إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح الترغيب و الترهيب للمنذرى
  6. شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في الزهد في الدنيا والترهيب من حبها والتكاثر فيها [2]

شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في الزهد في الدنيا والترهيب من حبها والتكاثر فيها [2]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وردت الأحاديث النبوية التي فيها التحذير من الدنيا، والترغيب في الآخرة، وأن على المرء أن يعمل العمل الذي يعود عليه بالنفع في الآخرة، فإنه هو الذي يتبعه إلى قبره.

    1.   

    تابع ما جاء في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الحافظ المنذري رحمه الله:

    [ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد ولا أمة إلا وله ثلاثة أخلاء: فخليل يقول: أنا معك فخذ ما شئت ودع ما شئت فذلك ماله، وخليل يقول: أنا معك فإذا أتيت باب الملك تركتك، فذلك خدمه وأهله، وخليل يقول: أنا معك حيث دخلت وحيث خرجت، فذلك عمله)، رواه الطبراني في الكبير بأسانيد أحدها صحيح.

    وعن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك يابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)، رواه مسلم .

    وعن الضحاك بن سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا ضحاك ! ما طعامك؟ قال: يا رسول الله! اللحم واللبن، قال: ثم يصير إلى ماذا؟ قال: إلى ما قد علمت، قال: فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلاً للدنيا)، رواه أحمد ].

    شرح حديث: ( ما من عبد ولا أمة إلا وله ثلاثة أخلاء ... )

    في كتاب الزهد من كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري رحمه الله ذكر عدة أحاديث، منها: حديث النعمان ، ومثله حديث أبي هريرة ، ومثله حديث أنس بن مالك رضي الله عن الجميع، والحديث فيه بيان كيف يكون أهل الإنسان ومال الإنسان وعمل الإنسان له، يضرب صلى الله عليه وسلم هنا المثل في حديث النعمان فيقول: (ما من عبد ولا أمة إلا وله ثلاثة أخلاء)، وفي رواية: (مثل الرجل ومثل الموت كمثل رجل له ثلاثة أخلاء) أي: رجل له ثلاثة أصدقاء وأصحاب وأخلاء وأحبة، هذا في الظاهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فخليل يقول: أنا معك فخذ ما شئت ودع ما شئت فذلك ماله)، هذا واحد من ثلاثة أصدقاء للإنسان وهو المال.

    قوله: (ما من عبد ولا أمة)، يعني: أن الله هو الملك وأن كل عبد لا بد وأن يرجع إلى مالكه ليحاسبه عما عمل. فأنت راجع إلى الله سبحانه وتعالى، ومعك هؤلاء الثلاثة في الدنيا: مالك، أهلك، عملك، فيقول هنا صلى الله عليه وسلم: (مثل الرجل ومثل الموت) أي: أن الموت مرجعك إلى الملك سبحانه وتعالى.

    ثم قال: (كمثل رجل له ثلاثة أخلاء، فقال أحدهم: أنا معك فخذ ما شئت، ودع ما شئت)، يعني: هذا الخليل يقول لك: خذ المال وافعل به ما شئت، هذا مالك وأنت مسيطر عليه في الدنيا، وأنت تنفقه في الدنيا، فما أنفقت فهو مالك وما تركته وراءك فهو مال الورثة وليس مالك أنت.

    الخليل الثاني: أهل الإنسان، قال هذا الخليل: أنا معك أخدمك فإذا مت تركتك.

    الخليل الثالث: العمل، قال: أنا معك أدخل معك وأخرج معك إن مت وإن حييت.

    ثلاثة من الأخلاء مثل صورة إنسان كان عند ملك من الملوك وزيراً في المكان الفلاني، وبعد سنة قال له: تعال سوف أحاسبك، وكان له أصدقاء كثيرون، وهذا يقول له: نفديك بالروح، وهذا يقول له: نفديك بالمال، فالملك قال للوزير: تعال الآن أحاسبك، فالخليل الأول: مال الإنسان، جلس معه وقال: أنت حبيبي وأنت كذا فمضى الوزير وتركه، ومضى مع الوزير الخليل الثاني إلى أن وصل إلى السيارة أو القطار ثم قال له: مع السلامة لا أعرفك، أما الخليل الثالث فركب معه، وقال: أنا أدافع عنك، وأنا أصل معك إلى الملك، فوصل معه للملك ووقف أمام الملك فقال: هذا لم يعمل كذا وعمل كذا ولم يعمل كذا ودافع عنه، فأنفع شيء للإنسان هو عمله، فاعمل العمل الصالح وثق في الله سبحانه، فعملك هو الذي ينفعك بإذن الله، لا مالك ينفعك ولا أهلك ينفعونك إلا أن يشاء الله سبحانه وتعالى، وإنما الذي يبقى لك وينفعك هو عملك الذي يدخل معك في قبرك، أما المال فأنت تركته وانصرفت في نعشك إلى قبرك، وأما الأهل فيودعونك إلى القبر ولا يدخل أحد منهم معك القبر، وإنما الذي يدخل معك قبرك هو عملك، ولذلك الإنسان وهو في قبره يمثل له عمله الصالح في صورة رجل طيب الريح جميل الوجه فيقول له: (أبشر بخير يوم جاء عليك منذ ولدتك أمك، يقول: من أنت، فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، والله ما علمتك إلا كنت سريعاً إلى الخير بطيئاً عن الشر فجزاك الله خيراً).

    فإذاً: عمل الإنسان هو الذي يدخل معه في قبره ويدافع عنه في قبره، فعندما يأتي العذاب على الإنسان في قبره يصبح العمل حول الإنسان: صلاة الإنسان، زكاة الإنسان، حج الإنسان، صوم الإنسان، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، هذه الأعمال تكون حول هذا الإنسان في قبره، تدافع عنه حتى ينجيه الله سبحانه وتعالى، هذا عمل الإنسان.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم في رواية أنس بن مالك في الصحيحين: (يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله، ويبقى عمله).

    وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل ابن آدم وماله وأهله وعمله كرجل له ثلاثة إخوة -أو ثلاثة أصحاب- فقال أحدهم: أنا معك حياتك، فإذا مت فلست منك ولست مني، قال: فهو ماله، وقال الآخر: أنا معك فإذا بلغت تلك الشجرة فلست منك ولست مني)، أي: إذا بلغت تلك الغاية فلست معك، وهؤلاء أهل الإنسان، (قال الآخر: أنا معك حياً وميتاً، فهذا عمل الإنسان).

    شرح حديث: ( يقول ابن آدم مالي مالي ... )

    من الأحاديث في هذا المعنى حديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة ومن حديث عبد الله بن الشخير يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول ابن آدم: مالي مالي).

    يعني: الإنسان حين يتكبر ويفتخر بالمال ويقول: أنا عندي أموال كثيرة، نقول لهذا: من الذي أعطاك هذا المال؟ أليس المال مال الله سبحانه وتعالى، وما مالك؟ يقول: (إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأقنى)، وفي الرواية الأخرى: (وهل لك يابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت) فمالك ما اشتريت به طعاماً وأكلته وفني هذا الطعام، أو اشتريت به ثياباً ولبست هذه الثياب فخلقت وبليت، أو أخرجت الصدقة فنفعتك عند الله سبحانه وتعالى.

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس)، يعني: مهما ادخرت من مالك تتركه في النهاية لورثتك.

    ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث وهو يقرأ لهم: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1]، والتكاثر: هو التفاخر بالكثرة، كأن يقول: أنا معي (مليون) والثاني يقول: أنا معي (مليونان)، أنا معي ألف، أنا معي ألفان، تكاثر وافتخار وزهو وعجب وغرور بالمال، فقوله: أَلْهَاكُمُ [التكاثر:1]، يعني: دفعكم عن التذكرة ودعاكم إلى التلهي والنسيان كثرة المال الذي في أيديكم، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.

    شرح حديث تمثيل الدنيا بما يخرج من بطن الإنسان

    من الأحاديث حديث رواه الإمام أحمد من حديث الضحاك بن سفيان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله: (يا ضحاك ! ما طعامك؟).

    النبي صلى الله عليه وسلم يعرف ما يأكل الناس ولكن أراد أن يضرب المثل، وكأن الضحاك كان رجلاً غنياً يأكل من أعلى الأشياء، فقد كان يأكل اللحم ويشرب اللبن، هذا طعامه وشرابه، فقال: (يا رسول الله! اللحم واللبن)، يعني: أغلى شيء وأرفعه.

    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم يصير إلى ماذا؟) يعني: أغلى شيء عندك اللحم واللبن ثم يصير هذا اللحم واللبن إلى ماذا؟

    قال الرجل متأدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم: (إلى ما قد علمت).

    يعني: يتحول في بطن الإنسان إلى غائط، ويخرج في النهاية ويتقذره الإنسان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلاً للدنيا). يعني: الدنيا التي تنظر إليها أعلى ما فيها الطعام والشراب، وفي النهاية يصير شيئاً لا قيمة له، بل تتأذى من هذا الشيء الذي يخرج منك، كذلك هذه الدنيا تصير يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء، فتقول: هذه الدنيا هي التي كنت أحبها؟ هذه دنيا الإنسان.

    يقول في الحديث الآخر صلوات الله وسلامه عليه: (إن مطعم ابن آدم جعل مثلاً للدنيا، وإن قزحه وملحه) يعني: يأتي بالطعام ومن ثم يطبخه ويضع عليه توابل من أجل أن يصبح طعمه لذيذاً، وبعد ما أتعبت نفسك وطبخت هذا الطبيخ أكلته ثم صار إلى غائط في يوم من الأيام وتتأذى منه، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فانظر إلى ما يصير).

    مثل هذا يدفع الإنسان ألا يتكالب على هذه الدنيا؛ لأن الذي تحبه اليوم هو الذي ستبغضه في الغد، والثوب الجديد تفرح حين تلبسه وتفتخر به على غيرك، وتمر عليه الأيام والشهور فيصبح ثوباً قديماً تستحيي من لبسه؛ لأنه قد تمزق وتقطع وترقع، كذلك هذه الدنيا تفرح بها حين تقبل عليك، وتتأذى منها يوم القيامة حين ترى ما صنعته فيها.

    شرح حديث: ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ... )

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن أبي هريرة مرفوعاً: (إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً أو متعلماً).

    هذه الدنيا كلها ملعونة مطرودة، ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم منها إلا ما يقربك من الله سبحانه وتعالى، وهو ذكر الله، أن تذكر الله سبحانه وتعالى وتصلي لله، وتطيع الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، كذلك ما يتبع. ذكر الله من علم وعمل، قال: (وعالماً أو متعلماً)، فإذا كان الإنسان في علم أو تعليم فهذا خير ما يكون في هذه الدنيا، وما كان في غير ذلك فيستحق أن يطرد وأن يبعد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756359269