إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (43)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    مطالبة المرأة بنقل ولاية أبيها العاضل لها إلى القاضي

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نستضيف فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليجيب على أسئلتكم واستفساراتكم عبر برنامج نور على الدرب.

    ====

    سماحة الشيخ! لدينا مجموعة كبيرة من الأسئلة ونأخذ منها حسب ترتيب الوصول رسالة أمة الله نبيلة بنت عبد العزيز ورسالة المستمع أو المرسل (م. م. م) من الرس.

    السؤال: تقول أمة الله نبيلة بنت عبد العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

    أكتب إليكم هذه الرسالة؛ لعل الله يقدر لنا خيراً وأجد عندكم الفتوى التي تشفي وتقطع الشبه في هذا الأمر:

    تقدم لي شاب علمت أنه يتقي الله كثيراً -ولا نزكي على الله أحداً- ولما تقدم للوالد رفضه الوالد لأسباب دنيوية هي أنه لا يستطيع أن يباهي به أمام الناس؛ لأن مظهره لا يعجب أناس هذا الزمان، لأنه يلبس القميص ولا يطيل ثيابه تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم، هذا بجانب أنه لم يعجبه أسلوب عيشته، وهي -ولله الحمد- اعتبار الدنيا معبراً إلى دار القرار، المهم أنه رفضه لدينه، هداه الله سواء السبيل.

    ولما كنت قد علمت بدين هذا الأخ وأعلم أن رفض إنسان بهذه الصفات هي فتنة في الأرض وفساد كبير، فهل إذا تكاسلت عن إسقاط الولاية عن الوالد والتقدم للقاضي أو لعالم يتصف بالتقوى ليتولى أمر تزويجي؛ هل في ذلك شيء علي أم لا؟ وفقكم الله.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    لا ريب أن على الوالد وعلى سائر الأولياء أن يعتنوا بأماناتهم، وهن مولياته من النساء من بنات وأخوات، وأن يحرصوا على تزويجهن وعدم تعطيلهن وعضلهن، وأن ينظروا إلى الأزواج من جهة الدين والاستقامة والأمانة وصلاح الحال، لا من جهة الدنيا والمظاهر؛ فإن هذا المظهر قد يضر صاحبه، قد يضر مصاهريه، فالواجب على ولي المرأة أن ينظر إلى الدين والاستقامة، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في المرأة: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، فهكذا ينبغي أن يقال من جهة الزوج، يقال للأولياء: فاظفروا بأصحاب الدين في تزويج بناتكم وأخواتكم ونحو ذلك.

    فيجب العناية بذات الدين من النساء، وهكذا العناية بصاحب الدين من الرجال، فكونه لا يطيل ثيابه هذه منقبة وفضل ينبغي أن يكون سبباً لتقريبه لا لإبعاده؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسبال وقال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) فلا يجوز للرجال أن يسبلوا ثيابهم تحت الكعب مطلقاً، وإذا كان عن كبر صار أعظم وأكبر، كذلك كونه مثلاً يلبس القميص العادي المعروف أو كون راتبه ليس بالكثير أو كان لا يحلق لحيته بل يوفرها ويعتني بها، كل هذه مناقب ومكارم وفضائل لا ينبغي أن تكون سبباً لمنع الزواج والذي يعتبرها سبباً هذا يدل على نقص في دينه ونقص في إيمانه ونقص في تصوره ونقص في أدائه الأمانة.

    وهكذا كون معيشته ليست بالكاملة من جهة الرفاهية ومن جهة ما يحتاجه الناس اليوم من مزيد التفكه، هذا ليس بعيب، فينبغي للمؤمن أن يعتني بالدين والاستقامة، ولا يكون تعلقه بالمال أو بالمظاهر هو المطلوب بل هذا غلط ولا يجوز للوالد ولا لغير الوالد من الأولياء، أما المرأة فإن تقدمت للحاكم لطلب عزل الولي الذي يتساهل حتى يزوجها الحاكم فلا بأس لها حق في ذلك أن تتقدم للمحاكم وتطلب أن تزوج بهذا الخاطب الجيد وأن يمنع وليها من التحكم فيها لهواه ولمقاصد منحرفة أو لقصد المباهاة بالأزواج والأموال، كل هذه مقاصد رديئة وصاحبها يستحق أن يعزل ويعتبر عاضلاً لامرأته، وإن صبرت ولم تتقدم إلى المحاكم وقالت: لعل ولعل إكراماً لأبيها وإكراماً لوليها وحذراً من أشياء قد تسوء عاقبتها فلا بأس، على كل حال هذا إلى المرأة هي المخيرة إن شاءت تقدمت إلى المحاكم ليزوجوها من الخاطب الجيد من المستحق، وإن شاءت صبرت حتى يفتح الله، ولعل الله يهدي الولي فيزوج هذا أو غيره.

    1.   

    تبادل المراسلات بين الرجل والمرأة في أمور الدين والزواج

    السؤال: سؤالها الأخير والثاني تقول: هل يمكن أن يتبادل رجل وامرأة الخطابات في أمور الدين كما ورد عن عائشة بنت طلحة أو فيما ورد عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين حين أرسل لها معاوية ؟

    وهل يمكن أن يحدث تبادل خطابات بين رجل وامرأة لتسهيل أمر الزواج بمعنى إرسال معلومات عنها أو أي شيء آخر يسهل أمر الزواج إذا كان ذلك غير متيسر بأي طريقة أخرى؟ مع اتقاء الله في هذه الرسائل وعدم الخضوع بالقول؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا بأس بتبادل الرسائل بين الرجال والنساء في مسائل العلم، مسائل الدين، مسائل الدنيا أيضاً لا بأس بتبادل الرسائل أن تكتب المرأة للرجل تنصحه أو تسأله عن علم أو عن تجارة وهي تتعاطى التجارة أو عن مسائل أخرى لا تتعلق بالفساد، وإنما تتعلق بصالح الدين والدنيا لا بأس، ولا بأس أن يكتب الرجل للمرأة إذا كانت فقيهة يسألها عن مسائل دين أو عن مسائل نسب أو عن مسائل تتعلق بأمور الدنيا من التجارة أو أراضٍ أو غير ذلك، المقصود الرسائل التي ليس فيها محذور وليس فيها ما ينم عن ريبة فلا حرج في ذلك، لا مع الكبار ولا مع الصغار لا من الرجال ولا من النساء، وقد كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنها يقول لها: اكتبي لي بنصيحة أو بوصية وأوجزي، فكتبت له رضي الله عنها الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) وهو حديث جيد رواه ابن حبان في الصحيح وغيره.

    وفي لفظ أنها كتبت إليه خبراً آخر بلفظ آخر : (من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئاً، وعاد حامده له ذاماً).

    فالحاصل أن المكاتبة في هذا الباب لا بأس بها بين الرجال والنساء وهكذا بين الخاطب والمخطوبة، كونها تكتب له عن حالها بصدق حتى يكون على بينة ويكتب لها عن حاله بصدق حتى تكون على بينة؛ لا بأس، لكن يجب الحذر من الكذب الذي قد يغر هذا أو هذا، الواجب الصدق في كل شيء، وإذا تيسر اللقاء للخاطب مع المخطوبة فلا بأس لكن بشرط عدم الخلوة إذا طلب أن يقابلها أو طلبت هي أن يقابلها فلا بأس، لكن على شرط ألا يكون هناك خلوة؛ لأن الخلوة محرمة ومن أسباب الشر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة وقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) وقال: (لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما) فلا يجوز أن يخلو بها الخاطب، ولكن إذا حضرت أمها أو أختها الكبيرة أو جدتها أو زوجة أبيها أو حضر شخص آخر من دون ريبة، مجالس محترمة فلا بأس.

    1.   

    كيف يعمل من شك في انتقاض الوضوء؟

    السؤال: هذه رسالة من المرسل من الرس (م. م. م) يقول في رسالته: ما حكم من شك في انتقاض الوضوء؛ فهل يتوضأ أم لا؟ أثابكم الله.

    الجواب: إذا شك الإنسان هل انتقض وضوءه فإنه ليس عليه الوضوء، إذا كان قد توضأ فعرف أنه متطهر للظهر مثلاً ثم شك بعد ذلك هل انتقضت طهارته أم لا؟ ليس عليه وضوء، بل يصلي العصر بالطهرة الأولى، وهكذا أشباه ذلك، توضأ الضحى يصلي الضحى، ثم شك هل انتقضت طهارته؛ لا يتوضأ، لا يلزمه الوضوء للظهر بل يصلي بطهارته التي أتى بها ضحىً، وهكذا في الليل مثلاً تهجد فلما جاء الفجر شك هل أحدث أم لا؟! لا حرج عليه ولا وضوء عليه بل يصلي بوضوئه السابق الذي أتى به في أثناء الليل، ولا يحتاج إلى وضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) متفق عليه، وفي لفظ آخر لما سئل قالوا:- (يا رسول الله! الرجل يجد الشيء في بطنه قال: لا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فالحاصل أنه ليس عليه أن يجدد وضوءه حتى يتحقق ويعلم أنه أحدث من ريح أو بول أو غائط أو أكل لحم إبل أو ما أشبه ذلك من النواقض، الحاصل أنه لا يلزمه الوضوء إلا إذا تحقق وجود الناقض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، يعني: حتى يتحقق الحدث، فإذا لم يتحقق فالأصل الطهارة وله ثلاث حالات:

    حالة يتحقق أنه أحدث؛ فعليه الوضوء.

    حالة يتحقق أنه لم يحدث؛ فالحمد لله هذا يصلي بوضوئه الأول.

    الحالة الثالثة: شك تردد: هل أحدث أم لا؟ وقد يغلب على ظنه الحدث، وقد يغلب على ظنه عدم الحدث، وقد يستوي الطرفان؛ ففي هذه الأحوال الثلاثة لا يلزمه الوضوء حتى يتيقن أنه أحدث.

    المقدم: لكن أيهما أفضل: إذا جمع أكثر من صلاة في وضوء واحد أو توضأ لكل صلاة مكتوبة؟

    الشيخ: إذا توضأ لكل صلاة أفضل؛ لما في الوضوء من الخير والفائدة، الوضوء فيه فضل عظيم، فإذا توضأ لكل صلاة فهذا فيه فضل عظيم، وإن صلى بوضوء واحد عدة صلوات؛ فلا بأس قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، كما يصلي الإنسان المجموعة الظهر والعصر بوضوء واحد في السفر والمغرب والعشاء بوضوء واحد في السفر أو في المرض.

    1.   

    حكم قراءة التشهد الأول لمأموم فاتته ركعة مع الإمام

    السؤال: يقول المستمع من الرس: إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر؛ فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة؟

    الجواب: لا يلزمه ذلك لأن هذا ليس محل تشهده، إذا أدرك ركعة واحدة مع الإمام في الظهر أو في العصر أو في المغرب أو في العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية، هو محل التشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فمحل تشهده يأتي إذا أتى بالركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله.

    المقدم: لكن إذا لم يرد القراءة ما الذي يصنع في هذا الجلوس؟

    الشيخ: يسكت، إما يسكت وإلا يقرأ مثله، لكن لا يلزمه أن يقرأ التشهد؛ لأن هذا ليس محل قراءته، ولكن كونه يقرؤه ويأتي به خير من السكوت؛ لأنه فضل ولأنه ذكر، فإتيانه به خير.

    1.   

    حكم من أصاب ثوبه نجاسة ولم يعلم مكانها

    السؤال: سؤاله هذا يقول فيه: إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل؟

    الجواب: إذا كان لا يدري إن كان يمكن التحري يتحرى حتى يغسل المحل الذي تحراه، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء يلزمه غسله كله، أما إذا ظنها في محل، تحراها في محل معين منه غسل المحل المعين الذي تحراه في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحراه.

    المقدم: أحسنتم أثابكم الله.

    إلى هنا -أيها السادة المستمعون- نأتي على نهاية لقائنا في برنامج نور على الدرب الذي عرضنا فيه أسئلتكم واستفساراتكم على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تمكنا في هذا اللقاء من عرض رسالة أمة الله نبيلة بنت عبد العزيز وتشكو من معاملة والدها ومن عضلها، ورسالة المرسل من الرس (م. م. م).

    شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز وشكراً لكم -أيها السادة- وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755895833