-
الإكثار من ذكر الموت وثمرته
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً [الإسراء:111] و
َسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ *
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم:17-19].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده صلوات الله وسلامه عليه, أما بعد:
أيها الأحباب: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل, فهي وصية الله للأولين وللآخرين, نسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى, اللهم اهدنا وسددنا, اللهم إنا نسألك الهدى والسداد, اللهم اهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخائم صدورنا يا رب العالمين.
أيها الأحباب: إن الله جل وعلا في كثير من آيات القرآن يحثنا على التقوى ومع ذلك ينادي باسم الإيمان سبحانه وتعالى, لذلك بعض السلف يقول: إذا سمعت الله يقول: [[يا أيها الذين آمنوا.. فَاْرع لها سمعك, فهو إما خير تدعى إليه وإما شر تنهى عنه]] أو كما قال رحمه الله تعالى, فالله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] ويقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] وقال عز من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].
أيها الأحباب: إن أصدق الحديث كلام الله سبحانه وتعالى، الذي لو أنزله على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله, وكفى بالقرآن واعظاً, ثم إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
أيها الأحباب: الموضوع هو حالة المحتضرين أو بعض حالات المحتضرين نسأل الله جل وعلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة إنه على كل شيء قدير, فحالة الاحتضار سوف تمر بنا كلنا, ولكن السعيد من خرجت روحه على توحيد الله سبحانه وتعالى, على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, نسأل الله حسن الختام.
الله جل وعلا يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30] ويقول جل من قائل عليماً: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36] فالله هو الحكيم سبحانه وتعالى, قال بعض العلماء: إن من عاش على طاعة الله ومات على طاعة الله؛ فإنه يبعث على طاعة الله سبحانه وتعالى, ومن مات على ذلك؛ فإنه كما قيل: يبعث على ما مات عليه, نسأل الله العفو والعافية.
إذاً الموت هو نهاية كل إنسان، فعلينا أن نتق الله سبحانه وتعالى لعل الله جل وعلا أن يختم بالصالحات أعمالنا, كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أكثروا من ذكر هادم اللذات) قال لي بعض الإخوان: أنت تكثر دائماً من هذه المواضيع: الموت, القبر, الجنة والنار, هل لا يوجد في هذا الوقت إلا هذه المواضيع؟! ويقول: الناس محتاجة لتبين تحريم الظلم, تحريم أكل الربا, تحريم الزنا, تحريم اللواط, تحريم التبرج, تحريم شرب الدخان.. وعدد أموراً كثيرة.
فقلت له: يا أخي! إذا حصلت عندنا الموعظة، وتذكرنا الموت، وعرفنا أننا سوف ننتقل من هذه الدنيا, وسوف نوضع أو سوف نجعل في تلك القبور التي ليس معنا فيها إلا العمل, ثم سوف نقف بين يدي الله جل وعلا, ثم في النهاية إما إلى الجنة وإما إلى النار, إذا عرفنا هذا فبإذن الله سبحانه وتعالى سوف تنكف الجوارح عما حرم الله جل وعلا, نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى ومن المتناصحين في الله امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) والله جل وعلا يقول: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55] وقال سبحانه: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى [الأعلى:10-13].
كفى بالموت واعظاً
-
قصص وعبر من حال المحتضرين
الآيات كثيرة في ذكر الموت وحلول الأجل, فلنعتبر بذلك ولنستعد لهادم اللذات, الذي نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم, يكفي والله بذلك عبرة.
إذا تذكر الإنسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نزل به، الموت صلى الله عليه وسلم وعنده ركوة فيها ماء، كان يأخذ الماء ويمسح به وجهه ويقول: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات) ذاقها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن للموت لسكرات، والله لو جلسنا عند المحتضرين، وشاهدنا تلك الأحوال عندما تخرج الروح؛ لرأينا أمراً عظيماً, ولانت القلوب ورجعت, ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كلنا والله نشكو من قسوة القلوب, لماذا؟ لأننا لا نحضر المحتضرين، وماذا يحصل لهم من الأمور العجيبة, فالله الله لنحرص على حضور المحتضرين عند حالة خروج الروح لنرى ماذا يحصل لهم.
احتضار عمر بن عبد العزيز
احتضار رجل في مستشفى الرياض
هل يستوي هذا وحادثة حصلت في مستشفى الرياض في
الرياض يقولون: إن رجلاً عندما نزل به الموت, كان عنده أولاده يقولون: يا أبت قل: لا إله إلا الله , ولكن الأمر صعب؛ لأن الأب كان مشغوفاً بحب الأغاني والعياذ بالله, فلما كرروا عليه قل: لا إله إلا الله, فجعل يتلفظ بأغنية يقول: حامض حلو يا لومي يا لومي... نسأل الله العافية، وخرجت روحه على تلك الحال, هل يستوي هذا ومن يقول:
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].
رجل آخر -أيها الأحباب- في المستشفى يقول: لما نزل به الموت ماذا قال لمن حوله؟ قال: أشعلوا لي سيجارة.. يريد دخان والعياذ بالله, يقول: فلما آذى المرضى بصوته أخذ بعض الحضور ورقة ولفها وجعلها في فمه ومات والعياذ بالله, نسأل الله العافية وحسن الختام.
حادثتان وقعتا في القويعية
وآخر لما مات بحادث وانقلب اسود وجهه وصرف عن القبلة, وهذه الواقعة وقعت في
القويعية , ويذكرها لنا أحد الإخوة الثقات وهو من الذين يغسلون الموتى, يقول: والله ما استطعنا أن نغسل صفحة العنق لأن وجهه منصرف عن القبلة, يقول: وسألنا ما حاله؟ قالوا: إنه مات بحادث وهو سكران, فانظروا أيها الأحباب كيف انقلب لونه إلى اسوداد، وصرف وجهه عن القبلة, نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
ويقول لنا هذا الرجل: وأوتي بثلاثة وقع عليهم حادث، اثنين كهول -أي: تعدى سنهم الثلاثين- أما الثالث فهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره, يقول: فلما أردنا أن نغسل الاثنان وإذا كل واحد منهما يرفع أصبعه يتشهد, يقول: ومات وأصبعه واقف بالتشهد, فغسلناهما, أما هذا الشاب فكلما أردنا أن نفتح درج الثلاجة لنخرج هذا الشاب وإذا هو يزداد نوراً وبياضاً, يقول: فلما رآه أحد إخوانه -وكان يبكي- سر بمنظره الطيب وأصبح يضحك، يقول: فأخرجناه وغسلناه وكلما غسلناه ازداد بياضاً ونوراً، لا إله إلا الله، نسأل الله حسن الختام.
فيا إخواني! حالة المحتضرين أمرها عظيم, ولها شأن عظيم, فما الذي يغفلنا عن هذا؟ يقول بعض القائلين:
اسمع يا أخي.. لا تغتر بهذه الخوّانة, لا تطمئن إلى هذه الشمطاء.
والموت -يا إخواني- يأتي في لحظة, قبل ثلاثة أسابيع، كان هناك ثلاثة في مكتب يتحدثون, فسقطت المروحة من السقف وضربت أحدهم فقطعت وريده، سبحان الله العظيم! وكأنها تذبحه بسكين, ومات بأقرب وقت, والثاني ضربته في يده ولكن الله سبحانه وتعالى كتب ألا يدنو أجله, أما الأول كأنها مرسلة إليه وضربته فمات مباشرة, سبحان الله العظيم! انظروا يا إخواني قرب الموت, نسأل الله حسن الختام.
-
تحذير الله ورسوله من الاغترار بالدنيا
عندما نرجع إلى هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولعلنا إذا ذكرنا هديه صلى الله عليه وسلم خفف عنا من وطأة الدنيا -لأنه هو القدوة, وهو الذي أمرنا أن نقتدي به قال الله تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] ولكن لمن..؟ قال الله تعالى:
لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] فهو القدوة صلى الله عليه وسلم, وهو الذي قال: (
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة) وهو الذي ربط الحجر على بطنه من الجوع صلوات الله وسلامه عليه, هو الذي يمر عليه الهلال ثم الهلال ثم الهلال وما أوقد في بيته ناراً, وهو رسول الله أفضل الخلق على الإطلاق, وأحب الخلق إلى الله محمد صلى الله عليه وسلم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه ضيف ويرسل إلى زوجاته: هل عندكن شيء؟ وكل واحدة تقول: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء, اللهم صلِّ على محمد, فيأتي أحد الأنصار ويستضيف ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تحذير الله من الاغترار بالدنيا
الله جل وعلا حذرنا من الدنيا ومن الاغترار بالدنيا فأسأل الله أن يفتح مسامع قلوبنا لقبول الحق إنه على كل شيء قدير, قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر:5] هذا كلام الله جل وعلا, هذا كلام ملك الملوك, هذا كلام الذي بيده أزمّة الأمور, هذا كلام من بيده مقاليد السماوات.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون, فاتقوا الدنيا واتقوا النساء} انظروا لما انفتحت علينا الدنيا، وترك الحبل على الغارب لكثير من النساء, انظروا ماذا حصل أيها الإخوة في الله! نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً إنه على كل شيء قدير.
إخوتي في الله: احذروا من الدنيا, لا تنخدعوا بما فيها من الزخارف البراقة، التي هي عن قريب تزول وتضمحل، ويكفي بها ذماً ما ضربه الله لها في القرآن العظيم, فالله جل وعلا يضرب لها الأمثال في القرآن فيقول جل وعلا: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً [الكهف:45] استمعوا -يا إخواني- لهذه الآية، افتحوا مسامع قلوبكم لتعرفوا أن الدنيا والله لا تساوي عند الله شيئاً، فهذا المثل يضربه الله للدنيا. ثم قال جل وعلا بعد ذلك: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً [الكهف:46] ومتى نلقى جزاء ذلك يا عباد الله..؟ كل هذا في سورة واحدة يذكرها الله, قال تعالى: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الكهف:47-48] كما خرجتم من بطون أمهاتكم حفاة عراة غرلاً, الآن تبعثون حفاة عراة غرلاً لتجزون على أعمالكم, فهنيئاً والله لمن أكثر من الباقيات الصالحات, أما من أضاع عمره في غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه, نسأل الله العفو والعافية.
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الاغترار بالدنيا
-
حال السلف وموقفهم من الدنيا عند الاحتضار
ثم نرجع إلى أحوال بعض
السلف رحمهم الله.
احتضر بعض السلف -أي: نزل به الموت- فقال: ما تأسفي على دار الهموم -يعني الدنيا- والأنكاد والأحزان والخطايا والذنوب, وإنما تأسفي على ليلة نمتها، ويوم أفطرته، وساعة غفلت فيها عن ذكر الله، ولما قال هذه الكلمات مات رحمه الله تعالى, الله أكبر! سبحان الله العظيم! ما أجمل الهمم إذا كانت متعلقة بالله..! ما أجمل الهمم إذا كانت عالية تنظر إلى المستقبل الحقيقي وإلى جنة عرضها السماوات والأرض.
إبراهيم النخعي حال الاحتضار
سلمان الفارسي حال الاحتضار
اسمعوا إلى
سلمان الفارسي رضي الله عنه لما حضرته الوفاة بكى, فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: فوالله ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا، ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {
ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب} انظروا لما مات رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه ما الذي وجدوا عنده وهو يبكي؟ في جميع ما ترك فإذا هو ثلاثون درهماً، وكان أميراً على
المدائن , وبعض الناس الآن عنده ملايين، وعنده عمال يموتون جوعاً, يظلون ستة أشهر أو أربعة أشهر لم يعطيهم الراتب, وإذا قيل له: يا فلان اتق الله! قال: لا. يهتز الرصيد {
كفى بالمرء إثماً أن يمنع قوت من يعول} والله وجد هذا -يا إخواني- مسلم سقط مغمياً عليه من الجوع قيل له: كم لك؟ قال: لي ثلاثة أيام ما ذقت الطعام, قيل لكفيله: لماذا؟ قال: أنا ما أصرف له حتى تصرف لي الوزارة التي تعطيني الراتب, يا أخي اتق الله... أما عندك شيء؟ قال: عندي إلا أنني لا أريد أن يهتز الرصيد, ويذهب ويتركه, كيف لو مات هذا العامل جوعاً؟! إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فهذا سلمان الفارسي يحمل هماً لأنهم وجدوا عنده ثلاثون درهماً, فكيف الآن بأهل الأموال الطائلة الذين لا يعرفون ولا يزكون نسأل الله العافية, كيف بهم لو كويت بها جباههم وجنوبهم وظهورهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
فأكرر قصة سلمان الفارسي: أُُحتضر سلمان الفارسي رضي الله عنه فبكى, فقيل له: ما يبكيك؟ فقال والله ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب}.. فلما مات نظروا في جميع ما ترك فإذا هو ثلاثون درهماً, وكان أميراً على المدائن.
أبو هريرة حال الاحتضار
ولما حضرت
أبو هريرة الوفاة رضي الله عنه الذي كان يلازم الرسول صلى الله عليه وسلم، وحفظ كثيراً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما حضرته الوفاة بكى, فقيل له: ما يبكيك؟ ليس كبعض الناس الذين يقولون: أنا ملتزم.. أنا ملتحي.. أنا مقصر الثوب.. انظر للصحابة الذين جاهدوا في سبيل الله رضي الله عنهم، على قلة من العيش، وعلى ما فيهم من الحاجة والفاقة، وهو يقول هذا الكلام, فأنا لا أريد أن أسمعها من كثير من الإخوان, بعض الإخوان يقول: أنا ملتزم، الله أكبر! سبحان الله العظيم! الله تعالى يقول:
فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32], ويا أخي كيف ملتزم وأنت في زمن الفتن! الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: {
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك} محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق على الإطلاق, الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يدعو بهذا الدعاء، وبعض الناس يقول: أنا ملتزم وتفوته صلاة الفجر.. الله المستعان! كيف التزمت وصلاة الفجر تفوتك، نسأل الله أن يرحمنا وإياكم بواسع رحمته، وبعضهم يقول: أنا ملتزم ولكني مفتون بسماع الأغاني..!
أقول: اسمع الرجال، اسمع أحوال الرجال، هذا أبو هريرة تلميذ من تلاميذ الرسول صلى الله عليه وسلم, حفظ كثيراً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, ولما حضرته الوفاة جعل يبكي رضي الله عنه, فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: [[يبكيني بعد المفازة، وقلة الزاد، وضعف اليقين، والعقبة الكؤود، التي المهبط منها إما إلى الجنة وإما إلى النار]] يا لها من أحوال!
حذيفة بن اليمان حال الاحتضار
محمد بن المنكدر حال الاحتضار
أبو عطية والفضيل حال الاحتضار
ولما احتضر
أبو عطية أي: حضره الموت، جزع فقالوا له: أتجزع من الموت؟ فقال: وما لي لا أجزع وإنما هي ساعة فلا أدري أين يسلك بي.
ولما حضرت الفضيل بن عياض الوفاة غشي عليه، ثم أفاق وقال: يا بعد سفري وقلة زادي, السفر إلى الآخرة, والقبر أول منازل الآخرة, إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار, فرحمهم الله, رحم الله أولئك الرجال, استعدوا لتلك المواقف العظيمة فنسأل الله أن يوقظنا من رقدة الغفلة، ونستعد لما استعدوا له فنقدم الزاد, يقول بعض السلف:
-
ذم الذين يركنون إلى الدنيا
وبالعكس من أولئك, أناس جهال عمي البصائر، لم ينظروا في أمر الدنيا، ولم يكشف سوء حالها ومآلها, برزت الدنيا لهم بزينتها, ففتنتهم فإليها أخلدوا، وبها رضوا، ولها اطمأنوا، حتى ألهتم عن الله تعالى، وشغلتهم عن ذكر الله وطاعته, قال تعالى:
نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19].
يقول الشافعي في أبيات له -ولكن نقتصر على بيتين منها- رحمه الله في ذم الدنيا:
أيها الأحباب: والله تعالى ذم الذين يركنون إلى الدنيا ويطمئنون إليها، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يونس:7-8] اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
أيها الأحباب: والله ما هناك ناصح أنصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله جل وعلا بعثه بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة, فاسمعوا إلى هذا النصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول لأحد الصحابة: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) قال ابن عمر رضي الله عنه: [[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح, وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وخذ من صحتك لمرضك, ومن حياتك لموتك]].
فنهاية الدنيا الموت الذي يهجم على الإنسان وبدون إنذار, فالموت -يا إخواني- خطب فادح, نسأل الله حسن الختام إنه على كل شيء قدير.
يقول بعض
السلف يصف حالة الموت: "إنه الموت إذا نزل فلا تسأل عن كربه وآلامه، حتى قالوا: إنه أشد من ضرب بالسيوف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض, والسبب أنه لا يقدر على الصياح مع شدة الألم لزيادة الوجع والكرب" لماذا؟ لو ترك له المجال ما وقف إلا في آخر الدنيا إذا نزل به الموت, ولكن الموت قهر كل قوة, وضعف كل جارحة, فلم يبق له قوة, أما العقل فقد غشيه وشوّشه, وأما اللسان فقد أبكمه, وأما الأطراف فقد خدّرها وضعّفها, فإن بقيت فيه قوة سمعت له خواراً وغرغرة من صدره ومن حلقه حتى يبلغ بها الحلقوم, فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها, والله كم هناك من يريد أن يقول: أريد أن أفعل كذا.. وأفعل كذا.. ولكن هيهات فقد نزل به الموت, فكم من مفرط سوف يقول:
ربِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] ولكن والله لا يجاب على هذا.
أيها الأحباب! لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من ذكر هادم اللذات) قال بعض الناصحين رحمهم الله: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: "تعجيل التوبة, وقناعة القلب، والنشاط في العبادة" والمصيبة من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: "تسويف التوبة، وعدم الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة".
قصيدة في وصف الموت وما بعده
إخواني: لنسمع هذه القصيدة وهي تصف لنا حال الإنسان, يقول رحمه الله:
والله هذا واقع فيه كثير من الناس, جَمَع المال لا يبالي من أي وجه دخل عليه, وإذا قيل له: يا أخي اتق الله! إن هذا المدخل حرام قال: مازلتم تعلمونا، مازلتم توعظونا، نعم, قال تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275] انته إذا جاءتك الموعظة من الله، لا تعاند يا عبد الله! اتق الله عز وجل نسأل الله أن يبصرنا في ديننا, وأن يرزقنا التفقه في الدين إنه على كل شيء قدير, يقول رحمه الله:
ثم يذكر حاله وهو في حالة النزع نسأل الله حسن الختام, فيقول رحمه الله:
سبحان الله العظيم! يا لها من مواقف يا إخواني، بعد ما كان واقفاً تفصل له وتقاس عليه الملابس، صار الآن يلبس آخر كسوة من الدنيا, يلف بهذه الخرقة, الله أكبر، لا إله إلا الله، اللهم أيقظنا من رقداتنا يا رب العالمين, والله إن الموت أمره عظيم, والله لو تذكرنا دائماً الموت ما كان حالنا هكذا وما أكثر التذكار بالموت، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.
بعض الناس يقول: الآن الطب الحديث تطور, ولكن يا ليته ينظر إلى الموت الآن, الموت الآن يأخذ بالكمية نسأل الله حسن الختام، والله لو كانت القلوب واعية، والقلوب حية؛ لكفاها ما ترى في تلك الطرق, أحياناً تجد عائلة بأكملها يختلط الرجال والنساء لحومهم وعظامهم سواء, فأين الاعتبار..؟ أحياناً يلتقط من الطريق جثث هامدة, اللهم اشف مرض قلوبنا يا رب العالمين.
كنا قبل سنين إذا رأينا الجنازة طار عنا النوم, وتكدر علينا الطعام والشراب ثلاثة أو أربعة أيام، والآن إنا لله وإنا إليه راجعون, في المقبرة الآن تجد هذا يشعل السيجارة.. وهذا يتحدث كم طول الأرض..؟ وماذا فعلت اليوم.. وماذا حصل لك.. وماذا قالت الجريدة والمجلة..؟! وهو في المقبرة! وهو والله لا يدري أيخرج منها أو يدفن بجوار من جاء يشيعه, نسأل الله حسن الختام.
فيا إخواني! علينا أن نتذكر هذه المواقف, يقول رحمه الله:
حال الإنسان عند خروج الروح
أيها الأحباب: في الختام أسأل الله أن يختم بالصالحات أعمالنا, ونختم بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث صحيح يبين لنا حالة الإنسان عند خروج الروح, يقول صلى الله عليه وسلم: {
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال على الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه, كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة, وحنوط من حنوط الجنة, حتى يجلسوا منه مد البصر, ويجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان, قال: فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء فيأخذها, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن, وفي ذلك الحنوط, ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان, بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له, فيفتح له فيشيّعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها, حتى يُنتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين, وأعيدوه إلى الأرض في جسده.
فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربي الله, فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام, فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيقولان: ما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته, فينادي مناد من السماء, أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة, وافتحوا له باباً إلى الجنة, فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره, ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك, هذا يومك الذي كنت توعد, يقول له: من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح, فيقول: رب أقم الساعة, حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر أو الفاجر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه ملائكةٌ سود الوجوه, معهم المسوح, فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول, فيأخذها, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح, ويخرج منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض.
فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40], فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجيل في الأرض السفلى ثم تطرح روحه طرحاً, ثم قرأ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31] فتعاد روحه في جسده.
ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ها.. ها.. لا أدري, فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ها.. ها.. لا أدري, فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: ها.. ها.. لا أدري, فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار, فيأتيه من حرها وسمومها, ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه, قبيح الثياب، منتن الريحة, فيقول: أبشر بالذي يسوءك, هذا يومك الذي كنت توعد, فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح الذي يجيء بالشر, فيقول: أنا عملك الخبيث, فيقول: يا رب لا تقم الساعة
}. نسأل الله حسن الختام.
إخواني.. الخلق ليس بينهم وبين الله نسباً، من أطاعه أدخله الجنة ومن عصاه أدخله النار, فنسأل الله جل وعلا أن يعيننا على طاعته.
-
قصيدة زين العابدين في الموت وما بعده
ولعلكم تسمحوا لي لأني وعدتكم في بداية الكلام أن أذكر لكم قصيدة
زين العابدين بن علي بن الحسين فأذكرها لكم الآن, يقول رحمه الله:
ما كان عنده أفلام.. ولا عنده تمثيليات, كيف لو رأى الآن أحوال بعض المسلمين التي يرثى لها؟ إنا لله وإنا إليه راجعون, كيف لو رأى أحوال نسائنا في الشوارع متبرجات سافرات فاتنات مفتونات؟!
وكيف إذا نظر أحوال الناس وهم يحلقون اللحى، ويقصون قصة الهر والأسد وغيرها؟!
كيف لو نظر أحوال الناس وهم يسبلون الثياب في هذه الأزمان؟!
كيف لو نظر أحوال الناس وهم لا يعرفون صلاة الفجر إلا في رمضان؟!
كيف لو نظر أحوال الناس وهم يتسابقون على الربا يحاربون الله ورسوله علانية؟!
كيف لو نظر إلى الناس وهم يتساقطون صرعى سكارى فدية للمسكرات والمخدرات؟! فيقول:
ثم يصف لنا الحالة التي سوف تمر بنا جميعاً, ويقول:
ثم قال رحمه الله:
وزر الربا, والغش, والخداع, والمساهمات الربوية, وأشرطة الفيديو, وأشرطة الكاسيت الأغاني, وكتب الزندقة والإلحاد, والجرائد والمجلات صارت على ظهره، والورثة يأخذون الأموال, اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا, ثم يقول رحمه الله:
ثم أيضاً أذكر البيتين لبعضهم, وهو يذكرنا ما الذي يحصل بعد الموت, يقول رحمه الله:
يا إخواني! لو أن النهاية بالموت كان الأمر بسيط، لكن بعد الموت أمور عظيمة, القبر والوقوف بين يدي الله.
ثم يقول الآخر:
اللهم ارزقنا الإيمان بعذاب القبر ونعيمه, وارزقنا الإيمان بيوم البعث والنشور, واجعلنا ممن يساقون إلى جنة عرضها السماوات والأرض يا رب العالمين.
اللهم اجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً, وتفرقنا من بعده تفرقاًمعصوماً, ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً, اللهم أحسن ختامنا, اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, وتوفنا وأنت راضٍ عنا غير غضبان يا رب العالمين, اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة, ولا تجعلها حفرة من حفر النار يا رب العالمين.
اللهم اجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في جنات الفردوس الأعلى يا أرحم الراحمين, اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بتوبة نصوحاً يا رب العالمين, اللهم ارزقنا توبة نصوحاً تطهر بها قلوبنا وتمحص بها ذنوبنا وتحصن بها فروجنا يا رب العالمين, اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك, وأغننا بفضلك عمن سواك, اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا, ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا, اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم أصلحنا وأصلح أولادنا وزوجاتنا وإخواننا وأخواتنا, واجعلنا جميعاً هداة مهتدين, ندعو إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، نأمر بالمعروف ونفعله وننهى عن المنكر ونجتنبه, إنك على كل شيء قدير.
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان, وأغث أوطاننا بالقطر النافع يا رحمن, اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا.. اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً غدقاً نافعاً غير ضار, اللهم سقيا رحمة لا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.