إسلام ويب

الدروس المستفادة من خطب حجة الوداعللشيخ : أسامة سليمان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لخطبة الوداع أهمية عظيمة في الإسلام، فقد أرسى فيها النبي صلى الله عليه وسلم قواعد ومبادئ عامة، من أهمهما: قطع الصلة بكل ما هو جاهلي، وجعل للدماء مكانة عظيمة في الإسلام، وحذر من الذنوب والمعاصي، وأوصى بالنساء خيراً، ونبه على أهمية الأخوة في الله، وحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

    1.   

    قطع الصلة بالجاهلية

    الحمد لله رب العالمين القائل: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة:7-9]، والقائل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:120]، وأشهد أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فحديثنا اليوم بحول الله وفضله وتوفيقه مع الدروس والفوائد المستفادة من خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأقول: خطب لا خطبة، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في أكثر من موضع في حجة الوداع، فقد خطب في يوم عرفة كما بينا في اللقاء السابق، وخطب أصحابه في أيام منى بعد رمي جمرة العقبة، وخطب أيضاً في يوم النحر، ثم خطب وهو راجع إلى المدينة.

    وهذه الخطب قد استخلصت منها الفوائد والدروس ونجملها في الآتي:

    الفائدة الأولى: قطع الصلة بالجاهلية.

    فما هي الجاهلية؟ وما معنى كلمة الجاهلية؟ إن هذا موضوع مهم جداً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في خطبة عرفة: (ألا إن كل شيء من أمور الجاهلية موضوع تحت قدمي)، وقد يجمع المسلم بين إسلام وجاهلية، ففي الحديث: (أن أبا ذر عير بلالاً بلون أمه، فقال له: يا ابن السوداء)، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنك امرؤ فيك جاهلية)، فعلى كبر سنه رضي الله عنه لا يزال فيه أثر من آثار الجاهلية، فالجاهلية سلوك وخلق وحكم وتصور.

    من صور الجاهلية: التبرج والاختلاط

    قد يكون المجتمع مسلماً، لكنه يعاني من آثار الجاهلية، فهيا بنا نطوف مع الجاهلية في بعض صورها:

    قد صور القرآن الكريم تبرج النساء في المجتمع الأول بأنه تبرج جاهلي، فقال سبحانه: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33]، فما هو تبرج الجاهلية؟

    عد إلى كتب التفاسير واقرأ، فقد كانت المرأة في الجاهلية تلبس ثوباً فضفاضاً صفيقاً، لا يصف العورة، وإنما كانت تُظْهِر جزءاً من صدرها ورقبتها فقط، فسمى القرآن هذا التبرج بـ (تبرج الجاهلية)، لكن نحن سنظلم الجاهلية الأولى إن قارنا بين تبرجنا اليوم وبين تبرجها، إن كان تبرج الجاهلية الأولى هو إظهار الصدر والرقبة فقط، إذاً فماذا تقولون في إظهار العورة المغلظة؟! جاهلية مركبة؟! جاهلية وإن ادعت الحضارة، وإن ادعت التقدم والمدنية، ولذلك نجد مجتمعاً مسلماً، لكن فيه أثر من آثار الجاهلية بل أشد، والقرآن الكريم حينما أمر النساء بترك هذا التبرج إنما ذلك لحفظ عفافها وشرفها.

    واسمعوا إلى ما كتبه صحفي بارع: بينما كنت أسير على الطريق الدائري، رأيت نساء وبناتاً في عمر الزهور في مراحل التعليم المختلفة، وهن يرتدين لباساً أسود، ويغطين وجوههن، فماذا حدث لنساء مصر؟ وما هذه الردة والتخلف؟ وأي سبب دعانا لهذا؟ إنها ظاهرة خطيرة تستحق أن نقف عندها!

    ثم يقول: وأنا ضد الذين يقولون: إن سبب هذا الزي مسألة اقتصادية، أي: فقر الأب، وإنما لا بد أن خلفه جماعة من الدعاة الذين أتيحت لهم الفرصة ليلوثوا عقول الشباب والنساء!

    فماذا حدث لنساء مصر؟ تتغطى وتتحجب وتختمر وتغطي محاسنها؟ لا، لا بد أن تكون سافرة، واضحة المعالم من كل طريق يدخل إليها!! فيا هذا! أما تستحي من نفسك!؟

    ويحلل ويكتب ويقول للمفكرين وأرباب الفكر المستنير: فهيا بنا ندرس هذه الظاهرة المزعجة المقلقة! ما هي هذه الظاهرة؟ إنه الحجاب الشرعي، فبصفاته الشرعية أصبح ظاهرة تستحق الدراسة، فأين المرأة التي كانت تقف بين الرجال وتخرج بلا ضوابط ولا قيود شرعية، فهذه هي المرأة التي نطالب بها! أليس هذا ينادي بأثر من آثار الجاهلية؟

    من صور الجاهلية: الربا

    ثم يقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً في خطبة عرفة: (ألا إن كل رباً من ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي).

    وانظروا إلى تعاملات المسلمين في مجتمعاتهم، فالربا ينقسم إلى قسمين: ربا نسيئة، وربا الفضل، ثم ما هو ربا النسيئة؟ باختصار شديد لنسقطه على واقعنا المعاصر لنرى هل نحن نعيش في ربا الجاهلية أم في معاملة اقتصاديه سليمة في أكثر التعاملات؟ إن ربا النسيئة كان هو الظاهر والمسيطر على الحياة في الجاهلية، كأن يقترض رجل ألف جنيه وموعد السداد أول محرم، فجاء أول محرم ولم يسدد، فإذا تأخر يوماً زاد المال عن أصله، ويسمى ذلك بالفائدة، أليس هذه هو الربا بعينه الذي يسيطر على حياتنا الآن، إن تعثرت في سداد بنك من البنوك زاد عليك فوائد مركبة، بل قد رأيت رجلاً مديناً لأحد البنوك بخمسين ألف دين عقاري وعجز عن السداد سنوات، فإذا بالفائدة تزيد عن المائة ألف، وأصل الدين كان خمسين ألفاً والفوائد مائة! فعجز عن سداد أصل الدين فقيدوه بالفوائد ورب العالمين يقول: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280].

    وقانون الضرائب التجاري يقول: إن كان الممول مديناً بألف جنيه، فكل شهر يتحمل فائدة 1%، يعني: أن مجموع الفوائد السنوية ستكون 12%، وأيضاً فربا النسيئة له معنى آخر، ألا وهو: أن تقرض أحداً بشرط أن يرد لك أصل المال مع زيادة معينة، كأن تقرضه ألفاً ويرد لك ألفين، فهذا ربا واضح وبين، وكذلك بيع العينة أحد أشكال ربا الجاهلية، والعينة كأن يحتاج المرء إلى مبلغ من المال ولا يجد من يقرضه، فيقولون له فتوى: اذهب وخذ سلعة، أي: اشتريها من بائع ثم بعها له بسعر أقل نقداً، فتكتب ورقة مثلاً بألف وخمسمائة، ثم يبيعها لنفس التاجر بألف فوري، فهذه صورة من صور ربا الجاهلية التي تسيطر على تعاملاتنا اليوم، فضلاً عن ربا الفضل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل والفضل ربا)، وتعاملات الذهب حدث ولا حرج، فالغالب فيها الربا، ولذا فلا يجوز أن تبيع ذهباً بذهب إلا أن يكون متماثلاً، فتبيع القديم أولاً وتقبض الثمن منه أو من غيره، هذا هو التعامل في الإسلام، (والفضة بالفضة مثلاً بمثل والفضل ربا، والتمر بالتمر مثلاً بمثل والفضل ربا)، ففي الحديث: (لما جاء بلال بتمر جيد إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال له: من أين جئت بهذا التمر؟ قال: من خيبر يا رسول الله)، تمر جيد (قال: أوكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، وإنما نستبدل هذا التمر بتمر رديء)، فمثلاً: صاع من تمر جيد بستة من تمر رديء، (فقال عليه الصلاة والسلام: هو عين الربا يا بلال)، أي: هذا عين الربا، فلا فرق بين رديء وجيد طالما أن الأصناف قد اتفقت، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (والبر بالبر مثلاً بمثل والفضل ربا)، إلى أن قال: (فإن اختلفت الأجناس فبيعوا كيف ما شئتم)، إذاً لا تزال آثار الجاهلية تتعلق بنا، وربما قد يكون المرء ملتزماً وسمته الظاهري إسلامي، لكنه لا يزال به أثر من آثار الجاهلية، وهذه قضية كبيرة أننا نهتم بالظاهر ولا نخلع عباءة الجاهلية، فلا يزال منا من يفتخر بالأحساب والأنساب، ولا يزال منا من يتصف بسوء الخلق، ولذا لا بد أن يتخلص المسلم من آثار هذه الجاهلية الممقوتة.

    مكانة الدماء في الإسلام

    ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إن كل دم من دماء الجاهلية موضوع تحت قدمي)، فالقتل عصبية، والقتل بغير وجه حق كل ذلك من الجاهلية، وقد يعجب المرء عندما يستمع إلى فتوى مجمع البحوث قسم الفلسفة والعقيدة في خطوة جريئة أفتت بها: بأن المرتد عن الإسلام لا يقتل، بل يظل مستتاباً حتى نهاية عمره، فخرجت الفتوى متفقة مع روح الإسلام التي تستند إلى القرآن كمصدر من مصادر التشريع، وهذا حسب زعمهم، أما السنة فلا يعترفون بها كمصدر من مصادر التشريع، ثم يعلق كاتب المقال قائلاً: ومن هنا فإن حد الردة المزعوم من مخلفات التراث السياسي الإرهابي في الإسلام، وهو نتاج الصراعات السياسية، ولا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد! وما علم هذا المغفل أن في صحيح البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قتل في زمنه من ارتد، وأيضاً في حديث أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل لما كانا على أرض اليمن في خلافة واحدة، فجاء معاذ يزور أبا موسى في الله فوجد عنده رجلاً مربوطاً فقال: من هذا؟ فقال: رجل ارتد عن دينه، فقال معاذ : لن أجلس حتى يقتل، حكم الله ورسوله، وما جلس رضي الله عنه حتى قتل، فهذه أحاديث واضحة كوضوح الشمس، لكنهم أخفوها وضيعوها وجعلوها وراء ظهورهم، ومن ذلك أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة، والنفس بالنفس)، فقوله: (التارك لدينه المفارق للجماعة)، أي: المرتد، وحديث آخر: أن رجلاً كان يعمل أجيراً عند رجل آخر، فوقع على زوجته، أي: زنا بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: (اغد يا أنيس !)، أي: اذهب، (فإن أقرت المرأة فارجمها، وإن أقر الشاب فاجلده)، فللزاني غير المحصن الجلد، وللزاني المتزوج الرجم حتى الموت، وهذه نقطة مهمة جداً، وقد رأينا من يكتب ويقول: إن الرجم لا علاقة له بدين الله تعالى، فيهدرون النصوص التي جاءت بها السنة النبوية.

    وأقول: إن حد الردة ثابت عند جمهور الفقهاء، كـابن حنبل ومالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور السلف وعلماء الأمة والصحابة والتابعين وتابع التابعين، خلافاً لمن أصيب بعفن في فكره والقائل: إن الردة ليست من الإسلام حتى توافق روح الإسلام! وقبل ذلك: الرجم ليس من الإسلام! ولعل بعد مدة يأتي من يقول: إن الصلاة ليست من الإسلام، وإنما المقصود بالصلاة الدعاء! وهذا كله من دعاوى وآثار الجاهلية، أما قتل المرتد فهو قتل بحق، والمرتد يستتاب ثلاثاً، وقد استنبط الإمام علي من قول الله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [النساء:137] أن المرتد يستتاب ثلاثاً، وهذا فعل الصحابة وإجماع جمهور العلماء.

    1.   

    التحذير من الذنوب والمعاصي

    الفائدة الثانية: التحذير من الذنوب والمعاصي، ففي إحدى خطبه عليه الصلاة والسلام حذر من الذنوب والمعاصي، لأن الذنوب والمعاصي هي سبب كل وباء نعيش فيه على المستوى الخاص أو المستوى العام، فعدم بركة الوقت سببه المعاصي، وعدم بركة الرزق وتسلط اليهود علينا، وضيق الصدور، وتقطيع الأرحام، ونشوز الزوجات، وكل ما نحن فيه من هم وغم ونكد سببه المعاصي، وقد سخروا منا يوم أن وقع الزلزال وخرجت بعض الأقلام الإسلامية تكتب وتقول: إن سبب ذلك هو المعاصي، واستهزءوا وسخروا، وقالوا: إنما هي كوارث طبيعية وظروف مناخية، ونسي القوم قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (لا ينزل بلاء إلا بمعصية)، وتقول أيضاً أمنا عائشة : إذا شربت الخمور وعزفت المعازف وفشا الزنا -المعصية عمت- غار الله في سمائه، فأمر الأرض أن تتزلزل بهم. إذاً فالزلزلة استعتاب من الله للخلق، وإنذار لهم من بطشه عز وجل.

    فهذا رجل من السلف كان يسير في الطريق فقابله رجلاً سيء الخلق فسبه ولعنه وتطاول عليه، فقال له: انتظر، ثم دخل إلى مسجد بجواره فتوضأ وصلى ركعتين ثم خرج يقول له: ما سلطك الله علي إلا بذنب ارتكبته، نعم فالله تبارك وتعالى لا يسلط هذا السفيه على الصالح إلا بسبب ذنب، فعاد الرجل يصلي ويستغفر، وكان السلف يقولون: كنا نعرف المعصية في خلق الزوجة والدابة، بمعنى: أن الزوجة لا تطيع، فإن وجدت ذلك فراجع نفسك إن كنت تقياً، ولا ترتكب المعاصي والذنوب، وكذلك الدابة، وتأمل يا مسلم ماذا فعلت المعاصي بالأقوام السابقة، ما الذي أغرق فرعون؛ إنها المعصية، ما الذي خسف بـقارون الأرض؛ إنها المعصية، ما الذي أرسل على ثمود الريح؛ إنها المعصية فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [الحاقة:5-7]، والخلاصة: أن سبب البلاء الذي نعيش فيه المعاصي التي نقترفها ونجاهر بها ليل نهار.

    1.   

    الأخوة في الله

    الفائدة الثالثة: الإخوة في الله التي ندرت في زمننا هذا، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)، ومعيار الإخوة في الله هو: (أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك)، فهل منا من يحب لأخيه ما يحب لنفسه، أم منا من يخطط لدمار أخيه؟ أهدى رجل من السلف ذراع شاة لأخيه، فأخذ الرجل الذراع وقال: من هو أحوج مني إليه؟ لي أخ يحتاج إليه فأعطاه له، والثالث أخذ الذراع وقال: من أحوج إليه مني؟ لي أخ فأعطاه له، وظل الذراع يدور بينهم حتى عاد إلى الأول، إنه الإيثار الذي عدم هذه الأيام، وأنتم أيضاً تقرءون عن الذين احتضروا في معركة من المعارك، فجاء الساقي إلى الأول ليسقيه، فرفض وقال: اذهب إلى أخي الذي بجواري فإنه أشد حاجة مني إلى الماء، وهذا عند الاحتضار! والثاني يقول له: اذهب إلى من بجواري فإنه أحوج إلى الماء مني، وظل يدور بينهم حتى وصل إلى الأخير، ثم قال: عد به إلى الأول، فجاء إلى الأول فوجده قد فارق الحياة، وكذلك الثاني والثالث، فماتوا جميعاً دون أن يشربوا شيئاً، إنه الإيثار والأخوة الصادقة، فأين هي الآن؟ نسأل الله العفو والعافية.

    1.   

    الوصية بالنساء

    الفائدة الرابعة: الوصية بالمرأة، يقول عليه الصلاة والسلام: (استوصوا بالنساء خيراً، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، فهذه وصية بالنساء، وقد كانت المرأة في الجاهلية الأولى تورث كالعقار، بل وتقتل ولا حق لها في الحياة، قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9]، كانت المرأة في الجاهلية الأولى لا حقوق لها مطلقاً، فجاء الإسلام وكرمها، وأعطاها حقوقاً وواجبات، وألزم الرجل أن يتقي الله فيها، لكن الآن نلحظ قلباً للموازين، فخرجت المرأة عن وظيفتها وعن طبيعتها التي خلقها الله لأجلها، وأضعنا قول الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، ووصفوا بقاء المرأة في بيتها رجعية! وعدم خروجها تخلف، ولا بد عليها أن تخالط الرجال، وأن تكون سواء بسواء، وتتولى المناصب القيادية، فلها أن تكون قاضية، وأن تكون مديرة، وأخيراً أن تكون مأذونة تعقد العقد في المساجد، وبعد ذلك تؤم الناس في صلاة الجمعة والجماعات، لا بد للمرأة أن تأخذ كامل الحقوق، حتى قالت إحداهن: لقد ظلم الإسلام المرأة بأن جعل لها نصف نصيب الرجل، وكان هذا في أول التشريع، أما الآن فلا بد أن نعيد النظر في ذلك النص القرآني: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فهذا النص ما عاد ينفع في زمننا هذا، لا بد أن تستوي فيه المرأة مع الرجل، وبإذن الله سنسمع قريباً فتوى جريئة لمجمع البحوث أيضاً تقتضي مساواة المرأة بالرجل! من يخطط لهذا المنكر العظيم؟ إن النصوص واضحة وبينة تماماً، فالقرآن والسنة لا يفترقا حتى يردا على حوض رسول الله، إن هؤلاء واهمون إذا أرادوا أن يستقوا الأحكام من القرآن مع إهدار السنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لأن النبي قال: (أوتيت القرآن ومثله معه)، والله قال: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].

    1.   

    تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم

    الفائدة الخامسة: العلاقة بين الحاكم والمحكوم، قال عليه الصلاة والسلام: (اسموا وأطيعوا) علاقة السمع والطاعة، متى يا رسول الله؟ (ما كانوا يحكمون فيكم بالكتاب والسنة)، فشرط الطاعة أن يكون الحاكم ملتزماً بكتاب الله وبسنة نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم حدد في خطبته أيضاً مصدر التلقي، ألا وهو من القرآن والسنة، فقال عليه الصلاة والسلام: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي) .

    1.   

    مهمة الأمة: البلاغ

    الفائدة السادسة: أن يبلغ الحاضر الغائب، أو الشاهد الغائب، قال عليه الصلاة والسلام: (فرب مبلغ أوعى من سامع)، وهذه مهمة كل الحضور، فإن حضرت درساً فبلغ، لأن مهمة الأمة الأولى: البلاغ، (والدال على الخير كفاعله)، ويقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة:67]، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    حكم صيام يوم عرفة للحاج

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.

    أما بعد:

    فهناك أيضاً بعض الدروس الفقهية المستفادة من خطب حجة الوداع، والعلامة الألباني في كتاب حجة النبي صلى الله عليه وسلم قد استنبط ما يقرب من اثنين وسبعين درساً، فأنصح بقراءة هذا الكتاب للعلامة المجدد الألباني رحمه الله تعالى.

    أولاً: عدم صيام يوم عرفة للحاج، ففي البخاري: (أن ميمونة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: تحدث الناس في يوم عرفة، هل صامه النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فمنهم من قال: إنه صائم، ومنهم من قال: إنه غير صائم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه لبن، ثم شرب منه بين حجاج بيت الله جميعاً)، ليبين لهم أنه لا يجوز للحاج أن يصوم في يوم عرفة.

    1.   

    يبعث المرء على ما مات عليه

    ثانياً: ذلك الصحابي الذي وقع من على دابته فوكزته بقدمها فمات، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تطيبوه ولا تغطوا رأسه، غسلوه وكفنوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)، وفي الحديث (إن العبد يبعث على ما مات عليه)، يعني: من مات على طاعة بعث عليها، فإن مات ساجداً بعث ساجداً، وإن مات ملبياً بعث ملبياً، ولذلك العبد يحرص على أن يكون على طاعة؛ لأن ملك الموت لا يستأذن أحداً، لكن من المسلمين اليوم من يموت لأجل أن الكرة ضربت في العارضة وعادت ولم يحقق الهدف، فالفريق الذي يشجع مكروب، فيموت لأجل الهدف، فهذا سيبعث يوم القيمة على حاله إن مات عليها، نسأل الله العافية، لذلك النبي قال: (يبعث يوم القيامة ملبياً)، أي: يخرج من قبره قائلاً: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فأي كرم هذا؟! ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يسأل الله حسن الخاتمة، وحسن الخاتمة: أن يوفقك الله بأن تموت على طاعة.

    فهذا ابن مسعود بكى في موته، فقيل له: لم تبك يا ابن مسعود ؟ قال: جاءني المرض في زمن الفتور، أي: فتور الطاعة، وكنت أحب أن يأتيني في زمن النشاط، أي: وأنا أتهجد وأقرأ وأصوم؛ حتى إذا جاء ملك الموت قُبضت على طاعة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: (لا تغطوا رأسه ولا تطيبوه، كفنوه وغسلوه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً).

    وربما قد تجد العجب في زمن العجب: رجل ينسب إلى أهل العلم ويصدر فتوى مضمونها: لا مانع من أن تجلس لتشاهد مسرحية، أو يشاهد حفلة غنائية، أو يشاهد احتفالات، لا أقول: شرعية، بل جاهلية، ويجلس وينظر إلى الرقص والطبل والغناء، ولا يستحي من منظره وسمته الإسلامي، فيا عبد الله لو أن ملك الموت جاءك في تلك الساعة فإنك ستبعث يوم القيامة وأنت تشاهد ما يغضب الله عز وجل، أما تستحي من نفسك، أما تتقي الله، وفي أماكن تتنزل فيها اللعنات من رب البريات؛ وفي أماكن يشرك ويسب فيها الله عز وجل، فيدخل هؤلاء ويطبلون، ويدخل هؤلاء ويصافحون، نسأل الله العافية.

    1.   

    جواز الحج عن الغير

    ثالثاً: حديث الفضل بن العباس ، وذلك لما أردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، وهناك كتب مهمة فيمن أردفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، فأردف أسامة بن زيد في حجة الوداع، وأردف ابن عباس رضي الله عنه، وأردف معاذاً، وأردف الفضل بن العباس في حجة الوداع، (فجاءت امرأة خثعمية)، أي: في وجهها، أو من قبيلة خثعم، تقول: (يا رسول الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستوي على راحلة)، أي: إن أبي يستطيع الحج، لكنه لا يستطيع أن يسافر لأداء المناسك، (أفأحج عنه يا رسول الله؟ فقال لها النبي: نعم)، قال العلماء: وفي الحديث بيان جواز الحج عن الغير، شريطة: أن يكون مستطيعاً استطاعة مادية، لكنه عاجز عن أن يصل إلى المنسك لمرض يرجى برؤه.

    اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وجسداً على البلاء صابراً، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، نسألك رضاك والجنة، نعوذ بك من سخطك والنار، يا ربي لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، اللهم لا تجعلنا جسوراً يعبر بها أو عليها إلى نار جهنم، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، نعوذ بك يا ربي من علماء السوء، نجعلك يا ربي في نحورهم، ونعوذ بك يا ربي من شرورهم، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، وفي السر والعلن، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وعند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً، بيض وجوهنا عند سواد وجوه، ثبت أقدامنا على الصراط، اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، اللهم إنا نعوذ بك من القبر وظلمته، ونعوذ بك من الصراط وزلته، ونعوذ بك من يوم القيامة وكربته، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك، اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء ومن الذل بعد العز، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، علمنا منه ما جهلنا، ذكرنا منه ما نسينا، ارزقنا حب القرآن، ونور القرآن، وفهم القرآن، استر عورتنا بالقرآن، حبب إلينا القرآن، وحبب القرآن لنا، اغننا بحلالك عن حرامك، اكفنا بفضلك عمن سواك، اجعل ثأرنا على من ظلمنا، يا ربي لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا، اللهم حبب إلينا القرآن وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربي من الراشدين.

    آمين آمين آمين.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

    1.   

    الأسئلة

    حكم أخذ الإنسان من المال الذي أعطي له لإنفاقه في وجوه الخير

    السؤال: ابنة خالة زوجتي ميسورة الحال، وهي دائماً تنفق بسخاء على المحتاجين والفقراء، وكثيراً ما تعطي زوجتي مبلغاً من المال وتكلفها بإنفاقه على من تراه يستحق، فهل يجوز لنا أن نأخذ من هذا المال إن كنا محتاجين، مع العلم بأنني أعمل في التجارة الحرة، وليس لدي راتب شهري، وأعاني من الديون والأقساط؟

    الجواب: لا بأس أن تأخذ طالما هي أعطت المال لزوجتك وقالت لها: أنفقي هذا المال على المستحقين، فأنت أول المستحقين، فلك أن تأخذ وتقضي عنك الديون، وأنت من مصارف الزكاة، حتى وإن أخذ المبلغ كله إذا كان مديناً، لأن المسألة لا تجوز إلا لثلاثة: (لفقر مدقع، أو غرم مفظع، أو دم موجع)، وهذا صاحب غرم، فهو من مصارف الزكاة.

    ذكر أول من بنى الكعبة

    السؤال: من أول من بنى الكعبة، هل هو إبراهيم عليه السلام، أم الملائكة؟

    الجواب: خلاف بين العلماء، والراجح: أن إبراهيم أعاد القواعد، وأما هي فمبنية قبل إبراهيم، فمنهم من قال: إن الذي بنى الكعبة هو آدم، ومنهم من قال: الذي بناها الملائكة، والله تعالى أعلم.

    معنى حديث: (إذا مرض العبد أو سافر...)

    السؤال: هل يسقط السفر الجماعة أو يؤخرها عن وقتها؟ وما رأيكم في حديث: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) .

    الجواب: المسافر إذا سمع النداء وحضرته الجماعة فعليه أن يصلي، وأما الحديث فله توجيه معين، ألا وهو: إذا كان مسافراً على متن طائرة وأذن للظهر كتب له أجر الجماعة؛ لأنه كان يواظب على الجماعة في حالة الإقامة، والسفر قد حال بينه وبين الجماعة، وليس معنى ذلك أن يكون مسافراً وقد نزل واستتب وأقام وسمع النداء فيقول: ليس علي جماعة، فليس هذا هو المقصود، والله تعالى أعلم.

    بيان مدة القصر في السفر

    السؤال: إنسان مسافر للحج في أشهر الحج، فهل يصلي قصراً في جميع الصلوات، وهل هناك مدة للقصر؟

    الجواب: أرجح الأقوال وهو قول جمهور العلماء: القصر، وذلك ما لم ينو المسلم الإقامة أكثر من أربعة أيام، بمعنى: أنا سأنزل مكاناً وعندي نية أن أقيم أكثر من أربعة أيام فلا قصر، أما لو كنت لا أدري كم مدة الإقامة فأقصر مهما طالت المدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ظل في فتح مكة يقصر الصلاة أكثر من تسعة عشر يوماً، لأنه لا يدري متى سيعود، لكن إن نزلت مكاناً لمدة معينة ومحدودة، كأن تكون ثلاثة عشر يوماً فلا قصر مطلقاً؛ لأنك نزلت وأنت تعلم مدة الإقامة ومتى سترحل، فإذا نزلت في اليوم السابع من فبراير وسترحل يوم التاسع فلك أن تقصر، لأنك ستقيم يومين فقط، والذي يسافر إلى الحج يعلم متى الرحيل ومتى العودة، فأقول له: قصر الصلاة إن زادت مدة السفر عن أربعة أيام، أما في منى فتقصر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في منى قصراً، وصلى في عرفة جمعاً وقصراً، وصلى في المزدلفة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً.

    حكم طواف القدوم

    السؤال: طواف القدوم، هل هو لتحية البيت غير طواف الحج، أم هو طواف للعمرة؟

    الجواب: طواف القدوم هو للحاج القارن والمفرد فقط، وليس للمتمتع طواف قدوم، وإنما على المتمتع طواف عمرة، وهو في حكم طواف القدوم، إلا أنه ركن، وطواف القدوم واجب، وعند البعض سنة.

    حكم ترك الواجب في الحج

    السؤال: إذا ترك المرء أكثر من واجب، فهل تتعدد الفدية، وإن لم يستطع فهل الهدي يجزئ عن ذلك، وهل الهدي واجب؟

    الجواب: إذا ترك أكثر من واجب من واجبات الحج، مثل: ترك المبيت بالمزدلفة، أو ترك رمي الجمرات، أو ترك المبيت بمنى، أو ترك طواف الوداع، وكل هذه واجبات، فعليه أربعة دماء، فإن استطاع أن يذبح أو أن يفدي باثنتين وعجز عن اثنتين فيلزمه صيام: ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196]، فعن الواجب الواحد يصوم عشرة أيام، والهدي واجب لا شك في هذا.

    حكم التتابع في الصيام في الحج

    السؤال: هل الصيام في الحج يكون متتابعاً لمن لا يستطيع الذبح؟

    الجواب: لا، ليس ذلك شرطاً، وإنما يستحب أن يصوم قبل يوم عرفة، ويوم النحر وأيام التشريق لا يصومها، فإن اضطر لصيام أيام التشريق فلا بأس، لكن الأولى أن يصوم ستة وسبعة وثمانية، خمسة وستة وسبعة وهكذا وهذا هو الأفضل.

    حكم المرأة الحائض في الحج

    السؤال: امرأة حاضت في الحج، ماذا تفعل من أعمال الحج؛ وماذا يكون عليها خاصة وأنها مرتبطة بمواعيد السفر ولم تطف أي طواف؟

    الجواب: إذا حاضت المرأة في الحج فعليها أن تفعل كل ما يفعل الحاج إلا الطواف بالبيت، لكن إن خافت رحيل الركب قبل أن تطهر، فعليها أن تربط خرقة على فرجها وتتحفظ وتطوف طواف الإفاضة، وليس عليها طواف وداع، هذا قول العلماء، والله تعالى أعلم.

    ما يلزم الحاج من الطواف إذا وصل في صبيحة يوم عرفة

    السؤال: سافرت في صبيحة يوم عرفة للحج، فهل أطوف للقدوم، أم للعمرة، أم للحج، أم هو طواف واحد؟

    الجواب: السؤال الآن: هل أنت مفرد أم متمتع أم قارن؟ إن كنت مفرداً بالحج فقط فعليك أن تطوف للقدوم ثم ترحل إلى عرفة، لأن من أدرك الوقوف بعرفة قبل بزوغ فجر الأضحى فقد أدرك الوقوف، فلو أنه سافر من هنا قبل المغرب ووصل إلى السعودية في الساعة الثامنة مساء أو تسعة وأحرم من الميقات ثم طاف ورحل إلى عرفة ووصل الساعة الثانية عشر ليلاً فقد أدرك الوقوف بعرفة، فإن ترك عرفة قبل غروب شمسها فعليه دم، لأن الوقوف بعرفة في جزء من الليل واجب من واجبات الحج، والوقوف بعرفة في النهار سنة، فمن ترك الوقوف بعرفة نهاراً ووقف ليلاً فليس عليه شيء، ومن وقف نهاراً ولم يقف ليلاً فعليه دم، لأنه ترك واجباً من واجبات الحج.

    حكم النيابة في رمي الجمرات والذبح عن المريض

    السؤال: هل يمكن أن أنيب عني من يرمي الجمرات ويذبح يوم النحر لمرضي؟

    الجواب: لا بأس أن تنيب عنك من يرمي الجمرات، شريطة أن يكون قد رمى عن نفسه، وكذلك أن توكل عنك من يذبح، فلا شيء في هذا أيضاً.

    بيان معنى الاشتراط في الحج وحكم من فاته الوقوف بعرفة

    السؤال: ما هو الاشتراط في الحج؛ وإذا مرضت مرضاً شديداً، ولم أكمل الحج، ولم أقف بعرفة ماذا يكون علي؟

    الجواب: الاشتراط في الحج أن يقول الحاج أو المعتمر عند إحرامه من الميقات: لبيك حجاً، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهذا يكون في حال الخوف، كأن خاف عدواً أو خاف تعطل دابة، أو خاف أن يرده من يرده، فعليه أن يشترط ولا شيء عليه، وأما من فاته الوقوف بعرفة لمرض شديد أقعده فلا حج له، وليس عليه شيء، ومن العلماء من قال: عليه أن يحصل الأركان بعد فوات وقتها، يعني: يقف بعرفة ويطوف للإفاضة ويسعى، فهذه أركان، ثم يذبح دماً عن كل واجب، فيذبح عن مزدلفة، ومنى، ورمي الجمرات، وطواف الوداع، والهدي.

    حكم جمع طوافين في طواف واحد

    السؤال: هل يمكن أن نجمع طوافين في طواف واحد؟

    الجواب: نعم، يجوز للحاج -مثلاً- إذا كان راجعاً إلى مصر أن يطوف للإفاضة وفي نفس الوقت ينوي به طواف الوداع، ويكون آخر عهده بالبيت هو طواف الإفاضة، والله تعالى أعلم.

    حكم إدخال الفدية على الهدي

    السؤال: لو تركت واجباً من واجبات الحج وعلي دم، فهل يمكن أن أدخله في الهدي؟

    الجواب: لا، لأن هناك فرقاً بين الفدية والهدي، فالهدي نسك، وله ميقات آخره أيام التشريق، ويجوز لك أن تأكل منه، بينما الفدية ليس لها ميقات، فهي دين في الذمة إلى أن تستطيع حتى ولو بعد الحج، لا يجوز لك أن تأكل منها، ويشترك الهدي والفدية في أن الهدي والفدية لا بد أن يذبحا داخل حدود الحرم.

    حكم رمي الجمرات قبل الزوال لمرافق الضعيف أو المريض

    السؤال: هل المرافق للضعيف أو المريض أو المرأة يأخذ حكمهم في رمي الجمرات قبل الزوال؟

    الجواب: إن كان رجل مع امرأة وهي ضعيفة يأخذ حكمها، أما إن كان مريضاً ويريد أن تصل به إلى الرمي فاذهب به حتى يرمي ثم تعود أنت وترمي في وقتك، وهذا هو الصحيح؛ لأنك صحيح والرخصة للمريض والضعيف، أما أنت فلا بد أن ترمي بعد الزوال، فمن رمى قبل الزوال فكأنما صلى الظهر الساعة العاشرة، وهذا كلام مهم جداً، إلا إذا كان مرافقاً للمريض فيأخذ حكمه، يعني: لا يستطيع أن يعود ويتركه، أما إن كان ممكناً أن تؤديه فيرمي ثم تعود وترمي بعد الزوال، فهذا هو الصواب.

    بيان أفضلية الحلق والتقصير في الحج

    السؤال: هل الحلق في الحج أفضل أم التقصير؟

    الجواب: إن كنت متمتعاً فالتقصير أفضل حتى تترك شعراً لتحلقه في يوم النحر، وإن كنت قارناً أو مفرداً فلا شك أن الحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً.

    طواف القدوم للقارن طواف عمرة

    السؤال: طواف القدوم للقارن طواف عمرة، حيث أنه قارن بين العمرة والحج؟

    الجواب: نعم هو طواف عمرة، لكن اصطلح الفقهاء على تسمية الطواف هنا طواف قدوم، ولا مشاحة في الاصطلاح بعد فهم المعنى.

    أركان الحج وواجباته

    السؤال: ما هي أركان الحج وواجباته؟

    الجواب: أركان الحج أربعة:

    أولاً: الإحرام، يعني: النية.

    ثانياً: الوقوف بعرفة.

    ثالثاً: طواف الإفاضة.

    رابعاً: السعي.

    وأما واجبات الحج فهي:

    أولاً: الإحرام من الميقات، لا الإحرام، لأن الإحرام ركن، والإحرام من الميقات واجب، فلو أحرم بعد الميقات فإحرامه صحيح وعليه فدية؛ لأنه ترك واجباً.

    ثانياً: المبيت بالمزدلفة.

    ثالثاً: رمي الجمرات.

    رابعاً: المبيت بمنى.

    خامساً: طواف الوداع.

    سادساً: الحلق أو التقصير.

    سابعاً: طواف القدوم.

    الكيفية الصحيحة للتقصير

    السؤال: ما هي الكيفية الصحيحة للتقصير؟

    الجواب: هذه نقطة مهمة جداً، لأن بعض الحجاج يأخذون من شعرهم بالمقص جزءاً يسيراً، وهذا لا يسمى تقصيراً، ويلزمه دم إن أصر؛ لأن التقصير للرأس لا يسمى مقصراً إلا إذا قصر كل الرأس، أما من قصر جزءاً قصيراً فلا يسمى مقصراً، وقد ترك واجباً، ويلزمه دم، وأما بالنسبة للمرأة فتجمع ظفيرتيها وتأخذ من مجموع شعرها قدر أنملة، ولا تأخذ من جزء واحد.

    حكم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من مناسك الحج؟

    الجواب: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو زيارة المدينة ليست من مناسك الحج، وإنما ينتهي الحج بانتهاء نسكه بانتهاء طواف الوداع، وليس عليه شيء، وإنما نقول بزيارة المسجد الحرام؛ لأنه من المساجد التي تشد لها الرحال فضلاً عن قبا فضلاً عن زيارة أموات البقيع، فضلا عن زيارة شهداء أحد.

    حكم العمرة عن القريب المتوفى

    السؤال: كيف يمكن أن أعتمر في الحج لقريب متوفى، مع العلم بأني نويت الحج متمتعاً؟

    الجواب: نعم، شريطة أن تكون قد اعتمرت عن نفسك، وتقول عند الميقات: لبيك عمرة عن أخي فلان، ثم تؤدي العمرة له، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة تقول: لبيك حجاً عن نفسي.

    واجبات الحج التي تجبر بدم

    السؤال: ما هي الأركان والواجبات التي تنتهي بوقت معين ولا تجبر بدم؟

    الجواب: طالما أنك تركت الواجب غير متعمد يلزمك دم، وكل واجبات الحج لها وقت معين، كالوقوف بمزدلفة، والمبيت بمنى، وطواف الوداع إن تركته ورحلت إلى بلدك لزمك دم.

    حكم الوقوف بعرفة قدر ساعة في اليوم الثامن والتاسع عند الاختلاف في رؤية الهلال

    السؤال: هل يصح الوقوف بعرفة قدر ساعة في اليوم الثامن واليوم التاسع عند الاختلاف في رؤية الهلال ليمنع الشك؟

    الجواب: لا لأننا لن نختلف في الهلال في أول ذي الحجة أبداً.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم، وتقبل الله منا ومنكم.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756157342