إسلام ويب

شرح متن نخبة الفكر [15]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا غير في الحديث نقط حروفه مع بقاء صورة الخط فهو المصحف، وإذا غير فيه تشكيل حروفه مع بقاء صورة الخط فهو المحرف، والتصحيف والتحريف لا يخلان بضبط الراوي إلا إذا كثر منه، ويجوز رواية الحديث بالمعنى عند جمهور أهل العلم، ولبيان المشكل في الحديث طرق للتوفيق في

    1.   

    تابع الحديث المضطرب

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ أو بتغيير مع بقاء السياق فالمصحف والمحرف، ولا يجوز تعمد تغيير المتن بالنقص والمرادف إلا لعالم بما يحيل المعاني، فإن خفي المعنى احتيج إلى شرح الغريب وبيان المشكل ].

    نقف على الجهالة؛ لأن سبب الرد إما المخالفة أو الجهالة، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى خمسة أنواع تتعلق بالمخالفة: الاضطراب، والإدراج، والقلب، وزيادة الراوي فيه، والمضطرب، والمصحف والمحرف. هذه تتعلق بالمخالفة، ثم بعد ذلك خمسة أنواع تتعلق بالجهالة.

    تقدم لنا المضطرب، وذكرنا تعريف الاضطراب، وذكرنا أيضاً ما يتعلق بشرط الاضطراب، وذكرنا أمثلة للاضطراب في السند، وكذلك الاضطراب في المتن، وتقدم لنا أنه يشترط أن يكون الاضطراب قادحاً، يعني: أن يوجد اختلاف قادح، فإن وجد اختلاف غير قادح فإنه لا اضطراب.

    يعني: إذا وجد الاختلاف، لكن هذا الاختلاف غير قادح لظهور الصواب؛ فإنه لا اضطراب، مثال ذلك: ما جاء في السنن من طريق أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نكاح إلا بولي ) هذا الحديث رواه سفيان وشعبة مرسلاً، ورواه إسرائيل بن يونس وزهير بن معاوية وغيرهم متصلاً، ولا شك أن شعبة جبل في الحفظ ومثله أيضاً سفيان ، وهم يروونه مرسلاً، وغيرهم من الرواة كـزهير بن معاوية وكذلك إسرائيل بن يونس يروونه متصلاً وغيرهم أيضاً.

    هنا جاء مرسلاً، وجاء متصلاً هذا نوع من الاضطراب، لكنه ظهر الصواب في هذا الحديث، وأنه متصل، ولهذا صححه أئمة من أئمة الحديث كـالبخاري وابن المديني، وكذلك ابن مهدي، وذكروا أن أبا بردة تارة يحدث به مرسلاً وتارة يحدث به متصلاً، وإلا الأصل في هذا الحديث أن يحكم عليه بالاضطراب أو بالإرسال؛ لأن شعبة جبل في الحفظ، ومثله أيضاً سفيان إمام، فكونهم يروونه مرسلاً، فهذا مما يؤيد الإرسال، لكن غيرهم يخالفهم وهم أكثر منهم، كما ذكرنا زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس وغيرهم يروونه متصلاً، وكما ذكرنا أن الحديث صححه جمع من الأئمة كـالبخاري وابن المديني وابن مهدي وغيرهم، وذكروا أن أبا بردة تارة يحدث به مرسلاً، وتارة يحدث به متصلاً، فهنا ظهر في هذا الحديث وجه الصواب فلا يقال بالاضطراب.

    1.   

    الحديث المصحف والمحرف

    قال رحمه الله: (أو بتغيير مع بقاء السياق فالمصحف والمحرف).

    المصحف في اللغة: مأخوذ من التصحيف، وهو الخطأ في الصحيفة.

    وأما في الاصطلاح: المصحف: ما كان التغيير بالنسبة إلى نقط الحروف مع بقاء صورة الخط.

    مثاله في السند: حديث شعبة عن العوام بن مراجم صحفه ابن معين عن العوام بن مزاحم ، ومثاله: يسار وبشار إلى آخره، فهنا التغيير بالنسبة إلى نقط الحروف مع بقاء صورة الخط.

    ومثاله في المتن: حديث ( احتجر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد ) و( احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد )، (احتجر) و(احتجم) في المسجد، يعني: زيد بن ثابت يقول: ( احتجر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد )، فصحفه ابن لهيعة ( احتجم في المسجد ).

    والمحرف ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى تشكيل الحروف مع بقاء صورة الخط، مثل عبيدة السلماني ، عبيدة .. بشير .. إلى آخره. هنا التغيير بالنسبة إلى شكل الحرف مع بقاء صورة الحرف.

    إذاً: التصحيف يتعلق بنقط الحروف، والتحريف يتعلق بالشكل، وهذا التصحيف والتحريف لا يخل بضبط الراوي إلا إذا كثر منه فإنه يخل بضبطه.

    أيضاً يقسمون التصحيف بالنسبة للحاسة إلى تصحيف يتعلق بالبصر، وتصحيف يتعلق بالسمع.

    ومثال ما يتعلق بالبصر: ( من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال ) صحفه بعض الرواة قال: ( من صام رمضان وأتبعه شيئاً من شوال ).

    وأيضاً يتعلق بالسمع مثاله: عاصم الأحول صحفه بعضهم قال: عاصم الأحدب .

    1.   

    الحديث المروي بالمعنى

    قال: (ولا يجوز تعمد تغيير المتن بالنقص والمرادف إلا لعالم بما يحيل المعاني).

    تغيير المتن. أي: رواية الحديث بالمعنى.

    قال: (تغيير المتن بالمرادف) يعني: بالمعنى، أو (بالنقص) بحيث يحذف بعض الكلمات من المتن لا يجوز.

    أولاً: رواية الحديث بالمعنى:

    جمهور أهل العلم على جواز رواية الحديث بالمعنى، حتى قال السخاوي رحمه الله تعالى: يكاد أن يكون الأمر إجماعاً، ويدل لهذا اختلاف الرواة، مثال ذلك حديث: ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) أيضاً رواه بعض الرواة قال: ( ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب ).

    أيضاً حديث ابن عباس : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ) في الصحيحين، وفي البخاري : ( أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم ) وفي النسائي : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم ) ففي النسائي (أمر النبي صلى الله عليه وسلم)، وفي الصحيحين (أمرت)، وفي صحيح البخاري (أمرنا)، مما يدل على أن الراوي رواه بالمعنى، وهذا كما ذكرنا أنه يتفق عليه، أو يكاد يكون إجماعاً كما قال السخاوي .

    لكن المؤلف رحمه الله يقول بأن رواية الحديث بالمعنى أو بنقص شيء من متنه لا يجوز إلا لعالم بما يحيل المعاني.

    يعني: يشترط لرواية الحديث بالمعنى أو إنقاص شيء منه أن يكون ممن يعرف ما يحيل المعنى وما لا يحيل المعنى؛ لأنه قد يرويه بالمعنى ويتغير الحكم، قد ينقص كلمة أو جملة وحينئذ يتغير المعنى ونحو ذلك، فالجاهل يحيل المعنى، لكن العالم بمعاني الألفاظ إذا روى بمعنى آخر أو روى اللفظ بمعناه لا يحيل المعنى.

    أيضاً: إذا روى الحديث بالمعنى فإنه يقول: ونحو ذلك بمعناه.

    وأيضاً ذكر العلماء رحمهم الله إلى أنه ينظر إلى أحاديث الثقات وما اتفقوا عليه لكي يصل إلى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يتحرى أحاديث الثقات وما اتفقوا عليه لكي يصل إلى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال: (فإن خفي المعنى احتيج إلى شرح الغريب وبيان المشكل)، يعني: إذا خفي معاني ألفاظ متون الحديث يحتاج إلى شرح الغريب، وهذه المسألة خارجة عن مصطلح الحديث، لكن أتى بها الحافظ رحمه الله.

    يعني: إذا خفي عليك لفظ من ألفاظ متون الحديث فإنك ترجع إلى تفسير الغريب، وهناك كتب عنيت بتفسير الغريب، منها: تفسير الغريب لـأبي عبيد ، ثم بعد ذلك ابن قتيبة ، ثم بعد ذلك الخطابي ، ثم جاء ابن الأثير رحمه الله تعالى وجمع هذه الكتب في كتابه النهاية في غريب الحديث، يعني: جمع ما يتعلق بغريب الحديث لـأبي عبيد وكذلك لـابن قتيبة ، وكذلك في كتابه النهاية في غريب الحديث، وزاد عليه بعض الزيادات.

    1.   

    طرق بيان المشكل في الحديث

    قال رحمه الله تعالى: (وبيان المشكل).

    ما يتعلق ببيان المشكل هذا تقدم الكلام عليه، وأنه إذا وجد بين متون الحديث ما ظاهره التعارض فإنه يصار إلى التوفيق، وذكرنا طرق التوفيق:

    الطريق الأول: الجمع، أن يجمع بين الحديثين، فإذا تمكنا من الجمع فإنه يصار إلى الجمع؛ لأن إعمال الحديث أولى من إهماله.

    الطريق الثاني: إذا لم يتمكن من الجمع وتقابل الحديثان من كل وجه، نصير إلى النسخ إذا عرفنا المتقدم من المتأخر.

    والطريق الثالث: إذا لم نعرف وتقابل الدليلان، ولم نعرف التاريخ فإننا نصير إلى الترجيح.

    الطريق الرابع: ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى أننا نصير إلى التوقف، وقد ألفت في ذلك كتب، وذكرنا جملة منها فيما يتقدم، منها: مشكل الآثار للطحاوي ، وكذلك للشافعي والطبري وغير ذلك.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756002243