إسلام ويب

القصيدة اللامية لابن تيمية [3]للشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما يعتقده أهل السنة والجماعة من العقائد التي أبانها شيخ الإسلام في لاميته إمرار صفات الله تعالى الذي يعني إثباتها وفهمها على لغة العرب وانتفاء العلم بكيفيتها, ويعتقدون ما ثبت من صفات الله تعالى جميعًا سواء أكانت ذاتية أم فعلية, ثبوتية أم سلبية تتضمن إثبات كمال ضدها, مخالفين بذلك منهج المنحرفين المعارضين لنصوص الوحي بما ينسبونه إلى الشعراء ونحوهم ليؤيدوا به كليل أفهامهم وكد عقولهم.

    1.   

    إثبات الصفات لله تعالى كما يليق بجلاله

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

    [وجميع آيات الصفات أمرهـا حقاً كما نقل الطـراز الأول

    وأرد عهدتهـا إلـى نقالهـا وأصونها عن كـل ما يتخيل

    قبحاً لمن نبـذ القـران وراءه وإذا استدل يقول قال الأخطل ].

    هذه الأبيات موضوعها الأساسي هو إثبات الصفات لله تعالى ونفي مشابهتها للمخلوقات، ويمكن أن نتحدث عن خمس مسائل ضمن هذه الأبيات الثلاثة:

    المسألة الأولى: قواعد في الصفات وفي أدلتها.

    المسألة الثانية: معنى إمرار الصفات.

    المسألة الثالثة: مصدر التلقي في الصفات وفي العقيدة عموماً.

    المسألة الرابعة: مسألة الاستواء والعلو والفوقية والمعية.

    المسألة الخامسة: تناقض المتكلمين بترك النصوص الشرعية والاستدلال بكلام الأخطل .

    1.   

    قواعد في الصفات وفي أدلتها

    الصفات جمع صفة، وصفة الله تعالى هي: ما أخبر الله سبحانه وتعالى به في القرآن، وما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه في السنة من اتصاف الله سبحانه وتعالى بالصفات العلا، وهذه الصفات تؤخذ من مصدرين:

    المصدر الأول: النص الشرعي على هذه الصفة، ومثال ذلك: صفة اليد يقول الله عز وجل: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10]، ويقول: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64].

    صفة أخرى وهي صفة النزول: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا في الثلث الآخر من الليل فيقول: هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه إلى أن يطلع الفجر).

    مثال ثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يضع الرحمن قدمه في النار حتى تقول: قط قط)، وهذا يدل على صفة القدم.

    مثال رابع: قال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14]، وهذه الآية تدل على ثبوت صفة العين لله عز وجل.

    وهكذا نص القرآن على مجموعة من صفات الله سبحانه وتعالى التي وصف بها نفسه فالواجب أن نثبت ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه وننفي ما نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه.

    والمصدر الثاني من مصادر أخذ الصفات: الأسماء الحسنى، فالقاعدة: أن كل اسم من الأسماء الحسنى يدل على صفة، فالرحمن يدل على صفة الرحمة، والعزيز يدل على صفة العزة، والكريم يدل على صفة الكرم، والجبار يدل على صفة الجبروت، والعلي يدل على صفة العلو.. وهكذا، وهذا هو معنى (الحسنى) في قوله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]، فإن (الحسنى) هنا على وزن (فعلى)، و(حسنى) يعني: بلغت الغاية في الحسن والجمال والكمال، ولا شك أن من مدلول كونها بلغت الغاية في الحسن والجمال والكمال أنها تدل على معانٍ، فالرحمن لا بد أن يدل على معنى، والعزيز لا بد أن يدل على معنى، وهذه المعاني المأخوذة من الأسماء هي الصفات.

    تقسيم الصفات إلى ثبوتية وسلبية

    القاعدة الثانية: إثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه من الصفات، ونفي ما نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه من الصفات، وهذا يدل على أن الصفات تنقسم إلى قسمين: صفات ثبوتية، وصفات سلبية.

    الصفات الثبوتية: ما أثبته الله لنفسه من الصفات مثل: العلم والحياة والعزة والرحمة والإرادة والسمع والبصر وهذه كلها صفات ثبوتية؛ لأن الله أثبتها لنفسه.

    الصفات السلبية: معناها الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه مثل: النوم والنعاس كما قال الله عز وجل: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255].

    ونفى عن نفسه الجهل، قال: وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [يونس:61].

    ونفى عن نفسه المثيل والشبيه فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    ونفى عن نفسه الكفؤ والند فقال: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وقال: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22].

    وكل ذلك يعتبر من الصفات السلبية التي نفاها الله سبحانه وتعالى عن نفسه، وهناك قاعدة تتعلق بالصفات السلبية وهي أن الصفات المنفية لا بد أن تتضمن كمال الضد، فإذا نفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه النوم والسنة؛ فلأنه سبحانه وتعالى كامل في قيوميته وكامل في حياته، وإذا نفى عن نفسه عزوب مثقال ذرة في السماوات والأرض، فلكمال علمه سبحانه وتعالى، ونفى عن نفسه الكفؤ والند والمثيل؛ لأنه لا سمي له كما قال الله عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، وهذا استفهام إنكاري يتضمن النفي، أي: سمي لله عز وجل، وأما النفي المجرد فإنه لا فائدة منه، وهو نفي محض لا قيمة له ولا فائدة، وإنما الفائدة في المعنى الثبوتي الذي يتضمنه كمال الضد.

    وتوجد قاعدة أخرى تتعلق بالصفات السلبية، وهي أن هذا النفي جاء في القرآن والسنة نفياً مجملاً، وذلك أن النفي المفصل لا يقتضي المدح ولا يقتضي الكمال، فأنت عندما تأتي إلى حاكم أو إلى أمير وتريد أن تمدحه فلا تفصل له في النفي، فلا تقل: أنت لست مجنوناً ولا أحمق ولا أهبل ولا قبيحاً ولا سيء الخلق، وهكذا وإنما تنفي عنه نفياً مجملاً وتمدحه بالأشياء التفصيلية، وهذا أمر معروف في واقع الحياة، ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالنفي المجمل العام والإثبات التفصيلي؛ لأن هذا هو مقتضى الكمال ومقتضى إثبات الثناء لله سبحانه وتعالى، ولهذا خالف هذه الطريقة أهل الكلام فنفوا عن الله عز وجل الصفات غير اللائقة به نفياً تفصيلياً، وأثبتوا لله عز وجل إثباتاً مجملاً، فعكسوا طريقة القرآن. ولا شك أن هذا يدل على الضلال والانحراف في العقيدة.

    أقسام الصفات الثبوتية

    الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: صفات ذاتية وصفات فعلية.

    والصفات الذاتية: هي الصفات التي لا تنفك عن الله سبحانه وتعالى بأي حال من الأحوال وهي ليست مرتبطة بمشيئة الله عز وجل، فهذه الصفات صفات ملازمة لله عز وجل في كل الأحوال، مثاله: العلم والحياة والعينين، والصفات الذاتية الأخرى مثل: العينين الساق.

    وأما الصفات الفعلية فيمكن أن تنفك عن الله سبحانه وتعالى وهي متعلقة بمشيئة الله تعالى إذا شاء فعلها وإذا شاء تركها ومثال ذلك: النزول، فهو لا ينزل في كل وقت وإنما ينزل في أوقات معينة: في الثلث الأخير من الليل، ويوم عرفة، ونزل يوم معركة بدر يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، فهو ينزل سبحانه وتعالى متى شاء، وقد أخبر أنه ينزل في أوقات معينة، وارتباط النزول بوقت المعين يدل على أن النزول صفة فعلية، وليست صفة ذاتية ملازمة لله عز وجل، بل هو يفعلها متى شاء، وكيف شاء.

    ومن الصفات الفعلية: الضحك والخلق والاستواء والغضب والانتقام وجنس التدبير، يقول الله عز وجل: فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ [الزخرف:55]، (آسَفُونَا) يعني: أغضبونا، وهذا يدل على فائدتين:

    الفائدة الأولى: أن الغضب غير الانتقام، فإن الانتقام أثر من آثار الغضب والذين أولوا الغضب إلى الانتقام تأويلهم فاسد وذلك أن الآية فرقت بينهما، قال: (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ).

    الفائدة الثانية: أن الغضب من الصفات الفعلية، فإنه لا يغضب دائماً وإنما يغضب متى شاء سبحانه وتعالى، ولهذا ربطها بوقت معين، قال: (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ).

    والصفات الفعلية تسمى أيضاً صفات اختيارية ومعنى اختيارية أي: متعلقة بالاختيار والإرادة، فالله عز وجل يفعلها متى شاء كيف شاء.

    وأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات جميعاً وينفون مشابهة المخلوقات عن الله سبحانه وتعالى وقد اجتمع ذلك في آية في كتاب الله وهي قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) هذا نفي مشابهة المخلوقات، وهذه من الصفات السلبية.

    وقوله: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) فيه إثبات الصفات لله عز وجل، وهذا داخل في الصفات الثبوتية.

    وأيضاً اجتمعت في سورة من كتاب الله وهي سورة الإخلاص:

    فقوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فيها إثبات الأحدية لله عز وجل وأنه موصوف بأنه الواحد سبحانه.

    اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:2]، ومعنى (الصَّمَدُ) الذي لا جوف له ولا أحشاء، فكل المخلوقات الحية لها أجواف وأحشاء؛ لحاجتها في قوامها إلى الأكل والشرب، أما الله عز وجل فهو الغني سبحانه وتعالى عن كل شيء، ولهذا قال العلماء في قوله: (الصَّمَدُ) الذي لا جوف له.

    وقيل: (الصَّمَدُ) الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، فهذه من الصفات الثبوتية.

    وقوله: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص:3]، من الصفات السلبية، فنفى عنه الولادة، فهو لم يلد ولم يولد يعني: ليس مولوداً ولا والداً سبحانه وتعالى، وهذه من الصفات السلبية.

    وقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، أيضاً من الصفات السلبية.

    فآيتان من السورة في الصفات الثبوتية، وآيتان في الصفات السلبية، فجاءت هذه السورة بأنواع الصفات كاملة كما جاءت بها آية الشورى التي سبق أن أشرنا إليها.

    والصفات الفعلية يقسمها العلماء إلى قسمين:

    القسم الأول: صفات فعلية لازمة.

    والقسم الثاني: صفات فعلية متعدية.

    فأما الصفات الفعلية اللازمة: فهي الصفات التي يفعلها الله عز وجل ولا يكون لها أثر على الخلق بشكل مباشر، مثل: النزول والضحك ونحو ذلك.

    وهناك صفات فعلية متعدية وهي صفات الربوبية مثل: الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والتدبير، فهذه كلها أفعال يفعلها الله عز وجل وهي متعدية إلى خلقه، أي: لها آثار على خلقه.

    ولا بد من بيان قضية مهمة جداً وهي أن هذه التقسيمات وهذه التفريعات لم تكن موجودة بهذه الألفاظ وهذه التقسيمات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاءت فيما بعد من باب تقريب العلوم، فالعلوم عندما انتشرت وتوزعت احتاج العلماء لتقريبها إلى الناس من خلال التفريعات والتقسيمات والأنواع، فالتقاسيم والأنواع ظهرت في كل العلوم وليست خاصة في الاعتقاد، فقد ظهرت في النحو، وفي لغة العرب والبلاغة وفي الأصول والمصطلح، وحتى العلوم الطبيعية فيها أقسام؛ لأن التقسيم تمييز بين أمرين متشابهين، ومن الدقة العلمية أن الإنسان يميز بين الأمور المتشابهة، وهذا التقسيم في حد ذاته عملية اصطلاحية، ولهذا قال العلماء: لا مشاحة في الاصطلاح، أي: ليست المشكلة في الاصطلاحات، فيمكن أن يستخدم الإنسان المصطلح أو ممكن أن يقسم، أو يذكر أنواع.

    موقف أهل السنة من المصطلحات المتعلقة بالصفات ونحوها

    والمهم في الاصطلاح هو أن يكون التقسيم منضبط وأن تكون المعاني الداخلة في التقسيم معانٍ صحيحة، وليست باطلة، ولهذا لم ينكر علماء السلف أقسام أصول الفقه، ولم ينكروا الأقسام الموجودة في النحو ولا البلاغة ولا أي علم من العلوم، فلم ينكروا الأقسام لأنها أقسام، ولم ينكروا المصطلحات لأنها مصطلحات، وإنما أنكروا المصطلحات التي تتضمن معاني باطلة مثل مصطلحات علماء الكلام ومصطلحات الصوفية، فهذه المصطلحات لم ينكرها السلف لكونها مصطلحات جديدة وإنما أنكروها لتضمنها معنى باطلاً. ولا بد من الإشارة إلى قاعدة مهمة جداً في التعامل مع مصطلحات أهل الكلام والصوفية، وهي أنه إذا سمعت مصطلحاً من مصطلحات أهل الكلام فيجب عليك أن تستفصل، ولا يصح أن تنفيه مطلقاً ولا أن تثبته مطلقاً، فإذا جاءك أحد أهل الكلام وقال: هل تعتقد أن الله جسم؟ لا تقل مباشرة: لا، ليس جسماً، ولا تقل: نعم، بل يجب أن تستفصل، وتقول: ماذا تعني بالجسم، إن كنت تعني بالجسم المعنى اللغوي المعروف عند العرب وهو أن الجسم معناه البدن، فالله عز وجل ليس بجسم إذا كان هذا معناه؛ لأنه لو قلنا أنه جسم بهذا المعنى نكون قد جئنا بشيء لم يرد في القرآن والسنة هذا الأول، والأمر الثاني شبهناه بالمخلوق الذي له بدن، وإن كنت تعني بالجسم معنى غير المعنى الموجود في لغة العرب وجعلت الجسم هو كل صفة، وجعلت كل موصوف بصفة فهو جسم، فالكتاب جسم والميكرفون جسم واللمبات جسم، بل الهواء جسم والماء جسم، وكل مركب من أمرين فهو جسم، سواء كان مادياً أو معنوياً، فحينئذٍ نقول: هذا مصطلح جديد ومقتضى هذا المصطلح أن تنفي الصفات، وإذا قلنا: إن لله يدين وعلم، وله حياة، وإن الله ينزل، قالوا أنتم جعلتموه جسماً مركباً من هذه الأشياء، فنقول: هذا مصطلح جديد فاسد، والنصوص الشرعية تدل على بطلانه؛ لأنها جاءت بإثبات الصفات حتى ولو كانت كثيرة فالواحد يمكن أن يوصف بأوصاف كثيرة، ولهذا تعريف الواحد عند علماء الكلام: هو الذي لا يوجد له نظير عند العرب ولا يفهمه العرب أصلاً، والواحد عندنا: هو الواحد الذي لا يوجد ثان مشابه له فيقال: رجل واحد، ويقال: فرس واحد، ويقال: بيت واحد، ومعنى فرس واحد أنه لا يوجد فرس ثانٍ معه، ورجل واحد أي: ليس معه رجل ثانٍ، وهذا معنى الواحد في لغة العرب، ولهذا يقول الله عز وجل: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا [المدثر:11]، فسمى الوليد بن المغيرة وحيداً، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل أنه لا يجوز له أن يصلي بالثوب الواحد، فالمقصود بالواحد هو الفرد، أما الواحد عند علماء الكلام فهو ما ليس بمركب، فهم لا يسمون الإنسان واحداً، لأنه -مثلاً- يلبس الشماغ، وهذه صفة، ولأن له يدين وهذه صفة ثانية، ولأن له عينين وهذه صفة ثالثة، ولأن له رجلين، وهذه صفة رابعة، ولأنه أسمر أو أبيض وهذه صفة خامسة، ولأنه يتحرك وهذه صفة سادسة، ولأنه يتكلم وهذه صفة سابعة، وتعداد الصفات عندهم يدل على أنه ليس بواحد، مع أننا نقول في لغة العرب: هذا واحد مع اتصافه بأكثر من صفة، فلا يعني كون الواحد واحداً أنه ليس موصوفاً بصفة، وإنما يمكن أن يكون الواحد موصوفاً بأكثر من صفة، فالله عز وجل عندما قال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، يعني: أن الله واحد لا شريك له في صفاته وأفعاله وعبادته سبحانه وتعالى، أما هم فقالوا: واحد في ذاته لا قسيم له، وقصدوا بمعنى واحد في ذاته أنه ليس موصوفاً بصفة، فإذا قلنا إن لله يدين، قالوا: هذا يدل على أنه مركب، وإذا قلنا إن لله عز وجل يدين وعينين وأنه سبحانه وتعالى حي وأنه سبحانه تعالى يعلم وأنه سميع بصير وأنه يضحك وأن له هذه الصفات، قالوا: بهذه الصفات ليس واحداً، فيعتبرون اليد واحدة، والعلم واحد، والحياة واحد.. وهكذا، وبسبب هذا الاصطلاح الجديد أولوا كل هذه الصفات، ولهذا لا يجوز للإنسان أن يقبل اصطلاح أهل الكلام مطلقاً ولا أن يرده مطلقاً، فهم يقولون مثلاً: هل تعتقد أن الله في جهة؟ فلا بد أن تقول: ماذا تعنون بالجهة، إن كنتم تعنون بالجهة مكاناً محصوراً، فالله عز وجل ليس في جهة بهذا المعنى، وإن كنتم تعنون بالجهة جهة العلو المطلق فالله عز وجل أثبت لنفسه العلو المطلق.

    وهكذا الفناء عند الصوفية، فالفناء له أكثر من معنى عندهم فقد يقصدون بالفناء أن العابد أثناء عبادته يفنى عن نفسه فلا يشاهدها حتى يتحد مع الخالق فيصبح الخالق والمخلوق واحداً، وحينئذ يكون الفناء معنى فاسداً مناقضاً لأصول الدين، ونحن لا نقبل الفناء بهذا المعنى، بل هو كفر وردة ومخالف لشريعة الله عز وجل، وقد يقصد بالفناء معنى آخر وهو أن الإنسان أثناء قيامه بالعبادة قد ينشغل بها ويتعلق قلبه بها إلى درجة أنه قد لا يشعر بمن حوله وهذا لا مانع منه، ولهذا جاء في قصة التابعي الجليل عروة بن الزبير -على القول بصحتها- أنه قطعت رجله في الصلاة، وهذا يدل على أنه إذا صلى فإنه لا يشعر بما حوله وهذا نوع من الفناء ولا بأس به وليس فيه أي إشكال. فلا يصح لصاحب العقيدة الصحيحة أن يقبل المصطلحات مطلقاً ولا أن يردها مطلقاً، ومما ابتلينا به في الواقع المعاصر وجود المصطلحات الإعلامية الجدية، مثل: ما هو موقفك من الآخر، وهل تقبل الآخر؟ نحن نقبل الآخر وهؤلاء لا يقبلون الآخر.

    أولاً: ما معنى الآخر، كلمة الآخر كلمة فضفاضة عامة يدخل فيها إبليس ويدخل فيها كل شياطين الإنس والجن والملاحدة الكبار والصغار واليهود والنصارى والذين يختلفون معك في مسائل فقهية، ولهذا من أكبر المشكلات التي نعانيها في خطابات وكلام بعض الدعاة الإسلاميين مع الأسف هو استعمال المصطلحات الإعلامية الفضفاضة التي لا تستطيع أن تضبطها والتي تشبه البخار فلا تستطيع أن تمسكه.

    ثم ما معنى القبول؟ هل تعني بالقبول اعتقاد أن اليهود والنصارى موجودين، وأنه لا بد أن يحصل بيننا وبينهم حوار، والحوار كلمة فضفاضة عامة جداً، فهم يقولون نحن نريد أن يكون بيننا وبين الشيعة حوار، وماذا تعني بالحوار؟ هل تعني بالحوار دعوتهم إلى الله؟ فهذا أمر مطلوب، ونحن ندعوهم إلى الله ونسأل الله عز وجل أن يهديهم كما ندعوا اليهود والنصارى وكما ندعوا الفساق والمنحرفين عن شريعة الله عز وجل، لكن أحياناً يقصدون بالحوار التقارب، وهنا تكون المشكلة، فكلمة التقارب عامة، والقرب إلى أي حد يكون، فالتقارب أنواع.

    إذاً: استعمال الألفاظ الشرعية، واستعمال المصطلحات الشرعية التي حددت معانيها في الكتاب والسنة هو الذي يجب أن يكون في خطابنا الإسلامي الدعوي، وفي كلامنا في أي مكان.

    والحقيقة أنك أحياناً تجد بعض المشايخ عندما يفتي في المسائل الفقهية والعقدية تشعر أنه عالم، لكن إذا تكلم عن القضايا الدعوية والفكرية، تظن أنه صحفي من الصحفيين، ولا تجده يمت إلى العلم الشرعي بصلة، لأنه دائم التركيز على الألفاظ العامة الفضفاضة والكلمات التي لا يحدها حد، والتي ليست محدودة لا بلغة ولا بعرف وهذا لا شك أنه خطر على الدعاة وخطر على المتكلم بهذا الكلام، فإن الواجب تحديد الألفاظ وضبطها، لأن ذلك أولاً: ينفي عن الشخص سوء الظن.

    وثانياً: لا يجعل كلامه يوظف من قبل السيئين توظيفاً فاسداً، لأن الكلام الدقيق لا يستطيع أصحابه أن يوظفوه توظيفاً فاسداً، لكن الكلام الفضفاض العام هو الذي يمكن أن يوظف توظيفاً فاسداً، وهذا استطراد دعت الحاجة إليه عند الكلام عن مصطلحات أهل الكلام.

    القرآن والسنة هما المصدر الوحيد لإثبات الصفات

    من القواعد المتعلقة بأدلة الصفات: أن الصفات تؤخذ من النصوص الشرعية من القرآن ومن السنة، فتؤخذ من القرآن ومن صحيح السنة، فالقرآن دل على الصفات وصحيح السنة دلت على الصفات، ومن السنة تؤخذ من المتواتر ومن الآحاد أيضاً، فالآحاد يدل على العقيدة كما يدل على الأحكام ولا يجوز أن يقال إن أخبار الآحاد لا تؤخذ في العقائد، فهذا قول باطل وهذه بدعة وضلالة، ولهذا أفرد الإمام البخاري رحمه الله كتاباً خاصاً في صحيحه سماه كتاب: أخبار الآحاد، وأورد فيه من الأدلة ما يدل على وجوب قبول العقيدة من أخبار الآحاد، ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل إلى هرقل وإلى كسرى وإلى المقوقس وإلى ملك اليمن وملك البحرين أرسل إليهم أفراداً يدعونهم إلى التوحيد، والتوحيد هو أساس العقيدة، ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم إرسال عدد التواتر، ولم يشترط من يرسل إليه عدد التواتر أيضاً، فليس هناك داع إلى اشتراط عدد التواتر، ثم إذا كان الآحاد مقبولاً في باب الأحكام ويتعبد الإنسان لله سبحانه وتعالى بها فالتفريق بين الأحكام والعقائد ليس له معنى، فنحن نتعبد لله عز وجل بالعقائد الصحيحة أيضاً من خلال أخبار الآحاد، يقول الله عز وجل: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122]، قال: (وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) والإنذار هنا كلمة عامة تشمل الإنذار ببيان الأحكام وتشمل أيضاً الإنذار ببيان العقائد، مع أنه ذكر أن هناك طائفة والطائفة تشمل الفرد الواحد كما قال الإمام البخاري ، ولهذا فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن وهو فرد واحد وقال: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، وهذه هي العقيدة، فأرسل إليهم معاذاً ومع هذا لم يقل أهل الكتاب إنه يشترط عدد التواتر، وعدم قبول أخبار الآحاد في العقيدة بدعة وضلالة يجب الحذر والتحذير منها، فهي إلغاء لعدد كبير من أحاديث الوحي.

    معنى عدم قبول أخبار الآحاد في العقيدة: أن نصف أدلة العقيدة بعدم القبول. وأهل الكلام لم يكتفوا بالقول بأن خبر الآحاد لا يقبل في العقيدة، بل حتى الأخبار المتواترة عندهم لا تقبل؛ لأن مدلولاتها ودلالاتها لفظية، والدلالات اللفظية لا تقتضي اليقين حتى تتجاوز عشر عقبات ذكرها الرازي في محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين، منها:

    ألا تقتضي الاشتراك، ومنها: عدم اقتضاء المجاز، ومنها: عدم وجود المعارض العقلي، ولو لم يوجد إلا المعارض العقلي لكان كافياً في رد هذه الأخبار، إذاً هؤلاء لا يرجون لله وقاراً، ولا يعملون بالأدلة القرآنية، ولا يعملون بالأخبار النبوية، فالأخبار النبوية مردودة عندهم؛ لأنها آحاد، والآيات القرآنية مردودة؛ لأن مدلولاتها ظنية، ولأن ما تدل عليه ظن، والأصل عندهم هو العقل، ولهذا فإن السلف لم يسموا هؤلاء بالعقلانيين؛ لأنهم ليسوا عقلانيين في الحقيقة، وإنما هم أهل أهواء، فسموهم أهل الأهواء والبدع، فينبغي التنبه في مثل هذه الحالة.

    1.   

    معنى إمرار الصفات كما جاءت في الكتاب والسنة

    المسألة الثانية: معنى إمرارها.

    يقول ابن تيمية :

    (وجميع آيات الصفات أمرها) ومعنى أمرها يعني: أثبتها كما جاءت في القرآن، فإنها جاءت مثبتة، أو أنفي ما نفاه الله عز وجل عن نفسه إذا جاءت منفية، وهذا هو الإمرار، ومثال ذلك قوله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وقول الله عز وجل: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54]، وقوله: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16]، هذه الأدلة أمرها على الصيغة التي جاءت بها، فمثلاً: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) جاءت بصيغة الإثبات، وهو إثبات استواء الله على عرشه، فأمرها بإثبات استواء الله على عرشه.

    وقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، أمرها بنفي الكفؤ والند والمثيل لله عز وجل.

    وقوله: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) أمرها بإثبات اليدين لله سبحانه وتعالى.

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا) أمرها بإثبات النزول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبته، وهذا هو الإمرار.

    إذاً: الإمرار يقتضي إثباتها.

    الأمر الثاني: أن الإمرار يقتضي فهمها على معنى لغة العرب، في الحديث (فينزل ربنا إلى السماء الدنيا) النزول في لغة العرب مفهوم وهو الحركة من أعلى إلى أسفل، لكن لا يمكن أن نتخيل صفة النزول؛ لأن الإله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، ونحن لا نعرف حقيقة صفاته، ولهذا نحن نمرها ونفهم معانيها كما جاءت في لغة العرب، وهناك فرق في لغة العرب بين العلم وبين السمع والبصر وهذا أمر معروف في لغة العرب، وهناك فرق بين النزول وبين الاستواء، لكن الإمرار لا يقتضي معرفة الكيفية، فالإمرار بمعنى: نثبتها كما أثبتها الله ونفهمها كما وردت معانيها في لغة العرب؛ لأن الله خاطبنا بلغة العرب، لكن لا نفهم الكيفية، فصفات الله عز وجل لها كيفية في نفس الأمر نحن لا نعلمها؛ لأن الله عز وجل لم يخبرنا بكيفية هذه الصفات ولم يقل لنا: إنها تشبه كذا، بل نفى أن تشبه أي شيء من صفات المخلوقات، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11].. هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4].. فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74].. فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا [البقرة:22]، كل هذه الآيات تقتضي نفي مشابهة صفات الله لصفات المخلوقات أياً كانت هذه المخلوقات مع تنوعها واختلافها.

    ولهذا فإن الإمرار يقتضي ثلاثة أمور: يقتضي الإثبات، ويقتضي فهمها على لغة العرب؛ لأن الله عز وجل خاطبنا بلغة العرب، وأخبر أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، والأمر الثالث يقتضي ألا نعلم كيفية هذه الصفات مع أن لها كيفية في نفس الأمر، لكننا نجهلها، ولهذا لما جاء الرجل إلى الإمام مالك فقال له: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، كيف استوى؟ فسأل عن الكيفية ولم يسأل عن المعنى، ولو قال له: ما معنى استوى؟ لقال: معناه علا، وارتفع، وجلس، فلم يسأل عن المعنى ولكن سأل عن كيفية الاستواء، فأطرق الإمام مالك وعلته الرحضاء -وهو العرق- من ضخامة هذا السؤال فقال له: الاستواء معلوم، يعني: معروف معناه في لغة العرب، والكيف مجهول -يعني: مجهول بالنسبة لنا، لكن هذا يعني أن لها كيفية لكن نحن لا نعلمها- والإيمان به واجب -لأن الله أخبرنا بذلك- والسؤال عنه بدعة؛ لأنه سؤال عن أمر لا يعلمه إلا الله ولم يعهد أن الصحابة سألوا عن هذا الأمر الذي لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال: أخرجوه فلا أراك إلا مبتدعاً، وهذا التفصيل في معنى الإمرار يرد على مذهب المفوضة، وهم الذين يقولون بتفويض الصفات فلا نعرف معناها ولا كيفيتها، والفرق بين مذهب السلف ومذهب المفوضة هو أن السلف يقولون: نحن نفهم معاني الصفات لكن لا نعرف الكيفية، أما المفوضة فإنهم يقولون: نحن نفوض المعنى والكيفية، والحقيقة أن مذهب التفويض في أساسه نشأ في بيئة التعطيل، والمقصود بالمعطلة هم الذين ينفون الصفات، فالمفوضة والمعطلة اجتمعوا في نفي المعنى الحقيقي للصفات، ثم اختلفوا في معنى الآية، فالمؤلة قالت بالتأويل والمفوضة قالت بتفويض هذا الأمر إلى الله عز وجل وقالوا: لا نعرف لها معنى، فعطلوا جميعاً الصفة، فالمفوضة والمؤلة نفاة، فهم يقولون في قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى): أن الاستواء بمعناه اللغوي غير صحيح، ثم اختلفوا في معنى (استوى)، فقالت المؤولة: معناه استولى، وقالت المفوضة: لا ندري، ونسبوا هذا التفويض إلى مذهب السلف، ونسبوا هذا التأويل إلى مذهب الخلف وقالوا مقالة مشهورة: مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم، ويقصدون بمذهب السلف التفويض مع نفي الصفة -هذا سلفهم ليس سلفنا- وقالوا: مذهب الخلف أعلم وأحكم؛ لأنهم توصلوا إلى تحريف معنى الآية، وأولئك ليس عندهم معنى.

    والرد على مذهب المفوضة -باختصار- هو أنهم من أهل التجهيل، وهم جهال لا يعرفون معاني الصفات، يقولون: نحن لا نعرف لها معنى، والله عز وجل وصف القرآن بأنه بيان وهدى وأنه شفاء، ولو كانت معاني صفات الله عز وجل ليست واضحة لما كان بياناً، وقد قال عز وجل: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ [آل عمران:138]، فكيف يكون بياناً وفي نفس الوقت معانيه غير واضحة، فهذا تناقض كبير، والأمر الثاني: أنه لا يمكن أن يخاطبنا الله عز وجل بألفاظ لا نفهم لها معنى، وليس في القرآن كلمات لا معنى لها، بل إن كل كلمة في القرآن لها معنى عظيم وكبير، يعلم بعض الناس جزءاً منه ويعلم بعض الناس أكثر، وكلما قرأ الإنسان في كتاب الله ودرس أكثر زادت معارفه بمعاني كلماته العظيمة.

    1.   

    مصدر التلقي في العقيدة عموماً وفي الصفات خصوصاً

    المسألة الثالثة: مصدر التلقي في العقيدة عموماً والصفات خصوصاً.

    نتلقى العقيدة من القرآن والسنة؛ لأن الله عز وجل أمرنا باتباع كتابه وسنة رسوله، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:132]، وقد جاء في أكثر من ثلاثين آية الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قول الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وهذا يشمل كل شيء.

    ويقول الله سبحانه وتعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65].

    والله سبحانه وتعالى توعد من خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعقاب فقال: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].

    ويقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، وأدلة كثيرة تدل على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال في لفظ أعم منه: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وهذا يشمل العمل والاعتقاد، والأول خاص بالعمل.

    والعقل ليس مصدراً في تلقي العقيدة لكن الله عز وجل استدل في القرآن وذكر أدلة عقلية على المطالب الإلهية، فهناك أدلة على وجود الله عز وجل وأدلة على البعث، وأدلة على الصفات، وأدلة على التوحيد، وأدلة على النبوات، وأدلة على الجزاء الأخروي، والقرآن مليء بالأدلة العقلية الصحيحة مثل قوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35]، وهذا دليل عقلي منضبط، ولهذا قد يتصور كثير من الناس أن أهل السنة والجماعة لا يستعملونه، والحقيقة أنهم يستعملون العقل لكن في مجاله المحدود، ولهذا قال العلماء: إن علاقة العقل مع النقل مثل علاقة الضوء مع العين، فالعقل مثل العين والنقل مثل النور، فإذا لم يوجد نور فلا ترى العين، ولا يكون لها فائدة، وإذا كان هناك نور بدون عقل، فإنه لا يمكن للإنسان أن يرى شيئاً، فلا بد أن من اجتماع العقل مع النقل ولا يمكن أن يتعارضا، ولهذا ألف ابن تيمية رحمه الله كتاباً في تعارض العقل والنقل توصل فيه إلى أن النقل الصحيح لا يمكن أن يعارض العقل، وأنه إذا توهم إنسان التعارض فهو إما أن يكون النقل غير صحيح أو العقل غير سليم وصحيح أو صريح، فوجود التعارض في غاية المحال؛ لأن خالق العقل هو الله عز وجل والذي جاء بالنقل هو الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يحصل خلاف بين خلقه وأمره، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54].

    1.   

    الكلام على الاستواء والعلو

    المسألة الرابعة: مسألة الاستواء والعلو

    الاستواء دلت عليه كثير من النصوص الشرعية منها: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، والعلو نصت عليه نصوص كثيرة مع الفطرة والعقل، فمن الأدلة: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16].. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، وهناك أدلة كثيرة على علو الله سبحانه وتعالى وقد ذكر الأئمة ومنهم ابن القيم رحمه الله في اجتماع الجيوش الإسلامية أن هناك أكثر من ألف دليل على علو الله تعالى، ومن أدلة الفطرة أن الإنسان يجد في نفسه حاجة إلى الله عز وجل ويستشعر في نفسه أن الله في السماء، ولهذا إذا دعا فإنه يرفع يديه إلى السماء، ولم يعرف عن أحد من الصالحين من السلف الأولين إنكار علو الله عز وجل حتى ظهر أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والأشعرية فنفوا علو الله عز وجل، والأشعرية المتقدمون كـأبي الحسن الأشعري والباقلاني يثبتون العلو ويثبتون الاستواء لكن يفسرون الاستواء بتفسير غير صحيح بسبب مشكلة في موضوع الصفات الاختيارية وهي الخوف من استلزام ذلك للحدوث، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا المعنى في الكلام على صفة الكلام والقرآن.

    إذاً: صفة علو الله عز وجل واضحة يمكن أن تراجع الأدلة عليها في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لـابن القيم رحمة الله فقد أفرده لهذا الغرض، وعلو الله عز وجل لا ينافي معيته، كما قال الله عز وجل: وَاللَّهُ مَعَكُمْ [محمد:35]، وهذا المعية هي معية العلم والإحاطة والقدرة فهو سبحانه وتعالى مع العباد بعلمه لا يعزب عنه مثقال ذرة وهو سبحانه وتعالى قادر على كل عبد من عباده؛ لأنه هو خالقهم وهم مخلوقون بالنسبة له

    1.   

    تناقض المتكلمين في الاستدلال

    المسألة الخامسة: تناقض المتكلمين في الاستدلال.

    إن أهل الكلام قالوا لا يستدل بالقرآن؛ لأن دلالته ظنية والسنة لا يستدل بها؛ لأن ثبوتها ظني، وحينئذ يستدل بالعقل، فنفوا الاستواء عن الله عز وجل وقالوا: إن الاستواء ليس من صفات الله سبحانه وتعالى، ومعنى الاستواء هو الاستيلاء، قيل لهم: ما الدليل على أن الاستواء هو الاستيلاء قالوا يقول الأخطل :

    قد استوى بشر على العراق من غير سيف ولا دم مهراق

    يعني: استولى عليها دون أن يستخدم السيف بحيث أنه يقتل الناس.

    وهذا البيت لم يثبت عن الأخطل من حيث الإسناد، فانظروا كيف يتركون الاستدلال بالكتاب والسنة ويستدلون بما قال الأخطل وبناء عليه فسروا النص القرآني الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] بمعنى استولى.

    والرد عليهم من أوجه:

    أولاً: أنه قول لم يثبت عن صاحبه ولا يمكن لهم أن يثبتوه بإسناد صحيح حتى ولو كان آحاداً، مع أن الأحاديث لا يقبلونها إذا كانت آحاداً.

    ثانياً: أن هذا قول لرجل نصراني وربما يكون قاله لغرض في نفسه.

    ثالثاً: هذا القول أخطأ فيه الأخطل لو ثبت عنه، فإن الاستواء إذا كان معدى بـ(إلى) لا يحتمل إلا معنى الارتفاع والعلو، ولا يحتمل معنى الاستيلاء، فهناك فرق بين استوى عليه وبين استولى إليه، فالتعدية تفرق في المعنى، وحينئذ نقول أن هؤلاء أخطئوا خطأ كبيراً في الاستدلال وهو أساس القضية، وهو أنهم تركوا الكتاب والسنة وتركوا الاستدلال بهما لاعتقادهم أنها ظنية واستدلوا بكلام للأخطل في معنى الاستواء، وبناء عليه فسروا الآية القرآنية وأولها وحرفوها. لهذا قال ابن تيمية :

    (وإذا استدل يقول قال الأخطل ).

    1.   

    إعراب الأبيات

    وجميع آيات الصفات أمرها حقاً كما نقل الطراز الأول

    (الواو) حسب ما قبلها سواء كانت عاطفة أو استئنافية.

    (جميع) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

    (آيات) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة، والكسرة دائماً هي علامة الجر لجمع المؤنث السالم.

    (الصفات) مضاف إليه، ولا يمكن إعرابها على أنها صفة؛ لأنها اختلفت في التنكير والتعريف، (فآيات) نكرة، و(الصفات) معرفة ويشترط في الصفة أن تكون مطابقة للموصوف في التنكير والتعريف.

    (أمرها) (أمر) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا)؛ لأنه جاء بصيغة الخطاب، والجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ (جميع).

    (ها) ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

    فالضمائر المتصلة إذا كانت ملحقة بالأفعال تكون في الغالب في محل نصب مفعول أو فاعل، وإذا كانت ملحقة بالأسماء تكون في محل جر بالإضافة.

    (حقاً) تمييز منصوب.

    (كما) الكاف حرف تشبيه وجر، و(ما) اسم موصول بمعنى الذي في محل جر.

    (نقل) فعل ماضٍ مبني على الفتح.

    (الطراز) فاعل مرفوع.

    (الأول) صفة مرفوعة.

    (وأرد) أرد فعل مضارع وعلامة رفعه الضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا).

    فأي فعل لا بد أن يكون له فاعل، فإذا أعربت شيئاً على أنه فعل، لا بد له من الفاعل سواء كان ظاهراً أو مستتراً، وأي مبتدأ لا بد له من خبر، وكثير من أهل الإعراب يعرب حسب الجملة الظاهرة بين يديه وينسى الأمور التي المستترة.

    (عهدتها) مفعول به وهو مضاف، والهاء مضاف إليه.

    (إلى) حرف جر.

    (مثقالها) اسم مجرور بـ(إلى) وعلامة جره الكسر وهو مضاف، والهاء مضاف إليه.

    (وأصونها) الواو حرف عطف، (أصون) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا) والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

    (عن كل) جار ومجرور.

    (ما) موصولة بمعنى (الذي) في محل مضاف إليه.

    (يتخيل) فعل مضارع وعلامة رفعه الضمة، ونائب الفاعل مستتر تقديره (هو).

    (قبحاً) مفعول مطلق منصوب، فعله (قبح).

    (لمن) اللام حرف جر، (من) اسم موصول بمعنى (الذي) في محل جر.

    (نبذ) فعل ماضٍ مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو).

    (القرآن) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

    (وراءه) ظرف منصوب وهو مضاف والهاء مضاف إليه.

    (وإذا) ليست عاملة.

    (استدل) فعل ماضٍ.

    (يقول) فعل مضارع

    (قال الأخطل) مقول يقول، في محل نصب مفعول.

    1.   

    الأسئلة

    الصوفية من الفرق الهالكة

    السؤال: هل الصوفية من الثنتين والسبعين فرقة الهالكة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة أم هي الفرقة الناجية؟

    الجواب: الصوفية ليست من الفرق الناجية؛ لأن عندها بدعاً مخالفة للسنة سواء في العقائد النظرية أو في الأعمال التعبدية ولهذا تعتبر من الفرق الضالة الهالكة الواردة في الحديث.

    معنى أخبار الآحاد

    السؤال: ما معنى أخبار الآحاد؟

    الجواب: الحديث يقسمونه باعتبار كثرة الرواة إلى قسمين: متواتر وآحاد، المتواتر: هو ما نقله جمع كثير عن جمع كثير يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب وأسندوه إلى شيء محسوس، ومثال ذلك: حديث ينقله عشرة عن عشرة عن عشرة وينتشر، مثل حديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، أما حديث الآحاد فهو الذي ينقله الأفراد، فينقله واحد عن واحد عن واحد ويسمى غريباً، أو ينقله اثنان أو ثلاثة أو أربعة بحسب العدد الذي لا يبلغ حد التواتر، وأغلب السنة منقول بهذه الطريقة، وما دام أن الناقل ثقة فيجب قبول خبره إلا إذا دل الدليل على أن فيه خطأ.

    الكاف في قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) تفيد التوكيد

    السؤال: قال الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، هل الكاف هنا للتشبيه في قوله (ليس كمثله)؟

    الجواب: ليس المقصود بالكاف هنا للتشبيه وإنما الكاف هنا للتوكيد.

    حكم سب الشيعة

    السؤال: هل يجوز سب الشيعة؟

    الجواب: الحقيقة أن السب ليس من آداب المسلم عموماً والواجب ألا يتعود الإنسان على السب والشتم، لكن يمكن أن يسب الشيعة عموماً إذا ارتكبوا ما يسب على مثله في النصوص، فمن لعن أبا بكر وعمر فهو ملعون، ومن كفر عموم الصحابة في الجملة فهذا لا شك في أنه كافر، ومن اتهم عائشة رضي الله عنها بالزنا فهو من أشد الناس المتهمين بالكذب والعدوان والكفر والعياذ بالله.

    نفي المعتزلة لصفة الكلام لله عز وجل

    السؤال: هل مذهب المعتزلة في صفة الكلام نفي الكلام عن الله ويقولون إنه من مخلوقاته؟

    الجواب: المعتزلة يقولون الكلام ليس من صفات الله بل هو من مخلوقات الله، ولا يثبتون لله صفة تسمى الكلام، ويقولون تكلم بمعنى: يخلق كلاماً، ولا يتكلم بمعنى أنها صفة من صفاته، وهذا مذهب المعتزلة.

    معنى قول: كلام الله معنى قائم بنفسه

    السؤال: ما معنى قول الكلابية والأشعرية والماتريدية كلام الله معنى قائم بنفسه؟

    الجواب: هذا أساسه حقيقة الكلام، والمعتزلة قالوا: إن حقيقة الكلام اللفظ، والأشاعرة قالوا: إن حقيقة الكلام المعنى، وأهل السنة قالوا: إن حقيقة الكلام اللفظ والمعنى، فالمعتزلة قالوا: حقيقة الكلام هو اللفظ واللفظ مخلوق، لأنه لو قلنا بأن الله عز وجل يتكلم بالقرآن لفظاً لاستلزم ذلك الحدوث، والحدوث ممتنع عن الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يقتضي حلول الحوادث بذاته ولهم قاعدة طويلة في هذا الموضوع وهي قاعدة فاسدة.

    والقول الثاني وهو أن حقيقة الكلام المعنى، قال به الأشعرية وأن الله عز وجل عندما قال: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، والمقصود بالكلام: المعنى، ولما كان المعنى لا يمكن له أن يُسمع كان القرآن عبارة عن كلام الله، وعبر به جبريل أو محمد على خلاف بينهم، وتوصلوا إلى أن لفظ القرآن ومن حيث هو حرف وصوت مخلوق كما قالت المعتزلة، والفارق بينهم وبين المعتزلة هو أن الأشعرية قالوا بأن حقيقة الكلام هو المعنى والله عز وجل متكلم، بمعنى أن الكلام صفة من صفاته أي: أن عنده معاني الكلام، وأما الألفاظ فليست من كلام الله سبحانه وتعالى، أما أهل السنة فقالوا الكلام يشمل اللفظ والمعنى وكل ذلك من كلام الله والقرآن لفظ ومعنى من الله سبحانه وتعالى.

    جواز الدعاء للنفس بدعاء النبي لأحد أصحابه: (اللهم فقهه في الدين...)

    السؤال: هل يجوز لي أن أدعو لنفسي بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل

    الجواب: نعم، يجوز لك أن تدعو وأن تقول: اللهم فقهني في الدين وعلمني التأويل.

    العرض والجوهر من مصطلحات أهل الكلام وبيان معانيهما

    السؤال: يرد لفظ العرض والجوهر عند دراستنا لكتاب الإتقان، فبعد تأصيل المسألة وذكر موقف أهل السنة والجماعة عن ذلك وموقف أهل الكلام، هل يصح لنا من باب التطبيق على النصوص أن نذكر أن كذا من الألفاظ في هذه الآية عرض وهذا جوهر؟

    الجواب: العرض والجوهر من مصطلحات أهل الكلام، ومعنى العرض الذي لا يقوم بذاته، ومعنى الجوهر الذي يقوم بذاته، ويمثلون للعرض بالألوان والطعوم والروائح، ويقولون إنه لا يمكن أن يفك الجوهر عن العرض، وأما الجوهر الذي ينفك عن العرض مطلقاً فهو الجوهر الفرد وهو الذي لا ينقسم ولا يتجزأ، والجوهر عندهم هو المتألف من شيئين فأكثر، وخلاصة الكلام أن هذا المصطلح في ذاته مصطلح فاسد ولا يحتاج إليه عند التطبيق ولا عند التنظير ويمكن التعبير بالمعاني الصحيحة التي يمكن ذكرها بعيداً عن هذه المصطلحات، أما إذا استعمل الإنسان كلمة عرض وكلمة جوهر ليس بمعناها الاصطلاحي عند أهل الكلام فلا مانع من ذلك، ولهذا الأطباء يقولون للمريض مثلاً: ما هي أعراض المرض عندك، ويقصدون بالأعراض الأشياء والصفات التي تحصل للإنسان حتى يعرفون من خلاله المرض الذي أصابه، فاستعمال لفظ عرض وجوهر بمعناها اللغوي لا إشكال فيه، لكن محاولة إسقاط المعنى الكلامي على المعاني الشرعية سواء كان في علوم القرآن أو الحديث أو في الاصطلاح أو في أي علم من علوم المصطلحات مثل اللغة ونحوها فلا يصح ذلك؛ لأن هذه المصطلحات مصطلحات فاسدة في ذاتها.

    حكم الإمساك بشيء أثناء الصلاة من مصحف وغيره

    السؤال: هل يجوز أن نقرأ الدعاء في الوتر من المطوية أو من كتاب، أي نمسك المطوية؟

    الجواب: يستحب في الصلاة للإنسان ألا يمسك شيئاً سواء كان قرآناً أو أوراقاً فيها أدعية؛ لأنها تشغل المصلي عن صلاته، ولهذا لا يستحب للإنسان أن يأخذ المصحف ويتابع وراء الإمام ويقلب صفحات المصحف، بل الواجب عليه الإنصات وأن تكون يده اليمنى على اليسرى على صدره، وهذا هو الوارد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    سبب تسمية قصيدة شيخ الإسلام باللامية والفائدة منها

    السؤال: لماذا سميت هذا القصيدة باللامية، وما الفائدة من دراستها وحفظها؟

    الجواب: سميت باللامية لأن آخرها حرف لام، والدالية تسمى إذا كان آخرها حرف دال، ونونية ابن القيم؛ لأن آخرها حرف النون، فالقصيدة تتكون من بيت والبيت يتكون من فقرتين، الفقرة الأولى هي صدر البيت والفقرة الثانية هي عجز البيت، وآخر حرف يسمى في العجز حرف الروي، وهو الذي قد تسمى به القصيدة، والفائدة هو أن ابن تيمية رحمه الله جمع بعض مسائل العقيدة في هذا النظم فإذا حفظها طالب العلم فستكون المسائل موجودة في باله.

    ضرورة الاحتراز من أهل البدع عند تلقي بعض العلوم منهم

    السؤال: هل من في عقيدته دخن يؤخذ منه علوم في مجالات أخرى؟

    الجواب: لا يؤخذ منه والواجب أن يهجر؛ لابتداعه، فلا يؤخذ منه علم النحو مثلاً، لأن من علماء أهل السنة من هو عالم في النحو، وفيه غنى عنه، لكن إذا لم يكن هناك أحد فيمكن أخذ النحو والبلاغة والفقه والتفسير.. وغير ذلك بشرط أن يحترز الإنسان من بدعته فلا يمرر شيئاً من هذه البدع عليه، لكن الأصل هو أن الإنسان يبتعد عن أهل البدع عموماً.

    وجوب تكفير أهل الكتاب

    السؤال: ما رأيكم فيمن يقول إن اليهود والنصارى ليسوا كفاراً، بل هم أهل الكتاب وأنهم تحت مشيئة الله، خصوصاً من لم يعرف الإسلام منهم؟

    الجواب: من قال إن اليهود والنصارى الآن ليسوا كفاراً فهو كافر، لأن الله عز وجل كفرهم في القرآن صراحة: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البينة:1] وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73]، فكفرهم الله عز وجل فمن لم يكفرهم فقد كذب الآيات.

    الفرق بين الأسماء والصفات

    السؤال: ما هو الفرق بين الأسماء والصفات؟

    الجواب: الأسماء أعلام مثل: الرحيم، الرحمن، العزيز...، والصفات معانٍ مثل العزة، والكرم، والرحمة، هذا هو الفرق بين الأسماء والصفات.

    جواز القسم بآيات الله

    السؤال: هل يجوز أن أقول: أقسم بآيات الله؟

    الجواب: ليس هناك مانع من القسم بآيات الله إذا كان الحالف يقصد بها آيات الله القرآنية لأن كلمة آيات قد تشمل آيات الله الكونية، والقرآن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى ويجوز القسم به، لكن ما دام أن الكلمة (آيات) تشمل الآيات القرآنية والآيات الكونية مثل السماوات والأرض وغيرها، فالأولى البعد عن ذلك كله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755935941