الحمد لله رب العالمين، حمداً طيباً مباركاً، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة, والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وأعاننا على الكمال والتمام.
السؤال: هل توجد زكاة على المعاش، علماً بأن هذا المعاش قليل, وأنا أستفيد منه كل عدة شهور، أحياناً قد تصل إلى أكثر من سنة؟
الجواب: صورة السؤال بأن أخانا كان يعمل في مرفق ما إلى أن أحيل إلى التقاعد, وفرض له معاش، ثم بعد ذلك انتقل إلى السعودية عاملاً أو غير عامل، وهذا المعاش قد يتجمع شهوراً، وربما يبلغ به الحال سنة فيأتي فيأخذه دفعة واحدة.
نقول يا أخي! بارك الله فيك: عند حلول حولك، يعني: لو فرض بأن حولك في هذا اليوم في الحادي عشر من رمضان فإنك تحصي ما عندك من مال، وتضيف ما عندك مما توافر من هذا المعاش, فإذا كان بالغاً نصاباً فإنك تخرج عنه ربع العشر.
أما إذا كان عند حلول حولك لا يوجد شيء من هذا المعاش أو أن الموجود مع ما ينضم إليه من مال آخر لا يبلغ نصاباً فليس عليك زكاة, والعلم عند الله تعالى.
السؤال: هل يصلي المنفرد صلاة التراويح جهراً أم سراً؟
الجواب: السنة أن تكون جهراً، نوافل الليل يجهر بها، صلاة القيام تكون جهراً.
السؤال: إذا لم أغتسل من الجنابة واستيقظت مع الصبح، هل صومي باطل؟
الجواب: لا, بل صومك صحيح إن شاء الله، وتغتسل وتصلي الصبح،؛ لما ثبت من حديث عائشة و أم سلمة رضي الله عنهما: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من أهله فيغتسل ويصوم ).
السؤال: هل صلاة التراويح تسقط سنة العشاء؟
الجواب: لا, لأن سنة العشاء راتبة، وصلاة التراويح، هذه مقصودة لذاتها، وهذه مقصودة لذاتها.
السؤال: أنا بعد انقطاع الحيض تأتيني كدرة لمدة ثلاثة أيام, هل أصوم هذه الأيام؟
الجواب: إذا كانت أيام الكدرة هذه متصلة بأيام الحيض فلا تصومي؛ لأن الطهر لم يحصل بعد، أما إذا كانت تأتي في غير أوان الحيض غير متصلة به، فصومي ولا تعبئي بها.
السؤال: ما حكم الألفاظ التي تقال في التراويح؟
الجواب: لا أدري أي الألفاظ تقصد، إذا كنت تقصد قول بعضهم: صلاة القيام أثابكم الله، فلا حرج فيها إن شاء الله، فهذا إعلام للناس بأن الإمام قد قام للصلاة.
وأما إذا كنت تقصد بالألفاظ دعاء القنوت فهذا أيضاً مسنون، وإذا كنت تقصد بالألفاظ أن الناس بعد الركعتين، في أثناء الترويحة، بعضهم يقرأ قرآناً، وبعضهم يستغفر، وبعضهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يدعو ونحو ذلك فأيضاً لا حرج في ذلك إن شاء الله.
أما إذا كنت تقصد القراءة الجماعية والدعاء الجماعي فهذا ليس من السنة.
السؤال: إذا ارتكب شخص كبيرة في نهار رمضان, فهل يقبل منه بقية أيام رمضان؟ وما هي كفارته وكيفية هذه الكفارة لو كانت صياماً أو إطعاماً؟
الجواب: إذا ارتكب الشخص كبيرة، وهو يقصد بها فاحشة الزنا في نهار رمضان، فإنه يلزمه ثلاثة أمور:
أولها: التوبة إلى الله عز وجل.
ثانيها: يقضي مكان هذا اليوم يوماً.
ثالثها: يكفر بصيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من طعام، هذا الذي جاءت به سنة نبينا عليه الصلاة والسلام. أما بالنسبة لبقية الأيام من رمضان فإنها تقبل إن شاء الله إذا صمتها صوماً شرعياً صحيحاً.
السؤال: السحور يزعج معدتي, فأكتفي بشرب الماء فقط، هل يصح هذا؟
الجواب: نعم يصح، السحور تحصل به البركة بأي شيء، سواء كان طعاماً أو شراباً, ولو جرعة ماء.
السؤال: هل دهن الشعر يفطر؟
الجواب: لا يفطر؛ لأن الرأس ليس من المنافذ الموصلة إلى الجوف.
السؤال: أخي سكران، لا يصوم رمضان، ولا يصرف على أولاده، ويأكل حق المواريث.
الجواب: يغفر الله له, هذه تهم أربع، وكل واحدة منها كاف، فكونه سكران والعياذ بالله في نهار رمضان قد أتى موبقتين، فهو شرب الخمر التي هي أم الخبائث, وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاربها، ثم إنه ينتهك حرمة هذا الشهر.
وكونه لا يصوم رمضان هذه مصيبة أخرى، ولا شك أن الإنسان إذا أفطر في رمضان من غير عذر فإن المسلمين ما زالوا يظنون به الانحلال والزندقة؛ كما قال ابن حزم رحمه الله، أو كما قال الذهبي .
وكونه لا يصرف على أولاده، وهذه أيضاً مخالفة؛ لأن الله أوجب على الرجل أن ينفق على أولاده، على الذكر حتى يبلغ مبلغ الرجال ويستغني، وعلى الأنثى حتى تتزوج.
وكونه يأكل حق المواريث، هذه أيضاً مصيبة، قال الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ[البقرة:188].
السؤال: سيدة مريضة لم تصم رمضان منذ سنتين، ولها ابن تعرض لحادث سير شديد فلم يستطع الصيام من أربع سنوات، مع العلم بأنهما لا يستطيعان الصيام حتى الآن.
الجواب: هذا مرجعه إلى الطبيب، فإذا حكم الطبيب بأن هذه الأعذار إلى زوال إن شاء الله، فإنهما يصبران حتى يشفيا فيقضيا، وأما إذا حكم الطبيب بأن هذا الداء مزمن، وأنه لا فكاك منه ولا علاج له فإنهما ينتقلان إلى الإطعام، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً، لكل مسكين مد من طعام، والمد يعادل سبعمائة وخمسين جراماً، يعني: كيلو إلا ربع.
السؤال: أيجوز لي خصم ما أتصدق به في أيام رمضان من حساب زكاة الفطر بنية ذلك؟
الجواب: نعم يجوز، إذا كنت تخرجها في الوقت، يعني: قبل العيد بيوم أو يومين فلا حرج إن شاء الله، أو على قول بعض أهل العلم ممن أجاز إخراجها من بعد النصف من رمضان فلا حرج.
السؤال: هل يجوز أن نقوم بجمع زكاة الفطر في الغربة وإرسالها للمحتاجين في السودان؟
الجواب: نعم يجوز إن شاء الله.
السؤال: ما حكم العادة السرية في نهار رمضان؟
الجواب: العادة السرية ممنوعة في رمضان وفي غير رمضان، وهي من الذنوب التي لا ينبغي للناس أن يتلبسوا بها، وأسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.
ومن وقع فيها في نهار رمضان فعليه القضاء والكفارة؛ لأنها في معنى الجماع، يلزمه أن يقضي مكان اليوم يوماً، وأن يكفر بصيام شهرين متتابعين.
السؤال: ما حكم استعمال العطور في رمضان؟
الجواب: لا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( حبب إلي الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة)، ولم يمنع من الطيب كما منع من النساء، والنساء ممنوع إتيانهن بنص القرآن، قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ[البقرة:187]، ففهم من الآية أن يوم الصيام لا يحل فيه الرفث إلى النساء، ولو كان العطر مفسداً لنبه على ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.
السؤال: هل يجوز أن أسمي ابني عبد الإله؟
الجواب: نعم, فربنا جل جلاله هو الإله، وفي الحديث: ( اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد، الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)، وفي القرآن: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [ص:65]، فالإله من أسماء ربنا جل جلاله.
السؤال: إذا صلى الإمام العصر جهراً، هل يسجد قبل السلام أم بعده؟
الجواب: يسجد بعد السلام؛ لأن الجهر في محل السر زيادة.
السؤال: ما حكم العادة السرية، هل هي زنا؟
الجواب: لا, ليست زنا، بل هي دونه لكنها حرام.
السؤال: هل يجوز للمرأة غير الطاهرة أن تحصن نفسها بالقرآن؟ وما هي طريقة التحصين؟
الجواب: نعم يجوز، تقرأ وتتفل، ثم تقرأ وتتفل.
السؤال: أعمل في أحد البنوك السودانية، ما حكم العمل فيها؟
الجواب: جائز إن شاء الله إذا كان بشروطه، أن تؤدي العمل على الوجه المطلوب، وأن تتقي التفريط، وأن تتقي الربا، وأن تؤدي الحقوق إلى أهلها؛ لأن الربا ممنوع بالقانون.
السؤال: إذا سلم رجل متوضئ على امرأة، هل يبطل الوضوء؟
الجواب: لا, إلا إذا قصد لذة أو وجدها.
السؤال: هل يجوز أن أصلي سنة العشاء ركعتين بعد صلاة العشاء وقبل التراويح؟
الجواب: نعم, بل هي السنة.
السؤال: عندنا في ختمة القرآن عند الوصول إلى سورة الضحى يقولون: الله أكبر بعد كل سورة، ثم يقرءون الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً والفاتحة وبداية البقرة، هل هذه الصفة صحيحة للختمة؟
الجواب: أما التكبير بعد الضحى إلى الناس فهو وارد من رواية عبد الله بن كثير المكي ، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج المكي ، عن عبد الله بن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الإمام الشافعي : هي سنة.
وكذلك قراءة الإخلاص والمعوذتين، ثم الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة من أجل أن يدخل هذا الخاتم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله الحال المرتحل )، الحال المرتحل قالوا: هو الذي كلما ختم ختمة بدأ غيرها, لكن لا تكون جماعة.
السؤال: ما معنى قوله: (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه)؟
الجواب: بمعنى أنه يقرأ القرآن، وفي القرآن: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، وهو ظالم، وفي القرآن: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:23]، وهو يرمي المحصنات الغافلات المؤمنات، وفي القرآن: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ[الأحزاب:57]، وهو يؤذي الله, ويؤذي أولياء الله، ويؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السؤال: هل أؤدي زكاة أبي المتوفى؟
الجواب: نعم, إذا كان الوالد قد وجبت عليه زكاة فمات ولم يؤدها، فيجب على الورثة قبل قسمة التركة إخراجها؛ لأن دين الله أحق أن يقضى.
السؤال: هل يجوز الذبح باليد الشمال؟ وكيف توضع الذبيحة على الجنب اليمين أو الشمال؟
الجواب: إذا كانت قوتك في شمالك ولا تحسن الذبح باليمين فلا حرج أن تذبح بالشمال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قيد, وإنما أمر أن يذكر اسم الله، وأن تفرى الأوداج، وأن ينهر الدم، فإذا حصل هذا باليمين أو بالشمال فالأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
وإذا كنت تستطيع أن تضجعها على جنبها الأيسر، وتستقبل بها القبلة فهذا هو المطلوب، وإلا فأضجعها على جنبها الأيمن لتحسن ذبحها.
السؤال: عندي مال أدخره للزواج، والمال يزيد وينقص، وتأخر زواجي أكثر من ثلاث سنين, كيف أزكيه؟
الجواب: إذا كان بالغاً نصاباً، أخرج منه ربع عشره في حولك.
السؤال: أسالك عن الحجاب هل هو فرض؟
الجواب: إي والله! هو فرض، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، وقال سبحانه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ[النور:31].
السؤال: امرأة زنت ثم تابت توبة نصوحاً واستغفرت، هل يغفر لها؟
الجواب: قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].
المتصل: يا شيخ! أخاف من الرياء، يعني: سئلت مرة: وصلت إلى أي جزء؟ فقلت: وصلت إلى جزء كذا، فهل هذا رياء؟
الشيخ: طيب نجيب عن سؤالك إن شاء الله.
المتصل: اسمح لي يا شيخ! عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أسأل عن امرأة حاضت في اليوم الثاني من رمضان وأفطرت, وهي أصلاً تحيض ثلاثة أيام, فأفطرت يومين، واليوم الثاني لم تتحقق الطهر, فبعد صلاة العشاء اغتسلت وصلت العشاء, ثم صلت صلاة الصبح وقرأت جزءاً من القرآن, ثم جاء موعد صلاة الظهر فوجدت نفسها ليست طاهرة, فقطعت الصيام, فتريد أن تعرف هل عليها شيء أم لا؟ ثم الجزء من القرآن الذي قرأته، هل تعيد قراءته، أم تواصل من حيث وقفت؟
وفي اليوم الرابع كانت تريد أن تغتسل وتصوم، لكن قبل صلاة الصبح لقيت نفسها غير طاهرة, وبعد صلاة الصبح ما وجدت شيئاً، فاغتسلت وصامت اليوم, فهل اليوم هذا محسوب لها أم تقضيه؟
السؤال الثاني: أسأل عن آية في سورة البقرة، وهي قوله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102] , المرأة إذا أرادت أن تحمي بيتها، إذا أحست شقاقاً بينها وبين زوجها بدون أسباب مقنعة, وبدون الرجوع إلى الشيوخ، فكيف تحصن بيتها؟
السؤال الثالث: أسأل عن الاستغفار, يعني: في الحديث: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ) لزوم الاستغفار هل معناه أن يؤدي رقماً معيناً من الاستغفار في اليوم أو بعد الصلوات المفروضة, ثم حين يكون يستغفر هل يستحضر ذنوبه وأعماله قبل الاستغفار، أم يستغفر عن عموم الذنوب؟
الشيخ: طيب!
المتصل: أنا أعمل بمحل تجاري, فلقيت في آخر اليوم في المباع قروشاً مزورة، فهل يجوز لي أن أتعامل بها أم لا؟
الشيخ: طيب! شكراً.
المتصل: يا شيخنا أنا أشتغل في مؤسسة تشتري بضائع ليست كاشاً، وإنما بفاتورة, فتأتينا الفواتير بالزيادة وليس بسعر السوق, فأنا أعمل إجراء استلام، فإن لم يوفوا تكون من المدير وصاحب البضاعة, فهل يكون هذا ربا, ولو كان ربا هل أكون مشاركاً معهم؟
الشيخ: شكراً.
المتصل: عندي سؤال: مثلاً هذا الشيء يكون في السوق بمائة, فأقرضه الرجل لمدة شهرين بمائة وعشرة، هل يجوز؟
الشيخ: طيب، نجيبك.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: عن الإنسان الصائم الذي يسافر كثيراً, وعنده سبل الراحة يعني: السيارة مكيفة وله سواق, وهو يسافر مسافات بعيدة، يعني: مثلاً الخرطوم سنجة، أو الخرطوم الأبيض، أو الخرطوم عطبرة, لكن السيارة مريحة جداً جداً, فهل يحق له أن يفطر؟
السؤال الثاني: أسأل عن ختمة القرآن, يعني: الإنسان بعد أن يختم القرآن يقال له وزع شيئاً، يعني: وزع بلحاً، أو حلويات, هل يجب عليه أن يوزع أو ممكن أن يبدأ بعد الختم في ختمة أخرى مباشرة، وليس عليه شيء؟
السؤال الثالث: أسأل عن معنى الفضيلة, يعني: بعد الأذان تقول: ( اللهم آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة ), وهنا أيضاً أناس يقولون: فضيلة الشيخ، فهل الفضيلة هي نفس الفضيلة، أم لها معنى آخر؟
الشيخ: طيب، نجيبك.
المتصل: شيخنا! أنا قبل سنتين عملت عملية الحصوة، يعني: قبل رمضان الذي مضى, وبعد العملية صمت رمضان، وبعدما صمته جاءني حبس بول فرجعت إلى الدكتور, فقال الدكتور: يا أخي! الحصى هذه رجعت ثانية، وسألني عن الصيام فقلت له: رمضان الذي بعد العملية صمته وقبل العملية كنت فاطراً, فعملت عملية أخرى، ثم أفطرت رمضان بعدها، فرجعت الحصى مرة أخرى.
الشيخ: طيب! جزاك الله خير.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أسألك عن معنى الآية التي تقول: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [النساء:89] .
السؤال الثاني: أسأل عن معنى الآيات في سورة المدثر: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [المدثر:11-15]؟
السؤال الثالث: لو سمحت يا شيخ عبد الحي ! نريد منك أن تعطينا نبذة عن قصة أهل الجنة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة (ن).
الشيخ: طيب أبشر إن شاء الله.
السؤال: الأخت نسيبة من أم درمان تقول بأنها تخاف من الرياء دائماً؟ وتقول بأنها سئلت من بعض النسوة: أنت وصلت إلى أي جزء؟ فقالت: وصلت إلى جزء كذا.
الجواب: جزاها الله خيراً، هذا الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن يحذر من الرياء؛ لأن الرياء محبط للعمل. ونقول لها: الأعمال بالنيات، إذا كانت نيتك من هذا الإخبار أن يقتدي غيرك بكِ في الإكثار من التلاوة والتقرب إلى الله عز وجل بقراءة القرآن في رمضان فأنت مأجورة في خبرك هذا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني لأخشاكم لله وأتقاكم له )، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ( ما بت غافلاً )، لما بدأ الصحابة يرمون بابه بالحصى ليخرج لصلاة التراويح، خرج عليهم بعدما طلع الفجر وقال: ( ما خفي عليّ صنيعكم البارحة، والله! ما بت غافلاً، ولكني خشيت أن تفرض عليكم ).
فقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما بتُّ غافلاً ) لا يقصد به أن يرائي بعمله الصالح حاشاه! عليه الصلاة والسلام، وإنما يقصد أن يقتدي الناس به.
السؤال: أخونا أبو بكر محمد أحمد عباس سأل عن سورة الصافات.
الجواب: هذه السورة المباركة من السور المكية، المشتملة على آيات قصار، وقد افتتحت بالقسم، وعرض فيها ربنا جل جلاله قصة حوار بين أهل الجنة وأهل النار، حين قال من هو في الجنة: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [الصافات:56-57]، ثم يقول لإخوانه من أهل الجنة جعلنا الله منهم: أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [الصافات:58-61].
ثم عرض ربنا جل جلاله طرفاً من عذاب أهل النار، ثم ذكر قصة طائفة من الأنبياء، ذكر قصة نوح عليه السلام، وإبراهيم مع ولده إسماعيل عليهما السلام، وقصة موسى وهارون، وقصة إلياس، وقصة لوط، وقصة يونس، وختمت السورة بقول ربنا جل جلاله: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182].
الشيخ: أما أختنا أم حنين ذكرت خبراً طويلاً في شأن الحيض.
أنا أبين لك وبعد ذلك أنت تقيسين حالتك، المطلوب من المرأة الحائض إن كانت تتربص الطهر -يعني: تنتظر الطهر- أن تستيقظ قبل الفجر، فإذا رأت الطهر بالعلامة المعتادة، وهي القصة البيضاء أو الجفوف، فإنها تنوي الصيام ولو لم تغتسل، يعني: ليس بالضرورة أن تغتسل قبل الفجر، لكن ممكن أن تنوي الصيام، ثم تغتسل بعد طلوع الفجر وصيامها صحيح إن شاء الله، هذه واحدة.
ثانياً: لو أن المرأة كانت حائضاً، ثم بعد ذلك شكت هل طهرت أو لم تطهر؟ فالأصل أنها لم تطهر، الأصل بقاء ما كان على ما كان، الأصل بقاء الحيض، فما تدخل في الصيام وهي شاكة.
ثالثاً: لو أن المرأة كانت صائمة، ثم قبيل الإفطار ولو بلحظة، نزل عليها دم الحيض، فهذا اليوم لا تعتد به، ولا تعده من صومها, بل يلزمها القضاء.
رابعاً: لو أن المرأة كانت حائضاً، ثم بعد ذلك لم تر الطهر، يعني: مثلاً هي اعتادت أن تحيض أياماً ثلاثة، وما رأت الطهر، فنوت الصيام بعد انقضاء الأيام الثلاثة، ورأت بعد ذلك في اليوم الرابع دماً أو كدرة أو صفرة، فهذا تابع للحيض ولا يصح صيامها.
بالنسبة للجزء الذي قرأته من القرآن لا يلزمها إعادته؛ لأن قراءة القرآن من قبل الحائض مشروعة.
السؤال: ما معنى قول ربنا جل جلاله: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ[البقرة:102]؟
الجواب: بيّن ربنا سبحانه في هذه الآية أن من وسائل السحرة -قاتلهم الله- أنهم يسعون إلى التفريق بين الأزواج، وهو ما يسمى بسحر الصرف، سحر الصرف، أي: يصرف فلاناً عن محبة فلانة أو الرغبة في العيش معها، أو يصرف فلانة عن محبة فلان أو الرغبة في العيش معه، وقد طمأننا ربنا جل جلاله بقوله: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ[البقرة:102].
السؤال: كيف أحصن نفسي وبيتي؟
الجواب: تحصنين نفسك والبيت بسورة البقرة، (فإن أخذها بركة, وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة)، أي: السحرة، فأكثري من قراءة سورة البقرة، وأسأل الله أن يصرف عنك وعن بيتك كل شر وسوء!
الشيخ: وأما الاستغفار، فقد أمرنا به ربنا الملك القهار، فقال على لسان العبد الصالح نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وقال على لسان العبد الصالح هود عليه السلام: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ[هود:52]، وقال على لسان العبد الصالح شعيب عليه السلام: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود:90].
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة)، وقال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية)، والمقصود باللزوم: الإكثار، فأكثري من الاستغفار، ليفرج الله همك، وينفس كربك، ويقضي دينك، ويقيك شر عدوك.
السؤال: أخونا محمد أحمد من مدني يعمل في محل تجاري، وفي نهاية اليوم اكتشف أن بعض الأموال التي تقاضاها من العملاء مزورة، يقول: هل أتعامل بها؟
الجواب: لا يا أخي! وإنما بلغ الجهات المسئولة من أجل أن تتبع هؤلاء المفسدين في الأرض فتقطع دابرهم.
السؤال: الأخت (س) من الجزيرة تعمل في مؤسسة، وهذه المؤسسة تشتري بضاعة بفواتير مؤجلة، وهي لا تقوم إلا بإجراء الاستلام، ولكن الإشكال أن هذه الفواتير أعلى من سعر السوق، وعللوا لذلك أنكم يا أهل هذه المؤسسة لا تدفعون سريعاً؟
الجواب: لا شيء في ذلك إن شاء الله، طالما أن التاجر راض، والمؤسسة راضية بهذه الزيادة؛ لأن الله تعالى قال: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[النساء:29] .
السؤال: عمر من تمبول سأل عن بيع الأجل؟
الجواب: يا عمر ! هذا داخل في عموم قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[البقرة:275].
السؤال: أخونا محمد توم سأل عن صائم مسافر بسيارة مريحة، مكيفة، وكراسيها وثيرة، وله سائق يسير به الهوينا، هل يحق له أن يفطر؟
الجواب: نعم, لأن العلة في الفطر هي السفر وليست المشقة؛ قال الله عز وجل: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة:185]، فأثبت الرخصة لكل مسافر، لكن من كان مثلك مسافراً بهذه السيارة المريحة والطيارة المريحة فخير له أن يصوم؛ لأن الله قال: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184].
الشيخ: وأما ختمة القرآن فلا يلزم منها توزيع بلح ولا لقيمات ولا زلابيا ولا بليلة ولا غير ذلك، بل هذا قد يدخل في الرياء، ولذلك أنت إذا أردت أن تتصدق تصدق ولا تربطها بالختمة.
السؤال: ما معنى الفضيلة؟
الجواب: في الحديث: ( آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً)، وهو قال: (والدرجة العالية الرفيعة)، وهذه الزيادة ليست واردة في الحديث، بل هذه من زيادات الناس، وإنما الثابت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) .
فالوسيلة: منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله، هو محمد صلى الله عليه وسلم.
والمقام المحمود: هي الشفاعة العظمى التي لا يشاركه فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
وأما الفضيلة: فهي الفضل على غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
المتصل: عندي سؤال: أسأل عن الرجل يصوم ولا يصلي في رمضان إلا المغرب فقط، ولا يصلي بقية الصلوات لا في بيته ولا في المسجد.
الشيخ: أعوذ بالله, طيب! شكراً.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: يا مولانا! أنا جئت للتو من المقابر، والناس وناسة، ويتكلمون عن الكرة، وأشياء نحوها.
السؤال الثاني: يا مولانا! في صلاة الجمعة جاءنا رجل فوعظ الناس، وأعطاهم درساً وقال لهم: أريد منكم أن تجمعوا مالاً من أجل المصاحف، والمهم الناس قالوا: إذا كان في المسجد شحات فإنهم لا يعطونه, فهل طلب هذا الرجل من نوع الشحاتة؟ وهل منع الشحاتين في المساجد من الشرع؟
السؤال الثالث: يا مولانا! هناك رجل عمره قريب من سبعين سنة، فجاءت امرأة تصافحه فقال: مصافحة النساء حرام, وهي امرأة عجوز، فهل كلامه صحيح؟
السؤال: أخونا ريح من الجزيرة أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه, ذكر بأنه عمل عملية الحصوة في الكلى، ثم بعد ذلك صام رمضان الذي بعده فأصيب بحبس بول، ولما راجع الطبيب أخبره بأن الصيام هو السبب.
الجواب: يا أخي الكريم! ينبغي لك أن تراجع الطبيب، فإذا قال لك: لا تصم فلا تصم، وأطعم عن كل يوم مسكيناً، إذا كان الصيام يسبب لك تجدد هذه الحصاة، كما حصل الآن وذكرت في سؤالك بأن الحصوة بعدما كانت في كلية واحدة صارت هناك حصاوي في الكليتين معاً، فـ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ولو كان الصيام يسبب لك حبس البول فلا تصم، وانتقل إلى الإطعام.
أما إذا قال لك الطبيب: بأن هذه الأشياء كلها يمكن أن تعالج إن شاء الله، فاصبر حتى تعافى فتقضي مكان كل يوم يوماً.
السؤال: أخونا صلاح الدين من العشرة, أحسن الله إليه! كعادته في السؤال عن تفسير القرآن, سأل عن قول ربنا الرحمن: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً[النساء:89]؟
الجواب: السياق في الحديث عن أهل الكتاب، بين ربنا جل جلاله أنهم لا يريدون للمسلمين هداية ولا رشاداً، وإنما يريدون أن يوقعوهم في الكفر كما وقعوا هم في الكفر، قال سبحانه: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ[النساء:89]، وهذا دأب أهل الكتاب ودأب المنافقين كذلك عياذاً بالله.
ومثل هذه الآية قوله سبحانه: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ[البقرة:109].
الشيخ: وأما قوله سبحانه: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [المدثر:11-15] فهذه الآيات كما قال المفسرون نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي ، هذا الشيطان المريد عدو الله ورسوله، قد خلقه الله عز وجل وحيداً، ما كان عنده شيء، ثم أفاض عليه جل جلاله من نعمه فأعطاه مالاً كثيراً، مَالًا مَمْدُودًا [المدثر:12]، فكان عنده بساتين في الطائف فيها النخيل والأعناب، وبدلاً من أن يشكر الله على نعمته كفر، وقال: لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31]، يعني: هذا القرآن بدلاً من أن ينزل على محمد وهو الفقير المسكين، كان ينبغي أن ينزل عليّ أنا صاحب الأموال وصاحب الجنات.
قال الله عز وجل: وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا [المدثر:12-13]، وكان عنده عشرة من الذكور يشهدون معه المجالس، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا [المدثر:14]، في أسباب العيش، ورغد الحياة، وعظيم الجاه، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [المدثر:15] .
بعد هذا كله يريد من الله الزيادة، وهو كافر به، محاد لرسوله، قال الله عز وجل: كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا [المدثر:16-17]، يكلف صعود جبل في جهنم والعياذ بالله كلما بلغ قمته هوى إلى سفحه، سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا [المدثر:17]، ما السبب؟
قال الله عز وجل: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر:18-25].
وهذه نزلت فيه لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ( يا محمد! لقد عبت آلهتنا، وسفهت أحلامنا، وفتنت صبياننا، فانظر إن كنت تريد مالاً جمعنا لك حتى تصير أغنانا، وإن كنت تريد نساءً فانظر أجمل نساء قريش نزوجك عشراً، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان الذي يأتيك رئي من الجنّ التمسنا لك الدواء, فقال صلى الله عليه وسلم: ما بهذا أمرت، ولا لهذا دعوت, اسمع! فقرأ عليه القرآن: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فجعل هذا الكافر يعجب من نظم القرآن، ويقول: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر ).
ثم رجع إلى قومه بغير الوجه الذي ذهب به، فقالوا له: يا أبا الوليد ! ما تقول؟ فقال: ما تقولون أنتم؟ قالوا: كهانة. فقال: ما يشبه زمزمة الكاهن ولا دندنته. قالوا: شعر, قال: قد عرفت الشعر كله رجزه وأنواعه. قالوا: فسحر, قال: هذا أنسب، قال تعالى عنه: فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر:24-25]، قال الله: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ [المدثر:26-29] أي: حارقة لِلْبَشَرِ [المدثر:29]، وقال بعض المفسرين: (لواحة) تلوح لهم من بعيد، إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا [الفرقان:12].
الشيخ: وأما قصة أصحاب الجنة فقد قال ربنا: إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ [القلم:17-18]، وهؤلاء أولاد شباب، وكان أبوهم رجلاً صالحاً، إذا جاء وقت الجذاذ، فإنه يقسمها أثلاثاً: ثلثاً له ولأهل بيته يأكلونه، وثلثاً للفقراء والمساكين، وثلثاً يرده فيها، يبيعه، ليشتري به بذوراً وتقاوي وما أشبه ذلك، فلما مات هذا الأب الصالح الذي يعرف حق الله في ماله، قال أولاده: ما كان أبونا يحسن التصرف في ماله، أما نحن فلن يصيب المساكين من مالنا شيئاً، قال سبحانه: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ [القلم:17] أي: يكون الحصاد الصباح الباكر في الفجر.
وَلا يَسْتَثْنُونَ [القلم:18]، ما قالوا: إن شاء الله, فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ [القلم:19]، بعض المفسرين قالوا: كانت تلك الجنة بصنعاء في أرض اليمن، فجاء جبريل فاقتلعها وذهب بها إلى تلك البلد في الحجاز التي سميت بالطائف؛ لأن الله قال: فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [القلم:19-20]، أي: كالليل المظلم المعتم، فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ [القلم:21]، أي: أيقظ بعضهم بعضاً، أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ [القلم:22].
يعني: لو أنتم مصممين فعلاً، هيا نذهب إلى زرعنا فنجذه قبل أن يستيقظ المساكين، فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ [القلم:23]، أي: يتكلمون مخافتة، أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ [القلم:24-26]، أي: أخطأنا الطريق، وهذه ليست جنتنا، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [القلم:27]، أي: قد حرمنا لسوء صنيعنا.
وختم ربنا جل جلاله هذه القصة بقوله: كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [القلم:33].
السؤال: أخونا محمد حمدان سأل عن رجل يصوم ولا يصلي إلا المغرب؟
الجواب: هذا لا يصلي لا مغرب ولا عشاء، لكن لأن الموضوع ارتبط بالطعام، والناس يصلون فهو يصلي معهم، ولما قيل له: لم لا تصلي إلا المغرب؟ قال: أنا عندي وجع في الرجلين. طيب وجع الرجلين في المغرب فقط يذهب عنك ثم يرجع إليك في العشاء!
فهذا إنسان متلاعب بالدين، وينبغي لكم أن تدعوه وتدعو له، وتزجروه وتخوفوه بأنكم لن تأكلوا من طعامه، ولن تشركوه في طعامكم لعله يرتدع.
السؤال: أخونا حسن محمد قال بأنه قدم من المقابر للتو، وأن الناس في المقابر في وناسة ويتكلمون في الكورة؟
الجواب: والله يا حسن ! هذه من الآفات العظام، ومن الأخطاء الجسام التي يقع فيها كثير من أهل الإسلام، حيث جعلوا المقابر مكاناً للكلام والقيل والقال والبيع والشراء وما إلى ذلك، وهذا كله ما ينبغي، فإن المقابر هي بيوت العظة، وبيوت التذكرة:( فإنها تذكركم الآخرة ).
أما الآن في المقابر فإن أكثر الناس منغمس في الدنيا، بل بعضهم لا يتورع أن يتناول سيجارة أو يسف سعوطاً وما أشبه ذلك, وهذا كله من قسوة القلوب والعياذ بالله، وقد كان الصالحون من هذه الأمة يقولون: إذا رأيت الرجل يأكل أو يضحك في المقابر فاعلم أنه قاسي القلب بعيد من الله.
الشيخ: وأما الرجل الذي في المسجد وطلب من الناس قروشاً من أجل المصاحف فمثل هذا ما سأل الناس لنفسه، بل سأل الناس لمصلحة الجميع، كما سأل النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى وفد مضر وقد تشققت ثيابهم، وتغيرت حالهم، قال: ( تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره، من صاع شعيره).
الشيخ: وأما مصافحة النساء يا أخي! فصاحبك على حق؛ لأنه لا يصافح النساء، وينبغي للمرأة العجوز وغيرها أن يتركوه في حاله ولا يتعمدن إحراجه.
السؤال: ما حكم قول المأموم: (بلى). بعد فراغ الإمام من سورة التين؟
الجواب: لا بأس، وإن كان الأولى أن يكون ذلك في النفل.
السؤال: صليت الاستخارة لأمر ما، فكم مرة أكررها؟
الجواب: لا تكررها مرة واحدة تكفي.
السؤال: ما تفسير الآية: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا[النساء:19] ؟
الجواب: يعني: لا يجوز لك يا أخي! إذا كنت كارهاً للمرأة وغير راغب في معاشرتها أن تمسكها على اعتبار أنها ستموت وأنت ترث مالها، إذا كرهت المرأة فاتق الله عز وجل وفارقها بإحسان.
يا أيها الإخوان! قد وصل بنا الحال إلى نهاية هذه الحلقة, ويتجدد اللقاء بكم غداً في ذات الموعد إن أحيانا ربنا, فكونوا معنا إن شاء الله, والسلام عليكم ورحمة الله.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر