إسلام ويب

شرح ألفية ابن مالك[46]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للتعجب صيغتان اصطلاحيتان عند النحاة هما: ما أفعله، أفعل به، وتجريان عندهم مجرى المثل، فلا يجوز تغييرهما ولا التصرف في فعليهما، ويشترط فيما تصاغان منه شروط إذا انخرم أحدها أتينا بفعل مساعد.

    1.   

    التعجب

    صيغتا التعجب

    قال ابن مالك رحمه الله تعالى:

    [ بأفعل انطق بعد ما تعجبا أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا ]

    قوله: (تعجباً) يصح أن تكون مفعولاً لأجله، أي: لأجل التعجب، أو مصدراً في موضع الحال، أي: متعجباً.

    و(ما): يقولون: إنها نكرة تامة، ولكن عند الإعراب تقول: (ما) تعجبية، مثال هذا: ما أجود النبي صلى الله وعليه وسلم، فتقول:

    (ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع.

    و(أجود) فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو يعود على (ما) مع أن القاعدة: أن ما كان تقديره (هو) يقال: مستتر جوازاً.

    لكن هنا يقولون: إنه مستتر وجوباً؛ لأن هذه الصيغة جرت مجرى المثل عند العرب، فلا يغيرونه، ولا يمكن أن يقولوا: ما أجمل كذا وكذا، فينطقون به.

    (النبي): مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة.

    ويقال: إن أبا الأسود الدؤلي سمع ابنته وهي تقول: ما أحسنُ السماءِ؟ فقال لها: نجومها؛ لأن الصيغة التي قالت استفهامية، يعني: أحسن السماء نجومها.

    فقالت: لست أسأل عن ذلك، ولكني أعجب من حسنها.

    فقال لها: هلا فتحت فاك، يعني قولي: ما أحسنَ السماءَ.

    وإعرابها أن تقول: (ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

    (أحسن):فعل ماض، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو يعود على ما.

    (السماء): مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة، والجملة من الفعل والفاعل خبرها.

    قال:

    (أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا) فتقول مثلاً: أجمل بعمر، يعني: ما أجمله، فـ(أجمل) فعل أمر لفظا لكنها خبر في المعنى، ولذلك جاء الفاعل بها بارزا، فـ(أجمل) فعل تعجب مبني على السكون، و(الباء): حرف جر زائد، و(عمرو): فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وهذا الحرف زائد وجوباً، لا يمكن حذفه، فلا نقول: أجمل زيد، وقد يحذف شذوذاً في الشعر، لكنه في النثر لا يحذف.

    وكلا الصيغتين موجودة في القرآن قال الله تعالى: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [البقرة:175] وقال تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا مريم:38]، يعني: ما أسمعهم وما أبصرهم يوم يأتوننا.

    قال المؤلف:

    [ وتلو أفعل انصبنه كما أوفى خليلينا وأصدق بهما ]

    و(تلو) مفعول به لفعل مقدر يفسره ما بعده وهذا من باب الاشتغال، فأصله: وانصب تلو وأفعل، فالفعل اشتغل بضميره، ولكنه يترجح النصب هنا.

    (كما أوفى) الكاف حرف جر (ما أوفى خليلينا) كلها اسم مجرور بالكاف وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.

    و(ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

    (أوفى): فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، والفاعل مستتر وجوبا تقديره هو يعود على: (ما).

    و(خليلينا): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى، وهو مضاف و(نا) ضمير مبني على السكون في محل جر.

    وقوله: (أصدق بهما) (أصدق) فعل تعجب مبني على السكون، (بهما) الباء حرف جر زائد، و(الهاء) ضمير مبني على السكون في محل جر باعتبار حرف الجر الزائد، وإلا فحقه أن يكون ضمير رفع.

    حذف المتعجب منه عند وضوح المعنى

    قال:

    [ وحذف ما منه تعجبت استبح

    إن كان عند الحذف معناه يضح ]

    (حذف): مفعول مقدم لاستبح، وحذف مضاف، و(ما) مضاف إليه.

    (منه تعجبت): منه متعلقة بتعجبت.

    استبح: يعني: أجز حذف ما تعجبت منه، لكن بشرط:

    إن كان عند الحذف معناه يتضح ويبين، قال الله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا مريم:38] أصله أسمع بهم وأبصر بهم.

    وقال تعالى: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ الكهف:26]، أصله: أسمع به وأبصر به، وحذف المتعجب منه في الفعل الثاني لوضوحه، وتقول مثلاً: ما أكرم زيداً، وما أجود، أي: وما أجود زيداً، فنحذفه للعلم به.

    وعلم من كلامه: أنه إذا لم يتضح المعنى بحذفه، فإنه لا يجوز، كما لو قلت: ما أكرم زيداً وأبخل عمراً، فلا يجوز أن تحذف عمراً؛ لحصول التناقض؛ ما أكرم زيداً وما أبخله.

    إذاً: لا بد أن يقال: وما أبخل عمراً.

    ولو قلت: ما أكرم زيدا وما أصبره فإنه يجوز لأنه اتضح ولا يوجد تناقض.

    وجوب تقدم فعلي التعجب على المتعجب منه

    قال ابن مالك رحمه الله:

    [ وفي كلا الفعلين قدما لزما

    منع تصرف لحكم حتما ]

    معنى كلام المؤلف: أنه يجب أن يكون الفعلان متقدمين على المتعجب منه، فتقول مثلاً: ما أحسن زيداً، ولا يمكن أن تقول: ما زيداً أحسن.

    (وفي كلا الفعلين قدما) يعني: تقدما، (لزما).

    (منع تصرف)، يعني: أن فعلي التعجب لا يتصرفان.

    (لحكم حتما) يعني: أن هذا حكم محتم لا يمكن أن يتقدم المتعجب منه على الفعلين. فلو قلت: أسمع بزيد وبه أبصر لا يجوز، فلا بد أن يكون المتعجب منه متأخراً؛ لأن صيغة التعجب وردت عن العرب وكأنها أمثلة لا تتغير، فلهذا وجب الترتيب على الصيغة التي وردت.

    شروط الفعل الذي يصاغ منه فعلا التعجب

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وصغهما من ذي ثلاث صرفا قابل فضل تم غير ذي انتفا

    وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا ]

    الضمير في (صغهما) يعود على صيغتي فعل التعجب، (من ذي ثلاث) أي: من الثلاثي، فلا يصاغ من الرباعي، ولا من الخماسي، ولا من السداسي كأسمع من سمع، وأكرم من كرم.

    وقوله: (صرفا): لا بد أن يكون الفعل الثلاثي متصرفاً، فإن كان جامداً لا يصاغ منه فعل التعجب مثل: نِعْم، لا يمكن أن تقول: ما أنعم زيداً! بمعنى: نعم زيد. لكن لو قلت: ما أنعم زيداً، تعنى: ما أعلى منزلته من نعمَ ينعُم، لا من نِعمَ صح. وبئسَ مثل نعم في ذلك.

    وقوله: (قابل فضل) هذا الشرط الثالث، ومعناه: لابد أن يكون من فعل يقبل معناه التفاضل، فالكرم مثلاً يقبل التفاضل؛ لأن بعض الناس كريم جداً، وبعضهم وسط، وبعضهم ليس بكريم، فهو قابل للتفاضل.

    وما لا يقبل التفاضل، مثل: عمى البصر.

    فالأعمى هو الذي لا يبصر، فلا تقول: ما أعمى زيداً!

    ومما لا يقبل التفاضل الموت، فلا يصح أن تقول: ما أموته.

    وقوله: (تم) أي: من فعل تام، مثل: قام، وقعد، وأكل، وشرب، وما أشبه ذلك، وهذا احتراز من الفعل الناقص، فلا يصاغ فعل التعجب من (كان) لكونه فعلاً ماضياً ناقصاً، فلا نقول: ما أكونه قائما!

    فلا بد أن يكون الفعل تاماً.

    وقوله: (غير ذي انتفا) معناه: أنه غير منفي، وسواء كان هذا المنفي مما يلزم النفي، أو مما لا يلزمه، فإذا كان منفيا فلا يمكن التعجب منه فإذا قلت: ما قام زيدٌ، لو قلت: ما أقومه، انقلب المعنى من نفي إلى إثبات.

    ولو قلت: ما عدم قيامه، ثم قلت: ما أعدم قيامه، لا يصح.

    قال:

    [وغير ذي وصف يضاهي أشهلا

    وغير سالك سبيل فعلا ]

    يعني: وصغهما من فعل لا يصاغ منه الوصف على أفعل، مثل: شهل يشهل فهو أشهل، فلا تقول: ما أشهله، وحمر يحمر فهو أحمر، فلا تقول: ما أحمره؛ لأن الوصف وزنه على أفعل.

    وهذا الشرط فيه اختلاف، فإن بعض النحويين يقول: ليس بشرط، والناس يفهمون الفرق بين غلام أسود شديد السواد وغيره، فما دام أنه قابل للتفاضل يصح أن نقول: ما أسوده.

    وقوله: (وغير سالك سبيل فُعلا) معناه: ألا يكون مبنياً للمجهول، مثل: ضُرب زيد، فلو أردنا أن نتعجب من هذا الضرب، وقلنا: ما أضرب زيداً، فلا يصح؛ لأن (ما أضربه) معناه أن الضرب وقع منه، وأنت تريد أن تتعجب من ضرب وقع عليه، فيختلف المعنى.

    ولكن هل يوصف الله تعالى بصفة التعجب؟

    الجواب: نعم، وهناك قراءة سبعية تدل على ذلك في قوله تعالى: (( بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ )).

    صياغة فعلي التعجب مما لم يستوفِ الشروط

    قال رحمه الله تعالى:

    [ واشدد أو أشد أو شبههما

    يخلف ما بعض الشروط عدما ].

    قوله: و(أشدد) على وزن: (أفعِل).

    وقوله: (أو أشد) على وزن: (أفَعل)، أفعِل أو أفعَل، مثل: أشدد وأشد وأعظم، وأكبر، وما أشبه ذلك.

    وقوله: (أو شبههما)، معطوف على قوله: (وأشدد).

    وقوله: (يخلف): جملة فعلية خبر المبتدأ.

    وقوله: (ما بعض الشروط عدم).

    (ما): اسم موصول مفعول لـ (يخلف).

    و(بعض): مفعول مقدم لقوله: (عدم)، أي: يخلف ما عدم بعض الشروط.

    وقوله: (عدما) الألف هنا لإطلاق القافية، وليست للتثنية.

    والقاعدة من هذا البيت يقول المؤلف :

    إذا لم تتوفر الشروط في كلمة مما تريد أن تتعجب منه فاجعل بدلها أشدد، أو أشد.

    مثلاً: إذا كان الفعل غير ثلاثي فلا يصاغ منه فعل التعجب، فتأتي بأشدد، أو أشد، فتقول: أشدد باستغفاره! أو ائت بأشد مسبوقاً بما، فتقول: ما أشد استغفاره، أو ما أكثر استغفاره!

    وسبق أنه لا يصاغ مما الوصف منه على أفعل مثل: أحمر، فلا يقال: ما أحمره، إنما نقول: ما أشد احمراره، أو أشدد باحمراره.

    وسبق أنه لا يصاغ مما لا يقبل التفاوت كالعمى مثلاً: فلا يقال: ما أعماه، ولا يقال: أعمم به.

    إذاً: نضيف أشد أو أشدد، فنقول: ما أشد عماه، وأشدد بعماه، وعلى هذا فقس.

    قال المؤلف رحمه الله:

    [ ومصدر العادم بعد ينتصب وبعد أفعل جره بالباء يجب ]

    مصدر العادم بعض الشروط، ينتصب بعد أشد، فتقول: ما أشد استغفاره! فتأتي بأشد وتحول الفعل إلى مصدر، وتنصبه بأفعل التفضيل، فتقول: ما أشد استغفاره! إن كنت تريد أن تتعجب من شدته.

    وإن كنت تريد أن تتعجب من كثرته فتقول: ما أكثر استغفاره.

    وقوله: (وبعد أفعِل جره بالباء يجب)، معناه: أن مصدر العادم إذا أتيت بأفعل يجب جره بالباء، فتقول: أكثر باستغفاره، أشدد بعماه، وعلى هذا فقس.

    أفادنا المؤلف في هذا البيت أننا إذا أتينا بالنائب الذي هو أشد أو أشدد، فإننا نحول الفعل المتعجب منه إلى مصدر منصوب بعد أشد، أو مجرور بالباء بعد أشدد بعد أفعل به.

    قال المؤلف رحمه الله:

    [ وباِلندور احكُم لغيْر مَا ذُكِرْ ولا تقس على الذي منه أثر ].

    (النادر): معناه: القليل جداً.

    وقوله: (بالندور): متعلق باحكم يعني: احكم بالندور لغير ما ذكر مما خالف الشروط، فإذا وجدت شيئاً من كلام العرب مخالفاً لما قررته فقل: إنه نادر.

    وهذا شأن النحويين رحمهم الله إذا فصلوا القواعد، فما ورد يقولون: إنه نادر، ولو أنهم قالوا: وإنه يجوز على سبيل الندور لكان الأمر هيناً، لكن يقول: (ولا تقس على الذي منه أثر).

    (أثر) بمعنى: نقل، يعني: لا تقس على الذي نقل عن العرب مما خالف الشروط، وصاغوا منه التعجب.

    وذكر ابن عقيل أمثلة، فقال: [ولا يقاس على ما سمع منه، كقولهم: ما أخصره، من اختصر، فبنوا أفعلَ من فِعْل زائد على ثلاثة أحرف وهو مبني للمفعول.

    وكقولهم: ما أحمقه، فبنوا أفعل من فعلٍ الوصف منه على أفعل، نحو: حمق فهو أحمَق.

    وقولهم: ما أعسَاه وأعسِ به، فبنوا أفعل وأفعل به من عسى، وهو فعل غير متصرف].

    وعلى كل حال فالمؤلف رحمه الله تعالى يقول: هذا النادر لا يقاس عليه.

    وعند أهل العلم في الفقه يقولون: إن النادر لا حكم له فالعبرة بالغالب، أما الشاذ الخارج عن النظائر فلا يقاس عليه إنما يعتبر به، ولا يحتج به.

    وقولهم: ما أخصره كتاب، من اختصر، وبهذا يقال: هذا كتابٌ مختصر، فهذا مخالف للقاعدة، لأنه أكثر من ثلاثة، ولأنه مبني للمجهول.

    ومع ذلك العرب يقولون: ما أخصره.

    امتناع تقديم المعمول وفصله عن فعل التعجب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ وفعل هذا الباب لن يقدما

    معموله ووصله به الزما

    وفصله بظرف أو بحرف جر

    مستعمل والخلف في ذاك استقر ]

    يقول: إن هذا الباب لا يقدم معموله أبداً، فإذا قلت: ما أحسنَ السماءَ، فلا يجوز أن تقدم السماء على الفعل أحسن، فلا تقول: ما السماء أحسنَ، ولا يجوز أن تقول: السماء ما أحسن، فتقدم السماء الذي هو المفعول على (ما) والفعل، وهو داخل في قول المؤلف:

    (لن يقدما معموله).

    وقوله: (لن يقدما) الألف هنا للإطلاق، وليست للتثنية، يعني: أن معمول هذا الباب لن يقدم على فعله، سواء تقدم على الفعل دون (ما)، أو على الفعل و(ما).

    وكذلك الصيغة الثانية: أشدد به، تقول مثلاً: أحسن بالسماءِ، فلا يجوز أن تقول: بالسماء أحسن؛ لأن هذا الباب جرى مجرى الأمثلة، والأمثلة تبقى على ما وردت عن العرب، لا تقدم ولا تؤخر.

    قال: (ووصله به الزِما).

    (وصله): مفعول به، و(الزما): فعل أمر وهو الذي عمل في قوله: (وصله)، يعني: والزم وصله به، مثاله: ما أحسنَ السماءَ، والسماء متصلة بالفعل وجوباً، وابن مالك يقول: لن يتقدم على الفعل، ولن يفصل بينه وبينه بالفاصل، ولهذا قال:

    (وفصله بظرف او بحرف جر مستعمل) أي: لأن شبه الجملة يتوسع فيه.

    ومنهم من يقول: إنه ممنوع.

    مثاله: ما أحسن في الغرفة اللمبةَ!

    فإذا أردت ألا أتعرض للخلاف فأقول: ما أحسن اللمبة في الغرفة، والخلاف -كما قال ابن مسعود - شر.

    فالخروج عن الخلاف لا سيما في النحو أولى، لكن مع ذلك فقاعدتنا أن المتبع في خلاف النحويين الأسهل والأوسع، وهذا الخلاف ليس في مقتضى النصوص الشرعية، إنما هو مقتضى أمور عقلية، فما دامت المسألة ليس فيها نصوص شرعية فما هو أيسر فهو أولى.

    قال: (والخلف في ذاك استقر).

    (الخلف): مبتدأ.

    وجملة (استقر) هي الخبر، و(في ذاك): متعلق باستقر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756191981