إسلام ويب

شرح الفتوى الحموية [28]للشيخ : خالد بن عبد الله المصلح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بأن الله مستو على عرشه حقيقة، واستواءه سبحانه وتعالى لا ينافي معيته لخلقه، ومنهج السلف في صفات الله عموماً نفي الكيف وتفويضه، وإثبات المعنى المتبادر إثباتاً يليق بجلال الله سبحانه وتعالى، ومن ادعى غير ذلك فهو مخطئ أو كاذب. وقد انتشرت حكاية عن مذهب السلف وهي: (أمروها كما جاءت) وفهم منها غير مرادهم، وقد بين شيخ الإسلام خطأ من يظن أن السلف مفوضة أو مؤولة.

    1.   

    استواء الله على العرش وكونه في السماء لا يفهم منه الحصر والاحتواء

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فيقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في سياق كلامه على المعية: [ ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه، وما سمعنا أحداً يفهم هذا من اللفظ، ولا رأينا أحداً نقله عن واحد، ولو سئل سائر المسلمين: هل تفهمون من قول الله ورسوله (إن الله في السماء) أن السماء تحويه، لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول: هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا!

    وإذا كان الأمر هكذا، فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئاً محالاً لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتأوله، بل عند المسلمين أن الله في السماء وهو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى أن الله في العلو لا في السُفل، وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السماوات والأرض ].

    المؤلف رحمه الله يجيب على ما قد أثاره بعض المتكلمين، أو شكك فيه بعض المشككين، من أن السماء تحويه أو تحيط به إذا قيل بالاستواء، أو أنه تعالى في السماء، فبين أن المقصود أنه سبحانه وتعالى في العلو، فقوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] أي: أأمنتم من في العلو؛ لأن السماء اسم جنس لما علا، ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (إذ السماء إنما يراد به العلو) وليس المراد ما توهمه المتوهمون من أنه سبحانه وتعالى تحيط به السماء، أو ما إلى ذلك من الظنون الكاذبة والأقوال الباطلة.

    ثم إن هذا الظاهر الذي يزعمونه في قوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ لا يأتي إلا على آراء هؤلاء المشككين، أما أهل اللسان وأهل الإسلام فإنهم لا يقولون بهذا، ولا يوردون هذا على ظنونهم ولا على آرائهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى العلي الكبير، فلا يحيط به شيء، بل هو جل وعلا محيط بكل شيء.

    قال: [ وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السماوات والأرض، وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقاً يحصره ويحويه؟ ].

    مخلوقاته جل وعلا تحيط بالسماوات والأرض كما قال في الكرسي: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255]، وكرسيه إلى عرشه كحلقة ملقاة بأرض فلاة، فكيف به جل وعلا وهو الكبير المتعال؟ فتعالى الله عن هذه الظنون التي ظنها هؤلاء علواً كبيراً، فإنه أبطل هذا المعنى بأنه -أولاً- لا يرد على أذهان أهل الإسلام، بل لو سألت سائر أهل الإسلام لما ورد على أذهانهم هذا.

    ثانياً: أن اللغة لا تدل عليه، إذ أنه في اللغة يراد بالسماء العلو.

    ثالثاً: أنه إذا كان بعض مخلوقاته وسع السماوات والأرض فكيف به سبحانه وتعالى.

    [ وقد قال سبحانه: وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71]، وقال: فَسِيرُوا فِي الأرْضِ [آل عمران:137] بمعنى (على) ونحو ذلك، وهو كلام عربي حقيقة لا مجازاً، وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف، وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة].

    هذا هو المعنى الثاني الذي يمكن أن تفسر به الآية: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أي: أأمنتم من على السماء، وليس المراد أن السماء تحويه كقوله: وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ومعلوم أنه لم يشق النخل ويضعهم فيها، وإنما علقهم عليها، وهكذا قوله: فَسِيرُوا فِي الأرْضِ والمراد سيروا عليها لا بداخلها.

    1.   

    الكلام على قول السلف (أمروها كما جاءت) ونحو ذلك

    قال: [وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه) الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات، فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء، أو يناجي الشمس والقمر، لكانت السماء والشمس والقمر فوقه، وكانت أيضاً قبل وجهه.

    وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك -ولله المثل الأعلى- ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخلياً به، فقال له أبو رزين العقيلي : كيف يا رسول الله! وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، هذا القمر كلكم يراه مخلياً به، وهو آية من آيات الله؛ فالله أكبر) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر) فشبه الرؤية بالرؤية، وإن لم يكن المرئي مشابهاً للمرئي، فالمؤمنون إذاً رأوا ربهم يوم القيامة وناجوه، كل يراه فوقه قبل وجهه كما يرى الشمس والقمر، ولا منافاة أصلاً.

    ومن كان له نصيب من المعرفة بالله، والرسوخ في العلم بالله يكون إقراره للكتاب والسنة على ما هما عليه أوكد.

    واعلم أن من المتأخرين من يقول: مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به، مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد، وهذا اللفظ مجمل، فإن قوله: ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين، مثل أن يراد بكون أن الله قبل وجه المصلي أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه، و(إن الله معنا) ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك، فلا شك أن هذا غير مراد، ومن قال: إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى، لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث، فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع.

    اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس، فيكون القائل لذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً في هذا الإطلاق، فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية، وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر؛ حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظاً ومعنى ].

    المعنى الأول المغلوط في الحكاية عن السلف بأن ظاهر نصوص الصفات غير مراد

    هذا المعنى الأول من قول القائل: إن مذهب السلف إقرار النصوص على ما جاءت به، مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد, والشيخ رحمه الله فصل الإطلاق في قول القائل: (ظاهرها غير مراد) فإن هذا لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل، وهذا هو شأن الشيخ رحمه الله في كثير من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقاً وباطلاً، هذا معنى قوله: (مجمل) أي: أنه يشتمل على حق وباطل، ففي مثل هذه الألفاظ المجملة يجب الاستفصال، فلا تُثبت مطلقاً، ولا تنفى مطلقاً، بل يفصل.

    قال: (فإن قوله: ظاهرها) أي: نصوص الصفات (غير مراد، يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين) يعني: يحتمل أن مراده بظاهرها ما يفهم من هذه النصوص من أنها كصفات المخلوقين، فالسمع الذي أثبته الله لنفسه والبصر الذي أثبته الله لنفسه إذا كان ظاهرها الذي يشير إليه صاحب هذه المقولة أنها كسمع الناس وبصرهم، فلاشك أن إطلاقه صحيح، ثم يقال: يناقش في هل هذا هو ظاهر النصوص أو لا؟ فهذا الذي عناه ليس هو ظاهرها، مع أنه إذا كان هذا مراده فهل هذا إطلاق صحيح أم لا؟ إذا كان يراد أن ظاهر النصوص -في قوله: (وظاهرها غير مراد)- المماثلة فإن نفيه صحيح، أي: فقوله: (ظاهرها غير مراد) صحيح، لكن يناقش في أمرين:

    يناقش أولاً : في أن هذا لفظ مجمل ينبغي ألا يطلق، بل يفصل ويبين المعنى المراد.

    ويناقش ثانياً: في أن هذا اللفظ هل ظاهره يقتضي المماثلة أو لا؟

    ولا شك أن ظاهر النصوص لا تقتضي المماثلة؛ لأن الخالق له ما يناسبه، والمخلوق له ما يناسبه، وقد بين ذلك بياناً واضحاً في قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].

    (مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلي أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه، و(أن الله معنا) ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك، فلاشك أن هذا غير مراد، ومن قال: إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب المعنى).

    انظر إلى دقة كلام الشيخ: (أصاب في المعنى ولم يصب في اللفظ)، يعني: لم يصب في قوله: (ظاهرها غير مراد)؛ لأن هذا لفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً، لكن الخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث. غير مراد، فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع.

    ثم استدرك الشيخ رحمه الله فقال : (اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس) كأن يكون هذا في بعض البلدان أو في بعض الأماكن أو في بعض الجماعات، فيظهر لهم من هذا اللفظ ما ذكروه، فهنا يكون الإطلاق صائباً باعتبار؛ لأنه ظاهر بالنسبة لهم، ولذلك قال: (فيكون القائل لذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً في هذا الإطلاق، فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس، وهو من الأمور النسبية، فيخفى على شخص ما يظهر لغيره، ويظهر له ما يخفى على غيره) وكان أحسن من هذا أن يبين أن هذا ليس هو الظاهر، ولا تطلق مثل هذه العبارات حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظاً ومعنى.

    المعنى الثاني لما يحكى عن السلف من قولهم (ظاهرها غير مراد)

    [ وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم، أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته، ولا يختص بصفة المخلوقين، بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً، أو جوازاً خارجياً غير مراد، فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف، أو تعمد الكذب، فما يمكن لأحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل -لا نصاً ولا ظاهراً- أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش، ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر ولا يد حقيقة.

    وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف، ويقولون: إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف؛ بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى، ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها، والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك، ويقولون: الفرق بين الطريقين: أن هؤلاء قد يعينون المراد بالتأويل، وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره. وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف.

    أما في كثير من الصفات فقطعاً: مثل أن الله تعالى فوق العرش، فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم -الذي لم يحك هنا عشره- علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله تعالى فوق العرش حقيقة، وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قط، وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك ].

    هذا الاحتمال الثاني لهذا الإطلاق الظاهر غير المراد عندهم, وهو: (أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته، ولا تختص بصفة المخلوقين، بل هي واجبة) يعني: أن النصوص التي احتوت الصفات التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وأنها تليق بالله سبحانه وتعالى، وهي من صفاته الواجبة أو من صفاته الجائزة, من قال: إن هذه النصوص التي احتوت هذه الصفات أن ظاهرها غير مراد فقد أخطأ وقد ضل، لأن ظاهر النصوص في مثل هذا لاشك أنه مراد؛ لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين، فلا يجوز لأحد أن يصرف هذا الظاهر ويقول: إن ظاهر النصوص غير مراد، بل ظاهر النصوص مراد يجب الإيمان به، وإلا لما كان في كلام الله سبحانه وتعالى ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فائدة، إذا كان ظاهر كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم غير مراد.

    خطأ من يظن أن السلف مؤولة لكن لم يتكلموا لاحتمال غير تأويلهم

    إذاً: فهمنا المعنى الباطل من قوله: (الظاهر غير مراد) أي: أن المعاني الصحيحة التي اشتملت عليها هذه الآيات وهذه الصفات غير صحيحة, هذا المعنى الباطل الذي احتملته هذه اللفظة والسلف منه براء، ولذلك قال: (فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب) وهذا من العدل، أن تذكر جميع الاحتمالات، إما أن يكون أخطأ فيما نقله بأن وقف على نصوص فهم منها أن السلف لم يتطرقوا للمعاني ولم يثبتوا ظاهرها، أو أنه كذب عليهم بعد مطالعته لما ذكروه رحمهم الله من إثبات معاني الصفات, فما يمكن لأحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش، ولا أن الله ليس له سمع وبصر ويد حقيقة, فذكر رحمه الله الصفات الذاتية، وذكر الصفات الخبرية، وذكر الصفات الفعلية, فقوله: (أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش) هذا فيه إثبات الصفات الفعلية؛ لأنه استوى على العرش بعد أن لم يكن (ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر) وهذا في الصفات الذاتية، ويد حقيقة هذه من الصفات الخبرية.

    [ وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف، ويقولون: إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف] وهذا ليس بصحيح, طريقة أهل التأويل طريقة محدثة مبتدعة، نهى عنها السلف، وهي لا توصل إلى علم ولا إلى معرفة بالله سبحانه وتعالى قال: [ بمعنى: أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى ] لكنهم اختلفوا في كيفية التعامل مع هذه النصوص، فالمتأخرون خاضوا في هذه النصوص وأولوها وصرفوها عن ظاهرها، وأما السلف -على قول هذا- فإنهم أمسكوا عن هذه النصوص ومعانيها، وفوضوها دون نظر إلى معانيها، وإنما قالوا: الظاهر غير مراد.

    يقول: [ ولكن السلف سكتوا عن تأويلها -وهو مذهب المفوضة- والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك، ويقولون: الفرق بين الطريقين أن هؤلاء قد يعينون المراد بالتأويل، وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره، وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف ] وهذا الكلام من الشيخ رحمه الله عود على بدء، عود على ما تقدم في أول الرسالة من إبطال قول من قال: إن السلف يسلكون مسلك التفويض في باب الأسماء والصفات.

    قال رحمه الله: [ وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف، أما في كثير من الصفات فقطعاً ] لأنه ورد عنهم رحمهم الله تفسير هذه الصفات, فلما ورد عنهم تفسير هذه الصفات علم منه أن السلف يثبتون هذه الصفات ويثبتون معانيها، وأن من قال: إن السلف أولوا ولم يخوضوا في المعاني فهذا كذب عليهم، وضرب أمثلة لما فسره الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، قال: [ مثل أن الله تعالى فوق العرش، فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم -الذي لم يحك هنا عشره- علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة، وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قط، وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك ]. يعني: صرحوا بحقيقة معانيها وأن معانيها مرادة.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755930718