إسلام ويب

ماذا فعلوا بعباءة المرأة؟للشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذه المادة عبارة عن خطبة عيد الأضحى المبارك، وقد تكلم الشيخ في بدايتها عن أعياد المسلمين والفرق بينها وبين أعياد غيرهم. ثم استفاض في ذكر توجيهات في شأن الحياة الدنيا والسلامة منها، والمواقف في الفتن في جملة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ختمها بخطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وماذا حصل للحجاب في هذا العصر، وماذا فعل به.

    1.   

    الفرق بين أعياد المسلمين وأعياد غيرهم

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فالحمد لله الذي أتم النعمة بإكمال العدة: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185] فالله أكبر الله أكبر! لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، اللهم لك الحمد بما علمتنا وهديتنا، وأرسلت إلينا رسولنا، وأنزلت علينا كتابنا، وشرعت لنا ديننا، وميزتنا بأعيادنا عن أعياد غيرنا، لكل قوم عيد وهذا عيدنا أهل الإسلام، جعل الله لنا عيد الفطر وعيد الأضحى، ونسخ كل أعياد الجاهلية، هذه أعيادنا لا نشارك غيرنا أعيادهم، ولا نهنئهم بها، ولا نظهر بها فرحة، وإنما نكبر الله في أعيادنا، فهي أعياد توحيد، وأعياد غيرنا أعياد شرك وبدعة.

    فالله أكبر الله أكبر.. والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، الذي أنزل علينا الدين، وشرع لنا هذا الإسلام وهذه الشريعة العظيمة.

    1.   

    شهر رمضان يطوى بما فيه

    عباد الله: دينكم لا يشبهه دين، وشريعتكم ليس كمثلها شريعة: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] عيدنا هذا يذكرنا بتوحيد الله، وشكر نعمة الله تعالى.

    لقد مر رمضان -أيها المسلمون!- فهل رأيتم شهراً أسرع مروراً من هذا الشهر؟ كلا والله.

    لقد انقضى ما بين طرفة عين وانتباهتها، كأنه حلم مر، ذهب الشهر بما استودع من الأعمال، فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، لمن عبد الله فيه وصلى وقام، والحمد لله على كل حال، ونسأل الله السلامة والعافية والمغفرة من تقصيرنا، وعجزنا وضعفنا، وإسرافنا في أمرنا.

    1.   

    توجيهات في شأن الحياة الدنيا والسلامة منها، والمواقف في الفتن

    أيها المسلمون! يا عباد الله: إن هذه الدنيا زائلة وذاهبة، إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطانا توجيهات كثيرة في شأن هذه الحياة الدنيا، تعالوا نستعرض بعضاً منها، كلها من أقواله صلى الله عليه وسلم: (احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة) .. (ابشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم).

    إن مطعم ابن آدم قد ضرب مثلاً للدنيا، وإن قَزَّحَهُ ومَلَّحَهُ، فانظر إلى ما يصير عند خروجه من البدن، حلوة الدنيا ومرة الآخرة، ومرة الدنيا وحلوة الآخرة: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر) .. (لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) .. (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثلما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم فلينظر بم يرجع) .. (آكل كما يأكل العبد، فوالذي نفسي بيده! لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافراً كاساً).

    (أتاني جبريل، فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس، ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس) .. (إنما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل الله) .. (خير الرزق الكفاف لا لك ولا عليك) .. (طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به) .. (كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قانعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب) .. (ما قل وكفى، خيرٌ مما كثر وألهى) .. (مالي وللدنيا!! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها) .. (من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).

    (يقول ابن آدم: مالي! وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت) .. (الشيخ يضعف جسمه وقلبه شابٌّ على حب اثنتين: طول الحياة، وحب المال) .. (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل) .. (لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانياً، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) .. (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) .. (إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).

    (أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي؟ فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة، ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أوقد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب؟ وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك، فيفتح لهم، فيقيلون فيها أربعين عاماً قبل أن يدخلها الناس) .. (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء) .. (إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً) .. (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين قريب سهل) .. (ألا أنبئك بأهل الجنة؟ الضعفاء المغلوبون) (رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره).

    (قمت عل باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين، وإذا أصحاب الجد -أي: المال والغنى- محبوسون، إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار، فإذا عامة من يدخلها النساء).. (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة، فأنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل).

    (يا معشر الفقراء! ألا أبشركم؟! إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم -خمسمائة عام-: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج:47]) .. (إن الله تعالى إذا أنزل سطوته على أهل نقمته، فوافت آجال قوم صالحين، فأهلكوا بهلاكهم، ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم).

    (إنما الأعمال كالوعاء، إذا طاب أسفله طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه) .. (يحشر الناس على نياتهم) .. (أتدرون ما المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار). (إذا ذكرتم بالله فانتهوا).

    (إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك استدراج) .. (استحيوا من الله حق الحياء) .. (من استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).

    (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).. (إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة، يعطى عليها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا ... -تقولون: لماذا عند الكفار أمطار ونباتات؟ لماذا عندهم تقدم وحضارات؟ ونعيم وأموال؟- وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيراً).

    (إن الله تعالى يقول: يا بن آدم! تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك) .. (إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونروك من الماء البارد؟) حتى الماء البارد سنسأل عنه يا عباد الله! (إني أرى ما لا ترون، وأسمع مالا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله)>

    (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه). (حرم على عينين أن تنالهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر) .. (صاحبُ الصور واضع الصور على فيه منذ خلق، ينظر متى يؤمر أن ينفخ فيه فينفخ) .. (عرضت عليَّ الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).

    حديث قدسي: (قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي). (كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل) .. (ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها) .. (من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عمل صالح فليفعل) .. (من جعل الهموم هم المعاد؛ كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا؛ لم يبال الله في أي أوديتها هلك)>

    (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم) .. (لا يدخل الجنة أحدٌ إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده في الجنة لو أحسن ليزداد عليه حسرة).

    (يا أيها الناس! اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه) .. (يتبع الميت ثلاثة: أهله وعمله، وماله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله، ويبقى عمله) .. (اثنتان تدخلان الجنة: من حفظ ما بين لحييه -اللسان- ورجليه -أي: الفرج- دخل الجنة) .. (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) .. (تكفير كل لحاء ركعتان) كل خصومة ومشاجرة كفارتها صلاة ركعتين.

    (رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم) .. (زنا اللسان الكلام) .. (طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته) .. (ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذَربَ اللسان). (إن من ورائكم زماناً، صبر المتمسك فيه أجر خمسين شهيداً منكم).

    (لم يكن نبي قط قبلي إلا حقاً عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيراً لهم، وينذرهم ما يعلمه شراً لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء شديد، وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضاً -كل واحدة أعظم من التي قبلها، فتنسي اللاحقة السابقة- وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه!! فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) أي: عامل بما تحب أن تعامل به.. (يوشك أن يأتي زمان يغربل فيه الناس غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه، قالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ قال: تأخذون ما تعرفون -ما هو معروف في الشريعة- وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم -عباد الله المؤمنين، أصحاب الدين والمتدينين- وتذرون أمر عامتكم).

    هذه بعض التوجيهات النبوية بالنسبة للدنيا وللسلامة منها، والمواقف في الفتن، نسأل الله تعالى السلامة والعافية، اللهم اختم لنا شهر رمضان بغفرانك، والنجاة من نيرانك، اللهم وفقنا لليسرى وجنبنا العسرى، اللهم من كان منا في فجور وشرور، وخمور ومسكرات ومخدرات، ومعاصٍ وآثام، فارزقه طريق التوبة النصوح، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    بيان النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أخطاء النساء في خطبة العيد

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأصلي وأسلم على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، أشهد أنه محمد رسول الله حقاً حقاً، والداعي إلى سبيل الله صدقاً صدقاً.

    عباد الله: إن الشريعة قد جاءت بأسباب السعادة في الحياة، ومن ذلك أنها أوجبت على الزوج الإنفاق على زوجته مأكلاً وملبساً ومسكناً، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج أن يحسنوا معاملة النساء، وأوصاهم بهن خيراً، وقال الله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ووصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن عوان عند الأزواج، أي: أسيرات، ومن طبع الكريم أن يحسن معاشرة الأسير، أطعِمْهَا إذا طَعِمْتَ، واكسها إذا اكتسيتَ، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تظلم.

    وأنت أيتها المرأة: حق الزوج عليك عظيم، قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة العيد أمراً عظيماً، فروى جابر وابن عباس وأبو سعيد الخدري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فأمر بعنـزة فركزت له عند دار كثير بن الصلت ، فقام فبدأ بالصلاة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام فتوكأ على بلال ، والناس جلوس على صفوفهم، فقام مقابل الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ الناس وذكرهم - هذا في خطبة العيد- فأمرهم بتقوى الله، وحث على طاعته، وكان يقول: تصدقوا تصـدقوا تصدقوا، فظن أنه لم يسمع النساء، فنزل يجلس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال ، فقام يتوكأ على بلال ، وألوى يده بالسلام -سلم على النساء وأشار بيده- وحمد الله وأثنى عليه، فقرأ قول الله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ [الممتحنة:12] حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ منها: أنتن على ذلك؟ -يعاهد النساء ويخاطبهن: تعاهدن بعدم الشرك، وعدم السرقة، وعدم الزنا، وعدم قتل الأولاد، وعدم المعصية في المعروف- فقالت امرأة واحدة لم يجب غيرها منهن: نعم يا نبي الله! فأمرهن بتقوى الله.

    ونحن نقول من موقفنا هذا: اتقين الله.

    ثم حثهن على طاعته، ووعظهن وذكرهن، وقال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم، وإني أريتكن أكثر أهل النار، فقامت امرأة منهن من سطة النساء -هي من أفاضل النساء هي أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها- قالت: فناديت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت جريئة على كلامه، فقلت: يا رسول الله! لم نحن أكثر أهل النار؟ -لم معشر النساء أكثر حطب جهنم؟- فقال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكثرن الشكاة -أي: كثيرات التشكي- وتكفرن العشير -العشير: هو الزوج، أي: تجحدن نعمته- وفي رواية: لأنكن إذا أعطيتن لم تشكرن، وإذا ابتليتن لم تصبرن، وإذا أمسك عنكن شكوتن -وهذه أسباب دخول النار بالنسبة للنساء- فقالت امرأة: أعوذ بالله يا رسول الله! من كفران نعم الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن إحداكن تطول أيمتها من أبويها -تعنس عند أبويها- ثم يرزقها الله زوجاً، ويرزقها منه مالاً وولداً، ثم تغضب الغضبة -تحصل مشكلة بينهما- فتقسم بالله: ما رأيت منك خيراً قط!! فذلك من كفران نعم الله، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان عقلنا وديننا؟ قال: أليس شهادة المرأة منكن مثل نصف شهادة الرجل، فقلن: بلى، فذاك نقصان عقلها، قال: أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم، قلن: بلى.

    قال: وذلك من نقصان دينها، فبسط بلال ثوبه، ثم قال: هلم لكن فداء أبي وأمي، فجعل النساء يلقين الفتخ وينزعن قلائدهن وأقراطهن وخواتمهن، يلقين في ثوب بلال يتصدقن به، وبلال يأخذ في طرف ثوبه ويحصله في كسائه، فكان أكثر من يتصدق النساء، فانطلق هو صلى الله عليه وسلم وبلال إلى بيته، ورجع إلى أهله، فقسمه على فقراء المسلمين).

    هذا ما كان منه صلى الله عليه وسلم في خطبة عيد الفطر، وما حصل من وعظ النساء.

    ونحن نقول: يا معشر النساء! اتقين الله تعالى، واحفظن حقوق الأزواج: (اثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع) .. (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح) .. (إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على تنور) .. (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ) .. (انظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك) .. (خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره) .. (لو تعلم المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه) (لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه) .. (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود -التي تعود إلى زوجها إذا غضب- التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً حتى ترضى).

    يا معشر النساء: ليس في نقصان العقل والدين بالنسبة إليكن ذنبٌ ارتكبته واحدة منكن، فإنما هو أمر الله تعالى في الحيض والنفاس، وجعل الله شهادة امرأتين بشهادة رجل، ولكن أين المشكلة؟ في التمرد على الشريعة، ومعصية الرب جل وعلا، إذا كان الزوج قائماً بالحقوق الشرعية، ثم تظلمه المرأة، ثم، وثم، وثـم قضية الحجاب.

    1.   

    ماذا فعلوا بعباءة المرأة؟

    عباد الله: إن المسألة قد وصلت الآن إلى حدٍّ لا يمكن السكوت عنه بأي حال من الأحوال!! إن مناظر النساء اللاتي يغشين الأسواق بهذه الأكسية، وهذا التبرج، وهذه الأطياب، والشباب حولهن يسيرون وراءهن، وهن متباهيات بتجميع هؤلاء الفسقة وراءهن هو أمر مخجل يندى له الجبين!! إن دخول النسوة إلى بعض المطاعم اليوم، ثم إزالة الحجاب، والجلوس هكذا على مرأى أمام الرجال الذين يدخلون إلى بعض المطاعم، وبعضها التي تسمى مطاعم عائلية، والله إنه أمرٌ يغضب الرب.

    إن مسألة مخالفة أوامر الله في الحجاب عند النساء قد وصلت إلى حد مزرٍ -أيها المسلمون!- ضيع الولي الأمانة، وضيعت المرأة الشريعة في أمر الحجاب فصارت قضية مأساوية، وسأضرب لكم الآن أمثلة واقعية لتعلموا معنى ما أقول:

    عباد الله: هل رأيتم هذا الشيء الذي بيدي الآن؟ هذا النقاب التي تلبسه بعض نسائكم، انظروا إلى فتحته ما أوسعها، انظروا إليه؛ إنه يشد على الرأس من الخلف هكذا، وتخرج عينها المكحلتين وهي في غاية التبرج لتفتن الشباب، وهؤلاء لا يغضون أبصارهم، ثم انظروا معي الآن إلى بعض العباءات الموجودة، وهذه مسألة أبرئ منها نفسي أمام الله ثم أمامكم، انظروا الآن إلى هذا القيطان وهذه الزخرفة الموجودة في العباءة في الوسط وفي الأكمام، ثم انظروا معي أيضاً إلى هذه الأشياء اللامعة الموجودة على عباءات بعض نسائكم يا معشر الرجال!

    معشر الرجال أخاطب ومن وراء الجدران النساء! تلبس هذا نساؤكم، أرأيتم هذه الأشياء اللامعة والمطرزة في العباءة؟ تخرج نساؤكم بهذا إلى الشوارع وأخواتكم وبناتكم.

    ثم انظروا معي أيضاً إلى هذه الزخارف الموجودة في العباءات، هل هذا يرضي الله؟ انظروا بالله معي إلى قصر أكمام هذه العباءة، أرأيتم كم طول الكم؟ أرأيتم ماذا يخرج منه؟ ثم انظر معي إلى هذا وهو مخرَّق، ذو ثقوب موجودة، يكشف عما تحته من الجلد والثياب، الخروق موجودة على هيئة زينة في الأكمام ترونها وترون من خلالها، هذه أشياء منها ما هو شفاف ومنها ما هو مثقوب تلبسه نساؤكم، ثم انظروا إلى ما هو موجود في العباءة من الزينة والألوان، نساؤكم تذهب إلى الأسواق وتشتري من هذه الأشكال، أهذا شيء يرضي الله؟!! أهذا من الدين؟!! هل هذا هو الحجاب الذي أمر الله به؟ هكذا تلبس بعض النساء، ويخرجن أمام الناس.

    وعندما تقول الشريعة: إن حجاب المرأة يكون سابغاً على كل الجسم، وتقول الشريعة: إن حجاب المرأة ساتر لجميع الجسد، وتقول الشريعة: وحجاب المرأة لا يكون مزيناً ولا مطرزاً ولا مزخرفاً، هذه العباءات التي تلبسها بعض النساء!!! أهذا يرضي الله؟!

    أقسم بالله العظيم أن ما تفعله بعض النساء اليوم بأنفسهن، والأولياء الذين يذهبون ويشترون أمثال هذه العباءات -انظروا أيها الإخوة!- والكشاكش والضانتيلات وشفاف، عرض أزياء.. تحولت العباءة إلى فستان، ثم يلبس على طريقة الثوب، ويلبس الخمار على طريقة الغترة، إنهم يوم القيامة موقوفون بين يدي الله سبحانه وتعالى.

    يا عباد الله: أين الغيرة؟!

    يا عباد الله: أين تقوى الله؟!

    يا أيها النساء: كيف يحل لكن أن تذهبن إلى محلات العباءات لشراء مثل هذه الأشياء؟ ثم إن المصيبة تعظم .. إنك لو نزلت الآن لتبحث عن عباءة شرعية لا تكاد تجد، وربما تضطر إلى تفصيلها تفصيلاً؛ لأن الطلب على هذه الأنواع الفاضحة.

    ثم سمعتم بعباءة كريستيان ديور وعباءة إيب سان لوران ، ما معنى ذلك؟ معنى القضية أننا مستهدفون من النصارى والكفرة، حتى في أعز ما نملكه؛ في حجاب نسائنا! والله إنه أمرٌ يندى له الجبين!!

    وأقسم بالله العظيم أن الرب ساخط على هذا، ونحن المسئولون؛ أنا وأنت وهو.. وهي التي تلبس أيضاً مشتركة، وإذا كان على الإنسان الإثم في الشراء وعلى البائع في البيع، الذي كسبه من هذا حرام، فإن الإثم عليها أضعاف مضاعفة، وهي تلبسه تتمشى به بين الرجال في الأسواق، والسائق صار امرأة لا اعتبار له، الخلوة معه حتى في صلاة التراويح.

    لم يكن ما أريتكم عرض أزياء ولا دعاية، لكنه كان شيئاً استعير على عجل، ولو أننا نقبنا لوجدنا ما هو أفضع وأفضع، فأين تحمل الأمانة والمسئولية؟!

    اللهم ألهمنا رشدنا، وردنا إلى دينك يا رب العالمين، لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم انشر رحمتك علينا وعافنا واعف عنا، وردنا إلى الحق يا رب العالمين، طهر بيوتنا من المنكرات، ارزق نساءنا العفاف والحجاب، وارزق شبابنا الهدى والصواب، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا في هذا المجمع، لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وتجارة رابحة لا تبور.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755820705