إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [1]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من القواعد الفقهية عند ابن رجب أن الزيادة على العبادة الواجبة لا نحكم عليها بالوجوب؛ سواء كانت هذه الزيادة منفصلة أو متصلة، بل نقول في هذه الزيادة: إنها نفل. كما أن تغير الحال بعد فعل عبادة معجلة؛ سواء كان الخلل فيها أو في شرطها لا يؤثر على صحتها؛ لأن فاع

    1.   

    التعريف بالسعدي وبقواعد ابن رجب

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وعملاً صالحاً متقبلاً، ولساناً ذاكراً، وقلباً خاشعاً.

    أيها الأحبة! الكتاب الذي بين أيدينا اسمه: (تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد وأصول ابن رجب )، وهذا الكتاب يعتبر من مختصرات قواعد ابن رجب رحمه الله تعالى، وهذا الكتاب الذي اختصره وجرد قواعد ابن رجب فيه هو فضيلة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، المولود سنة سبع وثلاثمائة وألف للهجرة بمحافظة عنيزة في منطقة القصيم، والمتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، والشيخ عبد الرحمن رحمه الله جرد قواعد ابن رجب ولخصها في هذا المختصر الذي بين أيدينا سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة، قبل أن يتوفى بما يقرب من واحد وأربعين عاماً.

    والذي يقرأ في مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى يجد السهولة واليسر، سواء كانت في العقيدة، أو كانت في الفقه، أو في أصول الفقه، ويجد أن معانيها واضحة، وأن ألفاظها وعباراتها سهلة في متناول الجميع، حتى في متناول الطالب المبتدئ، وهذا المنهج هو الذي سار عليه الشيخ رحمه الله، فإذا قرأت في حياة الشيخ رحمه الله تعالى، وقرأت في ترجمته تجد اليسر والسهولة في حياته. هذا المنهج أثر في الشيخ رحمه الله فعمد إلى اختصار قواعد ابن رجب رحمه الله؛ لأنها قد لا تتهيأ لطالب العلم المبتدئ، ولا يتمكن من القراءة فيها.

    والذي يقرأ في قواعد ابن رجب رحمه الله تعالى يجد أنه أمام عالم كبير عاصر الفقه وألم بفروعه.

    وقواعد ابن رجب رحمه الله تعالى تسمى: قواعد، أو أشبه ما تكون في كثير منها بضوابط للفقه الحنبلي، فتجد أنه رحمه الله تعالى يذكر ضابطاً أو قاعدةً -إذا تساهلنا بالعبارة- ويفرع عليها تفريعات كثيرة من أول الفقه إلى آخره، مع أن الفروع مختلفة ومتنوعة، مما يدل على أن ابن رجب رحمه الله تعالى فقيه كبير، وأنه ألم بجملة فروع مذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى؛ ولهذا ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه القواعد أن هذه القواعد تضبط أصول المذهب الحنبلي، والحقيقة أن هذه ضوابط وقواعد تضبط فروع الحنابلة رحمهم الله تعالى.

    منهجية السعدي في مختصره لقواعد ابن رجب

    الشيخ عبد الرحمن لخص قواعد ابن رجب في هذا الكتاب الذي بين أيدينا، واسمه: (تحفة أهل الطلب)، وطريقة تلخيص الشيخ عبد الرحمن : أولاً: أنه يعمد إلى رأس القاعدة، وأحياناً يذكر شيئاً من التفاريع التي ذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى تحت هذه القاعدة، وتارةً يجمل ذلك ويقول: ويندرج تحت هذه القاعدة مسائل أو صور. فهو يقوم باقتباس القاعدة التي ذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى.

    ثانياً: أحياناً يذكر شيئاً من التفاريع تحت هذه القاعدة، وأحياناً لا يذكر شيئاً من ذلك، وإنما يجمل؛ ولعل الإجمال هذا راجع إلى أن هذه التفاريع قد تكون متصورة في ذهن القارئ.

    ثالثاً: ابن رجب رحمه الله أحياناً يذكر تقسيمات وأنواعاً تحت القاعدة التي يذكرها، فالشيخ عبد الرحمن رحمه الله لا يقوم بذكر هذه التقسيمات والأنواع، وهذا من منهج الشيخ عبد الرحمن رحمه الله، وله رسالة اسمها: الفروق والتقاسيم النافعة، ذكر فيها الفروق بين المتشابهات الفقهية، وذكر فيها أيضاً تقاسيم المسائل. فطريقة الشيخ عبد الرحمن أنه يعمد إلى رأس قاعدة فيقوم بذكر هذه القاعدة، وقد يذكر عليها أمثلةً، وقد لا يذكر أمثلةً مما فرعه ابن رجب رحمه الله تعالى على هذه القاعدة.

    كذلك أيضاً مما يتعلق بتقسيمات القواعد، وما ذكره الحافظ ابن رجب رحمه الله تحت هذه القاعدة من أنواع، يقوم الشيخ رحمه الله بتلخيص هذه الأنواع، فالذي يقرأ ما كتبه الشيخ عبد الرحمن يجد أن الشيخ في الغالب ألم بجملة هذه القواعد.

    وابن رجب رحمه الله بنى كتابه على ستين ومائة قاعدة، وذكر في آخر كتابه فوائد، وهذه الفوائد كالقواعد أيضاً، لكنها مسائل مشهورة حصل فيها النزاع في المذهب الحنبلي، وهي ما يقرب من واحد وعشرين فائدة، وهذه القواعد كلها لخصها الشيخ عبد الرحمن رحمه الله ولم يغفل شيئاً منها.

    مختصرات قواعد ابن رجب

    هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو اختصار لقواعد ابن رجب ، وقواعد ابن رجب رحمه الله سبق وأن اختصر، فقد سبق الشيخ عبد الرحمن في اختصار قواعد ابن رجب ، وهناك عدة مختصرات، ومن المختصرات لقواعد ابن رجب : مختصر الشيخ عبد الرزاق الحنبلي المتوفى سنة تسع عشرة وثمانمائة للهجرة، ومختصر للشيخ يوسف بن عبد الرحمن الحنبلي المتوفى سنة تسعمائة للهجرة، ومختصر ابن نصر الله رحمه الله تعالى المتوفى سنة ثمانمائة وأربع وأربعين للهجرة، ومختصر الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله، وهذا الكتاب.

    ومن المختصرات -إن سميناه مختصراً- مختصر شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى، والشيخ رحمه الله عمد إلى عمل شيء كالفهرس لقواعد ابن رجب رحمه الله تعالى، أي أن دراسة مثل هذا الكتاب مهم جداً للفقيه.

    فوائد دراسة القواعد الفقهية

    وعموماً دراسة كتب القواعد مهمة جداً؛ لأن القواعد تجمع الفروع المتناثرة تحت قاعدة واحدة.

    ومن فوائدها: أنها تسهل معرفة هذه الفروع، إذا ضبطت القاعدة عرفت ما يندرج تحتها من فروع، وإن لم تقم بحفظ هذه الفروع.

    ومن فوائدها: أنها تقرب العلم وتسهله، وأيضاً بحفظك لهذه القاعدة وضبطك لها تكون قد ضبطت وحفظت فروعاً كثيرة من فروع الفقه.

    وأما دراسة مثل هذه القواعد المتخصصة فهي -كما ذكر ابن رجب رحمه الله في مقدمة كتابه- تضبط أصول المذهب عند الحنابلة، وهذا سيتضح إن شاء الله من خلال دراسة مثل هذه القواعد.

    الفرق بين الضوابط والقواعد

    ما كتبه ابن رجب رحمه الله تعالى أقرب إلى الضوابط منه إلى القواعد، هذا من حيث الاصطلاح؛ لأن العلماء رحمهم الله حينما يتكلمون عن القاعدة والفرق بينها وبين الضابط يذكرون فرقين:

    الفرق الأول: أن القاعدة تكون كلية في الجملة، بخلاف الضابط، فالضابط قد يكون في باب، وقد يكون في بابين، لكن القاعدة تكون في سائر أبواب الفقه في الجملة، فمثلاً: قاعدة الأمور بمقاصدها، تجدها في العبادات وفي المعاملات، والأنكحة، والحدود والقصاص، لكن قولهم: كل شيء صح بيعه صح رهنه، فهذا ضابط، وقولهم: كل شيء صح بيعه صح قرضه، هذا ضابط، وأيضاً قولهم: من لا فرقة بيده لا أثر لنيته في نكاح التحليل، هذا ضابط.

    الفرق الثاني: أن القاعدة متفق عليها عند سائر الفقهاء في الجملة، لكن الضابط لا يتفق عليه الفقهاء رحمهم الله، بل قد يختلف فيه فقهاء المذهب الواحد، فمثلاً: نجد عند الحنفية أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى له ضوابط، وصاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله لهم ضوابط أخرى؛ ولهذا ذكرت بأن هذه القواعد التي ذكرها ابن رجب رحمه الله في أغلبها أشبه ما تكون بالضوابط التي تضبط فروع مذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى، لكن إن سميناها بالقواعد فهذا من باب التساهل في العبارة.

    ونحن هنا إن شاء الله سوف نشرح ستين قاعدة أو ثمانين قاعدة، سنجعل شرح الكتاب على مرحلتين؛ لأن هذه القواعد تحتاج إلى شيء من التأني في الشرح وضرب كثير من الأمثلة؛ لأنها قد تعسر على بعض من كان مبتدئاً في طلب العلم، أو لم يكن عنده إلمام كثير بفروع الفقه.

    1.   

    القاعدة الأولى: الماء الجاري هل هو كالراكد؟

    قول المؤلف رحمه الله: القاعدة الأولى: [الماء الجاري هل هو كالراكد أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد؟ فيه خلاف في المذهب، ينبني عليه مسائل].

    الماء الجاري: هو الذي يمر بالشيء ويتجاوزه كالأنهار والسواقي وغير ذلك، والراكد: هو الماء المستقر.

    والفقهاء رحمهم الله تعالى يقسمون الماء لعدة اعتبارات، فمن حيث الركود والجري يقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: ماء راكد.

    والقسم الثاني: ماء جارٍ.

    وهذا التقسيم له ارتباط بمسألة أخرى، وهو تقسيم الماء إلى قسمين: ماء كثير، وماء قليل، والقليل ما كان دون القلتين، والكثير ما كان قلتين فأكثر، والماء الراكد إن كان قليلاً ينجس بمجرد الملاقاة، فلو غمس فيه نائم نوم ليل ناقض للوضوء، فبمجرد أن غمس يده أصبح نجساً، وإن كان كثيراً فلا ينجس إلا بالتغير، ولا يضره إذا غمست فيه يد قائم من نوم الليل الناقض للوضوء. كذلك أيضاً لو استعمل في طهارة واجبة، فإنه إذا كان كثيراً فلا يضره إلا بالتغير، وإن كان قليلاً فإنه يضره.

    وأما الماء الجاري: فقال المؤلف رحمه الله تعالى: (فيه خلاف في المذهب)، وهذا الخلاف كما يلي:

    الرأي الأول في المذهب أن الجاري حكمه حكم الراكد، وعلى هذا إذا كان الماء الذي يجري كثيراً -قلتين فأكثر- فإنه لا ينجس بمجرد الملاقاة لو وقعت فيه نجاسة، أو غمس فيه من قام من نوم الليل الناقض للوضوء يده، وكذلك لو استعمل في طهارة واجبة، كإنسان عليه حدث أكبر وانغمس فيه، ثم انفصل عنه، فإن هذا لا يضر ما دام أنه قلتان فأكثر، وإن كان أقل من قلتين فإنه ينجس بمجرد الملاقاة والضابط في الكثير أن يكون قلتين فأكثر.

    الرأي الثاني في المذهب: ما أشار إليه المؤلف رحمه الله بقوله: (أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد).

    فعلى الرأي الثاني: لا ننظر إلى مجموع الماء ونجعله كالراكد، بل نجعل كل جربة كالراكد، أي تأخذ حكم الراكد.

    وضابط الجرية: هي ما أحاط بالشيء من فوق، ومن تحت، ومن يمين، ومن يسار، ولو خالفته النجاسة لغيرته، لو خالفته في اللون أو الطعم أو الرائحة لغيرته، وعلى هذا ننظر إلى عظم النجاسة وقلتها، فلو كان عندنا نقطة بول، فإن كانت تغير ماءً كثيراً يبلغ القلتين فهذه الجرية تكون في حكم الماء الكثير، وإن كانت لا تغير ماءً كثيراً يبلغ القلتين، فهي تأخذ حكم الماء القليل.

    ولكن كيف نعرف أن هذه الجرية قليلة بحيث أنها تنجس بمجرد الملاقاة؟ وكيف نعرف أنها قليلة أو كثيرة؟ نقول: لو فرض أن النجاسة هذه تغير قلتين أصبح كثيراً، ولو فرض أنها لا تغير إلا أقل من قلتين فهو ماء قليل، فإذا كانت النجاسة قليلة بحيث كانت نقطة، فإن الماء يكون قليلاً في حكم الماء القليل.

    أما لو عظمت النجاسة وأصبحت تغير قلتين فأكثر، فإن هذه الجرية تكون في حكم الماء الكثير الذي لا يتأثر بالنجاسة، ولا يتأثر بشيء يقلبه إلى ماء طاهر.

    فالخلاصة في هذه القاعدة: أن الماء الجاري كالراكد فيما يتعلق بأحكامه قلة وكثرة، وأما الرأي الثاني فلا ينظر إلى مجموع الماء، وإنما ينظر إلى كل جرية بحسبها، وننظر إلى كبر النجاسة وصغرها، فإذا كانت النجاسة يسيرة بحيث إنها لا تغير إلا أقل من قلتين، فيأخذ حكم الماء القليل، وإن كانت كثيرة -مثل وقوع كلب فيه- بحيث إنه يغير قلتين فأكثر، فهذا يكون في حكم الماء الكثير.

    1.   

    القاعدة الثانية: شعر الحيوان وظفره في حكم المنفصل عنه

    قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الثانية: شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه لا في حكم المتصل، وكذلك الظفر هذا هو جادة المذهب، ويتفرع على ذلك مسائل].

    المراد بالحيوان كل ما فيه روح، سواء كان آدمياً، أو غير آدمي.

    أقسام أجزاء الحيوان من حيث الاتصال والانفصال

    اعلم أن أجزاء الحيوان تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: الأجزاء المتصلة، فهذه لها حكم بقية البدن مثل: اليد، والرجل، والإصبع، والرأس.. ونحو ذلك.

    القسم الثاني: أجزاء منفصلة، فهذه لا تأخذ حكم بقية البدن، وإن كانت مترددةً في البدن، وهذا مثل: الدمع، والريق، والدم، والحليب، ونحو ذلك، وهذه الأشياء المنفصلة نوعان:

    النوع الأول: أن تكون من الآدمي، فهذه لها حكم بقية البدن.

    والنوع الثاني: أن تكون من غير الآدمي، فإن كانت من حيوان مأكول فهي تأخذ حكمه، وأيضاً تأخذ حكم بقية البدن، وإن كانت من حيوان غير مأكول فهذه فيها تفصيل سنشير إليه.

    القسم الثالث: وهو ما أشار إليه المؤلف رحمه الله تعالى: الأجزاء المتصلة لكنها في حكم المنفصل، مثل الشعر، والظفر، والسن، والضابط في ذلك: كل ما لا تحله الحياة على الصحيح، مثل: القرون، والأظلاف، فهذه يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأنها في حكم المنفصل؛ ولهذا قال في القاعدة: (شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه، لا في حكم المتصل. وكذلك الظفر، هذا هو جادة المذهب، ويتفرع على ذلك مسائل).

    فعندنا الشعر والظفر والسن، وكذلك -إذا قلنا على الصحيح- كل ما لا تحله الحياة كالقرون والأظلاف حكمها حكم المنفصل.

    ما يترتب على الحكم بالظفر والشعر بالانفصال

    قول المؤلف: [ويتفرع على ذلك مسائل].

    أي: يترتب على ذلك مسائل، من هذه المسائل: لو مس شعر زوجته بشهوة، والمشهور من المذهب أن مس المرأة بشهوة بلا حائل ينقض الوضوء، فلو مس شعر زوجته بشهوة فإن هذا في حكم المنفصل لا ينتقض وضوءه، مع أنه لو مس يدها بشهوة يقولون: إنه ينتقض وضوءه.

    كذلك أيضاً لو مس ظفر زوجته بشهوة، يقولون: بأنه في حكم المنفصل لا ينقض الوضوء، لكن لو مس يدها أو رجلها لشهوة يقولون: بأنه ينقض الوضوء.

    كذلك أيضاً لو طلق شعر زوجته، قال: شعرك طالق، يقولون: لا يقع الطلاق، ولو أنه طلق يد زوجته، قال: يدك طالق، يرون أن الطلاق يقع؛ لأن الشعر في حكم المنفصل، وأما اليد فهي تأخذ حكم بقية البدن كما ذكرنا.

    كذلك أيضاً لو ظاهر من شعر زوجته، قال: شعرك علي كظهر أمي، يقولون: لا يقع الظهار، أو قال: ظفرك علي كظهر أمي، يقولون: لا يقع الظهار؛ كما لو قال: دمعك علي كظهر أمي فإنه لا يقع ظهاراً، يقولون: الأشياء المنفصلة لا يقع فيها الظهار، وكذلك أيضاً لا يقع فيها الطلاق، فلو ظاهر من شعر زوجته أو من ظفرها أو من سنها يقولون: بأنه لا يقع ظهاراً؛ لأن هذه الأشياء في حكم المنفصل.

    ومثل ذلك أيضاً لو طلق سن زوجته، أو ظاهر من سن زوجته، أو أعتق شعر جاريته، أو أعتق ظفر جاريته، يقولون: بأنه لا يقع العتق، لكن لو أعتق يدها يسري عليها العتق، فيقولون: بأن الشعر والظفر في حكم المنفصل كما سلف، وعلى هذا، لو أنه مس شعر زوجته بشهوة أو مس ظفرها بشهوة أو طلق أو أعتق أو ظاهر، يقولون: بأنها في حكم المنفصل فلا يقع عليه شيء من ذلك.

    وكما ذكرنا أيضاً كل جزء من الحيوان لا تحله الحياة فالصواب أنه في حكم المنفصل، مثل: الأظلاف، والقرون. وعلى هذا لو ماتت شاة فإن قرنها طاهر، ولا يأخذ حكم بقية البدن، وكذلك أيضاً أظلافها، فهي طاهرة لا تتنجس بالموت، وكذلك أيضاً ما يتعلق بشعرها أو الريش أو الوبر أو الصوف، هذه الأشياء كلها طاهرة لا تأخذ حكم بقية البدن.

    فالخلاصة في هذه القاعدة: أن الشعر والظفر ونحوه في حكم المنفصل لا يأخذ حكم الأجزاء المتصلة، هذا بالنسبة للقسم الثالث.

    ما يترتب على كون العضو متصلاً

    وأما بالنسبة للقسم الأول فالأجزاء المتصلة كاليد والرجل تأخذ حكم بقية البدن في الجملة، فلو أنه طلق يد زوجته فالمشهور من المذهب أنه يقع عليها الطلاق، وإن كان الظاهرية ينازعون في ذلك، وكذلك لو طلق رجل زوجته يقع عليها الطلاق، ولو ظاهر من رجل زوجته، أو ظاهر من يد زوجته، يرون بأن الظهار يقع عليه، كذلك أيضاً لو مس يد زوجته بشهوة فإنهم يرون أن وضوءه ينتقض، فالأجزاء المتصلة يقولون: تأخذ حكم بقية البدن، كما لو طلق بدن زوجته، جملة زوجته، قال: أنت طالق، أو ظاهر منها يقول: أنت علي كظهر أمي، فهذا يقع عليه الظهار.

    حكم الجزء المنفصل

    وأما القسم الثاني: الأشياء المنفصلة، كالدم والحليب والعرق والريق ونحو ذلك، فهذه تنقسم إلى نوعين:

    النوع الأول: أن تكون من الآدمي، فهذه تأخذ حكم بدن الآدمي فيما يتعلق بالطهارة. وأما فيما يتعلق بالعتق والظهار والطلاق، فهذه لا تأخذ حكم بدن الآدمي، وإنما تأخذ حكم القسم الثالث، فالأشياء المنفصلة من حيث الطهارة تأخذ حكم بقية البدن؛ لأن بدن الآدمي طاهر، فهذه الأشياء طاهرة، أما ما يتعلق بالظهار والطلاق والعتق ونقض الوضوء.. ونحو ذلك فتأخذ حكم الأجزاء المتصلة التي في حكم المنفصل كالشعر والظفر.

    والنوع الثاني: إن كانت من حيوان غير آدمي كالشاة والبعير والهر ونحو ذلك، فنقول: إن كان الحيوان مأكول اللحم، فهذه تأخذ حكم بقية البدن، فعرقها طاهر وريقها طاهر، ولبنها طاهر، وإن كانت من حيوان غير مأكول اللحم فهذه حكمها أيضاً كحكم بقية البدن تكون نجسة، إلا إن كان الحيوان طاهراً، فإنه يستثنى من ذلك العرق، وكذلك أيضاً الريق والدمع، فهذه طاهرة، فمثلاً: الهر، العلماء يقولون: بأنه حيوان طاهر، فما يخرج منه من دم أو لبن أو مني فهذه نجسة، لكن ما يتعلق بريقه وما يتعلق بعرقه وما يتعلق بدمعه فهو طاهر مثل الحمار، فالأشياء التي يشق التحرز عنها، فهذه حيوانات طاهرة، أي ما يتعلق بريقها، وما يتعلق بدمعها، وما يتعلق بعرقها، نقول: بأنها طاهرة.

    1.   

    القاعدة الثالثة: الزيادة على العبادة الواجبة هل توصف بالوجوب؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الثالثة: من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على ما دونه لأجزأه، هل يوصف الكل بالوجوب أو قدر الإجزاء منه؟

    إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال في أنها نفل بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوها.

    وأما إن لم تكن متميزة ففيه وجهان مذكوران في أصول الفقه، وينبني عليها مسائل].

    معنى هذه القاعدة: أن الزيادة على الواجب لا توصف بالواجب، أي: لو أن الإنسان وجبت عليه عبادة، فأتى بهذه العبادة وبزيادة فهذه العبادة الزائدة التي زادها، هل توصف بأنها واجبة، أو لا توصف بالوجوب؟

    نقول: هذه الزيادة تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن تكون الزيادة منفصلةً، فهذه لا توصف بالوجوب، ومن أمثلة ذلك: الواجب في زكاة الفطر صاع، فهذا الرجل أخرج صاعين، نقول: الواجب هو الصاع الأول، وأما الصاع الثاني فليس واجباً، بمعنى: لا يوصف بالوجوب وإنما هو نفل، وسيترتب على ذلك الأجر عند الله سبحانه وتعالى، فإذا قلنا: بأن الصاعين يوصفان بالوجوب فأجرهما سواء، وإذا قلنا: بأن الصاع الثاني لا يوصف بالوجوب، فأجره أقل من أجر الصاع الأول.

    ومن الأمثلة على ذلك: الركوع، فالواجب فيه تسبيحة واحدة، فإذا سبح تسبيحتين أو ثلاث تسبيحات، فنقول: التسبيحة الثانية نفل، والتسبيحة الثالثة نفل وليست واجبة.

    ومن أمثلة هذه القاعدة: الغسلة الأولى للأعضاء تكون واجبة، والغسلة الثانية ليست واجبة وإنما هي نفل.

    ومن أمثلة ذلك أيضاً: إذا كان عنده خمس من الإبل فيجب عليه شاة واحدة، فإذا أخرج شاتين، فالشاة الثانية نفل ولا نصفها بالوجوب، وإنما نقول: بأنها نفل.

    القسم الثاني: أن تكون الزيادة متصلة، فهذه قد ذكر الشيخ السعدي رحمه الله أن فيها وجهين، والصواب: أنها حتى ولو كانت الزيادة متصلة نقول: بأنها لا توصف بالوجوب.

    من أمثلة ذلك: رجل فعل محظوراً من محظورات الإحرام، أو ترك واجباً من واجبات الحج، فوجب عليه دم، والدم سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو ثني معز أو جذع ضأن، فالواجب عليه هو السبع، لكنه ذبح بدنةً كاملة عن فعله لهذا المحظور. كذلك لو حلق رأسه وجب عليه سبع بدنة، فذبح بدنة كاملة، والزائد ستة أسباع، هل هذا الزائد واجب أو ليس واجباً؟

    يقول رحمه الله: فيه وجهان للعلماء رحمهم الله، والصواب: أن الزائد هذا ليس واجباً وإنما هو نفل، وعلى هذا إذا قلنا: بأنه نفل تبقى هذه الستة الأسباع له أن يتصرف فيها، له أن يهبها، له أن يبيعها، له أن يأكلها، وأما السبع الذي أخرجه عن فعل هذا المحظور، فهو الذي لا يجوز له أن يأكل منه، لكن تبقى ستة أسباع له أن يأكل منها، له أن يتصرف فيها، له أن يهدي. فنحكم بأنها نافلة، لكن بالنسبة للسبع الأول هذا ليس له أن يأكل منه؛ لأنه فعله جبراً لما حصل منه، الدم الذي يذبحه جبراناً كهدي المتعة وهدي القران، فهذا له أن يأكل منه، وإذا قلنا: بأن الكل يوصف بالوجوب، فليس له أن يأكل ولا من الستة الأسباع الباقية؛ لأنها تكون أخذت حكم السبع الأول.

    كذلك أيضاً من مسائل هذه القاعدة في القسم الثاني: إذا وجب عليه سبع بدنة لترك واجب من واجبات الحج، فحلف ألا يخرج أكثر من الواجب، فذبح بدنةً هل يحنث أو لا يحنث؟ إذا قلنا: بأن الزائد نفل لم يحنث، وإن قلنا: بأن الزائد واجب نقول: بأنه حنث؛ لأنه حلف ألا يخرج أكثر من الواجب، وهنا أخرج أكثر من الواجب.

    فخلاصة هذه القاعدة: أن الزيادة على الواجب، سواء كان منفصلاً أو متصلاً، لا نحكم عليه بالوجوب، وإنما نقول: الزائد على الواجب بأنه نفل.

    1.   

    القاعدة الرابعة: لا تقدم العبادة على سببها وتقدم بعده قبل سبب الوجوب أو شرطه

    قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الرابعة: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما، لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب، ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة].

    قول المؤلف رحمه الله: (سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما) يفيد أن العبادات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: عبادات بدنية، وهي التي تمحض فيها البدن.

    والقسم الثاني: عبادات مالية، وهي التي تمحض فيها المال.

    والقسم الثالث: عبادات مركبة، وهي التي لم يتمحض فيها البدن ولا المال، بل جمعت بين البدن والمال.

    هذه القاعدة في حكم تقديم العبادة، وحكم تقديم العبادة ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: تقديم العبادة على سببها، فهذا لا يجزئ.

    القسم الثاني: تقديم العبادة بعد وجود السبب، وقبل شرط الوجوب، أو قبل الوجوب، وهذا مجزئ.

    فعندنا القسم الأول وهو: تقديم العبادة على سببها، نقول: بأنه لا يجزئ، مثال ذلك: إنسان أخرج كفارة اليمين قبل أن يحنث، وجد مساكين فأطعمهم طعام عشرة مساكين، وقال: لأنني ربما في يوم من الأيام أحلف وأحنث، فأخرج الآن الكفارة قبل وجود السبب، نقول هنا: لا يجزئ ما دام أنه لا يوجد السبب وهو الحلف.

    كذلك أيضاً لو أن شخصاً أعتق رقبةً عن كفارة القتل، وهو حتى الآن لم يقتل، نقول: بأنه لا يجزئ.

    كذلك أيضاً لو صام شهرين متتابعين عن كفارة الظهار قبل أن يوجد الظهار، قال: لأنني ربما في يوم من الأيام أظاهر، هنا نقول: بأنه لا يجزئ.

    وكذلك أيضاً لو أخرج الزكاة قبل أن يملك النصاب، فنقول: بأن هذا لا يجزئ.

    القسم الثاني: أن يخرج العبادة أو أن يعجل العبادة بعد وجود السبب وقبل شرط الوجوب أو قبل الوجوب، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأن هذا مجزئ، فمثلاً: إذا أخرج كفارة القتل بعد الجرح وقبل الزهوق، فذهب وأعتق رقبةً، فنقول: بأن هذا جائز؛ لأن السبب موجود وهو الجرح، كذلك أيضاً لو أخرج كفارة اليمين قبل أن يحنث، والحنث: هو أن يفعل ما حلف على تركه، أو أن يترك ما حلف على فعله، فقبل أن يحنث أخرج كفارة اليمين، نقول: بأن هذا جائز، ويسميه العلماء رحمهم الله: تحلة، أي: كونك تخرج الكفارة قبل الحنث فهذا تحلة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:1-2].

    ومن أمثلة ذلك أيضاً ما إذا عجل الزكاة بعد وجود النصاب وقبل حولان الحول، نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، فإذا كان ذلك بعد وجود السبب، وقبل شرط الوجوب، أو قبل الوجوب، فنقول: بأنه جائز ولا بأس به.

    1.   

    القاعدة الخامسة: تغير الحال لا يؤثر على صحة العبادة المعجلة

    قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الخامسة: من عجل عبادة قبل وقت الوجوب ثم جاء وقت الوجوب وقد تغير الحال، بحيث لو فعل المعجل في وقت الوجوب لم يجزئه، فهل يجزئه أم لا؟ هذا على قسمين:

    أحدهما: أن يتبين الخلل في نفس العبادة بأن يظهر وقت الوجوب أن الواجب غير المعجل، ولذلك صور.

    والقسم الثاني: أن يتبين الخلل في شرط العبادة المعجلة، فالصحيح أنه يجزئه ويتفرع على ذلك مسائل].

    معنى هذه القاعدة: أن تغير الحال بعد فعل العبادة لا يؤثر على صحتها وإجزائها؛ لأنه مأذون له في التعجيل، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

    قول المؤلف رحمه الله تعالى: (وقد تغير الحال) نقول: بأن تغير الحال ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن يتبين الخلل في نفس العبادة بأن يظهر في وقت الوجوب أن الواجب غير المعجل.

    والقسم الثاني: أن يظهر الخلل في شرط العبادة.

    ظهور الخلل في نفس العبادة

    أما القسم الأول: إذا ظهر الخلل في نفس العبادة فإن هذا لا يؤثر على صحتها وإجزائها، ولهذا صور:

    الصورة الأولى: مثلاً: يجوز أن تعجل كفارة اليمين بعد وجود السبب، فهذا رجل حلف، وقبل أن يحنث قال: أريد أن أخرج الكفارة، فنقول: ما دام أن السبب قد وجد فله أن يخرج الكفارة وإن لم يحنث، فإذا لم يجد إطعام عشرة مساكين، ولا كسوتهم، ولا تحرير رقبة، فيكون بين العبادة المالية والعبادة البدنية ترتيب، فإنه لا ينتقل من العبادة المالية حتى يعجز عنها، فهذا الرجل لم يجد ما يطعم عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فله أن يصوم ثلاثة أيام، ثم يحنث، ولما حنث أصبح موسراً، فهذا التغير في نفس العبادة لا يؤثر على صحة الصيام؛ لأنه قد أذن له في التعجيل، وما ترتب على المأذون فهو غير مضمون، فهو لما حنث أيسر، ومنّ الله عز وجل عليه ووجد إطعام عشرة مساكين، فكونه قدم الصيام بعد وجود السبب فهذا مأذون له.

    ومن الأمثلة أيضاً: إذا دخل وقت الصلاة فصلى الصبي صلاة العصر مثلاً، ثم بلغ في أثناء الوقت، فهل يؤثر هذا على صلاته؟ وهل يجب عليه أن يعيدها؟ نقول: بأنه لا يؤثر على صلاته الأولى، وصلاته الأولى صحيحة ومجزئة.

    ظهور الخلل في شرط العبادة

    القسم الثاني: إذا تبين الخلل في شرط العبادة، فإنه لا يؤثر على صحة العبادة وإجزائها، مثال ذلك: رجل تصدق بصدقته المفروضة على فقير قبل أن يحول الحول، فله أن يعجل الزكاة لعام أو لعامين، وبعد أن حال الحول اغتنى هذا الفقير، فهل الزكاة مجزئة أو ليست مجزئة؟

    هنا تبين أن الخلل في شرط العبادة، فشرط الزكاة أن تقع في يد فقير، ولكن هذا يجزئه؛ لما ذكرنا أنه قد أذن له في التعجيل، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

    ومن الصور: لو أن مريضاً جمع بين الصلاتين بتيمم، فجمع بين الظهر والعصر، ثم جاء وقت العصر وقد وجد الماء، فهل نقول: بأن صلاة العصر ليست صحيحة والماء قد وجد في وقتها؟ الجواب: بأن صلاة العصر وقعت مجزئة؛ لما ذكرنا من الدليل: أنه أذن له في التعجيل، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

    ومثل ذلك أيضاً: لو أنه جمع بين الصلاتين في السفر، وقصر الظهر والعصر في وقت صلاة الظهر، ثم دخل بلده قبل دخول وقت العصر، فدخل عليه وقت العصر وهو غير مسافر، فهل صلاة العصر التي وقعت مقصورةً في وقت الظهر مجزئة أو ليست مجزئة؟ نقول: إنها مجزئة؛ لأنه قد أذن له في التعجيل والقصر، وكونه دخل عليه وقت العصر وهو لا يباح له القصر هذا لا يخل بالعبادة؛ لأنه قد أذن له في القصر، وأذن له في الجمع.

    فالخلاصة في هذه القاعدة: أن تغير الحال بعد فعل العبادة المعجلة، سواء كان الخلل في العبادة، أو في شرطها لا يؤثر على صحتها، والدليل على ذلك أنه قد أذن له، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755988556