إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (226)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم لبس الحلقة والخيط لدفع المرض ومعنى الشرك

    المقدم: أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم بتحية الإسلام الخالدة، التي نستهل بها لقاءنا مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ويسعدنا أن نلتقي بسماحته وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة الجديدة من برنامج نور على الدرب، الذي يتولى فيها سماحته الإجابة مشكوراً على أسئلتكم واستفساراتكم، أهلاً ومرحباً بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====

    السؤال: الرسالة الأولى وردت إلى البرنامج من المستمع عبد الفتاح أحمد محمد عطية مصري الجنسية ومقيم بالقصيم في الفوارة، يقول في رسالته: عن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً) وأيضاً: أسمع أن من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، فما معنى: الحلقة والخيط والوهن؟ وما هو الشرك، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا الحديث الذي ذكره السائل: وهو حديث عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي رضي الله عنه عن أبيه رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد، ورواه غيره: (أن رجلاً كان في يده حلقة علقها من أجل الواهنة) من أجل مرض يقال له: الواهنة، وهو مرض يأخذ باليد من المنكب يحصل له بها ضعف، فكانت الجاهلية تعلق هذه الحلقة تزعم أنها تنفع من هذا المرض: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم -لما رآها على هذا الرجل، وفي رواية: أنه رآها على عمران نفسه-: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً).

    قوله: (انزعها) يعني: أزلها، وقوله: (فإنها لا تزيدك إلا وهناً) يدل على أن هذه العلاجات غير المشروعة لا تزيد صاحبها إلا وهناً، أي: إلا مرضاً على مرضه وشراً على شره: (فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً) وما ذاك إلا لأنها نوع من التمائم التي يعلقها الجهلة، وهي نوع من الشرك؛ لأنها تعلق القلوب على غير الله، وتلفتها إلى غير الله، فلهذا أنكرها الشارع ونهى عنها، وفي هذا الباب يقول صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له): (ومن تعلق تميمة فقد أشرك).

    والتمائم: هي ما يعلق على الأولاد وعلى المرضى من ودع أو طلاسم أو عظام أو غير هذا مما يعلقه الجهلة، يزعمون أنها تشفي المريض، وأنها تمنعه من الجن أو من العين، وكل هذا باطل لا يجوز فعله، وهو من الشرك الأصغر، وما ذاك إلا لأنها تعلق القلوب على غير الله، وتجعلها في إعراض وغفلة عن الله عز وجل، والواجب تعليق القلوب بالله وحده، ورجاء الشفاء منه سبحانه وتعالى، وسؤاله والضراعة إليه في طلب الشفاء؛ لأنه المالك لكل شيء وهو النافع الضار، وهو الذي بيده الشفاء سبحانه وتعالى، فلهذا شرع الله عز وجل ترك هذه التعاليق وشرع النهي عنها، حتى تجتمع القلوب على الله وعلى الإخلاص له والتوكل عليه وسؤاله الشفاء سبحانه وتعالى دون كل ما سواه، فلا يجوز للمسلم أن يعلق حلقة من حديد، ولا من صفر، ولا من ذهب ولا من غير ذلك لقصد الشفاء، أو من عظام في اليد أو نحو ذلك، ومن هذا الأسورة الجديدة التي يستعملها بعض الناس المعدنية هي من جنس هذا يجب منعها.

    يقول بعضهم: أنها تمنع من الروماتيزم، وهذا شيء لا وجه له، بل يجب منعها كالحلقة التي علقها عمران ، وهكذا ما يعلق من عظام أو من شعر الذئب أو من ودع أو من طلاسم وأشياء مجهولة، كل هذا يجب منعه وكله داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) ولما دخل حذيفة على رجل مريض ووجده قد علق خيطاً قال: (ما هذا؟ قال: من الحمى، فقطعه وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106]).

    فلا يجوز للمسلم أن يعلق خيوطاً ولا حلقات، ولا تمائم، ولا غير ذلك، بل يجب أن يبتعد عن هذه الأمور التي كانت تعتادها الجاهلية، ويلتزم بأمر الإسلام الذي فيه الهدى والنور، وفيه الصلاح والإصلاح، وفيه العاقبة الحميدة والله ولي التوفيق.

    المقدم: وأيضاً في سؤاله يسأل عن معنى الشرك؟

    الشيخ: الشرك شركان: أكبر وأصغر، فالشرك الذي يكون بسبب تعليق التميمة والحلقة شرك أصغر؛ لأنه يصرف القلوب إلى غير الله، ويعلقها بغير الله، فصار نوع شرك من هذه الحيثية، وهو من أسباب الغفلة عن الله وعدم كمال التوكل عليه سبحانه وتعالى، وصار هذا نوعاً من الشرك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فقد أشرك) يعني: قد صرف شعبة من قلبه لغير الله، والواجب إخلاص العبادة لله وحده والتعلق عليه سبحانه وتعالى، والواجب التوكل عليه أيضاً جل وعلا، وأن يكون قلبك معلقاً بالله، ترجو رحمته وتخشى عقابه، وتسأله من فضله وترجو منه الشفاء سبحانه وتعالى.

    أما الأدوية العادية المباحة فلا بأس بها، الدواء بمأكول أو مشروب أو شيء مباح من الحبوب أو من الإبر أو من الضمادات أو نحوها كل هذا لا بأس به.

    أما تعليق التمائم وهي الأشياء المكتوبة في قراطيس أو في رقع، أو تعليق قطعاً من الحديد أو قطعاً من الصفر أو من الذهب، أو من الفضة، أو ما أشبه ذلك هذا هو الذي ينهى عنه، ويعتبر تميمة ويعتبر من الشرك.

    وأما الأدوية المعروفة المباحة من مشروب أو مأكول أو ضماد، أو حبوب تؤكل أو إبر تضرب أو ما أشبه ذلك، هذه كلها إذا عرف أنها تنفع لا بأس بها، ولا تدخل في هذا الباب.

    1.   

    من فوائد الحج واجتماع المسلمين له

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة المستمع أحمد محمد عطية قاسم من جمهورية مصر العربية، ومقيم بالقصيم الفوارة يقول فيه: الحج مؤتمر إسلامي عام، فماذا يستفيد المسلمون من هذا الاجتماع أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: لا ريب أن الحج مؤتمر عظيم، واجتماع مهم من المسلمين من سائر أقطار الأرض، ولهم في ذلك فوائد منها: أداؤهم مناسك حج بيت الله الحرام الذي شرعه الله لهم وأوجبه عليهم مع الاستطاعة، فاجتماعهم لهذا النسك الذي فرضه الله عليهم من نعم الله العظيمة، فإنهم يأتون من أرجاء الأرض، يؤمون هذا البيت العتيق أداء لما أوجب الله عليهم، وحرصاً على مغفرة ذنوبهم وحط خطاياهم وفوزهم بالجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).

    وهذه فائدة عظيمة لمن بر حجه، وفي اللفظ الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) ومعنى: (لم يرفث) أي: لم يجامع زوجته في حال الإحرام، ولم يتكلم معها بما لا ينبغي من كلام الجماع، أو يأت ما لا ينبغي من قبلة أو لمس في حال الإحرام كل هذا رفث.

    (ولم يفسق) يعني: لم يأت بشيء من المعاصي، فالفسوق ينطبق على المعاصي كلها، كلها فسوق، فإذا حج المؤمن واستقام على أمر الله في حجه وتجنب الرفث والفسوق، فإنه يكون أدى حجه على وجه البر، فيرجى له مغفرة الذنوب وحط الخطايا، والفوز بالجنة والنجاة من النار. نعم.

    وكذلك من فوائده: التعارف بين المسلمين، التعارف والتلاقي بين المسلمين والتناصح، والتعاون على البر والتقوى.

    ومن فوائده أيضاً: أن الإنسان قد يجتمع بقريبه وصديقه فيستفيد منه نصيحة أو تعاوناً على البر و التقوى، أو تعاوناً دنيوياً، ومن ذلك ما يسمعه الحجاج من النصائح، وحلقات العلم والعظة والتذكير في المساجد وفي المسجد الحرام وفي المشاعر، فإن هذه الأشياء لها فائدتها العظيمة.

    1.   

    حكم اغتسال المحرم واستعماله الصابون ذي الرائحة الزكية

    السؤال: كما بعث المستمع عبد الله أحمد فضل السيد من جمهورية السودان الديمقراطية الخرطوم برسالة إلى البرنامج يقول في بدايتها:

    بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين، إنني أنصت إلى برامجكم اليومية وخاصة برنامج نور على الدرب، والتي تجيبون فيه على أسئلة المستمعين الدينية، وبهذه المناسبة أود أن أطرح على حضراتكم بعض الأسئلة أرجو الإجابة عليها لما فيه خير الإسلام والمسلمين، يقول في سؤاله الأول: هل يجوز للمحرم أن يغتسل وأن يغير ملابس إحرامه إذا اتسخت؟ وهل يجوز له أن يستعمل الصابون ذا الرائحة الزكية؟ وأيضاً هل يباح للمحرم نفض شعره وتمشيطه وتغطية وجهه اتقاءً من غبار أو عاصفة أو سموم أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: يجوز للمحرم أن يغتسل، فقد اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يغتسل المحرم وهو محرم، ولا بأس أن يغير ملابسه إذا اتسخت أو لم تتسخ، يلبس إزاراً بدل إزار ورداءً بدل رداء، وهكذا المرأة لا بأس أن تغير ملابسها: قميصاً بدل قميص، إزاراً بدل إزار، سراويل بدل سراويل، خماراً بدل خمار، فنيلة بدل فنيلة، كل هذا لا بأس به، كذلك جورب بدل جورب، كله لا بأس به للرجل أو المرأة، وهكذا استعمال السدر والصابون والشامبو وأشباه ذلك كل هذا لا بأس به، لكن الصابون إذا كان من النوع الزكي الرائحة كالممسك تركه أحوط؛ لأن فيه رائحة من الطيب، تركه للمحرم يكون أحوط وأولى، كل هذه أمور والحمد لله لا بأس بها.

    1.   

    حكم نقض الشعر وتمشيطه للمحرم

    السؤال: ويقول: هل يباح للمحرم نفض شعره أو نقض شعره وتمشيطه وتغطية وجهه اتقاءً من غبار أو عاصفة أو سموم؟

    الجواب: لا بأس أن ينقض شعره من غير قطع الشعر ويغسله كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تنقض شعرها وهي محرمة، وتحرم بالحج وهي كانت أحرمت بالعمرة، لكن لما وصلت إلى قرب مكة جاءها الحيض، قبل أن تؤدي مناسك العمرة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (انقضي رأسك وامتشطي وافعلي ما يفعله الحجاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) فأذن لها في نقض شعرها وتمشيطها وهي محرمة، فلا بأس أن ينقض شعره المحرم، ويمتشط بغير الطيب كل هذا لا بأس به، كذلك لا بأس أن يغير ملابسه كما تقدم.

    1.   

    حكم فقع الدمامل والحجامة وقلع السن للمحرم

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ عبد الله أحمد فضل السيد من جمهورية السودان الديمقراطية يقول فيه: هل يجوز للحاج المحرم فقع الدمل والحجامة وربط الجرح وتنظيفه؟ وما حكم نزع الضرس أو السن وأخذ الحقن أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: كل هذا لا بأس به، له أن يحتجم وله أن يفقع الدمل ونحوه لاستخراج أذاه، وله أن يربط الجرح، وله أن يقلع السن، كل هذه أمور لا بأس بها في حق المحرم، وقد احتجم النبي عليه الصلاة والسلام وهو محرم، فلا حرج في ذلك.

    1.   

    حكم لبس المحرم الساعة والخاتم الذهب

    السؤال: السؤال الثالث في رسالة الأخ عبد الله أحمد فضل السيد من جمهورية السودان الديمقراطية يقول فيه: أرجو إفادتي عن إذا لبس المحرم ساعة يد أو لبس خاتماً من ذهب، كما أرجو إفادتي هل يجوز للمحرم الاكتحال أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: أما لبس الخاتم من الذهب فلا يجوز للرجل، لا في الإحرام ولا في غير الإحرام، الذهب من خصائص النساء، فتلبس المرأة الذهب من الخواتم والأسورة والقلائد لا بأس، أما الرجل فليس له أن يلبس خاتم الذهب، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب: (ولما رأى رجلاً في يده خاتماً من ذهب نزعه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده) فلا يجوز له أن يلبس الذهب.

    وأما الساعة إذا كانت من غير الذهب فتركها في حال الإحرام أحوط، ولا نعلم مانعاً من لبسها في الإحرام؛ لأنه يحتاج إليها، هذا إذا كانت من غير الذهب ولا من الفضة، وإن جعلها في كمره أو في إزاره للرجوع إليها وترك لبسها فهذا حسن إن شاء الله من باب الحيطة؛ لأن المحرم ممنوع من لبس المخيط وما يشبهه، وهذه قد تشبه القفازين والخفين من بعض الوجوه، فإذا ترك لبسها يكون من باب الاحتياط: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وإن لبسها فنرجو أن لا يكون عليه شيء إذا كانت من غير الذهب والفضة، وهذا في حق الرجل، أما المرأة فلا حرج عليها في ذلك، سواء كانت الساعة من ذهب أو من فضة أو غير ذلك.

    1.   

    حكم مزاولة الحجاج للتجارة في أيام الحج

    السؤال: الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من المستمع الحاج أحمد الشريف محمد إسماعيل من الأردن -عمان، يقول فيها: قرأت في بعض الكتب: أنه يجوز للحاج الاتجار خلال أيام الحج، ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] فأرجو من فضيلتكم توضيح هذا الأمر؟ وما الحكم في ذلك جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: الأمر كما سمعتم لا حرج في ذلك، ليس في التجارة بأس في مواسم الحج للحجاج، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، فهو يحج ويطلب ما عند الله، ولا بأس أن يتجر ويبيع ويشتري يطلب الرزق في عرفات في مزدلفة في منى في أي مكان؛ لقوله سبحانه وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] وقد تحرج الناس في ذلك فأنزل الله الآية فرفعت الحرج، قرأ بعضهم: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج)، بزيادة: (في مواسم الحج) وهذا من باب التفسير، المعنى أنه ليس عليهم حرج في التجارة في مواسم الحج من مشعر مزدلفة، مشعر عرفة، مشعر منى، في بطن مكة، .. كل هذا لا حرج فيه والحمد لله.

    1.   

    حكم قتل المحرم للحيوانات والحشرات الضارة

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ أحمد الشريف محمد إسماعيل من الأردن عمان يقول فيه: هل يجوز للحاج قتل الذباب والنمل والحشرات المؤذية والحيوانات الضارة مثل: الكلب العقور والأفاعي وما شابه ذلك؛ اتقاء شرها؟ وهل في ذلك إثم أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: ليس هناك حرج في قتل المؤذيات كالذباب والبعوض وأشباه ذلك مما يؤذي الإنسان، وهكذا قتل الكلب العقور والحية والعقرب والفأرة والغراب، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خمس من الدواب كلهن فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) زاد في رواية: (والحية) بعضها: (والذئب العادي) كل هذا لا بأس به.

    فالمؤذيات المعروفة من البعوض والذباب والحية والعقرب والكلب العقور والحديا والغراب والفأرة، كل هذه تقتل في الحل والحرم.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)

    السؤال: كما وصلت إلى البرنامج الرسالة التالية من المستمع علي حسن عبد الرحيم خالد من الجمهورية اللبنانية يقول فيها: أرجو أن تتفضلوا بتوضيح معنى الآية الكريمة في قوله عز وجل: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] فقد تحدث أحياناً خصومات بين بعض الحجاج، ويحصل جدال بينهم أرجو الإفادة، هل هناك إثم في ذلك وما هي الكفارة، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: يقول الله سبحانه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).

    فهذا يدلنا على أن الحاج لا ينبغي له أن يرفث ولا يفسق ولا يجادل، بل ينبغي له أن يشتغل بذكر الله، وطاعة الله سبحانه وتعالى، والكلام الطيب النافع، ويبتعد عما لا ينبغي من الرفث والفسوق والجدال؛ لأنه في عبادة عظيمة، فينبغي له احترامها وصيانتها عما لا ينبغي، والرفث: هو الجماع للزوجة قبل التحلل من الإحرام، قبل أن يرمي الجمرة ويحلق ويطوف ويسعى إن كان عليه سعي، وقبل أن تفعل ذلك هي أيضاً، فليس لهما الجماع إلا بعد الفراغ من أعمال الحج المهمة التي تترتب على التحلل وهي رمي الجمرة يوم العيد والحلق أو التقصير مع طواف الإفاضة والسعي لمن كان عليه سعي، فإن فعل هذه الأمور أوزوجته إن كانت فعلت هذه الأمور حل لهما الجماع، وإلا فهو محرم عليهم، وهو الرفث، كما قال الله سبحانه: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187] الرفث: هو الجماع، وهكذا ما يدعو إليه من الكلام، يسمى: رفث، كالتحدث معها في الجماع وتقبيلها ولمسها وأشباه ذلك مما يتعلق بالجماع كله رفث.

    أما الفسوق: فهي المعاصي من السب والشتم، والكذب، والربا وشهادة الزور والعقوق للوالدين أو أحدهما وقطيعة الرحم، وغير هذا من سائر المعاصي، يجب اجتنابها دائماً دائماً، ولكن في الحج يكون أشد، المعاصي يجب اجتنابها، فإنها فسوق، أن تجتنب في الحج وفي غيره، وفي كل مكان وزمان، لكنها في الحج تكون أشد تحريماً وأشد إثماً، فالواجب على الحاج أن يجتنب كل معصية.

    أما الجدال فهو نوعان: نوع يتعلق بمشاعر الحج ومواسم الحج وأعمال الحج، فقد أوضحها الله فلا جدال فيها، فلا ينبغي أن يجادل فيها، قد أوضح الله معالم الحج، وأوضح أنساك الحج وأحكامه، فلا يجوز الجدال في ذلك، بل يجب على المسلمين أن يتأسوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم في ذلك وأن يحجوا كما حج، في جميع الأمور في الوقوف بعرفة في المبيت بمزدلفة.. المبيت في منى.. رمي الجمار.. الطواف والسعي إلى غير هذا، فليس هناك حاجة إلى الجدال فقد وضح الله الأمر.

    النوع الثاني: الجدال بين الناس والخصومات بين الناس فلا ينبغي الجدال بينهم مما يسبب الشحناء والفتنة أو المضاربة أو القتال، إذا أفضى التحدث إلى الجدال ينبغي أن يترك، ولا ينبغي أن يتوسع في ذلك، يتحدث الإنسان مع أخيه في شئونه وحاجاته، لكن متى آل الأمر إلى الجدال والشدة والمراء الذي قد يفضي إلى المضاربة أو إلى الشحناء فإنه ينبغي تركه، هكذا ينبغي للمؤمن مع إخوانه في الحج أن يتجنبوا نوعي الجدال، حتى تكون حجتهم سليمة وبعيدة عما يؤثر عليها من رفث أو فسوق أو جدال، والله المستعان.

    1.   

    ضرورة إرجاع الحقوق إلى أهلها

    السؤال: وبعث المستمع محمد عبد الله السبيعي برسالة للبرنامج يقول فيها:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: قمت بطلب عمال من الخارج، فلما وصلت إليهم في بلدهم اعتزت مبلغاً من المال وأخذت منهم ما يعادل ألفين وخمسمائة ريال، فلما وصلوا إلى مكاني أي: في بلدي هنا في السعودية وجدتهم لم يعرفوا عن المهنة أي شيء، فقلت لهم: اشتغلوا تحت التجربة لمدة ثلاثة شهور، ولكنهم رفضوا فحاولت معهم لعدة مرات فرفضوا، فقمت بتسفيرهم إلى بلادهم ولم أعطهم حقهم إلا القليل، مع العلم أنني خسرت عليهم ما يعادل الذي أخذته منهم، وأنا مستعد أن أعطيهم حقهم، ولكن لا أعرف عنواناً لهم، أرجو إفادتي ماذا أفعل أفادكم الله؟

    الجواب: هذه مسألة خصومة تحتاج إلى نظر من جهة القاضي حتى يعلم دعواك عليهم وحتى يعلم جوابهم، لكن إذا دفعت إليهم حقوقهم التي اتفقت معهم عليها من باب الحيطة فهذا حسن، ترسل حقوقهم إلى المكتب الذي تم التعاقد معهم فيه، وترسل لهم القرض الذي أخذته منهم، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يتعدى عليه ولا يخونه، فإما أن تخاصمهم شرعاً عند القاضي في المحكمة حتى تعرف ما لك وما عليك وتعطيهم حقوقهم على بينة، وإما أن تسمح بدفع حقوقهم إليهم وإرسالها إليهم، وما عند الله خير وأبقى، وترسل إليهم أيضاً القرض الذي أخذته منهم، وهذا خير لك في الدنيا والآخرة، وأبشر بالخلف والخير والعاقبة الحميدة إن شاء الله.

    1.   

    حكم التطيب والاكتحال والخضاب بالحناء وطلاء الأظافر للمحرمة

    السؤال: هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمعة فوزية محمد صالح أبو محمود من العراق تقول فيها: هل يجوز للمرأة المحرمة التطيب والاكتحال والخضاب -الحناء-، ووضع طلاء الأظافر وتقليمها قبل الإحرام أو بعده، أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم عنا خير الجزاء؟

    الجواب: أما قبل الإحرام فلا بأس لها أن تكتحل، ولها أن تقلم الأظافر ولها أن تتحنى، ولها أن تضع محل الأظافر من الأشياء التي تضعها من مناكير وغيرها، هذا قبل الإحرام، ولها أن تضع الطيب لكن يكون طيباً خفيفاً ليس له رائحة كبيرة، لأنها قد تخالط الناس فالأولى أن يكون طيبها خفيفاً ليس له رائحة ظاهرة، بل يكون رائحة داخلية، لمن اتصل بها من نسائها وقبلها من نسائها واجتمع بها، ولا يكون رائحته كبيرة يحصل به الفتنة، هذا كله يباح قبل الإحرام، والمناكير التي توضع على الأظفار تركها أولى؛ لأنها قد تمنع من ماء الوضوء، لكن إذا كانت تزيلها عند الوضوء وعند الغسل فلا بأس، وإن تركتها بالكلية كان أحسن لها وأحوط؛ لأنها قد تنساها عند الوضوء، وقد تنساها عند الغسل، وهي فيما بلغنا لها جسم ولها جرم تمنع الماء.

    وأما بعد الإحرام فليس لها أن تتطيب إذا أحرمت بأن لبت بالعمرة أو بالحج ونوت الدخول في الحج أو العمرة بقلبها، فإنها لا تمس الطيب، أما الكحل فلا يضر لو اكتحلت بعد الإحرام، لكن ليس لها أن تطيب بعد الإحرام، وليس لها أن تقلم أظفارها، ولا أن تأخذ شيئاً من شعرها بعد الإحرام ما دام تنوي الدخول في الحج أو في العمرة، فإنها حينئذ تلبي وتمتنع من الطيب، وتمتنع من قلم الأظفار ومن قص الشعر ونحو ذلك، أما الحناء فأمره واسع، يجوز قبل الإحرام وبعد الإحرام، وهكذا الكحل قبل الإحرام وبعد الإحرام، لكن تركها غير مكتحلة وغير متحنية بعد الإحرام يكون أحسن؛ لأنها حالة تقشف وحالة إقبال على العبادة وليست حالة تجمل، فترك الكحل بعد الإحرام وترك الحناء بعد الإحرام أولى حتى تنتهي من إحرامها، وهكذا الملابس الجميلة تركها أولى، تحرم في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر، وإذا حلت من إحرامها اكتحلت وفعلت ما ترى من الطيب أو غير ذلك.

    المقدم: أحسن الله إليكم، أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد، على هذا اللقاء في برنامج نور على الدرب، الذي أجاب فيه سماحته مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين، المستمع أحمد محمد عطية قاسم من جمهورية مصر العربية، ومقيم بالقصيم -الفوارة- المستمع عبد الله أحمد فضل السيد من جمهورية السودان الديمقراطية -الخرطوم- المستمع أحمد الشريف محمد إسماعيل من الأردن -عمان- المستمع علي حسن عبد الرحيم خالد ، من الجمهورية اللبنانية، المستمع محمد عبد الله السبيعي من رماح، المستمعة فوزية محمد صالح أبو محمود من العراق.

    أيها الإخوة الأكارم! شكراً لكم على حسن إنصاتكم ومتابعتكم للبرنامج، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى من لقاءات الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755950733