وها نحن ما زلنا مع سورة يس المكية، فهيا بنا نتدارس هذه الآيات المباركة ونتأمل ونتدبر معانيها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس وما نسمع.
بسم الله الرحمن الرحيم: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ * فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [يس:69-76].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69]، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يخبر وينفي الله تعالى عنه هذا؛ لأن المشركين المعاندين الجاحدين يزعمون أنه شاعر، وأنه ساحر.. وأنه كذا وكذا، ويصفونه بصفات باطلة كذباً، فقال تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69] أي: ليس متهيئاً له، فلو أراد أن ينظم قصيدة لا يستطيع، فالله حفظه من ذلك؛ لأن الشعر لا خير فيه، وبالفعل لا يستطيع أن يقول بيتاً من الشعر إلا ما ندر وقل، وإليكم الحادثة الآتية:
يقول: لكونه صلى الله عليه وسلم لا يحسن الشعر ولا يقدر عليه؛ لأن الله نفى عنه ذلك وأبعده عنه، فذات مرة استشهد ببيت من الأبيات الشعرية فقال:
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال الشطر الأول كما هو: (ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً)، والشطر الثاني قال: (ويأتيك من لم تزوده بالأخبار)، فـأبو بكر ضحك وقال: والله إنك لرسول الله، وصدق الله العظيم: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ [يس:69] أي: ما علمه الله الشعر.
فكيف تقولون في القرآن: شعر، وتقولون: محمد شاعر، والشعر له أنظمة وقوانين و.. و..؟
لكن العناد والمكابرة والمجاحدة حملتهم على هذا القول، فنفاه الله وأبطله، وقال: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69] أبداً ولا يتأتى له ولا يكون له.
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس:69] أي: إن هذا الذي تسمعون وتدعون أنه من الشعر والله! ما هو إلا ذكر يذكر به المؤمن ربه، وقرآن كريم يسمعه، وليس من الشعر في شيء، ولا كلمة ولا جملة ولا بيت.
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس:69]، إذاً ما هذا الذي يقولون فيه شعر إلا ذكر يذكر به المؤمنون ربهم، فأيما مؤمن يقرأ القرآن إلا وهو ذاكر لربه، وأيما مؤمن يسمع القرآن إلا وهو قرآن كريم يذكر ربه، فأبطل تعالى تلك الدعوى الباطلة واجتثها من أصولها، وما بقي من يقول: محمد شاعر، أو هذا القرآن من الشعر أبداً.
وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس:69] أي: مبين لطريق الهدى والحق، ومبين لطريق الصلاح والخير، ومبين للتوحيد، ومبين لكل أسباب الكمال والسعادة، فهذا هو القرآن الكريم.
والمراد من الحياة هنا حياة الإيمان، والمراد من الموت موت الكفر والشرك والعياذ بالله تعالى.
لِيُنْذِرَ [يس:70] به مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ [يس:70] أي: ويجب القول بالعذاب في جهنم على الكافرين.
وهذا هو محمد رسول الله، والقرآن الكريم كلام الله يحمل الشرائع والقوانين، وينذر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان حياً يقبل النذارة، فيخوفه يخاف، ويدعوه يستجيب، أما الميت الكافر لا يستجيب، ولكن جزاءه: وَيَحِقَّ الْقَوْلُ [يس:70] أي: ويجب القول بعذابهم في جهنم عَلَى الْكَافِرِينَ [يس:70] الجاحدين لوجود الله كالعلمانيين والشيوعيين، أو الجاحدين لعلم الله وقدرته، الجاحدين لتوحيد الله عز وجل وعبادته وحده، وهؤلاء هم الكافرون.
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ [يس:71]، فالله عز وجل هو الخالق للإبل والخالق للبقر، وهو الخالق للغنم والماعز والضأن، فكيف إذاً يجهلونه ويعبدون غيره ويدافعون عن عبادة الشيطان؟!
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا [يس:71] جمع (نعم)، وهي الإبل والبقر والغنم فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ [يس:71] أي: يبيعونها ويشترونها، ويستمتعون بها كما شاءوا، فما لهم لا ينظرون؟
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ [يس:71] أي: من أجلهم خلقنا مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ [يس:71] أي: مما عملت أيدي الله عز وجل؛ إذ كل المخلوقات الله خالقها، بما شاء، وإذا قلت: هذه البناية بنيتها بيدي فيداك الله هو الذي أوجدهما، إذاً: فالله الذي بناها.
ومعنى التذليل: التسخير والتهيين.
فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ [يس:72]، فالإبل تركب والخيل يركب، والغنم والبقر تذبح ويؤكل لحمها، فبعضها للركوب وبعضها للأكل، فلماذا لا يحمدون الله ولا يشكرونه؟ ولماذا لا يسألون: من خلق هذه البهائم؟ ولِم خلقت وما سر خلقها؟ حتى يجابوا بـ: خلقها الله لعلة وهي: أن يسود الطعام والشراب عباده ولا يجوعوا، وأن يركبوا ولا يتعبوا، وأن يقطعوا المسافات الطويلة البعيدة.
وَمَشَارِبُ [يس:73] كاللبن بأنواعه، والحليب، فسبحان الله العظيم!
وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ [يس:73] أي: ينتفعون بها كالصوف والوبر والشعر، والجلود فيبنون قباباً بالجلود كجلود البقر والغنم والإبل.
وَمَشَارِبُ [يس:73] أي: يشربون.
أَفَلا يَشْكُرُونَ [يس:73] يا للعجب! ما المانع أن يشكروا الله على هذه النعم فيعبدوه وحده فقط، ويؤمنوا برسالة رسوله ويمشوا وراءه ويعبدوا الله.
فالشكر هو أولاً: أن نعترف بالنعمة لمن أنعم بها في قلوبنا، وأن نعترف بالنعمة في قلوبنا بأن الله هو الذي أنعم بها علينا، سواء كان سمعاً أو بصراً أو حياة أو موتاً.
وثانياً: نحمده تعالى بألسنتنا إذا أكلنا وإذا شربنا، وإذا ركبنا، وإذا قعدنا، وإذا قمنا، فنقول: الحمد لله.. الحمد لله. وهذا الشكر مع صرف النعمة فيما من أجله أعطانها الله. فهل وهبك الله سمعك يا عبد الله لتسمع الأغاني والمزامير والطبول؟!
والله! ما لهذا أعطاك، بل أعطاك سمعك لتسمع الكلام الطيب، وهو كلام الله كلام الحق، كلام الخير.. وأعطاك بصرك لتنظر به الطريق وتعرف حاجتك، ولا تنظر به إلى نساء المؤمنات المحرمات عليك.
وأعطاك يديك لتأخذ وتعطي لا لتسرق وتضرب وتظلم، ووهبك رجليك لتمشي إلى ما فيه خير، إلى بيوت الله، إلى عملك، لا إلى المزاني والمقاهي والملاعب، وأعطاك المال لتنفقه في سبيله، لا لتعصي الله به فتشرب الخمر وتفجر بالمال.. وهذا هو الشكر.
ولما امتن الله عليهم بهذه النعم قال: أَفَلا يَشْكُرُونَ [يس:73] أي: لِم لا يشكرون؟ والاستفهام هنا للإنكار عليهم. أي: ما حملهم على كفر هذه النعم؟ لِم لا يشكرونها؟
ويكون شكر النعم:
أولاً: بأن يعترفوا بأنها من الله عز وجل، وليست من اللات أو العزى، وليست من فلان وفلان، بل من الله المنعم بها.
ثانياً: أن يحمدوه صباح مساء دائماً بكلمة: الحمد لله. ولا يتركونها.
ثالثاً: أن ينفقوا هذا النعم فيما يحبه الله ويرضاه.
و(آلهة): جمع إله، أي: معبودات يعبدونها، فمنهم من يعبد الشهوات، ومنهم من يعبد الشيطان، ومنهم من يعبد قبة ويعبد قبراً، ويعبد شخصية من الشخصيات، ويعبدوا ميت من الأموات.. وهؤلاء هم المشركون، وهم الذين تجاهلوا ما لله عليهم من حق، وهو أن يعبدوه وحده، أما عبادة شخص معه لا تنفع، ولا يرضاها ولا يريدها، يقول تعالى: ( أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )، فلو تسبح الله ألف مرة: سبحان الله وبحمده، ثم تذكر عبداً من عباده تضمه إليه بطل ذلك كله ولم يقبله الله عز وجل منك، ولو تصلي ألف ركعة، وتركع لغير الله ركعة أو سجدة والله! ما قبل الله منك ذلك كله، ولو تتصدق بكل ما لديك لله، وتصدقت بريال واحد لغير الله، والله! ما قبل الله منك ذلك، قال تعالى في الحديث القدسي: ( من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
وها هو ذا تعالى يندد بهم ويقول: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ [يس:74] أي من أجل أن ينصرون، ولكن عبدة الأوثان والأصنام لا ينصرهم الله؛ لأن الله عدوهم وهم أعداءه، لكن لجهلهم يدعون أن هذه تشفع لهم عند الله وينصرهم الله بها، وهؤلاء مشركوا قريش في مكة، يزعمون أنهم ينصرونه، فإذا احتاجوا إلى اللات أو العزى طافوا به وجلسوا حوله وسألوه ودعوه أن يشفع لهم عند الله، وأن ينصرهم الله.
فالآلهة المزعومة التي يعبدها المشركون لا تقوى على نصرهم ولا تأييدهم؛ لأنها أشجار ونباتات، وحيوانات، وأموات.. وهذه الآلهة هي تماثيل وصور، لا تسمع ولا تبصر ولا تعطي ولا تأخذ، ولهذا أخطأ المسلمون في قرون عديدة عندما ينادون الأولياء: يا سيدي فلان! يا فلان! ويستغيثون بهم وهم لا يسمعونهم، ولا يقدرون على أن يعطوهم عطاءً، وإن قل بحال من الأحوال؛ لأنهم لا يدرسون القرآن ولا يجتمعون عليه.
وقوله تعالى: وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ [يس:75]، أي: هم المشركون الذين ينصرون آلهتهم، وليس هي التي تنصرهم، فهم الذين يقفون ويدافعون عنها، فمن سبها ضربوه وقتلوه، فبدلاً من أن تنصرهم هم الذين ينصرونها.
وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ [يس:75] أي: حاضرين معهم دائماً يدفعون عنهم، فلا يسمحون لأحد أن يمس صنماً بعود أو بحديدة، ولكن الله فتح على رسوله وكسّر تلك الأصنام بعصا في يده يوم الفتح، فكسر ثلاثمائة وستين صنماً كانت حول الكعبة.
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا [يس:76] أي: نحن رب العزة والجلال والكمال نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [يس:76].
وهنا فائدتان:
الأولى: تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتخفيف عنه، فإن الله أعلمه أنه مطلع على أحوالهم وسينتقم.
ثانياً: أنه سينتقم من هؤلاء المشركون، إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [يس:76] من الكفر والباطل، وسوف نضرب على أيديهم ونؤاخذهم، سبحان الله العظيم!
قال تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ [يس:69-70] أي الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ حَيًّا [يس:70] أما الميت فلا ينذر.
فلماذا إذاً نضع الميت بين أيدينا ونقرأ عليه القرآن؟
ولكن هذا بسبب الجهل، ومكر الثالوث الأسود، فحرموا أمة الإسلام من أن تجتمع في بيوت الله على تلاوة آية كهذه، والله! ما يسمح لهم ولا يقبل منهم أبداً، ويقولون: تفسير القرآن صوابه خطأ وخطأه كفر، فحرموا المسلمين من أقصى الشرق إلى المغرب أن يجتمعوا على آية يتداولونها ويتعلمون منها، فحولوا القرآن ليقرأ فقط على الموتى، فإذا مررت في الحي وسمعت القرآن يقرأ علمت أن ميتاً هناك، حتى في دور المدينة النبوية، فلا ننسى قوله تعالى: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا [يس:70]، فلم يقل: لينذر من كان ميتاً، وإنما قال: (حياً).
فلماذا إذاً تقرأ القرآن على الميت؟ هل سيقوم يتوضأ، ويقول: أستغفر الله؟ وهل سيقوم ويندم على ما فعل؟ وهل تقرأ عليه القرآن لتوبخه؟
فالقرآن إنما يقرأ على الأحياء المؤمنين الصادقين؛ ليتعظوا وليقوموا وينهضوا، وليؤدوا الواجبات وليتجنبوا المحرمات؛ لإيمانهم وحياتهم أما الأموات كيف لهم ذلك؟ وسبحان الله!
(تقرير النبوة المحمدية)، إثبات أن محمداً رسول الله، وهذا شأن السور المكية، فهي تقرر التوحيد والنبوة والبعث الآخر، فإن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي والله! إنه لرسول الله؛ لأن هذا القرآن أينزله الله عليه وهو قرآنه وكلامه ولا يكون رسوله، أيعقل هذا؟!
(وأن القرآن ذكر وليس شعر كما يقول المبطلون)، فالقرآن ذكر وليس بشعر كما يقول المبطلون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحسن الشعر ولا ينطق به، وما هيأه الله لذلك، فقد عكس البيت الشعري:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وهذا البيت شائع، والرسول صلى الله عليه وسلم لما نطق به قال: ويأتيك من لم تزوده بالأخبار، فضحك أبو بكر وقال: والله! إنك لرسول الله، فالأصالة في العربية في قريش وما يحسن بيتاً من الشعر؛ لأن الله حفظه من ذلك والشعر لا خير فيه.
[ثانياً: الحكمة من نزول القرآن هي أن ينذر به الرسول الأحياء من أهل الإيمان].
الحكمة من نزول القرآن هي لينذر الرسول المؤمنين، وليخافوا الله فيعبدوه فيكملوا ويسعدوا في الدنيا والآخرة، وهذه هي العلة وهذه الحكمة، قال تعالى: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا [يس:70]، أما الميت ما ينذر أبداً ولا يخوف انتهى أمره، سواء كان ميتاً بالفعل أو ميتاً بالكفر، فالكافر ميت.
[ثالثاً: بيان خطأ الذين يقرءون القرآن على الأموات ويتركون الأحياء لا يقرءونه عليهم وعظاً لهم وإرشاداً وتعليماً وتذكيراً].
(بيان خطأ الذين يقرءون القرآن على الأموات ولا يقرءونه على الأحياء)، فمن أندونيسيا إلى موريتانيا ليس هناك جماعة يجلسون ليدرسوا آية من كتاب الله أبداً، لا في بيوتهم ولا في بيوت الله؛ لأنه قيل: تفسير القرآن صوابه خطأ وخطؤه كفر، فكمموا أفواه المسلمين وأبعدوهم عن القرآن، وحولوا قراءة القرآن على الموتى فقط في المقبرة أو في بيت الميت.
[رابعاً: وجوب ذكر النعم وشكرها بالاعتراف بها، وصرفها في مرضاة واهبها وحمده عليها].
يجب علينا أن نشكر الله، فكل من أنعم الله عليه بنعمة يجب أن يشكر الله عليها، قال تعالى: أَفَلا يَشْكُرُونَ [يس:73]، أعطاهم الإبل، والبقر، والغنم، للركوب، وللحم، وللشراب. وشكر الله يكون:
أولاً: بالاعتراف بالقلب بأن هذه النعمة من الله ليس من أي كائن.
ثانياً: ترجم ذلك بقولك: الحمد لله.. الحمد لله ترجمة لما في قلبك.
ثالثاً: هذه النعمة أصرفها حيث يحب الله، فالمال أنفقه حيث يريد الله، وبصرك، وسمعك، ويدك، ورجلك، وفرجك تعمله حيث يريد الله، وإلا كنت من غير الشاكرين.
[خامساً وأخيراً: بيان سخف المشركين في عبادتهم أصناماً؛ يرجون نصرها وهم جند معبأ لنصرتها من أن يمسها أحد بسوء].
بيان خطأ وجهل المشركين الذين يعبدون الأصنام يدعون أنها تشفع لهم عند الله وتنجيهم من عذاب الآخرة، وتنجيهم من عذاب الدنيا، وهذا جهل مركب -والعياذ بالله-، وهكذا لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدعو ويستغيث وينادي ولياً من الأولياء ميتاً أو حياً: يا سيدي فلان! ارفع كذا، افعل كذا.. فهذا كله شرك وباطل ومحرم، وصاحبه لن يفلح إلا إذا تاب على (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر