إسلام ويب

أسئلة عامة [2]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الوسوسة طاعة للشيطان

    السؤال: أجد وسوسة في الغسل فأمضي ثلاثين دقيقة أو خمساً وأربعين دقيقة وأنا في الغسل، فيضيع الكثير من الوقت وكلما غسلت عضواً يخيل إلي أنني لم أغسله، فأرجع إليه، وكذلك شعر الرأس أو اللحية، فيضيع فيه الكثير من الوقت؟

    الجواب: هذا الإنسان مصاب بوسوسة، وهي من عمل الشيطان، فعليه أن يحذر أن يجعل للشيطان عليه سبيلاً، وعليه ألا يطيع الشيطان وهو يعلم أنه عدوه، بل عليه أن يطيع الله، وأن يجتنب عمل الشيطان، وإذا أخبره الشيطان بأنه لم يفعل، فليرغم أنف الشيطان وليترك ما ألقى عليه.

    ومن هنا، فالذي يشعر بالوسوسة عليه أن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، صادقاً بقلبه، وعليه ألا يتبع وساوس الشيطان، فإذا غسل عضواً تجاوزه وغسل غيره، وإذا خيل إليه الشيطان أنه لم ينته فلا يراجع نفسه في ذلك، ولا ينظر إليه، لأنه قد يريه الشيطان أنه لم يغسل بعد، فليس له أن ينظر إليه بعد ذلك، وعليه أن يتجاوزه بالكلية وأن يلقي ما ألقى إليه الشيطان وألا يصدقه بشيء، وسواء كان ذلك في الغسل أو غيره أو في الصلاة، وعليه أن يكثر التعوذ، وألا يتبع الشيطان فيما يلقيه عليه مطلقاً.

    1.   

    حكم زيارة النساء للمقابر

    السؤال: هل تجوز زيارة النساء للقبور ؟

    الجواب: جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة النساء للقبور، وجاء عنه: (لعن زوارات القبور) ثم بعد ذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنها سألته: ماذا نقول إذا زرنا المقابر، فعلمها الدعاء الذي يدعى به عند زيارة القبور، وعلى هذا فإن جمهور أهل العلم على جواز زيارة النساء للقبور.

    لكن ليس لهن أن يتخبطن بين الأجدر، بل المشروع لهن أن يقفن أمام المقبرة ويذكرن الدعاء الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة ، ويتذكرن الموت والآخرة، والزيارة التي فعلتها عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم هي هذه الزيارة: أن تقف أمام القبور وأن تدعو، وأما التخبط بين الأجدر فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به عائشة ولا غيرها من الناس، ورأي الجمهور من العلماء أنه غير مشروع مطلقاً، ويتأكد ذلك في حق النساء.

    1.   

    الحكمة في زيارة القبور

    السؤال: ما الهدف من زيارة القبور؟

    الجواب: المقصود بالزيارة هي الموعظة وتذكر الآخرة، وإنما يحصل ذلك بثلاث رتب:

    الرتبة الأولى: أن يتذكر الإنسان أن هذا القبر الذي يراه، إما أن يكون روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، وأن القبر الواحد أو القبرين الملتصقين، قد يكون أحدهما في غاية النعيم، والآخر في غاية العذاب، ولا هذا يشعر بعذاب هذا ولا هذا يشعر بنعيم هذا، بل قد تختلط العظام، فهذا في غاية النعيم والآخر في غاية العذاب، ولا يصل شيء من نعيم هذا إلى هذا، ولا شيء من عذاب هذا إلى هذا.

    المرتبة الثانية: أن يستحضر أن هذا الموت حاجز حصين، انتقل به الإنسان الذي كان أهله يثقون به، ويكلون إليه أمورهم، فانقطعوا عنه، وانقطع عنهم، ولم يعد مطلعاً على شيء من أخبارهم وأمورهم، وأصبح في هذه الأجداث، ومن عمار القبور الذين هم أسارى ذنوب لا ينفكون وأهل قرب لا يتزاورون، أخبارهم منقطعة، وأملاكهم قد خرجوا منها: وتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ[الأنعام:94]؛ كل ما كان لديه من الأسرار والأمور التي يختص بها أصبحت بيد من سواه، فهذه موعظة عجيبة.

    المرتبة الثالثة: أن يستحضر الإنسان أن هذا هو مصيره، وأحسن الأحوال أن يموت بين المسلمين فيدفن في مقابر المسلمين، فيتذكر نفسه محمولاً على الرقاب إلى المقابر، ويتذكر الساعة التي يسلم فيها نفسه إلى الله سبحانه وتعالى، ويستسلم فيها وتنزع روحه من كل عرق من عروق جسده، ويذهب به إلى هذه المقابر ليس له مشاركة في الرأي ولا في الأمر ويوضع في هذا الحال، وهذه موعظة عجيبة.

    وقد حصل لرجل في أيام معاوية رضي الله عنه، أن رأى جنازة تحمل إلى المقبرة في دمشق فخرج في تجهيزها، فلما دفن الميت، وقف على قبره وبكى، وأنشد قول الشاعر:

    ياقلب إنك من أسماء مغرور فاذكر فهل ينفعنك اليوم تذكير

    فبينما المرء في الأحياء مغتبط إذا هو الرمس تعصره الأعاصير

    يبكي عليه غريب ليس يعرفه وذو قرابته في الحي مســرور

    فلما أنشد الأبيات قال له أحد الحاضرين: أتدري لمن هذه الأبيات؟

    قال: لا. قال: إنها لهذا الميت الذي دفناه آنفاً، وأنت الغريب الذي يبكي عليه، وهذا ابن عمه ووارثه أقرب الناس إليه كان عدواً له وأصبح مسروراً بموته، فهذه موعظة عجيبة يتذكرها الإنسان في مثل هذه المواقف إذا رأى القبور، وانتقال الناس إلى الدار الآخرة.

    1.   

    الأعمال التي يصل ثوابها للميت

    السؤال: هل يصل ثواب القرآن إلى الميت ؟ وعليه فهل يشرع ختم القرآن عند موت الميت؟

    الجواب: أجمع العلماء على أن الميت يصل إليه في قبره مما يهدى إليه من الأعمال الصدقة والدعاء فقط، فالتصدق على الأموات يصل، وكذلك الدعاء لهم يصل، وأما الدليل على الصدقة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة أن يتصدق عن أمه.

    ودليل الدعاء قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ[التوبة:103] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذه القبور مظلمة على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم) وكذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[الحشر:10].

    1.   

    الرد على من زعم أن ابن تيمية مات في السجن كافراً

    السؤال: إمام كفر أحد أهل العلم، وقال إنه سجن ومات في السجن بسبب كفره وإلحاده، وقال بأنه كفره مائة عالم، هل هذه المقولة صحيحة، وهل الموت في السجن دليل على أن الإنسان كافر أو ملحد؟

    الجواب: إن تكفير المسلم كقتله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه غاية التحذير، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا قال المؤمن لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما) وقال: (فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه)، وفي رواية: (وإلا حارت عليه)قد جاء في ستة أحاديث في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذيره من التكفير، كتكفير المسلمين، وبالأخص العلماء، الذين ائتمنهم الله على الوحي، وجعلهم من ورثة الأنبياء، والله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، وإذا اختار الله إنساناً ليأتمنه على وحيه، فهو غير مكره ولا عاجز، فاختياره لا بد أن يكون ذا دلالة.

    ومن هنا فعلى الإنسان أن يحترم أهل العلم وأن يوقرهم ولا يكفرهم، وأن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد ائتمنهم على الوحي، فلذلك عليه أن يحترمهم من هذا الوجه.

    والسائل هنا يسأل عن الإمام ابن تيمية رحمه الله، وليس معنى هذا أن أهل العلم معصومون، وأنهم لا يخطئون، بل يقعون في الخطأ كغيرهم، لكنهم أولى بالمغفرة، لما قدموه من الأعمال الصالحة، وما لهم من العلم والعمل.

    وأيضاً فإن خطأهم إنما كان عن اجتهاد في وسائل ليس فيها قاطع من الشرع، ولذلك فهم مأجورون فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اجتهد الحاكم فأصاب كان له أجران، وإن اجتهد وأخطأ كان له أجر).

    وأما سجن العالم أو تعذيبه أو نحو ذلك في سبيل الحق فهو دليل على إخلاصه، وهو من سنة الأنبياء السابقين، فقد سجن يوسف عليه السلام وقتل عدد كبير من الأنبياء، كما قال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ[آل عمران:146-148].

    و(استكانوا) بمعنى: ذلوا. هو يسأل عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو بعيد من الكفر، وهو أحد ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد علماء هذه الأمة ومحدثيها، بل قال الذهبي رحمه الله: كل حديث لم يروه ابن تيمية فليس بحديث.

    وهو من أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل قل في زمانه من يستطيع مناورته أو القرب منه في هذا المجال، فقد كان يندر في زمانه من هو في مستواه في العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن ليس معنى هذا أنه معصوم، بل هو بشر يخطئ ويصيب مثل غيره، وما أخطأ فيه فإنما أخطأ فيه عن اجتهاد، وهو معروف بالورع والتقوى، وما أصاب فيه فمن توفيق الله وفضله، وليس من عند نفسه.

    1.   

    التوبة من الطعن في أهل العلم

    السؤال: هل تجب التوبة على من طعن في العلماء؟

    الجواب: نعم، فالذي طعن في العلماء عليه أن يبادر بالتوبة، وأن يستغفر الله تعالى، وأن يعلم أنه قد تعرض لسخط الله -نسأل الله السلامة والعافية- وكثيراً ما يكون هذا سبباً لتعصبه ضد الحق، ولعدم قبوله له.

    1.   

    الإمام الغزالي بشر يخطئ ويصيب

    السؤال: إني أعيش مشكلة حيرتني، فأنا أرى الكثير من العلماء ينتقد الإمام الغزالي ، وبعضهم يبالغ في مدحه، فما هو الرأي الحق فيه؟

    الجواب: الإمام الغزالي هو أحد علماء المسلمين، كما أشرنا عن ابن تيمية ، فهو عالم من علماء المسلمين يخطئ ويصيب، وصوابه بفضل الله، وخطؤه من نفسه ومن الشيطان، وما أصاب فيه أكثر مما أخطأ فيه، وما أخطأ فيه لم يكن خطؤه فيه باتباع للهوى، وإنما كان بطلب للحق واجتهاد فهو معذور فيه.

    ومن هنا فعلينا أن نلتمس العذر للمسلمين، وبالأخص لخلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، الذين حملوا هذا العلم وأوصلوه إلينا، وأن نلتمس لهم العذر فيما أخطئوا فيه، ونعلم أنهم بشر يخطئون ويصيبون، وطوبى لمن شغلته عيوب نفسه عن عيوب الناس.

    1.   

    رؤية ابن بطوطة لشيخ الإسلام ابن تيمية

    السؤال: قرأنا في رحلة ابن بطوطة قوله إنه رأى شيخ الإسلام ابن تيمية ، يخطب يوم الجمعة في جامع دمشق... إلخ القصة؟

    الجواب: بالنسبة لهذه القصة كلها مكذوبة، لأن مجيء ابن بطوطة إلى دمشق كان بعد موت ابن تيمية بقرابة عشرين سنة، فإذا كان رآه فقد رآه في النوم بعد موته بعشرين سنة.

    1.   

    حكم الزينة للمرأة

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تشتري بعض الزينة من الأساور والخواتم لتتزين بها؟

    الجواب: نعم قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ[الأعراف:32] ، وقد اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزينة لبنات أبي أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه.

    لكن يجب عليهن أن يسترن ما أوجب الله ستره، والله تعالى لم يحرم عليهن الزينة ولكن قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور:31] .

    1.   

    حكم صبغ المرأة لشعرها

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تصبغ رأسها وليس فيه شيب وإنما ذلك لزيادة شعرها وطوله؟

    الجواب: إن الصبغ بالسواد قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر في صحيح مسلم ، وقال: (جنبوه السواد)وعلى هذا فلا يحل الصبغ بالسواد مطلقاً لا للرجال ولا للنساء، سواء وجد الشيب أو لم يوجد.

    أما الصبغ بغير السواد فإن كان ذلك لمصلحة راجحة ولم يكن فيه محاولة تغيير خلق الله، كما يفعله بعض الناس بصبغ بعض الشعر بألوان تكون خلقة في بعض الشعوب، كصفرة الشعر ونحو ذلك، فهذا النوع مثل الوشر والوشم وغيره من التغيير الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والواشرات والمستوشرات، المغيرات خلق الله) فهذا من تغيير خلق الله الذي يأمر به الشيطان كما أخبر الله بذلك في كتابه.

    أما بالنسبة لجعل الحناء على الشعر فلا حرج فيه للرجال ولا للنساء، بل هو الخضاب الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله عدد كبير من أصحابه.

    1.   

    حكم مسح الرأس للوضوء مع تلبيده بالحناء

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تمسح على رأسها للوضوء وهو ملبد بالحناء، بدون أن تزيله؟

    الجواب: إذا كان هذا الحناء بثمن غال، فيجوز لها أن تمسح عليه، لئلا تتلف هذا المال بإزالته، وإذا كان ثمنه رخيصاً، واضطرت إلى الوضوء بأن ضاق الوقت، فلا بد أن تزيله عن رأسها وأن تمسح على رأسها بالمباشرة.

    1.   

    صلاة المنفرد خلف الصف

    السؤال: ماذا يفعل من أتى إلى الصف ولم يجد فيه مكانا؟

    الجواب: الإنسان مأمور بأن يصف مع المؤمنين كما تصف الملائكة عند ربها، فإذا وجد مكاناً في الصف فليصله (من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله) فإن وجد طريقاً لأن يصف مع الإمام سواء كان عن يمينه أو عن شماله فله الحق في ذلك، لكن يكره أن يصف الناس مع الإمام فيكونون عن يمينه وشماله، وعند الحنابلة أن ذلك حرام.

    أما الانفراد خلف الصف فقد اختلف فيه، فذهب الحنابلة إلى بطلان الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، والأصل في النهي أنه يقتضي الفساد، وقالوا: يجذب أحداً من الصف وعلى المجذوب أن ينجذب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لينوا في أيدي إخوانكم) وهذا يكون من التعاون على البر والتقوى، ومحله إن لم يكن المجذوب سيقطع الصف ويجعله فيه فرجة، وقال آخرون: لا يجذب أحداً.

    والمالكية رحمهم الله يرون أن النهي في الإنفراد خلف الصف على سبيل الكراهة لمن يستطيع أن يصف، أما من لا يستطيع أن يصف ووجد المسجد مغلقاً، ولا يستطيع أن يصل إلى الإمام ولم يجد إلا أن يصلي خلف الصف فليصل وراءه وصلاته صحيحة حينئذ إن شاء الله.

    وهذا القول هو الأقوى لمن لم يستطع أن يصف مع الإمام ولم يجد من ينجذب له، فما له إلا أن يصلي حيث وجد.

    1.   

    دخول وقت الصلاة

    السؤال: هل لهذه المقولة أصل: (حتى لا يبقى شاك)؟!

    الجواب: هذا في الوقت ويقولها بعض الناس، ومعناها: أن على الناس أن ينتظروا حتى لا يبقى شاك في دخول الوقت، وهذه المقولة شيطانية، فهي من كلام الشيطان وليست من الوحي، وليست مما شرعه الله لعبادة، بل لا بد أن يبقى في الناس شاك أبداً، وإذا تتبعنا شك الشاكين والمرضى والموسوسين فلن نصلي الصلاة في وقتها أبداً.

    لكن من لطف الله سبحانه وتعالى أن جعل التقليد ممكناً في دخول الوقت، فإذا أذن المؤذن وكان عارفاً بالوقت فلنقلده في الوقت والعهدة عليه، ولذلك فصلاتنا صحيحة حتى لو كانت خارج الوقت إذا قلدنا من هو عالم بالوقت يعرفه. وكذلك صيامنا إذا قلدنا من يعرف الوقت فأفطرنا بأذانه، أو أمسكنا بأذانه، فصومنا صحيح ومجزئ قطعاً من الناحية الشرعية إلا إذا كان المقلد ليس محلاً لذلك؛ فليس من أهل العلم ولا يعرف الوقت، أو لم ينظر إليه، فهذا خطأ.

    والأصل في المسلمين العدالة، ومن لا تعرفه فالأصل فيه الستر، فإذا كنت لا تعرفه بشر فالأصل فيه الستر.

    1.   

    الرقية الشرعية

    السؤال: في البادية يوجد بعض الناس لديهم ما يسمونه حكمة، لمن لدغته أفعى يقرؤها عليه ويمسحون مكان اللدغة حتى يذهب الألم، ويعود اللديغ كأنما نشط من عقال، وهم يعتبرونها سراً خاصاً بهم لا يجوز لهم أن يخبروا به غيرهم، ما مدى جواز ذلك؟

    الجواب: إذا كان هذا بكتاب الله أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بالثناء على الله سبحانه وتعالى وذكر أسمائه وصفاته فهو من الرقى الجائزة، والناس فيها متفاوتون بحسب إيمانهم، وبحسب قوة يقينهم، وإذا كان هذا فيما لا يفهم معناه أو بالكلام الأعجمي؛ فهو محرم، وكثيراً ما يكون فيه الشرك، وإنما ينتفع به على يد أقذر الناس، وهو ضد الرقية الشرعية، فرقية الباطل إنما تجري على يد الفجرة الفسقة، لأنهم هم الذين يخدمهم الشياطين كما قال تعالى: قل هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ[الشعراء:221-222] ، وغالباً ما يكون هذا الشخص الذي يجري على مثل هذا كذاباً، أما الرقية الشرعية، فهي ما كان بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأسماء الله وصفاته والثناء عليه، ويتفاوت الناس فيها بحسب يقينهم وإيمانهم.

    وأما بالنسبة لكتمان الرقية الشرعية، فليس بمشروع، لأنها من تعليم الحق، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعليمها، فقال للمرأة التي كانت تعلم حفصة (هلا رقية النملة) وأمرهم أن يعرضوا عليه رقى الجاهلية، فما كان منها خالياً من الشرك وفيه ثناء على الله أقره، وما كان منها متضمناً شركاً رده ورفضه.

    1.   

    السنة في تعليم القرآن

    السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد في مسنده أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إني أقرأ القرآن؛ فلا أجد قلبي يعقل عليه، فقال: إن قلبك حشي القرآن وإن الإيمان يعطاه العبد قبل القرآن).

    الجواب: معنى هذا أن هذا الإنسان إنما أشرب القرآن فقرأ الكثير منه قبل أن يعرف معناه، وهذا مخالف لسنة تعلم القرآن، فسنة تعلم القرآن أن لا يقرأ الإنسان شيئاً منه حتى يعرف معناه وحتى يعمل به، فإذا حفظ القرآن كاملاً دون معرفة شيء من معناه فقلما يخشع به وقلما يبكي عند سماعه، ولذلك فالصبيان الذين يُحَفَّظُون القرآن كاملاً ويحفظونه على أنه ألغاز لا يفهمون معناها ولا يتدبرون شيئاً منه، قلَّما يستطيع أحد منهم بعد ذلك الخشوع بالقرآن، أو التأثر به تأثراً بالغاً، ولهذا قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا الذين كانوا يعلموننا القرآن من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم عثمان ، وعلي و ابن مسعود ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وأبي بن كعب . قالوا: ما كنا نقرأ عشر آيات فنتجاوزها حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل. فهذه سنة تعلم القرآن.

    1.   

    ما يجب على المرأة من الطاعة لزوجها

    السؤال: هل طاعة الزوج واجبة في كل الخدمات أم تقتصر الزوجة على طاعته بنفسها؟

    الجواب: لا يلزم المرأة طاعة الزوج في كل الخدمات، بل يلزمها طاعته فيما يتعلق بالفراش، وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه ونحو ذلك، أما الخدمة فهي راجعة إلى العرف والعادة، فإن اقتضت العادة خدمة معينة كانت من المعروف، لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وإن لم تكن العادة مقتضية لذلك بأن كانت المرأة من مستوى أهله يُخدَمون ولا يَخدِمون، فلا تجب عليها الخدمة، فإن فعلت فهو تطوع منها ومعاشرة بالتي هي أحسن، وذلك فيه خير لا شك، وعلى هذا فكل ما يقتضي أُلفةً بين الزوجين واستمراراً لهذه العلاقة فهو مطلوب شرعاً، وعلى الزوجين ألا يتحاقا بينهما في كل الحقوق، وعلى كل واحد منهما ألا يقتصر فقط على الحق الواجب عليه، وأن يسامح في حقوقه إذا استطاع أن يؤدي ما زاد على الحقوق الواجبة؛ ليكون ذلك أدعى لاستمرار هذه العلاقة الشرعية.

    1.   

    الجمع بين النهي عن إسبال الثوب والأمر بعدم كف الشعر والثوب في الصلاة

    السؤال: أريد التوضيح في الجمع بين النهي عن إسبال الثوب، و(أمرنا ألا نكف شعراً ولا ثوباً في الصلاة)؟

    الجواب: الإسبال جاء النهي عنه مطلقاً، والنهي عن كف الكم والشعر في الصلاة؛ المقصود به: أن يحذر الإنسان في وقت سجوده من أن يسجد وثوبه أو شعره يلامس الأرض، فإنه بذلك سينصرف باله وقلبه عن الصلاة وينشغل بالحذر على ثوبه أو شعره من أن يمس التراب، والشعر والثوب يسجدان لله سبحانه وتعالى، فإذا سجدت فكل خيط من خيوط ملابسك وكل شعرة من شعرك تسجد معك لله سبحانه وتعالى، وأنت تثاب على كل ذلك بسجدة كاملة، وعلى هذا فالإنسان أمر أن لا يكف.

    أما الإسبال في حال القيام، فقد جاء فيه بعض النصوص، منها ما أخرجه أبو داود في سننه من حديث ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل سادلاً، والمقصود بالسدل الإسبال في الصلاة، وعقب أبو داود هذا الحديث بما يقتضي تضعيفه، فقال: جاء عن ابن جريج أنه قال: كنت كثيراً ما أرى عطاء بن أبي رباح سادلاً في الصلاة. قال أبو داود وهذا مما يضعف هذا الحديث.

    لكن جاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في الحرم يصلي مسبلاً، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، ولكن لا يقاس على هذا؛ لأنه راجع إلى الوحي، فقد يكون النبي صلى الله عليه وسلم عرف عن طريق الوحي أن هذا الرجل فعل ذلك خيلاء، لذلك أمره بإعادة الوضوء، ولكن الإسبال غير ناقض للوضوء، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل بخصوصه أن يعيد الوضوء والصلاة.

    والأرجح في هذه المسألة أن الإنسان في حال القيام ليس له أن يسبل مطلقاً، أما في السجود فليس له أن يكف شيئاً من ثوبه ولا من شعره عن الأرض.

    1.   

    النوافل.. أوقاتها وعدد ركعاتها

    السؤال: أريد تفصيلاً حول النوافل الراتبة وما يقرأ في كل منها، والقول الأرجح في عددها وعدد ركعاتها؟

    الجواب: الرواتب هي سي الفرائضِ. والسيّ هو ما يظهر في الضرع قبل أن ينزل فيه اللبن، فالذي ينزل على فم الفصيل عندما يرضع قبل أن تدر أمه هو الذي يسمى بالسي. ويسمى بالسيء أيضاً، وقد جاء في حديث ضعيف سيوا صلاتكم أو سيئوا صلاتكم فإن كثرة السي تدل على قوة الحشك، أي: تمام الدرار.

    فإذا كانت الفريضة محوطة بسياج من النوافل قبلها وبعدها إذا كان ما بعدها وقت إباحة، أو كان ما قبلها وقت إباحة فإن ذلك مما يكمل الفريضة ويقتضي من الإنسان إقبالاً عليها، لأن الإنسان يتطهر بالصلاة، ولذا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة (النهر الجاري على باب أحدكم ينغمس فيه في اليوم والليلة خمس مرات، فهل ترون يبقى من درنه شيء) فكذلك النافلة يتطهر بها الإنسان للفريضة.

    ولذلك فالنوافل الراتبة هي: ركعتان قبل صلاة الفجر خفيفتان، ولم يرد تعيين شيء في السور التي يقرأ بها في هاتين الركعتين، لكن ورد الحض عليهما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (ركعتا الفجر؛ خير من الدنيا وما فيها). وأخرج أبو داود في السنن بإسناد ضعيف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلوهما ولو طردتكم الخيل)وبالغ في الأمر بهما والحض عليهما ولذلك سميا بالرغيبة، أي رغب فيهما الشارع ترغيباً شديداً، فأما بعد الفجر فلا نافلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب.

    ثم بعد هذا من الرواتب: أربع قبل الظهر، واثنتان بعدها أو أربع، وكل ذلك وارد، وراتبه الظهر سواء كانت قبلية أو بعديه تسن في المسجد كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها، أما ركعتا الفجر فكان يصليهما في بيته، ولم يكن يصليهما في المسجد، وكذلك قبل العصر ورد ركعتان كما في حديث ابن عمر في الصحيحين وفي حديث ميمونة كذلك، وقد واظب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما في المسجد.

    وورد أربع ركعات في حديث أخرجه الترمذي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً) وهذا الحديث فيه لين، لكن مع ذلك عمل به كثير من أهل العلم وحتى الترمذي وغيره، ثم بعد هذا لا راتبة بعد العصر، لأن الوقت وقت نهي كما بينا.

    أما المغرب فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين ثم قال في الثالثة: لمن شاء)، فاختلف العلماء في حكم هاتين الركعتين، فذهب الشافعي إلى ندبهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الأمر، والأمر ليس للوجوب بل هو مقتضٍ للندب، وذهب مالك رحمه الله إلى الكراهة فيهما، لأنه قال: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا قبل المغرب ركعتين) في البداية ليس للوجوب لأنه قال: (خمس صلوات فرضهن الله على العباد في اليوم والليلة)، ولأن الله قال له ليلة المعراج: (هن خمس وهن خمسون ما يبدل القول لدي). وعلى هذا فلن تزيد الفرائض على الخمس، فلما قال: (صلوا قبل المغرب ركعتين) كان للندب فقط، ثم قال بعده: (لمن شاء) فنزل عن الندب، وإذا نزلت الصلاة عن الندب، فإنها لا تصل إلى الإباحة المستوية الطرفين؛ لأن العبادة لا تكون مباحه، فلن يبقى إلا أن تصل إلى الكراهة فقط، ومع ذلك فقد صلاهما مالك رحمه الله ذات يوم، فقد كان واقفاً في المسجد فجاء طفل صغير فقال: يا أبا عبد الله ! ألا تركع، فأحرم مالك وركع، فلما سلم اجتمع الناس عليه وقالوا: يا أبا عبد الله ! لقد ركعت هاتين الركعتين، وما رأيناك ولا أحداً من ولدك يركعهما، فقال: خشيت أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون. لقد أمره هذا الصبي الصغير أن يركعهما.

    كذلك فإن أحمد بن حنبل رحمه الله كره المواظبة عليهما، وقد صلاهما مرة حين روى الحديث.

    ثم بعد المغرب ركعتان وهما من آكد الرواتب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما في بيته كما في حديث ابن عمر ، وقد ذهب الشافعية إلى كراهة صلاتهما في المسجد، بل ذهب بعضهم إلى أن صلاتهما في المسجد معصية، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على صلاتهما في بيته.

    وكذلك ركعتان خفيفتان بعد العشاء إذا رجع الإنسان إلى بيته بعد صلاة العشاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع ركعتين خفيفتين، وربما أخرهما فافتتح بهما صلاة الليل، فقد كان يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين قبل أن يصلي أربعاً طوالاً، لذلك جاء في حديث عائشة في وصف قيام النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان يصلي ركعتين خفيفتين، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يركع)، وفي حديث ابن عمر : (صلاة الليل مثنى مثنى)، وفي رواية الموطأ: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، فهذا الأصل في النوافل، لكن مع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع تسعاً بسلام واحد، وجمع سبعاً بسلام واحد، وجمع خمساً بسلام واحد، وجمع ثلاثاً بسلام واحد، وهذا وتر النبي صلى الله عليه وسلم، أوتر بواحدة، وأوتر بثلاث، وأوتر بخمس، وأوتر بسبع، وأوتر بتسع، وكذلك جمع بين أربع بسلام واحد، وكل هذا على الجواز.

    فهذه هي الرواتب، ويضاف إليها غيرها من النوافل، وهي مثلاً: قيام الليل، وهو ما تيسر مطلقاً، وليس محدداً بعدد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل أو إحدى عشرة ركعة، وكذلك صلاة الضحى التي حض عليها النبي صلى الله عليه وسلم حضاً بالغاً، وأكثرها ثمان، وأقلها أربع أو اثنتان، وهما ركعتا الشروق، واثنتان وقت ارتفاع الشمس، وهي صلاة الأوابين حين ترمض الفصال فيكون الجميع أربعاً، وأوسطها ست، فهذه هي أهم النوافل.

    أما قضاء النافلة في غير وقتها فقد جاء فيه أن رجلاً من الأنصار صلى بعد صلاة الفجر فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (يافلان: ماذا تصلي؟ فقال: ركعتا الفجر شغلت عنهما بالصلاة فسكت)، وهذا معارض لحديث ابن عباس في الصحيحين أنه قال: (شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر بن الخطاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب) ولذلك فإن المالكية والحنفية تركوا حديث ابن عباس على إطلاقه حين عملوا بالترجيح قبل الجمع، وذهب الشافعي و أحمد إلى الجمع قبل الترجيح، فرأيا إخراج ذوات الأسباب من حديث ابن عباس قياساً على ركعتي الفجر، والاحتياط أن يؤخر الإنسان الصلاة حتى ترتفع الشمس؛ لأن في الباب أحاديث أخرى كحديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه، وحديث ابن عمر في الساعات التي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيها، أو أن نقبر فيها أمواتنا.

    أما إذا جاء الإنسان بعد أن صلى الرغيبة فدخل المسجد فقد جاء في حديث أخرجه الدارقطني في السنن، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتيه -وفي رواية- إلا ركعتين)لكن الحديث فيه ضعف، ومع ذلك فقد عمل به بعض العلماء، فرأوا كراهة الصلاة بعد صلاة الرغيبة، لكن إذا جاء الإنسان قبل الصلاة ووجد الناس ينتظرون الصلاة، فلابد أن يحيي المسجد لحديث أبي هريرة : (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).

    1.   

    جواز خروج المرأة للبيع والشراء في العدة

    السؤال: هل يجوز للمرأة إذا كانت في العدة أن تمارس التجارة وتمارس الذهاب إلى السوق؟ وهل يجوز لها الكلام مع الأجانب ؟

    الجواب: يجوز لها كل ذلك, ولكن يجب عليها أن تبيت في مكانها، ويحل لها الخروج لحاجاتها طرفي النهار لكن لا بد أن تسكن في مكانها، لقول الله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ[الطلاق:1].

    وأما الكلام مع الأجانب فيجوز لها منه ما كان يجوز لها قبل أن تكون في عدتها، ولم يحرم عليها بطلاقها أو بموت زوجها من الكلام مع الأجانب شيء إلا ما كان حراماً عليها من قبل، فخلطة الأجانب كانت محرمة عليها في كل ما كان فيه ريبة، لكن مخالطتهم بالبيع والشراء دون ريبة كانت تجوز لها في حياة زوجها، وهي زوجة قبل طلاقها، ولم يطرأ عليها شيء بعدتها.

    1.   

    حكم مسح العين بالريق عند قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله

    السؤال: عندما قال المؤذن: محمد رسول الله، رأيت رجلاً بل إبهامه وسبابته بالريق ومسح بهما على عينيه، ورأيته لما قال المؤذن: لا إله إلا الله، تفل في يده اليمنى ومسح على رأسه، فهل لهذا أصل أم هو بدعة؟

    الجواب: هذا لا أصل له، وإنما يعتمد فيه الناس على رؤيا رآها رجل في النوم، وهذه المرائي تسر ولا تغر، ولا يمكن أن تؤخذ منها الأحكام، ولا أن يعتمد عليها في مثل هذا، فعلى الناس أن يتركوا هذا، وأن لا يفعلوه، لأنه لو كان خيراً لجاءنا به محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن قاعدتنا الشرعية: (لو كان خيراً لسبقونا إليه)، وهي ضد قاعدة الكفار الذين قالوا: لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ[الأحقاف:11] فنحن نقول: (لو كان خيراً لسبقونا إليه)، وكل خير لم يسبقنا إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس خيراً، وكل عمل لم يسبقنا إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس خيراً، وكذلك الذي يبصق في يده ويمسح على رأسه، فلا دليل على هذا، ولا ينبغي أن يفعل.

    1.   

    توجيه لمن أراد أن يكون عالماً

    السؤال: كيف أكون عالماً، أريد التوجيه منكم والنصيحة، وأريد أن تدلوني على الطريق الذي أصير به عالماً من علماء السنة؟

    الجواب: لقد دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق العلم، فيما أخرج عنه البخاري تعليقاً في الصحيح، وأخرجه ابن أبي عاصم النبيل في السنة متصلاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم)، فمن أراد أن يكون عالماً؛ فلا بد أن يتعلم، ولذلك فالعلم خمس رتب:

    فالرتبة الأولى: إحسان الاستماع له؛ أن يملك الإنسان سمعه عند العلم حتى يستمع إليه.

    الثانية: الفهم لما يسمع.

    الثالثة: العمل بما سمعه وفهمه.

    المرتبة الرابعة: الحفظ لما سمعه وفهمه وعمل به.

    المرتبة الخامسة: النشر لذلك وتعليمه.

    فهذه خمس مراتب بها يكون الإنسان عالماً، فمن لم يعمل بواحدة منها لم ينل هذه المرتبة.

    1.   

    حكم عيادة المرأة للمريض الأجنبي

    السؤال: هل يجوز للمرأة عيادة المريض إذا كان أجنبياً؟

    الجواب: نعم، يجوز لها أن تعوده، وقد أخرج البخاري في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها عادت بلال بن رباح رضي الله عنه في مرضه في الهجرة، وعقد البخاري على هذا باباً لعيادة المرأة للأجنبي، لكن عيادتها هي أن تقول له: كيف تجدك؟ كما قالت عائشة لـبلال رضي الله عنهما، فيجوز للمرأة عيادة الأجنبي، لكنها لا تمس جسده، وإنما تقول له كيف تجدك، وتدعو له، وهذه هي فائدة العيادة: أن يدعو الإنسان للمريض، وأن يخفف عنه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في عيادته، فيقول: (لا بأس طهور)، ويذكر الإنسان بأجر الصبر والبلاء، ويخفف عنه بذلك، وهذا لا خلاف فيه، ولا خلاف في جواز عيادة المرأة للمريض الأجنبي، وكذلك عيادة الرجل للأجنبية من الأمور الجائزة، فيعودها لكن لا يرى ما لا يجوز له رؤيته، ولا يسمع إلا ما يجوز له سماعه، بل يأتي ويسلم ويقول: كيف تيكم؟ أو كيف حالها؟ أو كيف أنت؟ ويدعو لها أيضاً، ويخفف عنها.

    1.   

    قراءة الفاتحة للمأموم

    السؤال: هل الأفضل بعد انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة جهراً أن يقرأ المأموم أم الأفضل له أن يسكت؟

    الجواب: الأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج) فالأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة لكن عليه أن يقرأ بها في نفسه، كما أخرج مالك في الموطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (اقرأ بها في نفسك يا فارسي) فعلى الإنسان أن يقرأ بها احتياطاً، فإن سكت الإمام فبها ونعمت، وإذا لم يسكت فليبادر الإنسان ليقرأ الفاتحة، لذلك قال عروة بن الزبير رضي الله عنهما: إن للإمام ثلاث سكتات فاجتهد أن تقرأ فيها الفاتحة، أو أن تكمل فيها الفاتحة، والسكتة الأولى بعد الإحرام قبل القراءة، والثانية بعد الفاتحة قبل السورة، والثالثة بعد السورة قبل الركوع.

    ولا إشكال بالنسبة للمأموم فإنه لا يقرأ السورة، وإنما يقرأ الفاتحة فقط، لكن يقرأ بها في نفسه، وهو بهذا لن يفوت الإنصات؛ لأنه أنصت للفاتحة، وأنصت لما أدرك من السورة أيضاً.

    أما بالنسبة لحكم هذه السكتات فإنها غير واجبة، بل السكتة بعد الفاتحة لا نعلم فيها شيئاً مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي من هدي الصحابة والخلفاء الراشدين، فقد كانوا يفعلونها.

    1.   

    من أدرك الثانية والإمام في القنوت

    السؤال: من أدرك الركعة الثانية من الصبح ووجد الإمام يقرأ القنوت فهل يقرؤه معه أم يقرأ الفاتحة؟ أم ماذا يفعل؟

    الجواب: يجب عليه أن يقرأ الفاتحة؛ لأن الإمام حينئذ لا يقرأ القرآن وإنما أمر المأموم بالإنصات للقرآن فقط، لقوله تعالى: إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[الأعراف:204] ، وقد أجمع أهل التفسير أن المقصود بذلك ما كان في الصلاة.

    وبالنسبة للقنوت نفسه فليس واجباً والحمد لله، وإنما اختلف في حكمه، فيرى الشافعي سنيته، وأن من تركه لزمه السجود، ويرى المالكية سنيته، وأن من تركه لا يلزمه السجود، ويرى الحنابلة والحنفية مشروعيته عند الحاجة فقط وعدم مشروعيته في غير ذلك.

    1.   

    حكم قول: ما شاءت الأقدار

    السؤال: ما حكم الكلمات الشائعة، وهل لها أصل شرعي وهي: (ما شاءت الأقدار)، (فوافق القدر)؟

    الجواب: إن القدر لا يشاء، وإنما يشاء الله سبحانه وتعالى، فالقدر صفة من صفات الله سبحانه وتعالى فينبغي للإنسان أن يتأدب بالأدب الشرعي، وأن يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، كما أمر الله بذلك، وكما حكاه الله في كتابه، وكما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا ما يقوله بعض الناس: يقول القرآن، أو قال القرآن، فالقران قول وليس قائلاً، فعليه أن يقول: قال الله أو يقول الله، ولا يقول: قال القرآن، وأما القسم بالقرآن فجائز لأن القرآن كلام الله.

    1.   

    حكم قول: سمحت الظروف ولم تسمح

    السؤال: حكم قول: سمحت الظروف أو لم تسمح الظروف؟

    الجواب: قول: شاءت الظروف وسمحت الظروف مما لا ينبغي، لأن الظروف هي الأزمنة. والزمان كان أهل الجاهلية يطلقونه على قدر الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الدهر) فنهى عن سب الدهر؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يطلقونه على القدر، فلهذا لا ينبغي للإنسان أن يأخذ بعادة من عادات أهل الجاهلية.

    1.   

    النهي عن سب الدهر

    السؤال: لماذا نهى الشرع عن سب الدهر؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تسبوا الدهر) والمقصود به: القدر؛ لأن الناس إذا قالوا: هذا الدهر سيء، أو مكائد هذا الدهر عجيبة، وبدءوا يسبون الدهر، فإنهم يصلون بذلك إلى الاعتراض على قدر الله وقضائه.

    1.   

    حكم قول: (صدق الله العظيم) بعد تلاوة القرآن

    السؤال: ما حكم كلمة (صدق الله العظيم) بعد تلاوة القرآن؟

    الجواب: هذه الكلمة إذا كانت بعد خبر، فإنها مطلوبة من الإنسان، لقول الله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ[آل عمران:95] أما إذا كانت بعد أمر، أو إنشاء فلا تطلب لأن الأمر لا يحتمل الصدق والكذب، فإذا كان القارئ يقرأ قصة من قصص القرآن، أو خبراً من أخبار الله سبحانه وتعالى التي أخبر بها، فله أن يقول بعدها: (صدق الله العظيم).

    أما إذا قرأ أمراً: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ[الطلاق:7] فقال: (صدق الله العظيم)، فهذا ليس محتملاً للتصديق أصلاً.

    فإذاً لابد أن يفرق الإنسان بين المقروء، فإن كان خبراً صدقه وشرط عليه ذلك ولزمه. وإن كان إنشاء، فالإنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب أصلاً. فلا يشرع بعده أن يقول: صدق.

    1.   

    الحكم بصحة مؤلفات رشيد رضا

    السؤال: ما هي صحة الكتب التالية للشيخ رشيد رضا : محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق ، وسيرة عمر ، وسيرة عثمان ، وسيرة علي ؟

    الجواب: بالنسبة لهذه الكتب كلها يؤخذ منها ويرد، ولا يمكن أن يحكم على كتاب بأن كل ما فيه خطأ وباطل، ولا أنه صواب؛ لأن الشافعي رحمه الله حين ألف الرسالة سلمها إلى الربيع بن سليمان المرادي ، فقال: يا ربيع خذ هذا الكتاب على خطأ كثير فيه، قال: قلت: يا أبا عبد الله ! أصلحه لنا، قال: كيف وقد قال الله تعالى: لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا[النساء:82] أبى الله العصمة إلا لكتابه، وكل الكتب غير كتاب الله لابد أن يكون فيها شيء من الأخطاء.

    1.   

    حكم الأخذ بما في تفسير الصاوي وتفسير الخازن من شطحات وإسرائيليات

    السؤال: ما حكم اعتماد ما في تفسير الصاوي و الخازن من شطحات وإسرائيليات؟

    الجواب: الصاوي ليس له تفسير مستقل، إنما له حاشية على تفسير الجلالين، وهذه الحاشية إنما هي منطبعة بتخصصه هو، وقد كان رحمه الله موغلاً في التصوف، وفي ثقافة أهل زمانه، ولذلك أتى بشطحات كثيرة، وبأمور مخالفه، حتى رد بعض الأحاديث الصحيحة بمجرد عادات، فلذلك لا يؤخذ بما خالف الشرع مما أتى به، ويلتمس له هو العذر، ويستغفر له مثل غيره من علماء المسلمين، ونسأل الله أن يغفر لهم أجمعين.

    كذلك بالنسبة لتفسير الخازن مثله، إلا أن الخازن رحمه الله، حاول جمع الكثير من قصص الإسرائيليات اعتماداً على أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فأتى بكثير من قصص بني إسرائيل، وبعضها مخالف قطعاً، ولا ينبغي الإتيان به، مثل: أن الشجرة كانت تأكل منها الملائكة، ونحو ذلك من الأمور التي يستنكرها العقل وتخالف الشرع بالكلية، فهذا النوع من الحكايات ينبغي أن تنزه عنه الكتب، ولذلك قال القرطبي رحمه الله في مقدمة تفسيره: أنه خلص كتابه من الإسرائيليات التي تخالف الوحي والعقل.

    1.   

    العمل الصالح طريق إلى الجنة

    السؤال: أنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[الأعراف:43] يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله) السؤال: عن الجمع بين النصوص ؟

    الجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لن يدخل أحد الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) والمقصود هنا بقوله: (بعمله) أي: في مقابل عمله، والنصوص الواردة في أن الجنة جزاء بما كانوا يعملون، ونحو ذلك في القرآن كثير، والمقصود: بسبب ما كانوا يعملون. فالباء في الآيات سببية، والباء في الحديث جزائية بدلية، فبينهما فرق كبير من ناحية المعنى، فالجنة لا يستحقها الإنسان بالعمل، لأن العمل مقابل للنعمة.

    وانظر هل تستطيع أن تعوض نعمة واحدة من نعم الله عليك بعملك؟!

    نعمة الإيمان وحدها.. نعمة الجوارح.. نعمة التوفيق للعبادة، فأنت لا يمكن أن تعبده إلا إذا أنعم عليك بالتوفيق لذلك، وإذا أعانك على تلك العبادة، فلن تستحق الجنة أبداً بعملك، لكن طريق الجنة وسبب دخولها هو هذا العمل: (اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له) فالعمل سبب لدخول الجنة وليس بدلاً للجنة؛ لأنه ناشئ من النعم.

    1.   

    القول بدوران الأرض

    السؤال: ما هو رأي أهل السنة في دوران الأرض، وما يترتب على ذلك من حساب للزمن وقياسات هندسية أرضية ومائية؟

    الجواب: هذه المسألة ليس فيها نص من كتاب ولا من سنة صريح، لا نص مثبت ولا نص معارض، وإنما يفهم من بعض النصوص دوران الأرض، كقول الله تعالى بعد أن ذكر الأرض وغيرها من الكواكب: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[يس:40] وكذلك قال: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ َ[النحل:15] ، وقال: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ[الأنبياء:30-31] فمعناه: أن من طبعها الميدان، ,وأنها قابلة لذلك، لكن هذا من دلالات تفهم فقط وليس من النص، ومن هنا فلم يرد في القرآن نص على كروية الأرض ولا على دورانها ولا في السنة، بل هذا من الأمور العادية ينظر فيها إلى ما أثبتته العادة، فإن أثبتت شيئاً في ذلك أخذ به، ولا منافاة بينه وبين النص، وإن لم تثبته فلا حرج؛ لأنه ليس مما يجب الإيمان به وليس مما يتوقف عليه شيء يتعلق بالدين، ونفس الشيء بالنسبة للشمس، أخبر الله أنها تجري لمستقر لها.

    1.   

    حكم مصافحة النساء الأجنبيات

    السؤال: هل توجد رخصة لإخراج النساء المسئولات في الدولة عن دائرة الإثم المترتب على مصافحة الضيوف، وكذلك بالنسبة للمسئولين في مصافحة الضيوف من النساء؟

    الجواب: إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[النور:30] ويقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ[النور:31] فمخالطة الأجانب أعظمها مخالطة الفروج، وأدناها مخالطة البصر، وقد حرم الله الطرفين، فدل هذا على تحريم ما بينهما.

    وهذا ليس من القياس وإنما هو من مفهوم الموافقة، ومفهوم الموافقة هو أن يكون المسكوت عنه موافقاً للحكم، وأن يكون أولى بالحكم منه، فالمصافحة أولى بالتحريم من مجرد النظر، فإذا كان النهي عن النظر نصياً في القرآن، فالمصافحة أولى منه بذلك، ولذلك قال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[النور:30] وهذا أدنى شيء في مخالطة النساء: وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ[النور:30] وهذا أعلى شيء في مخالطة النساء، فذكر الحدين وذكرهما مقتض لتحريم ما بينهما، فلذلك تحرم المصافحة مطلقاً، وهذا نص بين، ولا يحل استباحته بالوظيفة، لأن الوظيفة ليست إلجاء ولا ضرورة، بل ليس الإنسان مضطراً لأن يعمل في هذه الوظيفة أصلاً، فيمكن أن يعيش بالاحتطاب، ويمكن أن يعيش بالبيع والشراء، ويمكن أن يكتسب مما جعل الله في الأرض من أنواع المعايش التي يعيش منها الناس.

    والشيطان هو الذي يخيل للإنسان أنه مضطر لمثل هذا، وأعرف أحد العلماء كان وزيراً فكان إذا اضطر لمصافحة الكفار الرجال لا يصافحهم إلا بشماله، وفي لقاءات مع بعض الرؤساء الكبار، كان يظهر كأنه يأخذ شيئاً في فمه بيمينه ثم يصافحهم بشماله، فكان أصحاب التشريفات يسألون: هل هو محب للشيكولاته، أو (للعلكة)، لأنه يمسك بيمينه شيئاً كأنه يخرجه من فمه، ويصافح الرئيس بشماله، وذلك أن الشمال هي التي جعلها الله تعالى للقذر، والكفار قذر، فلا يصافحهم إلا بشماله، ومع ذلك مكث في الوظيفة فترة طويلة حتى تركها ولم يصافح قط كافراً بيمينه، ولم يصافح امرأة قط ولا اقترب من ذلك، وما اضطر إلى شيء ولا نقصه أي شيء في هذا.

    1.   

    الاختلاف في القبض والسدل في الصلاة

    السؤال: ما قول المالكية في القبض -الضم- والسدل في الصلاة، وما هي أدلتهم في هذا؟

    الجواب: قبض اليدين هو جعل اليد اليسرى على الصدر وإمساكها باليمين، وجعلها فوقها، وهذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة في الصلاة، وقد وردت فيه ثمانية أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    أما السدل فهو إرسال اليدين إلى الجنبين، وهذا لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً، لكنه ثبت عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فيما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح، وثبت كذلك عن عدد من التابعين منهم: سعيد بن المسيب ، وعكرمة عن ابن عباس ، وأبو العالية ، وقتادة بن دعامة ، ومحمد بن كعب القرظي.

    ولذلك اختلفت الرواية عن مالك رحمه الله، فقد وجد كثيراً من علماء المدينة على السدل، لأن سعيد بن المسيب وهو إمام التابعين في المدينة، كان يسدل يديه، وكذلك عكرمة ، و محمد بن كعب القرظي ، وأبو العالية ، وكذلك ما ثبت عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله بن الزبير بن العوام .

    الرواية المشهورة عن مالك ، التي رواها أصحابه جميعاً، هي رواية القبض، وهي التي ذكرها في الموطأ، وهي الأقوى دليلاً لأنها يعضدها ثمانية أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    أما الرواية الأخرى وهي السدل، فقد رواها عنه ابن القاسم في المدونة، واشتهرت لأن المدونة أشهر كتب المالكية، ومع ذلك فلم يكن ابن القاسم في حكايتها صريحاً بل أتى بها في باب الاعتماد والاتكاء في الصلاة، قال: وسألته عن الرجل يجعل يمينه على شماله على صدره أو على نحره في الصلاة، فقال: لا أعرفه، وهذا في باب الاعتماد والاتكاء في الصلاة، ولذلك اختلف المتأخرون في تأويل ما ذكره ابن القاسم في المدونة، لأن ابن القاسم روى في الموطأ عن مالك القبض، وكذلك كل أصحاب مالك ، وقد روى عنه الموطأ تسعمائة رجل، وكلهم رووا عنه القبض.

    فالذي يريد أن يتجاهل السدل بالكلية، يقول: ما قصد ابن القاسم هنا سدل اليدين في مقام القبض، وإنما أتى به في باب الاعتماد والاتكاء في الصلاة، وهذا في الواقع غلط، لأنه لا شك في أن بعض أهل المدينة كانوا يسدلون قبل مالك ، ولا شك أن السدل كان معروفاً في المدينة في أيام التابعين، فلهذا أرى أن الأمر اختلفت فيه الرواية عن مالك بسبب الاختلاف الوارد عن السلف، وقد كان مالك رحمه الله يحب العمل، فيعرض النصوص على العمل لأن العمل هو معيار النسخ، ولذلك تردد مرة فرأى السدل، ورواه عنه ابن القاسم .

    وأما ما أخرجه مالك في كتابه الذي لم يضع فيه شيئاً حتى يستخير الله فيه، وكان كلما شك في شيء أنقصه، فهو القبض، فقد أخرجه في موطئه وقال: ماكان لله فسيبقى، ولهذا فهو أقدم كتاب لدى المسلمين اليوم، وقد اعتنى به مالك عناية شديدة، وكل ما شك فيه حذفه منه، وقد بقي فيه القبض إلى زماننا هذا يحفظه الناس.

    وحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه فيه القبض، وكذلك حديث مالك بن الحويرث وكذلك حديث جابر ، وحديث أبي وائل ، وكذلك حديث ابن مسعود في جعل يده اليسرى على يده اليمنى فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأحاديث في هذا ثمانية صحيحة.

    أما رواية مالك لحديث القبض فإنما أخرجه من رواية أبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق ، وهو رجل ضعيف، لكنه غر مالكاً بحسن صلاته، ولم يرو مالك في الموطأ عن ضعيف إلا هذا الرجل، وجميع أحاديث القبض صحيحة ليس فيها كلام، وإنما تُكلم فقط في الحديث الذي أخرجه مالك في الموطأ من طريق عبد الكريم بن أبي المخارق وقد روي من غير طريقه وهو صحيح من غير هذا الوجه.

    1.   

    الضمان على سائق السيارة دون مالكها والتأمين حرام

    السؤال: رجل له سيارة نقل وسلمها إلى سائق أجير يعمل فيها، واصطدمت بسيارة أخرى ومات السائق، أو انقلبت به فمات السائق، فعلى من تكون الجناية؟ وهل دية السائق تلزم مالك السيارة أو لا؟ وهل هناك ما يتعلق بالتأمين؟

    الجواب: هذا السائق جنى على نفسه فديته على عاقلته هو وبني عمه، وليست على مالك السيارة ولا على عاقلة مالك السيارة، وإنما مات هذا الرجل خطأً، ولا هدر في الإسلام؛ فديته على عاقلته.

    وأما صاحب السيارة فليس عليه ضمان في شيء مما يحصل؛ سواء بموت الأشخاص أو بما أتلفته من غير ذلك، فهو غير مسئول عن شيء من ذلك أصلاً، لأنه ليس هو المتصرف إنما المتصرف السائق، فكل ما أتلف فجنايته خطأ على عاقلة السائق.

    أما التأمين فقد سبق السؤال عنه على هذا المنبر، وذكرنا حرمته وأنه لا يتوقف عليه أي شيء شرعاً، وأن الله سبحانه وتعالى بين أقدس المبادئ القانونية وأقدمها في قوله: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى[النجم:36-41] وأن التأمين ظلم سافر، لقول الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: قالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ[يوسف:79].

    فلذلك هو ظلم بنص القرآن، وهو مخالف لهذه القاعدة التي هي: شخصية الجريمة، والتي هي أقدس المبادئ القانونية وأقدمها شرعاً، وهي منزلة على إبراهيم وموسى.

    كذلك هو مقتض لجراءة الناس على الإتلاف والتعدي، فلهذا إذا اضطر الإنسان إليه فليجعله من باب الإكراه ولا يتوقف عليه أي شيء، ولا يأخذ شيئاً من شركة التأمين، ولا بينه وبينها أي علاقة، والرجل إذا جنى هو فجنايته على نفسه إذا كان متعمداً، أو على عاقلته إذا كانت جنايته خطأ.

    وكذلك إذا حصلت حوادث وأصيب أناس فعلاجهم إذا كانت الجناية واقعة بالخطأ من السائق على عاقلته وليس على مالك السيارة منها شيء.

    1.   

    حكم الخروج بالعباءات المزركشة للنساء

    السؤال: ما حكم العباءات النسوية المزركشة المزخرفة والخروج بها، وهل ذلك من التبرج؟

    الجواب: لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم النساء إذا خرجن إلى المساجد أو خرجن لحوائجهن أن يخرجن غير متعطرات ولا متزينات، بل قال ( وليخرجن إذا خرجن تفلات)، وقال: (أيما امرأة تعطرت وخرجت من بيتها فهي زانية) وعلى هذا فلا يحل للمرأة أن تلبس لباس الزينة فتخرج به، والعباءات المزركشة المزينة إذا كانت زينة واضحة بارزة فهي داخلة في قول الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ[النور:31] فلا يحل لها إظهارها، إلا إذا كانت الزركشة والزخرفة شيئاً يسيراً لا يؤبه له، أو كان مما جرت به العادة فلم يعد زينة لدى الناس، أما إذا كان ذلك مما يتزين به فلا يحل لها الخروج به.

    1.   

    حكم لبس المرأة للثياب الملونة

    السؤال: ماحكم اللباس الملون للمرأة؟ وهل صحيح أنه ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أن اللباس الملون من التبرج؟

    الجواب: جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى[الأحزاب:33] . قال: كن يلبسن الرقيق الملون من الثياب، فليس التلوين وحده منهي عنه وإنما هو منهي عنه إذا كان معه الرقة التي تشف عما تحتها، فإذا حصلت الرقة فهذا هو التبرج، سواء حصل التلوين أو لم يحصل.

    وقوله: (الملونة من الثياب)، هذا من باب حكاية الحال لما كان عليه نساء الجاهلية ولا يقتضي ذلك تحريم التلوين في حد ذاته، بل لباس المرأة يجوز في كل لون على الراجح، وقد ذهب ابن القيم رحمه الله إلى حرمة لبس الحمرة بالنسبة للنساء، واعتمد في ذلك على أحاديث، لكن لا أرى هذا الذي ذهب إليه، فلا أرى تحريم التلوين في الثياب، لكن ما كان منها زينة لافتاً للانتباه مقتضياً لأن يتابعه الإنسان ببصره، فهذا يحرم على المرأة الخروج فيه من بيتها، وما كان معتاداً كالألوان المعتادة عند الناس التي لا تقتضي لفت انتباه أو متابعة نظر، فلا حرج في الخروج بها.

    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767417797