مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
السؤال: [هل يشترط الوضوء لأجل قراءة القرآن؟ وهل يحق للجنب أن يقرأ القرآن؟ وكذلك الحائض والنفساء]؟
الجواب: لا يمس القرآن إلا طاهر، لقوله جل وعلا: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79]، في أحد قولي العلماء في تفسير الآية، فالحاصل أنها تختلف، إن كنت تقرأ من المصحف فلابد من الطهارة، على الصحيح وهو قول جمهور أهل العلم، وإن كنت تقرأ عن ظهر قلب لا من المصحف فلا بأس أن تقرأ على غير طهارة إذا لم تكن جنباً، أما الجنب فلا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً يمتنع من القراءة، ويقول: (أما الجنب فلا ولا آية)، فإذا كان جنباً رجلاً كان أو امرأة فليس له القراءة حتى يغتسل، أما إذا كان ليس بجنب، إنما عليه حدث أصغر يوجب الوضوء كالبول والريح.. ونحو ذلك والنوم، فهذا له أن يقرأ إذا كانت القراءة عن ظهر قلب غيباً أما من المصحف فلا، لكن لو دعت الحاجة ومس المصحف من وراء الحائل، كالقفازين أو منديل صفيق جعله على يديه عند الحاجة فلا بأس، لكن ترك ذلك أولى.
والصحيح أنه لا حرج أن تقرأا عن ظهر قلب، من دون مس المصحف، ولو كان حدثهما أكبر؛ لأن مدتهما تطول، ولا يجوز تشبيههما بالجنب؛ لأن الفرق عظيم بينهما.
أما حديث: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم لا يعتمد عليه.
الجواب: نعم، كما قال الله هم أحياء عند ربهم يعني: أرواح، الأبدان في التراب، وأما أرواحهم فتنقل إلى الجنة ويأكلون فيها ويشربون في الجنة، كما أخبر سبحانه وتعالى.
الجواب: تجب زكاة الخمسة إذا حال الحول عليها، قبل أن يسلم الألفين في عمارة المسجد إذا كانت السنة دارت عليها وتمت فعليه أن يزكي الخمسة جميعاً، أما إن كان أخرج الألفين قبل تمام السنة فإنه يكفي الثلاثة فقط.
الجواب: إذا دخل الوقت جازت الصلاة حتى ولو لم يؤذن، إذا دخل الوقت وعرف المؤمن أو المؤمنة دخول الوقت بزوال الشمس مثلاً أو بغروب الشمس مثلاً، أو بطلوع الفجر الفجر، صلى، ولو لم يسمع أذاناً، لكن إذا كان هناك اشتباه، فلا ينبغي التعجل، بل ينبغي التأخر حتى يتحقق دخول الوقت حتى يؤذن المؤذنون، وليس هناك حاجة إلى العجلة، يبقى الإنسان -ذكراً كان أو أنثى- لا يستعجل حتى يتحقق، دخول الوقت أو يغلب على ظنه دخوله لأسباب واضحة، ولا ينبغي التعجل في هذا، والمرأة بحمد الله عندها سعة تبقى في بيتها ولا تعجل حتى يؤذن المؤذنون يمضي وقت بعد الأذان أيضاً حتى تحتاط لدينها، وليست مربوطة بالرجال، لكن تحتاط لدينها بالتأخر بعض الوقت بعد الأذان.
أما الرجل فإنه يصلي مع الناس، ويذهب إلى المساجد فإذا كان لا يستطيع لمرضه أو كونه مقعداً يصلي في البيت، فهذا مثل المرأة لا يعجل، حتى إن يتحقق الوقت أو يغلب على ظنه دخول الوقت بالعلامات الدالة على ذلك، ولا يستعجل. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، بالنسبة للرجل إذا دخل المسجد سماحة الشيخ أثناء تأدية الأذان هل ينتظر الأذان حتى ينتهي أو يؤدي تحية المسجد؟
الشيخ: الأفضل أن ينتظر، حتى يجيب المؤذن ثم يصلي ركعتين، حتى يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو واقف، فإذا أجاب المؤذن وكمل ذلك صلى ركعتين، أما إن كان يشق عليه الوقوف، يصلي ركعتين والحمد لله.
الجواب: صلة الرحم مشتركة بين الرجال والنساء؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، هذا خطاب للجميع للرجال والنساء، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، يعم الرجال والنساء، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يفسح له في أجله وأن يبسط له في رزقه، فليصل رحمه)، يعم الرجال والنساء، فوصل الرحم مطلوب من الرجال والنساء، بل واجب على الجميع، ولا يختص بالرجال.
الجواب: ترك المرأة شعرها أفضل؛ لأنه جمال لها، فالأفضل لها والأولى بها تركه، وعدم قصه، بل يبقى جمالاً لها وزينة لها، لكن لو أخذت منه خففت منه لا لقصد التشبه بالكافرات ولا بالرجال ولكن؛ لأنه طويل، فتخفف منه، فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعدما توفي أخذن من رءوس.. قصصن رءوسهن للتخفيف.
فالحاصل: أن التخفيف لا بأس به، ولكن تركه للجمال والزينة يكون أفضل وأولى، وإذا قصت منه شيئاً فليكن ذلك على غير قصد التشبه بالكافرات، أو التشبه بالرجال بل لقصد التخفيف أو الزينة لزوجها إذا كان يرضى بذلك، أما هي إذا كان يمنعها فليس لها أن تعصي زوجها.
الجواب: نعم، لا بأس بذلك، إذا التزمت أن توفي بالنفقة فجزاها الله خيراً، الله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، متفق عليه، فإذا التزمت أختك أو أخوك أو عمك أو خالك، أو أبوك، أو أمك بالنفقة فجزاهم الله خيراً ولا شيء عليك ولا حرج.
الجواب: نعم، كانت العرب تأكل الدم وتشرب الدم، وإذا احتاجوا فصدوا الإبل وشربوا الدماء، فالله نهاهم عن هذا، إذا كان مسفوحاً، وهو الذي يصب من العروق وغير العروق، أما الدم الجامد كالكبد، فهذا لا بأس إذا أكل الإنسان الكبد، لأنها ليست دماً مسفوحاً فلا حرج في ذلك، وكانت الجاهلية يأكلون الدم، يفصدون الحيوانات ويشربون من دمائها، فحرم الله عليهم ذلك، وبين سبحانه في الآية الأخرى، أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145]، يعني: مراقاً، فهذا هو وجه تحريم الدم، هو المراق؛ لأنه من سنة الجاهلية؛ ولأن في ذلك ضرراً على شاربه.
(والميتة) معروفة، (ولحم الخنزير) معروف، (وما أهل به لغير الله): هو الذي يذبح لغير الله كالذبيحة تذبح للجن أو للأصنام أو للكواكب، هذه الذبيحة محرمة؛ لأنها ذبحت لغير الله، فمن اضطر إلى الميتة أو غيرها فله الأكل من ذلك، (غير باغ ولا عاد) غير ظالم ولا باغ على إخوانه المسلمين، فالباغي والعادي فسر بأنواع منها: البغاة يخرجون على السلطان، فهم الظالمون بذلك، ومنها المتعدي الذي يتعدى بأكله من الميتة بغير ضرورة ولا حاجة، فلا يسمى مضطراً.
وبعض أهل العلم ذكر في ذلك أمراً آخر وهو أن يسافر سفراً يعتبر معصية، ويعتبر متعدياً أيضاً، فليس له رخصة، ولكن الأقرب والله أعلم أنه مقيد بأن يكون أكله غير باغ ولا عاد، إنما ضرورة، أكل للضرورة لا يجد شيئاً، أما إذا تعدى بأن أكل من غير ضرورة، أو تعاطى من الميتة بغير ضرورة، فيسمى باغ ويسمى عادياً متعد لحدود الله عز وجل، أما إذا اضطر إلى ذلك بسبب سفر معصية، أو شبه ذلك مما قد يوقعه في الحاجة والضرورة إلى الميتة، فهو داخل في الآية الكريمة؛ لأن الآية مجملة (غير باغ ولا عاد).
فالباغي: هو الذي يتعدى الحدود، ويبغي على الناس، والعادي: الذي كذلك يتعدى على الناس إما بكونه يأكل بغير ضرورة، أو يبغي على الناس ويتعدى عليهم بدون حق بدون سبب شرعي، هذا هو الذي يمتنع عليه هذه الأشياء، وإنما يكون مضطراً إذا كان لا يجد شيئاً، حتى يخاف على نفسه فيأكل من الميتة أو من الخنزير، أو ما أهل به لغير الله أو من الدم للضرورة التي وقع فيها. نعم، نسأل الله العافية.
الجواب: لا منافاة بين الحديث وبين الآية الكريمة، فإن الآية فسرها أهل العلم بأن المراد منها الشرائع، (يمحو الله ما يشاء) مما شرع، ويثبت ما يشاء سبحانه وتعالى، فينسخ شيئاً ويثبت شيئاً، مما شرع سبحانه وتعالى، وبعضهم فسرها بالحسنات والسيئات، يمحو الله ما يشاء من السيئات بالتوبة وبالحسنات، ويمحو بعض الحسنات بتعاطي ما حرم الله عز وجل مما يزيلها، فالحاصل أنها ليست يراد بها: ما سبق به القدر، ما سبق به القدر لا يمحى، ما استقر في علم الله أنه يقع لا يمحى، بل الأقدار ماضية: (رفعت الأقلام وجفت الصحف)، فما قدره الله وسبق في علمه أنه يكون يكون، وما سبق في علمه أنه لا يكون لا يكون، فهو غير داخل في الآية الكريمة، وإنما الآية فيما يتعلق بالشرائع والأحكام وبالحسنات والسيئات لا فيما يتعلق بالأقدار، هذا هو أصح ما قيل في الآية الكريمة.
الجواب: ورد في ذلك بعض الأحاديث لكن فيها ضعف، فإذا فعله بعض الأحيان ولم يكن سنة راتبة فلا حرج في ذلك، أما اتخاذه سنة راتبة فالأولى تركه؛ لأن الحديث الوارد في هذا فيه ضعف.
الجواب: يجوز للمسلم والمسلمة أداء النوافل عن جلوس، لكن على النص من أجر القائم كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيجوز أن يصلي التهجد بالليل أو السنن الرواتب أو سنة الضحى عن جلوس، وإن كان قادراً، لكن يكون له نصف الأجر.
أما الفرائض فلابد أن يصليها قائماً، إذا كان يستطيع إلا إذا عجز لمرض، فإنه لا بأس أن يصلي قاعداً، وإلا فالواجب أن يصلي قائماً، لقوله جل وعلا: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]،يعني: صلوا قياماً، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمران بن حصين : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، هذا هو الترتيب في حق القادر يصلي قائماً، فإن عجز صلى قاعداً، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقياً، هذا في الفريضة.
أما في النفل فله أن يصلي قاعداً مع القدرة، لكن يكون له النصف.
الجواب: شرع لنا عند صياح الديك أن نسأل الله من فضله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وعند نهيق الحمر ونباح الكلاب: يتعوذ الإنسان بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطاناً)، فهذا مأمور به.
وهذا الأمر يرجى أن تجاب فيه الدعوة، لكن ما أعلم فيه صريح أنها تجاب الدعوة، لكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا يؤخذ منه أنه حري بالإجابة في هذا؛ لأنه امتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا قال: اللهم اغفر لي، أو اللهم أعطني من فضلك، أو اللهم أدخلني الجنة عند سماع صوت الديكة، فيرجى له خير؛ لأنه امتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمر -وفي اللفظ الآخر: ونباح الكلاب- فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطاناً).
الجواب: السنة السر، لكن لو جهرت ببعض الآيات لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم الآية أحياناً في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر السر، وفي الليل الجهر، وفي الفجر الجهر، لكن لو أن الإنسان جهر في بعض الآيات في الظهر والعصر، فلا بأس، يسمعهم بعض الآيات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الجمهور من أهل العلم على أنها سنة، هذا قول أكثر أهل العلم، التسمية سنة، وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة، لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)، لكن هذا الحديث أعله العلماء، قالوا: إنه لا يثبت، كما قاله أحمد رحمه الله وجماعة؛ ولهذا قالوا يستحب فقط؛ لأن مجموع الأحاديث قد يشد بعضها بعضاً، فيؤخذ منها السنية، وقال بعضهم: يؤخذ منها الوجوب؛ لأنها متعددة فيشد بعضها بعضاً كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله.
فالقول بالوجوب فيه نظر، أما السنية فلا شك فيها، يستحب عند البدء بالوضوء أن يسمي الله، يقول: بسم الله، عند بدء الوضوء فإن نسيها فلا شيء عليه.
وهكذا عند الغسل يسمي فإن نسي فلا شيء عليه: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
المقدم: جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم.
سماحة الشيخ! في الختام: أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر