إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
فاللهم! اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم الحليم جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! (الحرب على الثوابت) سلسلة منهجية جديدة أفند فيها شبهات حقيرة في حرب خطيرة أعلنت على ثوابت وأصول وأركان الإسلام، ومنذ أن بزغ فجره واستفاض نوره، وما زالت هذه الحرب وستستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالصراع بين الحق والباطل لا ينتهي.
وسر الخطر في هذه المرحلة أن الذي يعلن الحرب على هذه الثوابت ليس المستشرقون والملحدون فحسب كما كان الحال قديماً، ولكن الذي يشعل نيرانها ويتولى كبرها رجال ونساء من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، وإن مؤتمراً المرأة في مصر بلد الأزهر في الأيام الماضية لمن أعظم الأدلة العملية على ما أقول.
والذي يؤلم القلب أن هذه الفئة التي تعلن الحرب على الثوابت تسمى في بلاد المسلمين بالنخبة من رجال الفكر والفن والأدب، يهدمون الدين باسم الدين، ويعلنون الحرب على الإسلام باسم الإسلام، وقد أحيطوا في الوقت ذاته بهالة من الدعاية الكاذبة تغطي انحرافهم وتستر جهلهم وتنفخ فيهم ليكونوا شيئاً مذكوراً، وهم في الحقيقة كالطبل الأجوف يسمع من بعيد، وباطنه من الخيرات خال.
يعلنون الحرب تحت شعارات خداعة براقة، كحرية الفكر والرأي، وكفتح آفاق المعرفة، وكالخروج من الانهزامية والظلامية والانغلاقية والرجعية، إلى آخر هذه الدعاوى الهلامية والشعارات البراقة.
وأنا أقول: ما علاقة حرية الفكر والرأي بهدم ثوابت وأصول الإسلام؟
هل التطاول على ذات الله من حرية الفكر والرأي؟
وهل التشكيك في القرآن الكريم من حرية الفكر والرأي؟
وهل التشكيك في السنة وإنكار قدسيتها من حرية الفكر والرأي؟
وهل الغمز واللمز في الملائكة الكرام البررة من حرية الفكر والرأي؟
وهل التطاول على مقام النبي صلى الله عليه وسلم من حرية الفكر والرأي؟
وهل الغمز واللمز في الصحابة من حرية الفكر والرأي؟
وهل المناداة بمساواة الرجل مع المرأة في الميراث، والمناداة بإلغاء العدة، والمناداة بإلغاء قوامة الرجل على المرأة من حرية الفكر والرأي؟
قال الله جل وعلا:
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا 
[الأحزاب:57]، وقال الله جل وعلا:
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *
لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ 
[التوبة:65-66].
ويقول جل وعلا:
مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا 
[نوح:13] أي: مالكم لا توحدون الله حق توحيده، ولا تعبدون الله حق عبادته، ولا تقدرون الله حق قدره.
هذه مقدمة ثابتة أقدم بها لهذه السلسلة، ونحن اليوم على موعد مع اللقاء الثالث من لقاءات هذه السلسلة، وكنت قد تحدثت في اللقاءين الماضيين عن الحرب على الصحابة والحرب على السنة، وحديثنا اليوم بإذن الله تعالى عن: الحرب على صاحب السنة صلى الله عليه وسلم.
وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث مع حضراتكم في هذا الموضوع الخطير في العناصر المحددة التالية:
أولاً: حرب كاسرة.
ثانياً: هذه طبيعة الطريق.
ثالثاً: انتصار الحق سنة جارية.
فأعيروني القلوب والأسماع، والله أسأل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! لقد نشأ النبي صلى الله عليه وسلم في بيئة شركية تصنع الحجارة بيدها وتعبدها من دون الله جل وعلا، فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم هذه البيئة وانطلق بعيداً على قمة جبل النور إلى غار حراء، يقضي الليل في التعبد والتبتل والتضرع، ويقضي النهار في التأمل والتفكر والتدبر، وفي ليلة كريمة من ليالي شهر رمضان المبارك يتنزل الوحي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كتنزل حبات الندى على الزهرة الظمأى والأرض العطشى، يتنزل جبريل بكلام الملك الجليل، بقول الله تعالى:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *
خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *
عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 
[العلق:1-5].
ويرجع النبي بهذه الكلمات يرجف فؤاده وتضطرب جوارحه، ويقول لـ
خديجة رضي الله عنها: (
زملوني زملوني، والله لقد خشيت على نفسي يا خديجة)، فترد عليه رمز الوفاء وسكن سيد الأنبياء لتقول له: كلا والله لا يخزيك الله أبداً. وتبدأ المرحلة الأولى من مراحل الدعوة إلى الله تعالى، فيقوم النبي يدعو إلى الله سراً، فالأمر جد خطير، فللأصنام جيوش من الغضب، وهي مستعدة لنحر من يعتدي عليها أو يصيبها بأذى.
فهؤلاء قوم يذبح بعضهم بعضاً من أجل ناقة، فما ظنك بما سيفعلونه من أجل آلهة يذبحون لها آلاف النياق!
حرب قريش للنبي عليه الصلاة والسلام
حرب أهل الطائف للنبي عليه الصلاة والسلام
حرب المنافقين للنبي صلى الله عليه وسلم
حين ترك النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهاجر إلى المدينة هل توقف مسلسل الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، بل لقد فتحت جبهات جديدة أخرى من جبهات الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تترك قريش رسول الله، بل خرجت بطراً ورئاءً بحدها وحديدها لتحاد الله ورسوله، خرجت للقضاء على النبي شخصياً في بدر وفي أحد وفي الأحزاب، ولكن الله نجى نبيه، وفتحت في المدينة جبهة جديدة حقيرة من جبهات الحرب، ألا وهي جبهة أهل النفاق، أعلن المنافقون الحرب على رسول الله، ولكنها حرب من نوع قذر، من جنس ما يعلن الآن على الإسلام ورموز الإسلام.
اتهم المنافقون رسول الله في شرفه، وأنا لا أسوق مثل هذا التاريخ للاستمتاع السالب ولا للثقافة الذهنية الباردة؛ فإن كثيراً من المسلمين يتعامل الآن مع السيرة تعاملاً ذهنياً باهتاً وتعاملاً ثقافياً بارداً، ولسان حال الكثيرين: كان يا مكان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام. وكأنه يستمع إلى قصة
أبي زيد الهلالي ، أنا لا أسرد هذا التاريخ وهذه الحلقات المؤلمة من مسلسل الحرب الطويل للاستمتاع السالب، ولا لمجرد الثقافة الذهنية الباردة، كلا اتهم المنافقون رسول الله في شرفه، وفي عرضه!
هل اتهمت في عرضك أيها السالك لطريق النبي؟ هل اتهمت في شرفك لتتخلى عن مبادئك عند أول منعطف من المنعطفات أو محنة من المحن أو ابتلاء من الابتلاءات؟
اتهم النبي في عرضه وفي شهامة بيته، وهو الطاهر الذي فاضت طهارته على جميع العالمين، اتهم في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة كل الحرمات في أمته، وفيمن؟! في
عائشة التي أحبها من كل قلبه، فلما رأى رأس النفاق الخبيث
عبد الله بن أبي عائشة مع
صفوان بن المعطل قال الخبيث قولة خبيثة في غير رواية الصحيحين، قال: من هذه؟ قالوا:
عائشة. قال: ومن هذا؟ قالوا:
صفوان. فقال الخبيث الوقح: امرأة نبيكم تبيت مع رجل حتى الصباح! والله ما نجت منه وما نجا منها، وتستشري الإشاعة الخبيثة وتنتشر كانتشار النار في الهشيم.
ويظل النبي شهراً كاملاً يحطم الألم قلبه، ويفتت الحزن كبده، إيذاء إلى هذا الحد! حتى نزل قول الله تعالى ببراءة الطاهرة
الصديقة بنت الصديق :
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ 
[النور:11] إلى آخر آيات سورة النور.
والمنافقون هم الذين قالوا:
لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا 
[المنافقون:7].
والمنافقون هم الذين قالوا:
لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ 
[المنافقون:8].
والمنافقون هم الذين قالوا في حق النبي: سمن كلبك يأكلك.
والمنافقون هم الذين قالوا: غبر علينا ابن أبي كبشة .
حرب قذرة خبيثة، جبهة أخرى من جبهات الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم.
حرب اليهود للنبي عليه الصلاة والسلام
هل توقفت الحرب على النبي بعد موته؟
كلا. كلا. ما توقفت حتى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أخطر وأخبث وأبرز مراحل الحرب على شخص النبي بعد الموت ما وقع في عام خمسمائة وسبعة وخمسين من الهجرة، فهل تتصور أن الخبثاء المجرمين قد خططوا ودبروا ليخرجوا جثمان النبي الطاهر من القبر، ليفجعوا المسلمين فجيعة لا يقومون بعدها أبداً، هل تتصور ذلك؟! لولا أن الله سلم، فقد رأى السلطان الزاهد العابد
نور الدين محمود زنكي أن النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى رجلين خبيثين أشقرين يحفران في الأرض ووصلا إلى جدار الحجرة النبوية الشريفة، فخرج مع وزيره الصالح الزاهد
جمال الدين الموصلي إلى مدينة الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس في الروضة بعدما صلى لله وسلم على رسول الله.
فقال الوزير: إن السلطان قد أتى إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يريد أن يلتقي بالأشراف والأغنياء والفقراء ليوزع عليهم من مال الله ما يسر الله عز وجل، وجاء الأغنياء، وجاء الفقراء، والسلطان يتفرس في الوجوه لعله يرى الوجهين اللذين أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم له، فلم ير أحداً.
فتعجب الرجل من هذه الرؤيا العجيبة التي تكررت مراراً، فقال السلطان: هل حضر إليَّ كل أهل المدينة؟ قالوا: نعم. إلا رجلين يجاوران الحجرة الشريفة، وهما من الأغنياء ومن الزهاد، ينفقان الأموال بسخاء على فقراء المدينة. قال: عليَّ بهما. فلما دخلا على السلطان صرخ وقال: اللهم صل على محمد، هما والله هما. وانطلق إلى منزلهما إلى جوار الحجرة النبوية، ودخل البيت بنفسه، فلم ير إلا مصحفين شريفين، ورأى أموالاً طائلة، فظل يدور والناس يعجبون من صنيع السلطان ولا يعرفون شيئاً على الإطلاق، فوجد حصيراً في جانب من جوانب البيت فكشفه فوجد سرداباً تحت الأرض، فنزل في هذا السرداب ومشى فيه حتى وصل إلى جدار الحجرة النبوية، فأمر بقتلهما على جدار الحجرة، وهو يبكي لما ناله من هذا الشرف العظيم.
وقد ذكرت هذه القصة كل كتب التاريخ التي أرخت لتاريخ المدينة النبوية الطاهرة المشرفة، كتاريخ المدينة المنورة
للسمهودي، و
المطري، و
المراغي، و
محب الدين الطبري وغيرهم، كل كتب التاريخ التي أرخت للمدينة ذكرت هذه الحادثة المشهورة.
لم تتوقف الحرب على النبي عليه الصلاة والسلام عند هذا الحد، والحرب التي أعلنها المستشرقون في العصر الحديث لا تحتاج إلى وقفة؛ لأنها ما هي إلا نتاج عقول حقيرة أنهكها التحلل الأخلاقي، وأعجزها أن تستوعب الحقائق الكبيرة، فيغني تصورها عن إبطالها وإفسادها.
لكن أفراخ المستشرقين من العلمانيين في بلاد المسلمين يعلنون الحرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يثبت فساد عقيدتهم وخبث طويتهم، وإن زعموا أنهم يناقشون الأدلة نقاشاً علمياً بعيداً عن التجمد والانغلاق، فأين النقاش العلمي من قول خبيث من هؤلاء الخبثاء: ولما استتب الأمر لمحمد؟ هكذا بوقاحة وسوء أدب! ما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب مرة، كيف وهو يعلن الحرب عليه، وهذا القزم الخبيث الحقير لازال حياً يرزق، بل تنشر مقالاته في الجرائد، بل تنشر قصصه كاملة على صفحات جريدة سوداء تعزف على وتر الجنس والدعارة، قال: وأخذت شوكته تقوى وهو في طريقه لكي يصبح سيد جزيرة العرب كلها: تلا على أصحابه قرآناً ينص على:
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ 
[التوبة:28]!
فهل فهمت المراد -أيها الحبيب- ووقفت على خبث الكلام؟!
هذا الخبيث يريد أن يقول: إن محمداً ما قرأ على أصحابه قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)، إلا لما قويت شوكته وأصبح لا يخاف المشركين، وكأن محمداً يأتي بالقرآن من عند نفسه بالمعنى الذي يريد في الوقت الذي يريد.
تدبر الكلمات الخبيثة مرة ثانية، يقول: ولما استتب الأمر لمحمد، وأخذت شوكته تقوى وهو في طريقه لكي يصبح سيد جزيرة العرب كلها، تلا على أصحابه قرآناً ينص على:
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ 
[التوبة:28]).
ويقول هذا الخبيث أيضاً: وهكذا قد استبان أن بتر الصلة -يعني: قطع العلاقة- اليثربية -يقصد يثرب- بين الأنصار وبين اليهود هو شطر من خطة القطيعة التي رسمها محمد ونفذها بإحكام بالغ في سبيل صبغ أصحابه بصبغة الديانة التي شربها.
هل وقفت على خبث هذا الخبيث وخطر كلماته؟!
هؤلاء لا يعرفون ولاء ولا براءً، لا يعرفون ولاءً لله ورسوله والمؤمنين، ولا براء من الشرك والمشركين، ولذلك هم لا زالوا إلى يومنا هذا يعكفون على هذه الفجوة توسيعاً وتمييعاً وتخليطاً، حتى لا يعرف المسلم من يوالي ومن يعادي، ومن يحب ومن يبغض.
يقول هذا الخبيث: وهكذا قد استبان أن بتر الصلة اليثربية بين الأنصار واليهود هو شطر من خطة القطيعة التي رسمها محمد ونفذها بإحكام بالغ في سبيل صبغ أصحابه بصبغة الديانة التي شربها).
حرب قذرة تعتدي على شخص النبي وعلى سنة النبي وعلى دين النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد شهدت مصر -بلد الأزهر- في الأيام مؤتمراً للمرأة، هذا المؤتمر بكل صفاقة ووقاحة وقلة حياء أعلنت فيه الحرب على الثوابت، فأعلنت فيه المطالبة بإلغاء القوامة، فلا قوامة للرجل على المرأة، والمطالبة بإلغاء العدة، والمطالبة بمساواة المرأة بالرجل في الميراث.
ثم تقول خبيثة تنتسب إلى الإسلام: إن الرجال يركعون أمام ركبتي
مادلين أولبرايت الجميلتين.
وتقول خبيثة أخرى -في كلمات والله أستحي أن أذكرها-: إن الرجال يفعلون كذا -فعلة خبيثة معروفة بين الشباب إلا من رحم ربك- على صور
مارلين مونرو .
هذا مؤتمر لنساء ينتسبن إلى الإسلام، ويقلن مثل هذا الكلام الخطير الخبيث الذي يستحي الرجل العادي فضلاً عن المؤمن التقي أن يذكره ورب الكعبة، فكيف لو ذكرتها امرأة داست على أنوثتها؟ لا أقول: داست على دينها فهؤلاء قد دسن على الدين منذ زمن، لكن أقول: داست على أنوثتها، وداست على قيم مجتمعها، وداست على أخلاق مجتمعها، يردن لهذا المجتمع ألا تبقى فيه بقية باقية من خلق للإسلام، ومن دين للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، إنما يردن أن يذبن ذوباناً كلياً في بوتقة الشرق الملحد والغرب الكافر، وقد حذر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى من هذا الذوبان الخبيث الخطير، كما في الصحيحين من حديث
أبي سعيد : (
لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم).
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
أيها الأحبة! انتصار الحق سنة جارية، قال تعالى:
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا 
[الإسراء:81]، إن الذي يفصل في الأمر حتماً -كسنة ربانية ثابتة- في نهاية الطريق ليست ضخامة الباطل، وإنما الذي يفصل في الأمر هو قوة الحق، ولاشك ولاريب ولا خلاف ولا نزاع في أننا نحمل الحق الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض والجنة والنار، بل ومن أجله أنزل الكتب وأرسل الرسل.
معنا الحق، ومعنا رفيق الفطرة في الكون، فطرة الله التي فطر الناس عليها، معنا رفيق فطرة الإنسان المسلم الطيبة، وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك معنا الله، ويالها من معية كريمة لو عرف المؤمنون قدرها، قال تعالى:
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ 
[الزمر:67].
فالحق مهما انزوى وضعف كأنه مغلوب فإنه ظاهر، والباطل مهما انتفخ وانتفش كأنه غالب فإنه زاهق،
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا 
[الإسراء:81]، فالحق حق والباطل باطل، قال الله عز وجل:
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ *
إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ*
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ 
[الصافات:171-173]، وقال الله عز وجل:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ *
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 
[الصف:8-9].
وقال الله عز وجل:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ 
[الأنفال:36].
ولقد وقفت على وثيقة التنصير الكنسي التي تخرج من الفاتيكان بتوقيع
جونبول الثاني ، فقرأت فيها كلاماً يقول فيه البابا للمنصرين -أي: للمبشرين بلغتهم-: هيا تحركوا بسرعة لوقف الزحف الإسلامي الهائل في أنحاء أوروبا.
وأنا حينما أفكر في الجهود التي تبذل للإسلام أكاد أبكي والله؛ لأنك لو قارنت ما يبذل للإسلام من جهود وما يبذل للنصرانية وغيرها من جهود لرأيت العجب العجاب، ولكن الإسلام دين الفطرة، فإنهم يقبلون عليه لأنه دين الفطرة، فهم الذين يبحثون الآن عنه، بل إن الإسلام ينتشر في روسيا الملحدة التي ظلت تحارب الإسلام سبعين عاماً أو يزيد، وكان أحدهم إذا أراد أن يقرأ كتاب الله نزل السراديب تحت الأرض، وبعد هذه المدة وجدنا الإسلام هنالك لم يمت ولن يموت، وهكذا في فرنسا وفي ألمانيا وفي إنجلترا وفي أمريكا وفي كل بقاع الأرض، نرى كوكبة كريمة من شباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود، وإن المشهد الذي نراه الآن من آلاف مؤلفة، بل من عشرات الآلاف من شبابنا وأخواتنا وأمهاتنا لمن أعظم الأدلة العملية على أن فجر الإسلام قادم، وأن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يليها ضوء الفجر، وصدق القائل:
ولئن عرف التاريخ أوساً وخزرجاً فللـه أوس قادمون وخزرج
وإن كنــوز الغيب تخفي طلا ئعاً حرة رغم المكائد تخرج
وصدق القائل أيضاً:
صبح تنفس بالضيــاء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا
وشبيبة الإسلام هـذا فيلــق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا
وقوافل الإيمان تتخذ المــدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا
ما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا
هي نخلة طاب الثرى فنما لهــا جذع قوي في التراب وأعذقا
هي في رياض قلوبنا زيتونــة في جذعها غصن الكرامة أورقا
فجر تدفق من سيحبس نــوره أرني يداً سدت علينا المشرقا
يا نهر صحوتنا رأيتك صافيــاً وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى
قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطــى للطهارة موثقا
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنـا ومضى على درب الكرامة وارتقى
أوكان إرهـاباً جهاد نبينــا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا
أتطرف إيماننــا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا
إن التطرف أن نذم محمــداً والمقتدين به ونمدح عفلقا
إن التطرف أن نرى من قومنـا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا
يا جيل صحوتنا إني أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقـا
لك في كتاب الله فجر صــادق فاتبع هداه ودعك ممن فرقا
لك في رسـولك أسوة فهو الذي بالصدق والخلق الرفيع تخلقا
يا جيل صحوتنا ستبقى شامخـاً ولسوف تبقى باتباعك أسمقا
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر إخواننا في الشيشان، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم اكلأهم بعنايتك ورعايتك، اللهم إنه قد تخلى عنهم الشرق والغرب فلا تتخل عنهم بذنوبهم وذنوبنا، اللهم لا تتخل عنهم بذنوبهم وذنوبنا، اللهم كن لهم ناصراً يوم قل الناصر، وكن لهم معيناً يوم قل المعين، اللهم كن لهم ناصر يوم قل الناصر وكن لهم معيناً يوم قل المعين، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام الروس الملحدين، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام الروس الملحدين، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدام الروس الملحدين، يا رب! شتت شملهم، يا رب! مزق جمعهم يا رب! شتت شملهم، يا رب! مزق جمعهم، اللهم أرنا فيهم يوماً كيوم عاد وثمود، اللهم يا من نصرت محمداً! يا من نصرت محمداً ! يا من نصرت محمداً! اللهم انصر الشيشان واهزم الروس الملحدين، بعظمتك وقدرتك يا رب العالمين!
اللهم ارحم ضعفنا، ارحم ضعفنا، ارحم ضعفنا، واقبل عذرنا، واقبل عذرنا، واقبل عذرنا، وارحم ضعفنا واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وفرج كربنا، واكشف غمنا، ووأزل كربنا، وفك أسرنا، وفك أسرنا، وفك أسرنا، وتولَّ أمرنا، وتولَّ أمرنا، واختم بالصالحات أعمالنا، وارفع مقتك وغضبك عنا، وارفع مقتك وغضبك عنا، فلا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! أغثنا يا رب العالمين، أغثنا يا رب العالمين! أغثنا يا رب العالمين! أغثنا يا رب العالمين! اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعز التوحيد والموحدين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم أذل الشرك والمشركين، وأعز التوحيد والموحدين والإسلام والمسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
يا ودود! يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعال لما يريد! يا من ملأ نوره أركان عرشه! يا غياث المستغيثين! ويا مجيب المضطرين! ويا كاشف الهم عن المهمومين! فرج كرب أمة سيد النبيين، واكشف هم كربة أمة سيد المرسلين بعظمتك وقدرتك يا رب العالمين!
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع الكريم المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته، ولا حاجة هي لك رضاً، ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.
يا رب! اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً، اللهم اهدنا بنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى.
اللهم استرنا ولا تفضحنا، اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، يا رب ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن، برحمتك يا أرحم الراحمين.
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.