إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (469)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم أداء صلاة الجماعة على من يشتغل بالحراسة

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلينا من السودان باعثها مستمع رمز إلى اسمه بالحروف (أ. أ)، يقول في أحد أسئلته: أنا أقيم حالياً في الرياض وأعمل في مزرعة جوار المسجد، وحصلت عندنا سرقة غنم نهاراً، وصاحب المزرعة منعني أن أصلي في المسجد وأمرني أن أصلي في المزرعة كل الأوقات الخمسة حتى أكون حارساً على المزرعة وما فيها وحتى لا تتكرر السرقة، هل صلاتي والحال ما ذكر جائزة أم لا؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الحراسة عذر شرعي في التخلف عن الجماعة ولا حرج عليك في ذلك، فالحارس في المزرعة أو على دكان أو على بيت أو نحو ذلك معذور عن حضور الجماعة لمسيس الحاجة إلى الحراسة ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (وكذلك زين لكثير من المشركين ...)

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين ضمنها جمعاً من الأسئلة.

    من بين أسئلته سؤال عن تفسير آية من كتاب الله نص الآية: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام:137] فسروا لنا هذه الآية؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذه الآية الكريمة على ظاهرها (شركاؤهم): معبوداتهم من دون الله، زين لهم الشيطان الذين عبدوه من دون الله، وزين لهم معبوداتهم من دون الله أن يقتلوا أولادهم ظلماً وعدواناً، وقالوا في هذا: إن قتل البنت خشية العار، وقتل الولد خشية الحاجة والفقر، فنهاهم الله عن هذا بقوله جل وعلا: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151]، ولهذا قال جل وعلا: لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ [الأنعام:137] يعني: ليشبهوا عليهم دينهم وليهلكوهم.

    فالواجب الحذر من طاعة الشياطين الذين يدعون إلى الشرك بالله وإلى قتل الأولاد بغير حق وإلى كل فجور وظلم، وسماهم الله شركاء؛ لأنهم شركوهم مع الله في العبادة وأطاعوهم في معاصي الله والشرك به، فسموا شركاء لأجل ذلك، والله سبحانه ليس له شريك بل هو الواحد الأحد الذي يستحق العبادة دون كل ما سواه جل وعلا.

    1.   

    أفضل وقت لصلاة الوتر

    السؤال: يسأل سؤالاً آخر ويقول: ما هو أفضل وقت لصلاة الوتر، وبماذا تنصحونني لكي أواظب عليها في منتصف الليل لأنني أصبحت لا أؤديها إلا بعد صلاة العشاء؟

    الجواب: الأفضل لمن قدر أن يكون ذلك آخر الليل فهو الأفضل، أن يصلي صلاة الوتر والتهجد في الثلث الأخير؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر) متفق على صحته، وهو حديث عظيم يدل على أنه جل وعلا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى الثلث الأخير في كل جهة من الجهات على حسب أوقاتهم، فيقول سبحانه وتعالى: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)، فإذا استطاع المؤمن والمؤمنة أن يكونا في هذا الوقت من المصلين والداعين فهذا هو الأفضل.

    ونزول الرب جل وعلا لا يشابه نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله سبحانه وتعالى لا يعلم كيفيته إلا هو جل وعلا، ولا يلزم منه خلو العرش، فهو فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق وينزل نزولاً يليق بجلاله لا ينافي علوه وفوقيته سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق به جل وعلا، وهو الذي يعلم كيفيته سبحانه وتعالى، فعلينا أن نؤمن بذلك وأن نصدق بذلك، ونقول: لا يعلم كيفية هذا إلا هو سبحانه وتعالى.

    وهكذا بقية الصفات نعلمها ونمرها كما جاءت، ولكن لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء على العرش، النزول، والمجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وكذلك رحمته وغضبه كيف يرحم وكيف يغضب، كيف سمعه كيف بصره كيف يده كيف قدمه، كلها صفات لله لا نعلم كيفيتها، بل لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى.

    ولهذا لما سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله إمام المدينة في زمانه في القرن الثاني، سئل رحمه الله قال له السائل: يا أبا عبد الله : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] كيف استوى؟ فأطرق طويلاً وعلته الرحضاء تعظيماً لهذا السؤال ولخطورته -والرحضاء: العرق- ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء، ثم أمر به فأخرج.

    فالمقصود أنه قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة جميعاً، كما قال مالك رحمه الله قاله الأئمة غيره كـأبي حنيفة والشافعي والأوزاعي والثوري وابن عيينة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة الإسلام، وهو مروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وهو أيضاً قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك فإنه قال معنى هذا الكلام، وهو قول الأئمة جميعاً من أهل السنة والجماعة، الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وهكذا القول في بقية الصفات كالنزول والرحمة والغضب والسمع والبصر واليد والقدم والأصابع وغير هذا، كلها يقال فيها: إنها معلومة من جهة المعنى ومن جهة اللغة العربية، ولكن كيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.

    وفي هذا الحديث الدلالة على شرعية التهجد في آخر الليل والدعاء في آخر الليل، لكن من لم يستطع فإنه يوتر في أول الليل، من لم يستطع ذلك فالسنة له أن يوتر في أول الليل أو في وسط الليل حسب طاقته؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) فصل في هذا عليه الصلاة والسلام، فمن طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أوتر في أول الليل.

    وقد فعل هذا صلى الله عليه وسلم هذا وهذا وهذا، قالت عائشة رضي الله عنها: (من كل الليل قد أوتر الرسول صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، ثم انتهى وتره إلى السحر) يعني: استقر وتره في الثلث الأخير عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    كيفية التعامل مع الأصدقاء تاركي الصلاة

    السؤال: يقول: إنني أعاني من مشكلة ربما يعاني منها الكثير من الناس، ألا وهي أن معظم أصدقائي ومن أعاشرهم في المدرسة وأحياناً في البيت لا يؤدون الصلاة، وكثيراً ما أسمع في برنامجكم أن الذي لا يصلي يعتبر كافراً، فلا يسلم عليه وما إلى هنالك، ولقد قمت بنصحهم ولكن بدون جدوى، مع أنهم ذوي خلق عالي، ومعاملتهم لي ولغيري كلها جيدة، ولم أر منهم إلا كل خير غير ما ذكرت، أفيدوني في هذا الأمر الذي طالما يضايقني، وما هي نصيحتكم لتارك الصلاة، وماذا أعمل معهم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب نصيحة من عرف بترك الصلاة وتحذيره من مغبة ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، هذه الأحاديث العظيمة تدل على أن من تركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها.

    أما إن جحد وجوبها فإنه كافر عند جميع العلماء نسأل الله العافية، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، ويقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، ويقول عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى أن قال سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11]، هذه نعمة عظيمة وفضل كبير لمن حافظ على الصلاة أنه يكون من أهل الفردوس، من أهل أعلى الجنة، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها وخيرها، فمن تخلق بهذه الأخلاق التي ذكرها الله في سورة المؤمنون في قوله جل وعلا: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:1-11]، هذه صفات عظيمة من حافظ عليها صار من أهل الفردوس وأعظمها الصلاة، وقال في سورة المعارج: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:19-35]، هذه صفة الأخيار، هذه صفة أهل السعادة وعلى رأسهم المحافظون على الصلوات.

    والمحافظة على الصلاة من أسباب الاستقامة، فإن من حافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

    قال نافع مولى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله ويقول: (إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع)، فالذي لا يصلي يجب أن يهجر، إذا لم تجد فيه النصيحة يجب أن يهجر ولا يسلم عليه ولا تجاب دعوته ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها؛ لأنه أتى منكراً عظيماً وكفراً بواحاً -نسأل الله العافية- ويجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن أمره عظيم وخطير، وهو يجر غيره من زملائه وجلسائه إلى مثل فعله.

    فالواجب أن يناصح وأن ينكر عليه من أقاربه وجلسائه وزملائه إنكاراً واضحاً شديداً حتى يعلم خطورة ما هو عليه، وحتى يعلم بشاعة ما فعل، وحتى يعلم أنه أتى كفراً بواحاً ومنكراً عظيماً لعله يستجيب، لعله يهتدي، فإن أبى وجب هجره ورفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافراً على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب، أما إن جحد وجوبها فإنه يكون كافراً مرتداً عن الإسلام عند جميع العلماء نسأل الله العافية.

    والغالب أن الذي لا يصلي ولا يبالي ولا يهتم بالصلاة، الغالب عليه أنه لا يقر بالوجوب ولا يبالي بوجوبها ولا يهتم بوجوبها، فهو في عمله يدل على أنه مكذب.

    فالواجب على المسلمين جميعاً أن يعنوا بهذا الأمر، وأن ينكروا على من تخلف عن الصلاة، وأن يبينوا له خطورة ما فعل وشناعة ما فعل لعله يهتدي ولعله يرجع إلى الصواب.

    1.   

    حكم بيع الوقف إذا تعطلت منافعه وكيفية التصرف بالثمن

    السؤال: من المستمع حسن سعيد محمد القعيدي من اليمن حضرموت رسالة ضمنها أكثر من سؤال.

    في سؤال له طويل ملخصه يقول: إذا انقطعت منافع الوقف فهل يباع لينتفع بثمنه في جهة أخرى؟

    الجواب: نعم، إذا تعطلت منافع الوقف يباع ويشترى به ما هو أصلح منه، فإذا كان بيت تعطل أو دكان تعطل يباع ويشترى به بيت أصغر أو دكان أصغر ينتفع به، أو أرض تعطلت من الزراعة ما رغب فيها الناس تباع حتى تتخذ مساكن ويشترى بها ما هو أصلح منها أو يعمرها صاحب الوقف بيوتاً للسكن إذا كان يستطيع ذلك ولا يترك الوقف عاطلاً، لأن هذا من باب إضاعة المال ولا يجوز، بل يجب أن ينظر في أمره إما بإصلاحه وتعميره وإما ببيعه وشراء ما هو أصلح منه، ويكون ذلك بواسطة المحكمة، إذا كان في بلاد إسلامية فيها محكمة، وإلا يكون ذلك بواسطة أهل الخير كمركز إسلامي أو العالم الذي يوثق به في البلد أو في الأقلية الإسلامية حتى يتعاون مع ناظر الوقف في ذلك.

    المقصود أن ناظر الوقف يتعاون مع أهل الخير في ذلك حتى يبرئ ذمته وحتى يسلم هذا الوقف من التعطل.

    أما إذا كان في بلد فيها محكمة فإن الناظر يستشير المحكمة ويسير على ضوء توجيهات المحكمة في البيع وفي شراء البديل.

    1.   

    حكم العزل لتأخير الإنجاب

    السؤال: المستمعة (م. م)، مصرية تعيش في الطائف، بعثت برسالة ضمنتها جمعاً من الأسئلة، من بينها سؤال يقول: هل يجوز للزوجين استخدام طريق العزل إذا كانا يريدا أن يؤخرا الإنجاب حتى فطام الطفل الأول؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر العزل ولكن العزل لا يمنع ما أراد الله من الولد، قد يسبق الماء ويغلب الرجل على ذلك، إذا أراد الله الولد قد يسبق الماء ولو قليلاً من الماء فيحصل منه الولد، لكن العزل لا حرج فيه، قال جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا).

    1.   

    حكم استعمال حبوب منع الحمل

    السؤال: تسأل وتقول: هل يجوز استعمال حبوب منع الحمل بدلاً من العزل لمدة عامين حتى يتم فطام الطفل الأول، مع العلم بأن الأم ليس بها أي مرض ولكنها تريد إرضاع طفلها لمدة عامين؟

    الجواب: لا ينبغي استعمال الحبوب لأنها تضر وتسبب امتناع الولد، أما العزل فهو أسهل لأنه قد يسبق الماء ويحصل الولد، أما استعمال الحبوب ونحوها فلا ينبغي إلا من مضرة، كأن يكون عندها أولاد كثيرون تعجز عن خدمتهم وتربيتهم فلا بأس أن تستعمل الحبوب بعد استشارة الطبيب المختص وتقريره عدم مضرتها مع رضا زوجها بذلك، وأما إذا كان ما هناك مضرة، سليمة ورحمها سليم وليست مريضة وليس عندها أولاد كثيرون يشق عليها تربيتهم فلا ينبغي في هذه الحال ولا يجوز استعمال الحبوب.

    1.   

    حكم استعمال العطور التي تحتوي على الكحول

    السؤال: تسأل أيضاً سؤالاً آخر وتقول: لدي بعض العطور التي تحتوي على الكحول، وسمعت أن استعمالها حرام، فماذا أفعل بها، هل يجوز أن أستعملها حتى تنتهي ثم أستعمل غيرها؟

    الجواب: العطور التي يثبت أن فيها مسكراً لا يجوز استعمالها بل يجب إتلافها، مثل الكالونيا هذه ثبت أن فيها كحولاً، فيها اسبيرت وتسكر، فلا يجوز استعمالها وإن فعلها بعض الناس لا يجوز استعمالها أبداً.

    وأما العطور الأخرى فلا نعلم أن فيها شيئاً، لكن إذا ثبت بشهادة الثقات العارفين بأن فيها ما يسكر كثيره فإنها لا تستعمل (ما أسكر كثيره فقليله حرام) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ثبت بقول الثقات العارفين اثنين فأكثر أن كثيره يسكر لم يجز استعماله لا قليله ولا كثيره، فأما إذا كان كثيره لا يسكر فلا بأس باستعماله.

    1.   

    حكم القراءة من المصحف في صلاة النافلة

    السؤال: آخر سؤال لها تقول: هل يجوز لي أن أقرأ من المصحف أثناء صلاة النافلة كقيام الليل مثلاً؟

    الجواب: لا حرج في ذلك مثل قيام الليل والتهجد في رمضان، لا حرج أن يقرأ الإنسان من المصحف، الرجل والمرأة جميعاً؛ لأن في هذا إعانة لهما على الاستكثار من القراءة.

    1.   

    حكم استعمال بعض أدوات العمل في الحاجات الشخصية وحكم الخروج أثناء الدوام لقضاء حاجة شخصية

    السؤال: رسالة مطولة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف (د. ع. م) من الرياض، الرسالة برمتها تكشف عن شخصية صاحبها فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم، سماحة والدنا البار الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله ورعاه آمين، أحييك بتحية الإسلام الخالدة تحية أهل الجنة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، والدي العزيز أطال الله في عمرك وجعلك ذخراً للإسلام والمسلمين، إني أحبك في الله وأسأل الله أن يحشرني وإياك وجميع المسلمين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وبعد: عندي سؤال هو: أنا شاب ولله الحمد والمنة ملتزم بجميع تعاليم الإسلام، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق إلى يوم المعاد، وقد توظفت في إحدى الوزارات، وأنا أريد أن يكون الراتب الذي أتقاضاه حلالاً ولا يكون فيه قرش واحد حرام؛ لأنني أريد أن أكون مستجاب الدعوة، كما قال عليه السلام لـسعد بن أبي وقاص: (أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)، ولا أريد أن أكون مثل الأشعث الأغبر الذي يمد يديه إلى السماء وملبسه حرام ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له، وأنا آتي للدوام في الصباح الساعة السابعة والنصف أكون جالساً على مكتبي ولا أستخدم الأقلام والأوراق والدبابيس وكل أغراض العمل إلا في العمل، ولا أستعملها لحاجاتي الخاصة بل أستخدمها لحاجة العمل، ولكن هناك ثلاثة أشياء أريد أن أسأل عنها بارك الله فيك، وهي:

    جميع موظفي الإدارة التي أعمل فيها يخرجون في الساعة الثانية ظهراً، وفي الثانية والربع لا تجد في الوزارة أحداً إلا نادراً، يخرجون جميعاً بما في ذلك مدير إدارتنا وكذلك مدير القسم، وقد جلست أكثر من يوم إلى الثانية والنصف وأخرج أنا لوحدي من الوزارة وليس هناك أحد، فهل يجوز لي يا سماحة الشيخ أن أخرج معهم أم لا؟

    ثانياً: التلفون في المكتب بعض الأيام يكون لي أشغال وحاجات تخصني ولا تخص العمل بشيء، وأريد أن أتكلم في التلفون، فهل يجوز لي استعمال التليفون بغير حاجة العمل؟

    ثالثاً: بعض الأيام يكون لي أعمال وأشغال وحاجيات لا يمكن فعلها إلا في وقت الدوام سواء داخل الوزارة أو خارجها، فآخذ الإذن من رئيس القسم وأخرج، وبمجرد الانتهاء من العمل أرجع مباشرة إلى المكتب، فهل هذا جائز؟

    رابعاً: بعض الأيام يكون عندي يوم كامل فيه شغل أو أسافر إلى المدينة التي يسكن فيها والداي وزوجتي وأهلي فأستأذن من رئيس القسم ويأذن لي وأتغيب ذلك اليوم أو في منتصف الوقت يأذن لي، فهل هذا جائز؟ علماً يا شيخي أن رئيسي هذا صاحب صلاحية في عملية دخولي وخروجي وكشف الخروج والدخول يتم عن طريقه وبإذنه، أرجو يا سماحة الشيخ أن تجيب عن هذه الأسئلة بأسرع وقت ممكن حتى تنقذني من دوامة الأفكار التي تطاردني فأنا لا أريد أن آكل حراماً بارك الله فيك ونفع بك وجعلك ذخراً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: أولاً: نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، ونسأل الله أن يتقبل دعواتك، وأحبك الله الذي أحببتنا له.

    ثانياً: لا حرج فيما ذكرت من الأمور الأربعة، أولاً: استعمال التلفون عند الحاجة لا بأس إذا لم يكثر إذا دعت الحاجة في شيء قليل نرجو أن لا حرج في ذلك إن شاء الله، والدولة بحمد الله خيرها كثير ونفعها عام، فالشيء اليسير يغتفر في مثل هذا؛ لأن الحاجة قد تدعو إلى هذا في بعض الأحيان، وكذلك خروجك في الساعة الثانية والربع مع الناس لا بأس وإذا جلسوا إلى النصف اجلس معهم وإذا خرجوا اخرج معهم لكن بعد الساعة الثنتين والربع، هذا للخروج والذهاب إلى البيت، ولا بأس أن تخرج مع الناس الساعة الثانية والربع لا قبلها.

    الثالثة: تخرج من المكتب بإذن المسئول لبعض الحاجات التي تعرض أو لأهلك في زيارة خاصة في بعض الأيام بإذن صاحبك بإذن المسئول لا حرج في ذلك إن شاء الله مع مراعاة القلة من هذه الأشياء والحرص على أن تكون هذه الحاجات في غير الدوام، فإذا عرض في الدوام ولم يتيسر قضاؤها إلا في الدوام فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

    المقدم: جزاكم الله خيرا.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى وأرجو أن نتمكن من لقاء قريب وأنتم والمستمعون على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم جميعاً ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755925615