إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان 1426ه
  6. شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - فضائل القرآن وآداب قراءته

شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - فضائل القرآن وآداب قراءتهللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرآن كتاب الله العظيم، وفضائله كثيرة لقارئه وحافظه، فهو شفاء لما في الصدور، وشفيع لأصحابه يوم القيامة، وظلال يستظل به القارئ يوم القيامة، وغير ذلك من الفضائل، وللقرآن آداب معروفة في الشرع لابد لقارئه أن يلتزم بها لينال الأجر العظيم من الله سبحانه.

    1.   

    فضائل القرآن الكريم

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    ذكرنا شيئاً من الأحاديث التي جاءت في فضائل القرآن، وهذه أحاديث أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل هذا القرآن العظيم، نقرأ هذه الأحاديث في هذه الليالي المباركة من شهر رمضان لنتذكر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ونهتم بحفظ القرآن، وقراءته ومراجعته وفهمه وتدبر معانيه.

    فمما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه ما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل).

    هذا الحديث العظيم فيه أنك إذا وجدت إنساناً خيراً منك فتغبطه على ما هو فيه، وتتمنى أن تكون مثله لعل الله عز وجل أن يجعلك مثله، فإن لم تكن مثله فيعطيك من الأجر ما يعطي بحبك له، وبتمنيك أن تصل إلى ما هو فيه، فهذا الحسد المقصود منه أن تغبط هذا الإنسان وأن تتمنى له هذه النعمة وأن يكون لك مثلها أيضاً، فاثنان يتنافس المؤمنون فيهما أعظم التنافس: القرآن العظيم، أي: تحفظ القرآن، فإذا حفظت القرآن وتعلمت معانيه وقمت به بالليل وبالنهار وعملت بما فيه صرت إنساناً قرآنياً تستحق فضل الله سبحانه، وتستحق أن يشفع لك القرآن عند الله سبحانه، وتستحق أن يعطيك الله الأجر العظيم الذي علمت منه والذي لم تعلم منه، وبكل حرف من القرآن تؤجر حسنة، فإذا كنت تقوم بالليل وبالنهار بهذا القرآن العظيم فلك عند الله الأجر العظيم.

    وإذا كان الأمر كذلك فلنغبط أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ معاذاً وأبا موسى وزيداً وعبد الله بن مسعود وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يحفظون هذا القرآن العظيم، ويقرءونه آناء الليل وأطراف النهار ويعملون بما فيه، ويعلمون الخلق، فلنغبط عبد الله بن عباس رضي الله عنه الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه الله الكتاب والحكمة وأن يعلمه التأويل، حبر هذه الأمة وبحرها رضي الله تبارك وتعالى عنه.

    (فلا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن)، والفضل ينسب لصاحبه الذي علمك ما لم تكن تعلم وهو الله سبحانه وتعالى، وإن كان عن طريق أسباب فلا تنسى الأصل أن الله هو الذي علمك فتحمد الله سبحانه، وتعمل بهذا الذي تعلمته متواضعاً لله سبحانه، وتعلم أن الذي أعطاك قادر على أن يسلبك ما أعطاك، والذي أعطاك ذلك قادر على أن يعينك على أن تعمل بما فيه، إذاً: تتواضع لله سبحانه وتعالى، وتشكر ربك سبحانه، وتشكر من علمك كما أمرك النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله)، وتتمنى الخير لمن يعلمك كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تتمنى أن يزول ما عنده حتى تتفرد أنت بهذا الشيء، وقد كان الكثيرون من شيوخ العلماء يشتكون ذلك من تلاميذهم، يقولون: نعلمهم ثم يتمنون وفاتنا حتى ينفردوا بالرواية، وحتى ينفردوا بالتلاوة عمن تعلموا، ولكن المؤمن لا يكون كذلك أبداً، فإذا وجد إنساناً قد علمه ومنَّ الله عز وجل عليه بأن جعله يلقنه القرآن ويعلمه التجويد، فيصير معه إجازة بهذا القرآن أو بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ويصير بارعاً في ذلك، إذاً: يشكر من علمه ولا يتمنى أن يموت ليتفرد بين الناس بهذا الأمر، فهذا الحسد أنت ممنوع منه شرعاً، إنما الحسد الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم وقصد به: أن تغبط هذا الذي عنده علم وتتمنى أن تكون مثله.

    والثاني: الرجل الذي آتاه الله عز وجل المال فهو ينفقه فيما يرضي ربه سبحانه، قال: (فهو يهلكه في الحق)، وإهلاك المال بمعنى: صرف المال، فهو يعطي ليدخر عند الله سبحانه وتعالى، ولما رآه آخر قال: (ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان)، فيتمنى أن الله يعطيه مثلما أعطى فلاناً هذا، والله عز وجل يعطي من يشاء سبحانه.

    خير الناس من يتعلم القرآن ويعلمه

    من الأحاديث العظيمة ما رواه البخاري عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، فأعظم العلوم وأشرف العلوم وأجل العلوم التي تملأ القلب بتقوى الله هو علم القرآن العظيم، وأي علم من علوم القرآن كلها فيها الخير، تتعلم وتحفظ القرآن، وتتعلم تجويد القرآن وتفسيره ولغته وأحكامه ومعجزاته، وعلوم القرآن كثيرة جداً، ومستحيل أن يحيط إنسان بها علماً، ولكن الله عز وجل هو الذي أحاط بكل شيء علماً، فمهما تعلمت من علم يتعلق بالقرآن فقد دخلت تحت هذا الحديث، إذا تعلمت وبذلت العلم وعلمت غيرك ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

    قال أبو عبد الرحمن السلمي الذي روى هذا الحديث عن عثمان رضي الله عنه: (أنه أقرأ في إمرة عثمان حتى كان الحجاج)، أي: من عهد عثمان رضي الله عنه إلى زمن الحجاج وأبو عبد الرحمن السلمي يقرئ القرآن وهو من العلماء وحفاظ القرآن، وقد جلس في المسجد للقرآن، قال: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا)، أي: الذي أقعده ليعلم الناس القرآن ويحفظ الناس القرآن هو هذا الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، فالذي يتعلم القرآن من خير الناس، والذي يعلم القرآن من خير الناس، فاشترك في الخيرية المعلم والمتعلم.

    نجاة الناس وهدايتهم بتمسكهم بكتاب الله

    ومن الأحاديث العظيمة التي جاءت في فضل القرآن ما رواه البزار عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً)، ما هذا الجمال الذي في هذا الحديث! ما هذه البشارة التي في هذا الحديث! تخيل عندما تكون سفينة في البحر، وهناك حبل، وهم يريدون أن ينجوا بالسفينة، ويوضع الحبل على المرسى في الخارج على الشاطئ، والذي في السفينة يشد الحبل حتى يصل إلى هذا المرسى فيرسو عليه وينجو الإنسان الغريق؛ إذ يرمى له بحبل يتعلق به ويشد الغريق ويأخذه، وإذا كان هذا الحبل بيد الله سبحانه وتعالى فهل يمكن أن يفلت هذا الحبل من يد الله سبحانه وتعالى؟ لا. وحبل الله المتين هو هذا القرآن العظيم.

    فأبشروا يا من تحفظون كتاب الله، وتحفظون من كتاب الله سبحانه، فإنه حبل متين لا ينقطع أبداً، طرفه بيد الله سبحانه، والطرف الآخر بيد من يحفظ القرآن ويعمل به، فلن يفلت من يد الله أبداً إنما يفلت من يد هذا الإنسان، فعليه أن يمسك به حتى يأخذه ربه إلى جنته سبحانه، وإذا ترك ذلك وأفلت هو وترك القرآن وراء ظهره، فيشكوه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه أنه تعلم القرآن ونسيه وهجره ولم يعمل به.

    إذاً: إذا أردت أن تنجو فعليك بكتاب الله سبحانه، وعليك بسنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قال عليه الصلاة والسلام: (فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً).

    ذكر ما يعطى صاحب القرآن ووالداه يوم القيامة

    من الأحاديث العظيمة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث رواه الإمام أحمد وقد ذكرنا جزءاً من هذا الحديث في الصحيحين، ولكن رواية الإمام أحمد فيها زيادة عظيمة وجميلة، فالحديث رواه أحمد عن بريدة قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: (تعلموا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة، قال: ثم مكث ساعة ثم قال: تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة)، الذي يحفظ القرآن ويعمل بالقرآن ويحب القرآن يلقاه القرآن حين ينشق قبره، ويخرج من قبره والقرآن ينتظره، قال: (يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟)، القرآن يسأل صاحبه الذي كان يحفظه ويعمل به، ويقوم به بالليل وبالنهار فيقول: (هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك)، هو خارج من قبره للموقف العظيم والقرآن يستقبله أول ما يخرج فيقول له: (هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك) أي بشارة أعظم من ذلك؟ وأي طمأنينة وأي رجاء يكون في قلب الإنسان الذي ينتظره القرآن وهو قائم من قبره ليأخذه على هيئة رجل شاحب؟ كما أنه في الدنيا أتعب نفسه يقابله على هذه الهيئة، فأنت قد تعبت في الدنيا فأنا الآن مثلك، فيأخذ صاحبه.

    قال: (أنا صاحبك الذي أظمأتك في الهواجر)، أي: أخذت مني الصيام فصمت لله عز وجل فظمئت بالهواجر، وتلوتني حتى جف لسانك من كثرة التلاوة والقراءة، قال: (وأسهرت ليلك)، قمت بالليل تستذكرني وقمت بالليل تقرؤني وتصلي لله عز وجل بي، قال: (وإن كل تاجر من وراء تجارته -أي: كل تاجر يحرس تجارته- وإنك اليوم من وراء كل تجارة)، أنت أعظم تاجر، فقد كنت تجارتك، وتجارتك كانت مع الله سبحانه، وكل تاجر من وراء تجارته يجمع تجارته من أجل ألا تضيع التجارة، فأنت أعظم التجار، فتعال إذاً وخذ رأس مالك، وخذ ربحك معك وهو القرآن؛ لتقدم على الله سبحانه وتعالى به.

    قال: (فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذه؟)، انظر للفضل العظيم! فاحفظ القرآن تنتفع وينتفع والداك أبوك وأمك، وينتفعان بحفظك أنت للقرآن، فحافظ القرآن يعطيه الله عز وجل الملك بيمينه فيصير من ملوك الجنة، والجنة فيها ملوك، قال: (والخلد بشماله)، والخلد أي: أنك مخلد في الجنة وأنت ملك من ملوك الجنة، قال: (ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين)، إذاً: ينعم الله عز وجل على أبيه وعلى أمه بأن يكسوهما حلتين من حلل الجنة (لا يقوم لهما أهل الدنيا)، أي: لو أنفق أهل الدنيا كل ما معهم من أجل أن يشتروا هاتين الحلتين ما استطاعوا.

    قال: (فيقولان: بم كسينا هذه؟)، أي: لم نعمل عملاً من أجل أن نأخذ عليه هذا الشيء (فيقال: بأخذ ولدكما القرآن)، فإذا أردت أن تكرم أباك وأمك فاحفظ القرآن وراجعه واسترجعه، وإياك أن تنسى القرآن، فإن من أعظم ما تبر به والديك أن تحفظ كتاب الله سبحانه وتعالى.

    وجاء في رواية عند الطبراني لهذا الحديث قال: (فيقولان: يا رب! أنى لنا هذا؟)، كيف وصلنا لهذه الدرجة وهذه الحلل العظيمة؟ (فيقال: بتعليم ولدكم القرآن)، لقد علمتما ولدكما القرآن، أدخلتماه مدرسة ليحفظ القرآن، وأرسلتماه إلى المسجد ليحفظ القرآن، وساهمتما في تحفيظه وشجعتماه على ذلك.

    يقول في الحديث: (ثم يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد)، وفي رواية: (اقرأ وارق في الدرجات)، وفي رواية: (في درجة الجنة وغرفها)، فهو في صعود ما دام يقرأ هذاً كان أو ترتيلاً، يقرأ بسرعة أو يقرأ ببطء، أو يقرأ مركزاً أو يقرأ مراجعة مع القراءة السريعة، فيقال (اقرأ وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك)، قال تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، فتنافسوا في ذلك، تنافسوا في حب الله سبحانه وفي حب القرآن وقراءته والتمسك به، فاحفظ القرآن ولا تتركه ولا تهجره، اقرأ القرآن ليل نهار يحفظك القرآن العظيم بحفظك له.

    من أحسن الناس صوتاً من يقرأ القرآن وهو يخشى الله

    مما جاء في الأحاديث ما رواه ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله)، فهو يخشى الله سبحانه، ليس شيئاً ظاهراً، ليس هو أمر تمثيل، وليس شخصاً يمثل أنه يحزن فيحزن الناس، فالأمر ليس تمثيلاً في قراءة القرآن، بل الأمر ما خرج من القلب ظهر على صاحبه، وما كان تمثيلاً يعجب الناس بالنغمة ولا يخشعون لما يقول.

    فمن أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله، إذا سمعته تحسبه يقرأ خشية، وهناك إنسان تسمعه وهو يغني، فهو يغني بالقراءة ويريد أن يقلد فلاناً، لكن الذي يقرأ القرآن بخشية تستشعر أنه خائف من الله عز وجل، وهذا الذي يريده الله عز وجل، وهذا أحسن الناس عند الله سبحانه وتعالى، نسأل الله عز وجل أن يعافينا من الرياء.

    استحباب قراءة القرآن آية آية

    من الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته الجميلة ما رواه الترمذي وأحمد أن أم سلمة سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان يقطع قراءته آية آية: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )، فكان يقطع آية آية، فالأمر ليس أنه يقرأ الفاتحة كلها في نفس واحد، أو يقرأ في نفسين، بل يقف عند رأس كل آية، إلا إذا كانت الآية متصلة بما بعدها فله أن يصل حتى لا ينقطع المعنى، ولكن الأصل أن يقف في قراءته عند رأس كل آية.

    فضل قراءة القرآن على سائر الأذكار إلا في المواضع المخصصة للأذكار

    يقول الإمام النووي رحمه الله: قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وسائر الأذكار إلا في المواضع التي ورد الشرع بهذه الأذكار فيها، ففي وقت الصباح أذكار الصباح تقولها بعد صلاة الفجر حتى وقت الشروق أو حسب ما يتيسر، وبعد صلاة العصر تقول أذكار المساء، إذاً: في هذه الأوقات الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ثم في باقي الأوقات قراءة القرآن أعظم، فإذا كان عند نومك قلت ذكر النوم، واقرأ ما شئت من القرآن في كل وقت، في قيامك أو قعودك، وفي اضطجاعك، وأنت تسير، وأنت تركب، في أي وقت اقرأ القرآن فكله عظيم.

    فالأذكار أفضل في وقت الذكر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على الأذكار بعد الفجر فيذكر الله سبحانه وبعد العصر، وإن كان الذكر لن يستوعب الوقت كله فاذكر الله عز وجل، واقرأ القرآن ما شئت في الوقت نفسه.

    آداب ينبغي لقارئ القرآن أن يتأدب بها أثناء القراءة

    قال النووي رحمه الله: ويستحب أن ينظف فمه قبل الشروع في القراءة، فالذي يقرأ القرآن ويحب القرآن يستعد للقرآن، مثل الذي يقابل ضيفاً عزيزاً، أو إنساناً كبيراً من كبار القوم يأتي إليه، فإنه ينتظر ويستقبله في البيت ويحضر له المكان الذي يجلس فيه، ويلبس ويتزين له ويتنظف حتى يستقبل الضيف، وأعظم ضيوفك الذي تجلس معه هو القرآن العظيم، فتطهر لتجلس لقراءة القرآن واستقبل القبلة ونظف أسنانك حتى تكون رائحة فمك طيبة بالسواك أو فرشاة ومعجون ونحوها، وإذا جلست فاجلس وتوجه للقبلة إن كان ذلك يسيراً عليك، وتخشع في جلوسك وفي قراءتك، وإذا أردت القراءة فتعوذ واجهر بالقراءة، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو تقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، فإذا كنت في أول السورة فاقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، والتعوذ سنة وليس بواجب، وعلى المسلم أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم سواء كان إماماً يقرأ في الصلاة أو كان يقرأ في غير الصلاة، فإذا كان إماماً فالسنة أن يخفيها وألا يجهر بها، وإن كان ورد في حديث أم سلمة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم)، فلعل ذلك أحياناً حتى يعلم من خلفه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يتركها صلوات الله وسلامه عليه.

    فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهو المقصود والمطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29]، فلنتدبر القرآن حين نتلوه وحين نسمعه لعل الله سبحانه وتعالى يعطينا الأجر العظيم من فضله، نسأل الله تعالى أن يعيننا على حفظ كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى العلم والعمل وعلى الإخلاص.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755812955