فضيلة الشيخ عبد العزيز ! لدينا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المستمعين لعلنا نتمكن من عرض أكبر قدر منها، ونأخذ رسالة المقدم المواطن عبد الهادي سعيد محمد الشهراني من تنومة، وجوهرة محمد الطريفي من بريدة، وفوزي محمد النجار ، و عبد الله أبو الحسن ، و أحمد سليمان بن زيدان من العراق، وسالم جبار المجهلي من خميس مشيط، وعبد الرحمن العبد الله الشهري من النماص، وإبراهيم آل محمد البكار سوري ومقيم في الحفر.
====السؤال: نبدأ أولاً برسالة المقدم المواطن عبد الهادي سعيد محمد الشهراني من تنومة، في الحقيقة المقدم المواطن عبد الهادي سعيد محمد الشهري لديه سؤالان ومتطابقان وإن اختلف الأسلوب، يقول: ما هو رأي سماحتكم فيمن قال: إنني قد وقفت جميع ما أملك من دار وعقار ومال على الداخل من نسلي دون الخارج، بحجة أن الداخل في عرف البلد هو الولد وأن المرأة قليلاً ما تعود إلى الدار نظراً لأنها تبقى مع زوجها وأولادها، هل هذا يدخل في وقف الجنف والحرمان الذي لا يقره الشرع؟
وسؤاله الثاني مطابق أيضاً للأول، يقول: ما رأي سماحتكم فيمن أوقف ماله من دار وعقار على أولاد الظهور وهم الذكور دون أولاد البطون وهم الإناث؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم: منهم من يرى جواز هذا الوقف على الذكور دون أولاد الإناث، لو أوقف على بنيه وبناته ثم على أولاد الذكور دون أولاد البنات فهذا فيه خلاف بين أهل العلم منهم من يرى صحته ومنهم من لا يرى صحته وأنه وقف جنف، والحكم في هذا يرجع إلى المحاكم الشرعية في بلد الوقف، تنظر ما ترى في هذا وتحكم بما تراه موافقاً للشرع المطهر، أما إذا وقف على الذكور دون الإناث، قال هذا على بني دون بناتي هذا لا يجوز، هذا وقف محرم بلا شك، لأنه ظلم وليس بعدل، والنبي عليه السلام قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فالذي يقف ملكه أو بعض ملكه على أولاده الذكور دون بناته فهذا وقف لا يصح على الصحيح من أقوال أهل العلم بل يجب نقضه، وأما إذا قال: على أولادي ذكورهم وإناثهم ثم على أولاد البنين دون البنات فهذا محل خلاف بين أهل العلم منهم من يجيزه ومنهم من لا يجيزه، والمرجع في هذا إلى المحاكم الشرعية في بلد كل وقف، ونسأل الله للجميع التوفيق.
الجواب: الأحوط لك الصيام أيتها الأخت في الله، الأحوط لك الكفارة؛ لأنك فرطت في تركها مع الصبية الصغار عند البركة التي فيها الماء وفيها الخطر، ومثل هذه عمرها سنة ونص ينبغي ألا تترك بل ينبغي أن يحافظ عليها وأن تكون بيد ثقة من الرجال أو النساء حتى يحافظ عليها، أما إهمالك لها حتى ذهبت إلى الماء وأنت تعرفين البركة وأنها موجودة فهذا تفريط ينبغي لك أن تكفري بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجدي فصيام شهرين متتابعين، ووجود الحيض لا يضر ولا يقطع الصيام، إذا أفطرت بقدر أيام الحيض فقط إذا طهرت بادرت بالصيام فإنه لا يقطع الصيام ويستمر الصيام شهرين متتابعين، والحيض عذر شرعي لا يقطع الصيام، لكن بشرط أن تبادري بالصوم من اليوم الذي يلي يوم الطهر حتى تكملي ستين يوماً.
الجواب: لا شك أن خروجها إلى أخيك بلباس ليس له أكمام وسفورها لديه بوجهها ورأسها ونحو ذلك كله حرام، كله منكر ومن أسباب الفتنة ومن أسباب وقوع الفاحشة، فالواجب الإنكار عليها وتحذيرها من هذا العمل، والواجب الإنكار على أخيك أيضاً وأن ينكر عليها، وألا يسمح لها بأن تقابله هذه المقابلة؛ لأن المسلم ينكر المنكر ويخاف الله ويرجوه سبحانه وتعالى، ولا يرضى في أهله ولا في أهل أخيه ما حرمه الله عز وجل، وليس له أن يخلو بها لا في الليل ولا في النهار، وليس له أن يجيء إليها في نصف الليل وهي في بيت وحدها، فهذا محل الريبة ومحل الشر، فالواجب منعه من ذلك وإخباره بأن الواجب عليه أن يأتي إليها في وقت ليس فيه خلوة بل عند الناس عند أبيه أو أمه ونحو ذلك، فلا يخلو بها وحدها أبداً لا في الليل ولا في النهار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، ولأن الخلوة وسيلة إلى وقوع الفاحشة، فالواجب عليك أيها السائل أن تحرص على منعها من هذه المقابلة السيئة لا مع أخيك ولا مع غيره، بل تكون متسترة متحجبة مع جميع الأجانب؛ لأن أخاك في حكم الأجنبي ليس بمحرم، وعليها أن تقابل غير المحارم بالستر والحجاب، وعلى أخيك أن يتقي الله وأن يحذر مقابلتها على حالة سيئة أو المجيء إليها في وقت لا يناسب؛ لأنه يتهم في هذه الحال بما يحرم الله عز وجل، ولأن تركها على حالها وعدم الإنكار عليها من باب التعاون على الإثم والعدوان، وإذا أمكنك يا أخي إحضارها وأن تكون معك فهذا هو الذي ينبغي حتى تسلم من هذه الفتنة، والله المستعان.
الجواب: هذه الطرق وأشباهها كلها من الطرق البدعية ولا يجوز الموافقة عليها ولا المشاركة فيها؛ لأنها بدع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الاجتماع على هو هو هو، أو على كلام ليس بظاهر وليس بمعلوم، وإذا كان فيه دعوى علم الغيب صار هذا أعظم نكارة وأخبث عملاً، بل هذا هو الشرك؛ لأن دعوى علم الغيب منكر وكفر، علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
والحاصل أن هذه الطرق الصوفية النقشبندية والقادرية والشيخية هذه وأشباهها كلها طرق مبتدعة لا يجوز منها إلا ما وافق الشرع المطهر، فالواجب تجنبها وعدم الاشتراك فيها وألا تفعل إلا الشيء المعروف الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كذكر الله وحدك أو مع إخوانك كل يذكر الله فيما بينه وبين نفسه، أما ذكر الله الجماعي على طريقة الصوفية أو هو هو هو أو الله الله الله الله أو ما أشبه ذلك، أو الإتيان بدعوات منكرة ليس لها أصل بل فيها ما يدل على دعوى علم الغيب أو فيها ما يدعو إلى منكر أو فيها ما يدل على تعظيم المخلوق تعظيماً لا يليق به، بل لا يليق إلا بالله، كل هذا لا يجوز، فهذه الطرق يجب الحذر منها ويجب تمييزها، وأن لا يقر منها إلا ما وافق الشرع المطهر، وما خالف ذلك ينهى عنه وينكر، والله المستعان.
الجواب: إذا ترك المسلم الصلاة سنة أو أكثر أو أقل ثم تاب الله عليه فإن التوبة تجب ما قبلها، وليس عليه أن يعيد ما ترك، بل عليه التوبة إلى الله والصدق في ذلك بالندم على ما مضى من عمله والعزم ألا يعود، ثم الاستكثار من العمل الصالح من ذكر الله واستغفاره والتطوع بالصلوات وغيرها من الصدقات والصيام ونحو ذلك ويكفي هذا؛ لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم لما ذكر المشرك والقاتل بغير حق والزاني قال بعد ذلك: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70]، وقال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تجب ما قبلها)، وقال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فالذي ترك الصلاة ثم هداه الله ورجع إلى دينه وإلى إسلامه فإن توبته صحيحة إذا كان صادقاً نادماً عازماً ألا يعود في ذلك فإن توبته صحيحة، والله سبحانه يمحو بها ذنبه الماضي ويغفره له، وليس عليه أن يقضي تلك الصلوات، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم.
الجواب: لا حرج عليه؛ لأن الولد من كسبه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم)، وقال لآخر، قال له: (يا رسول الله! إن أبي اجتاح مالي، قال: أنت ومالك لأبيك)، فلا حرج على الرجل أن يتزوج من مال بنته أو من مهر بنته لا حرج عليه في ذلك إذا كانت بنته غير محتاجة لهذا الشيء، أما إذا احتاجت فإنه يبدأ بها يعطيها حاجتها لزوجها مما يتجمل به النساء يعطيها حاجتها من مهرها والباقي لا بأس أن يأخذه، وإن سمحت له بذلك كله وهي رشيدة فلا بأس بذلك، لكن إذا كانت غير رشيدة أو لم تسمح فإنه يعطيها حاجتها ولا يأخذ ما يضرها والفاضل لا بأس أن يأخذه.
الجواب: يجزئ عن الباقين، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجماعة أن يرد أحدهم) فإذا سلم بعضهم على هذا الواحد أجزأ، وإن سلموا جميعاً كان أفضل وأفضل.
الجواب: هذا كلام لا أصل له، وليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه من قول بعض الناس ولا يلتفت إليه، وليس في رفع البناء نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا بنى طابقاً أو طابقين أو أكثر فلا بأس، وإنما جاء وصف العرب في آخر الزمان بأنهم يتطاولون في البنيان وليس هذا من باب النهي ولكنه من باب الخبر أنهم يتطاولون في البنيان لا أنه ينهاهم عن ذلك عليه الصلاة والسلام.
فالمقصود: أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم نهي عن رفع البيوت، والحاجة كضيق الأرض قد تدعو الناس إلى أن يبنوا طابقين وثلاثة وأكثر لحاجتهم إلى ذلك، ولضيق الأرض وغلاء قيمتها فلا حرج في ذلك والحمد لله، ولا يجوز لأحد أن يحرم ما لم يحرمه الله ورسوله.
الجواب: لا ينبغي استعمال هذا الطلاق لا منك ولا من الضيف، لا ينبغي للضيف يطلق، بل ينبغي له أن يتسامح ويسمح لمضيفه أن يكرمه بالذبيحة وغيرها، وإذا كان ولابد فليؤكد عليه بغير الطلاق، والمضيف كذلك لا ينبغي له أن يطلق، بل ينبغي له أن يؤكد من دون طلاق، فإذا طلق الضيف أو طلق المضيف فالذي يحنث عليه كفارة يمين، إن كان الضيف تنازل وأكل الذبيحة فعليه كفارة يمين عن طلاقه إذا كان قصده منع المضيف من التكلف وليس قصده فراق أهله، فالطلاق في حكم اليمين وعليه كفارتها، وإن كان الضيف أبى وترك فالمضيف الذي طلق أنه يذبح عليه كفارة يمين ولا يذبح شيء، عليه كفارة اليمين؛ لأن طلاقه في حكم اليمين إذا كان قصد إكرامه وإلزامه ولم يقصد فراق زوجته، فهذا في حكم اليمين وعليه كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة يعطيهم نصف الصاع تمر أو رز حسب قوت البلد، مقداره كيلو ونص تقريباً، وإن عشاهم في بيته أو في مطعم أو غداهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك، يعني: أعطى كل واحد قميص أو إزار ورداء كفى ذلك، وينبغي عدم استعمال الطلاق في مثل هذه الأمور كما تقدم، نسأل الله للجميع الهداية. نعم.
المقدم: لكن مثل الكفارة في هذه الحالة هل تعطى واحد، أو..؟
الشيخ: عشرة مساكين.
المقدم: لابد من العشرة؟
الشيخ: عشرة لابد؛ لأنه مثل اليمين سواء سواء.
الجواب: هذا على ما ذكره السائل غير صحيح، ما ذكره السائل على هذا الوجه الذي ذكره غير صحيح، ولكن يستحب في اليوم السابع أنه يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ويسمى في اليوم السابع، ولا بأس.. يستحب التحنيك بالتمر بأن يوضع تمر.. يضع التمر الإنسان في فمه أو أمه تضع في فمها ثم تمجه في فم الصبي، التمرة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأما أن يدخل لسانه في فم الصبي لا، لكن يمجه في فم الصبي ويكفي، شيء قليل يناسب الصبي الصغير أو البنت الصغيرة، وأما الأذان فيكون في اليوم السابع، وإن ترك ذلك فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه أذن في أذن الصبي أو الصبية، ولكن جاء عنه في بعض الأحاديث التي فيها بعض الضعف الأذان في أذن الصبي والإقامة في اليسرى من أذنيه، فإذا فعله الإنسان فلا بأس، وقد فعله عمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل العلم، لا بأس، وإن ترك ذلك وسماه بدون أذان ولا إقامة فلا بأس، قد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم بدون أذان وإقامة، وسمى بعض أولاد الصحابة في اليوم السابع بدون أذان وإقامة، وسمى بعضهم في اليوم الأول, وسمى ابنه في اليوم الأول ولا حرج في هذا، لا بأس أن يسمى في اليوم الأول أو في اليوم السابع، ولا بأس أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى، لا حرج في ذلك، والسنة أن يسمى في اليوم الأول أو في اليوم السابع، هذه السنة، أما العقيقة فيكون في اليوم السابع، يعق عنه في شاتين إن كان ذكراً أو بشاة واحدة إن كان أنثى في اليوم السابع، إن شاء ذبحها وأكلها وأهل بيته.. هو وأهل بيته ونحو ذلك، وإن شاء وزعها بين الجيران والفقراء، وإن شاء أكل بعضها وفرق بعضها، كله واسع بحمد الله، وهكذا يحلق رأس الصبي الذكر هذا هو السنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) هكذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث لا بأس به، جيد. نعم.
المقدم: لكن بالنسبة للأذان هل يكون بعد الولادة مباشرة أو في اليوم السابع؟
الشيخ: الأمر واسع إما في اليوم الأول وإلا في يوم السابع.
المقدم: شكراً، أثابكم الله.
أيها المستمعون الكرام: إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة: عبد الهادي سعيد محمد الشهري من تنومة، وجوهرة محمد الطريقي من بريدة، و فوزي محمد النجار ، و عبد الله أبو الحسن، وأحمد سلمان زيدان من العراق بغداد، وسالم جبار المجهلي من خميس مشيط، وعبد الرحمن العبد الله الشهري من ماص، وإبراهيم المحمد البكار سوري ومقيم في الحفر.
عرضنا الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائلهم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، وتحية لكم من الزميل مشعل المطرفي .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر