إسلام ويب

رجسٌ من عمل الشيطانللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نأكل من طيبات ما رزقنا، وأن نجتنب ما حرم علينا من المأكولات والمشروبات، ومن الأشياء التي حرمها الله علينا شرب الخمر؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

    والخمر معلومٌ ضررها على الإنسان؛ فمن أضرارها -وهي أعظمها- أنها تُذهب العقل الذي وهبه الله للإنسان.

    ويقاس على الخمر أيضاً المخدرات التي أفتى العلماء بقتل من يروجها للناس؛ لأنها أضاعت بكثير من أموال الناس، وأذهبت عقولهم، وجعلتهم ينتهكون حرمات الله التي حرم عليهم.

    1.   

    الأمر بأكل الطيبات وحفظ نعمة العقل

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى.

    أيها المؤمنون: تمتعوا بما أحل الله لكم من الطيبات، واشكروه عليها بالقيام بطاعته، فإن الشكر سبب للمزيد، واسمعوا إلى الرءوف الرحيم، وهو يحثكم على الأكل من الطيبات: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].

    أيها المسلمون: إن الله جلَّ وعلا أنزل القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نوراً وهدىً فيه آيات بينات، وسبل واضحات، من اتخذه إماماً وقائداً قاده إلى الجنة، وسعد في الدنيا وفاز في الأخرى: مَنْ عَمِلَ صَـالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].

    ومن ترك العمل بهذا القرآن، ومن ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضل في الدنيا، وشقي في الآخرة، يقول الله جلَّ وعلا: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً [الإسراء:72].

    أيها المسلمون: هذا العمى المذكور في الآية الكريمة سببه اجتراح السيئات، وفعل المنكرات، وارتكاب المحرمات، فإن المعاصي توجد في القلب ظلمة حقيقية، يشعر بها العاصي -إن كان له ضمير- كما يشعر بظلمة الليل البهيم، وتزداد هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تعلو وتكون سواداً في الوجه، وذلك الران الذي ذكره الله في القرآن، قال جل وعلا: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].

    أيها المسلمون: إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه، سبب لسقوطه من عين الله: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18].

    ويقول جلَّ وعلا: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء:70] نعم. الله عزَّ وجلَّ كرم بني آدم بكرامات كثيرة، وفي مقدمة هذه الكرامة: العقل. إن العقل -يا عبد الله- نعمة كبرى، ثم يجني البعض من بني آدم على هذا العقل ويزيله بما حرم الله عليه من المسكرات، والمخدرات -نسأل الله العفو والعافية- وغيرها من العار والشنار التي ابتلي بها كثير من الناس، وتوعد الله فاعلها بالخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أشد وأخزى؛ لأن المسكرات وفي مقدمتها: أم الخبائث: الخمر هي رأس الخطايا، ودليل إلى النار وغضب الجبار.

    المسكرات التي تيسر للعبد سبيل الفساد وتجعله يشتري الجنون بدل الرشاد.

    المسكرات يشتري بها الجنون بماله الذي تعب فيه.

    المسكرات يبيع بها كنـزاً ثميناً، بل يجني عليه أكبر جناية، ألا وهو العقل الذي ركبه الله فيه، العقل الذي ميزه الله به عن سائر الحيوان.

    1.   

    حال شارب الخمر

    أمة الإسلام: إن شارب الخمر، خاسر لشرفه، ساقطةٌ مروءتُه، مرذولٌ بين المجتمع، شارب الخمر لو يرى نفسه وهو يُقَذِّرْ على نفسه كما يفعل الصبي، السكران يمشي ويقع ويتمايل في الطرق والناس يضحكون عليه ويستهزئون به، لو يرى السكران نفسه في تلك الحالة ما قارب الخمر، ولكنها كما قال الله جلَّ وعلا: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].

    السكران، لو رأى نفسه وهو يتبع أمه يريد أن يفعل بها جريمة الزنا ما اقترب الخمر، ولا اقترب المسكرات.

    السكران، لو رأى نفسه وهو يتبع أخته ومحارمه ليفعل بهن الجريمة ما قرب إلى المسكرات: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].

    يا شارب الخمر! أين كرامتك حين يراك من كان يظن أنك من المكرمين؟! بل أين الإسلام! وأنت لا تخاف رب العالمين؟!

    إن كان شارب الخمر تاجراً فلا يأمن الإفلاس؛ فإن الله قد توعد شاربَها بالفقر، والجنون، والفضيحة بين الناس.

    شارب المسكرات، إن كان موظفاً فستكون عاقبة أمره التشريد والعذاب الشديد.

    وإن كان مروجاً للمخدرات، وقبضت عليه السلطات فإن مآله إلى القتل، كما أفتى بذلك العلماء جزاهم الله خيراً؛ لأن المروج للمسكرات يعيث في الأرض فساداً.

    وقد أجمع الأطباء على أن شارب الخمر يُصاب بأمراض كثيرة فتَّاكة، منها: السل، والشلل، واحتقان الكبد، وإفساد المعدة، وتغير الخلق، فالسكارى يسرع إليهم التشوه، وتسودُّ وجوههم في الدنيا قبل القيامة، أسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

    السكارى تسودُّ وجوههم في الدنيا قبل الآخرة، ويكون كالهَرِم جسماً وعقلاً، فالخمر تضر الجسد ضرراً بالغاً، وتفتك به فتكاً ذريعاً، وتؤثر على عقول الذرية، فولد السكِّير لا يكون نجيباً، ولا ذكياً، بل ربما يُصاب بالخبل والجنون، هذا بعض ما يُصاب به شارب الخمر في الدنيا.

    أما يوم القيامة، أما يوم الحسرة والندامة، فيُجاء بشارب الخمر مسودَّ الوجه، خارجاً لسانه على صدره، يتقذره كل من يراه، ويُصار به إلى جهنم وبئس المصير.

    ويلك أيها السكير، لقد تجاهرت بالمنكرات، وأذهبتَ عقلك بالمسكرات، وارتكبت بسببها جميع المحرمات.

    إن السكير إذا وضع كأس الخمر على فمه يقول الإيمان للكأس: انتظر حتى أخرج من القلب، وحُلَّ أنت فيه أيها الخمر. فإن الإيمان لا يجتمع والخمر معاً في قلب مؤمن، (لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) بهذا أخبر الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه.

    وأخبر: (إن الله لعن الخمر، وشاربها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، وآكل ثمنها...) إلى آخر الحديث، كل هؤلاء ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ويقول أيضاً: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدقٌ بالسحر، ومن مات وهو مدمن للخمر سقاه الله من نهر الغُوطة، قيل: وما نهر الغُوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات) أي: الزواني اللواتي يؤذي أهل النار ريح فروجهن، نسأل الله العفو والعافية.

    فهل يرضى عاقل من العقلاء أن تكون هذه حالته يوم القيامة؟!

    هل تعلم يا شارب الخمر! أنك بعد شربها لا يقبل الله منك صلاة ولا صياماً أربعين صباحاً، كما ورد في الأثر.

    وهل سمعتَ يا شارب الخمر! أنك يوم الهول الأكبر تشرب عرق أهل النار، فيقطع أمعاءك، ويشوي لحم وجهك، ويذيب جسمك، وتكون من الخاسرين الذين خسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

    1.   

    سبب الكلام عن الخمر وأدلة تحريمها

    أيها المؤمنون بالله: لعل البعض من المستمعين الذين عصمهم الله من هذا الشراب الخبيث ومن هذه المسكرات يقول: ما الداعي لهذا أن يتكلم به بين المسلمين؟

    فنقول: يا عبد الله! هل راجعتَ مراكز الشرطة؟ هل راجعت محلات الأحداث؟ هل راجعت دار الرعاية؟ حتى تجد أناساً فقدوا العقول، وأصبحوا بصفة المجانين، بسبب استعمال المسكرات والمخدرات، كانوا رجالاً، كانوا من أعقل الرجال، ولكن لما جنوا على هذا العقل على هذه الكرامة صاروا بصفة المجانين، نسأل الله العفو والعافية. اللهم لا شماتة.

    لو راجعت أخي المسلم مراكز الشرطة رأيتَ بعض الشباب الذين ضاعوا في سبيل الشيطان، وقد أُتي بهم وهم سُكارى والعياذ بالله، إلى أين يرجع هذا؟ يرجع إلى إهمال الآباء، نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً.

    أيها المسلمون: أولادكم أمانة في أعناقكم، حتى بدأت النساء تتناول هذه المسكرات والمخدرات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

    أيها المؤمنون بالله حقاً: حافظوا على هذه الأمانات التي علقها في أعناقكم، فإنكم سوف تسألون عنها يوم القيامة.

    لقد أجمع علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وقديم الزمان وحديثه على أن الخمر حرام، إجماعاً قطعياً لا ريب فيه، فمن قال: إنها حلال فهو كافر، يُستتاب، فإن تاب وأقر بتحريمها تُرك، وإلا قُتل كافراً مرتداً، لا يُغسل، ولا يُكفن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، وإنما يُرمس في ثيابه، في حفرة بعيدة؛ لئلا يتأذى المسلمون برائحته، وأقاربُه بمشاهدته، ولا يرث أقاربُه من ماله، وإنما يُصرف مالُه في مصالح المسلمين، لا يُدعى له بالرحمة، ولا النجاة من النار؛ لأن من مات وهو يُدمن الخمر، فإن حقاً على الله أن يُسْقِيَه من طينة الخبال، وطينة الخبال: عُصارة أهل النار.

    من استحل الخمر، وقال: إنها حلال، فإنه كافر، يقتل مرتداً، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً [الأحزاب:64-65]. نعم، أيها المسلمون! إن من اعتقد أن الخمر حلال، فهو مضاد لله، مكذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خارج عن إجماع المسلمين.

    أما من شرب الخمر، وهو يؤمن ويعتقد بأنها حرام؛ ولكن سولت له نفسه بها، فشربها، فهو عاص لله، ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، فاسق عن طاعة الله، مستحق للعقوبة، وعقوبته في الدنيا أن يجلد ردعاً له ولغيره، فإذا تكرر من الشارب الشرب، وهو يُعاقَب ولا يرتدع، فإن ابن حزم رحمه الله تعالى قال: يُقتل في الرابعة.

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يقتل في الرابعة عند الحاجة إذا لم ينتهِ الناس بدون القتل.

    فاتقوا الله -أيها المسلمون- واجتنبوا الخمر لعلكم تفلحون، فلقد وصفت الخمر بأقبح الصفات في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصفها الله بأنها رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] وقرنها بالميسر، والأزلام، وعبادة الأوثان، وقال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الخمر مفتاح كل شر، وجماع الإثم كله.

    إن شارب الخمر يفقد عقله، ويلتحق بالمجانين، إنه ربما يقتل نفسه وهو لا يشعر، وربما يزني بأمه وأخته، وقد حصل أن كثيراً من السكارى زنوا بأمهاتهم ومحارمهم، وبعضهم باع شرفه وعرضه، وبعضهم ينبطح كما تنبطح الدابة وتُفعل به الجريمة حتى يحصل على قطعة من الحشيش، وحتى يحصل على قليل من الحبوب المسكرة.

    اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90-91].

    1.   

    حكم أكل القات

    يا عباد الله: لا ننسى المصيبة التي ابتلي بها الكثير، وهي الجريمة الخفية التي تفتك بالأموال، وتفتك بكثير من الناس، ألا وهي (القات) -وإن لم يرضَ البعض من الناس- القات الذي أذهب حياة كثير من الناس، وذهبت بسببه الأموال، وبعضهم صار عالة على المجتمع بسبب أكل هذا القات؛ لأنه إذا حصَّل قليلاً من المال ذهب سريعاً حتى يجعله في هذا القات، ووالله ثم والله إن بعضهم حضر عندي يبكي، يقول: أريد أن أقتني مسكناً لأولادي، وعجزت أن أقتني لي مسكناً، وقد حصلتُ على كثير من الأموال، ولكني أذهبها بالقات، أذهب الله القات، وقطعه الله عن أراضي المسلمين.

    القات -يا عباد الله- الذي يصد الكثير عن الصلوات، فكان بعضهم إذا خَزَّن وأكل القات يترك خمس صلوات والعياذ بالله، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

    والله إن كل منصف إذا تحدث عن القات، فبعضهم ولله الحمد عرفه، وعرف مضاره وتركه، فهو يتحدث بصدق.

    فمن أراد أن يستنصح، فليسأل الذين كانوا يستعملون القات وتركوه، ليعرف ما فيه من المضرة، ومن انتهاك الأموال التي جعلت من يأكله عالة بين المجتمع -نسأل الله العفو والعافية- جعلته يتسول، ويستعمل المسألة التي نهى الله عنها ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم) وإذا سألت بعضهم وقلت: لماذا، أنت رجل جَلْد ونشيط وقوي؟ قال: القات أذهبه الله أكل أموالنا، فنسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

    عباد الله: أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، وأسأله بمنه وكرمه أن يحسن لنا الختام، وأن يتوفانا على الإسلام.

    اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين.

    اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغننا بفضلك عمن سواك.

    اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.

    1.   

    الابتعاد عن المسكرات والمخدرات

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، واسمعوا وأطيعوا.

    عباد الله: الله.. الله.. بالابتعاد عن المسكرات والمخدرات، فقد سمعتم مما تقدم من الآيات والأحاديث أن الخمر من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، وعلمتم أن عذاب شاربها أليم، وأنها أم الخبائث، ورأس الخطايا، ومفتاح الشرور، ودليل إلى النار، ودليل إلى غضب الجبار.

    فالحذر.. الحذر.. يا عباد الله.

    فليتق الله شارب الخمر، وليفكر في الموت وسكراته، والقبر وظلماته، وليتب إلى الله، وليعمل صالحاً، وليقل لنفسه ويناجيها: نفسي.. نفسي.. ذهب الصبا وولى، وجاء المشيب وقد قضيتُ عمري في اللهو، فهل ترجعين، نفسي.. إن كان قد غرك الشباب، فالعمر يمشي كلمح البصر، وإن كان غرك المال، فما أنتِ من قارون أغنى وقد خسف الله به الأرض، وإن كان غرك نضرة الوجه، فالدود منتظر أن يشبع لحم الخدود.

    فكر يا شارب الخمر فيما سمعتَ! وعِظْ نفسك لعلها تَرِقَّ، وتَلِيْنَ، وافتح آذان قلبك لعلك ترجع عن غيِّك، واذكر يوماً يقوم الناس فيه لرب العالمين: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [النبأ:40].. وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ [الفرقان:27] ندماً على ما جناه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار:19].

    فاتقوا الله -يا عباد الله- وأحسنوا سيرتكم وأفعالكم، وتجنبوا ما يخجلكم ويخزيكم عند الوقوف بين يدي الله رب العالمين.

    يا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واحذروا المعاصي، فإن أجسامكم على النار لا تقوى.

    1.   

    بعض الأحاديث والآثار التي تحذر من الخمر

    عباد الله: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام).

    وقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله لعن الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه).

    وقال صلى الله عليه وسلم: (من شرب الخمر في الدنيا، ومات ولم يتب منها، وهو مدمن لها، لم يشربها في الآخرة).

    وقال صلى الله عليه وسلم: (إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه الله من طِينة الخَبال، قيل: يا رسول الله! وما طِينة الخَبال؟ قال: عَرَق أهل النار).

    وأيضاً -يا عباد الله- يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ومن مات وهو يشرب الخمر سقاه الله من نهر الغُوطة؛ وهو ماءٌ يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن) والمومسات: الزانيات.

    وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يقول: [[اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن كان قبلكم يتعبد، ويعتزل الناس، فعلقته امرأة، فأرسلت إليه جاريتها تدعوه للشهادة -غرته هذه المرأة تدعوه للشهادة- فدخل معها فطفقت تغلق الأبواب، حتى أفضى إلى امرأة عندها غلام وراوية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتُك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليَّ، أو تقتل الغلام هذا، أو تشرب هذا الخمر، فكأنه تساهل الخمر، فشرب الخمر، فقال: زيدوني، فلم يزل حتى وقع على المرأة وفعل جريمة الزنا، وقتل الغلام]] قتل نفساً بغير حق.

    ألا يا عباد الله: اجتنبوا الخمر، فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبداً، وإن سميت لكم بغير اسمها، وإن سميت بالمشروبات الروحية، وإن سميت جَرَس، فإنها خمر، وحشيش، ومخدرات، ومسكرات، قضت على حياة الكثير، وعلى أعراضهم، وعلى أموالهم، وعلى شرفهم، وأصبحوا رهائن في السجون، نسأل الله العفو والعافية.

    عباد الله: صلوا على الناصح الأمين، صلوا على نبي الرحمة محمد بن عبد الله، الذي جاء بها بيضاء نقية، امتثالاً لأمر الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً) اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك، يا رب العالمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.

    اللهم اهد ضال المسلمين، وثبت مهتديهم على الحق، يا رب العالمين.

    اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقنا وإياهم الجلساء الصالحين الناصحين، الذين يذكروننا إذا نسينا، ويعيوننا إذا ذكرنا.

    اللهم اجمعنا جميعاً ووالدينا ووالد والدِينا، وجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، في جنات النعيم، يا رب العالمين.

    عباد الله: حافظوا على أولادكم، حافظوا على فلذات أكبادكم، فإنهم أمانة في أعناقكم، فإنكم سوف تُسألون عنهم يوم القيامة، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ [الشعراء:88] فأعدوا للسؤال جواباً، وللجواب صواباً.

    اللهم ارفع عنا الغلاء، والوباء، والربا، والزنا، واللواط، والمخدرات، والمسكرات، والأفلام، والتمثيليات، اللهم ارفعها عنا وعن بلدان المسلمين حتى نعود إليك، ونرجع إليك يا رب العالمين، اللهم أبدلنا بها إيماناً دائماً كاملاً يباشر قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وأبدلها يا رب العالمين في بيوت المسلمين بقراءة القرآن، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23].

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:90-91].

    فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756191806