    والحديث الذي استدل به الجمهور حديث باطل، وقد قال الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]، أي: انقطع دم الحيض عنهن، ولم يقل: واللائي بلغن الخمسين سنة.

    إذاً: العبرة الانقطاع وليس هناك سن محدد لليأس.

    وثمرة الخلاف: أننا إذا قلنا بقول الجمهور: بأن الجارية دون التسع سنين إذا نزل منها الدم أنها غير حائض، فهي غير مكلفة، أي: ليس عليها صوم ولا غيره؛ لأنها لم تبلغ سن المحيض، وإذا شتمت أو أخطأت فلا تكتب عليها السيئات؛ للحديث: (رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: الصبي حتى يحتلم)، والجارية كذلك، لكن الصحيح الراجح أنه إذا نزل الدم منها ولو كانت بنت ست فهي مكلفة؛ وذلك لحديث عائشة قالت: (عقد عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، ودخل بي وأنا بنت تسع سنين) أي: أنها كانت مكلفة وهي بنت ست.

    أما بالنسبة للكبيرة اليائسة، فالثمرة: أنه إذا بلغت المرأة واحداً وخمسين سنة، وحدثت المشاحنة والمشاجرة بينها وبين زوجها، فقال زوجها: أنتِ طالق، فإن عدتها تكون بالشهور لا بالحيض؛ لأن المرأة التي تحيض عدتها كما قال الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، أي: ثلاث حيض كما سنرجح، وقال تعالى عن المرأة اليائسة التي لا ينزل منها الدم: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]، لكن القول الراجح والصحيح هو خلاف قول الجمهور.

    وأما الجواب على استدلال الجمهور بقولهم: العادة محكمة. فنقول: هذا إذا لم تعارض الشرع، وقد عارضت هنا عموم قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، وعارضت قول الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ [الطلاق:4].

    وأما الحديث الذي استدلوا به من حديث ابن عمر : (أن الجارية إذا بلغت تسع سنين فهي امرأة) فهو حديث ضعيف لا يحتج به.

    أقل الحيض وأكثره

    أما بالنسبة لمسألة أقل مدة الحيض وأكثرها، فقد ذهب الأحناف إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام، بمعنى: أن المرأة إذا نزل منها دفعة واحدة من الدم فلا يعتبر عند الأحناف حيضاً، فلا بد أنه يستمر معها ثلاثة أيام، وأكثر أيام الحيض عشرة أيام، فلو زاد على عشرة أيام فهو دم استحاضة.

    أما المالكية فقالوا: لا حد لأقله ولا لأكثره، فلو أن الرحم دفع دفعة واحدة من الدم، أو لحظةً واحدة، فهذا الدم دم حيض عند المالكية؛ لأنه لا حد لأقله ولا لأكثره.

    أما عند الجمهور -الحنابلة والشافعية- فقالوا: أقل الحيض يوم وليلة؛ لأن الحائض عندهم لا بد أن يستمر معها الدم يوماً كاملاً، وأكثر الحيض خمسة عشر يوماً.

    ويستدلون على ذلك بقول علي بن أبي طالب : (وما زاد عن الخمسة عشرة فهي استحاضة).

    ودليلهم على أقل الحيض هو: استقراء عادة النساء، فقالوا: وجدناها يوماً وليلة، والعادة محكَّمةٌ، وهذا قول الشافعية والحنابلة.

    وكذلك يستدلون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء ناقصات عقل ودين، قيل: وما نقص دينهن؟ قال: تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي)، فشطر عمرها أي: نصفه، وهو: خمسة عشر يوماً بالنسبة للشهر، ففيه دلالة على أن أقصى مدة هي: خمسة عشر يوماً ليس بصحيح، بل هو ضعيف، والراجح في ذلك والذي دلت عليه الآثار ويدل عليه النظر أن الحيض لا حد لأقله ولا حد لأكثره عند شيخ الإسلام لكن الصحيح أن هناك حداً لأكثره، فإذا أرخى الرحم دفعة واحدة من الدم فهو حيض، ولو لحظة، ولا بد أن تكون دفعة كبيرة، ليس نقطة أو نقطتين؛ لأن النقطة والنقطتين كما قال علي بن أبي طالب ليست من الحيض، أي: لا تؤثر، فهي معفوٌ عنها، ودليل ذلك أن الله علَّق الحكم على وجود الدم، فإن وجد الدم فهي حائض، ولو ارتفع الدم فهي غير حائض؛ لأن الله جل وعلا قال: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222]، أي: إذا نزل فهو حيض، وإن لم ينزل فليس بحيض.

    أما لو شعرت المرأة بدم الحيض داخل الفرج ولم يخرج فلا تعتبر حائضاً؛ لأن الحكم يدور مع وجود الدم، هذا هو الصحيح.

    أما أكثر أيام الحيض، فالصحيح الراجح أن أكثر أيام الحيض خمسة عشر يوماً، فلو زاد الدم عن خمسة عشر يوماً فهو دم استحاضة، وعند ذلك ننظر في عادتها هل هي ستة أو سبعة أيام؟ والباقي كله نجعله استحاضة؛ لأنه لا يعقل أن تكون أكثر أيام المرأة لا تتعبد لله فيها أبداً، فهذا مخالف لمقاصد الشريعة والتكليف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تمكث ليالي لا تصلي)، أي: أنه حدد الأوقات التي لا تصلي فيها، ولو كان أكثر عمرها كذلك لقال النبي صلى الله عليه وسلم: تمكث أكثر أيامها لا تصلي.

    أصناف النساء في الحيض

    للنساء أصناف وأحوال ثلاثة في الحيض:

    الصنف الأول: مبتدئة: وهي التي لم تحض قبل ذلك.

    الصنف الثاني: مميزة: وهي التي تستطيع أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.

    الصنف الثالث: معتادة: وهي التي اعتادت على مجيء الحيض في وقت معين من الشهر، سواء في بدايته أو نهايته، ويمكث معها مدة معينة اعتادتها، فهي لا تميزه إلا بعادتها، فإذا زاد عن عادتها بسبب اضطرابات نفسية، أو بسبب استخدام دواء منع الحمل، فيعتبر الزائد استحاضة.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755964562