إسلام ويب

خطر النصرانيةللشيخ : عبد الله الجلالي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لاشك أن المسلم بفطرته يحب الله ورسوله ودين الإسلام، وهذا الحب يقتضي بغض ومعاداة كل من خالف هذا الدين وعاداه من اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر، فإن الكفر ملة واحدة، والكفار بعضهم أولياء بعض، ولا يجوز للمسلم أن يتجاهل خطرهم، أو أن يتغافل عن كيدهم، وخاصة النصارى الذين كثر شرهم وكيدهم في بلاد الإسلام، فلا يجوز إدخالهم إلى جزيرة العرب، ولا التعامل معهم بأي شكل من أشكال التعامل، ومن ينكر ذلك بحجة أنهم ليسوا كفاراً، أو نحو ذلك؛ فقد ضل ضلالاً بعيداً.

    1.   

    وجوب معاداة الكافرين والبراءة منهم

    الحمد لله الذي حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق العصيان وجعلنا من الراشدين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

    اللهم صلَّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن آله، ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته وسلّم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أيها الأخوة في الله! اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه التي أهمّها: أن هدانا للإسلام وأضلّ عنه خلقاً كثيراً.

    أيها الإخوة! لقد حدد الإسلام الرابطة بين المسلمين وأعدائهم فقال سبحانه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:55-56].

    أيها الإخوة! إن أوثق عرى الإيمان وأهمها: الحب في الله، والبغض في الله. والحب في الله يقتضي محبة أوليائه، والعطف عليهم وإيثارهم، ولقد مدح الله المؤمنين في قوله: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]، وقال سبحانه: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29].

    وإن من أبرز قواعد الإيمان وأسسه: بغض أعداء الله وحربهم، وحمل العداء الدائم لهم.

    إن مبدأ المؤمنين هو قول الله تعالى: كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4].

    ومن هذا المنطلق فلقد جاء الإسلام يحثّ المؤمنين على حمل العداء لأعدائهم الذين يتربصون بهم الدوائر، والذين يحملون لهم الحقد الدفين، ومهما أظهروا من العطف فإن قلوبهم تأبى ذلك: يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ [التوبة:8].

    معشر المسلمين! ومن هذا المنطلق أمر الله عز وجل المؤمنين أن يعادوا الكافرين، وألا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء؛ فالكفر كله بأشكاله وملله ونحله ملّة واحدة، يتحد في الكفر وفي حرب الإسلام، وهو صف على المسلمين، وكل هذه الطرق في نار جهنم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].

    ولما نزلت هذه الآية قال طائفة من المنافقين: نريد أن نؤلف اليهود معنا؛ لأننا نخشى أن تصيبنا دائرة، فأنزل الله قوله تعالى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ [المائدة:52].

    1.   

    عداء اليهود والنصارى للمسلمين

    لقد أدرك العالم كله اليوم عداء اليهود، واليهود تستحق كل هذا العداء، بل فوق ذلك، ولكن المسلمين اليوم يجهلون عدواً آخر لا تقل عداوته عن اليهود، وهم النصارى الذين قرن الله بينهم وبين اليهود، وبينّ أنهم أولياء لهم في قوله تعالى: بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51]، والنصارى لهم مواقف تشبه مواقف اليهود أو تزيد، ولقد كان النصارى يقفون في وجه الإسلام كلما سنحت لهم الفرصة.

    لقد بقي النصارى في الحروب الصليبية ما يزيد على مائة وسبعين عاماً ينهلون من دماء المسلمين، ويسومونهم سوء العذاب، ونصارى العرب والنصارى الوافدون هم الذين فتحوا لهم الباب عن طريق لبنان؛ فساموا المسلمين سوء العذاب، وبالرغم من ذلك كله فإن الله تعالى يحذرنا من موالاة الكافرين بجميع أشكالهم، فيقول لنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ [الممتحنة:13]، إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:55].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:23-24].

    لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [المجادلة:22].

    معشر المسلمين! يبين الله لنا أن هذه الفئات الكافرة كلها تسعى لهدم الإسلام وتقويض بنيانه: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120].

    ثم يقول سبحانه وتعالى: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ [الممتحنة:2-3].

    وهكذا تبين لنا الآيات عداء اليهود والنصارى جميعاً في آن واحد، فهم يتجمعون حيث يتفرق المسلمون، ولقد كانت أول معركة تجمعت فيها كل قوى الكفر والضلال ضد الإسلام: يوم الأحزاب، يوم وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يحيط به أعداؤه من كل جانب، ثم تكتلوا يوم جاءوا باسم الحروب الصليبية، وهاهم في كل فترة يتكتلون لحرب الإسلام، ويعذبون المسلمين، لتعيش الأقليات الإسلامية تحت مطارق الكافرين.

    1.   

    ضلال من يقول بعدم كفر النصارى

    بالرغم من هذا العداء كله، وبالرغم من هذا الحقد الدفين كله؛ يجهل طائفة من الناس ما يقوم به النصارى اليوم من دور في حرب الإسلام، فتقوم طوائف في الأرض تدعو إلى التقارب مع النصارى، أو مع الفئات الكافرة ضد الشيوعية، وما علم أولئك أن الكفر كله ملة واحدة، وأنه وإن تفرق في الظاهر لكنه يتحد في ضرب الإسلام، وهذه دعوة ضالة لا تقبلها النفوس المؤمنة، وسأحدثكم حديثاً تحفظونه فاحفظوه:

    إذا كانت هذه دعوة غير مقبولة، ففي صحفنا وفي صحيفة تنشر في بلادنا يكتب فيها فاسق من أبناء جلدتنا؛ بل ممن يحملون شهادة عملاقة، بل ممن يقومون بدور التدريس في إحدى جامعاتنا، ويربون شبابنا، ليقول لنا بالحرف الواحد: إن المسيحيين ليسوا كفرة! وإن تكفير المسيحيين جاء من جهل هذه الأمة! فإن المسيحيين قد ذكرهم الله في القرآن، ودينهم دين سماوي!!

    هكذا يقول من يحمل شهادة الدكتوراه، ولا أدري أهي شهادة الدكتوراه في الجهل أم في هدم الإسلام!!

    النصارى يقول الله عز وجل عنهم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، وأكد كفرهم بلام القَسَم، وبـ(قد) التي تفيد التحقيق.

    وقال في موضع آخر لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة:73].

    وقد قرنهم الله مع اليهود في قوله: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:30-32].

    وبالرغم من هذا النداء، وبالرغم من هذا الخبر، تقوم صحيفة من صحفنا على يد هذا الكاتب لتشكك المسلمين في تكفير النصارى! وإذا كان في العالم الإسلامي من يدعو إلى التقارب مع النصارى؛ فإن في بلادنا هذه الأرض المقدسة من يشكك المسلمين في تكفير النصارى!

    أي كفر يبقى إذا لم يكن النصارى كفرة؟! أولئك الأعداء الحاقدون على الإسلام، الذين لا تكاد تحين لهم فرصة من الفرص إلا ويصبّوا جام غضبهم على العالم الإسلامي.

    معشر المسلمين! ولقد كنا نظن أن الإعلام هنا يسعى فقط لهدم الأخلاق، فإذا هو يشكك المسلمين في أصول دينهم، وفي أمر جاء بنص القرآن الكريم، وأجمعت عليه الأمة، ونحن نقول لهؤلاء: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100].

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    التحذير من التعامل مع النصارى وإدخالهم جزيرة العرب

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.

    أما بعد:

    أيها الإخوة المؤمنون! اتقوا الله تعالى، واعرفوا خطورة الكفرة على الإسلام، واحذروا أن تتخذوا منهم بطانة من دون المؤمنين؛ فإنهم: يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ [التوبة:8].

    إنهم يحرصون كل الحرص أن يعيشوا في بلاد الإسلام، ليتجمعوا حينما تسنح لهم الفرصة، وعلى هذا فإن أخطر ما بليت به بلادنا في أيامنا المعاصرة أن يعيش أولئك النصارى بين المسلمين، بالرغم من أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى أن يجتمع في جزيرة العرب دينان، وعلى هذا فإني أدعو الدولة التي جاء كثير من المسئولين فيها بكثير من النصارى حتى كادوا اليوم أن يشكلوا أكثرية.. جاءوا أطباء، وجاءوا ممرضين، ولربما جيء بهم مدرسين، وجيء بهم حتى للحرف التافهة مثل تنظيف الأسواق، والله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نحذر هؤلاء الكفرة، ثم هذه الأموال التي نغدقها على هؤلاء النصارى حينما نستخدمهم في هذه الأعمال، ربما تعود إلى هناك لتعود إلينا مرة أخرى ضربة قاسية، ولعلنا قد نسينا ما حدث في الأندلس يوم تجمع النصارى فأخرجوا المسلمين من بلادهم.

    معشر المسلمين! أدعو أصحاب المؤسسات أن يتقوا الله، وألا يستوفدوا النصارى إلى هذه البلدة الطاهرة، التي لم تدنسها أقدام الاستعمار، والتي ما زال الكثير منها على صبغة الإسلام الصحيحة.

    هذه الأموال يجب أن تذهب إلى المستضعفين من المسلمين، الذين يعيشون تحت مطارق الكافرين، ولعلك حينما تناقش أصحاب المؤسسات وتقول لهم: لماذا لا تأتون بالمسلمين؟! فيتهمون الإسلام والمسلمين بالضعف والخيانة، ويزعمون أن هؤلاء النصارى يقومون بدور أكبر من الدور الذي يقوم به المسلمون!

    وإذا كانت هذه خطورة، فأخطر من ذلك أن صار النصارى اليوم يعيشون في قعر بيوت المسلمين، في سبيل الخدمة، وتربية الأطفال، أو قيادة السيارات، يسلم المسلمون لهم أغلى ما يملكون، وينظرون إلى أقصى أسرارهم ويتمعنونها!

    إن الله سبحانه وتعالى نهانا أن نركن إلى الكافرين فقال: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ [هود:113].

    1.   

    كفر النصارى والرد على من ينكر ذلك

    إن اليهود والنصارى فئة واحدة، وهناك من المسلمين من يتذرع ببعض النصوص التي لم يفهم حقيقتها ومعناها، حيث يقولون: إن الله تعالى يقول: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [المائدة:82].

    ونحن نقول لهم: اقرءوا آخر الآيات، فإن الله بين أن هذه الآيات نزلت في قوم من النصارى قد اعتنقوا دين الإسلام، فإن الله يقول في الآية التي بعدها: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة:83]، فقد نزلت في النجاشي الذي اعتنق الإسلام، وحتى لو كانت هذه الآية عامة فإنها لا تدل على أن النصارى إخوان وأصدقاء وأحباء للمسلمين، ولكنها تعني أن نسبة كفرهم أقل بقليل من نسبة كفر اليهود، أما الكفر فإنهم يشتركون فيه؛ لأن الله يقول: بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51].

    ويستدل هؤلاء أيضاً بقوله تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6]، وهذه الآية تحمل مبدأ البراءة من الكافرين بنصها، فكلٌ له دين، وكلٌ يحاسب يوم القيامة عما يعمل.

    ويستدلون بقوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8].

    ونحن نقول: إن ذلك حق ثابت، فنحسن إليهم لو كانوا فقراء يعيشون مسالمين للمسلمين، وإذا تحاكموا مع المسلمين فعلينا أن نعدل بينهم وبين المسلمين، أما أن نتخذهم بطانة.. أما أن نسلّم لهم مقاليد الأمور، ونعطيهم فرص العمل.. أما أن نسلّم لهم فلذات أكبادنا لتقوم هذه المربيات بإعداد أولادنا وتنشئتهم تنشئة كافرة.. أما أن نسلّم لهم محارمنا ليقوموا بدور قيادة السيارات في غفلة منا! فهذا هو الخطر، وهذه هي المصيبة، وهذا هو الذي يخالف أمر الله، ويعرض المسلمين عامة إلى خطر كبير.

    والقول بأن النصارى ليسوا كَفَرة هو الكفر الصريح.

    ألا وصلّوا وسلّموا على من أُمرتم بالصلاة والسلام عليه كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

    اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه، اللهم ارض عّنا معهم، وارزقنا حبهم، واجمعنا بهم في مستقر رحمتك.

    اللهم إنا نشهدك ونشهد ملائكتك وعبادك الصالحين أننا ننكر كثرة النصارى في بلاد الإسلام، وفي جزيرة العرب التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تطّهر منهم، اللهم لا حول لا لنا ولا قوة إلا بك، ولا نملك أكثر من ذلك، فلا تؤاخذنا بما كسبت أيدينا، ولا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

    عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756621939