إسلام ويب

تفسير سورة البقرة (127)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد أن رغب الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الصدقات ونبه إلى ما يبطل أجرها من المنّ والأذى، نادى عباده هنا مبيناً لهم أن المنان بما أعطى يبطل الله عز وجل صدقته كما يبطل صدقة المرائي الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وضرب سبحانه وتعالى لذلك مثلاً بالحجر الأملس الأصم الذي عليه تراب، فأصابه مطر شديد فأزال عنه التراب وتركه أملس ليس عليه شيء، وذلك كمثل الصدقة الباطلة التي لا ينتفع بها صاحبها يوم القيامة.

    1.   

    قراءة في تفسير قوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ...) من كتاب أيسر التفاسير

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، اللهم حقق لنا هذا المأمول.

    وها نحن مع هذه الآية المباركة الكريمة:

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:264].

    سبقت هذه الآية أيضاً في هذا المعنى هذه الآيات الثلاث، ولنستمع إليها ولنستذكر ما قد كنا قد علمناه، قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [البقرة:261-263]، سبحانه لا إله إلا هو.

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: فضل النفقة في الجهاد وأنها أفضل النفقات ]، أفضل النفقة -أي: الإنفاق- في الجهاد، وهذه النفقة أفضل النفقات، بدليل أن الحسنة بسبعمائة، بل وقد يضاعف الله بأكثر، فمن أين أخذنا هذا؟ من قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261].

    وهل تذكرون معنى سبيل الله؟ إنه الجهاد. ومتى يكون الجهاد في سبيل الله؟ إذا كان من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض بأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه سواه، فترسو سفننا في ميناء دولة كافرة ونراسلهم، نجري سفارة بيننا وبينهم: جئناكم من أجل هدايتكم وإنقاذكم من عذاب الخلد يوم القيامة، جئناكم من ربنا وربكم، فإن قبلوا الإسلام دخلنا وعلمنا وبينا وأرشدنا وقضينا بالعدل وحكمنا، وما هي إلا أربعون يوماً وإذا بهم ربانيين، فإن قالوا: لا، فديننا قبل دينكم، لا نقبل ديناً غير دين آبائنا وأجدادنا، فإنا نقول لهم: ادخلوا في حمايتنا، ادخلوا في ذمتنا ونسوسكم بالعدل والرحمة والخير، وتطهر بلادكم وتصفو من الظلم والشر والفساد، ونتولى حمايتكم حماية كاملة، إذا اعتدى عليكم معتد فنحن الذين نقاتله وأنتم آمنون، فإن قالوا: في هذا خير؛ دخلنا وعلمنا وربينا وهذبنا، وما هي إلا سنيات وإذا الإقليم كله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حين يشاهدون بأعينهم مظاهر العدل والرحمة والطهر والصفاء والمودة والإخاء، فينجذبون انجذاباً كلياً.

    ومن قال: كيف؟ فقل له: ما دخل في الإسلام إنسان بالعصا أبداً، ما دخل إنسان في الإسلام إلا باختياره وطيب نفسه، إذ لا إكراه في الدين، ما بلغنا أن أحداً ضربوه حتى يسلم، والله! ما كان.

    فإن رفضوا فالحرب حتى ننقذ غير العسكريين من الأميين المساكين الذين يعيشون في ظلمة الكفر والفسق والفجور والشر والفساد ومصيرهم الخلود في عذاب النار، ننقذهم استجابة لأمر ربنا، هذا هو الجهاد في سبيل الله.

    فهل إخواننا الأندونيسيون لما حاربوا هولندا حاربوها من أجل أن يعبد الله وحده؟ من أجل أن يقوم دين الله وشرعه؟ من أجل أن يستقيم المؤمنون على منهج الله؟ الجواب: لا، فما هو في سبيل الله إذاً، لو كان في سبيل الله لأنبت الطهر والصفا والعزة والكمال والأمن والرخاء والسيادة، فهل حصل من هذا شيء؟ لا شيء، وعليه فقس كل بلاد العالم الإسلامي التي استعمرت بسبب الفسق والفجور والشرك والباطل والشر والفساد والإعراض عن ذكر الله، استعمرت من قبل الغرب ثم أخذت تستقل، أروني إقليماً قام أهله بإعلاء كلمة الله لأن يعبد الله وحده، وإياك أن تقول: هناك إقليم، فهاته.

    لو جوهد في سبيل الله فإنه ما إن تخرج الدولة الكافرة إلا وأنوار الإسلام تلوح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وجباية الزكاة وإقامة الحدود، والأمة متوالية متآخية متحابة، ولكن ما كان القتال في سبيل الله لا في العرب ولا في العجم، وإن شئت حلفت لكم بالله.

    نعم الأفراد هنا وهناك قالوا لهم: جهاد في سبيل الله بدون فهم ولا وعي، فبذلوا أموالهم ودماءهم، هذا موجود، لكن حامل الراية والمجاهدون لإنقاذ البلاد هل كانوا يعملون لإقامة دين الله؟ خرجت بريطانيا فهل أعلنوا عن كلمة لا إله إلا الله؟ بل قالوا: في سبيل الوطن، والإسلام ما يعترف بالوطن أبداً، بلاد العالم كلها أرض الله يعبد فيها الله عز وجل.

    واسمحوا لي إذا أسأت إليكم في بيان هذه الحقيقة والواقع شاهد: استقل لنا نيف وأربعون دولة، ما فرضت الصلاة فقط في دولة منها ولا ألزم بها عسكري ولا مدني، ولا تكونت هيئة في قرية فقيل: يا رجال القرية! هؤلاء الثلاثة يأمرونكم بالمعروف وينهونكم عن المنكر!

    فوا حسرتاه! وا أسفاه! فالأمة الإسلامية تحت النظارة إن لم تتراجع، والفرصة متاحة وهي قادرة على أن ترجع في أربع وعشرين ساعة إلى الله وتتضامن وتعلن عن الخلافة الإسلامية، وإلا فسوف تنزل بها رزايا وبلايا ما عرفتها فيما مضى،فالله بالمرصاد، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].

    قال: [ ثانياً: فضل الصدقات وعواقبها الحميدة ]، الصدقات التي تنفق لوجه الله.

    [ ثالثاً: حرمة المن بالصدقة ] ما المن؟ يقال: من يمن: إذا أعطى؛ إذ المن هو العطاء، والله المنان المعطي الخير، فهذا يعطي العطاء ثم يأخذ يلدغ من أعطاه: انظر إلى الذي أعطيناك، كيف أنت؟ هل وجدته طيباً؟ نحن أكرمناك، نحن عملنا معك كذا حتى يذوب عواطفه؟ فهذا حرام في الإسلام، ومعنا دليل وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا عاق ولا منان )، ثلاثة لا يدخلون الجنة وإن صاموا وصلوا وعملوا ما عملوا، لا بد أن يكونوا متأخرين، أو بعد أن يقتحموا النار ويعيشوا فيها أحقاباً ثم يخرجون إذا كانوا من أهل الإيمان الحق.

    أولهم العاق: الذي قطع صلة الأبوة والأمومة مع أمه وأبيه، ثم مدمن الخمر الذي لا يصحو، دائماً البرميل في البيت يشرب منه والعياذ بالله.

    [ رابعاً: الرد الجميل على الفقير إذا لم يوجد ما يعطاه، وكذا العفو عن سوء القول منه ومن غيره خير من الصدقة يتبعها أذى ]، كونك تقول للفقير: سامحنا، ما عندنا شيء، الله يرزقنا وإياكم، معذرة، هذه خير من ألف ريال تقول معها: أعطيناك، أنت كذا، أنت كذا. فمن أين أخذنا هذا؟ من قوله تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ [البقرة:263] عن زلة أو عن إساءة خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [البقرة:263].

    1.   

    إرادة الله تعالى الطهر للمؤمنين وبيان طريق تحصيل ذلك

    سبحان الله! يريد الله تعالى من المؤمنين أن يساووا الملائكة في الطهر والصفاء، ويتحقق هذا إذا نحن أقبلنا على كتاب الله ندرس ونعلم ونعمل ونطبق، ما هي إلا أيام والقرية كلها نور، لا تسمع سباً ولا شتماً ولا تعييراً ولا تقبيحاً ولا يقول فلان: أوذيت ولا ضربت أبداً، كالملائكة.

    فإن قلت: هذه أوهام، فما الدليل؟ قلت: اذهبوا إلى أية قرية في العرب والعجم واسألوهم: من أتقاهم لله؟ من أصفاهم؟ سيقولون: فلان العالم، أعلمهم أتقاهم وأصفاهم، وأفسقهم وأفجرهم أجهلهم بالله وأضلهم، وهل تحتاجون إلى يمين؟ يقول تعالى من سورة فاطر: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] هل العلماء بالفيزياء؟ أو بالقانون؟ علماء بم؟ علماء بالله ومحابه ومكارهه، عرفوا الله وعرفوا ما يحب وما يكره، وعرفوا ما عنده لأوليائه وما لديه لأعدائه، فحملهم ذلك على حبه وخشيته، فلهذا لم يقدروا على الفسق عن أمره والخروج عن طاعته، والذين ما عرفوا الله كيف يحبونه؟ ما عرفوا جماله ولا كماله ولا عظمته ولا قدرته ولا إعطاءه وإفضاله فكيف يحبونه؟ ما هو بمعقول، والذين ما عرفوا ما يحب ولا ما يكره كيف يتقربون إليه بتقديم المحبوب وتأخير المكروه؟

    إذاً: الذي يريد من المؤمنين أن يكملوا ويطهروا بدون العلم كالذي يريد أن يقول للجمل: يا جمل! احلب لنا اللبن، والجمل ما فيه لبن، فلهذا يجب أن نتعلم.

    قد يقال: يا شيخ! نحن مشغولون بمتاجرنا، بمزارعنا، بالصناعة، كيف نتعلم؟ فات الوقت.

    نقول: لا، فقط حين تميل الشمس إلى الغروب في الساعة السادسة ويذهب الكفار إلى المقاهي والملاهي والمراقص احملوا أزواجكم وأولادكم إلى بيوت ربكم وتجمعوا فيها، صلوا المغرب واجلسوا كجلستنا هذه وتلقوا الكتاب والحكمة يوماً فيوماً طول العمر، فهل يبقى جاهل؟ والله! ما يبقى، وإذا انتفى الجهل انتفى الفسق، الفجور، الظلم، الشر، الفساد، الهون، الدون، الذل، هذه كلها تنتفي.

    ولكن لسان الحال: ما نستطيع يا شيخ، كيف نجتمع في المسجد ونقرأ كل ليلة؟ لأن القضاء والقدر نافذان، فابقوا على ما أنتم عليه من الضعف والهون والدون والفساد والشر.

    صدرت فتيا من أحد العلماء البررة الصالحين فقالوا: هذه فتيا عالم الملوك والسلاطين، عالم كذا! هبوط في الأخلاق ولا إله إلا الله، يقولون: هذا ذَنَب، هذا من علماء السلطان، وهذه كلمات يحفظونها ويرددونها بلا علم، بلا بصيرة، بلا تقوى، بلا خوف من الله.

    فلا تلمنا يا شيخ، ما ربينا في حجور الصالحين، إي والله، لا لوم ولا عتاب، ما ربينا في حجور الصالحين، ربينا في الأسواق والشوارع والأندية والباطل والسوء أمام التلفاز والفيديو والرقص، فماذا ترجو منا؟ عفواً ومعذرة، نستغفر الله لنا ولكم.

    فعدنا من حيث بدأنا، هل عرفتم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقرءون ولا يكتبون، وكانوا فلاحين ومجاهدين، ولكن يجلسون عند فراغهم في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، فتخرجوا ولم تكتحل عين الوجود بمثلهم في العالم البشري من أتباع الأنبياء والمرسلين، والتاريخ شاهد، وإن لطخ وشوه تاريخهم عملاء الاستعمار الذي هو الثالث الأسود: اليهود والنصارى والمجوس، لطخوا تاريخ الصحابة وشوهوه حتى إن الجاهل المسكين ليفزع، والله! ما عرفت الدنيا أطهر ولا أصفى ولا أعدل ولا أرحم ولا أعلم من تلك الأمة التي تربت في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فقط.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ...)

    شرف المؤمنين بنداء الله تعالى لهم

    إذاً: اسمع هذا النداء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:264] لبيك اللهم لبيك، الله أكبر! هل نادانا ربنا؟ إي والله، فالحمد لله؛ ما نحن ومن نحن حتى ينادينا رب العزة والجلال والكمال؟ الرب الذي يحيي ويميت، الذي علق الشمس بالسماء، هذا الرب العظيم خالق كل شيء ينادينا؟ الله أكبر! أي فضل أعظم من هذا؟ فالحمد لله، نادانا بعنوان الإيمان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:264].

    وعند السامعين والسامعات سر هذا، نادانا بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمنين أحياء يسمعون النداء، ويبصرون الآيات، ويقدرون على التكليف لكمال حياتهم، أما الكافرون فأموات، وهل تنادي ميتاً؟ هل تكلف ميتاً أن يقول أو يفعل؟ كلا أبداً، فلهذا نادانا تعالى في كتابه، وقد نادانا تسعين مرة، ما نادانا إلا ليأمرنا بما فيه سعادتنا وكمالنا، ولا نادانا إلا لينهانا عما فيه شقاؤنا وخسراننا في الحياتين، وما نادانا إلا ليبشرنا بما يزيد في انطلاقنا في ميادين البر والخير والإحسان، ما ينادينا إلا ليحذرنا من عواقب السوء ونتائج الباطل والشر والفساد لنحذر، وما ينادينا إلا ليعلمنا العلوم والمعارف التي تسمو عليها أنفسنا ونتسابق في الصالحات حتى نصبح أمة الطهر والصفاء، هكذا تتبعنا نداءات الرحمن لعباده المؤمنين فما خرجت عن هذه الميادين الأربعة أو الخمسة.

    ونداءات الرحمن جمعت في كتاب واحد، تسعون نداءً ضعها عند رأسك قبل أن تنام واسمع ربك يناديك.

    فماذا يقول ربي هنا؟

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264] فمن ثَمَّ لا تمن ولا تؤذ فقيراً حتى لا تبطل صدقاتك، واستمر طول حياتك.

    نداءات الرحمن تسعون نداءً في العقيدة، في الآداب، في الأخلاق، في العبادات، في السياسة، في الحرب، في السلم، في الاقتصاد، لو أن مؤمناً يعرف ويقرأ ويفهم ويقبل في صدق على تلك النداءات فيحفظها قولاً وعملاً واعتقاداً فوالله! ليصبحن من أعلم أهل الأرض، ولكن:

    لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

    قلنا: ترجموها إلى اللغات الحية، يا جماعة المسلمين! وزعوها في الفنادق العالمية، لنقول لكل مخلوق: خالقك وربك سواء كنت إيطالياً أو أسبانياً هو الذي يناديك، ولكن ما استطعنا، ما زالت أمتنا هابطة، فدعنا من البكاء يا هذا.

    بطلان أثر الصدقة المتبعة بالمن والأذى

    فالله عز وجل ينادينا فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264] من تصدق بريال أو بدينار أو بمليار إذا هو منَّ على من تصدق به عليه أو آذاه بكلمة بطل مفعول صدقته، والله! لا تقبل. وعندنا سر من أسرار الشريعة، وهو أن بطلانها معناه: لا تولد الطاقة النورانية للقلب والنفس البشرية؛ لأن هذه العبادات مولدات للنور القلبي، فإذا فسد مفعولها أو بطلت لا تولد الحسنات، ويبقى القلب في ظلمة والنفس في عفن.

    قلنا لكم: قم صل المغرب أمام فقيه أربع ركعات، سيقول: صلاتك باطلة لأنك زدت ركعة، فما تولد لك الحسنات، عملك باطل ما تأخذ عليه شيئاً.

    فإن صلى المغرب ركعتين قال: يا ولدي! صلاتك باطلة، زد ركعة، فإن قال: يكفي وصلاها ركعتين فهي باطلة، ما تولد الحسنات، أو تصدق بألف ريال وقال: خذا يا هذا، نحن دائماً نعطيك ونفعل؛ فبطلت، فما تولد النور المطلوب؛ لأن النفس البشرية تزكو وتطيب وتطهر على هذه العبادات التي شرعت لأجل ذلك: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] فإذا هذه العبادات داخلها ما يطفئ نورها ولم تولد نوراً فهي باطلة.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264] فما يحدث في نفسك شيء من النور أبداً، بل الظلمة هي هي.

    معنى قوله تعالى: (كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر)

    ثم قال تعالى: كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ [البقرة:264] الكاف بمعنى: مثل، كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ [البقرة:264] ما معنى رئاء الناس؟ راءاهم يرائيهم رئاءً: أراهم عمله، ينفق ماله مراءاة للناس ليعلم الناس أن فلاناً يتصدق أو ينفق أو يبني مساجد أو ينشئ أربطة أو يشتري كذا للفقراء والمساكين، همه أن يعلم أهل البلاد أو أهل الإقليم ليمدحوه ويثنوا عليه، وليقللوا من ذمه أو احتقاره أو اتهامه بالبخل أو بالشح مثلاً، ليقولوا: هذا أنفق ألفاً وألفين وعشرة، والدافع له الباعث له على الإنفاق هو أن يحمده أهل البلاد: فلان سخي، فلان كريم، فلان يفعل كذا، أو خشية أن يذموه وقد أغناه الله وجيبه مملوء بالدراهم والدنانير فيقال: شحيح، بخيل، ما فيه خير، فيدفع هذه المذمة فيوزع ويعطي المال، لا يريد تزكية نفسه وتطهيرها، لا يريد إرضاء ربه ليرضى عنه، هذا أعمى عنه لا يلتفت إليه، كل ما في الأمر أنه يريد أن يبرز في المجتمع ويظهر.

    ونظير هذا أرباب المال والتجارات والمصانع يتصدقون للتشهير والإعلان عن تجاراتهم وأعمالهم، ما يريدون وجه الله، بل حتى تروج البضاعة ويقبل الناس على هذه السلعة يشترونها، فهذه مراءاة.

    كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:264]، تستطيع أن تحلف بالله على أن الذي ينفق ماله رئاء الناس لمدحهم والثناء عليه أو لعدم تعييرهم وذمهم له ما آمن بالله واليوم الآخر، لو حقق الإيمان بربه ولقائه والوقوف بين يديه فوالله! ما يرضى أن يعمل حسنة يفوته أجورها، فتستطيع أن تقول: إذا رأيت الرجل طول حياته لا ينفق إلا من أجل أن يراه الناس فاعلم أنه ما آمن حق الإيمان بالله ولا باليوم الآخر.

    معنى قوله تعالى: (فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً ...)

    كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ [البقرة:264] كماذا؟ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ [البقرة:264] الصفوان: الحجر الأملس الصلب، الحجارة الملساء، ومنه جبل الصفا بمكة، هذا الصفوان عليه تراب ناعم، رمال أو أتربة، الغافل يجيء يزرع ويبذر فيه وإذا بمطر ينزل فيسحبه كاملاً ويبقى صلصالاً مجرداً كصلعة الأصلع ما عليه شيء، فهذا تعبير عجب.

    فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ [البقرة:264] من الحجارة عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ [البقرة:264] وهو المطر إذا اشتد وغزر، الوابل: الغزير الكثير، أصابه وابل أي: من المطر، فتركه صلداً لا شيء عليه، ما بذره وزرعه كله زال، والله! لكما أخبر تعالى، لو أنفق مليون ريال في رمضان وهو لا يريد إلا الشهرة والسمعة ليحمد ويشكر أو لئلا يذم فأجره لا شيء، ما زالت نفسه مظلمة خبيثة كما هي، ما طهرها هذا الإنفاق أبداً؛ لأنه إنفاق باطل أريد به غير وجه الله. وهذا كلام الله أو كلام الناس؟

    فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا [البقرة:264] الذي كسبوه وأنفقوه لا يحصلون منه على شيء، ويبعثون يوم القيامة ولا حسنة واحدة، ما أنفقوا لوجه الله، وهناك مثل آخر في سورة إبراهيم: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18] مثل ما ينفقه الكافرون من أموال، في المستشفيات، توزيع الأدوية، توزيع الصدقات، كسوة الفقراء والمساكين، فرجال المسيحية أما يفعلون هذا؟ جمعيات التنصير أما تنفق الأدوية وتأتي بالأطباء والأكسية والأغذية، هل يريدون وجه الله؟ يريدون نشر الباطل، أعمالهم هذه كرماد اشتدت به الرياح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء، وهكذا كل ما أنفق لغير الله هو باطل الثواب ولا ينتج لصاحبه طهارة نفسه وزكاة روحه أبداً، ولا يتخلف هذا القانون أبداً.

    معنى قوله تعالى: (والله لا يهدي القوم الكافرين)

    قال تعالى: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:264] لا يهديهم إلى ما يكملهم ويسعدهم، ما يهديهم إلى ما يطهرهم ويزكيهم، لماذا؟ أعرضوا عنه، عموا، أبوا أن ينظروا إلى الله، أبوا أن يؤمنوا به، أن يؤمنوا بشرعه، حاربوه، عاندوه، فهل سيهديهم؟ لا يهديهم، والله لا يهديهم حتى يطلبوا هدايته ويقرعوا بابه ويطرحوا بين يديه، حينئذ لا يخيب من قرع بابه وسأله، أما مستكبر معرض عن الله فوالله! لا يهديه الله أبداً، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [آل عمران:86]، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [المائدة:108]، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:264] لم؟ لأنهم ما أرادوا، ما طلبوا، لو أراد أن يهديهم بدون سعي لخلقهم كالملائكة مهديين أطهاراً أصفياء، لكن خلقهم للامتحان، إن أجابوا دعوته وأقبلوا عليه قبلهم، وإن أعرضوا أعرض عنهم؛ لأن لهم مصيراً خاصاً، ما خلقت النار إلا لمثلهم، والمقبلون ما خلقت الجنة إلا لمثلهم، والدار دار امتحان، لو شاء الله أن يخلقنا كلنا من أهل النار لفعل، أو من أهل الجنة كالملائكة لفعل، ولكن أراد أن يبتلي: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ [الملك:1-2] لم؟ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2] فإذا سمعت أن الله لا يهدي القوم الفاسقين والمجرمين والكافرين فمعناه: إذا ما طلبوا الهداية، عرضت عليهم ورفضوها، دعوا إليها فأنكروها، كذبوا بمصدرها؛ هؤلاء والله! لا يهديهم الله حسب سنته إلا إذا جاءوا مذعنين ودخلوا في رحمته واستغفروه وطلبوا هدايته.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    معنى الآية

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ معنى الآية:

    بعد أن رغب تعالى في الصدقات ونبه إلى ما يبطل أجرها وهو المن والأذى؛ نادى عباده المؤمنين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:264] ] ناداهم [ ناهياً عن إفساد صدقاتهم وإبطال ثوابها، فقال: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264] مشبهاً حال إبطال الصدقات بحال صدقات المرائي الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر في بطلانها، فقال: كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:264]، وضرب مثلاً لبطلان صدقات من يتبع صدقاته مناً أو أذى أو يرائي بها الناس أو هو كافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر فقال: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ [البقرة:264] أي: حجر أملس عليه تراب، فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا [البقرة:264] أي: نزل عليه مطر شديد فأزال التراب عنه فتركه أملس عارياً ليس عليه شيء، فكذلك تذهب الصدقات الباطلة ولم يبق منها لصاحبها شيء ينتفع به يوم القيامة، فقال تعالى: لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا [البقرة:264] أي: مما تصدقوا به، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة:264] أي: إلى ما يسعدهم ويكملهم من أجل كفرانهم به تعالى ].

    هداية الآية

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآية:

    من هداية الآية:

    أولاً: حرمة المن والأذى في الصدقات وفسادها بها ]، الصدقة بالمن حرام، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يتصدق بقرش واحد لغير وجه الله، فهي صدقة باطلة، ولا يحل لمؤمن أن يعطي أخاه ما يعطي ثم يمن عليه.

    [ ثانياً: بطلان صدقة المان والمؤذي والمرائي بهما ]، باطلة هذه الصدقة، وإذا تاب فليعد صدقة أخرى، فهذه لا تقبل، صدقة المان والمؤذي والمرائي، وقد عرفنا أن ثلاثة لا يدخلون الجنة، وهم: المنان كثير المن، والعاق، قاطع الصلة لوالديه، يسب ويشتم ويعير ويفعل الأعاجيب.

    1.   

    وقفة مع شكوى ممن حرمهن آباؤهن من الزواج

    وقد وردتنا شكوى: مؤمنات معلمات الكتاب والسنة حرمهن والدهن من الزواج، فيا معشر المستمعين! يا معشر المؤمنين! إذا بلغت ابنتك سن الزواج فزوجها، ابحث لها عن زوج ولو أن تعطيه المال ليمهرها من مالك، لا تعقها عن حياتها، ما خلقت إلا لتنجب البنين والبنات ليعبدوا الله، وإذا لم يكن بنون وبنات فمن يعبد الله؟ كيف يعبد؟

    وحذرت وقلت لكم: لا تعلموا بناتكم علماً يؤهلهن للوظائف؛ فإنها الذابحة، فإنها الطاحنة الحالقة، البنت لا تتوظف في أكثر من دائرة منزلها، البنت ما هي في حاجة إلى وظيفة لتحصل على ريال أو عشرة، لها من يكفلها، والدها يعرق الليل والنهار من أجلها، فإن تزوجت فزوجها هو الذي ينفق عليها، وإن ولدت فأولادها ينفقون عليها، لا تذبحوا بناتكم، ولكن تصاممتم وأبيتم، ومنكم من يسخر من هذا الشيخ.

    قلنا: إذا درست البنت وبلغت العاشرة من السنين قلنا: الزمي البيت، اشتغلي مع أمكِ، ربِي أخواتكِ وإخوانكِ، أحسن من أن تأتي بخادمة كافرة تفسد عليك بيتك، واتركها تعبد الله، وإذا بلغت الخامسة عشرة وجاء خاطب يخطب فزوجها.

    وهذا الوالد حرم بناته من الزواج لأنهن موظفات يأخذن كل شهر مبلغاً مالياً، وأخرى متزوجة تتكبر عن زوجها وتتمرد عليه لأنها تنفق عليه وتجلب المال، فلا إله إلا الله! إلى أين يذهب بنا؟ إلى أين نساق؟

    اعلموا يرحمكم الله أنكم في خير ما دامت الوظيفة لا تخرج عن دائرة التعليم، فكيف بالموظفة تعمل مع الرجال؟ هل بقي شرف أو إيمان أو إسلام؟ آهٍ! ماذا فعل بنا الجهل؟ ماذا صنعت بنا أصابع الماسونية وجمعيات التنصير؟ إلى أين يذهب بنا؟ هيا نتوب إلى الله، ولكن لسان الحال: ما نستطيع يا شيخ، نحن مسحورون، سحرونا فما نستطيع، وما دمنا ما نستطيع أن نجتمع في قريتنا ونبكي بين يدي ربنا وننشئ صندوقاً في محرابنا نجمع فيه زكواتنا وصدقاتنا وننميه في القرية لنسد حاجات المؤمنين والمؤمنات، ما دمنا لا نستطيع أن نتعلم الكتاب والحكمة في ساعة من الأربع وعشرين ساعة بين المغرب والعشاء حتى تتجلى مظاهر الإيمان والطهر والصفاء؛ كل هذا نعجز عنه؛ فكيف نسمو؟ كيف نكمل؟ كيف نرتفع؟ كيف نعود لقيادة البشرية؟ آمنا بالله، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30]، لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123]، احتس السم وإذا لم تمت فاذبحني، امش إلى المقهى والعب وإذا لم تسب فتعال اضربني، وهكذا سنن لا تتبدل، إما أن نصدق ربنا في إيماننا به، وإما في متاهات حتى نحترق.

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755977640