إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الافتتاح - (باب التكبير للركوع) إلى (باب الاعتدال في الركوع)

شرح سنن النسائي - كتاب الافتتاح - (باب التكبير للركوع) إلى (باب الاعتدال في الركوع)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن رفع اليدين في الركوع والرفع منه وعند القيام من التشهد الأوسط من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان يرفع يديه إلى فروع أذنيه أحياناً، وأحياناً إلى حذو منكبيه وأحياناً يترك ذلك، ويجب إقامة الصلب في الركوع والسجود والاعتدال من الركوع.

    1.   

    التكبير للركوع

    شرح حديث أبي هريرة في التكبير للركوع

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التكبير للركوع.

    أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: (أن أبا هريرة رضي الله عنه حين استخلفه مروان على المدينة، كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر، ثم يكبر حين يركع، فإذا رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يقوم من الثنتين بعد التشهد، يفعل مثل ذلك حتى يقضي صلاته، فإذا قضى صلاته وسلم أقبل على أهل المسجد فقال: والذي نفسي بيده! إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم)].

    يقول النسائي رحمه الله: التكبير للركوع، الترجمة معقودة لبيان ما يقال عند الركوع، أي: حين يهوي من قيامه إلى الركوع، فإنه يقول: الله أكبر، وهذا الذكر الذي هو التكبير يؤتى به في جميع الخفض والرفع إلا عند القيام من الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده، وما عدا ذلك فإنه عند كل خفض ورفع يقول: الله أكبر.

    وقد أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي فيه: أن مروان لما استخلفه على المدينة كان يصلي بالناس، فكان يكبر عندما يدخل في الصلاة، ويكبر عند الركوع، وهذا هو محل الشاهد، وإذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم عندما يرفع.

    (ثم يكبر حين يقوم من الثنتين بعد التشهد)، هنا لم يذكر كل الأفعال التي هي السجود، والقيام من السجدة الأولى، ثم التكبير للسجدة الثانية، ثم الرفع من السجود للتشهد، وإنما ذكر بعض المواضع أو أكثر المواضع التي يكون فيها التكبير، وكان يفعل ذلك في صلاته كلها، وإذا فرغ وسلم التفت إلى أهل المسجد فقال: (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم)، ومقصوده من هذا: أن يعقل الناس عنه هذا الفعل؛ لأنه به مقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك تنبيه لهم إلى أن هذا مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم من إبلاغ السنن بالقول والفعل، وتنبيههم على ما يفعلونه من ما هم فيه متبعون لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وإضافتهم ذلك إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن الفعل الذي فعله هو مقتد فيه بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في التكبير للركوع

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].

    سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.

    [عن عبد الله بن المبارك].

    هو: عبد الله بن المبارك المروزي، الثقة، الثبت، المجاهد، العابد، الزاهد، الذي وصفه الحافظ ابن حجر في التقريب بصفات عديدة، وقال: جمعت فيه خصال الخير. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    يروي [عن يونس].

    وهو ابن يزيد الأيلي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الزهري].

    وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بـكلاب أبو قصي وزهرة. والزهري ثقة، إمام، محدث، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قام بتدوين السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، حيث قال السيوطي في ذلك في الألفية:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمراً له عمر

    يروي [عن أبي سلمة].

    و أبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

    يروي [عن أبي هريرة].

    رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي الصحابي المكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، والمكثرون من رواية الحديث سبعة أكثرهم أبو هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    1.   

    رفع اليدين للركوع حذاء فروع الأذنين

    شرح حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للركوع حذاء فروع الأذنين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [رفع اليدين للركوع حذاء فروع الأذنين.

    أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل عن سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثي عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى بلغتا فروع أذنيه)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: رفع اليدين للركوع حيال فروع الأذنين، لما أورد الترجمة السابقة التي فيها إثبات التكبير وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يركع كبر للركوع؛ وذكر الهيئة التي تكون لليدين عند التكبير للركوع، فقال: رفع اليدين للركوع إلى فروع الأذنين، وفروع الأذنين: أعاليهما؛ لأن فرع كل شيء أعلاه، والفرع يكون أعلى؛ لأن الأصول هي أسفل الشيء التي يبنى عليها غيرها، والفروع هو التي تبنى على غيرها، فما كان أعلى الشيء فهو فروعه، ولهذا أغصان الشجرة هي فروعها، وهي أعلى شيء فيها، وفروع الأذنين أعلى شيء في الأذنين؛ لأن أصولها هي أسافلها، وفرعها هي أعاليها.

    وأورد حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أنه رآه كبر حين دخل في الصلاة، وكبر للركوع..

    قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)، يعني: عند دخول الصلاة، (وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى بلغتا فروع أذنيه)، يرفع يديه إلى فروع أذنيه وهي أعاليهما، وفي هذا إثبات رفع اليدين إلى فروع الأذنين للركوع، كما أنه يكون للدخول في الصلاة، ويكون للرفع من الركوع، لكن محل الشاهد هنا أنه أورد ذلك فيما يتعلق بالركوع، وأنه يكبر للركوع، ويرفع يديه عندما يريد أن يركع إذا كبر.

    والحديث فيه رفع اليدين في ثلاثة مواطن: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وأن ذلك إلى فروع الأذنين، أي: رفع اليدين في الثلاثة المواطن إلى فروع الأذنين وهي أعاليها.

    فالحديث دال على ما ترجم له من جهة إثبات الرفع لليدين عند التكبير للركوع، وأن ذلك يكون إلى فروع الأذنين.

    تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للركوع حذاء فروع الأذنين

    قوله: [علي بن حجر].

    وهو ابن إياس السعدي المروزي ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا إسماعيل].

    وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بـابن علية، وهنا ذكره مهملاً أي: غير منسوب.

    [عن سعيد].

    عن سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، كثير التدليس، وهو من أثبت الناس في قتادة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    وسعيد بن أبي عروبة ليس المقبري.

    [عن قتادة].

    وهو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن نصر بن عاصم الليثي].

    وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن مالك بن الحويرث].

    وهو مالك بن الحويرث الليثي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين

    شرح حديث عبدالله بن عمر في رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين.

    أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي قوله: رفع اليدين للركوع إلى حيال المنكبين، وأورد فيه حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتى يحاذي منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع)، أي: أنه يرفع يديه إلى حيال المنكبين، وحديث عبد الله بن عمر دال على الرفع، ولكنه هنا ذكر أن الرفع إلى حيال المنكبين، وحديث مالك بن الحويرث دال على ما دل عليه من الرفع في المواطن الثلاثة إلا أنه إلى فروع الأذنين، وهو يدل على جواز هذا وهذا، وأن هذا سنة، وهذا سنة، الرفع إلى حيال المنكبين، والرفع إلى فروع الأذنين، كل هذا سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث عبدالله بن عمر في رفع اليدين للركوع حذاء المنكبين

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    يروي [عن سفيان].

    وهو ابن عيينة المكي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو هنا مهمل غير منسوب، ولكنه ابن عيينة وليس الثوري ؛ لأنه يروي عن الزهري، وابن عيينة معروف بالرواية عن الزهري، بخلاف الثوري فإنه قيل: لا يروي عنه إلا بواسطة. وسفيان بن عيينة خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    يروي [عن الزهري].

    وهو الزهري محمد بن مسلم بن شهاب، وقد مر ذكره قريباً.

    [عن سالم].

    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع من الفقهاء السبعة الذين ذكرتهم آنفاً، وأن السابع منهم قيل فيه: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

    [يروي عن أبيه].

    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، هؤلاء الأربعة هم العبادلة الذين يطلق عليهم هذا اللقب، مع أن اسم عبد الله سمي به كثير من الصحابة، لكن هذا اللقب الذي هو لقب العبادلة الأربعة إذا جاء فإنما يراد به هؤلاء الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم من صغار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عاشوا وأدركهم كثيرون من التابعين، وتلقوا عنهم الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وعبد الله بن عمر أيضاً هو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخـدري وجابر وزوجة النبي

    1.   

    ترك رفع اليدين حذاء المنكبين للركوع

    شرح حديث عبدالله بن مسعود في ترك رفع اليدين للتكبير عند الركوع

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك ذلك.

    أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (ألا أخبركم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقام فرفع يديه أول مرة ثم لم يعد)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي قوله: ترك ذلك، أي: رفع اليدين للتكبير عند الركوع، وعند الرفع منه، وترك ذلك، أي: عدم فعله، وهذه الترجمة بعد الترجمتين السابقتين، وهما: الرفع عند التكبير للركوع، والرفع منه إلى فروع الأذنين، وإلى حيال المنكبين، هذه الترجمة تتعلق بترك ذلك، وهو عدم الرفع، وهذا يدل على أن رفع اليدين ليس بواجب، وإنما هو سنة، وحديث عبد الله بن مسعود هذا الذي أورده المصنف يدل على أنه رفع يديه عند التكبير للإحرام ثم لم يعد، أي: إلى رفع اليدين، فهذا يدل على عدم وجوبه، وعلى أنه مستحب، وأن الترك جائز، لكن السنة هي فعله، وأن من لم يفعله فصلاته صحيحة، ولكنه ترك أمراً مستحباً من سنن الصلاة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث عبدالله بن مسعود في ترك رفع اليدين للتكبير عند الركوع

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك].

    وقد مر ذكرهما قريباً.

    [عن سفيان].

    هو الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عاصم بن كليب].

    وهو صدوق، خرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن عبد الرحمن بن الأسود].

    هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن علقمة].

    هو علقمة بن قيس النخعي، ثقة، ثبت، فقيه، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن عبد الله].

    هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة وعلمائهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    إقامة الصلب في الركوع

    شرح حديث: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [إقامة الصلب في الركوع.

    أخبرنا قتيبة حدثنا الفضيل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إقامة الصلب في الركوع، الصلب: هو الظهر، وإقامته هي تسويته واعتداله، بحيث يكون محاذياً لرأسه، ويكون رأسه محاذياً له، ولا يكون فيه ارتفاع ولا انخفاض، لا يكون رأسه منخفضاً ولا مرتفعاً، بل يكون صلبه معتدلاً، ورأسه محاذياً لظهره، ولا يكون فيه مجرد انحناء فقط وإنما انحناء تام بحيث يضع يديه على ركبتيه، ويجعله معتدلاً، ويكون رأسه محاذياً له، لا يكون رافع الرأس عن ظهره، ولا منخفض الرأس عن ظهره، بل هو مساو له، هذه هي الهيئة في الركوع.

    وقد أورد النسائي حديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)، حديث أبي مسعود رضي الله عنه مطابق للترجمة ودال عليها من جهة أنه لا بد من إقامة الصلب في الركوع، وهو الاعتدال وعدم الانحناء قليلاً، أو الانحناء الشديد الذي يهبط برأسه إلى الأرض ويميل ظهره إلى الأرض، وإنما يكون معتدلاً، رأسه محاذياً لظهره، وكذلك في السجود أيضاً، يعني: أنه لا ينحني مجرد انحناء بحيث أنه لا يصل إلى الأرض، وإنما يسجد على الأرض ويكون أيضاً معتدلاً في سجوده، كما أنه يكون معتدلاً في ركوعه.

    وذكر الرجل في الحديث لا مفهوم له، وكذلك المرأة، فالمرأة حكمها حكم الرجل، وذكر الرجل ليس له مفهوم، بمعنى أن المرأة حكمها يخالف حكم الرجل، بل الأحكام للرجال والنساء سواء، ولا يتميز الرجال عن النساء، ولا النساء عن الرجال إلا فيما جاء مما يخص بعضهم عن بعض، ولا يشترك فيه أحد الصنفين مع الآخر.

    إذاً: فذكر (الرجل) هنا لا مفهوم له، وإنما جاء ذكر الرجل؛ لأن الغالب في الخطاب يكون مع الرجال، وأن الكلام يكون مع الرجال، والنساء حكمهن حكم الرجال في الأحكام إلا إذا جاء شيء يميز بين النساء والرجال في الأحكام.

    وهذا كثير، أي: إطلاق ذكر الرجل كثير في السنة، مع أن الأمر لا يختص بالرجال ومن ذلك قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، يعني: وكذلك المرأة، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به)، وكذلك أيضاً إذا كان باعه للمرأة وأفلست فهو أحق به من غيره، فذكر الرجل لا مفهوم له، وإنما يأتي ذكره لأن الغالب هو أن الخطاب يكون مع الرجال.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وقد مر ذكره.

    [حدثنا الفضيل].

    وهو ابن عياض، ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والفضيل بن عياض رحمة الله عليه كان من العباد، ومن المحدثين، ذكروا في ترجمته قصة لأنه كان قبل ذلك على حالة سيئة، ولكن الله تعالى وفقه وهداه، والله عز جل يمن على من شاء من عبادة بالهداية والتوفيق، فقد ذكر في ترجمته أنه كان يقطع الطريق، وأنه كان يسرق، وأنه كان قد ابتلي بهذا البلاء، فكان يحب جارية، فكان يتسلق الجدران من أجل أن يصل إليها، وعندما كان يتسلق جداراً سمع قارئاً يقرأ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد:16]، فوقعت الآية في قلبه، وقال: بلى آن، ثم إنه ذهب ودخل خربة، وإذا فيها أناس، وإذا هم يتحدثون، وكان ذلك في الليل، فيقول بعضهم لبعض: لو مشينا، قالوا: كيف نمشي والفضيل في الطريق، وهو يسمعهم، فقال عنه: إنه أخاف عباد الله، وأنه بلغ به ما بلغ، فتاب إلى الله عز وجل، وقال: إن من توبتي أن أجاور في بيت الله الحرام، فتاب وحسنت توبته، وكان من العباد، وكان من المحدثين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذه القصة في ترجمته في تهذيب التهذيب.

    [عن الأعمش].

    وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب له اشتهر به، يأتي ذكره باللقب أحياناً كما هنا، ويأتي ذكره أحياناً بالاسم، ولمعرفة ألقاب المحدثين فائدتها وهي: أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه وذكر مرة بلقبه، فمن لا يعرف أن اللقب لصاحب الاسم يظن أنهما شخصان مع أنهما شخص واحد.

    [عن عمارة بن عمير].

    وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي معمر].

    وهو عبد الله بن سخبرة، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، كنيته أبو معمر.

    [عن أبي مسعود].

    وهو عقبة بن عمرو الأنصاري، وأبو مسعود كنيته، وهو صحابي مشهور، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    الاعتدال في الركوع

    شرح حديث: (اعتدلوا في الركوع والسجود ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الاعتدال في الركوع.

    أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اعتدلوا في الركوع والسجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاعتدال في الركوع، والاعتدال في الركوع هو الذي تقدم في إقامة الصلب في الركوع بحيث يكون معتدلاً في ركوعه، فلا يكون منحنياً انحناءً خفيفاً ولا منحنياً انحناءً شديداً، وإنما يكون متوسطاً، ويكون رأسه محاذياً لظهره وهذا هو الاعتدال.

    وقد أورد فيه حديث أنس بن مالك، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعتدلوا في الركوع والسجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب)، أي: كما يصنع الكلب. والحديث دال على ما ترجم له من الاعتدال في الركوع، وكذلك أيضاً الاعتدال في السجود، وفيه أيضاً النهي عن أن يفترش الإنسان ذراعيه في حال سجوده، بأن يضعهما على الأرض، ولكن يضع يديه ويرفع مرفقيه؛ لأن هذه هي السنة في السجود، والذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو أن يفرش الإنسان ذراعيه في السجود كما يصنع الكلب، حيث يضع كفيه وذراعيه منبسطات على الأرض، كذلك المصلي إذا صلى بهذه الهيئة فإنه يكون مشابهاً للكلب بهذه الهيئة التي هي فرش ذراعيه ويديه وجعلهما على الأرض، فلا يجوز مثل هذا العمل، بل السنة في السجود أن يضع الإنسان كفيه على الأرض، ويرفع مرفقيه ويجافيهما عن جنبيه، ولا يجوز أن يلصقهما على الأرض كما يفعل الكلب.

    تراجم رجال إسناد حديث: (اعتدلوا في الركوع والسجود ...)

    قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك].

    وقد مر ذكرهما.

    [عن سعيد بن أبي عروبة].

    وقد تقدم ذكره.

    حماد بن سلمة].

    وهو حماد بن سلمة بن دينار، ثقة، عابد، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن قتادة].

    وقد مر ذكره.

    [عن أنس].

    هو أنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم من صلى ولم يعتدل في الركوع

    السؤال: من صلى ولم يعتدل في الركوع، فهل عليه الإعادة؟

    الجواب: إذا كان انحناؤه خفيفاً جداً ولم يكن معذوراً لمرض أو لوجع فيه فإن عليه أن يعيد، وأما إذا كان قد حصل منه الانحناء، ولكنه لم يكن على هذا الوجه الذي جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه ليس عليه الإعادة، لكن إذا كان مجرد خفض، يعني: ليس فيه انحناء، ولم يكن ذلك لعلة أو مرض، إذا كان كذلك فعليه أن يعيد.

    وعلى الإنسان أن يتقي الله عز وجل بأن يعتدل في ركوعه، ويطمئن أيضاً في ركوعه وسجوده.

    حكم الترتيب في الوضوء

    السؤال: ما حكم الترتيب في الوضوء، هل هو واجب أم لا؟

    الجواب: الترتيب في الوضوء لازم، ولا يصح حصوله مع تقديم بعض الأعضاء على بعض إلا فيما يتعلق بالنسبة لليدين والرجلين، فإذا قدمت الرجل اليسرى على اليمنى، أو اليد اليسرى على اليد اليمنى صح، وهو خلاف السنة، ولكنه لا يبطل معه الوضوء، بل يصح، والأولى هو تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، وتقديم الرجل اليمنى على الرجل اليسرى، أما تقديم بعض الأعضاء على بعض فإنه لا يصح مع الوضوء.

    بيان آداب طالب العلم

    السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله! لي طلب وهو أن تجعل عشر دقائق يومياً من حصة الأسئلة في آداب طالب العلم، نفع الله بكم وبعلمكم وأطال في عمركم.

    الجواب: آداب طالب العلم تكلمنا عليها مراراً، وكذلك مرت علينا في المصطلح في آداب طالب الحديث، وسئلت أسئلة متكررة حول هذا الموضوع وأجبت، فالحديث كل يوم على آداب طالب العلم لا يلزم الأمر بأن يكون هذا باستمرار، لكن إذا حصل السؤال بين وقت وآخر وحصل الجواب على ذلك يحصل المقصود، أما أن نخصص أوقاتاً أو دقائقاً معينة من كل يوم نتحدث فيها على الآداب فالذي يبدو أن هذا غير مناسب، وإنما المناسب أن يكون بين حين وآخر يمكن إذا توجه سؤال، أو تأتي مناسبة في الحديث نتكلم بتلك المناسبة، ويحصل المطلوب بهذا إن شاء الله.

    حكم الإكثار من النوافل بعد صلاة المغرب

    السؤال: هل ثبت شيء في الإكثار من النوافل بعد صلاة المغرب؟

    الجواب: لا أعلم شيء يدل على ذلك من حيث الإكثار وتخصيصه في هذا الوقت، لا أعلم في ذلك شيئاً، وإنما جاءت السنة التي فيها السنن المؤكدة، والسنن الرواتب، وأن من الرواتب ركعتين بعد المغرب.

    كيف الجمع بين سنة رفع اليدين في الصلاة وقول النبي: (صلوا كما رأيتموني أصلي)

    السؤال: كيف الجمع بين القول بأن رفع اليدين في الصلاة سنة مع قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهي للوجوب؟

    الجواب: من المعلوم أن الصلاة تشتمل على أمور لازمة، وأمور إذا لم تفعل، فإنها لا تخل بالصلاة، وكونه جاء في حديث عبد الله بن مسعود مما يدل على الترك، كما نقله ابن مسعود فيما يتعلق عند الركوع، وعند الرفع منه، يدل على أن هذا الفعل الذي هو رفع اليدين ليس بواجب، وإنما هو سنة، وينبغي للإنسان أن يحرص على الإتيان بالسنة، لكنه لو تركه لم يترك أمراً يخل بصلاته، فصلاته صحيحة، ولكنه فاته فعل أمر مستحب فلا يحصل ثواب فعل ذلك الأمر المستحب، وإلا فإن صلاته تكون صحيحة، ولا نقص في صلاته، ولا يحتاج الأمر إلى جبر تجبر به، بل هي سنة، فعلها مطلوب ويثاب صاحبه، ومن لم يفعلها فإنه لا يكون آثماً إلا إذا رغب عن السنة، فإذا علم السنة ورغب عنها، فالراغب عنها لا شك أنه يأثم ولو كانت مستحبة، إذا رغب الإنسان عن السنة وزهد فيها ولو كان ذلك مستحباً فإن صاحبه يأثم.

    حكم التورك في التشهد

    السؤال: المسبوق الذي عليه أكثر من تشهدين، هل يتورك في التشهد الثاني وما بعده؟

    الجواب: المسبوق إذا دخل مع الإمام فإنه يفعل كما يفعل الإمام، ولو كان هو في أول صلاته والإمام في آخر صلاته، فإنه يجلس كهيئة الإمام، معناه أنه يتورك إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير أو أدرك ركعة وجلس معه في التشهد الأخير فإنه يتورك؛ لأنه يكون مثل الإمام وعلى هيئة الإمام في تلك الحال، ولا يفعل شيئاً يخالف فيه الإمام، لكنه إذا قام يقضي صلاته التي سبق بها إن كان بقي عليه تشهدان فإنه في التشهد الأول الذي يكون بعد أن يقوم ويقضي، إذا جلس للتشهد الأول، بمعنى أنه أدرك ركعة واحدة مع الإمام وجلس للتشهد مع الإمام، وتورك وهو جالس وراء الإمام في التشهد الذي أدرك فيه صلاة الإمام ثم قام وجلس للتشهد الأول فإنه يفترش كهيئته لو صلى وحده، يكون مفترشاً في تشهده الأول، وإذا جاء للتشهد الأخير فإنه يتورك كما فعل بالتورك الذي كان مع التشهد الأخير بالنسبة للإمام.

    حكم النداء لصلاة الجماعة إذا كانت نافلة

    السؤال: هل يجوز النداء لصلاة الجماعة يعني: صلاة نافلة؟ وهل هذا من السنة؟

    الجواب: لا، لا ينادى للنوافل، بل النوافل كما هو معلوم الأصل فيها أنها تصلى في البيوت، وإنما تشرع له الجماعة مثل صلاة التراويح، وصلاة التراويح تأتي بعد صلاة العشاء، ولا ينادى لشيء من النوافل، وإنما النداء والأذان هو للصلوات المكتوبة، الأذان إنما هو للصلوات المكتوبة، ولا ينادى للنوافل، والأصل في النوافل أن يصلي كل واحد على حدة، وإذا حصل في بعض الأحيان أنها صليت جماعة مثلما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه صلى النوافل جماعة، لكن لا يكون لها نداء، ولا ينادى لها.

    الأذان الأول والأذان الأخير لصلاة الصبح في رمضان وغيره

    السؤال: هل الأذان في صلاة الصبح مرتين، سواء كان في رمضان أو غيره؟

    الجواب: أذان الصبح، أذان أول وأذان أخير، وهو لا فرق في رمضان وغير رمضان، السنة أن يكون موجوداً، لكن لا يلزم أن يكون في كل مسجد؛ لأن الأذان الثاني لا بد منه في كل مسجد، وأما الأذان الأول فإذا وجد في بعض المساجد فإنه يكفي؛ لأن المقصود منه التنبيه إلى قرب دخول الوقت، حتى يستريح من كان يصلي، ويتسحر من كان يريد أن يصوم.

    قول: الصلاة خير من النوم في أذاني الفجر

    السؤال: هل يقال: الصلاة خير من النوم في كليهما؟

    الجواب: لا تقال فيهما جميعاً، وإنما تقال في واحد منهما، إما في الأول وإما في الثاني، لكن إذا كان المعتاد عند الناس أن الصلاة خير من النوم تقال في أحدهما، فلا يشوش عليهم بأن يحصل شيء خلاف الذي عرفوه؛ لأنه يترتب على ذلك إما أن يقدموا الصلاة قبل الوقت، أو يحصل الإمساك، وحصول الإمساك سهل؛ لأنه امتناع عن الأكل فترة من الوقت، لكن الشيء الذي هو خطير تقديم الصلاة عن وقتها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767188946