إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (610)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب).

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة المستمع حسن عثمان حسن من الإقليم الشمالي في السودان، أخونا عرضنا بعض أسئلة له في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: ما حكم من يصلي أحياناً ويترك الصلاة أحياناً؟ وجهونا ووجهوا الناس جزاكم الله خيرا.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وقد نزل فيها من الآيات الكريمات الشيء الكثير، كما قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].. حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56].. وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].. إلى غير ذلك، مثل قوله سبحانه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59]، في آيات كثيرات، فمن تركها تهاون بها؛ فهو دليل على فساد دينه، وفساد عقيدته، وأنه ليس من الإسلام في شيء، ولو زعم أنه يقر بها وأنها واجبة، مادام لا يحافظ عليها، بل يدعها تارة ويصليها أخرى، أو يدعها بالكلية؛ فهذا كافر في أصح قولي العلماء، حتى يتوب إلى الله ويحافظ عليها.

    والحجة في ذلك: ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، ولم يقل صلى الله عليه وسلم: (إذا جحد وجوبها)، وهو أفصح الناس عليه الصلاة والسلام، وأنصح الناس، لو كان جحد الوجوب شرطاً لبينه، فهو المبلغ عن الله، وهو الدال على الحق عليه الصلاة والسلام، ومع هذا يقول: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، والمرأة مثل الرجل سواء، ولهذا في الحديث الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، خرجه الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهذا عام يعم الرجال والنساء، ويعم من جحد الوجوب أو أقر بالوجوب، وأي فائدة في إقراره بالوجوب إذا كان لا يصلي، ويش ينفع به هذا الإقرار إذا كان ضيعها وأهملها، واتصف بصفات المعرضين عنها، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).

    فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة: العناية بالصلاة، والمحافظة عليها، والاستقامة عليها في جميع الأوقات؛ خوفاً من الله وتعظيماً له وطلباً لمرضاته، وحذراً من عقابه سبحانه وتعالى، وابتعاداً عن مشابهة المشركين التاركين لها، وعلى الرجل مع ذلك أن يحافظ عليها في المساجد في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، لا يصلي في بيته، الصلاة في البيت فيه مشابهة لأهل النفاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا)، يعني: لأتوهما في المساجد.

    ويقول عليه الصلاة والسلام: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة؛ فأحرق عليهم بيوتهم)، وما ذاك إلا لعظم الخطر وعظم الجريمة في تركهم الصلاة مع الجماعة في مساجد الله، وقال عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت، فلا صلاة له إلا من عذر)، وهذا وعيد شديد، (وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب!)، رواه مسلم في صحيحه، وفي رواية أخرى خارج مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: (لا أجد لك رخصة)، فإذا كان رجل أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: (أجب)، ويقول: (لا أجد لك رخصة)، فكيف بحال الرجل البصير الصحيح، فالأمر عظيم.

    فالواجب على الرجال أن يتقوا الله، وأن يحضروا الصلاة مع المسلمين في مساجد الله، فهي شعيرة عظيمة يقيمها مع إخوانه في بيوت الله، ويجتمع بإخوانه ويشاهدهم، ويتعاون معهم على الخير، ويشجع الكسول، فإنه إذا صلى هذا في المسجد وهذا في المسجد وهذا؛ تشجع الناس، وتعاونوا على الخير، وأدوا هذه الفريضة العظيمة في بيوت الله، وإذا كسل هذا وكسل هذا؛ تابعه غيره من أولاد وإخوة وخدم وغير ذلك؛ فيكون عليه مثل آثامهم في اقتدائهم به؛ لأنه قد دعاهم بالفعل إلى ترك هذه الفريضة في المساجد.

    فالواجب على كل إنسان أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يصلي في المسجد مع المسلمين، وإن كان كبيراً في نفسه، وإن كان تاجرا، وإن كان أميرا، فأمر الله فوق الجميع، الواجب على كل إنسان من المؤمنين أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يؤدي هذه الصلاة في بيوت الله مع إخوانه، وأن يقوم على أولاده وخدمه حتى يصلوا معه في المساجد، هكذا المسلم يتقي الله ويوصي بتقوى الله، ويلزم من تحت يده بتقوى الله، وهكذا المرأة تعتني بذلك، تصلي الصلاة في وقتها، وتعتني ببناتها وخادماتها وأخواتها، تقوم عليهن، وتلزمهن بما أوجب الله عليهن من الصلاة في وقتها، ولعظم شأنها ولكونها عمود الإسلام؛ بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من تركها كفر، حتى ولو أقر بالوجوب، هذا هو الصحيح الذي عليه أئمة الحديث المعروفون، وقد ذكره التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة قال:كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر من الأعمال غير الصلاة، يعني: لعظم شأنها، نسأل الله لإخواننا المسلمين ولنا جميعاً الهداية والتوفيق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088037403

    عدد مرات الحفظ

    775329305