إسلام ويب

أوضاع المسلمين والموازين الدوليةللشيخ : علي بن عمر بادحدح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الناظر إلى القوانين الدولية ليرى العجب العجاب، فعندما تكون في صالح أعداء الإسلام فإنها تنفذ وبكل صرامة، وعندما تكون هذه القوانين في صالح المسلمين فإنه يكتفى بالشجب والتنديد، وهنا يظهر الكيل بمكيالين، فعلى الأمة إذا أرادت العزة والتمكين والنصر أن ترجع إلى شرع الله سبحانه وتعالى قولاً وعملاً واعتقاداً.

    1.   

    مقدمة عن حال الأمة الإسلامية وواجب المسلمين نحوها

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

    أما بعد:

    فهذا هو الدرس الرابع والعشرون من هذه السلسلة من الدروس، وهو اليوم بعنوان: أوضاع المسلمين والموازين الدولية.

    ويأتي هذا الدرس ربما في وقت يتزامن ويتناسب مع كثير من المستجدات والأحداث، التي تحيط بأمة الإسلام في كثير من ديارها وعلى كثير من أبنائها، والذي يلحظ الواقع المعاصر يرى أنه في خلال الأعوام القريبة القليلة الماضية علا صوت الشرعية الدولية، ولزوم احترام القوانين الدولية، ومراعاة مشاعر الأسرة الدولية، ونحو ذلك من المقالات التي تعود في جوهرها إلى لزوم مراعاة هذه الموازين والقوانين التي ترتبط بالأمم المتحدة وفروعها ولجانها ومجالسها.

    والذي يتأمل بصورة سريعة يجد أن أوضاع المسلمين على وجه الخصوص، أعني الأوضاع المأساوية التي يصب فيها على المسلمين كل أنواع الأذى والعسف والظلم، نجد أن هذه الموازين إما أنها لا تفي بالغرض الذي يحقق العدالة أو يدفع الأذى، وهذا في كثير من صورها وأحوالها، وأما أنها تحيف وتميل وتكيل بمكيالين، سيما إذا كان الأمر يتعلق بالمسلمين.

    وإما على أحسن الأحوال والظروف أنها تكون قرارات وأموراً لا تعدو أن تتجاوز الخطب أو القرارات المطبوعة والمكتوبة التي لا تغير في الواقع شيئاً، وفي حقيقة الأمر ربما لا تساوي المداد الذي كتبت به؛ لأنه ليس لها قيمة تأثيرية تغييرية في الواقع.

    وأحوال المسلمين المضطهدين أكثر من أن يحيط بها درس أو محاضرة، بل إن كل قضية من قضايا المسلمين لا تكفيها دروس ولا محاضرات، وحال المسلمين مقارنة بغيرهم في الجملة ربما يعبر عنه قول الشاعر:

    قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر

    وهذا الذي نراه في واقع الأمر إذا قتل فرد من أمة نصرانية أو يهودية، أو من دولة شرقية أو غربية تقوم له الدنيا ولا تقعد، وإبادة شعوب الإسلام هنا وهناك مسألة فيها نظر، تحتاج إلى التداول وإلى القرارات وإلى غير ذلك من الأمور، وحال المسلمين بالنسبة لكثير من دولهم أيضاً يصح فيها قول شاعر العرب:

    ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود

    إذ لا يلحظ لهم قوة أو قدرة فاعلة، ولو ضمن هذه الموازين والمقررات الدولية التي يراد لها أن تكون مهيمنة وحاكمة على العالم، والمتأمل أيضاً يجد أن أوضاع الديانات والعرقيات والمبادئ الأخرى غير الإسلامية تشهد نشاطاً عند الملمات والمهمات، وهذا النشاط له دور فاعل تأثيري لا ينتظر المداولات، ولا يستجيب في الغالب للقرارات، بل يجعل لغة العمل والتغيير الواقعي هي اللغة المسموعة، ولذلك في غالب الأحوال يحظى هؤلاء بحوزة حقوقهم، وتكون لهم صورة من الهيبة والاحترام، بعكس من ينتظر الاستجابة للقرارات أو الوصول إلى الحلول وغير ذلك من الأمور، وكما قال الشاعر:

    كل الشعوب على الطريق توحدت وشعوبنا لما تزل أشياعا

    كم نستكين إلى الهوان وليتنا نشكو المهانة أو نحس صداعا

    كل الشعوب تنام ملء جفونها والسقف فوق شعوبنا يتداعى

    كل الشعوب إلى الشواطئ أبحرت هل يملك الشعب القتيل ذراعا

    حال الأمة في الحقيقة لا نذكرها تأييساً للأمة وفتاً في العضد وقتلاً لبوادر وبوارق الأمل، وإنما فائدتها على العكس من ذلك أنها توضح الصورة، وتكرس الولاء للإسلام، وتبدي الحاجة الشديدة الملحة لوحدة أمة المسلمين، وتناصر شعوب الإسلام فيما بينها، وأن يكون المسلمون -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- يداً على من سواهم، وأنه يسعى بذمتهم أدناهم، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، أما التبلد والسلبية والبقاء والانحصار في دائرة الأنانية، وعدم التفاعل والارتباط بأمة الإسلام والمسلمين في شرق الأرض وغربها، فهو دلالة على ضعف الإيمان، وعدم وضوح الرؤية والعلم بهذا الدين، بل هو في كثير من الصور وللأسف ربما يمثل صورة من قول الله سبحانه وتعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85]، وينبغي أن يتخلى المسلمون عن هذه الصورة، ولا يكون حالهم كقول القائل:

    يموت المسلمون ولا نبالي ونهرف بالمكارم والخصال

    ونحيا العمر أوتاراً وهزلاً ونحيي العمر في قيل وقال

    لماذا كل طائفة أغاثت بنيها غيركم أهل الهلال

    ترى الصلبان قد نفرت وهبت يهود بالدواء وبالغلال

    هبوهم بعض سائمة البراري هبوبهم بعض سابلة النمال

    هبوهم أي: هبوا إخوانكم المسلمين.

    1.   

    حقوق الإنسان في الأعراف الدولية ونصيب المسلمين منها

    حتى نلج إلى صلب الموضوع والقضية، فإننا نستعرض بعض هذه الموازين في نصوصها وقوانينها التي صيغت بها، ثم نرى تطبيقها في الواقع، لنرى حظ المسلمين منها، وهذه الموازين كثيرة جداً، والإحاطة بها يطول أمرها، ولذلك سأقتصر في كل قضية من القضايا على أمثلة محدودة، ربما تزيد في بعض الموازين لأهميتها وكثرة ما ينقضها ويعارضها، وتقل في البعض الآخر؛ لأن الأمثلة فيه قد لا تحتاج إلى ذلك التفصيل.

    من أهم هذه الموازين والقوانين التي يكثر الحديث عنها: حقوق الإنسان التي تصم آذاننا في هذه الأيام صباحاً ومساءً، وفي غالب الأحوال لا تكون بالنسبة للمسلمين كما ينبغي أن تكون، أو كما ينص عليها قوانينها.

    وأذكر لكم بعض المواد الرسمية في القانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان، ثم نرى بعد ذلك تطبيقاته على أوضاع المسلمين.

    ينص هذا القانون في مادته الأولى بالنص القائل: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق.

    وفي مادته الثانية يقول: لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات، دون أي تمييز من عنصر أو لون أو جنس أو لغة أو دين، وكذا فيما بين الرجال والنساء.

    وفي المادة الثالثة يقول: إن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.

    وفي الخامسة يقول: إنه لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات الوحشية أو الحاطة بالكرامة.

    وأنا أختار بعض المواد، ولا أذكرها كلها.

    المادة التاسعة: لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.

    المادة الحادية عشرة: كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً.

    المادة الثانية عشرة: لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة، سواء في أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو أن يتعرض لحملات على شرفه أو سمعته، وكل شخص يحميه القانون من مثل هذه الاعتداءات.

    المادة الثالثة عشر: لكل فرد حرية الانتقال، واختيار محل إقامته داخل حدود أية دولة، وله الحق في الخروج من بلده، كما له الحق في العودة إليه متى شاء دون أية قيود، إلا ما يتعلق بقيود القوانين التي فيها منع بموجب قانون الجريمة أو نحو ذلك.

    المادة السابعة عشرة: لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.

    المادة الثامنة عشرة: لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، وهذا الحق شامل لحرية تغيير الديانة أو العقيدة وحرية الإعراض عنها.

    وسنعرض في آخر الحديث إلى هذه الموازين من حيث النظرة الشرعية، لكننا الآن نجاري هذه الموجة لنعلم أنه حتى هذه القوانين الوضعية التي في بعضها أو كثير منها مخالفة لشرع الإسلام لا تطبق التطبيق الصحيح كما يزعم واضعوها، أو ينادي واضعوها الناس إلى أن يحتكموا إليها.

    المادة التاسعة عشرة: لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأخبار والأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بدون تقيد بحدود جغرافية وبأية وسيلة.

    المادة الثالثة والعشرون: لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، ولكل فرد دون أي تمييز الحصول على أجر متساو في العمل مع غيره، وله أيضاً الحق في أجر عادل مرضٍ يكفل له ولأسرته عيشه الكريم.

    المادة الخامسة والعشرون: لكل فرد الحق في مستوى معيشي كاف يحافظ فيه على الصحة والرفاهية، ويضمن الغذاء والملبس والمسكن والصحة وتأمين المعيشة.

    وللأمومة والطفولة حقوق خاصة في هذا أكثر من غيرها، وأن الدول ينبغي أن تكفل هذه الحقوق من الرفاهية، وأن يحصل الإنسان على الحد الأدنى من مستوى المعيشة المقبولة.

    المادة السادسة والعشرون: لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم الأساسي مجاناً وإلزامياً، وأن يتيسر أيضاً التعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع دون أي فروق أو تمييز.

    هذه بعض المواد فيما يتصل بالمواد الأساسية في قانون حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وهناك أيضاً اختيارات أخرى من قانون حقوق الإنسان في الشئون الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

    نقتطف منها مادة واحدة وهي: تقر هذه الدول بحق الفرد في المشاركة الثقافية، والانتفاع بالتقدم العلمي، والانتفاع بحماية المصالح المعنوية والمادية الناتجة من الإنتاج العلمي والأدبي الذي يقوم هو بتأليفه.

    هذا ما ذكرناه في مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي أول مواد الحقوق المدنية والسياسية يأتي الحق الذي يكثر ترداده كثيراً وهو موضوع حق تقرير المصير:

    تنص المادة الأولى: على أن لكل الشعوب الحق في تقرير المصير، وحرية كيانها السياسي، ومواصلة حرية نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

    ثانياً: لجميع الشعوب تحقيق غايتها الخاصة في التصرف في حريتها وثروتها ومواردها الطبيعية، وجميع الدول الأطراف عليها العمل من أجل تحقيق حق المصير، واحترام ذلك الحق تمشياً مع ميثاق الأمم المتحدة.

    وأيضاً نجد أن هذه المواد تكرس ذاك القول الذي ذكر في مسائل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

    ثم أيضاً بعد ذلك أضيفت قوانين أخرى تتعلق بهذا الباب، ومن أهمها قانونان مهمان:

    الأول منهما: جريمة إبادة العنصر، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر عام (1948م) اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، ثم أصبحت هذه الاتفاقية سارية المفعول في عام (1961م) وفي عام (1986م) صدقت عليها ستة وتسعون دولة، وأصبحت هذه الاتفاقية معمولاً بها.

    وكذلك معاهدة أخرى وهي معاهدة منع التمييز العنصري، وأصبحت هذه الاتفاقية سارية المفعول في عام (1969م)، وصدقت عليها مائة واثنان وعشرون دولة، وفي كلتا المعاهدتين كانت إسرائيل إحدى الدول المصدقة على مثل هذه المعاهدة.

    حقوق الإنسان في الأعراف الدولية وأوضاع المسلمين في بورما

    بمجرد أن نستعرض بعض أحوال المسلمين في بعض المناطق نجد بوضوح الصورة المعاكسة والمغايرة لهذه الإعلانات والمواد والقوانين، أوجز ما يتعلق بأحوال وأوضاع المسلمين في بورما في عشر نقاط؛ حتى تعلموا أن كل هذه المواد بتفصيلاتها وتفريعاتها لا أثر لها في واقع المسلمين في بورما.

    بورما بلد إسلامي دخله الإسلام في القرون الأولى من عهد الإسلام، وحكم الإسلام مناطق بورما وبالذات منطقة أراكان نحو خمسين وثلاثمائة عام، وتعاقب عليها ثمانية من ملوك المسلمين، حتى جاءت بعد ذلك البوذية، واحتلت هذه المناطق، وقتلت وشردت، ثم بعد ذلك جاء الاستعمار البريطاني، ثم بعد ذلك ورث تركته وضم المسلمين إلى الحكومة البوذية في بورما، ومارست من جديد التقتيل والتشريد، وهذه الخلاصة نوع من مناقضة ما هو مذكور في هذه النصوص لحقوق الإنسان:

    أولاً: بموجب قانون المواطنة والجنسية الذي صدر عام (1982م) ألغيت الجنسية عن جميع مسلمين أراكان، وأصبحوا -كما هو مذكور في الصحف والمجلات- شعباً بلا وطن، وإلى الآن إخواننا الموجودون هنا في المملكة في مكة وفي جدة وفي غيرها من البرماويين لا يملكون أية جنسية، وليس عندهم أية جوازات، وهذا أحد النصوص التي لم نذكرها وهي: أن لكل فرد الحق في التمتع بجنسيته، ولا يسلب هذا الحق منه مطلقاً.

    ثانياً: الحرمان من السفر والانتقال حتى إلى العاصمة التي يحتاج الناس إلى التردد إليها لبعض حاجاتهم.

    ثالثاً: وجود الاعتقالات والقتل والتعذيب دون مبرر، والأعداد في هذا مهولة جداً، يكفي أن نقول: إنه قتل في بدايات هذه الفتنة والمحنة التي مرت بإخواننا هناك أكثر من ثمانين ألف مسلم في فترة واحدة لا تتعدى العامين فقط، ولما تجددت النزاعات في عام (1947م) قتل كذلك عشرات الآلاف من المسلمين، وأما المهجرون فتبلغ أعدادهم أكثر من (اثنين مليون) مفرقين في كثير من أنحاء العالم في شرقه وغربه.

    رابعاً: الإجبار على أعمال الخدمة، وبدون مقابل وبدون أجر، وهذا أيضاً يناقض هذه القوانين.

    خامساً: تهجير المسلمين وتوطين البوذيين البورماويين في أماكن سكناهم.

    سادساً: نهب الأموال، وحصد المحاصيل، ومنع استيراد المواد الغذائية؛ سياسة تجويع وقتل تعارض جريمة الإبادة الجماعية أو الجنسية كما ذكرناها.

    سابعاً: منع المسلمين من ممارسة التجارة بأية صورة من الصور.

    ثامناً: الحرمان من الوظائف الحكومية مطلقاً.

    تاسعاً: مصادرة أوقاف المسلمين وأراضيهم الزراعية.

    عاشراً: إيجاد العقبات أمام التعليم بشتى صوره، وفي شتى مراحله.

    ويكفي أن نقول: إنه لا يوجد لهؤلاء المسلمين الذين يبلغ عددهم نحو ستة ملايين، ولا ممثل واحد في البرلمان، ولا في مؤسسة مطلقاً، إضافة إلى حرمانهم من كل هذه الأسباب والحقوق، ومع ذلك لا تجد لهذه القضية حظاً من القرارات الدولية.

    حقوق الإنسان في الأعراف الدولية وأوضاع المسلمين في فلسطين

    وهناك مثل آخر صارخ جداً يتعلق بأحوال المسلمين في دولة فلسطين السليبة، تجد أيضاً أن الوقائع أكثر من أن تحصى، وتجد أن هذه القوانين مجرد حبر على ورق.

    سأفيض هنا قليلاً في بعض الإحصاءات والأرقام المتعلقة بهذا الشأن، فسنجد في فترة زمنية محدودة تبلغ نحو عشر سنوات أنه صدرت في حق إسرائيل نحواً من عشرة قرارات من لجان حقوق الإنسان، وهذه القرارات نوجز ما ذكر عنها في فترات متباعدة، وهي كلها تدين وتشجب وتبدي الأسف وتنظر بعين القلق وما يلحق بذلك، ولا ينفذ من هذه القرارات شيء مطلقاً، بل إننا نجد أيضاً أن الدول الكبرى التي تدعي حقوق الإنسان ونحو ذلك أنها تعارض حتى هذه القرارات الهزيلة بصياغاتها الضعيفة جداً، فمن بين هذه القرارات نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية امتنعت في قرارين عن التصويت، وفي أربعة من هذه القرارات صوتت ضدها، وهذا أيضاً يدل على أن مسألة موازين القوى متعلقة بالعقائد والمصالح، وأنه ليست هناك قضية العدل وتحري إقامة القانون بموجب ما هو منصوص عليه.

    وهذه القرارات كما ذكرت تدعو دائماً إلى القضايا المنتهكة بالنسبة لحقوق الإنسان.

    الذي قتل من المسلمين الفلسطينيين عشرات الآلاف، أما المشردون فيبلغ عدد المهجرين من الفلسطينيين منذ بداية (1948م) إلى اثنين مليون ونصف ما يزالون خارج ديارهم وأرضهم، سواءً الذين لازالوا في المخيمات أو استوطنوا في بعض الديار، أو هاجروا إلى بلاد الشرق والغرب وغير ذلك.

    أحب أن أذكر وأشير إلى نص واحد من نصوص هذه القرارات حتى نرى هذه الانتهاكات المذكورة في نصوص قرارات الأمم المتحدة نفسها.

    هذا القرار رقم (10) في الدورة السادسة والعشرين في (23/ مارس/ 1970م) وعنوانه: إدانة خرق إسرائيل المستمر لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، يقول: إن لجنة حقوق الإنسان إذ تذكر المبادئ التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإذ تذكر قرار المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان رقم (كذا) في تاريخ (كذا)، وإذ تذكر قرار مجلس الأمن رقم (كذا) وقراره رقم (كذا) وقرار الجمعية رقم (كذا) وتلخص مضامين هذه القرارات، وإذ تذكر أيضاً قرار الدورة الخامسة والعشرين التي قررت تأليف لجنة لتقصي الحقائق، وإذ تضع نصب أعينها أن الاتفاقية السالفة الذكر ملزمة لإسرائيل، وإذ تعرب عن قلقها العميق بسبب الظروف المتدهورة الخاصة بحقوق الإنسان في المناطق المحتلة، وإذ تشعر بالانزعاج الشديد من التقارير الحديثة عن قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية بعملية طرد جماعي للاجئين، وقد تلقت ودرست تقرير فريق العمل، وتقرر الآتي:

    أولاً: تلاحظ بخيبة أمل رفض إسرائيل التعاون مع فريق العمل السالف الذكر الذي ألفته لجنة حقوق الإنسان.

    ثانياً: تؤيد النتائج التي انتهى إليها فريق العمل بشأن تطبيق (اتفاقية جنيف) الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب على كل المناطق المحتلة، وتفيد التقارير على أن هناك انتهاكات لتلك الاتفاقية في المناطق الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

    ثالثاً: تدين إسرائيل لرفضها تطبيق تلك الاتفاقية وخصوصاً الانتهاكات التالية:

    - التدمير الكلي والجزئي لقرى ومدن في المناطق المحتلة.

    - إقامة مستوطنات إسرائيلية في المناطق العربية الخاضعة للاحتلال العسكري.

    - عمليات ترحيل وطرد السكان المدنيين غير القانونية.

    - الأعمال القسرية لإرغام السكان المدنيين الخاضعين للاحتلال على التعاون مع السلطات ضد إرادتهم.

    - إلغاء القوانين القائمة في المناطق المحتلة.

    - كل سياسات وإجراءات العقاب الجماعي.

    رابعاً: تأسف على السياسات والأعمال الرامية إلى ترحيل اللاجئين الفلسطينيين.

    خامساً: تعرب عن قلقها العميق إزاء استخدام وسائل القسر لانتزاع المعلومات والاعترافات انتهاكاً لنصوص الاتفاقية المعنية.

    - سوء معاملة وقتل المدنيين دون أي استفزاز.

    - اعتقال الناس بأوامر إدارية لفترات تجدد تلقائياً إلى ما لا نهاية.

    - حرمان هؤلاء المعتقلين من أي ضمان خاص في مدة الاعتقال.

    - حرمان المتهمين من استشارة محام يختارونه.

    - تدمير واغتصاب الممتلكات المنقولة وغير المنقولة.

    سادساً: تدعو إسرائيل مرة أخرى إلى التقيد بدقة لتلك الاتفاقية.

    سابعاً: تدعو إسرائيل إلى القيام حالاً بالآتي:

    - إلغاء جميع الإجراءات والكف فوراً عن القيام بأي عمل مناف للقوانين.

    - الإحجام عن إقامة المستوطنات.

    - أن تكف فوراً عن إجبار سكان المناطق المحتلة التعاون مع السلطات.

    - ضمان العودة الفورية للمهاجرين إلى ديارهم.

    - الكف فوراً عن ترحيل المدنيين.

    تاسعاً: تثني على فريق العمل الخاص على ما قام به، وتقرر أن يستمر في التحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية لهذه الاتفاقيات، وتبحث بصورة خاصة عن الدلائل المتعلقة بحالات التعذيب، كالحالات الأخرى لانتهاك الاتفاقية مثل إقامة المستوطنات.

    وأخيراً: تدعو إسرائيل لاستقبال فريق العمل الخاص والتعاون معه، وتقرر الاستمرار في إدراج مسألة انتهاك حقوق الإنسان في تلك المناطق في جدول أعمال اللجنة، وتطلب من الأمين العام نشر التقرير، وتطلب أيضاً أن يرفع تقرير فريق العمل الخاص إلى الجمعية العامة.

    هذا نص القرار وكله إعراب وتنديد وشجب وأسف وحزن وغير ذلك، ثم نجد أن الذين صوتوا ضد هذا القرار كثير، ومن الدول التي امتنعت عن التصويت على هذا القرار: فرنسا، وبريطانيا، وأمريكا وغيرها من الدول.

    هذا الكلام الذي كما ذكرت لا يعدو أن يكون حبراً على ورق ومع ذلك نجد أن الدول العظمى التي تدعي رعاية حقوق الإنسان وبقوانين نفس الأمم المتحدة وبتقارير خبرائها وبإشرافها المباشر وتحقيقاتها المباشرة، نجد أن كل القرارات التي تقدمت بها لجان حقوق الإنسان لم تلق أبداً أية استجابة لا في قليل ولا في كثير، بل إن إسرائيل تندد بهذه القرارات وتعتبرها نوعاً من الظلم، أو استهلاكاً دعائياً كما ورد في تصريحات كثيرة لهم، حتى إن لجان حقوق الإنسان في تقاريرها السنوية أصبحت لا تستطيع أن تدرج تقرير إسرائيل ضمن التقرير العام، فتفرد لها كتيبات أو كتب خاصة بأحوال حقوق الإنسان في أرض فلسطين.

    حقوق الإنسان وأوضاع المسلمين في الهند

    لو تأملنا لوجدنا أن الأمر ليس فقط في هذه الدائرة، فإننا نجد الهند على سبيل المثال وفيها أكثر من عشرين ومائة مليون مسلم، ويعتبرون أقلية في مقابل عدد سكان يقرب من ثمانمائة مليون، وهؤلاء أيضاً يسامون القتل والتشريد والاعتقال على الأيدي الرسمية الحكومية، وأيضاً لا تجد إلا بعض القرارات والمناشدات القليل أو كثير من الأسف، وتجد أيضاً أن هذه الممارسات تبلغ حداً يصل إلى اللا إنسانية كما يقولون.

    إذ معلوم أحول المسلمين في الهند، وخاصة في أحداث محاولة هدم المسجد البابري وكذلك في الأحداث السابقة في أثام وغيرها حيث استباحت قوى الشرطة وقوى الجيش دماء المسلمين وأعراضهم وديارهم وأحرقتهم ودمرت كل شيء، ومع ذلك ليست هناك أي فاعلية بصورة قريبة أو بعيدة لهذا القانون أو هذه الموازين الدولية.

    حقوق الإنسان وأوضاع الدعاة والعلماء والملتزمين في تونس والجزائر

    إننا نجد أيضاً حتى في البلاد العربية أن الدائرة تدور على دعاة المسلمين، وعلى من يلتزمون بإسلامهم؛ لا لشيء إلا لأنهم فقط يعلنون الالتزام الكامل التام بهذا الدين، فنجد أن الدائرة تدور عليهم وتمتلئ السجون بهم، على سبيل المثال: في تونس يبلغ السجناء من المسلمين ومن الدعاة أكثر من ثلاثين ألفاً، بل بعض الإحصاءات تبلغ بها إلى نحو خمسين ألفاً من المعتقلين، وليست لهم أدنى حقوق إنسانية مما ذكر في هذه الإعلانات، ومع ذلك لا تجد مثل هذه النداءات والصيحات؛ لأن القضية تدور رحاها على المسلمين، بينما في الأخبار نسمع أن الدول الأوروبية توقف مساعداتها عن ملاوي إلا المساعدات الإنسانية، لماذا؟ قالوا: بسبب أوضاع حقوق الإنسان المنتهكة، وبالتالي لابد من معاقبتها؛ لئلا تنتهك حقوق الإنسان، بينما نجد كثيراً من الانتهاكات التي تصب على المسلمين لا يكون لها أي إجراء عملي لا من قريب ولا من بعيد.

    وكذلك بالنسبة لتونس أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً خاصاً عن تردي الأحوال للسجناء من الدعاة والخطباء والأئمة وغيرهم، ومثل تونس بعض الدول الأخرى، مثل الجزائر فأحوال المسلمين فيها سيئة.

    حقوق الإنسان وأوضاع المسلمين في سيرلانكا والبوسنة والهرسك

    سيرلانكا قتلت قوات التاميل فيها المسلمين في مساجدهم، وانتهبت أموالهم ،وهتكت أعراضهم، وبقرت بطونهم، وما أحداث البوسنة والهرسك التي تجري رحاها في هذه اللحظات عنا ببعيد، والمتأمل يرى الصورة واضحة لا تحتاج إلى تفكير.

    كل الصور عداء على المسلمين رغم اختلاف المعتدين، في سيرلانكا التاميل، وفي بورما البوذيون، وفي البوسنة والهرسك الصربيون النصارى، وفي الهند: الهندوك، وفي إسرائيل يهود، والمعتدى عليه في كل الأحوال مسلمون يذبحون ويقتلون، ولا يسمع بهم أحد، ولا يكترث لهم أحد، وأكثر ما يمكن أن تقوم به المنظمات الدولية هي إصدار قرارات مثل هذه القرارات التي ذكرت بعضاً منها.

    وهذا الأمر كما أشرت أوضح من أن يوضح، والإحصاءات والأرقام كثيرة جداً، حتى إنني لم أستطع أن أختار منها شيئاً، فآثرت الإيجاز والإجمال في هذه القضايا، هذه قضية واحدة من هذه القضايا وهي قضية الموازين الدولية.

    1.   

    ضرورة الانصياع لقرارات مجلس الأمن والكيل بمكيالين

    النقطة الثانية التي يكثر الحديث عنها الآن بشكل كبير جداً، هي: ضرورة الاستجابة والانصياع والرضوخ لقرارات مجلس الأمن، ومجلس الأمن في صورته النظامية أو القانونية هو عبارة عن المكتب التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة، يعني: هو الذي يمارس دورها وأعمالها بشكل دائم.

    بمجرد النظر في بعض قوانين مجلس الأمن يظهر من خلاله بعض التناقض مع أساس ميثاق الأمم المتحدة، التي تجعل الدول والأمم كلها على مستوى واحد من حق السيادة والتصويت والمركز المعنوي الاعتباري لهذه الدول، بينما نجد أن مجلس الأمن كان في أصل إنشائه يتكون من أحد عشر عضواً، منهم الخمسة الأعضاء الدائمون وهم الدول الكبرى أو العظمى، والآن تهاوت هذه الأسماء والألقاب، ولم يبق في الساحة إلا القوة العظمى التي تنسب إلى الولايات المتحدة في الوقت المعاصر، أما بريطانيا التي كانت لا تغرب عنها الشمس فقد أصبحت الشمس غائبة عنها طول عهدها وعصرها، والاتحاد السوفيتي أصبح أثراً بعد عين، وأيضاً فرنسا تزاحم، والصين في منأىً عن الخارطة السياسية في كثير من الأحوال، وتعاني كثيراً من المشكلات، ويوشك بإذن الله سبحانه وتعالى ألا تبقى في الأرض قوة عظمى إلا قوة الإسلام بإذن الله سبحانه وتعالى.

    مجلس الأمن يقرر أنه لا تعتبر القرارات سارية المفعول إلا إذا صوت عليها تسعة من الأعضاء، بعد ذلك زاد أعضاء مجلس الأمن إلى خمسة عشر عضواً، تسعة من الأعضاء يشترط أن يكون بينهم الخمسة الدائمو العضوية في المجلس، وإذا لم يصوتوا أو امتنعت إحدى الدول عن التصويت فقانونياً هناك إشكال، لكن إجرائياً إذا لم تعترض بصورة واضحة يمكن أن يقر القرار، لكن هناك النظام المشهور وهو حق النقض الذي يسمى (الفيتو)، وهو تدمير وتحطيم وإلغاء لكل قانون، ليبقى قانون القوة أو قانون الهوى هو الذي يحكم. وعندما يأتي قرار أو تأتي قضية إلى مجلس الأمن، ويتبنى مشروعاً أو قراراً مهما كان هذا القرار عادلاً أو منصفاً أو غير ذلك، ومهما أجمعت عليه دول أو أيدته دول، تأتي واحدة من هذه الدول الأعضاء الخمس الدائمة العضوية: أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين، فتقول فقط كلمة واحدة: (فيتو)؛ ليسقط كل شيء، وينتهي الاجتماع، ويلغى القانون، ويتحطم كل شيء بكلمة واحدة، ورفعة يد واحدة، وينتهي الأمر!

    وهذا النقض يكرس هذا الضعف في صميم هذه القوانين فضلاً عن أننا بتجاوزنا لهذا الأمر فإننا نجد فاعليتها ضعيفة جداً.

    قرارات مجلس الأمن في كشمير أنموذجاً

    أضرب أمثلة وجيزة لضعف قرارات مجلس الأمن: فكشمير كانت مع بقية مناطق شبه القارة الهندية واقعة تحت الاحتلال البريطاني، ثم لما انسحبت بريطانيا ورفعت انتدابها، كان من ضمن القرارات الرسمية في هيئة الأمم المتحدة أن تبقى الهند مستقلة، وباكستان مستقلة، وأن الإمارات التي كانت تسمى بالإمارات الهندية يبقى لها حق الاختيار، إما أن تكون مستقلة أو أن تنضم إلى الدولة التي تريدها إما الهند أو باكستان.

    بالنسبة لكشمير كان غالبية سكانها من المسلمين، وهي أرض إسلامية عريقة، دخلها الإسلام منذ عهد مبكر في أوائل قرون الإسلام الأولى، بينما كان الحاكم الموضوع في فترة الانتداب البريطاني وفي فترة التسلط الهندوكي بوذياً، فأراد هذا الحاكم البوذي أن يضم كشمير إلى الهند، والمسلمون -وهم الغالبية العظمى في كشمير- أرادوا أن ينضموا إلى باكستان، فعرضت القضية على مجلس الأمن، والعجيب أن الهند هي التي عرضت القضية وقالت: إن هناك تحرشات تهدد الأمن والسلام العالمي، وفي القانون أن أي دولة تقدم شكوى لابد أن تستند إلى نصوص القانون، وتبين مدى خطورة الأمر الذي ينقض أو يعارض هذه القوانين أو المواثيق المتعلقة بالأمم المتحدة.

    لنلاحظ ونتدرج مع هذه القضية كيف سارت؟

    في عام (1948م) أخبر مندوب الهند في الأمم المتحدة عن وجود هذه المشكلة، ثم شبت الثورة، وبدأ القتال، فمجلس الأمن نادى جميع الأطراف بالامتناع عن كل ما من شأنه الإخلال بالمواثيق الدولية، ثم أعلنت الدولتان استعدادهما لتجميد المسألة.

    ثم شكل مجلس الأمن لجنة تحقيق للتحري في القضية، وبذل الوساطة، وإجراء استفتاء للشعب الكشميري؛ حتى يختار حق تقرير مصيره بنفسه كما يقولون، لكن ما بدأت اللجنة أعمالها إلا وقد احتلت الهند ثلثي مساحة كشمير بقوة السلاح وبقوة الواقع مباشرة، وبعد ذلك اختير رجل عسكري أمريكي ليكون مفوضاً دولياً لإجراء الاستفتاء مع لجنة لإقامة هذا الاستفتاء حتى يتم إقراره واعتماده، ولم تنجح اللجنة ولم يتحقق تقدم، ثم في عام (1951م) و(1952م) -يعني بعد ثلاث سنوات من هذه القضية- بدأ بعض التقارب، وكرر مجلس الأمن نداءه بتوقف إطلاق النار، ولكن الهند رفضت.

    في عام (1953م) أسست الهند جمعية تأسيسية مؤيدة لها، وأعلنت الولاية جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد الهندي، وضمتها إليها رسمياً كما ضمت إسرائيل في أوائل الثمانينات الجولان والمناطق الأخرى التي احتلتها في عام (1967م).

    في عام (1957م) -يعني بعد أربع سنوات- اشتكت باكستان إلى مجلس الأمن، وطالبت بسحب جميع القوات الهندية الأجنبية من ولاية كشمير، وضرورة إرسال قوات دولية.

    في (24) كانون الأول عام (1957م) قرر مجلس الأمن بأغلبية عشرة أصوات عدم الاعتراف بخطوات الهند وضمها لكشمير، وبقاء الحالة الراهنة في كشمير.

    بعد ثلاثة أيام من هذا التاريخ أعلنت الهند في عيد استقلالها ضمها لكشمير ضماً رسمياً نهائياً، فيصبح مجلس الأمن وقراراته تحت حذاء الهند عملياً، ثم استخدم الاتحاد السوفيتي حق الفيتو عندما دعا مجلس الأمن لمعالجة الموقف.

    ثم في عام (1965م) لم يكن هناك أي حل، بل ازدادت المسألة شراسة، وازدادت الحروب، وأصدر مجلس الأمن عدة قرارات بوقف إطلاق النار.

    وفي عام (1966م) تم التوصل إلى الاتفاق بتشجيع الاتحاد السوفيتي، وتم توقيعه في طشقند، واستخدم في هذا الاتفاق (دبلوماسية)، بحيث يبقى جو النزاع مستمراً، ولا يزال الوضع حتى الآن متأزماً كما هو، ومتفجراً بين فترة وأخرى، ولم يحصل هناك أي حل.

    يقول أحد خبراء القانون الدولي تعليقاً على مسألة كشمير: إن فيها أكثر من درس، منها: أنه خلال أكثر من عشرين سنة من بداية جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يقدم إلى أقل القليل لإيقاف الفرقاء من قتل بعضهم البعض، وحتى ذلك القليل ما تحقق إلا في وقت متأخر جداً.

    وكذلك ظهر تحدي الهند كعضو في الأمم المتحدة لقرارات الأمم المتحدة ومعارضتها لها معارضة مباشرة، دون أن يكون هناك أي إجراء عملي لمعاقبة الهند، أو كما يقال الآن: إلزامها بضرورة الامتثال لقرارات مجلس الأمن، وإلا فإنه ستكون هناك عقوبات إلى آخره.

    قرارات مجلس الأمن والقضية الفلسطينية

    لو أخذنا مثالاً آخر وهو: القضية الفلسطينية التي تعد مثالاً صارخاً لتجاهل قرارات الأمم المتحدة، وأذكر فقط أنه في خلال عشر سنوات صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة نحو ثمانية وستين ومائة قرار في شأن قضية فلسطين، وصدر من مجلس الأمن في هذه الفترة التي تنتهي بعام (1974م) سبعين قراراً، وصدرت تسعة قرارات من مجلس الوصايا، وصدرت أكثر من خمسة عشر قراراً من لجان حقوق الإنسان، وقرار من المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، وقرار من اللجنة الخاصة بحقوق المرأة، وكل هذه القرارات تبخرت وذهبت أدراج الرياح.

    نلاحظ في قرارات مجلس الأمن أيضاً أن الضغوط التي تمارسها القوى الكبرى لها أثر كبير في إقرار الأمور، وقلب الموازين، وعدم إحقاق الحق بالنسبة للمسلمين.

    فهذا قرار التقسيم برقم (181) إلى آخر القرارات التي ما تزال المطالبة بها مثل قرار (242) هذا القرار ينص على أن على إسرائيل أن تنسحب عن أراض احتلت في النزاع الأخير، وهذا السطر الأول من القرار هو الذي يشرق الناس به الآن ويغربون، وكما ذكرت مذكرة الضمانات الأمريكية قبل بدء المفاوضات أن لكل دولة أن تفسر القرار بالتفسير الذي تراه مناسباً لها، وإسرائيل تفسر القرار بأنها انسحبت من سيناء وانتهى الأمر وقد تحقق هذا الغرض.

    وأما الأرض مقابل السلام فقد قالت إسرائيل: السلام مقابل السلام وهذا يكفي.

    في حرب (1967م) في يوم (5) يونيو، ومع ذلك ما استطاع مجلس الأمن أن ينعقد في نفس اليوم ولا في اليوم الثاني ليصدر قراراً حتى صدر قرار في آخر يوم (6) يونيو، ثم في يوم (7) صدر قرار آخر بوقف إطلاق النار، ثم في يوم (9) صدر قرار ثالث بوقف إطلاق النار، وكلها تتحطم باستمرار إسرائيل وسياسة الأمر الواقع، تقدمت إسرائيل واحتلت سيناء واحتلت الضفة الغربية واحتلت الجولان، ثم بعد ذلك جاء التوقف وجاء حل النزاع، وجاءت المفاوضات والسنوات الطويلة سنة إثر سنة وقرار إثر قرار، وتبقى الأوضاع كما هي حتى الآن، وهذا يؤكد عدم وجود الفاعلية والواقعية.

    قرارات مجلس الأمن وقضايا المسلمين عامة

    يتأكد لدينا أنه ليس هناك استخدام للمادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على ضرورة إجراء العقوبة وتعليق العضوية، واستخدام العقوبات الجماعية المقاطعة لكل من يرفض الانصياع لقرارات مجلس الأمن، بينما نرى الصورة الأخرى تجاه القضايا الإسلامية نجد أنها ما حظيت بشيء من الاهتمام ولا وصلت إلى أي صورة يمكن أن تكون محقة، أو تقدم وتكرس شيئاً من الحقوق للمسلمين، بينما على العكس من ذلك نجد مثلاً القضية المثارة الآن في ليبيا، أو حتى قضية العراق في أزمة الخليج بغض النظر عن أحقية وجدارة القضيتين نجد كيف كانت كثير من الدول العظمى تسعى وترغب في ذلك، كيف تصعدت المسألة ليس بسبعين قراراً بينما قرارات مجلس الأمن بالنسبة لإسرائيل أظنها تبلغ أكثر من مائة وخمسين قراراً أو نحو ذلك.

    أما ما يتعلق بليبيا وأزمة الخليج فهي قرارات محدودة وفي فترة وجيزة ليس على مدى بعيد من عام (1948م) وقت قيام دولة إسرائيل وإلى الآن أكثر من أربعين سنة وكل القرارات لم يتخذ حيالها أي قرار إجرائي، بينما كانت هناك عدة قرارات من مجلس الأمن تنص آخر فقرة فيها على أنه في حالة عدم الاستجابة فسوف يتخذ المجلس إجراءات أخرى، وفي القرار الذي بعده يأتي بنفس الفقرة الأخيرة: في حالة عدم الاستجابة سوف يتخذ المجلس إجراءات أخرى، وهكذا يستمر الحال دون أي صورة لهذا الميزان أو لهذه القضية.

    1.   

    التمييز العنصري في الموازين الدولية ونصيب المسلمين منه

    النقطة الرابعة: التمييز العنصري الذي صدرت فيه الاتفاقية في الأمم المتحدة أيضاً، نجد أن التمييز العنصري دائماً يكون خاصاً بالمسلمين، سواءً كانوا في بورما أو كما هو الحال الآن في إسرائيل أو في كثير من البلاد مثل الهند ومثل سيريلانكا، إنها تميز المسلمين تمييزاً عنصرياً لا حق له، بل لا جنسية له، بل لا قيمة له في أي معنى من معاني الحقوق؛ بسبب شيء واحد فقط وهو أنه مسلم لا غير، وهذا أيضاً أمر واضح، ومن عجيب قرارات الأمم المتحدة التي تكرس انقلاب واختلال الموازين أن الجمعية قررت في الفترة القريبة الماضية إلغاء القرار الذي أصدرته في عام 1975م الذي كان يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، ألغي هذا القرار وكأن إسرائيل تخلت عن عنصريتها، ومع أنها ما زالت تزداد في هذه العنصرية وتبالغ فيها، ومع ذلك بمجرد تصويت ثلثي المجلس على أن الأسود أبيض أو الأبيض أسود فإنه يصدر القرار بهذا وإن كان منافياً للحق والعدل، فالقضية باعتبار الموازين والأنظمة والقوانين التي يجعلونها أمامهم.

    1.   

    إبادة الجنس ونصيب المسلمين منه

    النقطة قبل الأخيرة: جريمة إبادة الجنس، وهي الآن تمثل واضحة جلية في البوسنة والهرسك، وهي ليس لها من تحليل ولا توصيف قانوني إلا أنها إبادة للمسلمين إبادة كاملة؛ لأنها تشكل كل أنواع البغي، سواءً بالقصف المدفعي أو بالأسلحة الرشاشة أو بالذبح بالسكاكين، كل الصور هي نوع من قتل لكل إنسان، الصغير والكبير، حتى الذين في بطون أمهاتهم بقرت البطون، وقتلت هذه الأجنة في بطون الأمهات، ومع ذلك كانت القوة التي أرسلتها الأمم المتحدة ثلاثمائة فقط من الجنود، انسحبوا قبل أيام قلائل؛ لأن الوضع الأمني قد تردى، فكان لابد من الانسحاب؛ حفاظاً على أرواح جنود الأمم المتحدة، وما يزال القصف والقتل والعسف مستمراً في هذه المناطق الإسلامية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج الكرب ويزيل الغم.

    1.   

    حرية الأديان والموازين الدولية

    حينما ينظر الإنسان في بعض القضايا يجد أيضاً مسألة حرية التدين التي يذكرونها ويدندنون عليها، نجد أن في بورما يضطر المسلمون تحت التعذيب أن يدخلوا في البوذية، أو في صربيا الآن يضطرون إلى أن يدخلوا في النصرانية، وأذكر تأييداً لهذا خبراً من الدول الديمقراطية الغربية المتحضرة، فهذا الخبر يقول: قررت وزارة الخارجية الألمانية استدعاء سفيرها في المغرب واسمه ويل فرد هوفمان قبل انتهاء مدة خدمته والتحقيق معه؛ بسبب الكتاب الذي يستعد لإصداره باللغة الألمانية بعنوان: الإسلام هو البديل.

    لا زال يستعد لإصدار الكتاب ومع ذلك استدعي للتحقيق معه، وبعث وكيل وزارة الخارجية لشئون الشرق الأوسط ببرقية سرية إلى السفير في الرباط حذره فيها من الوضع الخطير الناشئ عن دعوته للأفكار الإسلامية، وتجاهله لوظيفته كممثل لدولة ديمقراطية غربية، وحذر السفير من تأثير معتقداته الدينية على عمله الرسمي، ورفع عنه تقرير من قبل خبير في وزارة الخارجية، وهذه صورة من صور عدم إقرار هذه القضايا إلا فيما يوافق هوى تلك الدول.

    وبالجملة نجد أن هذه الموازين في كثير منها لا يجد الإنسان لها صورة مقبولة في الواقع العملي إلا فيما ندر.

    1.   

    حقائق واقعية لابد منها

    أقف الآن أمام حقائق واقعية من خلال هذا الاستعراض وهي: أن المسلمين لابد أن يعلموا أن الاحتكام الكامل والاستسلام الكامل لا يكون إلا لشرع الله سبحانه وتعالى، ولا يكون استسلام وقبول لغير حكم الله سبحانه وتعالى من القوانين الوضعية؛ وذلك لأنها تتضمن بعض الفقرات التي تعارض الشريعة الإسلامية مثل: حرية التدين، وحرية الزواج رغم اختلاف الأديان، وغير ذلك من الجزئيات التي فيها معارضة تماماً لنصوص الشرع.

    النقطة الثانية: أن هذه القوانين رغم أنها تريد أن تكرس العدل وسيطرة القانون وتحقيق المساواة وإقامة الحرية وإشاعة الديمقراطية، إلا أنها في جوهرها وفي نصوصها من التناقض ما يجعلها لا تستطيع أن تفي بهذا الأمر، بل في نفس قوانينها ما يزعزع الثقة بها، فنفس قضية أو قانون حقوق الإنسان يتضمن مادة عما يسمى بقانون الطوارئ يقول: يستثنى من هذه الحقوق ما يكون من انهيار الحالة الأمنية التي تستدعي الدول إلى إعلان حالة الطوارئ مع التأكيد على عدم زيادة الحد بحيث يكون هناك اعتداء على الحريات الشخصية أو غيرها.

    قوانين الطوارئ هذه تفتك بالمسلمين في كل بلاد العالم وفي كثير من ديار الإسلام، وفي كثير من ديار العرب للأسف، وكما هو الحال في مصر قانون الطوارئ مستمر له أكثر من ستة عشر عاماً متواصلة، ويجدد مرة بعد مرة، بينما هذا ينقض هذا الأصل كما هو معلوم.

    وهذه القوانين في ذاتها ما ينقضها كما أشرنا إلى حق الفيتو في مجلس الأمن.

    النقطة الثالثة: أن الناظر يرى في هذه القوانين عند تطبيقها أنها بالنسبة للمسلمين إما أن قضاياهم لا تحظى بالاهتمام، أو أنها بالعكس تحظى باهتمام مغاير ومعاكس، ويكون التمييز ضدهم واستغلال هذه القنوات والقوانين لسلبهم حقوقهم ولإيقاع الظلم بهم، وهذا ظاهر إلى حد كبير.

    النقطة الرابعة: أن هذه الصورة التي عرضنا كثيراً منها في حقيقة الأمر تعطل القضايا وتجعل كسبها لغير صالح المسلمين، وتجعل هذه المباحثات والمداولات نوعاً لكسب الوقت، ليتمكن الأعداء كما حصل في الهدنة الأولى والثانية في فترة النزاع أو القتال بين العرب وإسرائيل في عام (1948م).

    النقطة الخامسة: أنه بعد استقرار الأوضاع لغير صالح المسلمين تكرس هذه الأنظمة صعوبة التغيير، بمعنى: أن استقرار الأوضاع يبقى التغيير لابد له من قرار، والذي يحاول التغيير المباشر في الواقع العملي لوقوف الطرف الآخر باستصدار قرارات أو باستدعاء الأمم المتحدة مرة أخرى.

    النقطة السادسة: أنه ليست هناك جدية في الممارسة التغييرية عند صدور هذه القرارات، بل في الغالب الأعم أنها تكتفي بإصدار قرارات خاصة في قضايا المسلمين، وهذا أمر ظاهر.

    النقطة الأخيرة: أن القرارات تتأثر تأثراً كبيراً بالميول العقائدية والمصالح الذاتية للدول وخاصة الدول الكبرى، فلذلك إذا لم تكن للمسلمين قوة في دولهم وقدرة على التأثير فإنه لا يرجى من وراء ذلك خير.

    1.   

    حقائق إيمانية

    أختم ببعض الحقائق الإيمانية التي لابد من استحضارها في ضوء هذه الصورة، التي فيها نوع من السواد أو الشدة والظلمة.

    النقطة الأولى: لابد من وضوح الحقائق الإيمانية القرآنية، كما في قوله سبحانه وتعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى [البقرة:120]، وكما في قوله سبحانه وتعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ [المائدة:82]، وكما قال الله سبحانه وتعالى في شأن الكفار جميعاً: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:10].

    النقطة الثانية من الحقائق الإيمانية: ضرورة تكريس حقيقة الولاء والبراء في ضوء قول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51].

    النقطة الثالثة: أن هذه الظروف والأحوال والأوضاع والظلم والموازين المختلة تدفع المسلمين إلى معرفة الحقيقة المهمة، وهي أنه لا قيمة لهم مالم تكن لهم وحدة ومالم يكن لهم نصرة فيما بينهم، وهذا يدفع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية ونصرة المسلمين لإخوانهم في كل مكان بشتى الوسائل والسبل، سواءً كانت النصرة المعنوية أو الإعلامية أو بالمال أو بالنفس أو بكل صورة من الصور؛ لأنه ينبغي أن يعلم أنه لن ينصرهم بعد الله سبحانه وتعالى أحد إلا إخوانهم المسلمون المؤمنون:

    كل الشعوب لها سيف تصول به عند الملمات لما يعصف الغضب

    كل الشعوب لها وزن وقافية لها شراع لها سمت لها أرب

    ونحن مثل هشيم ضل وجهته فحيثما قلبته الريح ينقلب

    هذا الوضع الذي يمر بالمسلمين الآن حينما يرون الهجمة الشرسة، حينما يرون العداء للإسلام فيه فوائد منها: أنه يتولد في النفوس شعور بضرورة الالتزام بالإسلام، والتوحد على هذا الإسلام، والتقوي بالوحدة الإسلامية في مواجهة هذا العداء المتكالب.

    النقطة الرابعة: معرفة أن القوة اللازمة في هذا الصراع هي قوة الإيمان والعقيدة؛ لأن الآخرين إنما ينطلقون من منطلقات عقائدية، وينبغي أن نلغي فكرة أن الصراعات مبنية فقط على مجرد اختلافات أو مجرد نزاعات أو عرقيات، أكثر هذه النزاعات منبثق من الناحية العقائدية ثم المصالح الذاتية.

    النقطة الأخيرة: هذه الأمور تدفع المسلمين إلى ضرورة تكريس العمل على الالتزام بالإسلام والدعوة إليه وإحياء مفاهيمه وربط الناس به، وأن تكون الجولة القادمة بإذن الله سبحانه وتعالى هي جولة انتصار الإسلام والمسلمين بفضل تمسكهم بدينهم.

    المسلمون ما هزموا إلا بتخليهم عن الدين، ولن ينصروا إلا بتمسكهم بهذا الدين.

    وأخيراً أقول: إن بشائر النصر رغم سواد هذه الصورة كبيرة وكثيرة جداً إن شاء الله تعالى، سواءً ما تحقق في أفغانستان، ونرجو أن يتمه الله سبحانه وتعالى بفضله، وسواءً الأخبار الجديدة في طاجيكستان التي رفعت لواء الإسلام وبدأت تمارس هذا التطبيق بالقوة بعيداً عن القرارات، وأيضاً بظهور الحركات الجهادية الإسلامية التي ينبغي أن تدعم وتقوى؛ لأنها هي الأسلوب الأمثل في إقرار الواقع، بدلاً من المداولات والقرارات التي رأينا صورتها كما تجسدت وهي صورة هزيلة لا أثر لها في الواقع، وينبغي أن يكون لسان الحال كما قال القائل حينما استفرغ جهده وصبره، وعلم الناس كلهم اليوم خاصة في بعض قضايا المسلمين، مثل: قضية فلسطين أنه لا أمل يرجى من الأقوال والمداولات والمؤتمرات؛ لأنها مرت بها ليس سنوات ولا عشر سنوات بل عشرات السنين ويرى أنه ستستمر هذه السنوات باستمرار هذه الممارسات، ولذلك قال القائل:

    غص المفاوض صوته فتكلم بلسان نار يا كتائب! أو دم

    لم يفهم المحتل من خطبائنا فلتفهموا المحتل ما لم يفهم

    ما أيد الحق المضاع كمنطق تدلي به شفة السلاح الأبكم

    تتحرر الأوطان بالدم وحده إن الخطابة رأس مال المعدم

    قد دق ناقوس الجهاد فأنصت ودعا الحمى أبطاله فتقدم

    من قال إني أعزل وبكفه حجر فليس إلى الكنانة ينتمي

    هكذا هذه الحركات الجهادية في أريتريا وفي الفلبين وفي غيرها، هي أيضاً نوع أمل جديد لهذا الإسلام ولهذه الأمة المسلمة.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتمه وأن يكمله، وأن الله سبحانه وتعالى يفرج الهم والكربة عن إخواننا المسلمين، وأن يجعل العاقبة للمتقين والدائرة على الكافرين والمجرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    طلب إصدار فتوى للقنوت في الصلوات للمسلمين

    السؤال: أيضاً بعض الإخوة يذكرون أن مآسي المسلمين كثرت وخاصة الآن بالنسبة في البوسنة والهرسك، ويذكر الأخ أنه لو ذكر لكبار العلماء بإصدار فتوى أو نداء للقنوت في الصلوات؟

    الجواب: الحقيقة أن القنوت كما سبق أن أشرت وحضر ذلك بعض الإخوة في الجمعة الماضية أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت لأفراد قلائل من المسلمين كانوا يضطهدون في مكة، فأولى وأجدر بذلك هم المسلمون الذين يبادون، وهذا اقتراح حسن إن شاء الله تعالى يعمل به مباشرة بالاتصال الهاتفي أو الكتابة.

    أخبار البوسنة والهرسك

    السؤال: يسأل بعض الإخوة عن آخر أخبار البوسنة والهرسك؟

    الجواب: أخبار الليلة الماضية أن القصف المدفعي متواصل باستمرار وبشدة على سراييفو العاصمة، وما تزال الأوضاع متردية، وأعلن الصرب الموجودون في البوسنة والهرسك نوعاً من تشكيل حكومة في بعض المناطق التي أرادوا أن تكون ملكاً لهم، وجعلوا هناك تقسيمات منها: أن يجعل (15%) من هذه البلاد فقط للمسلمين والباقي للصرب، والجزء الباقي للكروات، وهددت هذه القوات الصربية الأمم المتحدة بأنه ينبغي أن تتخذ اللازم نحو الاعتراف بهذا، وللأسف نما إلى علمي أن بعض الدول الإسلامية اعترفت بهذه الصورة الجديدة التي سميت بيوغوسلافيا الجديدة، أما الأوضاع المأساوية فللأسف كما هي، ولذلك ندعو إخواننا للتبرع مرة أخرى، والدعوة اليوم موجهة من لجنة البر للتبرع للبوسنة والهرسك، والصناديق أيضاً عند أبواب المسجد، وهناك أيضاً يذكر الأخ أن قضية الجهاد هي حل أمثل لكثير من قضايا المسلمين، وقد أشرت أن نداءات الجهاد التي بدأت في كثير من بقاع الإسلام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكلل جهودها بالنصر، وأن يقوم المسلمون أيضاً لدعمها ونصرتها بكل سبب ووسيلة.

    أخبار أفغانستان

    السؤال: بعضهم يسأل عن آخر الأخبار في أفغانستان؟

    الجواب: الأخبار الأمنية مستتبة، وليس هناك اشتباكات مطلقاً، وأخبار المفاوضات كثير منها يبشر بالخير بين قادة المجاهدين، وفيها كثير من التقدم والإيجابية، إلا ما نشر في صباح هذا اليوم مما لم أعلم حقيقته بعد، أما ما نشر من الأخبار وما بلغ من الأخبار بالأمس والذي قبله، فإنها كانت تدل على كثير من التقارب في وجهات النظر، وإزالة لبعض خلافات الرأي بين المجاهدين، وهذا إن شاء الله تعالى يحقق الأمر الذي يأمله جميع المسلمين في أن تتفق الكلمة، وهي الآن في صورة شبه إجماعية حتى يأذن الله سبحانه وتعالى بأن يتمموا ما أرادوا بعد المجلس الانتقالي والذي من المفروض أن تنتهي مدته بعد نحو أربعة أسابيع.

    فوائد الثقة بنصر الله

    السؤال: من الدروس لما يذكر الأخ: الثقة بنصر الله سبحانه وتعالى؟

    الجواب: هذه الثقة دروسها كثيرة، من كان يصدق أن طاجيكستان التي ظلت تحت الشيوعية أكثر من أربعة وسبعين عاماً، ثم سقطت الشيوعية ورأى الناس أن الحكم الباقي مثل الشيوعية فثاروا عليه، واستطاعوا رغم هذه السنوات أن تبقى روح الإسلام وحب الإسلام والمناداة بالإسلام في نفوسهم، حتى يكون مطلباً عاماً لكل الناس، ثم يقرونه، والأمر أعظم من أن تحيط به قوى الشرق أو الغرب أو القوى العظمى والصغرى، فإن الله سبحانه وتعالى بالغ أمره، وهو جل وعلا قد جعل لكل شيء قدراً، لكن لابد للعباد أن يبذلوا الأسباب الإيمانية المعنوية وكذلك الأسباب المادية.

    مبشرات في زمن الاستضعاف

    السؤال: يريد أحد الإخوة شيئاً من أحاديث البشارات؟

    الجواب: قلت في أول الحديث: إن الوضع مأساوي، لكن البشارات موجودة، والنبي عليه الصلاة والسلام قد ذكر لنا: (أنه ما من بيت مدر ولا حجر إلا ويدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل)، وأنبأنا النبي عليه الصلاة والسلام بفتح قسطنطينية ورومية وقد فتحت القسطنطينية، ويرجى أن تفتح بإذن الله سبحانه وتعالى يقيناً في وقت لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى روما عاصمة إيطاليا، والجولة القادمة جولة الإسلام بإذن الله، ولكن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولكنكم قوم تستعجلون)، والله سبحانه وتعالى يريد أن يمحص المؤمنين وأن يميز صفوفهم، وأن يقوي عزائمهم، وأن يرفع من مستوى التزامهم واستحقاقهم لنصر الله سبحانه وتعالى.

    دور المرأة المسلمة في المجتمع المسلم

    السؤال: تجاه ما ذكرت من أحداث وأوضاع ما هو دور المرأة المسلمة؟

    الجواب: أهم دور للمرأة المسلمة أن تربي لنا الجيل المسلم، الذي نأمل أن يكون في المستقبل القريب أحد أسباب التغيير الإسلامي الذي يرجح كفة المسلمين، وأن تنأى بنفسها عن التفاهات والسخافات والمحرمات التي يروج لها أعداء الله سبحانه وتعالى ليصطادوها ويصطادوا من ورائها الأمة المسلمة والمجتمع المسلم، وأن تساهم بكل ما تستطيع في مجال الدعوة النسوية.

    كثرة اختلال الموازين الدولية بالنسبة للمسلمين

    السؤال: هنا يستدل على مقاييس أو اختلال الموازين بالنسبة للبوسنة والهرسك وعدم وجود قرارات وإن وجدت فإنها لا تنفذ في مثل هذه القضية التي تتعلق بدولة في قلب أوروبا كما يذكر؟

    الجواب: الأمثلة كثيرة جداً، وهذا لا يمكن استقصاؤه وحصره، وأيضاً أسئلة قريبة من هذا المجال في كثير من البلاد الإسلامية.

    حقيقة وجود الحركات الجهادية في كشمير

    السؤال: هل هناك حركة جهادية في كشمير؟

    الجواب: نعم حركة التحرير الكشميرية، وهناك أكثر من منظمة جهادية إسلامية ويحظى بعضها بالدعم من قبل الجهاد الأفغاني كما كان في السابق من الناحية المعنوية والتدريبية إلى آخره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755971871