إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (334)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الصلاة في مسجد بجواره قباب تشد إليها الرحال ويطاف حولها ويستغاث بها

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم!

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع البشير حسن عثمان من السودان، أخونا البشير يقول: يوجد بقريتنا مسجد واحد، وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال ويطاف حولها ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة، وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون هناك قبور عن شماله أو خلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستغاثة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها، كل هذا من المحرمات العظيمة، بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه، وهكذا القبور يتقرب إليهم بالطواف هذا من الشرك الأكبر، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله ولا يتقرب بها للقبر فهو بدعة ومنكر ومن وسائل الشرك؛ لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة، فالطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركاً أكبر، وإن كان قصد التقرب إلى الله يظن أنه قربة فهذا كله بدعة ومنكر وباطل؛ لأن الطواف من خصائص البيت العتيق وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29].

    المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور، وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق، كما قال الله سبحانه: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم، ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها قبور تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم، وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز، بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما أخبرت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور واتخذوا عليها الصور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين أنهم شرار الخلق، وصح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) رواه مسلم في الصحيح، فلا يجوز أن يبنى على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص، ولا أن تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية للسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك، وأما دعاؤها والاستغاثة بأهلها وطلبه المدد، فهذا من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان يا سيدي فلان المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر نعوذ بالله، كما يفعل ذلك عند بعض القبور كقبر البدوي والحسين في مصر والشيخ عبد القادر في العراق، وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة.

    فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم، حيث قال الله عنهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23] ذمهم على هذه الحال، فالواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم ويتبصر، يسأل أهل العلم ولا يحتج بالعادات الجاهلية ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    التفصيل في زيارة القبور للنساء والرجال

    السؤال: سماحة الشيخ! تفضلتم وقلتم: إن القبور تزار، هل ذلك مطلقاً، أم أنه للرجال فقط، أم أنه للرجال والنساء؟

    الجواب: الزيارة للرجال، أما النساء فلا يشرع لهن الزيارة، بل لعن الرسول صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، فالواجب على النساء ترك ذلك؛ لأنهن فتنة، فالواجب عليهن ترك ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما الزيارة للرجال خاصة، يقول صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان يزورها صلى الله عليه وسلم، ويعلم أصحابه أن يزوروها، وكان يعلمهم إذا زاروا القبور يقول لهم: (قولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)، وفي حديث عائشة : (يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، كان إذا زارهم دعا لهم، والبقيع مقبرة في المدينة، وفي الحديث الصحيح: (لعن الرسول صلى الله عليه وسلم زوارات القبور)، وفي الرواية الأخرى: (لعن زائرات القبور).

    فالحاصل أن القبور يزورها الرجال للذكرى والترحم على أهلها والدعاء لهم، وذكر الموت وذكر الآخرة، ولا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم المدد والعون، كل هذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر، أما النساء فلا يزرن القبور، لكن تدعو لأمواتها في بيتها، في كل مكان، لكن لا تزور القبور، تدعو لهم بالمغفرة والرحمة في بيتها وفي مسجدها وفي كل مكان، أما القبور فلا تزار للنساء.

    1.   

    حكم إقامة الجمعة في مسجد مدرسة داخلية تخلو أثناء الإجازات

    السؤال: يقول صاحب هذه الرسالة: يوجد في هذه القرية مدرسة داخلية للطلبة وبها مسجد تقام به الصلوات الخمس في فترات الدراسة، هل يجوز إقامة الجمعة في مثل هذا المسجد؟ مع العلم بأن الدراسة سوف تتعطل في فترات الإجازات؟

    الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كان المسجد حوله مساجد أخرى تقام فيها الجمعة لا يجوز أن تقام فيه، بل على الطلبة وغيرهم أن يصلوا الجمعة مع الناس في الجوامع الموجودة، أما إذا كان القرية ما فيها جامع قريب والجوامع عنها بعيدة في القرى الأخرى فلهم أن يقيموها في هذا المسجد إذا كان حول المسجد أناس مقيمون، ولو أنهم ثلاثة فأكثر، إذا كانوا مقيمين مستوطنين فلهم أن يصلوا الجمعة ومن حضر معهم من الناس من طلبة وغيرهم، إلا إذا كان هناك مسجد قريب يسمعون النداء لا يشق عليهم الذهاب إليه وجب عليهم أن يذهبوا إلى المسجد القريب ويكفي، لكن متى كانت المساجد التي تقام فيها الجمعة بعيدة ويشق عليهم الذهاب إليها ولا يسمعون النداء بغير المكبرات، النداء العالي عند خلو الأصوات وعدم وجود ما يمنع عن السماع، فإنهم في هذه الحالة لهم أن يصلوا الجمعة في مسجدهم، إذا كان المسجد يوجد حوله أناس مستوطنون ثلاثة أو أكثر في أصح قولي العلماء، ولا يشترط أن يكونوا أربعين ولا اثني عشر، ليس على هذا دليل، بل متى وجد ثلاثة أو أربعة أو خمسة وكانوا مستوطنين في البلد فإنهم يصلون الجمعة إذا كان ما حولهم جوامع بعيدة عنهم.

    1.   

    حكم من اكتشف بعد الصلاة إصابة ثيابه بالنجاسة

    السؤال: الطالب عبد الله محمود طاهر بعث يسأل ويقول: إذا اكتشفت أن في أحد ملابسي شيئاً من النجاسة فهل أعيد ما صليت في تلك الملابس؟

    الجواب: لا تلزمك الإعادة، إذا وجد الإنسان في ثيابه أو في سراويله أو نحو ذلك نجاسة بعد الصلاة فإنه لا يعيدها، وهكذا لو كان يعلم ثم نسي حتى فرغ من الصلاة لا يعيد على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته نبهه جبرائيل قال: إن في نعليك قذراً، فخلعهما عليه الصلاة والسلام ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لا تعاد إذا صلاها وهو جاهل أو ناسي ولم يعلم إلا بعد الفراغ فإنه لا يعيد، هذا هو الصواب. إذا سلم ثم علم أن في إزاره أو قميصه أو سراويله أو بشته نجاسة ولم يعلم إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة، هذا هو الصواب، بخلاف الحدث فإنه يعيد، لو صلى يظن أنه على طهارة ثم لما فرغ علم أنه ليس على طهارة وأنه قد أحدث ريحاً أو بولاً أو غير ذلك فإنه يعيد الصلاة عند أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقبل صلاة بغير طهور) فلا تقبل الصلاة إلا بطهارة، أما النجاسة التي في الثوب فلها حكم آخر، النجاسة في الثوب أو في البشت أو في النعل أو نحو ذلك إذا لم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة، هذا هو المعتمد وهذا هو الصواب.

    1.   

    حكم تعلم السحر والواجب تجاه كتب السحر والشعوذة

    السؤال: ما رأي الدين الإسلامي في الأساليب والطرق السحرية التي تنتشر في بعض الكتب في المكتبات والتي تغري كل شاب بقراءتها والعمل بما فيها، وخصوصاً أن هناك حديثاً شريفاً يقول: (تعلموا السحر ولا تعملوا به)، فكيف يمكن تعلم السحر وعدم العمل به؟ أرجو الإجابة عن هذا الاستفسار؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الكتب التي تعلم السحر يجب إتلافها والقضاء عليها ولا يجوز تعلمها ولا العمل بما فيها، وهذا الحديث الذي ذكره السائل لا أصل له، بل هو حديث غير صحيح (تعلموا السحر ولا تعملوا به) هذا الحديث الذي ذكره السائل ليس له أصل، والذي عليه أهل العلم أنه لا يجوز تعلم السحر ولا العمل به، بل يجب الحذر من ذلك؛ لأن تعلمه وتعليمه كفر؛ لأنه لا يتوصل إلا بعبادة الشياطين من دون الله والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، والله ذكر عن الملكين في سورة البقرة قال سبحانه: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُر [البقرة:102]، فبين أن تعلمه كفر، وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُر [البقرة:102]، فدل ذلك على أن تعلم السحر من أمور الكفر، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وألا يتعلم الكفر والسحر وألا يذهب إلى السحرة والكهنة والمنجمين، ولا يجوز له سؤالهم ولا تصديقهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم في الصحيح، وإن لم يصدقه ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء ) ولم يقل: فصدقه، فدل ذلك على أن سؤاله لا يجوز، وتصديقه أكبر في الإثم، فلا يسأله ولا يصدقه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز إتيان الكهان وهم الذين يدعون علم الغيب، ولا العرافين الذين يدعون علم الغيب من مقدمات يدعونها وأشياء يدعونها، كل هذا باطل، فلا يجوز سؤالهم ولا يجوز تصديقهم، ولا يجوز شراء الكتب التي فيها علومهم، بل يجب إتلافها وإحراقها.

    1.   

    حكم استقدام العمال وأخذ مبلغ شهري مقابل الكفالة

    السؤال: المستمع (س. ع) بعث يسأل ويقول: هل لي أن أستلم مكافأة مقدارها ثلاثمائة ريال شهرياً مقابل كفالة أحد العمال ليبقى عاملاً في المملكة عند غيري؟

    الجواب: ليس لك ذلك، وإنما تستقدمه بأجرة معلومة شهرية حتى يعمل عندك أو عند غيرك ممن اتفقت معهم بأجر معلوم تعطيه إياه كل شهر، وأما أن يعطيك دراهم عن كفالته فلا، وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في ذلك وقرر أنه لا يجوز استقدامهم إلا على الطريقة التي رسمتها الدولة وأقرتها، ولا يجوز استقدامهم على الطرق الأخرى لما في ذلك من الفساد والشر على الناس، فإذا أراد عاملاً يستقدمه على الطريقة التي رسمتها الدولة وبينتها الدولة وهو أن يستقدمه بأجر معلوم شهري أو يومي أو سنوي على أنه يعمل كذا بمزرعته في بناء.. في كذا.. في عمل معلوم.

    1.   

    مدى صحة مقولة: إن الزغاريد صراخ أهل النار

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع (ص. ع) ضمن رسالته عدداً من الأسئلة يقول في أحدها: هل الزغاريد هي صراخ أهل النار يوم القيامة؟

    الجواب: ما سمعنا هذا، صراخ أهل النار نعوذ بالله صراخ عظيم مهول لا يشبه بالزغاريد، صراخهم نعوذ بالله لا يشبه بهذا، لهم صراخ شديد وعويل شديد نعوذ بالله من شدة العذاب ونسأل الله العافية، قال تعالى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا [فاطر:37]، فالصراخ الصوت العظيم المرتفع بسبب الألم، نسأل الله العافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    حكم صلاة ركعتين في الميقات لنية الحج أو العمرة

    السؤال: هل صحيح أن الصلاة التي نصليها في مسجد الميقات لنية العمرة أو الحج هي من البدع؟

    الجواب: ليست من البدع، بل عند أكثر أهل العلم أنها سنة، صلاة ركعتين قبل أن يحرم، ولكن ليس عليها دليل واضح، بل بعض أهل العلم لا يراها سنة، والأمر فيها واسع وليست بدعة، من توضأ وصلى ركعتين وأحرم فلا بأس، ومن أحرم بدون ركعتين فلا بأس، الأمر في هذا واسع، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتاه آت من ربه، فقال: (صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة) يعني: في وادي ذي الحليفة ميقات أهل المدينة، فاحتج بهذا بعض أهل العلم على أنه يصلى عند الإحرام، لقوله صلى الله عليه وسلم إن الآتي الذي أتاه من ربه قال: (صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)، ولأنه أحرم بعد صلاة الظهر في حجة الوداع عليه الصلاة والسلام، فمن توضأ وصلى ركعتين سنة الوضوء وأحرم بعدها فهذا حسن، وجمهور أهل العلم يقولون: يستحب أن يصلي ركعتين قبل أن يلبي، وإن كان بعد غسل الإحرام يلبس إزاره ورداءه ويتأهب ويتطيب ويصلي ركعتين ثم يلبي بعد ركوبه الدابة أو السيارة، والنبي صلى الله عليه وسلم ما أحرم إلا بعدما ركب دابته، فالسنة للمؤمن ألا يلبي وألا ينوي العمرة والحج إلا بعد ركوب السيارة، إذا ركب واستقر فيها يلبي بما نواه من حج أو عمرة أو كليهما، هذا هو الأفضل له، ما دام في الأرض لا ينوي ولا يلبي، هذا هو الأفضل، فإذا لبس إزاره ورداءه وفرغ من غسله وطيبه ركب ثم لبى بحجه أو عمرته، وهكذا المرأة إذا فرغت من كل شيء تركب السيارة ثم تلبي كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، ومن صلى قبل ذلك ركعتين في الميقات أو في بيته إذا كان قريباً من الميقات كأهل الطائف ونحوهم أو الذين يحرمون من جدة ونحوهم ممن كان دون الميقات إذا توضأ وصلى ركعتين فهذا حسن، سنة الوضوء ويوافق بهذا رأي الجمهور، ويوافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أحرم بعدما صلى في حجة الوداع، صلى الظهر ثم أحرم عليه الصلاة والسلام، وكذلك عموم أنه أتاه آت من ربه، فقال له: (صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة) هذا فيه متمسك لمن قال بشرعية الركعتين قبل الإحرام. وبكل حال فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، وإن كان الحديث غير صريح لكنه فيه متمسك لمن قال بذلك، فلا ينبغي القول بأنها بدعة.

    المقدم: طيب! يجوز أن تسمى ركعتي الإحرام؟

    الشيخ: يسميها العلماء ركعتي الإحرام، وإذا توضأ وصلى ركعتين سميت ركعتي الوضوء، يعني: يسن لمن توضأ أن يصلي ركعتين، فإذا توضأ وعمل بالسنة وصلى ركعتين أحرم بعدهما فجمع بين السنتين.

    1.   

    وقت صلاة العشاء الاختياري والاضطراري

    السؤال: متى ينتهي وقت صلاة العشاء؟

    الجواب: بنصف الليل، إذا انتصف الليل فهذه النهاية، وقت النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل كما في حديث عبد الله بن عمرو قال: (وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط) وقت الليل يختلف؛ فإذا كان الليل عشر ساعات بمضي خمس من الليل انتهى النصف، وإذا كان الليل اثني عشر بمضي ست ساعات انتهى النصف، فلا يجوز للمؤمن أن يؤخر الصلاة بعد النصف، يصلي قبل النصف، والواجب أن يصلي في الجماعة إلا المعذور كالمريض والمرأة، فليس لهم أن يؤخروها إلى بعد نصف الليل.

    المقدم: علمت منكم سماحة الشيخ أن هناك وقتاً أيضاً يمكن أن يصلي فيه المسلم صلاة العشاء وهو بعد منتصف الليل..

    الشيخ: إذا فاته صلاها بعد النصف؛ لأن ما بعد النصف وقت ضرورة إلى طلوع الفجر، مثل من فاتته الصلاة في العصر حتى اصفرت الشمس فإنه يصليها ولو بعد اصفرار الشمس، ويكون آثماً إذا كان تعمد هذا، ولكن صلاتها في الوقت، ولكن ليس له أن يؤخر إلى بعد نصف الليل، وليس له أن يؤخر العصر إلى بعد اصفرار الشمس، لكن لو أنه مثلاً عرض عارض واصفرت الشمس ليس له التأخير بل يبادر ويصلي قبل غروب الشمس صلاة العصر، ويتوب إلى الله إن كان متعمداً، وهكذا العشاء لو أخرها غفلة منه أو سهواً منه حتى انتصف الليل فعليه التوبة مع فعلها بعد نصف الليل، لا يؤخر إلى الفجر، يجب أن يبادر حتى يصلي قبل بعد نصف الليل مع التوبة إلى الله إذا كان عن تعمد، أما إن كان عن نسيان أو نوم فلا شيء عليه.

    1.   

    وقت صلاة الضحى وصلاة الليل

    السؤال: متى تبدأ وتنتهي صلاة الضحى وصلاة قيام الليل، والوقت بالساعة تقريباً لو تكرمتم؟

    الجواب: الضحى تبدأ بارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال، ولكن الأفضل أن يصليها عند شدة الضحى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: حين تشتد الرمضاء على أولاد الإبل، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصلت السنة، وإذا كان قرب الزوال وقف عن ذلك؛ لأنها حينئذ تقف الشمس، يسمى وقت الوقوف، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تسجر فيها جهنم، فالحاصل أنه عند قرب الزوال لا يصلي، هذا من أوقات النهي وهو وقت قصير، نحو ربع ساعة أو ثلث ساعة تقريباً قبل الزوال، قبل أن تميل إلى جهة المغرب، يقال له: وقت الوقوف، فلا ينبغي له أن يتطوع في هذه الحالة بشيء من الصلاة، بل يمسك حتى تزول الشمس، يمسك عن الصلاة تنفلاً حتى تزول الشمس عند قرب الزوال.

    المقدم: يذكر ويطلب الوقت بالساعة تقريباً لو تكرمتم.

    الشيخ: هذا يختلف على كل حال، الليل يختلف والنهار يختلف، فإذا كان بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً ارتفعت الشمس، ربع ساعة تقريباً تكون الشمس مرتفعة..

    وإذا بقي على الظهر نحو نصف ساعة ينبغي التوقف احتياطاً عن الصلاة حتى تزول الشمس، أما في الليل فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، الشفق الأحمر من المغرب، الشفق الأحمر هذا يكون في جهة الغرب، فإذا غاب وانتهى دخل وقت العشاء وخرج وقت المغرب، وإذا صلى العشاء دخل وقت التهجد، إذا صلى العشاء ولو مبكراً ولو مجموعة مع المغرب كالمسافر والمريض، يعني: إذا صلاها جمعاً في السفر والمرض دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، كله وقت تهجد، وإذا صلاها في الوقت دخل وقت العشاء.. وقت التهجد بعد صلاة العشاء وبعد السنة الراتبة، يصلي سنتها ثنتين، وبذلك يدخل وقت التهجد في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، لكن كونه يصلي في آخر الليل في الثلث الأخير يكون أفضل، حتى يوافق النزول الإلهي.

    وآخر وقت التهجد طلوع الفجر، لكن من فاته ورده في الليل شرع له أن يصليه من النهار، الضحى من النهار شفعاً لا وتراً، يصلي إذا كان عادته ثلاثاً يصليها أربعاً بتسليمتين، وإذا كان عادته خمساً صلاها ثلاث تسليمات ستاً، يعني: يشفع من واحدة؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)، وكانت عادته في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، إذا صلى في النهار صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني: زاد ركعة، شفعها.

    1.   

    حكم الجوائز التي ترصدها الشركات التجارية لترويج بضائعها

    السؤال: هل الجوائز التي تقدم عن طريق بعض أنواع البضائع حكمها مثل حكم اليانصيب المحرم؛ لأن الجائزة قد تكون عشرة آلاف ريال لمن حالفه الحظ، وقد اشترى تلك البضاعة بريال واحد مثلاً؟

    الجواب: هذا من القمار ولا يجوز، قمار ميسر، إذا كان يجعل الجائزة لمن حصل الرقم الفلاني فهذا من القمار.

    1.   

    حكم استخدام البخور لطرد الشياطين

    السؤال: هل صحيح أن من بخر منزله باللبان الشهري يذهب الشياطين من المنزل؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟ لأن كثيراً ممن حولنا يبخرون منازلهم عند الغروب اعتقاداً منهم أنه يذهب الشياطين وأنا لست مقتنعاً بعملهم هذا.

    الجواب: هذا شيء لا أصل له، وإنما يذهب الشياطين ذكر الله والتعوذ بكلمات التامات من شر ما خلق، يقول صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)، وقال: (إذا دخل الإنسان منزله مساءً وقال: بسم الله، قال الشيطان: لا مبيت، وإذا سمى عند الأكل قال: لا مبيت ولا عشاء)، فالتسمية بالله والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق من أسباب الحفظ من الشياطين، وهكذا قراءة القرآن، كل ذلك من أسباب السلامة، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن التسمية عند الدخول يقول: بسم الله عند دخول المنزل، والتسمية عند الأكل وعند الشرب، هكذا السنة، وإذا كرر: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، كان أولى وأفضل، كذلك يقول: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً ومساء، هذا من أسباب السلامة من كل شر، وهكذا: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، إذا قالها لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، وإن كرر ثلاث مرات أولى وأكمل، كما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    فالحاصل أن هذه التعوذات وهذه الأذكار هي التي يقي الله بها العبد من شر الشياطين، ومن كل ما يضره، أما البخور الذي ذكره السائل فلا أصل له.

    المقدم: جزاكم الله خيراً!

    سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله أن يوفق الجميع. نعم.

    المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767027735