إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح الترغيب و الترهيب للمنذرى
  6. شرح الترغيب والترهيب - الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت [1]

شرح الترغيب والترهيب - الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت [1]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التوسع في الدين لغير حاجة، فالدين هم بالليل وذلة في النهار، ويغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، ولذا من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله، ومن أخذها يريد أداءها أدى الله عنه؛ لأن هذه الأموال ملك للغير وحق من حقوقهم، فصارت عند المستدين كالأمانة المتعلقة بالذمة، فلا تبرأ منها ذمة العبد حتى يعطيها الغير.

    1.   

    الترهيب من الدَّين

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الترهيب من الدين، وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء، والمبادرة إلى قضاء دين الميت.

    روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها. قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟! قال: الدَّين).

    وروى الترمذي وابن ماجة عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فارق روحه جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة: الغلول، والدين، والكبر).

    وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله) ].

    هذه أحاديث يذكرها الحافظ المنذري في الترهيب من الدين، وترغيب المستدين والمتزوج أن ينويا الوفاء، يعني: في الديون التي عليها.

    شرح حديث: (لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها ..)

    وجاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تخيف المؤمن من الدين، وأنه لا يستدين إلا إذا كان محتاجاً، وإذا استدان فإنه ينوي الأداء ويجتهد في أداء هذا الدين الذي عليه، ومن هذه الأحاديث ما جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه في مسند الإمام أحمد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها).

    ومعنى الحديث: إنك وأنت آمن لا تدخل نفسك في شيء تخافه بعد ذلك.

    قوله: (قال الصحابة: وما ذاك يا رسول الله؟! قال: الدَّين)؛ لأن الشخص آمن فبمجرد ما دخل في الدين فإنه يخوف نفسه بهذا الدين، ويبقى صاحب الدين بعد كل مدة قليلة يقول له: هات الذي عليك، وربما يذهب يرفع عليه قضية، أو يخوفه بالله سبحانه وتعالى يوم القيامة بأن يقول له: هذا الدين سآخذه منك حسنات يوم القيامة، وسأحملك إياه يوم القيامة فيبقى مرعوباً في الدنيا والآخرة بسبب هذا الدين، لذلك لا يستدين إلا من احتاج إلى ذلك ولم يجد بداً من الاستدانة.

    شرح حديث: (من فارق روحه جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة ...)

    ومن الأحاديث ما جاء عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فارق روحه جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة ..)، فالإنسان الذي يموت وهو بريء من ثلاث خصال يدخل الجنة، وما هي هذه الخصال؟ قال: (الغلول، والدين، والكبر

    فيدخل الجنة إذا برأ من هؤلاء الثلاث، فالغلول أمر متعلق بالمال، والدين متعلق بالمال، والكبر: هو الغرور.

    والغلول: هو السرقة من الغنيمة، فيسرق الإنسان في الجهاد في سبيل الله، ويمد يده إلى الغنائم التي تحت أيدي الكفار وقد أخذها المسلمون، فهذا هو الغلول، ومثل ذلك: أن يكون الإنسان يعمل في وظيفة فيمد يده للناس ويأخذ منهم الرشوة والهدايا، فهذا غلول، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هدايا العمال غلول)، فالإنسان الذي يموت وهو بعيد عن الغلول وما مد يده إلى أحد، ولم يأخذ رشوة ولا أتى بسحت، ولا أخذ من غنيمة، ولا أخذ سرقة، فهذا بريء.

    فالعبد إذا لم يستدن من أحد، أو استدان ووفى ما عليه فيموت وليس عليه دين لأحد.

    الثالث: الكبر، فإذا كان الإنسان مغروراً فهذا ممنوع من دخول الجنة، فغروره يمنعه من دخول الجنة، والإنسان لو ترك نفسه وهو مغرور وجد نفسه متعالياً على الخلق، فليتواضع المؤمن لله عز وجل، وليتواضع لخلق الله سبحانه وتعالى، وفي الحديث: (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) .

    فالمتواضع يرفعه الله سبحانه، ويجعل له قدراً في قلوب الخلق، والإنسان المتكبر أبى الله عز وجل أن يدخله الجنة.

    شرح حديث: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها ..)

    ومن الأحاديث حديث أبي هريرة ، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه)، فالإنسان الذي يستدين من الناس وفي نيته أنه يؤده، وليس الذي في نيته أن يؤدي ما يستلف من المال ويجلس في بيته يتفرج على المال ويتفرج على صاحب الدين، لا، هذا يجهد نفسه، ولذلك جاء في الحديث الآخر الذي ترويه عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حمل من أمتي ديناً ثم جهد في قضائه ..) يعني: أتعب نفسه في العمل على شأن يؤدي هذا الدين، ويقضي عن نفسه هذا الدين، فهذا الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (ثم مات قبل أن يقضيه فأنا وليه) .

    إذاً: على ذلك إذا استدنت فأجهد نفسك في أداء هذا الدين وفي قضائه حتى يكون لك العذر عند الله تبارك وتعالى.

    ففي حديث أبي هريرة : (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ..) إذاً ربنا سيعينك على هذا الأداء في الدنيا، وإذا مات الإنسان قبل أن يؤدي في الآخرة فالله عز وجل يوفي صاحبه من عنده سبحانه.

    قوله: (ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها) ليس المقصود أن يأخذ أموال الناس فيحرقها أو يقطعها لا، وإنما هو شخص يأتي شخصاً فيقول له: أعطني هذا المال وسأعطيه لك بعد كذا، وفي نفسه أنه لا يريد إرجاعه، فهذا مهما تكلم وعاهد ومهما كتب ورقة أو أوصل أمانة أو شيكاً وهو في نيته عدم إرجاع هذا المال فهذا ينوي الإتلاف، فيدخل في قوله: (أتلفه الله)، فينتظر مصيبة تحصل له من الله سبحانه وتعالى، ولن يعجز الله تبارك وتعالى، فقد تجد الإنسان شاباً طويلاً عريضاً وفجأة جاءه مرض من أمراض السرطان فمات، فالله بالمرصاد، فاحذر وخف على نفسك، فالمال ما له قيمة، وصاحبه لعل الله عز وجل يعطيه غيره، ولكن المصيبة فيك أنت الذي أخذت هذا المال، انتظر في الليل والنهار ماذا سيحدث لك من الله سبحانه؛ لأنك أخذت المال تنوي إتلافه، فكم من إنسان يستدين من إنسان مالاً، وبعدما يستلف كأنه لا يعرف هذا الإنسان فيمشي بعيداً عنه، ولا يقابله، ولا يقول له: إنني أخذت منك، ولا كأنه يعرف هذا الإنسان، سبحان الله! أمثال هؤلاء يجعل الله عز وجل فيهم فتنة لغيرهم، فتجد صاحب المال لو جاءه شخص آخر يقول له: سلفني. يقول له: لا، ما أعطيك، أنا أعطيت لفلان وما رجع لي مالي، وأعطيت لفلان وما رجع لي مالي، وأعطيت لفلان وكأنه لا يعرفني، فلذلك كانت مصيبته أنه في الدنيا أتلف مال صاحبه، وأنه جعل صاحب المال يمنع خيره عن الغير، فيمنع الناس من المال فلا يسلف أحداً شيئاً؛ لأنه رأى من هذا الإنسان لم يرد إليه المال.

    شرح حديث: (أيما رجل تدين ديناً وهو مجمع ألا يوفيه إياه ..)

    وروى ابن ماجة عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل تدين ديناً وهو مجمع ألا يوفيه إياه) ، استلف وهو غير ناوٍ أن يرد هذا المال (لقي الله سارقاً).

    إذاً هنا أتى بكبيرة من الكبائر يلقى الله بها يوم القيامة، فهذا مثل الذي يسرق أموال الناس، فقد استلف وهو ينوي ألا يرد المال، وآخر استعار من الناس شيئاً يقول: أعطني هذه الحاجة التي عندك أعمل بها وأرجعها لك، وهو ينوي ألا يرد إليه هذه الآلة التي استلفها، فهؤلاء يلقون الله سبحانه يوم القيامة وقد سرقوا أموال الناس، وإن كان السارق يأخذ في الخفاء، وهؤلاء يأخذون مع العلم بذلك ولكن الجميع يستوون عند الله فاحذر على نفسك.

    قصة الرجل من بني إسرائيل الذي استدان وجعل الله شاهده وكفيله

    روى الإمام البخاري وغيره عن أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار)، رجل من بني إسرائيل احتاج إلى مال فأراد من أحد أن يسلفه ألف دينار، وهذه حاجة كبيرة جداً، فالدينار وزنه حوالي أربعة جرامات وربع من الذهب، (فقال له: ائتني بالشهداء أشهدهم -هات أحداً يشهد-، فقال: كفى بالله شهيداً) أي: ربي شهيد علي وعليك، (قال: فائتني بالكفيل -شخص يضمنك- فقال: كفى بالله كفيلاً) هذا من أصعب ما يكون، أنك جعلت الله عليك شهيداً، وجعلت الله عليك كفيلاً، (قال الرجل -الذي هو صاحب المال- صدقت) طالما أنك قلت: كفى بالله شهيداً وكفى بالله كفيلاً، صدقت، (فيدفعها إليه إلى أجل مسمى) سلفه الألف الدينار إلى أجل مسمى، (فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركباً يركبه ويقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركباً) إذاً هو وعده في اليوم الفلاني أنه سيسدده، ولكن بينه وبين صاحبه بحر ولا يجد مركباً يوصله، فماذا عمل؟ (فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبها، ثم زجج موضعها) يعني: كتب خطاباً إلى صاحبها، وأتى بخشبة ونقرها ووضع فيها أربعة كيلو وربع ذهباً، هل تتخيل أن أحداً يمكن يعمل هذا الشيء؟! والله لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك ما كنا نظن أبداً أن أحداً يعمل هذا، أربعة كيلو ذهباً يرميها في البحر كيف يكون هذا الشيء؟!

    أتى بخشبة فنقرها ووضع فيها أربعة كيلو ذهباً ثم أغلقها وكتب جواباً فوق الخشبة أن هذا الدين الذي علي لفلان، ورمى الخشبة في البحر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم أتى بها البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلاناً -استدنت- ألف دينار فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً فرضي بك، وسألني شهيداً فقلت: كفى بالله شهيداً فرضي بك، وإني جهَدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني استودعكها) يعني: هو عمل هذا ولا يعني أنه رد الدين حقه وانتهى الأمر، وإنما هو يريد أن يقول: ربي إني أعذرت من نفسي، وهو قد قال: كفى بالله شهيداً، وأرى من نفسي أني جاهدت في ذلك، فكأنه يدفعها لكفيله الله سبحانه وتعالى، ورمى بهذه الخشبة في البحر، قال: (فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف) هل أدى الدين؟ يقول: (وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركباً قد جاء بماله، فإذا الخشبة التي فيها المال) الآخر واقف على البحر ينتظر الموعد يمكن يأتي المركب ومعه المال حقه، فما جاء المركب، وفي النهاية تعب قال: (فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها وجد المال والصحيفة) وجد المال أربعة كيلو وربع ذهباً، ووجد الصحيفة مكتوب فيها: يا رب هذا دين فلان، وإنه استأمنني على ذلك، وإني استودعتك هذا المال.

    فصاحب المال كتب هذه الرسالة ليعلم صاحبها إذا وصلت إليه أن هذا الدين الذي هو له، ولعل صاحبها يلاقيها فيظنها حق شخص آخر، فيقوم يأخذها ويجعلها أمانة حتى يسأل عنها أحد، فلذلك الآخر كان ذكياً حين وضع المال ووضع معه صحيفة حتى لا يتحرج صاحبه إذا أخذ هذا المال ألا ينفقه.

    قال: (ثم قدم الذي كان أسفله) الآخر وجد مركباً بعد ذلك ثم قدم إلى الذي كان أسلفه وأتى بألف دينار وقال: (والله ما زلت جاهداً في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي جئت فيه).

    والرجلان غاية في الأمانة، فصاحبه يقول له: (هل كنت بعثت إلي بشيء؟) فقال له معرضاً (قال: أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئت فيه) ما لقيت مركباً قبل ذلك، وما رضي أن يقول له: إنني بعثت إليك المال هل وصل؟! يقوم صاحبه ويقول له: انتهى المال في البحر ما أريد منك شيئاً، ولكن الأمانة تقتضي كأنه ما بعث له شيئاً، ولكن ما صرح حتى لا يكون كذاباً وإنما عرض في الكلام (فقال له صاحبه: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثته في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشداً).

    تخيل أحداً يعمل هذا الشيء! ولو كان أخذ المال من البحر وقال له: ما أخذت شيئاً هات المال، فيعطيه هذا المال، وهو يقول له: ما بعثت لك حاجة وإنني أتيت في المركب الآن، فهذه الأمانة التي يعلمنا إياها النبي صلوات الله وسلامه عليه، وانظروا الآية عندما يقول لنا ربنا سبحانه وتعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران:75]، تعطي له قناطير مقنطرة يؤديها إليك، وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا [آل عمران:75].

    كأن الله سبحانه يعرف المؤمنين بأهل الكتاب وليسوا على ملتهم، فمنهم من يؤدي الأمانة ولو كانت قناطير مقنطرة، ومنهم من يسرقها ولا يعطيها، فكونوا أنتم أيها المؤمنون! كلكم تؤدون الأمانة، ولا تأكلوا أموال الناس، ولا تتشبهوا بهؤلاء، قال صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك).

    نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755817349