أيها الإخوة.. حديثنا في هذا اليوم -إن شاء الله- عن بعض الأمور المتعلقة بالطبيب المسلم.. سنتكلم عن الطبيب المسلم، وسنتعرض من خلال كلامنا في هذا الموضوع لموقف الطبيب المسلم من المريض ومن المحتضر، وبعض النقاط المهمة التي تحصل -أحياناً- في المستشفيات وفي غرف العمليات، وبعض العمليات الجراحية، وقضايا تتعلق بجهاز الإنعاش، وبعض الأمور المتعلقة بعلاقة النساء والرجال داخل المستشفيات.
والكلام عن صفات الطبيب المسلم كلام طويل، ولكن لن نتطرق إليه بالتفصيل في هذه المحاضرة، بل سوف تكون محاضرة عامة أشبه بجمع بعض النقاط التي تصادف الإخوان الأطباء والطبيبات في المستشفى، فبادئ ذي بدء أقول لكم أيها الإخوة: إن الطبيب المسلم ليس هو ذلك الإنسان الذي أخذ الشهادة، أو درس مجموعة معينة من الكراسات في علم الطب في أي حقل من حقوله؛ حتى حصل على تلك الورقة التي تخبر وتثبت بأنه وصل إلى الدرجة الفلانية في حقل الطب، وإنما الطبيب المسلم حقيقة هو داعية إلى الله عز وجل بالدرجة الأولى، وإن المجال الذي يعمل فيه الطبيب المسلم يؤهله للقيام بدور كبير في الدعوة إلى الله عز وجل، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي تصحيح واقع كثير من الناس.
والداعية إلى الله -عموماً- قد يواجه في المجتمع بصدود كبير، وبمقاومات عنيفة، وعوامل كثيرة تجعله لا يستطيع أن يوصل ما يريد إيصاله من الأفكار الإسلامية الصحيحة إلى الناس، ولكن الطبيب عنده فرصة ذهبية لا تكاد توجد لغيره، وهذه الفرصة أنه الآن يتعامل مع شخص في حالة ضعف، والشخص عندما يكون مريضاً أو على وشك الموت؛ فإنه يكون في حالة من التقبل لتقوية صلته بالله أكثر من أي شخص آخر، وهنا تبرز قضية الجانب الإيجابي الذي يتمتع به كثير من الأطباء، والذي لا يوجد لغيرهم من المسلمين الذين يقومون بالدعوة إلى الله في أماكن أخرى.
وقد يتسخط بعض المرضى، وقد يسبون المرض أو أعراض المرض، ولكن عندما نرى هذا الحديث في صحيح الإمام مسلم ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب فقال: (ما لك تزفزفين؟ قالت: الحمى، لا بارك الله فيها. فقال: لا تسبي الحمى؛ فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد) كما أن هذا الفرن الحار وهذه النار الحامية تذهب الخبث أو الشوائب في الحديد حتى يخرج معدناً صافياً نقياً، كذلك هذه الأمراض تنقي المريض من الخطايا، فأنت إذاً تفتح له باب الأمل، وتفتح له باب رحمة الله، وتقول له: رب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وهذه فرصة لمحو كثير من الذنوب والخطايا التي قد لا تمحى إلا بالمرض، لأن كثيراً من توبة الناس واستغفارهم خاطئة فيها خطأ، ولكن إذا جاء المرض يمحو الله به من السيئات ما لا يمحوه بالتوبة والاستغفار.
وقد يصل المريض إلى درجة أن يتمنى الموت، تجده يصرخ -مثلاً- في الغرفة ويدعو على نفسه بالموت، أو يدعو الله أن يميته تحت هذا الضغط من الألم، فعند ذلك تبين له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي) هذه مبادئ أساسية، وهذه الأحاديث -يا إخوة- يمكن أن الشخص العادي لا يجد لها مجالاً عملياً مثل ما يجدلها الطبيب، ولكن أنت بواقعك تستطيع أن تطبق هذه الأحاديث وتعمل بها في الواقع كثيراً.
يلجأ كثير من الأطباء إلى إخفاء واقع المرض السيئ عن المريض، وعدم إخباره نهائياً بحالته الصحية، وهذه المسألة مع ما فيها من الإيجابيات حتى لا تسوء نفسية المريض؛ فإنه لا بد -أيضاً- من إخباره بوضع معين حتى يتأهب للموت، قد يكون لم يوصِ بعد، فهو يحتاج إلى أن يوصي مثلاً، وقد يكون رجلاً عنده معاصي كثيرة يريد أن يتوب منها، فأنت لا بد أن تتوسط بين تبيين وضعه تماماً بحيث أنه -مثلاً- لا ييأس، أو بحيث أنه لا يصاب بإحباط، وبين أن تبين له مدى الخطورة التي يستعد بعدها، فلا بد -مثلاً- أن تبين له وتقول له: يا أخي! الأعمار بيد الله، قد يكون هذا المرض مميتاً وقد تشفى بإذن الله، نحن لا ندري، لكن أنت عليك أن تتأهب لملاقاة الله عز وجل في أي وقت.. كلمات تشعر صاحب المرض الخبيث أنه قد يقدم على الله في أية لحظة فيستعد.
إذاً: السلبية من عدم إخبار المريض نهائياً بحالة المرض الخبيث الذي هو فيه، هي: أن المريض لا يتمكن من القيام بتصرفات معينة، مثل التوبة، ومثل كتابة الوصية، فأنت تتلافى هذه السلبية وتتوسط بأسلوبك الهادئ المتزن بين سلبية إشعاره باليأس كأن تقول: معك سرطان -مثلاً- مفاجأة، وبين أنك تطمئنه تماماً؛ بحيث أن الرجل يظن أنه ليس فيه شيء نهائياً، وأنه سيقوم بعد أيام، وإذا به تفاجئه المنية.
إذاً: قضية إكراه المرضى على الطعام والشراب ليست مسألة واردة أو محبذة في وضع المريض، ولكن هناك أشياء لا بد منها، مثلاً: هناك سائل معين مغذٍّ في حالته لا بد أن يأخذه، ففي هذه الحالة لا نقول له: اعزل السائل هذا ولا تأخذه لأن الله يطعمه.. بل لا بد من اتخاذ الأسباب.
فإذاً: لا ننسى تحصيل هذا الأجر، ولذلك نجد بعض الإخوة الأطباء عندهم روح طبية في زيارتهم، فتجده لو مر بمريض ليس بمريضِهِ وليس بمكلف بالمرور عليه، تجد أنه يأتي ويسلم: السلام عليكم، كيف أنت يا أخي؟ هل تحتاج شيئاً؟ وهذه الأشياء ليست علاجاً، فهو لن يعطيه إبراً أو أدوية، وإنما يعطيه كلمات، وقد لا يكون المريض تابعاً لنفس الطبيب، لكن هذه الكلمات ينوي بها العيادة ولن يخسر شيئاً؛ لأنه سيمر بسريره وسرير غيره، فيحصل أجراً عظيماً، فهذه فرص للأجر لكم تستطيعون تحصيلها، ليس كغيركم من الزوار الذين لا يأتون إلا جزءاً من ساعة معينة في اليوم، وقد لا يأتي يومياً، وأنت يومياً تستطيع أن تكسب هذا الأجر.
والطبيب يرى بعينه حالة المريض، فينبغي له أن يتفقه في أشياء.. كيف يصلي المريض؟ كيف يتطهر المريض؟ ما معنى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]؟ إذا كان لا يستطيع أن يصلي إلا بالنجاسة في ثيابه يصلي بالنجاسة في ثيابه.. إذا لم يقدر على أن يتوضأ ولا أن يؤتى له بالماء ليتوضأ يساعده الطبيب بأن يأتي له -مثلاً- بعلبة من الرمل أو التراب النظيف حتى يتيمم عليه، ينبغي أن يكون بجانب كل غرفة مرضى إناء من الرمل أو التراب بدل إناء الزهور هذا الذي قد لا يكون له فائدة؛ حتى إذا طلب المريض شيئاً وما يستطيع أن يتوضأ يأتي له الطبيب بهذا الإناء من الرمل يضرب عليه، ويمسح ظاهر كفيه ووجهه، فقد صار الآن طاهراً يؤدي الصلاة، وإذا استطاع الطبيب أن يوجهه إلى القبلة وجهه إلى القبلة، إذا لم يقدر على أن يتحرك نهائياً وبعض الأجهزة متصلة به فيصلي على حسب حاله ولو إلى غير القبلة، ويشرح له الطبيب أنه يجوز له الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء؛ لأنه من أصحاب الأعذار.
إذاً: لا بد أن يكون لك موقف يا أخي، لا تقل: أنا عملي أنني فقط أحط السائل، وأرى لهذا، وأعالج وأكشف.. لا، أنت ترى الآن مسلماً أمامك لا يعرف كيف يصلي، لا يعرف كيف يعبد الله، ومن المهم أن يبقى الإنسان المسلم متصلاً بالله في الصلاة وغير الصلاة وبعض الأطباء يقول: ليس لي دخل، أنا ما علي من صلاة، هذه بينه وبين الله.. نعم. بينه وبين الله، ولكن أنت تستطيع أن تقدم شيئاً، تستطيع أن تساعد، تستطيع أن تغير، ليس هناك مشايخ وعلماء في المستشفيات يبينون للمرضى، ولو وجد قد لا يستطيعون الدخول في كل وقت، فأنت تبين للمرضى كيفية الطهارة والصلاة بالنسبة إليهم، وهناك نشرة لطيفة كتبها الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في كيفية طهارة المريض وصلاته، صفحة أو صفحتين تقرؤها وتحفظ ما فيها وتنتهي القضية.
كذلك -مثلاً- إذا أغمي على شخص في عملية كيف يقضي الصلاة مرتبة عندما يقوم؟ تشرح له وتقول: لقد أغمي عليك -مثلاً- من الساعة الفلانية إلى الساعة الفلانية، من الوقت الفلاني إلى الوقت الفلاني، لقد فاتك كذا وكذا من الصلوات، فأنت تبين له ما هي الأشياء التي فاتته من الصلوات لكي يقضيها.
وكذلك عند فحص هذا المريض يتجنب أن يظهر أهالي المريض أنه محل تجارب، كأن يقول: تعال اكشف أنت.. وقد يحتاج إلى علاج حتى يسكن ألمه، فيقول: لا، لابد أن يرى هذا كل الطلاب، دعه قليلاً يتألم.. إن شاء الله هذا لن يحدث، لكن من باب التذكير والتنبيه.
وقد نسمع عن بعض الحالات في الطوارئ، يأتي رجل على وشك الموت ويحيط به الأطباء والناس قد يصيحون، وقد يصيح من حوله أولاده، وتحدث لحظات صمت عند الوفاة، فإذا مات الرجل وذهب به مع أهله وذويه وخرجوا، رجع الأطباء والطبيبات والممرضات والمرضى يضحكون، ويتكلمون، وكأن شيئاً لم يكن، وهم قبل دقائق كانوا يرون رجلاً سيكون أحدهم في مكانه في يوم من الأيام.
فإذاً نقول: لا ينبغي أن تحدث كثرة الحالات عندنا هذه القسوة في القلب، وينبغي للإنسان أن يستشعر مهما كان.. هذا الرجل يعاني من سكرات الموت، وملائكة الموت تنزل به، قد تكون ملائكة رحمة وقد تكون ملائكة عذاب، ولذلك الطبيب لا يشتغل وهو ساكت صامت كأنه أغلق فمه، وإنما يطلب من الله أن يعينه ويعين المريض، ويسأل الله أن يرحم المريض وأن يثبت هذا المحتضر، ويسأل الله له حسن الخاتمة لو مات، ويدعو له، وتلك اللحظات فيها أشياء لا توجد في غيرها، وأنت قد تعاصر أشياء لا يعاصرها غيرك، ولا يعيش فيها غيرك، من ذلك -مثلاً- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حضرتم الميت فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) والطبيب يحضر مرضى ويحضر موتى، بإمكانه أن يقول خيراً وأن يدعو خيراً؛ فعليه أن يستغل هذه الفرصة، ولا يقف صامتاً مجرد أنه يعمل الآن بيديه ويراقب وهو مشغول عن الموت وعن الدعاء، وعن سكرات الموت، وعن التأثر، وأن قلبه قد تحجر، وقد لا يذرف دمعة واحدة مهما رأى من الموتى.
ويستطيع الطبيب أن يساهم في إنقاذ أناس من جهنم إذا أراد الله له ذلك، فيكتب على يديه هداية أشخاص في اللحظات الأخيرة، أو أن يخرجوا من الدنيا بلا إله إلا الله التي قالها لهم الطبيب، وهنا قد يسأل بعض الإخوان سؤالاً فيقول: أتاني مريض في حالة خطيرة جداً إلى الطوارئ، فلو أني قلت له: قل: (لا إله إلا الله)، ثم إنه كتب له الشفاء، فهنا قد يقيم علي دعوى، ويشكوني ويقول: أنت حطمت معنوياتي لما قلت لي: قل (لا إله إلا الله)؛ لأن معناها أنك حكمت علي بالموت..!
هناك بعض ضعفاء العقول والإيمان يقولون هذا، فأنت الآن بين نارين: إذا قلت له: قل: "لا إله إلا الله" قد تحدث هذه السلبية، وفعلاً -إذا أردنا أن نكون متجردين- قد تضعف نفسية الرجل ويقول: معناها أني سأموت. لكن في الجانب الآخر لو لم تقل له هذا الكلام فيمكن يموت ويخرج من الدنيا وما قال: (لا إله إلا الله) وتكون قد فوت عليه فرصة عظيمة لا يمكن أن تأتي إلا على يديك؛ ففي هذه الحالة ينبغي أن يكون الطبيب لبقاً، وأن يقول له -مثلاً- إذا أتى إليه واحد في حالة خطيرة: اذكر الله يا أخي، اذكر الله، واستعن بالله، وعندما تقول لأي واحد من العامة: اذكر الله.. ماذا يقول في العادة؟ سيقول: (لا إله إلا الله)، فإذاً: أنت حللت هذا الإشكال، فممكن أن تقول: اذكر الله يا أخي، فسوف يقول: (لا إله إلا الله) فتنتهي المشكلة، وتقول له: أنت الآن لا بد أن تستعين بالله في وضعك هذا. فيقول: (لا إله إلا الله). فلو مات انتهت القضية، وخرجت بسلام.
وهنا نذكر بالمشكلة الحاصلة في نفوس الكثير من المشتغلين في حقل الطب: وهي مشكلة الفصل بين واجبات المهنة وواجبات الدين.. فقد يقول الواحد: ماذا علي منه أن أدعوه إلى الإسلام وأدعو له، الله يقول: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6] ويستشهد بآيات على ما يسوغ له، ويأخذ من القرآن ما يريد ويدع ما يريد، وهذه الآية: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6] هل معناها أننا ما ندعوهم إلى الإسلام؟
الرسول صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام وقال: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) وهذا كافر أمامك، لقنه، قل له بالإنجليزي، اشرح له إذا لم يكن يفهم بالعربي، قد تكسب أجراً عظيماً: (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)
إذاً: الإخوان الذين يقولون: نحن أطباء ما لنا علاقة بالقضايا الإسلامية أو بقضايا الدعوة إلى الله، وهذه القضية عمل المشايخ وأئمة المساجد والدعاة، نحن أطباء لنا الجانب الطبي، والجانب العلمي...!! تقول: من قال: إن المسلم إما أن يكون طبيباً أو مهندساً أو شيخاً أو قاضياً وليس له علاقة بالأمور الأخرى؟ إذا كان الأطباء من النصارى يذهبون في بعثات تبشيرية ولا يعطون الرجل الدواء حتى يشهد للصليب ويؤمن به، وغالب البعثات التبشيرية من الأطباء، أولئك على باطل يستغلون الطب ويستغلون المرضى ويستغلون الموتى بنشر الأباطيل النصرانية، ونحن -يا أهل الإسلام ويا أهل الحق- نأتي ونقول: ما لنا دخل نحن الأطباء..! هذا وأنت لم تذهب إلى أدغال أفريقيا ولن تسافر إلى أمكنة بعيدة كما يضحي أهل الباطل، أنت قد جاء إليك في المستشفى، أما ذاك فإنه يذهب ويقطع آلاف الأميال، ويهجر الأهل والبلد والأولاد، ويتغرب عن الوطن لكي يدعو إلى الباطل، ويستغل الطب، ويقولون له: ما نعطيك إلا كذا، أو يقولون له مثلاً: هذا من يسوع، وهذا ما أدري ممن... وأنت أخونا في الله جالس وتقول: أنا ما لي علاقة بالدين..!
وكذلك يعجل بتجهيزه، ويخبر أولياء الميت بسرعة، وإخبار أولياء الميت يتعلق به أشياء: من امرأة قد تحد، وسوف تحد من لحظة وصول خبر الموت إليها، فهناك أحكام تترتب على إخبارك أولياء الميت.. قضايا الاستعجال بالتجهيز والدفن هم سيقومون بها، وهناك مرأة ستدخل في الحداد، وهناك قضايا الميراث، وأشياء كثيرة ستترتب على هذا؛ ولذلك يسرع بإخبار أولياء الميت لكن برفق، ويأتي أحدهم ينتظر ويسأل: ما الخبر؟ فيقول: مات!! فلا بد أن يخبر؛ لأنه تترتب عليه أحكام، لكن بطريقة لطيفة، وعليه أن يتذكر آيات وأحاديث يقولها لأولياء الميت عندما يخرج عليهم من غرفة الإنعاش وقد مات الرجل، حتى يهون عليهم، لا يقول: مات! ويدير ظهره ويمشي، فهناك قضايا هم يسمونها إنسانية لكننا نسميها، (آداب شرعية إسلامية).
وأحياناً يحصل إهمال فيبقى الميت على سريره وسط المرضى لساعات، والمرضى يعلمون في الغرفة أن الرجل الذي في هذا السرير قد مات، وهذا خطأ كبير أن يحدث هذا، فلا بد من التفقد ومن سرعة الانتباه، وإذا استطعت أن تقدم أشياء كالروتين حتى يمشي بسرعة لأن إجراءات الوفاة من أصعب الإجراءات وأطولها يذهب ذلك ويبحث عن الدكتور يوقع له ورقة، وذاك مشغول ذاهب... فأنت داخل في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإسراع في تجهيز الميت.
وإذا رأيت عليه من علامات حسن الخاتمة شيئاً، كأن رأيت -مثلاً- بياضاً في وجهه أو نوراً، أو رأيت التجاعيد زالت عند موته؛ لأن بعض أولياء الله وبعض الصالحين قد يحدث لهم علامات من حسن الخاتمة، أو أنك شاهدته يتبسم، فمن باب أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالثناء على الميت والإخبار بمحاسنه، فأنت تخبر بهذه المحاسن وتقول لأهله: أبشروا، ميتكم -إن شاء الله- على خير، لقد رأيته تبسم مع أنه مات، لقد رأيت نوراً يسطع بين عينيه. وأنت ما تكذب وتؤلف لكن تخبر بالحقيقة.
وإن كنت رأيت شيئاً من علامات سوء الخاتمة -والعياذ بالله- قد ترى وجهه قد انقلب أسود وكان أبيض البشرة، وقد تجد له رائحة منتنة حالما يموت، وقد تجد أشياء كثيرة؛ فهذه تستر ولا تنشر بين الناس.
أنت الآن تعالجه، وإذا خرج من المرض استعمل الحرام مرة ثانية، فأنت أعنته على المنكر، ولا نقول لك: اتركه مريضاً حتى لا يتمكن من فعل المنكر! لكن نقول لك: بالإضافة إلى تقديم العلاج البدني قدم له العلاج القلبي، قل له: يا فلان! لنكن صرحاء، هذه الحالة تأتي -مثلاً- بسبب فواحش، بسبب كذا، فأنت عليك أن تتوب إلى الله، وأن تتقي الله عز وجل، وقد تأتي المرة القادمة ويمكن ما ينفعك العلاج.
كذلك الأعراض الخطيرة للمرض لكن ما يذكرها؛ مع أنها قد تمنع المريض عقلاً -لا شرعاً- قد تمنع عقلاً عن ارتكاب الفاحشة، لكن لا يخبره بها فقط، يأتي مريض فيعالج ويذهب، ثم يرجع له في المرة الثانية بمرض ثان، ثم يبدأ يعالجه... وهكذا، هذا الكلام غير صحيح، ينبغي عليك أن تبين له مضاعفة الأمراض هذه بالذات، كالأمراض التناسلية وغيرها، وكذلك أضرار المخدرات والخمر، تبين له الأضرار التي قد تترتب عليها ما لا تبينه لرجل آخر ليست عنده هذه الأشياء؛ لأنه لا فائدة من أنك تهبط من معنويات رجل صالح أتى له مرض فتقول: هذا قد يتطور وقد يتضاعف وقد يؤدي إلى كذا، وهو إنسان صالح، وليس هناك مصلحة من إخباره بالمضاعفات، أما الرجل الذي يرتكب الفواحش، ويشرب هذه الأمور، عليك أن تقول: يا أخي! هذه تؤدي إلى كذا، وفيها مضاعفات كذا وكذا؛ لأنها قد تسبب أن يمتنع عقله، والإنسان قد يكون عاقلاً فيترك من باب أنه لا تؤدي إلى هذا لكي لا يتضرر، وفي نفس الوقت تبين له الحكم الشرعي في المسألة.
ولا نكون مثل بعض الناس الذين إذا رأوا طبيباً مسلماً وعنده دين وخير ويبين هذه الأشياء، فيأتي طبيب آخر ويقول: هذا غير صحيح، كيف تستغل المهنة في إملاء أفكارك؟! أنت الآن تكلم ماسونياً أو نصرانياً... أتكلم عن أشياء، أنا رجل مسلم، أبين للرجل أخطار هذه شرعاً، وإن أمليت عليه أفكاري واجتهاداتي وأمليت عليه آرائي، وأنا أملي عليه قول الله وقول رسوله، أم ماذا؟
فإذاً: هذا لا يعتبر استغلالاً، وإن سميناه استغلالاً فهو استغلال في شيء حسن، أنت تستغله في إبعاده عن المنكر، تستغل هذا الشيء في تقريبه من الله عز وجل، ونعم هذا الاستغلال.
أيضاً: قضايا الاستشفاء بالقرآن، والله عز وجل يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يداوي نفسه بالقرآن، كانت عائشة تجمع يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وتقرأ فيهما فتمسح بهما رجاء بركة يديه عليه صلى الله عليه وسلم، فإذاً: أنت تعلم المريض استخدم المعوذات، استخدم آية الكرسي، استخدم سورة الفاتحة، يقول ابن القيم رحمه الله: ومرضت مرة بـمكة مرضاً شديداً أقعدني وآلمني، فجاء الأطباء فعجزوا تماماً عن فعل شيء، قال: فشرعت في مداواة نفسي بسورة الفاتحة، فكان لها أثر عجيب، وقمت من مرضي بعد فترة بسيطة!
والمشكلة الآن أن كثيراً من الأطباء درسوا في الخارج.. فإن المهندس يمكن أن يجلس أربع سنوات، والطبيب يمكن أن يجلس عشر سنوات في الخارج، فالطبيب العادي يتشبع بأفكار الغرب إذا لم يكن عنده حصيلة إسلامية طيبة، ولذلك الغربيون لا يؤمنون بأنك إذا قلت: الحمد لله، قل أعوذ برب الفلق، سوف تشفى، يقول لك: هذا كلام فارغ، إما أن تقدم شيئاً مادياً محسوساً بالتجارب والمختبرات، أما هذا فلا أعترف به، فالذي منزعه ومشربه مشرب غربي، وتفكيره تفكير غربي، لا يؤمن إلا بالمادة وينكر ما وراء المادة، وينكر أثر القرآن، وهذه الأشياء لن تدخل عقله مطلقاً.
أما أنت -يا أخي- فإنك رجل تأخذ الحضارة الغربية بخيرها وتترك شرها، تأخذ حلوها وتترك مرها، فإذاً: مثل هذه الأمور لها حسبان عندك، أنت تعني قول الله عز وجل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] عندك شيء، أما أستاذك الغربي الكافر قد لا يفهم شيئاً.. فإذاً: هذه مسألة مهمة.
مثلاً: ألبان البقر وسمن البقر، والكمأة بالنسبة للعين، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين) يمكن أن ماء الكمأة يستفاد منه، وإذا جرب أحد هذا الأمر حصل له أشياء، فإذاً: هذه أبحاث أريد أن أشير إليها إشارة سريعة، فلابد من الاهتمام بالطب النبوي.
في باب الطب هناك ضرورات معينة، فهنا لا بد من الرجوع إلى أقوال أهل العلم عن الضرورة، وما هي الضرورة التي تبيح المحظورات؟ لأن بعض الإخوان قد يقول: الضرورة تبيح المحظورات، ويفعل أشياء ليست من الضرورات في شيء، ويكون قد ارتكب المحظور بدون حاجة، وكذلك الضرورة تقدر بقدرها، حتى لو وصلنا إلى نتيجة أن هذا الأمر ضرورة فلا يعني أن نسترسل فيه وأن يأخذ الواحد راحته لأنها صارت ضرورة، لا بد أن تقدر بقدرها..
مثلاً: المرأة لا يجوز أن يفحصها رجل، هذا أمر محرم في الشريعة، وهو معروف ومتفق عليه مهما رأيت من الحالات وتبلد إحساسك في المستشفى، وقد رأيت مئات من هذه الأشياء ومن حالات النساء مع رجال، فيبقى الأمر حراماً لا يجوز، وهو عند الله إثم عظيم.. لكن ما توفرت المرأة المؤهلة لفحص هذه المرأة المريضة.. ماذا نفعل؟ هل نقول لها: تموت، تتضاعف حالتها وتبقى على ألمها..؟ لا، في هذه الحالة نقول: يجوز أن يؤتى برجل ليعالج المرأة، وحتى هذا الأمر فيه ترتيب، فأولى الناس بالعلاج المرأة المسلمة، ثم المرأة الكتابية، ثم الرجل المسلم، ثم الرجل الكتابي أو الكافر، فلا يقدم رجل مسلم على المرأة الكافرة، المرأة الكافرة تعالج مع أنها كافرة.. لماذا؟ لأن الشريعة تحتاط في قضايا الاختلاط، وقضايا الملامسة والنظر إلى العورات احتياطاً شديداً، وهذا الترتيب ذكره أهل العلم.
وهناك أشياء يتوسع فيها الناس وليست ضرورات، فينبغي لك يا أخي الطبيب ألا تستجيب، أو -مثلاً- أتت امرأة لها حالة غير طارئة، ويمكن أن تبحث صاحبتها عن حل وتجد، وأنت تعلم الحل، فلا يلزم أن تكشف عليها، بل تدلها وتقول لها: المستشفى الفلاني فيه نساء، لأنها ليست ضرورة، لكن لو قال: والله ما وجدنا ولا أي مستشفى، وبحثنا على قدر طاقتنا، فهنا يجوز أن تكشف، وأنت لست مكلفاً بالتنبيش عن الناس، هذه هي شغلتهم ومسئوليتهم، لكن أنت إذا كنت تعلم أن هناك حلاً فالمفروض أنك ما تدخل لكي لا تعين على المنكر.
مثلاً: بعض حالات العقم.. قد يكون هناك رجل امرأته فيها عقم، أو فيها شيء يمنع الإنجاب، فهذه الآن ليست حالة طارئة؛ فإن من الممكن أن تبحث وتواصل البحث عن امرأة وقد تجد، فليس هناك ضرورة أن يكشف عليها رجل إذا لم تجد امرأة الآن؛ لأنها ليست حالة طارئة، لكن لا يعني هذا أن تبقى طيلة عمرها بدون علاج حتى ترى امرأة.. لا، لكن إن بحثت مع الفترة الزمنية الكافية المقنعة عن امرأة فلم تجد، فلا بأس أن تذهب لتتعالج عند الرجل.
أيضاً حالات الطوارئ، حتى لو أن هناك أناساً في أماكن أخرى فما يكفيك الوقت أن تستدعي المرأة من بيتها لتقول: تعالي، هنا حالة طارئة، أنت الموجود في الطوارئ، إذاً أنت الذي تشرف بنفسك مباشرة.
وهنا ننبه إلى مسألة فيها جانب من التضحية مهم جداً، لكن لأنه ليس فيها احتساب للأجر فلا تعطى هذه القضية حقها.. أحياناً تنتهي فترة دوام الطبيبة المناوبة أو المشرفة، أو التي موجود في الجدول أنها في الوقت الفلاني، جاءت مريضة بعد انتهاء النوبة، والموجود رجل، فمن المفروض شرعاً -لله- أن هذه الطبيبة التي انتهت فترة النوبة عندها، لكي لا تحرج أختها المسلمة التي أتت للعلاج، وتضطرها للكشف على الرجل، من المفروض أن تكشف عليها ولو كان خارج الدوام، ولو كانت خارج النوبة، وتحتسب الأجر عند الله، والرجل مثلها، لو رأى رجلاً قد أتى، وأنه الآن سيكشف على امرأة وهي الموجودة الآن في العيادة، فيحاول هو أن يأخذ الدور ويأخذ الرجل ويعالجه، وهذه المسألة نابعة من احتساب الأجر عند الله عز وجل، ونابعة من أنك أنت الآن تحاول ألا يقع المنكر، وبالذات في حالات الولادة التي تنكشف فيها من العورات ما الله به عليم أشياء كثيرة جداً.
وللأسف أن الغربيين يراعون هذا الأمر؛ فلو أن امرأة في الغرب في المستشفى قالت: أنا لا أريد إلا امرأة، لأتوا لها بامرأة من أي مكان، حرصاً على نفسية المريض، وعلى النواحي الإنسانية، ونحن لأن القضية كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسألة إسلامية وشرعية نضيعها! فهل الكفار أحسن منا في هذا الجانب؟! مع أنهم ما عندهم وازع ديني يدفعهم لهذا، لكن بمجرد أن طلبت المرأة هذا الأمر، نحن عندنا ليس فقط طلب المرأة، عندنا دين، عندنا قانون إلهي نعمل به، فلا يجوز التفريط بسهولة، والله ما هو موجود عندنا إلا يا فلان دبر نفسك.. بعض الناس يجيبون إجابات عجيبة، مع أنه قد يمكن التوفير.
نعم. إن هذه القضية إدارية أكثر من أنها تتعلق بنفس الطبيب، لكن سددوا وقاربوا، ولا بد من التعاون والتكاتف على إيجاد الحلول، وإذا لم أتحرك أنا ولم تتحرك أنت فما الذي يصلح الأمور؟
مثلاً: هناك بعض العلميات قد يجرد المريض فيها من ثياب لا يحتاج إلى إزالتها، أحياناً تكون عملية جيوب أو عملية الغدة الدرقية، فما هو الداعي إلى كشف ثياب المريض من الأسفل؟! أو كشف أشياء من المرأة في الساقين والعملية في الغدة الدرقية أو في الجيوب.. لماذا تكشف الساقين؟ أو -مثلاً- من باب أن الضرورة تقدر بقدرها ما الداعي لكشف العورة على عمال النظافة؟
فالقضية الآن كلها قضية أطباء، فإذا كان الطبيب يريد أن يطلع عليه أن يترك المجال للمريض كي يغطي، فإن بعض الأطباء يهمل المريض، وقد يكون هذا في السرير، فأنت إذا مررت بين الأسرة والعنابر من المفروض إنك إذا رأيت مريضاً قد كشفت فخذه أو جزء من عورته أن تغطيه حتى لو كان نائماً، فإنه قد يكون مخدراً لا يدري عن نفسه، ولو أنه كان في اليقظة لراعى نفسه ولستر عورته، لكنه مسكين مستسلم بين يديك، المفروض أنت الآن الذي تحرص عليه، أحب لأخيك ما تحب لنفسك، هل ترضى أن تكون عورتك مكشوفة والناس يمرون ويجيئون ويذهبون؟ لا ترضى بهذا، فينبغي أن يكون عندك حرص على هذا الجانب، وعلى ستر عورات المرضى وعدم كشفها إلا في الضرورة، وألا يراها الناس الذين ليس لهم علاقة بالموضوع، أو أنهم مستثنون من الرؤية.
الأدوية التي تخفف الشهوة قد يجوز إعطاء مريض دواءً يخفف الشهوة -مثلاً- حتى لا يجد العنت وحتى لا يقع في شيء، لكن لا يجوز إعطاؤه دواء يقطع الشهوة بالكلية ويجعله عنيناً لا يقوى على الوقاع.
لكن لو أتى إليك أحدهم وقال: أريد عملية تصغير الثدي، ووشر، وتفليج، وشد ... إلخ فهنا أشياء فيها تغيير واضح لخلق الله، وليس هناك داع وليس فيه عيب، وقد كان جواب الشيخ ابن عثيمين فيها واضح، حيث قال: هذه مثل التفليج فلا يجوز عملها.
وليس قصدي أن أطرح لكم أحكاماً تفصيلية في المواضيع بقدر ما أقصد أن أثير هذه النقاط عند إخواني الأطباء والطبيبات حتى يحصل فيها اهتمام وسؤال.
مثلاً: الجنين الذي سقط إذا لم يأخذه أهله أين يذهب؟ إذا كان الجنين قد نفخ فيه الروح فلا بد من معاملته كجنازة كاملة، وأن يدفن في المقبرة، وإذا كان الجنين لم ينفخ فيه الروح أو كان شيئاً بسيطاً نزل فيدفن في أرض، لكن لا يشترط أن تكون مقبرة، لكن لا بد أن يدفن في أرض ولو لم تكن مقبرة، أما إذا كان الجنين لا بد من دفنه، كأن يكون سقط ومات وقد نفخت فيه الروح، فلا بد أن يدفن في المقبرة.
فالأصل أن الأجساد محترمة فتدفن، ولا تبقى حتى على وجه الأرض، فإن الدفن واجب، لكن لضرورة التعليم يؤتى بأجساد ليست أجساد مسلمين، فيحصل فيها قضايا التعليم، ولذلك قال أهل العلم: ويحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته أو إحراقه ولو أوصى به.
وحتى في مسألة الجنين الذي يتحرك في بطن الأم الميتة تردد بعض الفقهاء في شق بطن الأم، وقالوا: يمكن أن يخرج الولد ويمكن أن يموت، فنكون قد شققنا بطن الميتة، لكن القول الراجح في هذا: أنه إذا غلب على ظن الطبيب أن الولد سيخرج حياً فيجوز له أن يشق بطن الأم الميتة لإخراج الولد الذي يغلب على الظن أنه سيعيش، لكن إذاك كان ميتاً والأم ميتة فلا تشق بطنها، وهناك قضايا تنبه لها العلماء، قالوا: لو أن امرأة نصرانية كافرة تزوجها رجل مسلم، وماتت وفي بطنها جنين قد نفخت فيه الروح، ومات الجنين معها، فكيف تدفن؟ حتى هذه المسألة فكروا فيها، فقالوا: تدفن الأم وظهرها إلى القبلة.. لماذا؟ لأن الجنين الذي في البطن جنين مسلم، والمسلم عند الدفن يوجه إلى القبلة، وهو في بطه أمه يكون وجهه إلى ظهرها، فعندما تدفن تكون هي موجهة إلى غير القبلة وظهرها إلى القبلة ليكون الولد المسلم في بطنها متوجهاً إلى القبلة.
وهنا جاءت مسألة أخرى: هذه امرأة كافرة هل يجوز قبرها في مقابر المسلمين؟ لا يجوز، لكن في بطنها ولد مسلم فهل يدفن في مقابر الكفار؟ لا يجوز، ولذلك كان الحل أن يقبر في مدفنة خاصة لا هي من مقابر المسلمين ولا من مقابر الكفار، أو جزء معين من المقبرة خاص لمثل هذه الحالة.
انظر إلى الفقهاء! هذه أمور من الدين ليست سهلة، ونحن الآن نفعل أشياء ولا نعرف ولا نفكر أصلاً ما هو الحكم في المسألة هذه..!
بقي عندنا حالة، أو فتوى في جهاز الإنعاش ودراسة، ملخص دراسة في الموضوع، ونقف عند هذه؛ لأنني أخشى أن أطيل عليكم، ولكن -أيها الإخوة- أذكركم أخيراً بمسألة مهمة.. بتقوى الله، واستشعار الأمانة، فهو أهم ما يعتمد عليها في مهنة الطب، قضية الأمانة التي يسميها الغربيون "شرف المهنة" ونحن نسميها "أمانة" أوصانا الله عز وجل بها.
وأسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم السداد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر