إسلام ويب

النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة [2]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أذن الله لرسوله بالهجرة إلى المدينة، وفي طريق الهجرة جرت أحداث ومعجزات للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك: قصة الصخرة التي ظللت النبي وهو نائم، وغوص فرس سراقة عندما أراد أن يقبض على النبي، وإدرار اللبن من شاة أم معبد وقد كانت هزيلة لا لبن فيها.

    1.   

    أخذ النبي بالأسباب المفضية إلى نجاح هجرته

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

    تقدم معنا أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ بجميع الأسباب الأرضية المادية التي تفضي إلى نجاح هجرته صلوات ربي وسلامه عليه، ومن ذلك أنه جعل الأمر سراً بينه وبين أبي بكر ، ومن ذلك أنه استأجر رجلاً من بني الديل هادياً خريتاً، وهو عبد الله بن أريقط ، ومن ذلك أنه طلب من أسماء تزويدهما بالطعام، وأمر عبد الله بن أبي بكر بأن يأتيهما بالأخبار، وكذلك أمر عامر بن فهيرة بأن يرعى الأغنام ليعفي الآثار، ثم إنه قد اختبأ في غار ثور أياماً ثلاثة حتى خف الطلب، وقد واعد عبد الله بن أريقط عند الغار أن يأتي بالراحلتين بعد ثلاث.

    ثم رصد المشركون الجوائز، وضربوا المشارق والمغارب بحثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ووصلوا إلى الغار، لكن عناية الله عز وجل حالت دون أن يعثروا على النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه؛ لأن الله عز وجل كان معهما.

    ولما انقطع الطلب وأيس المشركون من الوصول إلى المهاجرين الكريمين جاء عبد الله بن أريقط بعد ثلاث ليال ومعه الراحلتان، ومعهما عامر بن فهيرة فصار الركب أربعة: النبي عليه الصلاة والسلام، ومعه أبو بكر، وعامر بن فهيرة الذي هو مولى أبي بكر والدليل الذي هو عبد الله بن أريقط . وكان لسان النبي صلى الله عليه وسلم خلال الطريق رطباً بذكر الله عز وجل، وهو مطمئن إلى أن عناية الله ترعاه، وعين الله تكلؤه وتحفظه.

    1.   

    أحداث ومعجزات في طريق الهجرة

    تظليل الصخرة للنبي من الشمس

    ثم حصلت خلال الطريق بعض الأمور الخارقة للعادة التي فيها تثبيت لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأييد له، ومن ذلك: أنه لما أرادوا أن يقيلوا في شدة الحر وأن يستريحوا إلى أن تخف حرارة الشمس، رفع الله لهم صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليها الشمس، فسوى أبو بكر ما تحت ذلك الظل من تراب من أجل أن يقيل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي أبو بكر يراقب الطريق، فالنبي عليه الصلاة والسلام نام واستراح، ولكن أبا بكر رضي الله عنه بقي متيقظاً متوثباً متحفزاً لئلا يصيب النبي عليه الصلاة والسلام مكروه.

    ورأى راعياً مقبلاً يريد أن يلتمس من الظل مثلما التمسا، فتكلم أبو بكر مع ذلك الراعي وعرف أنه من أهل مكة، وكان من رحمة الله أنه يعرف أبا بكر ولا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلب من شاة له فوضع أبو بكر رضي الله عنه ذلك الحلوب، وكره أن يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل انتظر إلى أن استيقظ فشرب عليه الصلاة والسلام من ذلك الحليب.

    وصف أبي بكر للنبي بالهادي عند السؤال

    وكان أبو بكر إذا لقيهما أحد في الطريق فسأله: من هذا الذي معك يقول: (هذا هاد يهديني الطريق)، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وكما قال الله عز وجل: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7]، والمخاطب كان يفهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم دليل في الصحراء من أجل أن يدل أبا بكر على الطريق، لكن أبا بكر كان يقصد الأول.

    قصة لحاق سراقة بالنبي وما جرى بينهما

    أيضاً من المعجزات التي حصلت ما رواه الإمام البخاري في صحيحه من خبر سراقة بن مالك رضي الله عنه: (أنهم مروا في طريقهم بحي بني مدلج) أي: النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عامر مروا بطريق بني مدلج (فرآهم رجل منهم، فرجع إلى مجلس من مجالس قومه وفيهم سراقة بن مالك ، فقال: يا سراقة ! إني قد رأيت آنفاً أسودة بالساحل) أسودة يعني: ظل إنسان (وأُراها محمداً وأصحابه) يعني: هذا الرجل يقول لـسراقة : أنا أظن بأن تلك الأسودة التي رأيتها ليست إلا محمداً وأصحابه، (يقول سراقة : فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا) من أجل أن يصرف الرجل عن تتبع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ويخرج هو ليفوز بالجائزة.

    (ثم لبث في المجلس ساعة) يعني: سراقة من أجل أن ينسى الناس الأمر، (ثم قام فدخل داره، وأمر جاريته أن تخرج بفرسه إلى ما وراء الأكمة)، والأكمة: الكثيب من الرمل، ونحن نسميه: القوز، (ثم تجهز) يعني: أخذ سلاحه وبعضاً من الزاد، (ثم خرج إلى مكان فرسه فركبها وانطلق بها في أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه).

    قال: (وعندما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عثرت به فرسه، فنزل عنها وأخرج الأزلام، فاستقسم بها ليعرف هل يضرهم أم لا؟) وهذه كانت طريقة المشركين، فقد كان الواحد منهم إذا أراد شيئاً -لكونهم كانوا يتعلقون بالخرافات- أخرج الأزلام، وأحدها مكتوب فيه: خير، والثاني مكتوب فيه: شر، والثالث من غير كتابة ويجيلونها ثم يخرج، فإذا خرج خير مضى، وإذا خرج شر رجع، وإذا خرج الفارغ أعاد الاستقسام.

    وكان من طرقهم أيضاً: التطير، واستعمال الطير، فكان الواحد منهم إذا أراد سفراً يأتي بطائر ويطيره، فإن طار يميناً تفاءل وتيامن، وإن طار شمالاً تشاءم ورجع، يعني: كان الذي يحكم المسير طائر يطير بقدر الله يميناً أو شمالاً، وهم يرتبون على ذلك أحكاماً.

    أما نحن المسلمين فلا نتعلق بذلك أبداً، لا بطائر ولا حيوان ولا بشهر ولا بيوم، والآن الأوروبيون الذين بلغوا في الحضارة المادية شأواً بعيداً يتشاءمون من بعض الأرقام، فعندهم الرقم ثلاثة عشر في بعض المصاعد تجده مشطوباً، وفي بعض الفنادق لا يوجد غرفة برقم ثلاثة عشر؛ لأنهم يعتقدون بأن هذا الرقم شؤم، مثلما كان العرب الأولون يتشاءمون بصفر، ومثلما يوجد الآن بعض المسلمين المغفلين إذا رأى كديسة (قطة) سوداء فإنه يتشاءم جداً ويقول: اليوم سيكون نحس وشر، ثم يرجع ويمكث في البيت.

    فالمسلم يعلم بأن كل شيء عند الله مقدر، مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مكتوبة عند الله في اللوح المحفوظ، مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا من قبل أن نخلقها، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:22-23].

    والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا ( أن الطيرة شرك )، التطير شرك؛ لأنك تعتقد أن فاعلاً غير الله، والكديسة (القطة) والبومة وشهر صفر أو غيره، هذه كلها ليست إلا أوعية للأحداث، وإلا فإن الفاعل حقيقة والمقدر هو الله جل جلاله فهو الذي يفعل؛ ولذلك الطيرة لا يسلم منها أحد، فربما يخرج الإنسان من بيته فيرى حادثاً مثلاً بين سيارتين أو بين سيارة وغيرها وسالت الدماء، فيضيق صدره وتتكدر نفسه ويتشاءم، وفي هذه الحالة علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول أحدنا: ( اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا يأتي بالخير غيرك )، (لا طير إلا طيرك) يعني: لا قدر إلا قدره جل جلاله، ( اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا يأتي بالخير غيرك، ويمضي )، يواصل في الأمر الذي خرج له أو انتدب له.

    (فـسراقة نزل عن فرسه وأخرج الأزلام فاستقسم بها، ليعرف هل يضرهم أم لا. فخرج السهم الذي يكره، وهو: ألا يضرهم)، وإذا أراد الله أمراً هيأ له أسبابه، ولكنه عصى، فركب فرسه، وهكذا الإنسان إذا كان معتقده فاسداً فإنه يسير وفق هواه، (فركب فرسه وانطلق إلى أن وصل مكاناً قريباً يسمع منه دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخت يدا فرسه في الأرض حتى بلغت الركبتين)، يعني: في المرة الأولى فرسه تعثرت، لكن في هذه المرة (ساخت) يعني: غاصت في الأرض إلى أن بلغت الركبتين، فنزل عنها ثم زجرها، فنهضت، وعندما انتزع الفرس يديه من الأرض تبعهما دخان كالإعصار، فعرف حين رأى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع، ولن يستطيع أن يصله بشيء من أذى، وأن أمره سيظهر.

    لكنه رجع مرة أخرى فاستقسم بالأزلام فخرج الذي يكره، فناداهم بالأمان، أي: أمن الرسول عليه الصلاة والسلام ومن معه فوقفوا، فركب سراقة فرسه حتى جاءهم، ووقع في نفسه حين لقي ما لقي من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن قومه قد جعلوا فيه الدية مائة من الإبل، وأخبرهم أخبار ما يريد الناس، وعرض عليهم الزاد والمتاع، ولكنهم لم يطلبوا منه شيئاً، واعتذروا عن ذلك، وطلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخفي عنهم، وسأله سراقة أن يكتب له كتاب أمان، فأمر عامر بن فهيرة أن يكتب له ما أراد في قطعة من أدم، أي: من جلد، ثم مضوا.

    ولما رجع سراقة إلى قومه جعل يقول لهم: قد استبرأت لكم الخبر، وقد كفيتم ما هاهنا، يعني: في الطريق فليس فيه رجل، فكان في أول النهار جاهداً من أجل أن يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وفي آخر النهار كان حارساً يعمي الأخبار ويصرف الأنظار، ويعطي الناس خلاف ما عرف من حقيقتهما، وظل كتاب الأمان عند سراقة.

    وفي السنة الثامنة من الهجرة وبعد أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح مكة غزا حنيناً والطائف، فجاءه سراقة فأخرج له الكتاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اليوم يوم وفاء وبر )، وأسلم سراقة رضي الله عنه، وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيلبس سواري كسرى بن هرمز ، فلما فتحت بلاد فارس ودخل المسلمون قصر كسرى وأخذوا ما فيه من جواهر، ثم بعثوا بها إلى عمر رضي الله عنه، فجعل يعجب من تلك الجواهر الثمينة، ويقول: (إن قوماً أدوا هذا لأُمناء) فقال له علي : (عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا)، فجاء سراقة بن مالك وقال له: يا أمير المؤمنين! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدني أن ألبس سواري كسرى بن هرمز، وكان سراقة رضي الله عنه رجلاً كثير شعر الساعدين، في يديه شعر كثير، فحسر عن يديه وألبسه عمر تلك الأسورة ثم قال: (الحمد لله الذي سلب كسرى بن هرمز ملكه وقد كان يقول: أنا رب الناس، وكسا سراقة بن مالك أعرابياً من بني جشعم بوالاً على عقبيه سواري كسرى بن هرمز ) وهذا كله مصداق لقول الله تعالى: قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26] .

    قصة زيارة النبي لخيمة أم معبد والشرب من لبن شاتها

    ثم واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه الطريق، وقد نفد زادهم، فمروا بخيمة أم معبد الخزاعية ، وكان اسمها عاتكة بنت خالد، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة، وتطعم وتسقي من يمر بها، ومعنى (برزة)، كبيرة في السن، و(جلدة) يعني: قوية متماسكة، (تحتبي بفناء الخيمة) يعني: ما كانت تجلس داخل البيت وإنما في فنائه، (وتطعم وتسقي من يمر بها)، يعني: أنها كانت امرأة كريمة، إذا مر ناس غرباء تطعمهم وتسقيهم حتى ينصرفوا.

    فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لها: ( هل من لبن نشربه؟ أو لحم نشتريه؟ فقالت: فداك أبي وأمي! لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، والشاء عازب ولا حلوبة في البيت ) يعني: والله لو كان هناك شيء لا أتركك تطلب، وإنما أقدم لك ما ينبغي للضيف مباشرة، والغنم بعيدة في المرعى، وليس في البيت شيء يحلب، ( فنظر عليه الصلاة والسلام في كسر الخيمة ) أي: في أقصاها ( فوجد شاة، فقال: ما هذه الشاة؟ قالت: خلفها الجهد عن الغنم ) يعني: أنها مريضة لم تستطع أن تخرج إلى المرعى ( قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت له: فداك أبي وأمي! إن كان بها حلب فاحلب، فدعا بإناء يربض الرهط ) أي: طلب منها إناءً كبيراً يشبع الجماعة ( ثم مسح على ضرع الشاة وسمى الله، فتفاجت فحلب فيه ثجاً حتى علته الرغوة )، أي: لبناً طازجاً ( ثم أعطى أم معبد فشربت، ثم أعطى أبا بكر فشرب، ثم عامر بن فهيرة فشرب، ثم سمى الله وكان آخر القوم شرباً عليه الصلاة والسلام، ثم حلب فيه ثانية فشربوا عللاً بعد نهل ) يعني: المرة الأولى كان شراب جوع، أما المرة الثانية فكان شراب تفكه ( فشربوا عللاً بعد نهل، ثم خمر الإناء ) أي: غطاه ( وقال: ارفعي هذا لـأبي معبد . فقلما لبثت حتى أقبل أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزالاً لا نقي بهن ) يعني: بعد مدة قليلة جاء زوجها يسوق الشياه أو الغنم ضعافاً يتمايلن من الهزال (لا نقي بهن)، يعني: ضعافاً ليس بها مخ؛ لأن السنة سنة قحط (فلما رأى اللبن) وليس رطلاً أو رطلين أو ثلاثة، وإنما لبناً كثيراً، ( قال: ما هذا اللبن يا أم معبد، والشاء عازب ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله! إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من خبره كيت وكيت، قال: صفيه لي يا أم معبد ، قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم، قسيم، أحور، أكحل، أزج، أقرن، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، أجمل الناس وأحلاه من بعيد، وأحسنه وأبهاه من قريب، لا تشنؤه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له أصحاب يحفون به محفود محشود غير عابس ولا مفلت.

    فقال لها: والله إنه لصاحب قريش الذي تطلب، ولأجهدن حتى ألقاه ولأتابعنه على دينه ).

    تقول عائشة رضي الله عنها: وما عرفنا أين ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر حتى سمعنا صائحاً من الجن في مكة يقول:

    جزى الله رب العرش خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد

    هما نزلا بالبر وارتحلا به وقد فاز من أمسى رفيق محمد

    فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من خصال لا تبارى وسؤدد

    سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

    وبعد حين أيضاً مروا براع يرعى غنماً فطلبوا منه طعاماً، فاعتذر إليهم بأنه لا لبن في شياهه إلا شاة قد جف لبنها قريباً، فاستأذنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمس ضرعها فحلبت ورووا منها جميعاً، وعندما رأى الراعي ذلك أسلم؛ لأن الله أراد به خيراً، وطلب أن يتابع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه طلب منه أن يأتيه عندما يسمع بظهوره.

    والمقصود من هذا الكلام: أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أجرى الله له معجزات حسية في طريق الهجرة، ولا غرابة، يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [إبراهيم:27]، هذه المعجزات والأمور الخارقة للعادة يسوقها الله سوقاً تثبيتاً لقلوب عباده المؤمنين.

    تفاؤل النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة

    وكان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم التفاؤل، وقد مر به جماعة وهو في طريق الهجرة فقال لـأبي بكر : ( سلهم من أي القبائل هم؟ قالوا: من أسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سلمت يا أبا بكر . ثم مر به آخرون قال: سلهم من القوم؟ قالوا: من بني سهم. فقال له عليه الصلاة والسلام: ارم بسهمك يا أبا بكر ) يعني: إن شاء الله سيكون جهاد وأنت ترمي بسهمك في سبيل الله ( ومر بهم راع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ قال: مسعود. فالتفت إلى أبي بكر فقال: سعدت يا أبا بكر )، فكان يتفاءل عليه الصلاة والسلام بأسماء القبائل، وبأسماء الأشخاص، وكان يحب الفأل الحسن، وهذا هديه دائماً صلوات ربي وسلامه عليه.

    أيضاً بريدة بن الحصيب الأسلمي وكان زعيم بني أسلم في ذلك الوقت، خرج يطلب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، من أجل أن يفوز بالجائزة المرصودة من قبل قريش، وعندما التقى بالنبي عليه الصلاة والسلام وحدثه بالإسلام فأسلم، وهذا كله يفسر قول الله سبحانه: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24]، فقد خرج يريد شيئاً وأراد الله شيئاً آخر.

    نقف عند هذا الحد.

    وأسأل الله أن ينفعني وإياكم، وصلى الله وسلم على النبي محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    تفسير قوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم)

    السؤال: أسأل عن تفسير الآية: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]؟

    الجواب: الآية عن ليلة القدر، يقول الله عز وجل: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:3-4]، (يفرق): من الفرقان، بمعنى أنه في ليلة القدر يكتب كل شيء مما يكون خلال حول كامل؛ لأن عندنا التقدير أنواع: التقدير الأزلي، والتقدير العمري، والتقدير الحولي، والتقدير اليومي.

    والتقدير الأزلي: أن الله كتب كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والتقدير العمري: وأنت في بطن أمك إذا أكملت أربعة شهور يكتب الملك رزقك، وأجلك، وعملك، وهل أنت شقي أم سعيد، والتقدير الحولي: يكون في ليلة القدر فيكتب ما يكون خلال حول كامل، والتقدير اليومي: يكتب في كل يوم.

    زكاة فطر المرأة المعقود عليها

    السؤال: فتاة عقد قرانها ولم يتم الدخول بها، هل زكاة فطرها على الزوج أم على الأب؟

    الجواب: المقرر عند علمائنا المالكية بأن النفقة على الزوجة لا تجب إلا بعد إسلامها إلى الزوج، يعني: الآن جرى عرفنا بأن العاقد ينفق على من عقد عليها، لكن المقرر فقهاً بأن النفقة لا تجب إلا بعد أن تسلم إلى الزوج.

    حكم من وقع في معصية وتاب منها ثم رجع إليها وهكذا

    السؤال: أريد أن أعرف هل أنا من المنافقين؛ لأني أقع في معصية فأتوب منها، ثم أقع في تلك المعصية مرة أخرى فأتوب منها، ثم أقع فيها مرة أخرى، ما الخلاص من هذه المعصية؟

    الجواب: نقول: لست منافقاً إن شاء الله، ونسأل الله أن يجنبنا النفاق والشقاق وسوء الأخلاق، لست منافقاً، المنافق: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، فأنت لست منافقاً بل أنت عاصي، وأسأل الله أن يتوب علينا جميعاً، وأنت على خير ما دمت تواباً، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم )، وأخبرنا : ( بأن عبداً أذنب ذنباً ثم قال: اللهم اغفر لي -أي: تاب- فغفر الله له، ثم أذنب، فقال: اللهم اغفر لي، فغفر الله له، ثم أذنب فقال: اللهم اغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، فليفعل عبدي ما شاء فقد غفرت له )، أي: ما دام على ذلك كلما أذنب استغفر.

    بمعنى: أن الإنسان إذا عصى وكلنا عاصٍ، ثم بعد ذلك مثلاً في رمضان تاب إلى الله توبة صادقة بشروطها الخمسة، بأن كان مخلصاً لله، وأقلع عن المعصية، وندم على ما فات، وعزم ألا يعود، ورد الحقوق إلى أهلها إذا كان المعصية متعلقة بحقوق الناس، واستمر على هذه التوبة ستة أشهر، أو سبعة أشهر أو سنة أو سنتين، ثم ضعفت نفسه يوماً ما فرجع إليها، فهذه المعصية تحتاج إلى توبة جديدة.

    ولا يقول: أنا منافق، ويأتي إبليس يوسوس له ويقول له: أنت أصلاً تلعب في التوبة، كل يوم تتوب وترجع مرة ثانية، استمر فقط في المعصية هذه، فهذا وسواس الشياطين، ولكن قل لإبليس: خسئت يا عدو الله، وقد قال إبليس: أهلكت بني آدم بالمعاصي، وأهلكوني بالاستغفار.

    أسوأ يوم عند إبليس هو اليوم الذي يتوب فيه العاصي، هذا الذي يتعبه تماماً، وكما قال علماؤنا: قلوب بني آدم مع الشيطان كحال البيوت مع اللص. واللص عنده البيوت ثلاثة: بيت عبارة عن خرابة، سوره واقع وبابه مفتوح، ويظهر من خارجه ما بداخله وأنه ليس فيه شيء، فلا يفكر اللص بأن يتسور في هذا البيت، وهذا حال إبليس مع الكافر الملحد الشيوعي أو اليهودي أو النصراني أو قل غير ذلك من ملل الكفر، فهذا إبليس ما يأتي إليه؛ لأنه أصلاً منتهي كالبيت الخرب.

    وهناك بيت لمسئول كبير، كالرئيس، أو نائب الرئيس مثلاً، وهذا البيت أسواره عالية، وعليه حرس شديد، فلا يفكر فيه اللص، فلو قرب منه أطلقوا عليه الرصاص، وهذا حال إبليس مع قلب المؤمن المخبت الأواب، ما يأتي إليه، ولا سبيل له إليه.

    ثم هناك بيت بناؤه جيد، وسوره طيب، وبابه محكم، ويظهر أن بداخله شيئاً مما يسرق، يعني: لو أن اللص هبط فيه ربما يجد ذهباً، وربما يجد مالاً، ليس فيه حرس، فاللص يبدأ يراقب هذا البيت، فإذا أنس من أهله غفلة قفز ودخل، وهكذا المؤمن الذي عنده إقبال وإدبار، طاعة وعصيان، خير وشر، فالشيطان يراقبه وأول ما يجد فرصة فإنه يدخل في هذا القلب، ويبدأ يملؤه بالوساوس والهواجس والشبهات والشهوات.

    حكم الزيادة على ثمن السلعة عند السداد بحجة ارتفاع الأسعار

    السؤال: أخذت بضاعة من أحد الأصدقاء بسعر متفق عليه، وعند السداد قام بمطالبة زيادة مائتين جنيه متعللاً بزيادة الأسعار، هل المبلغ الإضافي المائتين جنيه من حقه ليعطيه إياه أم غيره؟

    الجواب: لا. ليس من حقه، فإن : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا )، يعني: مثلاً هذا الكتاب قلت لك: بأنه بعشرة جنيهات، فقلت لي: قد اشتريته، وأنا قلت لك: قد بعتك، وخلاص تفرقنا فإن هذه البيعة صارت لازمة الثمن والمثمن، ليس من حقي أن آتيك غداً وأقول لك: والله يا أخي أنا ما كنت عارفاً الأسعار جيداً، والدولار ارتفع، والكتب هذه تطبع في بيروت وتطبع في كذا، الكتاب هذا ثمنه اثنا عشر جنيهاً أو ثمنه عشرون جنيهاً، لا. هذه فوضى.

    المقصود بالعلم اللدني في قوله تعالى: (وعلمناه من لدنا علما)

    السؤال: أريد شرحاً لمصطلح العلم اللدني المذكور في سورة الكهف: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف:65]، وهل كان الخضر نبياً؟

    الجواب: لا يوجد مصطلح اسمه العلم اللدني، وإنما الخضر عليه السلام كان نبياً يوحى إليه، والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعلمهم الله ما لا يعلم غيرهم، كما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ [القصص:86].

    فالنبوة رحمة، والنبوة علم، والنبوة اصطفاء من الله عز وجل، والدليل على كون الخضر عليه السلام نبياً أنه قال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82]، ومعنى ذلك أنه بأمر الله عز وجل خرق السفينة، وقتل الغلام، وبنى الجدار.

    وبعض الناس لا يصلي الخمس وربما يكون ساكناً في المسجد لكنه لا يأتي للصلاة، ثم بعد ذلك تجده مخالطاً للنساء، وتجد عنده أموراً مخالفة، فإذا قيل له: اتق الله، قال: أنتم عندكم ظاهر الشريعة، لكن نحن عندنا علم الباطن، فإذا قلت له: وما هو علم الباطن؟ قال لك: العلم اللدني، ويعمل بيده هكذا، وهذا ضلال وكذب، فلو كان هناك علم باطن يخص الله به أولياءه لكان أولى الناس بذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فهل سمعتم بأن هؤلاء الكرام قد تخلفوا عن الصلاة مع المسلمين؟ أو أنهم قد ارتكبوا الفواحش بدعوى علم الباطن؟ هذا ضلال وباب للشر الوبيل.

    رفع الأيدي بالدعاء عند العزاء

    السؤال: أسأل عن حكم رفع الأيدي عند العزاء؟

    الجواب: ليس فيه شيء، لكن ارفعها بالدعاء وليس بقراءة الفاتحة؛ لأن التعزية أصلاً شرعت لتحقيق ثلاثة مقاصد عظيمة:

    المقصد الأول: الدعاء للميت.

    والمقصد الثاني: تسلية أهله.

    والمقصد الثالث: أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولذلك لو ذهبت إليهم وقلت: (اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين)، ما في مانع؛ ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام لما عزى أسماء بنت عميس في زوجها جعفر رضي الله عن الجميع قال: ( اللهم اغفر لـجعفر ، وبارك لـعبد الله في صفقة يمينه )، ولما عزى أم سلمة قال: ( اللهم اغفر لـأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم افسح له في قبره ونور له فيه ).

    وضع اليد على القلب بعد المصافحة

    السؤال: بعض الناس يصافحك ثم يضع يده على قلبه، هل في ذلك شيء؟

    الجواب: يعني: بعدما يصافحك يعمل هكذا؟ ليس فيه شيء، هذه عادات ليس فيها شيء، مثلاً: إخواننا في أثيوبيا إذا سلم عليك يسلم هكذا، يعني: يمسك يمينه بشماله، وهذا غاية الاحترام عندهم، ومثلاً: جرت عادتنا إذا التقى الرجلان أن يضع أحدهما يده على كتف الآخر، وهذا مناسب لحرارة الجو عندنا وكثرة العرق، وهو سلام مريح جداً من بعيد إلى بعيد، وفي بلاد أخرى يأخذ اليمين بالشمال، وإخواننا في شبه القارة الهندية إذا سلم عليك ربما بعضهم بعد السلام يفعل هكذا برأسه ونحو ذلك، فهذه لا أمرت بها الشريعة ولا نهت عنها، والشريعة إنما نهت عن الانحناء؛ أن ينحني إنسان لآخر هذا الذي منعت منه الشريعة.

    طلب الزوجة الطلاق مع قيامه بالنفقة

    السؤال: ذهبت إلى القاضي، وطلبت منه الطلاق من زوجي مع أنه ينفق علي، هل في ذلك إثم علماً بأني لي منه ولد؟

    الجواب: طلبت الطلاق لماذا؟ وطالما أنه ينفق عليك وعندك منه ولد، فما ينبغي المسارعة إلى طلب الطلاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فإن الجنة عليها حرام )، وللأسف هذا يحصل من بعض البنات حديثات الزواج، وقد كتب بعضهن أسئلة وبعضهن وجه الأسئلة مشافهة تقول: بأن زوجها لا يتغزل فيها ولذلك هي تريد الطلاق، يعني: هي تريد إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول لها:

    قضاعية العينين كندية الحشا خزاعية الأطراف طائية الفم

    ويبدأ يتغزل في عينيها، وفي خديها، وفي شفتيها، وهذا لا يتأتى، والحياة لا تسمح بمثل هذا؛ ولذلك يتعاشر الناس بالإسلام والأحساب، المعاشرة الزوجية فيها إفشاء السلام إذا دخل يسلم، وفيها طيب الكلام، فالإنسان لا يكون فاحشاً ولا متفحشاً، وفيها القيام بالمسئولية، وفيها رعاية الزوجة والعيال، هذه الحياة الزوجية، أما حياة المسلسلات فهذه فساد في فساد، وفي الواقع ليست موجودة؛ ولذلك حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يجلس مع زوجته يقول لها: والله أنت كذا وأنت كذا، ويا روحي، ويا كبدي، ويا قلبي، ويا بطني، أبداً ما حصل شيء من هذا.

    لكن هؤلاء البنات يتابعن المسلسلات، ويحسبن أن الذي يحصل في المسلسلات بين الفساق والفاسقات هو واقع الحياة، ولذلك تدخل الحياة الزوجية بأحلام وردية بأنها ستسمع هذا الكلام إذا أصبحت وإذا أمست، وتعرفون ضغوط الحياة وما يكون فيها من كدر، فالمفروض أن يتحمل بعضنا بعضاً، الرجل يتحمل زوجته، والزوجة تتحمل زوجها.

    حكم من حج ولم يطف للوداع

    السؤال: ذهبت إلى الحج أنا وزوجتي وابني، وأكملنا الحج، ولكن لم نطف طواف الوداع، ماذا نفعل؟

    الجواب: ما عليكم شيء إن شاء الله، طواف الوداع مستحب عند المالكية.

    حكم من لم تقض أيام الفطر في رمضان للحيض والنفاس بسبب الجهل

    السؤال: امرأة ما كانت تعرف أن أيام الحيض والنفاس التي تفطرها في رمضان يجب قضاؤها، ماذا تصنع؟

    الجواب: تقضيها إن شاء الله، وليس عليها شيء سوى القضاء، وهي معذورة بجهلها.

    الزيادة على مقدار زكاة الفطر

    السؤال: هل تجوز الزيادة عن قيمة زكاة الفطر أم أنها توقيفية كالزكاة؟

    الجواب: وحتى الزكاة العادية يجوز الزيادة عليها، وقد زاد بعض الصحابة رضوان الله عليهم فبدلاً من أن يخرج بكراً أخرج رباعياً، يعني: وجبت عليه الزكاة في بعير صغير فأبى إلا أن يعطي بعيراً كبيراً، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أرضيت نفسك؟ قال: بلى يا رسول الله أنا راضٍ ) ، فلا مانع أن الإنسان يزيد في زكاة المال على ما وجب، ولا مانع أن يزيد في زكاة الفطر على ما وجب، يعني: لو أن زكاتك أربعة جنيهات، وأخرجت خمسة عشر أو عشرين فالله لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:171].

    حكم تسمية البنت بـ(ملك)

    السؤال: ما حكم تسمية البنت بملك؟

    الجواب: هذا مكروه، أقل أحواله الكراهة؛ أولاً: لأن فيه تزكية. وثانياً: لأنه قد يكون فيه شبهة من قول المشركين: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً [الزخرف:19].

    الاعتذار للشخص بقول: لك العتبى حتى ترضى

    السؤال: إذا قال أحد لشخص وهو يتأسف له: لك العتبى حتى ترضى، فما حكم هذا القول؟

    الجواب: الأولى اجتنابه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله في مخاطبة رب العالمين جل جلاله.

    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى أن يصلح أحوالنا، اللهم أصلح أحوالنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلماً لأوليائك، حرباً لأعدائك، نحب بحبك من أطاعك من خلقك، ونعادي بعداوتك من خالفك.

    اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.

    اللهم اصرف عنا شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم بارك لنا في أزواجنا، وبارك لنا في أولادنا، وبارك لنا في أموالنا، وقنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

    لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفتيه، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.

    حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم جنبنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم طهر قلوبنا وأبداننا، اللهم طهر قلوبنا وأبداننا، اللهم طهر قلوبنا وأبداننا، اللهم اصرف عنا شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755985060