إسلام ويب

أبواب الفتن [2]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وقت قيام الساعة أمر من أمور الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وعلامات الساعة هي مجموعة من الظواهر والأحداث تكون أمارة على قرب وقوعها، وهذه الأمارات منها الصغرى، وهي التي يغلب فيها كثرة الفتن والقتل، ومنها الكبرى، كخروج الدجال، ونزول المسيح، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها.. وغيرها، وهي أمور عظيمة يفتتن فيها الكثير إلا من رحم الله، وإيماننا بعلامات الساعة يدعونا إلى الاستعداد والتزود للآخرة التي هي دار البقاء والخلود.

    1.   

    باب العقوبات

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ باب العقوبات.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته, ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] ).

    حدثنا محمود بن خالد الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب عن ابن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر، قال: ( أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم ) ].

    وهذا ظاهر في الأمة، فبعدم الحكم بما أنزل الله جعل الله بأس الأمة فيما بينها يقتل بعضها بعضاً، تتصارع الدول الإسلامية فيما بينها, ويتصارع المجتمع الواحد فيما بينهم؛ بسبب عدم الحكم بما أنزل الله، فإذا ترابطت وحكمت بما أنزل الله جل وعلا فإنه لا يجعل الله عز وجل بأسها فيما بينها وإنما يجعل بأسها على عدوها.

    قال: [ حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا معن بن عيسى عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير ).

    حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا عمار بن محمد عن ليث عن المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة:159], قال: دواب الأرض ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ].

    1.   

    باب الصبر على البلاء

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الصبر على البلاء.

    حدثنا يوسف بن حماد المعني و يحيى بن درست، قالا: حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص، قال: ( قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، قال: ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فوضعت يدي عليه، فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله! ما أشدها عليك! قال: إنا كذلك، يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجر, قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء, قلت: يا رسول الله! ثم من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يجوبها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله، قال: ( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبياً من الأنبياء، ضربه قومه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ).

    حدثنا حرملة بن يحيى و يونس بن عبد الأعلى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260], ويرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي ).

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك، قال: ( لما كان يوم أحد، كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى الله؟ فأنزل الله عز وجل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128] ).

    حدثنا محمد بن طريف قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس، قال: ( جاء جبريل ذات يوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس حزين، قد خضب بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: ما لك؟ فقال: فعل بي هؤلاء وفعلوا, قال: أتحب أن أريك آية؟ قال: أرني, فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة. فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها فلترجع، فقال لها، فرجعت حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحصوا لي كل من تلفظ بالإسلام, قلنا: يا رسول الله! أتخاف علينا، ونحن ما بين الست مائة إلى السبع مئة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لا تدرون، لعلكم أن تبتلوا.

    قال: فابتلينا، حتى جعل الرجل منا ما يصلي إلا سراً ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه ليلة أسري به، وجد ريحاً طيبة، فقال: يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة؟ قال: هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها، قال: وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل، وكان ممره براهب في صومعته، فيطلع عليه الراهب، فيعلمه الإسلام، فلما بلغ الخضر، زوجه أبوه امرأة، فعلمها الخضر، وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، وكان لا يقرب النساء فطلقها، ثم زوجه أبوه أخرى، فعلمها وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، فكتمت إحداهما وأفشت عليه الأخرى. فانطلق هارباً، حتى أتى جزيرة في البحر، فأقبل رجلان يحتطبان فرأياه، فكتم أحدهما وأفشى الآخر، وقال: قد رأيت الخضر، فقيل: ومن رآه معك؟ قال: فلان، فسئل فكتم، وكان في دينهم أن من كذب قتل، قال: فتزوج المرأة الكاتمة، فبينما هي تمشط ابنة فرعون، إذ سقط المشط، فقالت: تعس فرعون! فأخبرت أباها، وكان للمرأة ابنان وزوج، فأرسل إليهم، فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما فأبيا، فقال: إني قاتلكما، فقالا: إحساناً منك إلينا، إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت، ففعل، فلما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وجد ريحاً، طيبة، فسأل جبريل، فأخبره ).

    حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ).

    حدثنا علي بن ميمون الرقي قال: حدثنا عبد الواحد بن صالح قال: حدثنا إسحاق بن يوسف عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ).

    حدثنا محمد بن المثنى و محمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث من كن فيه وجد طعم الإيمان - وقال بندار: حلاوة الإيمان-: من كان يحب المرء، لا يحبه إلا لله، ومن كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر، بعد إذ أنقذه الله منه ).

    حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال: حدثنا ابن أبي عدي (ح)، وحدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء؛ قالا: حدثنا راشد أبو محمد الحماني عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، قال: ( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن: لا تشرك بالله شيئاً، وإن قطعت وحرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر ) ].

    1.   

    باب شدة الزمان

    قال المصنف رحمه الله: [ باب شدة الزمان.

    حدثنا غياث بن جعفر الرحبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم، سمعت ابن جابر يقول: سمعت أبا عبد رب يقول: سمعت معاوية يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة, قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة ).

    حدثنا واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن فضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء ).

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا طلحة بن يحيى عن يونس عن الزهري عن أبي حميد- يعني: مولى مسافع

    عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله، فليذهبن خياركم، وليبقين شراركم، فموتوا إن استطعتم ).

    حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال: حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ) ].

    1.   

    باب أشراط الساعة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب أشراط الساعة.

    حدثنا هناد بن السري و أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بعثت أنا والساعة كهاتين, وجمع بين إصبعيه ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن فرات القزاز عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد، قال: ( اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم من غرفة، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: الدجال، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد الله بن العلاء قال: حدثني بسر بن عبيد الله قال: حدثني أبو إدريس الخولاني حدثني عوف بن مالك الأشجعي، قال: ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك، وهو في خباء من أدم، فجلست بفناء الخباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل يا عوف! فقلت: بكلي يا رسول الله؟ قال: بكلك, ثم قال: يا عوف! احفظ خلالاً ستاً بين يدي الساعة, إحداهن موتي, قال: فوجمت عندها وجمة شديدة، فقال: قل: إحدى، ثم فتح بيت المقدس، ثم داء يظهر فيكم يستشهد الله به ذراريكم وأنفسكم، ويزكي به أموالكم، ثم تكون الأموال فيكم، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، وفتنة تكون بينكم لا يبقى بيت مسلم إلا دخلته، ثم تكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة، فيغدرون بكم، فيسيرون إليكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال: حدثنا عمرو مولى المطلب عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دنياكم شراركم ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بارزاً للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! متى الساعة؟ فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأخبرك عن أشراطها، إذا ولدت الأمة ربتها، فذاك من أشراطها. وإذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس، فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان، فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله, فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ [لقمان:34], الآية ).

    حدثنا محمد بن بشار و محمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك، قال: ( ألا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم به أحد بعدي, سمعته منه: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال ويبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فيقتتل الناس عليه، فيقتل من كل عشرة تسعة ).

    حدثنا أبو مروان العثماني قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يفيض المال، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج, قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل، القتل، القتل, ثلاثاً ) ].

    1.   

    باب ذهاب القرآن والعلم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ذهاب القرآن والعلم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن زياد بن لبيد، قال: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقال: ذاك عند أوان ذهاب العلم, قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: ثكلتك أمك زياد! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيء مما فيهما؟ ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة. وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها. فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثاً ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي ووكيع عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون بين يدي الساعة أيام، يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، والهرج: القتل ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من ورائكم أياماً، ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج, قالوا: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل ).

    حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، يرفعه قال: ( يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج, قالوا: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل )].

    1.   

    باب ذهاب الأمانة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ذهاب الأمانة.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة، قال: ( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين: قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر؛ حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال - قال الطنافسي: يعني: وسط قلوب الرجال - ونزل القرآن، فعلمنا من القرآن وعلمنا من السنة، ثم حدثنا عن رفعها، فقال: ينام الرجل النومة، فترفع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر الوكت، ثم ينام النومة، فتنزع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً، وليس فيه شيء, ثم أخذ حذيفة كفا من حصًى، فدحرجه على ساقه.قال: فيصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، حتى يقال للرجل: ما أعقله! وأجلده! وأظرفه! وما في قلبه حبة خردل من إيمان.

    ولقد أتى علي زمان ولست أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ليردن علي إسلامه، ولئن كان يهودياً أو نصرانياً ليردن علي ساعيه، فأما اليوم فما كنت لأبايع إلا فلاناً وفلاناً ).

    حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا محمد بن حرب عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء، لم تلفه إلا مقيتاً ممقتاً، فإذا لم تلفه إلا مقيتاً ممقتاً، نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة، لم تلفه إلا خائناً مخوناً، فإذا لم تلفه إلا خائناً مخوناً، نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة، لم تلفه إلا رجيماً ملعناً، فإذا لم تلفه إلا رجيماً ملعناً، نزعت منه ربقة الإسلام ) ].

    1.   

    باب الآيات

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الآيات.

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن فرات القزاز عن عامر بن واثلة أبي الطفيل الكناني عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة، قال: ( اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، والدابة، ويأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم عليه السلام، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا ).

    حدثنا حرملة بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث و ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض، والدجال، وخويصة أحدكم، وأمر العامة ).

    حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا عون بن عمارة قال: حدثنا عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الآيات بعد المائتين ).

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا نوح بن قيس قال: حدثنا عبد الله بن معقل عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أمتي على خمس طبقات، فأربعون سنة أهل بر وتقوى، ثم الذين يلونهم إلى عشرين ومئة سنة أهل تراحم وتواصل، ثم الذين يلونهم إلى ستين ومئة أهل تدابر وتقاطع، ثم الهرج الهرج، النجاء النجاء ).

    حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا خازم أبو محمد العنزي قال: حدثنا المسور بن الحسن عن أبي معن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمتي على خمس طبقات: كل طبقة أربعون عاماً، فأما طبقتي وطبقة أصحابي فأهل علم وإيمان، وأما الطبقة الثانية، ما بين الأربعين إلى الثمانين، فأهل بر وتقوى ). ثم ذكر نحوه ].

    جل أشراط الساعة الصغرى ظهرت وبقي الكبرى, وهي إذا ظهر واحد منها انفرطت كالعقد تباعاً.

    1.   

    باب الخسوف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الخسوف.

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا بشير بن سلمان عن سيار عن طارق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف ).

    حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يكون في آخر أمتي خسف ومسخ وقذف ).

    حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا أبو صخر عن نافع ( أن رجلاً أتى ابن عمر فقال: إن فلاناً يقرأ عليك السلام، قال: إنه بلغني أنه قد أحدث، فإن كان قد أحدث، فلا تقرئه مني السلام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في أمتي - أو في هذه الأمة - مسخ وخسف وقذف, في أهل القدر ).

    حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو معاوية ومحمد بن فضيل عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف ) ].

    1.   

    باب جيش البيداء

    قال المصنف رحمه الله: [ باب جيش البيداء.

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان ].

    وأهل القدر النفاة الذين ينفون قدرة الله عز وجل وينظرون إلى المعادلات المادية ويسمونها بحتمية الكون, وهم أشبه ما يكونون بالماديين، نشأت تصوراتهم بفكر اعتقادي ديني ثم تحولت بعد ذلك إلى فكر عقلي محض.

    قال: [ عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان أنه سمع جده عبد الله بن صفوان يقول: ( أخبرتني حفصة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض، خسف بأوسطهم، ويتنادى أولهم آخرهم، فيخسف بهم، فلا يبقى منهم إلا الشريد الذي يخبر عنهم, فلما جاء جيش الحجاج ظننا أنهم هم، فقال رجل: أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة، وأن حفصة لم تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي إدريس المرهبي عن مسلم بن صفوان عن صفية، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت، حتى يغزو جيش، حتى إذا كانوا بالبيداء -أو ببيداء من الأرض - خسف بأولهم وآخرهم، ولم ينج أوسطهم, قلت: فإن كان فيهم من يكره؟ قال: يبعثهم الله على ما في أنفسهم ) ].

    وهذا فيه أن الصحابة رضوان الله تعالى قد يظنون ظناً أن النبي عليه الصلاة والسلام قصد واقعة بعينها ولا يكون ذلك صحيحاً، وفيه أنه يسوغ للإنسان أن يجتهد بتوقع أن المراد بالنص في أشراط الساعة أو الفتن أو نحو ذلك نازلة بعينها؛ ولهذا اجتهد عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في الدجال، بل أقسم على ذلك، كذلك هنا أيضاً في الجيش الذي يغزو الكعبة ولم يكن هو الحجاج.

    يعني: أنهم يجتهدون، والأمر فيه سعة إلا أنه لا يلتزم من ذلك عملاً, وإنما هو قول وظن لاحتياط الإنسان لدينه.

    قال: [ حدثنا محمد بن الصباح ونصر بن علي وهارون بن عبد الله الحمال، قالوا: قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن سوقة أنه سمع نافع بن جبير يخبر عن أم سلمة، قالت: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجيش الذي يخسف بهم، فقالت أم سلمة: يا رسول الله! لعل فيهم المكره؟! قال: إنهم يبعثون على نياتهم )].

    1.   

    باب دابة الأرض

    قال المصنف رحمه الله: [ باب دابة الأرض.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسى بن عمران، عليهما السلام، فتجلو وجه المؤمن بالعصا، وتخطم أنف الكافر بالخاتم، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون، فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر ).قال أبو الحسن القطان: حدثناه إبراهيم بن نصر قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة، فذكر نحوه. وقال فيه مرة: ( فيقول هذا: يا مؤمن، وهذا: يا كافر ).

    حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو زنيج قال: حدثنا أبو تميلة قال: حدثنا خالد بن عبيد قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: ( ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية، قريب من مكة، فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخرج الدابة من هذا الموضع. فإذا فتر في شبر ).

    قال ابن بريدة: فحججت بعد ذلك بسنين، فأرانا عصاً له، فإذا هو بعصاي هذه، كذا وكذا ].

    ولا يثبت في موضع الدجال ولا في موضع الدابة ولا في المهدي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ثبوت ذلك فهو على مراتب, منها ما هو قطعي متواتر؛ وذلك كالدابة و الدجال، ومنه ما هو صحيح إلا أنه دون التواتر من جهة من جهة ثبوت حدوثه أصلاً؛ وذلك كـالمهدي.

    1.   

    باب طلوع الشمس من مغربها

    قال المصنف رحمه الله: [ باب طلوع الشمس من مغربها.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس، آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها ).

    حدثنا علي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحًى ).

    قال عبد الله: فأيهما ما خرجت قبل الأخرى، فالأخرى منها قريب. قال عبد الله: ولا أظنها إلا طلوع الشمس من مغربها.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن عاصم عن زر عن صفوان بن عسال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً، عرضه سبعون سنة، فلا يزال ذلك الباب مفتوحاً للتوبة، حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً ) ].

    1.   

    باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدجال أعور عين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار ).

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي و محمد بن بشار و محمد بن المثنى، قالوا: قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن أبي التياح عن المغيرة بن سبيع عن عمرو بن حريث عن أبي بكر الصديق، قال: ( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق، يقال لها: خراسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال: ( ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته -وقال ابن نمير: أشد سؤالاً مني- فقال لي: ما تسأل عنه؟ قلت: إنهم يقولون: إن معه الطعام والشراب، قال: هو أهون على الله من ذلك ).

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن مجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس، قالت: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وصعد المنبر، وكان لا يصعد عليه قبل ذلك إلا يوم الجمعة، فاشتد ذلك على الناس، فمن بين قائم وجالس، فأشار إليهم بيده أن اقعدوا: فإني والله ما قمت مقامي هذا لأمر ينقصكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن تميماً الداري أتاني فأخبرني خبراً منعني القيلولة من الفرح وقرة العين، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم، ألا إن ابن عم لـتميم الداري قال: أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها، فقعدوا في قوارب السفينة، فخرجوا فيها، فإذا هم بشيء أهدب، أسود كثير الشعر، قالوا له: ما أنت؟ قال: أنا الجساسة. قالوا: أخبرينا، قالت: ما أنا بمخبرتكم شيئاً، ولا سائلتكم، ولكن هذا الدير قد رمقتموه، فأتوه، فإن فيه رجلاً بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم.

    فأتوه فدخلوا عليه، فإذا هم بشيخ موثق، شديد الوثاق، يظهر الحزن، شديد التشكي، فقال لهم: من أين؟ قالوا: من الشام، قال: ما فعلت العرب؟ قالوا: نحن قوم من العرب، عم تسأل؟ قال: ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم؟ قالوا: خيراً، ناوأ قوماً، فأظهره الله عليهم، فأمرهم اليوم جميع: إلههم واحد، ودينهم واحد، قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا: خيراً، يسقون منها زروعهم، ويستقون منها لسقيهم. قال: فما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: يطعم ثمره كل عام. قال: فما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: تدفق جنباتها من كثرة الماء. قال: فزفر ثلاث زفرات، ثم قال: لو انفلت من وثاقي هذا، لم أدع أرضاً إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة، ليس لي عليها سبيل, قال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى هذا انتهى فرحي، هذه طيبة، والذي نفسي بيده، ما فيها طريق ضيق ولا واسع، ولا سهل ولا جبل، إلا وعليه ملك شاهر سيفه إلى يوم القيامة ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال: حدثني أبي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي يقول: ( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال الغداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظننا أنه في طائفة النخل، فلما رحنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ فقلنا: يا رسول الله! ذكرت الدجال الغداة، فخفضت فيه ثم رفعت، حتى ظننا أنه في طائفة النخل. قال: غير الدجال أخوفني عليكم, إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه قائمة، كأني أشبهه بـعبد العزى بن قطن، فمن رآه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه يخرج من خلة بين العراق والشام، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله اثبتوا, قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم, قلنا: يا رسول الله, فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: فاقدروا له قدراً, قال: قلنا: فما أسرعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح, قال: فيأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له ويؤمنون به، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً، وأشبعه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين، ما بأيديهم شيء، ثم يمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فينطلق، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف ضربة، فيقطعه جزلتين، رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك.

    فبينا هم كذلك إذ بعث الله عيسى ابن مريم، فينزل عند منارة البيضاء، شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع يتحدر منه جمان كاللؤلؤ، ولا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فينطلق حتى يدركه عند باب لد، فيقتله، ثم يأتي نبي الله عيسى عليه السلام قوماً قد عصمهم الله، فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينا هم كذلك إذ أوحى الله إليه: يا عيسى، إني قد أخرجت عباداً لي، لا يدان لأحد بقتالهم، فأحرز عبادي إلى الطور.

    ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم كما قال الله عز وجل: مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96], فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية، فيشربون ما فيها، ثم يمر آخرهم فيقولون: لقد كان في هذا ماء مرة.

    ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه فلا يجدون موضع شبر إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم، فيرغبون إلى الله سبحانه، فيرسل عليهم طيراً كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله عليهم مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسله حتى يتركه كالزلقة ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة فتشبعهم، ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل تكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي القبيلة، واللقحة من الغنم تكفي الفخذ، فبينا هم كذلك، إذ بعث الله عليهم ريحاً طيبة، فتأخذ تحت آباطهم، فتقبض روح كل مسلم، ويبقى سائر الناس يتهارجون كما تتهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا ابن جابر عن يحيى بن جابر الطائي قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه أنه سمع النواس بن سمعان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم، سبع سنين ).

    حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن إسماعيل بن رافع أبي رافع عن أبي زرعة السيباني يحيى بن أبي عمرو عن أبي أمامة الباهلي، قال: ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثاً حدثناه عن الدجال، وحذرناه، فكان من قوله أن قال: إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم، أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فيعيث يميناً ويعيث شمالاً، يا عباد الله أيها الناس، فاثبتوا، فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي.

    إنه يبدأ فيقول: أنا نبي؛ ولا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم؛ ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن، كاتب أو غير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنة وناراً، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه برداً وسلاماً، كما كانت النار على إبراهيم.

    وإن من فتنته أن يقول لأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك، أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني، اتبعه فإنه ربك. وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة، فيقتلها، وينشرها بالمنشار، حتى يلقى شقتين، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له رباً غيري، فيبعثه الله، ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله، أنت الدجال، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم ).

    قال أبو الحسن الطنافسي: فحدثنا المحاربي قال: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة ).

    قال: قال أبو سعيد: والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتى مضى لسبيله.

    قال المحاربي: ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع، قال: ( وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمده خواصر وأدره ضروعاً، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينزل عند الظريب الأحمر، عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.

    فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله! فأين العرب يومئذٍ؟ هم يومئذٍ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم عليه السلام الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري، ليتقدم عيسى عليه السلام يصلي بالناس، فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصل، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف، قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب، فيفتح، ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هارباً، ويقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة- إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم، لا تنطق- إلا قال: يا عبد الله المسلم، هذا يهودي فتعال اقتله ).

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، يصبح أحدكم على باب المدينة، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي, فقيل له: يا رسول الله! كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: تقدرون فيها الصلاة، كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال، ثم صلوا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيكون عيسى ابن مريم عليه السلام في أمتي حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدق الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره، وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدريهمات, قالوا: يا رسول الله! وما يرخص الفرس؟ قال: لا تركب لحرب أبداً. قيل له: فما يغلي الثور؟ قال: تحرث الأرض كلها، وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض، فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت، إلا ما شاء الله عز وجل. قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجزي ذلك عنهم مجزأة الطعام ).

    قال أبو عبد الله: سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب، حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام حكماً مقسطاً، وإماماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ).

    حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون كما قال الله تعالى: وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96], فيعمون الأرض، وينحاز منهم المسلمون، حتى تصير بقية المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، حتى إنهم ليمرون بالنهر فيشربونه حتى ما يذرون فيه شيئاً، فيمر آخرهم على أثرهم، فيقول قائلهم: لقد كان بهذا المكان مرة ماء. ويظهرون على الأرض، فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، ولننازلن أهل السماء، حتى إن أحدهم ليهز حربته إلى السماء، فترجع مخضبة بالدم، فيقولون: قد قتلنا أهل السماء، فبينما هم كذلك إذ بعث الله دواب كنغف الجراد، فتأخذ بأعناقهم فيموتون موت الجراد، يركب بعضهم بعضاً، فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حسا، فيقولون: من رجل يشري نفسه، وينظر ما فعلوا؟ فينزل منهم رجل قد وطن نفسه على أن يقتلوه، فيجدهم موتى، فيناديهم: ألا أبشروا فقد هلك عدوكم، فيخرج الناس ويخلون سبيل مواشيهم، فما يكون لهم رعي إلا لحومهم، فتشكر عليها كأحسن ما شكرت من نبات أصابته قط ).

    حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة، قال: حدثنا أبو رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فسنحفره غداً، فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس، حفروا، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال: ارجعوا، فستحفرونه إن شاء الله تعالى، واستثنوا، فيعودون إليه، وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس، فينشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع عليها الدم الذي اجفظ، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السماء، فيبعث الله نغفاً في أقفائهم فيقتلهم بها ).

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكراً من لحومهم ).

    حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا العوام بن حوشب قال: حدثني جبلة بن سحيم عن مؤثر بن عفازة عن عبد الله بن مسعود، قال: ( لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، لقي إبراهيم وموسى وعيسى، فتذاكروا الساعة، فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علم، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم، فرد الحديث إلى عيسى ابن مريم، فقال: قد عهد إلي فيما دون وجبتها، فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله، فذكر خروج الدجال، قال: فأنزل فأقتله فيرجع الناس إلى بلادهم، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فلا يمرون بماء إلا شربوه، ولا بشيء إلا أفسدوه، فيجأرون إلى الله، فأدعو الله أن يميتهم، فتنتن الأرض من ريحهم، فيجأرون إلى الله، فأدعو الله، فيرسل السماء بالماء، فيحملهم فيلقيهم في البحر، ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم، فعهد إلي: متى كان ذلك، كانت الساعة من الناس كالحامل التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ).

    قال العوام: ووجد تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96] ].

    1.   

    باب خروج المهدي

    قال المصنف رحمه الله: [ باب خروج المهدي.

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، قال: ( بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم، فليأتهم ولو حبواً على الثلج ).

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا محمد بن مروان العقيلي قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي صديق الناجي عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع وإلا فتسع، فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتى أكلها، ولا تدخر منهم شيئاً، والمال يومئذ كدوس، فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ ).

    حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف، قالا: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ). ثم ذكر شيئاً لا أحفظه، فقال: ( فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي ).

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو داود الحفري قال: حدثنا ياسين عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المهدي منا، أهل البيت، يصلحه الله في ليلة ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا أبو المليح الرقي عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب، قال: ( كنا عند أم سلمة، فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من ولد فاطمة ).

    حدثنا هدية بن عبد الوهاب قال: حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر عن علي بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( نحن، ولد عبد المطلب، سادة أهل الجنة، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي ).

    حدثنا حرملة بن يحيى المصري و إبراهيم بن سعيد الجوهري، قالا: حدثنا أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج ناس من المشرق، فيوطئون للمهدي ), يعني: سلطانه ].

    1.   

    باب الملاحم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الملاحم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: مال مكحول و ابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهما، فحدثنا عن جبير بن نفير قال: قال لي جبير: انطلق بنا إلى ذي مخمر، وكان رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معهما، فسأله عن الهدنة، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ستصالحكم الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدوا، فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم تنصرفون، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل الصليب الصليب، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين، فيقوم إليه فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم، ويجمعون للملحمة ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية، بإسناده، نحوه، وزاد فيه: ( فيجمعون للملحمة فيأتون حينئذ تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ).

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن سليمان بن حبيب المحاربي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا وقعت الملاحم، بعث الله بعثاً من الموالي، هم أكرم العرب فرساً وأجوده سلاحاً، يؤيد الله بهم الدين ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة

    عن نافع بن عتبة بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تقاتلون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تقاتلون الروم، فيفتحها الله، ثم تقاتلون الدجال، فيفتحها الله ). وقال جابر: فما يخرج الدجال حتى تفتح الروم.

    حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن الوليد بن سفيان بن أبي مريم عن يزيد بن قطيب السكوني - وقال الوليد: يزيد بن قطيب - عن أبي بحرية عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر ).

    حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن أبي بلال عن عبد الله بن بسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السابعة ).

    حدثنا علي بن ميمون الرقي قال: حدثنا أبو يعقوب الحنيني عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تكون أدنى مسالح المسلمين ببولاء. ثم قال: يا علي، يا علي، يا علي، قال: بأبي وأمي! قال: إنكم ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلهم الذين من بعدكم، حتى تخرج إليهم روقة الإسلام، أهل الحجاز، الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فيفتتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير، فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها، حتى يقتسموا بالأترسة، ويأتي آت فيقول: إن المسيح قد خرج في بلادكم، ألا وهي كذبة، فالآخذ نادم، والتارك نادم ).

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد الله بن العلاء قال: حدثني بسر بن عبيد الله قال: حدثني أبو إدريس الخولاني، قال: حدثني عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة، فيغدرون بكم، فيسيرون إليكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ) ].

    1.   

    باب الترك

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الترك.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين، ذلف الأنف، كأن وجوههم المجان المطرقة، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا جرير بن حازم قال: حدثنا الحسن عن عمرو بن تغلب، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً ينتعلون الشعر ).

    حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا عمار بن محمد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين، عراض الوجوه، كأن أعينهم حدق الجراد، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر ويتخذون الدرق، يربطون خيولهم بالنخل ) ].

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767450454