إسلام ويب

تفسير سورة محمد (4)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أعد الله لعباده المؤمنين من النعيم في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ومن نعيمها الذي ذكره الله في كتابه أنهار من ماء لا يأسن، وأنهار من لبن لا يتغير طعمه، وأنهار من خمر لا يسأمون منها حين يشربون، وأنهار من عسل طيب مصفى، ولهم فيها مع ذلك أشكال لا تحصى من الفواكه والثمار، جزاء إيمانهم وتقواهم، من الله العظيم مولاهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم المدنية، ومع هذه الآية، فلنصغ مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه بشرى تزف إليكم إن كنتم مؤمنين متقين، والله! لنعم البشرى.

    يقول تعالى وقوله الحق: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [محمد:15] الجنة دار النعيم المقيم، الجنة دار الخلد والنعيم الدائم وصفها خالقها بصفات عجيبة في كتابه، والآن يصفها لنا في أنهارها الأربعة.

    صفات المتقين وحقيقتهم

    يقول تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [محمد:15] من وعدهم يرحمكم الله؟ الله، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار، من الواعد؟ الله، من الموعود؟ المؤمنون المتقون.

    مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [محمد:15] من هم المتقون؟ هل هم بنو هاشم؟ بنو فلان؟ من قبائل كذا؟ بيض أو صفر؟ حمر أو سود؟ من هؤلاء المتقون يرحمكم الله؟

    إنهم الذين آمنوا بالله ولقائه، آمنوا بالله ورسوله، آمنوا بالله وكتابه، آمنوا بكل ما أخبر الله به فصدقوا تصديقاً جازماً، فلو يصلبون أو يقطعون أو يحرقون ما ينكرون ذلك ولا ينفونه، بل إيمان ثابت.

    ثانياً: اتقوا الله عز وجل فخافوه، أي: خافوا عذابه فأطاعوه في أوامره ونواهيه، الأوامر فعلوها طاعة لله والنواهي تركوها طاعة لله، أولئك هم المتقون.

    العلم باب التقوى والمسجد ميدان تحصيله

    وأعيد القول أكرره: بأن المتقي لا يصل إلى درجة التقوى حتى يعلم ما أمر الله به وما نهى عنه، والجاهل لن يكون تقياً ولن يصل إلى درجة التقوى، لا بد للعبد المؤمن والأمة المؤمنة من معرفة محاب الله من الاعتقادات والأقوال والأعمال والصفات، ليطيعوه في ذلك، ولا بد وأن يعرفوا ما حرمه الله ونهى عنه -وهي المكاره- معرفة يتمكنون بها من ترك تلك المحرمات والابتعاد عنها بعداً أبدياً، لا بد من هذا، فما الطريق إلى ذلك؟

    الطريق إلى ذلك هو أن يجتمع أهل القرية في مسجدهم الجامع، يجتمع أهل الحي من أحياء مدينتهم بعد صلاة المغرب كاجتماعنا هذا من بعد صلاة المغرب إلى أن يصلوا العشاء، وعندهم إمام عالم رباني يقرأ ليلة آية من كتاب الله وليلة حديثاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك -والله- يعلمون محاب الله وكيف يؤدونها وكيف يفعلونها، ويعلمون مكاره الله وكيف يتحاشونها ويبتعدون عنها، وبدون هذا لن تتحقق الولاية.

    وقد كتبنا رسالة: (كتاب المسجد وبيت المسلم) ليكون لمدة سنة، ليلة آية وأخرى حديث، وقلت: لو أن أهل القرية حققوا هذا فوالله! لزرناهم، وما فعلوا، فكيف يتعلمون؟

    ها نحن في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بلاد الطهر والصفاء، فكم عدد الذين في هذه الحلقة؟ وأهل المدينة سبعمائة ألف، فأين هم؟ ما يريدون أن يتعلموا، فكيف تتحقق الولاية إذاً؟

    فالذي ما يعرف محاب الله وكيف يؤديها لله مخلصاً موقناً، ولم يعرف ما نهى الله عنه وحرمه من الاعتقادات والأقوال والأفعال كيف يكون ولياً؟

    ولهذا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )، فرض الله طلب العلم على كل مسلم، والله يقول في أول ما نزل من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5].

    ومرة ثانية نعود إلى الواقع فنقول: إذا عرف تقي في قرية أو مدينة فاسألوا عنه، والله! لن يكون إلا أعلمهم، لولا علمه الرباني لما اتقى الله عز وجل وابتعد عن محارمه ونهض بواجباته.

    إشادة بكتاب نداءات الرحمن

    وهناك رسالة أخرى: (نداءات الرحمن لأهل الإيمان)، كل ما في القرآن من نداء خاص بالمؤمنين والمؤمنات كتبناه وشرحناه وبينا ما فيه، تسعة وثمانون نداء أو ما يقارب ذلك.

    وقلت: والله! لو أن فرداً من أفراد الناس أقبل على هذه الرسالة يحفظ النداء حفظاً حقيقياً ثم يفهم معناه ويطبقه لأصبح أعلمنا وأتقانا لله عز وجل، إذ ما هناك ما أمر الله به إلا وهو موجود ولا ما نهى عنه إلا وهو موجود، ولا محبوب لله ولا مكروه إلا وهو موجود، فأين نحن؟ فالله تعالى نسأل أن نكون من المتقين لندخل الجنة وننعم بهذه العجائب العظيمة التي ذكرت لنا.

    أنهار الجنة الأربعة

    قال تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [محمد:15] آمنوا وخافوا الله فعرفوا ما يحب ففعلوه، وعرفوا ما يكره فتركوه سواء كان طعاماً أو شراباً أو لباساً أو كائناً ما كان، ما دام أن ربي ما يحب هذه الكلمة فوالله! لا أقولها، ما دام أن ربي ما يحب هذا الطعام فوالله! لا آكله.

    ثم بين ذلك فقال تعالى: فِيهَا أَنْهَارٌ [محمد:15] جمع نهر، كنهر النيل، وفي الحقيقة هي أبحر، ومنها تخرج هذه الأنهار، فالنهر يخرج من البحر.

    أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ [محمد:15] الآسن: المتغير الطعم بالملوحة، والمتغير اللون والعياذ بالله تعالى، فهذا الماء الآسن ما يشرب، تغير لونه وطعمه ورائحته، فهذا النهر لم تتغير له رائحة ولا طعم ولا لون: غَيْرِ آسِنٍ [محمد:15] هذا النهر الأول، اللهم اجعلنا من أهله.

    النهر الثاني: وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ [محمد:15] اللبن معروف، لبن لا يخرج من ضروع البقر والغنم، نهر من بحر لم يتغير طعمه فلم يحمض أبداً بحموضة ولا عفونة ولا نتن أبداً، لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ [محمد:15]، وتعرفون حال اللبن إذا تغير طعمه عندكم.

    النهر الثالث: وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ [محمد:15] واعلموا أن الذين يشربون الخمر ويموتون عليها والله! لا يسقونها يوم القيامة ولا يشربونها، الذين يشربون الخمر وإن دخلوا الجنة يحرمون من الخمر يوم القيامة فلا يشربونها، والخمر سميت خمرة لأنها تخامر العقل وتفسده في الدنيا، أما خمر يوم القيامة فما هي إلا لذة فقط، لا تؤثر على العقل ولا على الجسم، لذة من اللذائذ للشاربين: وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15].

    واعلموا يرحمكم الله أن الله حرم الخمر تحريماً أبدياً إلى يوم القيامة، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90] وقوله تعالى: (فاجتنبوه) فعل أمر، ومع الأسف أنه في المملكة السعيدة الطاهرة هناك مجرمون خبثاء يستوردون الخمر بحيل عجيبة، وبلغنا أن هناك من يصنعها بالسرية، ولعنهم الله ما لم يتوبوا، أما في سائر بلادنا الإسلامية فمصانع الخمر وتجار الخمر، وتوضع في موائد الأكل في المطابخ وفي المطاعم والعياذ بالله، كأنهم ما آمنوا بالله!

    فالذي يستبيح ما حرم الله والله! لقد كفر، والله! ما هو بمؤمن، الذي يستبيح ما حرم الله يقول: لا أؤمن بأن هذا حرام والله! لقد خرج من الإسلام، فكيف تصنع في بلاد العالم الإسلامي وتباع وتوزع ويشربها الرجال والنساء؟

    إذاً: سيحرمون يوم القيامة، فهذه ليست لهم لأنهم فجرة ليسوا متقين، والآية مع المتقين، والذين يشربون الخمر ما هم بمتقين.

    النهر الرابع: وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى [محمد:15] مصفى من الشمع الذي يوجد في عسل النحل، هذا العسل في الدنيا يخرج من فم النحلة، أما يوم القيامة فنهر يجري، ما خرج من فم نحلة ولا غيرها، فهو مصفى تمام التصفية ما فيه أدنى أذى أو وسخ بحال من الأحوال، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى [محمد:15] مطهر منقى ما فيه ما يؤذي أو يتأذى به العبد.

    هذه الأنهار أربعة هي للمتقين، اللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.

    معنى قوله تعالى: (ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم)

    ثم قال تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ [محمد:15] ما ذكر التفاح ولا العنب ولا الرطب، بل قال: من كل الثمرات، فالأنهار ذكرها أربعة أنهار، لكن الثمرات بلا حساب، وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ [محمد:15] لا تشتهي ثمرة إلا وهي بين يديك.

    وقد علمنا نعيم أهل الجنة من آية من سورة يونس عليه السلام: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10] نعيم الجنة في ثلاث كلمات:

    فدعواهم للطعام والشراب أن يقولوا: سبحانك اللهم، فيحضر كل ما أرادوه ورغبوا فيه من ألوان الطعام والشراب،

    دعواهم فيها هي فقط: سبحانك اللهم، فيحضر كل ما أرادوا، وكيف ترفع تلك الأواني والصحاف والأكواب؟ بقولهم: الحمد لله رب العالمين، آخر دعواهم: الحمد لله رب العالمين، وتحيتهم السلام، من يحييهم؟ الملائكة، تقدم لهم ألوان الطعام والشراب وتحييهم بـ(السلام عليكم)، وآخر دعواهم: الحمد لله رب العالمين، أي: خذوا هذه الأواني.

    فهيا نتعلم هذا ونطبقه في الدنيا، فقل لأهلك: إذا قلت: سبحانك اللهم فقدموا لي الطعام والشراب، إذا قلت: الحمد لله رب العالمين فارفعوه.

    نتمثل بهذه الآية كأننا في الجنة ولا حرج، فإذا قلت: سبحانك اللهم فمعناه أني راغب في الطعام والشراب فهاتوه، وإذا قلت: الحمد لله رب العالمين فمعناه: خذوا الصحون والقصاع وما بقي من يأكل غيرك، ونطبق هذه الآية كأننا في الجنة، والله! ما يفعل هذا إلا مؤمن بالجنة وما فيها من نعيم مقيم.

    وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد:15] يغفر لهم ذنوبهم قبل دخول الجنة، فما يبقى على تقي ذنب أبداً، يمحوها كاملة سواء كانت قبل توبتهم أو كانت بعدها وتابوا منها، المهم أنه ليس فيهم علامة إساءة أو أنهم كانوا ظالمين أو مجرمين أبداً، مغفرة كاملة.

    انتفاء المساواة بين أهل الجنة وأهل النار

    والآن قال تعالى: كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ [محمد:15] هل هؤلاء الأتقياء البررة أهل النعيم في الجنة كمن هو في النار خالد؟ الجواب: لا، بينهما كما بين الموت والحياة، أو بين السماء والأرض من الفرق، هل المنعم كمن هو خالد في النار لا يخرج منها أبداً فيمكث بليارات السنين بلا نهاية؟ فالدار الآخرة لا تنتهي أبداً، سبحان الله العظيم! سبحان الخلاق العليم! قولوا: آمنا بالله.. آمنا بالله.

    انظر إلينا: من أوجدنا؟ من أوجد هذا العالم؟ ما هذه الشموس والأقمار؟ وما هذه الكواكب وهذه الدنيا وهذا الموت وهذه الحياة؟ من أوجد هذا؟ إنه الله رب العالمين، حكم بأن الحياة الثانية دار خلود وبقاء أبدي سواء كنت في الجنة أو كنت في النار، ما بعد ذلك موت ولا حياة، حياة أبدية.

    معنى قوله تعالى: (وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم)

    كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] من يسقيهم؟ الزبانية أهل النار يسقونهم ماء حميماً حاراً، ما إن يقرب من وجوههم حتى تنكمش الوجوه وتسقط الفروة من الرأس، وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا [محمد:15] ما يشربونه، بل يسقونه فيقطع مصارينهم وأمعاءهم، جمع معي، فالمصارين تتمزق وتخرج من أدبارهم، والأمعاء كذلك، أولاً يدخل المعدة ثم يدخل المصارين، فيقطعها لحرارته ولما فيه.

    هذه وحدها لو آمن بها مؤمن فوالله! لن يعصي الله، ولن يفرط أبداً في طاعته ولو مات كل يوم سبعين مرة، ولكن من سمع هذا؟ من قرأه؟ من عرف معناه؟ من ذكر به؟ من تفكر فيه؟

    وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] ومزقها، أي: مصارينهم، فمن ينقذهم، من يمد يده إليهم، من يتولاهم، من ينصرهم؟ لا أحد؛ لأنهم عادوا الله وما والوه، فهذا مصيرهم حسب سنة الله وقضائه وحكمه، حيث خلق عالمين: هذا للعمل وذاك للجزاء، إما في النعيم المقيم أو في العذاب الأليم، هكذا أراد الله، فقولوا: آمنا بالله.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: التقوى هي السبب المورث للجنة، هكذا جعلها الله عز وجل، والتقوى هي بعد الإيمان فعل المأمورات وترك المنهيات من سائر أنواع الشرك والمعاصي ].

    من هداية هذه الآيات: معرفة أن التقوى هي سبب السعادة، والتقوى هي الإيمان بالله وبما أراد الله أن نؤمن به، وفعل ما أحب الله وترك ما كره الله، هذه هي التقوى المورثة للجنة: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72]، تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا [مريم:63] في عشرات الآيات.

    والسبب كما علمنا غير ما مرة: أن هذا الإيمان والعمل الصالح يزكي النفس ويطهرها ويطيبها، فتصبح كأرواح الملائكة ومن ثم يدخلها الله الجنة ويلحقها بالمقام الأعلى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، أما من أخبث نفسه بالذنوب والآثام، بالشرك والمعاصي؛ فنفسه منتنة عفنة، فهو من أصحاب النار.

    [ ثانياً: بيان بعض نعيم الجنة من الشراب والفواكه ] على اختلاف أنواعها.

    [ ثالثاً: بيان بعض عذاب النار، وهو الخلود فيها وشرب الحميم ].

    ففي الآيات بيان بعض عذاب النار، لا كل عذاب النار، وهو الخلود فيها، وأن يسقوا الحميم والعياذ بالله تعالى.

    [ رابعاً: تقرير عقيدة البعث والجزاء، وأن لا مماثلة بين أهل السعادة وأهل الشقاء ].

    آخر ما في الآيات من هداية: تقرير مبدأ الحياة الثانية، تقرير البعث والجزاء، فما معنى البعث؟ أن يبعثنا الله أحياء، وما معنى الجزاء؟ أن يجزينا بعد أن يحيينا يوم القيامة، فهذه الآيات قررت هذا.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755910320