إسلام ويب

أضرار شرب الخمر والقات والشيشةللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح للعباد، ودرء الضرر عنهم؛ ولذلك نهت عن كل مسكر ومفتر من خمر أو مخدرات، ومما يشبه ذلك مما كثر وانتشر في أيامنا عادة القات والشيشة، وهي مضرة بالأديان والأبدان والأموال، وسبب في انتشار كثير من الأمراض والسلبيات، ولذلك أف

    1.   

    الخمر.. حكمه وأضراره

    الحمد لله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، أحل الطيبات، وحرم الخبائث، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا أيها المسلمون! اتقوا الله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].

    عباد الله! إن الخمر هو كل مسكر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان في صحيحيهما: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)، والخمر ما خامر العقل، أي: غطاه على وجه اللذة والطرب من أي نوع كان، إن المسكرات بأنواعها تسبب كثيراً من المفاسد الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي تكون سبباً في خراب المجتمع ودماره، ويرى بعض الناس أن الخمر أمرها سهل ويسير، بجانب ما تطور من مخدرات، والواقع أن كلاهما شر وخطر على الفرد والمجتمع، كلاهما من مصائد الشيطان ومكائده؛ لإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ألا يكفي زاجراً قوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]؟

    إن الشريعة تدعو إلى الوقاية مما يضر كما تقوم بالعلاج منه، ومن هنا كان تحريم الخمر، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].

    وأجمع العلماء على جلد شارب الخمر، لكن اختلفوا في العدد، ورأى عمر رضي الله تعالى عنه أن يزاد إلى ثمانين لما رأى من تتابع الناس في شربه، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، إلى أن الشارب يقتل في الرابعة إذا لم يرتدع بالجلد المقدر، جعل ذلك من قبيل دفع الصائل، فإن الصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل.

    إن المسكرات تغطي العقل وتنقصه، قيل لعاقل: لم لم تشرب الخمر؟ قال: رأيتها تذهب بالعقل جملة، وما رأيت شيئاً يذهب جملة ويعود جملة، إن غياب العقل بأي نوع من أنواع المسكرات أمر يأباه الدين والخلق والمروءة والشهامة، وما هو إلا هروب من واقع الحياة، وعدم مواجهة الحقائق، ويؤدي هذا المسلك إلى المتاهات والضلال والهلاك.

    دعا بعض الأمراء نصيب بن رباح إلى تناول الخمر، فقال: أصلح الله الأمير، الشعر مفلفل، واللون مرمد، ولم أقعد إليك بكرم عنصر ولا بحسن منظر، وإنما هو عقلي ولساني، فإن رأيت أن لا تفرق بينهما فافعل.

    ومن مفاسد الخمر أنها تدفع صاحبها إلى الفسوق، فقلّ أن تجد مولعاً بالخمور والمخدرات إلا وهو يفعل الفواحش، وقد ذكر أن أعرابية نزلت بقوم فطلبت ماءً فسقوها خمراً فأحست بذهول في عقلها، وتغير في إحساسها، فلما أفاقت بعد قليل، قالت: أنساؤكم يشربن هذا؟ فقالوا: نعم، فقالت: زنين ورب الكعبة.

    لقد حرم الله تعالى الخمر، وبين النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة تعاطيها في الآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه الله من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار)، رواه مسلم.

    وقال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: أجمعت الأمة على تحريم الخمر.

    ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الخمر والإيمان لا يجتمعان في قلب مؤمن، ففي الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن).

    1.   

    القات.. حكمه وأضراره

    عباد الله! ومن الاستعمالات المضرة الملحقة بالخمر والمخدرات، ما يسمى بالقات، وهو معروف لدى مستعمليه في بعض البلاد.

    إن القات نبات ذو أوراق لا بذر لها ولا زهر، وهو غالي الثمن، لكثرة طلبه من الذين لهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46]، وأكله من العادات القبيحة التي تشبه حال الحيوان المجتر، لذا ينبغي للمسلم أن يربأ بنفسه ويترفع عن الدنايا، وليكن شجاعاً لا تحكمه العادات السيئة.

    إن مضغ القات يحدث تفتيراً وتخديراً، إنه يؤثر على الصحة البدنية، فيصاب متعاطيها بالالتهاب في الفم والمعدة وشلل في مجرى البول، واضطرابات في القلب والأوعية الدموية، ويسبب الإمساك الشديد، فتظهر نتيجة لذلك أعراض البواسير.

    ومن أضراره أنه يسبب الحدة وسرعة الغضب، وكم يحصل بسببه من طلاق للزوجات، وعقوق للآباء والأمهات، ومعاداة للجيران والقرابات.

    إن القات يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهما مفسدتان من مفاسد الخمر، فمن المعلوم أن الذين يخزنون القات في أشداقهم نظراً لعملية التخزين التي تستمر من بعد الظهر إلى ما بعد الغروب، أو من بعد المساء إلى طلوع الفجر، يتحايلون في شأن الصلاة، فيقدمون إحدى الصلاتين أو يؤخرون الصلاة الثانية، وهذا عمل لا يجوز من غير عذر شرعي، قال بعضهم يصف مساوئ القات:

    إن رمت أن تعرف آفة الآفات فانظر إلى إدمان مضغ القات

    القات قتل للمواهب والقوى ومولد للهم والحسرات

    يذر العقول تتيه في أوهامها ويذيقها كأس الشقاء العاتي

    ويميت في روح الشباب طموحه ويذيب كل عزيمة وثبات

    يغتال عمر المرء مع أمواله ويريه ألواناً من النقمات

    هو للإرادة والفتوة قاتل هو ماحق للأوجه النضرات

    فإذا نظرت إلى وجوه هواته أبصرت فيها صفرة الأموات

    لا يجوز تعاطي القات على أي وجه كان؛ لما سبق من الأسباب، ولما سنذكر، كما أنه لا يجوز الاتجار به، ولا زراعته.

    وكذلك الدخان والشيشة، هذه الأشياء محرمة شرعاً، لا يجوز الاتجار بها، ولا الإعانة على ذلك بأي نوع من أنواع الإعانة، كتأجير من يبيع هذه الأشياء أو يستعملها، وهذه يتحملها أولئك الذين يوردون هذه الأشياء، أو يتعاونون مع من يبيعها، فهم شركاء في الإثم عند الله عز وجل.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وعافنا واعف عنا، واكفنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

    عباد الله! اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، تقدم شيء من أضرار القات الصحية.

    ومن أضراره الدينية: أنه يدعو إلى ترك الصلاة والصد عن ذكر الله، إلى ترك الصلاة بالكلية، أو تأخيرها عن وقتها، ويسبب قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، كما أنه سبب لشرب الدخان، ومشاهدة المسلسلات والأفلام.

    وأما أضراره الاقتصادية فكثيرة جداً: فربما اشترى متعاطي القات بجميع راتبه ودخله هذا الداء الخبيث، ويعطل متعاطيه أيضاً عن العمل.

    وأما أضراره على الأسرة: فكم من الليالي التي يقضيها المتعاطي في السهر، هاجراً لزوجته وأولاده.

    وأما أضراره على النفس والعقل: فكم هي الأمراض العضوية والنفسية التي تصيب المتعاطين للقات.

    ولهذه الأضرار صدرت الفتوى من كثير من علماء اليمن بتحريم هذا النوع من المفترات.

    وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة ما يلي في تحريم القات، فأجابت على سؤال ورد إليها عن حكم بيع القات واستعماله: أن القات محرم، ولا يجوز لمسلم أن يتعاطاه أكلاً وبيعاً وشراء، وغيره من أنواع التصرفات البشرية في الأموال المباحة، وقد صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فتوى في تحريمه، وبالله التوفيق، انتهى جواب اللجنة.

    1.   

    الشيشة.. حكمها وأضرارها

    عباد الله! ومن الأشياء المحرمة أيضاً: شرب الشيشة، فالشيشة أضرارها كأضرار الدخان، وحسب تحليلها وجد أن دخانها يحتوي على اثنين وسبعين ملي جرام أول أكسيد الكربون السام، علماً بأن عادم السيارات يحتوي على خمسةٍ وأربعين ملي جرام، ومبيد الحشرات يحتوي على خمسةٍ وخمسين ملي جرام من هذا الغاز السام، وهذا يدل على أن مثل هذه الأشياء محرمة؛ لما فيها من الإضرار بالصحة، وقد قال الله عز وجل: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29].

    1.   

    الأسباب الداعية إلى شرب الخمر والشيشة وأكل القات

    عباد الله! من أسباب انتشار هذه العادة السيئة رفقاء السوء، وكذلك أيضاً انتشار المقاهي والاستراحات العامة، التي يجتمع فيها أولئك الذين يستخدمون مثل هذه الأشياء، فتأجير مثل هذه المقاهي والاستراحات لمن يجتمع فيها لاستعمال مثل هذه الأشياء، أو لشرب الدخان، هذا محرم ولا يجوز.

    ومن أسباب انتشار هذه العادات: الآباء والمربون، من معلمين وغيرهم ممن يستخدمون هذه الأشياء.

    ومن أسبابها ضعف الإيمان، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات.

    ومن أسبابها ضعف الشخصية.

    ومن المبشرات بالخير أن فتحت في بلادنا ولله الحمد بجهود الغيورين، بعض العيادات التابعة لبعض الجمعيات الخيرية، أو المستشفيات العامة لعلاج هذه الأدواء، فما على من ابتلي بها إن صدق مع الله عز وجل، وتدارك قبل أن يفجعه الموت إلا أن يذهب إلى هذه العيادات، وخلال جلسات معدودة يشفى بإذن الله عز وجل، ويتخلص من هذه الأمراض.

    اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود الظالمين، اللهم عليك بالنصارى الحاقدين، اللهم أصلح ذات بين المؤمنين وألف بين قلوبهم، اللهم عليك بالظالمين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، اللهم احفظ المسلمين والمسلمات في كل مكان، اللهم احفظهم بحفظك التام، واحرسهم بعينك التي لا تنام، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعلهم محكمين لكتابك وسنة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل اللهم تدميره في تدبيره، اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم عجل لهم بالشفاء العاجل، اللهم اغفر لموتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755973300