إسلام ويب

حكم الاحتفال بأعياد الكفارللشيخ : سفر الحوالي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ حفظه الله عن منكر شاع في المجتمع ومصيبة ابتلي بها المسلمون في بلدانهم، وهذا المنكر يتمثل في قيام الكفار -ممن يعيشون في مجتمعاتنا الإسلامية- بإحياء أعيادهم، وتشبه المسلمين بهم، وبذل الدعم لهم، ثم بين معنى العيد وحكم الاحتفال بأعياد الكفار، مبيناً خطورة الرضا أو الابتهاج بها، وسرد أقوال السلف والفقهاء في حكم ذلك.

    1.   

    معنى العيد

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

    وبعــد:

    فلا ريب أن لكل قول داعياً وموجباً، وهذه المحاضرة موجبها وداعيها في هذه الأيام هو أنه - كما تعلمون - بعدما يقارب الشهر تقريباً سوف يكون عيد بل عيدان من أعياد المشركين، وقد عهدنا أن الكفار يقيمون أعيادهم في الشركات والمؤسسات والإدارات والمجمعات السكنية علانية أو بما يشبه العلانية.

    كما عهدنا أن من المسلمين من يشاركهم في ذلك ويحضر ويشهد هذا الزور العظيم، وتبدر منهم أفعال لا تليق بمن يعرف الله ورسوله، ومن هداه الله تبارك وتعالى إلى الصراط المستقيم وأمره بمخالفة المغضوب عليهم والضالين، ومجانبة طريق أصحاب الجحيم، ولذلك أردنا أن نجعل هذا الدرس إعذاراً إلى الله تبارك وتعالى وإبلاغاً لكم ولكل من تبلغه، وإنذاراً لأولئك الذين قد يفعلون هذا المنكر:

    إما لأنهم كفار لم يلتزموا بما أمر الله تبارك وتعالى به، ولا سيما في بلاد الإسلام

    وإما لأنهم في غفلة فليتعلموا وليعرفوا حكم الله تبارك وتعالى وليذكروا بالله وبما شرع الله تعالى في مثل هذا.

    وإما لأنهم معاندون كما قد يبدر من بعض المنتسبين إلى الإسلام فيعاندون ويصرون على إقامة هذا المنكر بين ظهرانينا.

    ففي هذا الكلام قبل أن يأتي ذلك الموسم إنذاراً لهم بأننا لن نسكت ولن ندع هذا المنكر يمر أبداً، ونحن إذا قمنا بهذا الواجب فإن ذلك لن يقع أبداً -بإذن الله- وليكن في علمهم أن ما مر في كل سنة، فلن يمر -بإذن الله- في هذه السنة مهما كان الأمر، فإننا لن ندع هذا المنكر أبداً بكل وسيلة مشروعة من وسائل الإنكار، وسوف نذكر بعض الحلول والوسائل في آخر الدرس بإذن الله عز وجل.

    فهذا الذي أردنا أن ننبه إليه، وأحب أن كل واحد لا يفوته ذلك، فهذا منكر جلل، وخطب عظيم، والواجب علينا جميعاً أن نقوم في ذلك بقدر الطاقة،كل من موقعه، وبحسب مسئوليته، والله تعالى سائل كل واحد منا عما علم ولم يعمل به، وعما سمع من دين الله ولم يبلغه.

    وعندما نقول أو نتحدث عن حكم الاحتفال بأعياد الكفار، فإن من أول ما ينبغي أن نعرفه، ما معنى العيد؟

    ذكر شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله في كتابة العظيم اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم هذا، وذكر أحكاماً أخرى عظيمة نورد بعضاً منها إن شاء الله، وقبل ذلك نوصي كل أخ منكم باقتناء هذا الكتاب القيم النفيس، ولا سيما النسخة التي حققها أخونا الفاضل الدكتور ناصر العقل، وهي موجودة متداولة، وكذلك تراجعون ما ذكره وسطَّره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه أحكام أهل الذمة، وما ذكره أيضاً العلماء في أبواب الفقه في مواضع وكتب كثيرة تعرضت لذلك، ومنها ما أوجزه شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله في آخر الجزء الخامس والعشرين من مجموع الفتاوى.

    أقول: إن شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله عرّف العيد فقال: " العيد اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم-أي للكفار- فيه اجتماع، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة".

    إذاً: فالعيد اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو كل مكان يجتمع فيه الكفار، ويحدثون فيه شيئاً من خصائص دينهم، والنهي الوارد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشمل ذلك كله، كما يشمل حريم العيد.

    يقول: " وكذلك حريم العيد، وهو: ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة " فهو كما يشمل المكان الذي يكون فيه العيد؛ فإنه يشمل ما حوله من الأمكنة التي تعد حريماً لذلك المكان، يشمل النهي عن العيد كل ما يحدث بسبب العيد من أعمال.

    ومن الأمثلة على ذلك: التهنئة أو الهدايا أو إطعام الطعام، أو أي شيء، فالعيد يشمل هذه الأمور ويشمل هذه المعاني كلها، ويقول: " أعياد الكفار كثيرة " وهذه حقيقة، ونحن الآن في هذا البلد نرى الكفار كثيرين، ومن أديان شتى، فلنعلم أنه كما قال رحمه الله: أعياد الكفار كثيرة مختلفة، وليس على المسلم أن يبحث عنها ولا أن يعرفها، بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال، أو في أي يوم من الأيام أو في أي مكان، من الأمكنة هي ويجتنب ذلك.

    فلدينا هنا مثلاً: أهل الكتاب -النصارى خاصة- يحتفلون بعيد الميلاد وعيد رأس السنة، وكذلك يحتفل البوذيون ويحتفل الهندوس وكل أمة لها عيد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إن لكل قوم عيداً ) هذه قاعدة جعلها الله -تبارك وتعالى- مجبولة ومفطورة عليها الأمم، فكل قوم لهم عيد.

    فالأعياد كثيرة ومختلفة، وعلى المسلم أن يعرف أماكنها إن كانت مكانية، أو أزمنتها إن كانت زمانية، فيتجنب ذلك، ويتجنب ما نهى عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمور سوف نفصلها بأدلتها إن شاء الله، وذكر رحمه الله مقدمات يقدم بها بين يدي الأدلة.

    1.   

    عمل المسلم في يوم عيد الكفار

    فما الضابط في العيد أو في غيره، وماذا يجب على المؤمن؟

    وما الضابط للمسلم في مثل هذا اليوم من أيام العيد؟

    قال شَيْخ الإِسْلامِ " الضابط ألاَّ يحدث فيه أمر أصلاً " ألاَّ تحدث أي أمر من الأمور في هذا اليوم الذي هو عيد للكفار، وإنما تجعله كسائر الأيام، كأنَّ شيئاً لم يكن، وكأنهم لم يحتفلوا، وفي هذا تكون مخالفتهم.

    وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه ينبغي مخالفتهم وسنعرض لها إن شاء الله.

    واختار بعض العلماء صيام تلك الأيام، وأن يصوم المسلم يوم العيد الذي يحتفل به الكفار، فمن نظر إلى أصل المخالفة وأنها مشروعة قال: من مخالفتهم أن يكونوا فرحين مبتهجين يأكلون ويشربون ويعربدون ويفعلون، كما هو معلوم مما لا يجوز ذكره، قال: وهو يكون صائماً لله تبارك وتعالى، فيكون قد حقق المخالفة.

    وقال بعض العلماء: لا يصام يوم من أيام أعيادهم وذلك خشية الوقوع في التعظيم، إذ قد يظن ظان أنما إما صيم لأنه يوم معظم فكأن هذا يعظمه بالاحتفال والأكل والشرب، وذاك يعظمه بصيامه والتقرب إلى الله فيه.

    وهذا هو الأظهر والأرجح، وهو أن المؤمن في هذا اليوم لا يتعمد فعل أي شيء مطلقاً وإنما كل حياته وأموره تكون كسائر الأيام، ويعمل كل عمل كما كان يعمله في بقيه الأيام ولا يعبأ ولا يلتفت إلى هذا.

    هذا هو الضابط العام الذي يجب أن تكون عليه حياة المسلمين جميعاً فتكون عادية تماماً.

    أما الإنكار على أولئك ومنعه وأدلته فهذا ما سوف نُفصل فيه إن شاء الله.

    والكفار الذين بيَّن الله تبارك وتعالى لنا عداوتهم في آيٍ كثيرةٍ جداً منها قوله تعالى: إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً [النساء:101] وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1] وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] وكذلك بيَّن الله وسماهم حزب الشيطان وأولياء الطاغوت إلى غير ذلك.

    1.   

    أقسام الذين يقيمون الأعياد

    إنَّ هؤلاء بمجموع الأدلة التي جاءت في الكتاب والسنة يمكن أن نصنفهم بحسب مشابهتهم في أعيادهم وغيرها، إلى قسمين:

    القسم الأول: هم أهل الكتاب: -اليهود والنصارى-.

    القسم الثاني: الأعاجم.

    وهذا نستطيع أن نأخذه من قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قيل له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اليهود والنصارى؟ قال: فمن!) وفي الحديث الآخر: (لتأخذن أمتي مأخذ القرون قبلها، قالوا: يا رسول الله! فارس والروم؟ قال: فمن الناس إلا أولئك) أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    فتبين من الحديث الأول، أن المقصود أهل الكتاب، وأن النوع الأول هم: اليهود والنصارى -أهل الكتاب- وأما قوله: فارس والروم، فإنه إشارة إلى الأعاجم، وهم من جملة من نهينا عن التشبه بهم ومشاركتهم، ويدخل في ذلك ويتبعه الأعراب.

    1.   

    النهي عن التشبه عام في جميع المشركين والكفرة

    وبهذا يتبين لنا أن الله تبارك وتعالى نهانا عن التشبه بالكفار عموماً، وهذا هو أصل المسألة، وقد تعرض بعض الأسئلة للمناسبة بين أعياد الكفار من أهل الكتاب، وبين أعياد المشركين من غير أهل الكتاب، وأيهما أشد ضرراً وأيها يجب أن نكون أشد هجراً ومخالفة له.

    فنقول مقدماً وسنعرض الكلام بالتفصيل:

    إن مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم أشد نهياً وأشد ضرراً، وأقل ما يقال إنهما سواء، فلا يقولن أحد من الناس: إن المقصود هم المشركون فقط، وأما أهل الكتاب فإن بيننا وبينهم من الأحكام ما لا يدخل فيه غيرهم كما قد يظن.

    وقد نص شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله على عيد الميلاد بالذات، فقال: " وهذا من دين النصارى، وهو من أقبح المنكرات المحرمة وكذلك أعياد الفرس مثل: النيروز، والمهرجان، وأعياد اليهود وغيرهم من أنواع الكفار أو الأعاجم أو الأعراب " ومن أعياد اليهود: عيد الغفران كما يسمونه.

    1.   

    حكم أعياد الكفار

    أعياد الكفار محدثة بدعية، ولذلك تجدون أن النصارى في بلاد الشام ومصر، في القديم لهم أعياد وأسماء تخالف في بعض منها الموجود لديهم الآن.

    وكذلك في الأيام وأحياناً في الأسماء يختلف نصارى المشرق مع نصارى المغرب، واليهود القدماء مع اليهود المتأخرين، وما سبب ذلك إلا الابتداع، لأن الكل مبتدع، فإذا فتح باب الابتداع، ابتدع كل ما يشاء ووضع كل ما يشاء، فمجاميعهم الكنسية المقدسة -كما يزعمون- تبتدع أعياداً وتضع من عندها فقد يشتبه الأمر، وتختلف الأسماء، ولكن المهم أن حكمها واحد، فيقول شَيْخ الإِسْلامِ في هذا -مثل النيروز والمهرجان وغيرها- قال: " حكمها كلها على ما ذكرناه من قبل، وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يُعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته " فلو وافقت يوماً من أيام عيدهم لم يجب عليك أن تجيب الدعوة، مع أن الإجابة من حق المسلم على المسلم -كما هو معلوم- لكن هذا لوجود ذلك المانع.

    قال: " ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات، غير هذا العيد، لم تقبل هديته خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، مثل: إهداء الشمع ونحوه في الميلاد ".

    فالحكم واضح، ولكن المقصود هو إثبات أن عيد الميلاد هو عيد قديم.

    وذكر الكاتبون في الملل والأديان أن عيد الميلاد الذي يحتفل به هؤلاء النصارى اليوم -وهو أكثر ما يضايقنا من الأعياد في هذه البلاد- أنه عيد وثني قديم، ثم لما اتخذ النصارى واتبعوا طرائق المجوس وغيرهم من الأمم، كما فعل بولس الذي أسس دينهم، وكان على دين المسرائية وبعض الفلسفات الشرقية نقلوا هذا العيد الوثني القديم وجعلوه من أعيادهم، فهو في الحقيقة لا أصل له في دينهم فضلاً عن أن يكون له أصل في ديننا، ولولا الإطالة لذكرت بعض ما ذكره الباحثون في هذا الشأن، وهم من النصارى على أية حال.

    1.   

    بيع سلع يتوسل بها إلى الشبه

    وينص شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله على مسائل تتعلق بالفروع، تتعلق بما يسمونه: الحريم المكاني، أو الزماني للعيد، فيقول مثلاً: " ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد، من الطعام واللباس ونحو ذلك " ونحن سنتعرض الأدلة كاملة، لكن نريد أن نأخذ من هذه القضية مدخلاً، وهو إذا كان ما قد يستعين به بعض المسلمين على مشابهة الكفار أو الاحتفال بعيدهم يحرم أن يباع لهم، وهو من الطعام أو اللباس أو ما أشبه ذلك فما بالكم ببيع الكروت أو البطاقات التي هي للتهنئة بهذا العيد؟

    فما بالكم بمن يشارك أو يدخل أو يندمج في هذا العيد، ويحضر ويشهد هذا الزور؟

    إذا هذا لا شك أنه حرام، فإذا حرم ذلك وهو ذريعة -كما حرم على المؤمن أن يبيع العنب لمن يجعلها خمراً، أو أن يؤجر لمن يزني أو يلوط أو غير ذلك، مما قد يكون ذريعة إلى الفساد- فإن هذه الذريعة إذا حرمت؛ فإن المقصد يكون إذا وقع في عينه أشد حرمة.

    وهنا نقف وقفة مع واقعنا:

    هل نحن فعلاً نبيع الوسائل المؤدية إلى الاحتفال بالعيد أو تعظيم أعياد الكفار؟

    أمر مؤلم أن نقول لكم: نعم. إنَّ هذا المنكر العظيم منتشر ومتفش في مجتمعنا، وهذه مسألة غير مسألة حضور أعيادهم أو الاحتفال بها.

    ومن ذلك -مثلاً- المكتبات التجارية، ولا سيما في الأسواق المركزية، وهذا مشاهد هنا في جدة، حيث تباع البطاقات التي يتهاداها أولئك، ويهنئ بعضهم بعضاً بها، وهذه عشرة نماذج لأنواع من البطاقات مشتراة من مكتبات متنوعة بالفواتير من مدينة جدة، تركت الأشياء التي فيها صور خليعة أو نساء، لكن كلها يجمعها أنها تشتمل على صليب أو كنيسة، فهذا دليل على أنها فعلاً من شعائر دينهم، ومع ذلك فإنها تباع في مكتبات المسلمين، وهذا أمر لا يجوز، وهو من أعظم المنكرات التي يجب إنكارها.

    وإن أردتم الدقة في الإحصائيات، لتعلموا كم يرد إلى هذه البلاد، وكيف تباع هذه البطاقات، وتباع الأشجار التي يسمونها أشجار عيد الميلاد، فنحن ننقل لكم من نشرة إحصائيات التجارة الخارجية، وهي نشرة رسمية تصدرها مصلحة الإحصائيات العامة بوزارة المالية كل عام وهذا الصنف دائماً رقمه (9705) في كل عام، فإذا أخذتم الكتاب انظر رقم (9705) تجدون أنه ما يتعلق بالأعياد والمهرجانات وأشجار عيد الميلاد بالذات، وما يستخدمه الحواة السحرة، الذين يتعاملون مع الثعابين بالسحر لكن أهم سلعة هو ما يتعلق بعيد الميلاد وبأشجارهم.

    وفي عام (1985م) نعم توقيتنا الرسمي متروك مع الأسف وأكثر إداراتنا توقيتها بالتوقيت الميلادي وهذا نوع من المشابهة، كالمشابهة في أعيادهم والمشاركة فيها، وكل ما سنذكره إن شاء الله من الأدلة يحرمه من الأدلة يحرمه، وهو داخل فيها كاستعمال أشهرهم وتقويمهم، لكن هذا هو الواقع.

    على أية حال في عام (1985م) بلغت قيمة ما استورد (1.589.233) ريالاً، هذه البطاقة تباع -أحياناً- بأربعة ريالات، ولنفرض أنه بالجملة بريالين، ونفرض أن الرقم مليون، معنى ذلك ما دخل المملكة من بطاقات يساوي (500.000) بطاقة، وهذا كان في عام (1985م)، وفي عام (1986م) ارتفع الرقم إلى (2.299.127) ريال، وفي عام (1987م) ارتفع الرقم إلى (3.012.931) وفي عام (1989م) بلغ (2.763.030) ريال، وبلغت قيمة الواردات أيضاً في عام (1990م) (1.848.000) ريال، وعام (1991م) الربع الأول وتعرفون أنه في وقت الأزمة قدم إلى هذه البلاد جموع غفيرة من الكفار، قد يكون مجموعهم وصل إلى المليون، إذا ضممنا إلى الجيوش الصحفيين، ومن جاء للتجارة وغير ذلك مما له علاقة بالأزمة في هذه السنة، وفي هذا الربع لم يذكر التصنيف، وليس له وجود في الكتاب أو الدليل؛ ربما لأنهم رأوا أن الرقم ضخم مبالغ فيه ففضلوا ألا يُذكر، أو لسبب آخر لا ندري به، لكن في الربع الأول من العام الذي قبله وهو (1990م) بلغت قيمة مشتروات هذا الصنف (252.202) ريال.

    وبالنسبة لبطاقات التهاني هذه التي تستورد فإنها ترد من عدة دول، وكما تعلمون أن النصارى من أمم الغرب، وفي أمم الشرق -أيضاً- يوجد نصارى، ويبيعون هذه البطاقات مثل الولايات المتحدة الأمريكية فهذه الدولة وحدها -كما هو موجود في نشرة إحصائيات التجارة لعام (1989م)- صدرت من البطاقات وما يماثلها ما قيمته (2.003.212) ريال، وفي نشرة عام (1990م) بلغت قيمة بطاقات التهاني وما يشابهها (3.321.680) ريال، أي: بزيادة عن العام الذي قبله (1.318.468) ريال، ويعزى ذلك إلى كثرة وجود الكفار عند حدوث الأزمة.

    وفي الربع الأول فقط من عام (1991م) بلغت قيمة الواردات من بطاقات التهاني (433.746) ريال هذا فقط من الولايات المتحدة الأمريكية.

    ومن ألمانيا، بلغت في الربع الأول من السنة ما قيمته (103.385).

    ومن المؤلم والمؤسف أن بعض هذه البطاقات يطبع في دول خليجية ويستورد منها، -ولا حول ولا قوة إلا بالله- فأصبح المسلمون يطبعون هذه الكروت، وفيها الصلبان ويبيعونها، وأشد ألماً من ذلك أننا في هذا البلد الطيب في بلاد التوحيد نشتري وندخل هذه الأعداد والأرقام، وفي ذلك دليل على أنها رائجة سائرة عندنا من غير إنكار.

    وأنا لا أستبعد أن تكون -أيضاً- بعض المطابع تطبعها هنا في جدة، لا سيما مع قرب الموسم، نظراً لهذه الكميات الهائلة من ملايين البطاقات، والطباعة -كما تعلمون- لا تكلف، ولا سيما إذا كانت الكمية كبيرة، فبدل أن يستوردها بريالين يمكن أنها لا تكلفه قرشين لطبعها هاهنا، فما يطبع هاهنا في الداخل غير داخل في هذه الإحصائيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

    1.   

    الأدلة في حكم الاحتفال بأعياد الكفار

    إننا نبين الحق في هذا الشأن، ونوضح بعض الأدلة والأحكام في هذا، وأسير في هذا على ما سار عليه شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله تعالى.

    ولقد قسَّم شَيْخ الإِسْلامِ أدلة حكم الاحتفال بأعياد الكفار إلى قسمين: أدلة كلية، وأدلة تفصيلية.

    النهي عن الموالاة والمشابهة للكفار

    أما الأدلة الكلية في هذا فأولها: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نهانا عن موالاة الكفار ومشابهتهم، فالمسألة تدخل في باب الموالاة، ومن هنا فهي إذاً جزء من العقيدة.

    أي: أن الإيمان أو التصديق أو الإقرار بها، إقرار لعقيدتهم، وأن الكفر مطلوب، كالكفر بما لديهم من عقائد أخرى، فهذا يدخل في الموالاة والمشابهة، وفي هذا من الأدلة الكثيرة ما لا يحصى، كما بيَّنا في الآيات، قال تعالى: إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً [النساء:101] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] وغير ذلك، فمن موالاتهم أن تحضر أعيادهم وأن تكون أعيادً للمسلمين، فتكون أعياداً حزب الشيطان وأوليائه أعياداً لأولياء الرحمن وحزب الله تبارك وتعالى، وهذا أمر يتنافى مع هذه الأدلة، بل يتنافى مع ما طبع الله عليه النفوس من النفور من المخالف، ولا أحد يخالفك أشد ممن يخالفك في دينك.

    وأضرب لكم مثلاً من الواقع: انظروا إلى لاعبي الكرة! هل يمكن أن ينزل إلى الميدان فريقان من لاعبي الكرة، ويكون لباسهما واحد، وشعارهما واحد؟ لا يمكن. لماذا؟

    لأنهما فريقان متقابلان متنافسان، متصارعان متباريان، فهل في الدنيا عداوة أشد من عداوة المؤمنين والكافرين؟

    وهل من عدوين يجب أن يتباغضا ويتهاجرا ويتباعدا أشد من المؤمنين والكافرين؟

    وهل هناك نسبة أو تقارب بين أصحاب الصراط المستقيم وأصحاب المغضوب عليهم والضالين؟

    وهل هناك تقارب أو تسوية بين من يهدي إلى الجنة ومن يهدي إلى النار؟

    وبين المتقين والفجار؟

    لا يمكن أبداً.

    إذاً: حتى في نفوس الناس ركز الله هذا وجعله في طباعهم.

    ولو أن رجلاً في دولة تحارب الشيوعية، ارتدى رداء الشيوعيين أو أي شعار، لضُرب وأوذي! ولا يستطيع أحد الآن في أوروبا أو أمريكا أن يحتفل بعيد من أعياد النازية، ولا أن يرتدي شعار النازية ويضعه على صدره ويمشي في الشارع لأن النازية في نظرهم عدو لهم، فيا سبحان الله!! كيف بالعداوة التي هي في الدين؟!

    وهي التي أمر الله تبارك وتعالى بها، وهي أعظم فُرقان يجب أن يكون بين المؤمنين وبين الكافرين.

    بدعية الأعياد

    المأخذ الثاني من الأدلة الكلية: هي أن هذه الأعياد من البدع، والمشاركة فيها من البدع، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه من بعده والمسلمون جميعاً في العصور المفضلة لم يحضروا أبداً، ولم يشاركوا بأي شكل من الأشكال في هذه البدع المحدثة، بل قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فهذه بدع عُظمى، وفيها مع المشابهة والموالاة أنها محدثه.

    فلو أحدث بعض المنتسبين إلى الإسلام، كـشيعة أو خوارج أو صوفية عيداً، فهل الواجب علينا أن نحضره؟ لا يجوز لنا حضوره، ولو كان الذين ابتدعوه من أهل الإسلام، فما بالكم بحضور أعياد الكفار، فهو أشد بدعة، والنهي فيه أشد وأغلظ.

    إذاً هذان المأخذان هما المأخذان الكليان الأساسيان، وكل واحد منهما له من الأدلة التفصيلية الشيء الكثير الذي لا يتسع له المقام أن نذكره؛ وإنما نقتصر على التنبيه إليه.

    الأصل في المسلمين مخالفة المشركين

    وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ من الأدلة الكلية -أيضاً- ما جاء في الشرع من المخالفة، ولو كان في أمور نفعلها نحن في ديننا.

    فمثلاً: نحن في ديننا نصلي لله تبارك وتعالى، ولا نصلي ولا نسجد لغيره أبداً، ومع ذلك فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى كما في الحديث الصحيح من حديث عمرو بن عبسة: (نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها) وعلل ذلك بعلتين:

    الأولى: أنها تطلع بين قرني شيطان.

    الثانية: أنه يسجد لها الكفار حينئذٍ.

    انظروا! إنه لما كان الكفار يسجدون لها حينئذٍ، ونحن نسجد لله تبارك وتعالى، لكن لما كان الزمن قد يتوافق، فنوافقهم في زمن عبادتهم، مع أن معبودنا غير معبودهم، نهينا أن نعبد ربنا في هذا الظرف، وهذا دليل على أن ما عدا ذلك هو أشد مخالفة ونهياً وزجراً.

    وأدلة هناك كثيرة في المخالفة، فقد أمرنا مثلاً: أن نعجل الإفطار في رمضان لأن تأخيره من شأن وديدن أهل الكتاب، وقد يقول قائل: أنا مسلم، وصمت لله تعالى، فما لي ولمن صام لغير الله، فإنه لا حرج عليَّ أن أؤخر الإفطار، فنقول له: لا.

    حتى هذا نهانا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه، منعاً للتشبه بهم.

    إذاً: فكيف بمن يشاركهم في شعيرة من شعائر دينهم، وفي عمل من أعمالهم؟ لا ريب أن ذلك حرام.

    وكذلك الأدلة العامة في مخالفة المجوس، كما في الأمر بإعفاء اللحية وإحفاء الشارب، وغير ذلك مما علله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو صدره بقوله: { خالفوا المشركين } { خالفوا المجوس } أو { خالفوا اليهود } فهذه الأدلة كلها تدل على أنه حتى في الأمور التي هي من جنس ديننا وعبادتنا أو من جنس العادات التي قد يفعلها بعض الناس، حرَّم علينا ديننا أن نشابههم فيها، بل جعلت مخالفتهم أصلاً من أصول ديننا، فيتصدر الأمر بقوله: {خالفوا}.

    إذاً تكون القاعدة، إن الأصل فيك أن تخالف، وفي ذلك أيضاً أدلة كثيرة لا يتسع المقام لها.

    1.   

    الأدلة التفصيلية في حكم الاحتفال بأعياد الكفار

    الذين لا يشهدون الزور

    وصف الله عباد الرحمن المؤمنين في آخر سورة الفرقان، فقال من جملة الآيات: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً [الفرقان:72] فنقل العلماء والمفسرون كما في الدر المنثور، عن بعض التابعين- مجاهد والضحاك وعكرمة وغيرهم أن ذلك أعياد المشركين، أي: لا يحضرون أعياد المشركين , وهذا ما نصوا عليه بالنص، ولا ريب أنه لا يقتصر عليه، لكن المقصود أنه الشهود، وأصح القولين في الشهود هو الحضور، كما نقول: من شهد الجنازة، أو من شهد يوم عرفة إلى غير ذلك، فالشهود يكون هو الحضور، فالذين لا يشهدون الزور، من فسرها من العلماء جعل هذا النموذج نموذجاً للزور الواضح الذي لا شك فيه، فالمؤمن لا يشهد ويحضر أعيادهم، وأماكن لهوهم أو لعبهم، كما صرح بذلك كثير منهم.

    للمسلمين عيدان فقط

    أما من السنة فالأحاديث في ذلك كثيرة، منها: حديث أنس رضي الله عنه قال: {قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما -كعادة الأمم (الروم والفرس) كل أمةٍ لها أعياد، فكان للعرب في الجاهلية يومان يلعب فيهما أهل المدينة- فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما هذان اليومان؟

    فقالوا: كنا نعلب فيهما في الجاهلية، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر} وهذا حديث رواه أبو داوود، وقال شَيْخ الإِسْلامِ: إن إسناده على شرط مسلم.

    ووجه الدلالة في هذا: " إن العيدين الجاهليين لم يقرهما الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة " بل نص على البديل فقال: { إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما} فهل يجتمع البديل والمبدل منه؟ لا يجتمعان أبداً.

    إذاً: فلا بد أن نضع هذا مكان هذا، ولا يمكن أن نحتفل بأي يوم يحتفل به المشركون أبداً، فوجه الدلالة في هذا واضح.

    ويعلق شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله في الاقتضاء على هذا فيقول: " أيضاً فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام، فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عهد خلفائه، ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه، مما كانوا يفعلونه لكانوا قد بقوا على العادة "

    فهنا شَيْخ الإِسْلامِ يستدل بالواقع، ففي أيام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأيام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، لا وجود لهذين العيدين بل أكثر المسلمين لم يكونوا يعلمون متى كان موعد هذين العيدين، وهذا دليل على استئصال الشرع لهما استئصالاً نهائياً، حتى لم يبق لهما ذِكَرٌ أو أثر.

    فالنهي يكون من أشد أنواع النهي وأشد أنواع التغليظ -كما ذكر رحمه الله- مع تشوق النفوس إلى العيد، وإلى الفرح وخاصة كما ذكر: من النساء والأطفال والفارغين من الناس، وهو صادق؛ فما أكثر الفارغين من الناس اليوم الذين يحبون الأعياد، ويتمنون أن يكون في كل شهر حفلات وأعياد وعطل، والنساء كذلك يردن الزينة والبهرجة والفرحة، والأطفال.

    فرغم قوة الداعي لبقاء هذين اليومين في نفوس الناس إلا أنهما استؤصلا واجتثا؛ حتى لم يبق لهما من أثر.

    فهذا دليل على قوة المعارض وقوة المانع وهو حرصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحرص أصحابه ومعرفتهم بأن هذا لا يجوز أبداً بخلاف بعض الأمور التي بقي لها أثر كالنياحة، وغير ذلك من أمر الجاهلية التي ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها تبقى، لكن هذا ذهب واستؤصل بالكامل.

    قد يقول الواحد منكم: هذه أعياد الجاهلية قد استؤصلت، فأعياد أهل الكتاب أمرنا شرعاً أن نقرهم عليها، فعندما يدخلون في عقد الذمة نقرهم على دينهم، ومن جملة دينهم الاحتفال بأعيادهم، وهذه الشبهة -أيها الإخوة- سوف تسمعونها في الجرائد والتلفاز، والإذاعات وغير ذلك، عندما تأتي هذه الأعياد وتفتح الإذاعات العربية، إلا ما رحم الله فتجدها كلها تحتفل بهذه الذكرى، فمن جملة من يأتي، ويتفلسف ويبرر ويقول: إن هذه الأعياد أقرت من جملة دينهم الذي أقر، وأن الإسلام يحترم أهل الكتاب، فـشَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله يرد على هذا رداً قوياً فيقول:

    " المحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها، أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها، فإن الأمة قد حُذروا من مشابهة اليهود والنصارى، وأخبروا أن سيفعل قوم منهم هذا المحذور، بخلاف دين الجاهلية، فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر، عند اخترام أنفس المؤمنين عموماً " عندما تقرب الساعة وتدنو، يلتحق فئام من أمتى بالمشركين وتضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة -وما أشبه ذلك من الأدلة- قال: هذا عند نهاية الزمان، أما أن تعود الجاهلية تلك التي كانت قبل قدومه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة بأعيادها، فلا تعود أبداً، فالنهي عن الشيء المتكرر والواقع والفتنة به أشد بلا ريب، فقال: " ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله " أقل ما يقال: إن أعياد أهل الكتاب هي مثل أعياد الجاهليين.

    إذاً الشر الذي له فاعل موجود، يخاف على الناس منه أكثر من شر لا مقتضى له قوي.

    فوجه الاستدلال: الشر الذي له أهل ويقومون به، هذا المقتضي والدافع له أقوى من غيره، وقد زاد في زماننا هذا دافع آخر لهذا الشر، وهو دافع عظيم من أهم الدوافع على المشاركة، وهو: أن الكفار ظاهرون غالبون وممكنون، استدراجاً من الله لهم، وإلا لا يغرنا، وأنهم، وهم متحضرون ومتطورون، فتقتدي بهم أمم العالم جميعاً، ومنها أكثر المسلمين مع الأسف الشديد، فهذه تضاف إلى تلك.

    فإذا كان شَيْخ الإِسْلامِ تحدث عنهم وهم في زمنه أهل ذلة وصغار مضروبة عليهم الجزية، وهم في بلاد الشام، أما في هذه الجزيرة فقد حماها الله وطهرها، لا يجتمع فيها دينان، ولا يجوز أن يقروا فيها أصلا، لكن هنالك من أهل الذمة مضروب عليهم الذل والصغار ويكون الداعي أشد لوجودهم.

    ويذكر أن النساء والأطفال في عدة مواضع من كتابه وفي الفتاوى: أن النساء والأطفال والجُهال والفارغين يشاركونهم ويفرحون بأعيادهم، فما بالكم في هذا الزمان الذي زاد فيه هذا الداعي وهذا الدافع؟

    إذاً يجب أن يكون الإنكار أشد وأكثر، وإلا كان من المحظور ما لا تحمد عاقبته، الذي قد يؤدي إلى الكفر نسأل الله العفو والعافية على ما سنذكر في الأدلة الأخرى.

    عدم الوفاء بالنذر في مكان عيد الكفار

    ومن الأدلة: حديث ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينحر إبلاً بـبوانة- وهذا في كتاب التوحيد قد جعله الشيخ محمد بن عبد الوهاب باب "لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله" فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية؟

    قال: لا. قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟

    قال: لا، قال: فأوفِ بنذرك، فإنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم) وهذا حديث صحيح أصله في الصحيحين وهو بلفظه هذا على شرط الصحيحين كما ذكر رحمه الله.

    وبعد أن ذكر الروايات الأخرى، قال: " وجه الدلالة، أن هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعماً: إما إبلاً وإما غنماً، وإما كانت قضيتين في بمكان سماه: بوانة يقال: إنها قريب من ينبع، مكان قريب معروف في أيامهم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل كان فيها كذا أو هل كان فيها كذا؟

    فهذا يدل على أن الذبح في بمكان عيدهم ومحل أوثانهم معصية لله تعالى من وجوه:

    الوجه الأول: أنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { فأوفِ بنذرك } لماذا هذه الفاء؟

    هي تعقبية، وتعني أن الحكم مترتب على ذلك -أي: فتفي بنذرك- فإذا لم يوجد محظور فأوفِ بنذرك، فلو لم يكن كذلك لقال: لا تفِ به.

    الوجه الثاني: أنه عقب بقوله: (لا وفاء لنذر في معصية الله) ومعنى ذلك أنه لو كان هناك ما يوجب التحريم لما جاز.

    إذاً كأنه قال له: حيث لا يوجد مانع ولا يوجد ما يقتضي التحريم ولا يجعله معصية؛ فأوفِ بنذرك، فدل ذلك على أن هذا معصية لا يوفى بالنذر فيها، أي لو كان مكانه عيداً من أعياد الجاهلية.

    الوجه الثالث: يقول: إنه لو كان الذبح في موضع العيد جائزاً، لسوغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للناذر الوفاء به، كما سوغ لمن نذرت أن تضرب بالدف؛ أن تضرب به، بل لأوجب الوفاء به، إذا كان الذبح بالمكان المنذور واجب "

    فنلاحظ أن وجه الدلالة -هذا- دقيق، وقد يكون واضحاً إن شاء الله.

    إذا كان الإنسان لا يجب عليه فعل من الأفعال، ولكن نذر أن يفعله وهو طاعة، فيكون حكمه الوجوب عليه، والنهي عن النذر معروف، لأنه يستخرج به من مال البخيل، لكن لو نذر وجب عليه أن يفي بنذره.

    الوجه الرابع: أنه وجب عليه أن يفي بنذره بعد أن انتفت الموانع، فإذا كان الوفاء بالنذر أشد حكماً، لأن حكمه الوجوب والآخر حكمه الإباحة من الشيء الذي أصله مباح.

    فإذاً المقتضي والداعي لأن يفعله الرجل في هذا المكان أشد، وهذا واضح وظاهر، فلما جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمانع يمنع هذا الوجوب الواضح الظاهر القوي، دل ذلك على قوة هذا المانع، فإنه لو وُجِدَ لما جاز له أن يفعله.

    إذاً: وجود عيد من أعياد الجاهلية في هذا المكان مانع قوي، يجعلك لا تفعل، ولو نذرت، فكيف لو تطوع أحد، وذهب إلى بقعة من البقاع التي فيها أعياد المشركين، فهذا يكون بلا ريب حراماً، والحديث يدل على ذلك أشد مما يدل على دلالته في عدم الوفاء بالنذر.

    وهناك ملحوظ آخر في هذا الحديث، وهو أنه إذا كان من أجل تخصيص البقعة -وهو الظاهر -فهذا إنما نهي عن البقعة لأنها موضع عيدهم، ولهذا لما خلت من ذلك أذن في الذبح لهم، فقصد التخصيص باق، فعلم أن المحظور تخصيص بقعة عيدهم، فكيف نفس عيدهم.

    أي: إذا كانت بقعة العيد يحرم فعل الشيء فيها، حيث لم يكن في زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عيد؛ بل جاء أن هذا كان في آخر أيام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن الرجل سأله في حجة الوداع؛ بعد أن طمست أعياد الجاهلية جميعاً، إنما الاتفاق في الموقع فقط، ومع ذلك يسأله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو قال: نعم يا رسول الله! كان فيها عيد، لقال: لا تفعل.

    فكيف إذا اتفق الزمان والمكان ووجود الكفار واحتفالهم وحضورهم؟!

    لا شك أن هذا يدل دلالة قطعية على تحريم ذلك والله المستعان.

    ثم أعاد رحمه الله الكرة وهذا مهم جداً في أن أعياد الكتابيين أشد، فإذا كان هذا الزجر والنهي كما في هذا الحديث عن أعياد الجاهليين، فالكتابيين اليهود والنصارى النهي في حقهم أشد.

    حديث: (لكل قوم عيداً وهذا عيدنا )

    ومن الأدلة أيضاً على ذلك الحديث الذي في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: {أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليه أبو بكر الصديق، وعنده جاريتان تغنيان من جواري الأنصار، وما هما بمغنيتان -أي: إنما جاريتان صغيرتان تغنيان عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أبو بكر رضي الله عنه: أبمزمور الشيطان بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أبا بكر دعهما فإن لكل قوم عيد وهذا عيدنا} فماذا نأخذ من هذا الحديث؟

    أولاً: أن قوله: { إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا } يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، يختصون به عن سواهم، وإلا كانت الأيام مشتركة والأعياد مشتركة، وهذا كما في قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48]، فشريعتنا غير شريعتهم، وقبلتنا غير قبلتهم، وعبادتنا غير عبادتهم، وصلاتنا غير صلاتهم، وصيامنا غير صيامهم، فكذلك عيدنا غير عيدهم، فلا هم يتبعون قبلتنا وعبادتنا وصيامنا ولا نحن نتبع قبلتهم وصيامهم ولا كذلك أعيادهم.

    إذاً: لكل قوم وأمة ونحلة عيد ونحن هذا عيدنا، فلا يشاركوننا فيه ولا نحن نشاركهم في أعيادهم.

    ثانيا: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وهذا عيدنا } يدل على الاختصاص، أي: لا عيد لنا سواه، وليس المقصود فقط ذلك اليوم، وإنما هما يومان، وهذا من الجنس: أي لا عيد لنا إلا هذا العيد المشروع، فدل على أنهما اليومان فقط، ودل على أنه لا عيد لنا سوى ذلك، فحتى لو أردنا أن نجعل لنا عيداً -كالعيد الوطني أو عيد التحرير أو عيد الاستقلال، أو أي عيد نجعله لنا- ولا نشابه فيه أحداً من الكفار، لما جاز ذلك لنا أبداً.

    فكيف إذا كنا نفعل عيداً هو من أعياد الكفار، ونقيم شعائر هي من شعائر الكفار؟! لا شك أن ذلك يكون أشد وأعظم حرمة.

    يقول شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله: إن تعليل الإباحة للجواري بأن ذلك في يوم عيدنا، فيه دلالة على أن الإذن باللعب لأن هذا اليوم خاص بنا، فهذا اللهو وهذا اللعب خاص بنا، ولا يتعدى إلى أعياد الكفار.

    فإذاً لا يرخص باللعب في أعياد الكفار، فهما تلعبان أو تضربان لأنهما في عيدنا، فلو كان في عيد غيرنا لما أذن لهما.

    عدم مشاركة المسلمين لأعياد الكفار من أول الإسلام

    ومن الأدلة على ذلك -وهذا يمكن أن نسميه دليل الواقع- أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعثه الله كان اليهود في جزيرة العرب في أماكن كثيرة، في المدينة، وخيبر، والنصارى كانوا في نجران، واليمن -في صنعاء وغيرها- فكان اليهود والنصارى موجودين في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أول ما جاء الإسلام، وكذلك كان الفرس وديانة المجوس في البحرين -في شرق جزيرة العرب- ونحو ذلك.

    ومع ذلك من تأمل ونظر في سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، علم علماً يقينياً قطعياً، أنه لم يكن المسلمون يشاركونهم في أي عيد من أعيادهم أبداً، ولم يقع ذلك من أحد من الصحابة أو التابعين، حتى لو تتبعنا السير لا نجد أن نساء المؤمنين أو أطفالهم شاركوا أولئك في أعيادهم، وذلك لأنهم أمة عرفوا الله، ومعنى لا إله إلا الله، وعزة الإيمان، وعرفوا أنهم على طريق الجنة والصراط المستقيم، وأن أولئك على طريق الكفر والضلال واللعنة والغضب، فلا نسبة بيننا وبينهم، ولا يمكن أن نقاربهم أو ندانيهم في شيء من شعائر دينهم.

    هذا كله مع أنه قد ثبت وجود التعامل معهم في أمور الدنيا الاعتيادية كالمبايعة، والمخالطة في الأسواق، وفي البلاد، وفي السكنى والمجاورة، وكثير من الأحكام، بل حتى رد السلام والتعارف كان موجوداً بينهم، والتعارف، وكثير من الأمور كانت موجودة؛ بعضها نسخ وبعضها لم ينسخ.

    والمقصود أن وجودهم كان حاضراً بين المسلمين ولم يثبت أبداً أي مشاركة لهم في أعيادهم، فهذا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم علموا وأيقنوا أن أعيادهم جزء من عقيدتهم، فكما لا نوافقهم على عبادة المسيح عليه السلام أو عزير أو تحريفهم للتوراة أو إنكارهم لنبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا مثل ذلك، فكذلك لا نوافقهم في أعيادهم، لأنها من دينهم.

    فهذا كان حالهم رضي الله عنهم، ومن بعدهم، وهذا ما نسميه دليل الواقع.

    تميزنا بعيد الجمعة

    ومن الأدلة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الحديث الذي في الصحيحين ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة) فنحن الآخرون في الأمم، زماناً، السابقون يوم القيامة، قال: ( بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد، ونحن -أي: يوم عيدنا- يوم الجمعة) وهذا في العيد الأسبوعي.

    فانظروا وقيسوا العيد الحولي على العيد الأسبوعي، فالعيد الأسبوعي الذي يتكرر كثيراً وهو قريب من أيامهم، ومع ذلك اختصنا الله تبارك وتعالى بعيد أسبوعي نخالفهم به، وفضلنا به، وجعل ذلك أحد العلامات التي تدل على أننا نخالفهم، وأن الله تعالى هدانا وأضلهم، وأرانا الصراط المستقيم وأغواهم عنه، فنحن لنا الجمعة وهم لهم اليومان المعروفان للجميع.

    إذاً هذا دليل كما يقول شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله: " وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي فكذلك في العيد الحولي إذ لا فرق، بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي، فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تعرف إلا بالحساب الرومي القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك ".

    الأنبياء يستخدمون التقويم القمري

    وهنا ملحوظ آخر وهو أن ما كان من الأعياد كان بالتقويم العربي أو الهجري.

    وهكذا كانت العرب يحسبون على منازل الهلال، بل كان كما يقول شَيْخ الإِسْلامِ: " أن الرسل والأنبياء كانوا يشرعون لأممهم وكانت شرائعهم كلها على الهلال " سبحان الله! هذه كلمة لما قرأتها تعجبت من سعة علمه رضي الله عنه، يقول: أي نبي من الأنبياء يقول: شهر أو يقول: سنة فإنما يقصد الشهور الهلالية، أما الفلاسفة ومن تبعهم وهذا مأخوذ عن قدماء الفلكيين من الصابئين، فإنهم يوقتون بالشهور الشمسية، فيقول: نحن منهيون أن نتخذ هذا التقويم، وما كان من شهورهم فهو أشد حرمة مما كان من شهورنا، لأن فيه زيادة اختصاص لهم، لأنه ليس من شرائع الأنبياء أبداً أن يوقتوا بهذا.

    فهي -كما ذكرها- أوقات معروفة في أيام الأشهر الرومية، وإلى الآن تستخدم في بلاد الشام والعراق وهي: حزيران، ونيسان، وآذار إلى آخره، بينما الغربيين يستخدمون، يناير، فبراير، مارس إلى آخره.

    إجماع السلف على عدم حضور أعيادهم

    وهناك دليل آخر عظيم جداً على مسألة عدم حضور أعيادهم وهو دليل الإجماع، فالإجماع فلم يعهد أو يؤثر عن أحد من الصحابة أو التابعين أو من سلف الأمة وفقهائهم أنه حضر عيداً من أعيادهم أو أقره على الإطلاق.

    1.   

    ما ورد من آثار عن الصحابة والتابعين

    نذكر الآن بعض ما ورد من آثار عن الصحابة وعن التابعين رضي الله عنهم في ذلك ولا سيما الصحابة.

    الشروط العمرية

    عمر رضي الله عنه، له في هذا مواقف عظيمة، أعظمها وأشهرها الشروط العمرية، التي فرضها على أهل الكتاب، فأصبحت -ولله الحمد- سنة متبعة أجمع الفقهاء عليها، وإن اختلفوا في بعض التفاصيل، لكن الأصل العام أن الفقهاء اتخذوا الشروط العمرية دليلاً ومنهاجاً لهم في معاملة أهل الذمة، وهذا من سنن الخلفاء الراشدين؛ التي أُمِرَت الأمة أن تتبعها وأن تأخذها.

    فمما اشترطه عمر رضي الله عنه عليهم: ألا يظهروا شيئاً من أعيادهم -وهذا في بلاد الشام حيث أهل الذمة، أما في جزيرة العرب فننبه مراراً أنه لا يجوز أصلاً أن يدخلوا فيها، فضلاً عن أن يعلنوا فيها شعائر دينهم أو أعيادهم- فـعمر رضي الله عنه، مع ما فرض عليهم من أمر الله، وما ألزمهم به من الذل والصغار والجزية، ومع ذلك اشترط عليهم شرطاً واضحاً صريحاً ألاَّ يعلنوا عن أعيادهم في دار الإسلام أو بين المسلمين، فهي من جملة دينهم يتخفون به في بيعهم أو كنائسهم وما أشبه ذلك.

    النهي عن تعليم رطانة الأعاجم

    وروى البيهقي -أيضاً- كما ذكر شَيْخ الإِسْلامِ بإسناد صحيح أن عمر رضي الله عنه، قال:[لا تعلموا رطانة الأعاجم] وهذا موضوع مهم، تفشي العمل بخلافه في هذا الزمن، فقد صار أصحاب الأعمال يعلنون عن أعمال في الصحف، يفضل في المتقدمين لها من لديه إلمام بسيط بلغة الأعاجم، وكذلك فقد أصبح الناس يحثون على السفر إلى بلاد الكفار رغم أنهم يُنصحون بأنها بلاد لا يجوز الذهاب إليها إلا للضرورة، لأنها بلاد كفار، فيقول أحدهم: لو لم يكن من فائدة من الذهاب! إلا تعلم اللغة لكفت، فما فائدة اللغة إن لم تكن لمصلحة شرعية؟!

    فهي من جملة المشابهة وهي تورث محبتهم بلا ريب، وهذا له تفصيل آخر.

    كن المقصود أن عمر رضي الله عنه نهى عن أمرين: عن رطانتهم، وعن الدخول في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنـزل عليهم -ينـزل سخط الله عليهم- في يوم عيدهم، وفي كنائسهم.

    فإذا جاء شخص، وقال: اليوم عيد النصارى، دعنا نذهب إلى الكنيسة ننظر ماذا يصنعون، فهذا هو الذي قصده عمر رضي الله عنه، أما أن يشاركهم المسلم في أعيادهم وأن يهنئهم بها، فهذا من دينهم، ولكن هذا الفرجة يقول: لا تدخلوا عليهم لأنها مكان سخط، ومكان نزول عذاب -نسأل الله العفو والعافية- وغضب من الله؛ فربما يهلكهم الله عز وجل بما يعلنون من الشرك والكفر، فيهلك معهم هذا المسلم المؤمن.

    النهي عن البناء والإقامة عندهم

    وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: [من بنى ببلاد الأعاجم أو أقام، فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة] ويعقب شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله فذكر: أن هذا يحتمل أنه يقصد أنه يكفر، قال: وإن لم يكن يكفر من يفعل ذلك فلا شك أنه دليل على أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه يرى ذلك من الكبائر المحرمة وكل واحدة من هذه الأمور منكر برأسه، وليس المقصود اجتماع هذه المنكرات جميعاً حتى يكون كذلك، بل كل واحد منكر، فالإقامة عندهم من غير حاجة أو ضرورة منكر، وحضور النيروز منكر، والمشاركة في أمورهم، والتشبه بهم منكر على انفراد، نسأل الله العفو والعافية.

    عدم مشاركتهم في أسمائهم

    علي رضي الله، عنه وكان -كما تعلمون- قد أقام هنالك في العراق وهم مجاورون للفرس فجاءه رجل، وقال: يا أمير المؤمنين! هذه هدية، قال: ما هذه الهدية؟

    قال: هذا يوم النيروز -أظنه يوافق أول أيام الربيع- قال علي رضي الله عنه: [فاصنعوا كل يوم فيروزاً] فهم قالوا: نيروز -وهذا اسمه إلى الآن- قال: اصنعوا كل يوم فيروزاً، فغيَّر الاسم ولم يرضَ أن يشاركهم حتى في الاسم، وقال: اصنعوا كل يوم فيروزاً، حتى تنتفي المشابهة، فهم يتهادون الهدايا في يوم معين، ونحن كل يوم نصنع هذا الطعام، كفاكهة ورياحين معينة تقدم لتشم، ويقال: هذا عيد النيروز، قال: اصنعوا كل يوم فيروزاً، يعني تغير عليهم، ليصبح يوماً عادياً جداً، فلا يظهر أنك تحتفل بهذا العيد أو تشاركهم فيه.

    فهذا من شدة حرص الصحابة رضي الله عنهم، وما نسميه الحساسية من مشابهة المشركين في هذا.

    1.   

    إجماع الفقهاء على تحريم مشابهة الكفار ودخول أعيادهم

    كل الفقهاء مجمعون على تحريم مشابهة هؤلاء الكفار، وحضور أعيادهم ومشاركتهم فيها، قال ابن القاسم من فقهاء المالكية المشهورين: من ذبح بطيخة في يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيراً، أي: أنه إذا وافق يوم عيدهم، واشتريت بطيخة، ثم ذبحتها فكأنما ذبحت خنزيراً وشاركتهم في عيدهم، إذاً لا تذبحها في هذا اليوم.

    والحنفية أشد، فقد قالوا: من أهدى إلى رجل في يوم النيروز بيضة على سبيل التعظيم والإهداء في ذلك اليوم فقد كفر، فهو بسبب بيضة يكفر، ليس كرتاً فيه: إننا نهنئكم بهذه المناسبة السعيدة، ونسأل الله أن يعيدها علينا وعليكم بالحب والفرح، وغير ذلك.

    فبيضة يعطيها في يوم النيروز على سبيل أنها من هذه الهدايا كفر، هكذا نص الحنفية، ولا غرابة؛ فإن في مذهبهم مثل هذا النوع من المسائل، فإذا اقترن بذلك الكفر الصريح كتعليق الصلبان وإظهار هذه الشعائر، وحضور الحفل الذي يبدأ فيها بعباداتهم أو بصلواتهم، فيقال: باسم الأب والابن وروح القدس إلهاً واحداً، وكذلك ما يمازجه -والعياذ بالله- من المنكرات كالاختلاط وشرب الخمور والفجور وما أشبه ذلك، فهذا يكون لا شك أنه أعظم بكثير من قضية إهداء البيضة.

    إذاً: كتاب الله تبارك وتعالى وما في ديننا من أدلة كلية وأدلة تفصيلة في سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما ذكرنا من هذه الأحاديث ومن فعل الصحابة الكرام وفعل السلف الصالح وكلام الفقهاء جميعاً.

    ولو نظرتم إلى ما قال الإمام أحمد، فهو أيضاً من أشد الناس بعداً عن هذا وتحذيراً منه، والفقهاء جميعاً الحنفية والمالكية والحنبلية والشافعية، وكل الفقهاء الآخرين حتى الظاهرية كـابن حزم رحمه الله له كلام عظيم جداً في أحكام أهل الكتاب وفي مشابهتهم، وكل هذا يدل دلالة قطعية صريحة على تحريم الاحتفال بأعيادهم أو مشاركتهم فيها، وأنَّ هذا مشاركة لهم في الكفر في شعائر من شعائرهم، وشريعة من شرائعهم فهو كفر عملي.

    وإذا اقترن هذا العمل اعتقاد أن دينهم حق أو أن ما هم عليه صحيح، وإقرارهم بذلك، فلا شك أنه يصبح كفراً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله.

    فانظروا أي خطر ماحق ساحق يحيق بمن يشارك هؤلاء أو يقرهم عليه، وفي المقابل انظروا أي واجب عظيم علينا، تجاه هذه المنكرات التي يعلن بها ويجاهر بها وبوسائلها وذرائعها في بلاد الإسلام، نسأل الله العفو والعافية.

    هناك أدلة كثيرة لم نذكرها وإن كانت تدخل فيما سماه شَيْخ الإِسْلامِ (الاعتبار) يعني النظر العقلي السليم الذي به تحرم مشابهة الكفار وموالاتهم في أعيادهم فليراجعها الإخوة الكرام في كتاب الاقتضاء.

    1.   

    الحلول المعينة على درء منكر إقامة أعياد الكفار

    ولعلكم تسألون قبل أن نجيبكم على الأسئلة عن الحلول، ما هي الحلول التي يمكن أن نتخذها لدرء ومنع هذا المنكر الكبير؟

    النصح باللسان

    أولاً: أهمية الكلمة وقوة الكلمة، فإن الله تبارك وتعالى بعث رسله الكرام يدعون الناس بالكلام وبالبلاغ وبالنذارة، ثم بعد ذلك يكون منهم الجهاد، لكن الكلمة هي الأساس، فنحن ما بين واعظ ومدرس ومتحدث إن لم يكن كذلك، فهو في عمله يستطيع أن يتحدث.

    فيجب على الإخوة الخطباء أن يخطبوا الجُمَع بهذا الشأن ويجذروا الناس من خطره.

    فالخُطَب إذاً مهمة جداً، والحمد لله صلاة الجُمُعَةِ يحضرها عامة الناس، ونحن طلاب علم في الغالب، لكن الجُمعة في هذا المسجد وغيره يجتمع عدد كبير من الناس ومن كل الفئات، فلا بد من إقامة الحجة عليهم بهذه الأدلة، وبما يفتح الله عليكم من غيرها فلا يخفى عليكم ذلك.

    إذاً خطب الجمعة يكون فيها ذلك، وكذلك المواعظ التي يجب أن يقوم بها الإخوة هذه الأيام، ونتجول في المساجد ونحذر الناس من ذلك.

    ولقد وصلتنا أخبار أن بعض المستشفيات قد علقوا لافتات فيها عبارة: عيد سعيد، فإذن بدأ أهل الفساد يعملون ويشتغلون ولا بد أن يعمل أهل الإصلاح من الآن في المواعظ هذه.

    نشر المحاضرات والفتاوى

    ثانياً: نشر المحاضرات والفتاوى والأحكام المتعلقة بهذه القضية وبهذا العيد، ومن ذلك فتوى سماحة الشيخ الوالد محمد بن صالح العثيمين تستطيعون الحصول عليها، ونرجو من كل مندوب حي أن يأخذ منها صوراً ويوزع ولو عشراً في كل مسجد، ثم كل واحد منكم إذا أخذ نسخة أو قرأها يصور منها مجموعة ويوزعها.

    ومن أراد زيادة في الفتاوى كفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز فتوى رقم (2540) ورقم (3326) ورقم (9254) ورقم (8848) وإن كانت موجزة لكنها صريحة وهي موجودة، فمن حصل منكم على كتاب فتاوى اللجنة الذي خرج وطبع مؤخراً، فيجدها فإنها موجودة في الجزء الأول من صفحة (48) فما بعدها، تنشر وتوزع وتعلق في المساجد وهذا أحد الوسائل.

    التوعية في المدارس

    ثالثاً: والغالب أننا في حقل التعليم، وكثير من الإخوة في حقل التعليم، فالمدارس وسيلة مهمة جداً لنشر هذا الوعي، والطفل أو الطالب سوف يبلغ ذلك، ويُلزم ويقال له ذلك أن يبلغه لأهله وجيرانه ولمن يستطيع، وهذا إن شاء الله في الإمكان.

    تعليق تراجم للفتاوى في الشركات

    رابعاً: يجب أن تعلق هذه الفتاوى مترجمة في الشركات التي يكون فيها كفار، وفتوى الشيخ ابن عثيمين مترجمة موجودة.

    فتعلق في الشركات والمؤسسات، ولا يُكْتَفى بهذا،بل تعلق الأوامر الحكومية التي تمنع من القيام بمثل هذه الاحتفالات، بل لا نكتفي بذلك بل نطالب بأوامر جديدة هذه الأيام وتترجم وتعلق وتختم في جميع الإدارات وجميع الشركات، قد يكون في الحضور من هو مسئول أو نحن يجب أن نبلغهم، كل منا من طريقه، فهذا لا بد منه.

    ومن يعملون في هذه الشركات الواجب عليهم أكثر أن يخاطبوا المسئولين، ويكتبوا بالقنوات الرسمية المعروفة، ويطلبوا التعاميم السابقة إن لم تكن موجودة أو تعاميم جديدة تَنهى عن هذا، وتترجم بحسب لغة القوم، فإن عندنا كفار والعياذ بالله من جميع الأجناس، فمنهم: الألماني، والفرنسي، والإنجليزي، وغيرهم، فنترجم ما استطعنا بحسب الشركات، وتعلق على أبواب ومكان بارز، يراه هؤلاء أعداء الله تعالى أو من قد يشاركهم في ذلك من المسلمين.

    دور وسائل الإعلام

    خامساً: كذلك الصحافة، فالإخوة مندوبي الصحف، ومنهم الصحافة أو الصفحات الإسلامية يجب أن تكتب وتكرر الكتابة عن هذا الأمر وتبين هذه الأحكام بالتفصيل، فيقرأها قطاع كبير من الناس بإذن الله تعالى،

    وكذلك يجب أن يعلن في الإذاعة، والتلفاز، وبأي وسيلة ممكنة من العلماء وغيرهم، بل يجب أن ننبه علماءنا الكرام إلى أن يجددوا فتاواهم، وأن يجددوا التحذير، وأن يكتبوا أيضاً لمن يهمه الأمر بهذا الشأن في زيادة التحذير، لأن علماءنا أثابهم الله في كل رمضان يُعلموننا أحكام الصيام، وفي كل حج يعلمونا أحكام الحج أو بدع الصيام والصلاة وهكذا، فكل شيء في وقته.

    فوقت هذه المواسم التي يحتفل فيها الكفار ينبغي أن نجدد فيها البلاغ والإنذار، والتحذير لهؤلاء ونذكر المسلمين بها، حتى لا يؤخذوا على غرة.

    المعاقبة والردع عن المنكر

    سادساً: أيضاً يجب أن يعاقب من تسول له نفسه أن يتعدى هذه الأوامر، فلو علقت الإعلانات فجاء أحد يوزع كروتاً أو يبيعها فيجب أن يعاقب بعقوبة رادعة؛ لأن هؤلاء القوم لا ينفع معهم إلا الزجر والردع، وهذا من أوجب ما يجب على من بيده المسئولية؛ لأن الله سبحانه قال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:41]، وهذا من أعظم المنكر بلا ريب كما سمعنا في الأدلة.

    كذلك يجب على الرقابة الإعلامية أن تسحب كل كروت وبطاقات التهاني من المكتبات، وأن تتلف وتحرق، ويؤخذ عليهم التعهد الشديد بعدم بيعها مرة أخرى، كما يجب على إدارة الجمارك أو أي جهة مسئولية في موانئ المملكة البرية أو البحرية، ألا تسمح بدخول هذه البطاقات والكروت مرة أخرى، بحيث نأتي -إن شاء الله- في الأعوام القادمة فلا نجد في كتاب الإحصائيات ذكراً لهذا، ولا يستورد أي آلةٍ أو أي ذريعة من ذرائع هذه الأعياد الكفرية.

    وضع تعميم على السفارات والقنصليات وغيرها

    فلابد أن يعمم على السفارات والقنصليات والبعثات والـهيئات التي تظن أنها في حصانة، وليس لأحد حصانة أن يعصي الله، ويرتكب ما حرم الله، ويطلب منها أن تعمم على أفرادها، مثلما يعمموا عليهم موضوع اللباس والمطاوعة، وانتبهوا لهم.. إلى آخره، فهذا أهم وأولى وأوجب أن يعمموا لهم ويقولوا لهم: لا تجاهروا فهذا مخالف، ولا شك أن إقامتهم لعيدهم علانية، ومشاركة المسلمين فيها، ورفعهم الصلبان وما يتعلق بهذا هي أشد حرمة من الاختلاط والتبرج، لأن هذا يتعلق بالعقيدة، فهذا أمر خطير ونحن نحارب الكل، كل الكبائر وكل المنكرات لكن مجرد أنه يمشي في السوق أو تمشي في السوق وشعرها مكشوف، أشد منه أن تكون في حفل عيد الميلاد ويجتمع عندهم المسلمون مع ما قد يصحب ذلك، وهذا معروف عندهم أن الخمر والرقص والزنا والمزامير والفواحش،كل هذا لا يبالون بها، وحسبكم أنهم يجتمعون لشعيرة من شعائر دينهم، فماذا تتوقع من كافر يشرب الخمر ويخالطه ما يخالطه من المسلمين فتوقع بعد ذلك كل موبقة، نسأل الله العفو والعافية.

    وختاماً: هذه بعض الحلول ولا شك أن الإخوان لا يفوتهم غيرها وإنما هذا تنبيه على البعض، وانظروا مثلاً هناك كتاب تنصيري يوزع في مستشفى الملك عبد العزيز في حي المحجر، وترجمة ما فيه من كلام، من جملة ما يقول -وهو يباع بريالين كأي سلعة عادية- ومكتوب فيه: كلمتك يا عيسى هي المصباح على قدمي ونور يضيء لي دربي، هذا اليوم الذي صنعه الله اليوم، الذي نكون فيه سعداء، فلنمجد الله، راعينا الله، وكذا، وبعون الله، وهم يعنون بالله اي: المسيح عليه السلام، قبحهم الله وقاتلهم ولعنهم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:72] ومكتوب ما ترجمته: علقها في أي مكان اشتر بريالين وعلق في أي مكان. فهذا الكفر الصريح، ووالله ما جرَأهم على هذا وأمثاله إلا سكوتنا.

    أيضاً أخبرنا أحد الإخوة أن مستشفى الملك فهد علقت فيه لوحات مكتوب فيها: عيد سعيد، وهو عيدهم: عيد الكفر، بالإنجليزي والعربي طبعاً، أما نحن فالفتاوى لا نترجم حتى الآن، وهذا موضوع قد يكون خارجاً عن موضوع المحاضرة، لكنه مهم مع وجود هؤلاء الإخوة الكرام.

    ففي جريدة الجزيرة كتب الأستاذ فهد بن إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم يوم الثلاثاء موضوع الحسبة في الإسلام، وهذا الكلام جدير بأن يشكر صاحبه عليه، فمن استطاع منكم أثابكم الله فليشكر هذا الكاتب، ونحن في الحقيقة نشكر له ذلك، ونسأل الله أن يبارك فيه وفي أمثاله ممن يدافعون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونرجو الله أن يكثر من هؤلاء الأخيار في صحافتنا، وفي كل وسائل إعلامنا، وكما أننا نذكر أهل المنكر ونرى ديناً علينا أن نذكرهم ليعرفوا وينزجر الناس عنهم، ومن الدين أن نحب من يأمر بالمعروف ومن ينشره ومن ينتصر لدين الله تبارك وتعالى، ومنهم هذا الأخ الكاتب ادعوا له جميعاً، ومن استطاع منكم أن يشكر له فليفعل.

    1.   

    الأسئلة

    حكم العمل مع من يقيم هذه الحفلات

    السؤال يقول: أنا أعمل مع أساتذة من الجامعة وخاصة باللغات الأوروبية، وهم يدعون أفراد القسم إلى حفلة الشكر، أو عيد الكريسمس، وبعضهم يصنع شجرة صغيرة يعلق عليها بعض الزخارف ويأتي بشراب فواكه ولحم الديك الرومي؟ والديك الرومي يأكله الأمريكان في عيد الشكر، هل عليّ إثم إذا استمريت في العمل بالقسم؟

    الجواب: يجب عليك أن تنكر، ونأثم جميعاً -ولست وحدك- من أكبر مسئول في البلد إلى كل من بلغه هذا الكلام، إن لم ننكر مثل هذا المنكر، فيجب علينا جميعاً، كل بحسب استطاعته أن ننكر هذا المنكر، فأول من يجب أن ينكر وتبلغه عميد الكلية، فإن لم يسمع فوكيل الجامعة أو مديرها، فإن لم يسمع؛ فلتبلغ الإخوان خارج الجامعة.

    موقف النبي في يوم عاشوراء

    السؤال يقول: إن موقف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما جاء المدينة فوجد اليهود يحتفلون بيوم نجَّى الله فيه موسى، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { نحن أولى بأخي موسى منهم } فصام ذلك اليوم وهو يوم عاشوراء، فهل نستطيع أن نقف موقفاً مشابهاً لموقف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنسبة لعيد النصارى؟

    الجواب: ليس في هذا أي دليل على أية حال ولا سيما عند سؤالك عن عيد النصارى، لأنه كما أشرنا:

    أولاً: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك، وما فعله اتبعناه وما لم يفعله لم نتبعه.

    ثانياً: عيد النصارى محدث حتى في دينهم، فعيدهم يقترن به اعتقادهم أن المسيح عليه السلام صلب ورفع في هذا اليوم، هناك بعض أديانهم وطرائقهم وكنائسهم تعتقد هذا، ونحن نعتقد كما ذكر ربنا: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157]

    ثالثاً: أن صيام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو غير صيام أهل الكتاب، فهذا صيام غير ذلك، ثم بعد ذلك نزل صيام رمضان، فعلى الأقل نقول: إن هذا يكفي أن نقتصر على ما ورد ولا نزيد عليه وهذا يكفينا، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، مع ما يعارض ذلك من أدلة كلية وتفصيلية ذكرناها في هذا الشأن.

    أما من أخذ أو فهم منه -كما أسلفنا- أننا نصوم مخالفة لهم، فقلنا: إن الأولى ألا يكون ذلك؛ لأن الصيام تعظيم فيكون كأنا اشتركنا معهم في تعظيم عيدهم.

    حكم وسائل الإعلام التي تبث أعياد الكفار

    السؤال: ما حكم وسائل الإعلام التي تبث أعيادهم مثل صحيفة الشرق الأوسط ومجلة المجلة؟

    الجواب: هذه الصحف وغيرها من المجلات التي تصدرها هذه المؤسسة المعروفة مثل صحيفة المسائية ومجلات الأطفال وسواها دائماً تأتي مليئة بتلك التهاني بأعياد الكفار، فهذا دأبهم...

    والواجب أن ننكر عليهم بما استطعنا، وأقل شيء أن ننكر على وزارة الإعلام إدخالها أي مجلة فيها هذا الكلام, وخاصة إذا كانت سعودية؛ لأن الناس يعتبرون هذا قدوة، فيجب من الآن أن ننكر عليهم، وأن ننكر ونطالب بعدم دخول أي عدد تذكر فيه هذه الأعياد، وكما ذكرنا في الحلول الأخرى.

    حكم بيع كروت التهنئة بأعياد الكفر

    السؤال: ماحكم بيع كروت الأعياد؟

    الجواب: ذكرنا أنه حرام وأنه قد يكون كفراً إذا اعتقد صاحبه أن هذا عيد جائز وسائغ وأن دينهم حق، وأن بيعها كبيع بقية الأشياء المباحة، فقد يكون كفراً، -نسأل الله العفو والعافية- ويجب أن تسحب هذه الكروت من جميع المكتبات التي تبيعها.

    نصيحة لمن يذهب إلى أعياد الكفار للتمتع

    السؤال: ما نصيحتكم لمن يذهب إلى أعياد الكفار للتمتع؟

    الجواب: أنصحهم وأنفسنا بتقوى الله تبارك وتعالى، وأن لا نرتد كافرين بعد إذ هدانا الله للإسلام، وألا نشارك هؤلاء الكفار في شريعتهم وفي شعائرهم كما قد أوردنا وأسلفنا في الكلام السابق.

    حكم تنصب الكفار على مؤسسات في بلاد إسلامية

    السؤال: حكم إدارة الكفار مؤسسات في بلاد المسلمين؟

    الجواب: ليس كل الشركات كبار المسئولين فيها يهود أو نصارى، لكن يوجد شركات فيها هؤلاء ووجود الكفار مسئولين في بلادنا حرام، إذا كان مجرد دخولهم إياها حراماً فكيف يكونون مسئولين، والموظفون المسلمون تحتهم يتحكمون فيهم؟!

    ولذلك لا يجوز أن يبقوا رؤساء، هذا أولاً.

    ثم لا يجوز أن يقر هذا اليوم يوم عطلة أو عيد وعطلة لهم، فإن كان ولا بد كحل انتقالي -وإلا فأنا دائماً أقول: لا نرقع المسألة، بل يجب أن يخرجوا يجب أن يخرجوا فهذا أمر الله ورسوله- لا يجوز للمسلمين أن يعطلوا ويعيدوا في هذا. وسبحان الله العظيم! المسلمون إذا جاء الحج يشتكون والله كثيراً جداً حيث لا يعطون إجازة للاعتكاف، ولا يعطون إجازة للحج، ثم تعطي الشركات إجازات في عيد الميلاد حيث يعطل الكفار، فيرغم المسلمون في بلاد الإسلام على أن يعطلوا مع الكافرين، ويعيدوا مع الكافرين والعياذ بالله.

    فنحن قد رضينا بالدنية في ديننا، وقد أسأنا إلى المسلمين وأذللناهم إذا أقررنا هذا الأمر؛ فهذا لا يجوز قطعاً.

    حكم تهنئة رؤساء الدول الكافرة بأعيادهم

    السؤال: ما حكم تهنئة حكام الدول الكافرة بأعيادهم وذلك بمقتضى الأعراف الدولية؟

    الجواب: لا يجوز تهنئة الدول ولا الأفراد، يقول الأخ: بمقتضى الأعراف الدولية، نضع عرفاً، ونقول: لا نهنئكم بعيدكم ولا تهنئونا بعيدنا: (إن لكل قوم عيداً) كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا تهنونا ولا نهنيكم، هذا عرف دولي لا يوجد شيء اسمه قانون دولي.

    وهناك بعض الإخوان مع الأسف الشديد يقولها، وقد أصبح عندنا قسم قانون، بل حتى فتح قسم دراسات عليا في القانون، في جامعة الملك عبد العزيز.

    المهم أن أي واحد اطلع على كتب القانون الدولي، يجد أنهم يقولون وبنص القانون الدولي على كذا لا يوجد حقيقة شيء اسمه قانون دولي إنما هو مجموعة أعراف، لأنه لا يوجد سلطة ملزمة له، والسلطة أهم ركن من أركان القانون.

    إذاً هي أعراف فلنقل هذا الشاهد، نقول لهؤلاء الكفار: من العرف بيننا وبينكم أن لا نهنئكم بشيء من دينكم ولا تهنونا، كما أننا نصلي ولا تصلون، نشهد أن لا إله إلا الله، وتقولون: إن المسيح هو الله، فالفوارق كثيرة جداً.

    حكم السماح لهم بالاحتفالات بأعيادهم

    السؤال: أنا أعمل مسئولاً في شركة من الشركات السعودية ولدي عمال، فلبينيين من أهل الكتاب، ويوم العيد يطلبون إجازة طارئة من إجازاتهم الخاصة بهم، أفيدوني هل أوافق على إجازتهم وهي من حقوقهم حسب الأنظمة أم أمنعها؟

    الجواب: لا يجوز أن يعطوا إجازة، لكن إذا كان نظام العمل والعمال -وهو بلا شك مستمد من مكتب العمل الدولي في جنيف كما هو مذكور، فهو قانون وضعي- يجيز لهم ذلك فتقع فتنه ومشكلة بينك وبين مكتب العمل، فالحل أن تكتب إلى مكتب العمل والعمال ويكتب إخوة آخرون ونكتب نحن كلنا ونقول: يجب أن ينص في نظام العمل والعمال على الالتزام بدين هذه البلاد، فكما أنهم يعطلون الخميس والجمعة فكذلك أيضاً لا يعطون عطلة للأعياد إلا مع المسلمين في عيد الفطر والأضحى؟

    فإذا ما تعاقدنا مع أي كافر ولم نستقدمه، ارتحنا من مشاكل كثيرة جداً راحة مطلقة، وهكذا دائماً الحل الشرعي يكون حاسماً،

    أما الحلول الترقيعية فدائماً تجلب المشاكل، فهم يأتون بخمرهم وزناهم وصلبانهم وأعيادهم ومخدراتهم وجرائمهم، فإذا منعنا هذا الباب انتهينا، فلا يجوز أن نتعاقد ونتعامل إلا مع المتقي من المسلمين وهم كثير والحمد لله في العالم الإسلامي من أهل السنة وعقائدهم طيبة، وفيهم فضل وخير وصلاح.

    وكونه مسلم فاسق يبيع الخمر أو المخدرات فلا يجوّز أن يدخل هذه البلاد وأن يتعاقد معه، فكيف إذا كان كافراً من أصله! نعوذ بالله.

    علاقة الديموقراطية بالاحتفال بأعياد الكفار

    السؤال: أليس من المصالح المرسلة أن نسمح لهم أن يحتفلوا بأعيادهم؟ وأين الديمقراطية في الإسلام؟

    الجواب: هذه مفاسد مؤكدة وليست مصالح بارك الله فيك.

    أما الديمقراطية فلا مكان لها في الإسلام أبداً، ويوجد كثير من هذا النوع في الجامعة، وقلنا إن الأمر قد نُفِّذ، وخرج حقيقة قد نفذ وخرج عن حدود الاحتمال، ولا بد من اتخاذ إجراءات عملية يقوم بها أولياء الأمور، المسألة ليست نصيحة توجه من هاهنا من مكبر الصوت ولا ندري تصل أو لا تصل.

    فأنتم أولياء الأمور يجب عليكم أن تنتبهوا لأبنائكم وبناتكم في هذه الجامعة، ومن ذلك أن المدرس كافر في مركز اللغة الإنجليزية يتكلم العربية أحياناً ويستهزئ بالشباب المتدين، ويستهزئ بالإسلام وباللغة العربية، ويدعو الشباب إلى التعلق بالغرب، ويأخذهم معه إلى رحلات، ويأتي بزوجته ويعرفهم عليها، إلى آخره.

    حكم قبول هدايا الكفار في يوم عيدهم

    السؤال: يوجد لدينا جيران من أهل الكتاب يبعثون إلينا أحياناً عند احتفالهم بعيد الميلاد بعض الأكل، هل نأكل منه شيء علماً بأنا لا نشاركهم بأي عمل، أم ينبغي أن نعيده إليهم؟

    الجواب: يجب أن ننكر عليهم هذا أصلاً؛ لأنه منكر، فيجب أن ننكر عليهم أن يظهروا ويعلنوا بهذا العيد، فطبيعي إذاً ألا نقبل ذلك منهم ولا نأكله.

    وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.

    والحمد لله رب العالمين.

    والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755802790