الحمد لله رب العالمين السميع الذي يسمع الأصوات على اختلافها، ويعلم اللغات على تنوعها، فلا يشغله سمع عن سمع, الحمد لله البصير، الذي يرى دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، فوق الصخرة الصماء, الحمد لله العليم الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون, الحمد لله الكريم الذي يحب الكرماء, القوي الذي يحب المؤمنين الأقوياء, الجواد الذي يحب الجود والأتقياء, البر الذي يحب الأبرار.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وأصلي وأسلم على قائدي وقدوتي وقرة عيني وحبيبي ومعلمي محمد بن عبد الله العبد النبي الرسول, وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه والتابعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين, اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل, ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة, وزينا بزينة الإيمان والقرآن والإسلام, واجعلنا من الراشدين, ونسألك اللهم تحرير فلسطين والأقصى, ونصرة أوليائك المجاهدين في سبيلك, اللهم اشف مرضانا, وارحم موتانا, وآنسهم في قبورهم, اللهم آنس وحشتهم, وارحم غربتهم, واغفر زلتهم, واقبل حسنتهم, وإذا صرنا إلى ما صاروا إليه فاجعل قبورنا روضة من رياض الجنة, أمدها بالروح والريحان, والنور والإيمان, والخير والرضوان، برحمتك يا رحمن.
عباد الله: اتقوا الله، اتقوا الله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
[الطلاق:2-3] اتقوا الله:
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
[النساء:9] اتقوا الله لتموتوا على الإسلام:
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
[آل عمران:102].
أحبتي في الله: يشكو بعض المصلين من جفاف حلاوة الإيمان في قلبه, ويقول: يا أخي! أعمل الصالحات ولكنني لا أجد لها حلاوة, ولا طلاوة, فما السر؟ قلت له: لأنك لا تشتاق إلى الجنة, إن الله ما وصف جنته وناره إلا لكي نقدم عليه راغبين راهبين, أرأيت يا أخي لو كنت غريباً في بلد, ولا زوجة لك, وأنت شاب بأمس الحاجة إلى زوجة حسناء, ذات خلق قويم, تملأ عليك الدنيا بهجة وسروراً, ثم كتب لك أحد أرحامك والدك أو خالك وقال: أي بني إنني وجدت لك زوجة تفرح لك، صفتها كذا وكذا، من الجمال والكمال، والرفق والراحة، والأنس والأخلاق، والحسب والنسب، إلى آخره, وأنت عندما قرأت رسالته، أحبها قلبك وكما يقال: "والقلب يعشق قبل العين أحياناً" وأصبحت في شوق إلى لقائها، فجاءتك رسالة ثانية تقول: يا بني المسافر الغريب الذي هو في وطن غير وطنه, وأرض غير أرضه, وأهل غير أهله, وأحباب غير أحبابه, استقبل زوجتك إنها قادمة إليك معي بعد غد.
في أي شوق تكون؟ إنك لا تنام الليل, ولا تهنأ بالطعام ولا بالمنام حتى يقع نظرك عليها, وتذهب لتعد العدة، يدفعك الشوق بعد الشوق.
وأكثر ما يكون الشوق يوماً إذا دنت الديار من الديار |
إذا دنت الخيام من الخيام, وجاءت اللحظة الأخيرة ووقع بصرك عليها رأيتها أضعاف أضعاف ما وصف أبوك, رأيتها أضعاف أضعاف ما ذكر عنها, فهمت بها وأحببتها, وسكنت واطمأننت وحمدت الله على نعمة لا تقدر بثمن, أين هذه الزوجة الحسناء من نساء أهل الجنة اللواتي وصفهن الله للغرباء في ديار السفر؟ الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أنا في الدنيا إلا كمسافر) كل منا مسافر، هذا ليس وطني, لا يوجد على الأرض مواطن، إنما الوطن جنات النعيم, التي خلقها الله تعالى للمؤمنين, (مثلي ومثل الدنيا كمسافر استظل تحت شجرة ثم تركها وانصرف) وارتحل إلى دار القرار برفقة الأبرار, عند الله رب العالمين, أي شوق تعصف به القلوب للقيا الحور العين, في جنات النعيم؟
أذلك خير أم القاصرات تخال مباسمهن الشروقا |
ويرفلن في سرقات الحرير فتبصر عيناك مرأى أنيقا |
قصرن على حب أزواجهن فمشتاقة تتلقى مشوقا |
إذا هبت الريح من تحتهن أثارت على القوم مسكاً سحيقا |
نحن الخالدات فلا يمتن |
نحن الناعمات فلا يبأسن |
نحن المقيمات فلا يضعن |
هكذا يغنين لأزواجهن, (للمؤمن فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضاً يطوف عليهم أجمعين) خيمة تخيل بقلبك وبصيرتك منظر هذه الخيمة ارتفاعها في الفضاء ستون ميلاً, ثم كلها من لؤلؤة واحدة, جوفها الله سبحانه وتعالى وصنع فيها مرافقها من الداخل, تجري الأنهار من تحتها وأي أنهار؟! ليست أنهارنا تلك, إنما يمر عليها نهر من خمر, وناهيك عن ثمار تتفجر من أشجار سقياها من خمر جنات النعيم.
وقد نظر إبراهيم يوماً إلى الشمس فلما رآها حالت وأفلت صاح صيحة الموحدين: لا أحب الآفلين! لا أحب الآفلين.
نور الله لا يأفل, نور الله لا يزول, فأهل الجنان في نور الله؟
أحبتي في الله: لتشتاق القلوب إلى ما عند الله, ويقول صلى الله عليه وسلم: (لو أن مما في الجنة ما يقل أظفر بدا لتزخرفت له خوافق السماوات والأرض) وأنت عندما يقل أظفرك مما في الدنيا تراه أسود قبيحاً, تبادر كل جمعة على قرضه ورميه لما فيه من الجراثيم, دنيا الجراثيم, ودنيا الميكروبات, ودنيا الطواغيت, وحياة الديدان في الوحول, والتصريحات الآثمة الظالمة التي تتهم عباد الله الصالحين, هذا مستوى الدنيا, وهذه هي الدنيا, يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله ضرب للدنيا في طعام ابن آدم مثلاً وإن نظمه وقزحه وملحه وزينه فلينظر إلى ما يصير إليه) فلينظر، ما نهاية طعامه؟ عذرة أو قطرة أو نفخة تؤذيك وتقتلك إن لم تتصرف بإذن الله رب العالمين, ورحم الله هارون يوم أن حمل كأساً من الماء أراد أن يشربه، فقال له أبو يوسف: تمهل يا أمير المؤمنين! ما تقول لو منعتك من شربة الماء هذه؟ قال: أشتريها بنصف ملكي ورب الكعبة, قال: اشرب هنيئاً مريئاً, فلما شرب قال: ماذا تفعل إذا حبستها فيك؟ قال: أشتري إخراجها بنصف ملكي الآخر, قال: أيها الناس! اشهدوا أن ملك الرشيد كله لا يساوي شربة ماء.
هذه هي الدنيا, إنما الجمال والكمال واللذة والنعيم المقيم هناك عند الله, وكن من المذكرين بما عند الله بسمتك وصورتك وبهائك وخلقك.
فإذا رآك المسلمون تيقنوا حور الجنان لدى النعيم الخالد |
ويقول صلى الله عليه وسلم: (أهل الجنة وجوههم كالقمر المنير، هؤلاء في الدرجات العلى, أمشاطهم الذهب) وهل يحتاج الذي في الجنة أن يمتشط؟ الناس يمتشطون في الدنيا للشعاثة عندما يقومون من النوم شعثةً شعورهم مغبرة وجوههم, كالحة صورهم, يغتسلون ثم يمتشطون, وأين الغبار في الجنة حتى يمتشط منه؟ ولكن تمشيط الجنة ليس كتمشيط الأرض, أمشاطهم الذهب، فإذا امتشطوا بها أحسوا لها لذة وأنساً وبهاءً وجمالاً, إنه ليس تمشيط نظافة, إنما هو تمشيط أنس ولذة (أمشاطهم من الذهب، مجامرهم -أي: مباخرهم- من الألوة) وهل في الجنة ريح كريح الدنيا؟ لا. من نعمة الله على الناس في الدنيا أن البخور يعبق في ثيابهم إذا تبخروا, وريحهم لا يعبق فيهم -ريح الإنسان لا يعبق في الإنسان- ولو عبق ريح الإنسان النتن في ثيابه ما جلس أحد إلى أحد, فكيف الجنة؟ (مجامرهم الألوة لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم، لا يتفلون ولا يمتخطون، ولا يتبولون ولا يتغوطون, إنما رشحهم المسك, جرد مرد -جرد: أي: لا شعر على أجسادهم, مرد: لا شعر على وجوههم- كحلى) مشافر وأهداب عيونهم مكحلة بإذن ربهم على صورة يوسف الصديق, الذي أعطي شطر الحسن, وقلوبهم على قلب أيوب الراضي الذي ابتلاه الله بالمرض أكثر من عشرين عاماً, فلما أذن الله بشفائه قال: مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
[الأنبياء:83] ما شكا, وما بكى, وما تبرم, وما سخط, صلوات الله وسلامه عليه.
لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
[النبأ:35-37] ليس لأحد ملك، لا لزعيم ولا لملك, لله الواحد القهار:
وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً
[النبأ:37] لا يوجد خطباء هناك عند الله يملكون الخطب؛ لأن الله لا يأذن لأحد أبداً ولا يتكلم أحد إلا بإذنه:
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً
[النبأ:38-40].
اللهم إنا نسألك الستر يوم العورة, والأمن يوم الفزع, والصبر يوم الجزع, والثبات يوم الفتنة, والظل يوم الحرور, والطعام يوم الجوع الأكبر, والسكينة يوم الهروب والفرار: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
[عبس:34-37].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
وقد جاءتني رسالة من إحدى دول الخليج فيها كتيب كله مؤلف من أوله إلى آخره ينكر لذة النظر إلى وجه الله رب العالمين, فلما قرأته سألت الله له الهداية, وسألت لمن كان على مذهبه الهداية, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما اشتاقت قلوب أصحابه إلى مولاهم, الذي له يركعون ويسجدون، ويعبدون ويؤمنون، ويوحدون ويتوبون، ويبذلون أرواحهم ودماءهم شوقاً إليه, لم تتمالك قلوبهم حتى أوحت إلى ألسنتهم فصاحوا: (يا رسول الله! نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: بلى. هل تضامون في رؤية القمر في ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: هل تضامون في رؤية الشمس في وضح النهار ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: كذلك ترون الله يوم القيامة).
يا من تنكر رؤية الله يوم القيامة ماذا تقول في الحديث الصحيح الذي يدعو به الحبيب وهو أعلم الناس بربه, وأخشاهم لربه, أعظم الموحدين للأسماء والصفات والأفعال هو محمد صلى الله عليه وسلم, ماذا تقول في دعائه الخالد الذي يقول: (اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك, والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة, ولا فتنة مضلة, اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين) أتظن أن محمداً يوم أن دعا بهذا الدعاء: (أسألك لذة النظر إلى وجهك) كان يريد بهذا الدعاء الثواب المجرد كما تزعم رسالتك؟ لقد فسر قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
[القيامة:22-23] أي: تنتظر الثواب ولا تنظر إلى وجه الله, وهذا تأويل.
أحبتي في الله: نسأل الله أن يرزقنا على حسن ظننا فيه, فإن ظننا واعتقادنا في الله أننا ننظر إليه بإذنه يوم القيامة, اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك, والشوق إلى لقائك: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
[القيامة:22-23] ويقول سبحانه:
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ
[المطففين:22-26].
تنافسوا عباد الله, تنافسوا في الطاعات: أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
[المؤمنون:61] ويقول تعالى:
لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ
[الصافات:61] وأمامنا بدلاً من الفرصة ألف فرصة، فلنبادر إلى الله, ولتشتق إلى جنات النعيم, ولتشتاق قلوبنا, فإذا ما دخلنا بيته ووقفنا أمامه وقلنا: الله أكبر, لنستشعر أن أبواب الجنة تتفتح, وأبواب الملوك تغلق.
اللهم لا توقفنا على أبواب الملوك, ولا على أبواب الزعماء والحكام, إن باباً من أبواب الجنة ما بين مصراعيه كما بين مكة وهجر وكما بين مكة والشام, الناس تزدحم عليه يوم القيامة, إن الوقوف أمام أبواب الجنة عز وكرامة، والوقوف أمام أبواب الملوك ذلة وندامة.
أحبتي في الله: استشعروا هذا الدعاء وجردوه لله, اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك, ومن الأمل إلا فيك, ومن التسليم إلا لك, ومن التفويض إلا إليك, ومن التوكل إلا عليك, ومن الرضا إلا عنك, ومن الطلب إلا منك, ومن الذل إلا في طاعتك, ومن الصبر إلا على بابك, وما رجائي إلا لما في يديك الكريمتين, ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم, تتابع برك, واتصل خيرك, وكمل عطاؤك, وعمت فواضلك, وتمت نوافلك, وبر قسمك, وصدق وعدك, وحق على أعدائك وعيدك, ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين, آمين.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
[الغاشية:8-10] الأنهار والأشجار، والجبال والزمرد، والولدان والغلمان، والحور والجواري في الأسفل يتسبحن ويغنين ويرقصن، وينثرن الحرير والدمقس واللآلئ, والمؤمن في جنة عالية يستمتع بالنظر في أكبر مساحة للجنان:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
[الغاشية:8-16] وقال سبحانه:
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ
[الواقعة:10-15] موضونة أي: متماسكة بسبائك الذهب والفضة والألماس والجواهر الثمينة, لها أحزمة -مراجيح- وأرائك متماسكة بسبائك الذهب:
عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ
[الواقعة:15-18] أربعة أصناف، اختار يا من تخاف من الجبار:
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
[الواقعة:19-24] يعملون.. نعم يعملون, عمل الصالحات توصلك إلى رحمة الله, ورحمة الله تدخلك جنات النعيم.
لهذا سمى الله عمل المؤمنين بالصالحات، لماذا الصالحات؟ لأنها تصلح العبد وتصلح دنياه وتصلح جميع أحواله؛ لهذا هي الصالحات, أما الموبقات يقول عنها: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
[الروم:41] أكثروا من الصالحات عباد الله.
اللهم اجعلنا من أهل الصالحات, ومن أهل الباقيات الصالحات, اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته, ولا ديناً إلا قضيته, ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً إلا رحمته, ولا ضالاً إلا هديته, ولا تائباً إلا قبلته, ولا عسيراً إلا يسرته, ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته, ولا مسافراً إلا حفظته, ولا غائباً إلا رددته, ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته, ولا عدواً إلا قصمته, اللهم إنا نسألك الشهادة في سبيلك بعد طول عمر وحسن عمل، مقبلين غير مدبرين، صابرين محتسبين, في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، ولا دين علينا ولا حق للعباد, اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وحورها، وأنهارها وأطيارها، وأزهارها، وأشجارها, ونعوذ بك من النار وجحيمها وسلاسلها وسعيرها, اللهم أجرنا من النار, اللهم أجرنا من النار, اللهم أجرنا من النار، وأدخلنا الجنة مع الأخيار الأبرار: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
[آل عمران:185].
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.